أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > رقميات > موبايلات و حركات

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 22/04/2008   #1
شب و شيخ الشباب وحيد من غدر الحبيب
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ وحيد من غدر الحبيب
وحيد من غدر الحبيب is offline
 
نورنا ب:
Apr 2008
المطرح:
حلب
مشاركات:
19

افتراضي طنين


أرجو أن تعجبكم هذه القصة وأسمها ((( طنين )))


طنين



عندما خرج من المستشفى قصد المدينة بلهفة, لم يعد يذكر أبداً كيف وصل إلى هنا !
كل ما يذكره أنه أفاق في المستشفى فقالوا له أن ( سقالة ) خشب وقعت على رأسه و أنه نجا من الموت بأعجوبة , لا شك أنه لم يبرأ تماماً فهو يبصر الدنيا سديمية مهتزة لا تثبت على حال .. صور و مشاهد متلاحقة لحوانيت يبيع أصحابها أشياء غير مألوفة و بشر بسحنات و ملابس غريبة , و قد لاحظ أنه ما من أحد ينظر إلى زيه المختلف و ذقنه الحليقة .
سمع بعض المارة يقولون أن مروان بن الحكم الملقب بالحمار (!) قد هزمه العباسيون و أن دولة بني أميه قد سقطت .. و علق أحدهم أن الله يمهل و لايهمل , فمعاوية بن سفيان هو الذي ذبح مبدأ الشورى ثم تعاقب ( الخلفاء ) من بعده بخيرهم و شرهم و ليس للناس من رأي أو تصرف سوى التسليم بقضاء الله !..
يا الله ... ما الذي أخذه لذاك الزمان السحيق ؟ و تذكر للتو أنه يسكن في شقة من بناية لا تشبه أبداً تلك البيوت التي يرى , و تذكر أيضاً أنه جاء إلى دمشق من مدينة أخرى و أنه ترك في مدينته زوجة و أطفال و لا يذكر الآن إطلاقاً اسم مدينته و لا أسماء زوجته و أطفاله ...
عاوده الطنين في الرأس , ذلك الطنين الذي لازمه في المستشفى و صارت الرؤى تتبدل أمامه , و عاد الجو سديمياً مغبراً بلا لون معروف , رأى سواقي دماء تمشي في كل مكان , علم من المارة أن ( الأخوة ) في الإسلام يقتل بعضهم بعضاً دون رحمة , لشدة خوفه لم يسأل أحداً عن السبب .
سمع أن ( الخليفة ) الأندلسي عبد الرحمن الداخل قتل من خصومه سبعة آلاف نفس دفعة واحدة ! لم يصدق ذلك أبداً . العباسيون من جهتهم كانوا منهمكين في قتل الأمويين فلما لم يجدوا من يقتلونه نبشوا قبور ( الخلفاء ) السابقين , وقد حظي أحد هؤلاء ـ و كانت جثته لا تزال متماسكة ـ بالصلب والجلد ! ..
لا زال يذكر الجامع الكبير في دمشق , لقد صلى فيه من قبل عدة مرات , استحث الخطا مستعجلاً الوصول , قال في نفسه أنه عندنا يدخل الجامع سوف يهدأ روعه و تختفي تلك الرؤى المزعجة و لا بد أن سواقي الدماء سوف تختفي أيضاً .
عندما اقترب من الجامع سمع ضجة عظيمة , قرقعة سيوف و رماح ودروع, دخل فوجد جيشاً معقود اللواء رافع الرايات المزركشة , سأل , عرف أن هذا هو بعض جيش ( دقاق ) ملك دمشق و هو في سبيله لنجدة أنطاكية المحاصرة.
كان قد تعب من المشي و التفكير و الطنين فانسل من بين الجموع و قصد زاوية نائية في الجامع حيث تكور هناك على نفسه ونام . رأى وهو نائم زوجته و أطفاله , حاول جاهداً أن يعرف اسم مدينته و لم يوفق .
لا ريب أنه نام كثيراً لأنه عندما استيقظ رأى الجامع كما كان يعرفه من قبل , استغرب أنه لا يحس بالجوع , عجز عن معرفة السر و أخذه التفكير لعدة ظنون , منها أنه مات عندما وقعت سقالة الخشب على رأسه و أن روحه هي التي تدور الآن على مختلف العصور , و منها أنه لا يزال حياً و أن تلك الضربة على الرأس جعلته يرى ما لا يراه الناس .
تمنى لو عاد إلى حياته وزوجته و أطفاله و لكن كيف؟ خطر له خاطر و قام بتنفيذه على الفور , قفل عائداً إلى المستشفى فلا بد أن لديهم هناك بعض المعلومات التي تساعده في معرفة اسمه , إنه لا يعرف اسم المستشفى و لكنه سوف يتذكر الطريق , و بعد أن مشى كثيراً وصل إلى البقعة التي انطلق منها فلم يجد هناك أي مستشفى ! .. سأل الناس فاستغربوا سؤاله , و هكذا لم يبق أمامه سوى أن يعود للمدينة من جديد .
أحس بالجوع عندما وصل , و قد فرح لذلك كثيراً فهذا دليل مؤكد على أنه مازال حياً و ما عليه سوى أن يثابر البحث عن عائلته وسوف يجدها بالتأكيد ولو بعد حين .لم يجد في جيبه أية نقود , وقف في زاوية طريق يستعطي الناس , أعطوه نقوداً غريبة الشكل لحظ على بعضها صور أشخاص بقسمات حادة و لحى طويلة و قبعات كبيرة , خمن من تلك الصور أنه يعيش الآن في عصر المماليك , تذكر أنه قال لأصحابه مرة : " ... و أن تتناحر أمة ويسفك بعضها دماء بعض فإنه من الطبيعي لتلك الأمة أن تتدهور لدرجة أن يصبح من كانت تشتريهم بدراهمها حكاماً عليها . "
وجد نفسه أخيراً في خان متواضع ينام فيه عمال و عابرو طريق و مشردون أمثاله , أعجبه اللغط الذي كان يدور بين هذا الشتات من الناس , من هذا اللغط عرف الكثير من الأخبار و كيف ابتليت بلاد المسلمين بالصليبيين و التتار , أحزنه ما آلت إليه الأمة من التشتت و الضعف و صارت مطمعاً للهمج من كل جنس و ملة , عرف من اللغط أيضاً أنه ظلم المماليك حين نظر إليهم يوماً باستعلاء , فهم أول من أوقف زحف التتار .
مرت صورته في خاطره و هو يعلّم ووراءه سبورة , حسناً هذه أول خطوة صح , انه كان مدرساً إذن , و على الفور تداعت أمامه صور مدير المدرسة و بعض زملائه المدرسين , ثم توضحت أصوات ومناقشات و خلافات حادة في الرأي , أحزنه أن يعرف الآن أن الكل كان على خطأ و إلا كيف ضاع من أمته كل شيء ؟؟ ..
من جديد قصد الجامع الكبير , كان مشتت الفكر , لاحظ أن الطنين الذي سكن رأسه أياماً عديدة بدأ في الانحسار , اتجه إلى مثوى صلاح الدين , بكى كثيراً و هو يشكو له ما آل إليه حال البلاد و العباد , سمع صوت صلاح الدين و هو يبكي أيضاً , تحول إلى قبر عبد القادر فلم يجده , سأل عنه فأجابه أحدهم أن الأمير عندما رأى ما وصلنا إليه لملم عظامه و رحل .
عندما أراد أن يلبس حذاءه و هو يخرج من الجامع تعثر في الحاجز و سقط بعنف , لاريب أغمي عليه , لأنه أفاق فوجد نفسه ممدداً بجانب الحاجز و فوقه عدة أشخاص يحدقون به وهم يحاولون أن يساعدوه على النهوض , لاحظ على الفور أن وجوههم مألوفة و أنهم يلبسون مثل ما يلبس .
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 05:53 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.03779 seconds with 11 queries