![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#487 | ||||
مشرف متقاعد
|
![]() يحكى أن ............
روى له
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
............... تميز الحكيم بتنوع نتاجه المسرحي بين
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
لا تحلموا بعالم جديد
فخلف كل قيصر يموت قيصر اخر جديد وخلف كل ثائر يموت احزان بلا جدوى ودمعة سدى ،،أمــل دنقل : ((We ask the Syrian government to stop banning Akhawia )) |
||||
![]() |
#488 | ||||
مشرف متقاعد
|
![]() نزّله
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
اعذرني يا جمال.
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
![]() إلا أن الحكيم في عام
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
العجيب أن شخصا مثلي محسوب على البلد هو من أهل
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
في
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
آخر تعديل ليندا يوم 18/08/2007 في 11:07. |
||||
![]() |
#489 | ||||
مشرف متقاعد
|
![]() كتب الحكيم نحو 100 مسرحية و62 كتـــــاب كانت اول مسرحياته (اهل الكهف) وآخرها مسرحية (الحميـــر)
(شهرزاد(مسرحيه ) ,عودة الروح(روايه) , يوميات نائب في الأرياف(روايه),اهل الكهف(مسرحيه) ,عصفور من الشرق(روايه) ،عداله وفن(قصص) ، بجامليون (مسرحيه)،الملك أوديب(مسرحيه) ، وسليمان الحكيم (مسرحيه).. |
||||
![]() |
#490 | ||||
مشرف متقاعد
|
![]() مناصب وجوائز تقديرية
|
||||
![]() |
#491 | ||||
مشرف متقاعد
|
![]() وهاقد صاح ديك الصباح بأن الصبح قد لاح فتوقفت شهرزاد عن الكلام المباح
![]() وبهيك نكون انتهينا من سرد مبسط عن كاتب عربي رائع (توفيق الحكيـــــــــــــــــــم ) مع تمنياتي بحصول الفائده ![]() |
||||
![]() |
#492 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() معقول ما بعرف غير اليوم انك عم تحكى عن توفيق الحكيم
بس ملحوقة ميرسى كتير يا ليندا عن الموضوع
ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس فتحسس رأسك فتحسس رأسك! اذا كان احد قد اعترض طريقنا فمن المحتمل ان نكون نحن قد اعترضنا طريق شخص ما. فأنا التى اخترت منذ البداية ان اخسر العالم كله على أمل ان اربح نفسى. |
||||||
![]() |
#493 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() بدايةً جزيل الشكر لمرسيل على هاي الفرصة الطيبة .. و بتمنى أن شخصية هذا الأسبوع تنال إعجابكم سيما و أن الوضع في هذا الأسبوع سيكون مختلف عمن سبقوني !
شخصية هذا الأسبوع لن أستحضرها من عمق تاريخ الثقافة العربية بل ستكون كاتبة و أديبة فلسطينية شابة على عكس ما هو مُتبع في هذا الموضوع .. و لعل السبب في إختيار " لمى خاطر " لتكون محور حديث هذا الأسبوع يقيني أن وطناً أنجب عمالقة كغسان و دحبور و طوقان و بسيسو و القاسم و زياد و ناصر و غيرهم سلسلة لا متناهية ممن غذت آلامهم النكبات فترجموها روائع نقلت الوجع و القضية و خطتها أقلامهم حروف من نور و دماء للتاريخ و للأجيال القادمة لن يعجزه أن يأتي بمن يستطيع حمل بيارقهم في زمن " تسليع " الأدب و الثقافة العربية .. صدقاً تكاد تكون المرة الخامسة التي أكتب فيها مقدمتي و أشطبها ليقيني أن كلمات اللغة التي أعرفها تعجز أن ترسم صورة " لمى خاطر " أو تعطيها حقها في التعريف .. لذا سأقتصر على هذه المقدمة البسيطة .. و سأترك كلمات " لمى خاطر " ترسم صورتها .. و يقيني أنها ستكون صورة مشرقة عن المرأة الفلسطينية بكل عنفوانها ! السيرة الذاتية باختصار: - لمى خاطر - من مواليد رام الله 1976 - بكالوريوس لغة عربية - إعلامية وكاتبة في عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية - عضو هيئة إدارية في شبكة فلسطين للحوار - أم لثلاثة أطفال: ولد وبنتين - تكتب مقال أسبوعي .. و لها بعض القصص القصيرة و الخواطر و النصوص الأدبية النثرية ![]()
إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!
19 / 6 / 2007 |
||||||
![]() |
#494 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() تصحو الذكرى في أعماقنا
على أبواب الوجع ، وعند أحلام الوطن الملتهب بالدّم والنّار والغضب ، تصحو الذكرى في أعماقنا ، فنلهث خلفها ، نُسطر بما في صدورنا كلمات من حنين ، وصبرا من رصاص لا يموت ، هناك نلتقي وعبر فضاءات المدى نعانق بأيدينا شيئا من " حصاد الثائرين " تنثره لمى خاطر * على ورق الانتفاضة ، وكأن الوطن يسكن قريبا من نبض أقلامها في حكايات لا تغيب ، وشموس لا تنطفئ . وحدهم يشعلون فتيل شمعة الغضب الثالثة .. و يسرجون قناديل الوفاء لثورة الأقصى من دم لا زال ينزف كبرياءً و عروق لم تعرف الجدب .. وحدهم يعبرون نحو عامهم الجديد .. كأن لا حصار أدمت أشواكه خطاهم و لا جوع نهش قلوب الظامئين لبيرق النصر .. وحدهم يسافرون لمساكن الشهداء بين النجوم .. يستمدون من عبيرهم و ياسمين قلوبهم زاد الصمود لعام جديد من المحن و تطاير صرخات الأشلاء في سماء أمة أصمت الآذان و نأت بنواظرها بعيداً عن مشاهد التدمير و تفحم الأجساد .. وحدها حرائر الوطن تعدّ الحناء لخنساوات العام الجديد و حوريات شهدائه .. و تفرش ساحة البيدر وروداً لزفة الفرسان المزنّرين بالبارود و القنابل .. وحدها سواعد رجالهم تحصد قمح الصابرين و تحرق الشوك قبل أن يحاصر كبرياء حجارة الصغار المتسامقين أمام المجنزرات المتعثرة بالارتعاش .. فيا أيها الساهرون أفلاكاً في عيون الوطن و قلائد عزّ تزين جيد الثرى المشتعل بالإباء .. يا كل الذين يحتفلون اليوم بعيد الفداء و التمرد على التنازل و القهر .. انثروا رحيق جرحكم في كل مكان .. ليعلم المحاصرون بدخان الصمت في زوايا مدن العرب أي هواء حرّ تتنفسون .. و ليدرك الذين لا يملكون لكم إلا الدعاء عند كل مجزرة أن الذي يستحق الرثاء هم أولئك الذين لم تومض عيونهم بوهج الثأر أو دفء اليقين .. و ظلوا يحسبون لكلمات الرفض ألف حساب حتى غدت نبضات خرساء لا تتجاوز صدورهم المتصدعة.. يا ثورة أولى القبلتين أشرعي الراية عالياً و أودعي فيالق الحق نفحة عزم تعبر بها نحو فجرك المنتظر قدوم الجياد .. أبرقي لانتفاضات الوطن الموءودة عهد المواصلة حتى الشهادة أو الوصول إلى باحات المسجد المنسيّ و الغائب عن ذاكرة ما عادت تهزها صور الدم اليومي أو يحركها دمع المحترقين بحشرجات ندائهم تحت الأنقاض .. أخبري جنودك بأنك ستصفعين كل من يحاول أن يغرر بك مجّددا و يسرق سنابل قمحك قبل أن تذهّبها شمس أيلول و تسند قوامها .. يا ذاكرة النصر المغمس بالدم انزعي الغطاء عن أجساد السماسرة المتهالكة على أعتاب إسرائيل، تستجدي الفتات و تأشيرات التنقل بين المدن المحاصرة .. ذكريهم بمجد تاريخ باعوه و داسوا عليه أمام حكام واشنطن ليشتروا به صكوك الغفران من غضب أمريكا و بأسها الذي حسبوه ناراً ستحرق ما صنعوا في دويلة لم تجلب للشعب المقهور سوى الخراب .. يا كل المنتصبين خلف أسوار الأسر في مدارس يوسف ارفعوا قبضاتكم في ليلة العيد و رددوا مع كل المحتفلين أناشيد الفخار .. فدموع أمهاتكم ترتسم وشاحاً على زنودكم يقيّد السلاسل .. فيتورد الجرح و تخبو المرارة من نفوس تائقة للحظات اللقاء .. و صلاح القسام يرقبكم من بعيد و يبشركم بنعيم الصامدين و أجرهم حين يرحلون للحياة، فيلقاهم محمد و صحبه، يستقبلون وفود الذين ما زالوا على الحق ظاهرين في بيت المقدس و أكنافه .. و يا كل الناطرين لحظة الصعود أودعوا قلوبنا سرّ هذا العشق للرحيل .. علموا الذين يجهلون أن حياتهم موت و موتكم هو الحياة كيف يتجردون من عجزهم و خواء قلوبهم و تهالكها على الدنيا .. علقوا وصاياكم على جذوع الزيتون لتختلط بزيت يضمد شقوق الجراح و يزيل التعب من أكف تحمل البنادق و تزرع العبوات .. أقرءوا الصامدين خلف المتاريس تحايا السماء .. و أخبروا القانطين من رحمة الله و اليائسين من نصره القريب بأن للحرية ثمنها الغالي، كما أن لجنة الرحمن سبيل لا يسلكه إلا المؤمنون القادرون على دفع الثمن صبراً و دماءً و تضحية لا تعرف الحدود ..( و لينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) * لمى خاطر : |
||||||
![]() |
#495 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() عياش.. حكايةٌ متجددة يا زهورَ الدم المتيّم عشقاً والمتنفس صبحاً وشهادة.. أسرجي لفارسك القنديل بالرحيق.. واستقبلي إطلالته بألق الفجر الذي رحل عنه قبل عشرة أعوام، وما اشتفى من تنسم عبيره المضمّخ بتكبيرات الذاهبين إلى الميدان.. يا فيافي المراحلِ القاحلة أطلي على عهد عياش القسام.. اربطي جرحك بأحزمة التفجير.. دثريه بمراهم البارود ترصع سماء فلسطين بالنيازك.. وتتفتح من أكمامها أقمار بعمر الورد تنتظم في قلادة درية تطوق جيد الوطن.. ليحفظ للاستشهاديين إرثهم البهيّ ولمهندسي عمليات العزّ بيعتهم الأولى.. أيها العياش الذي ما فتئ يحيا في أعمار القادمين.. يا وجه ثورتنا المفعم بالشموخ.. يا صوت الثائرين يهتف للرجال المزنرين بدين الوفاء للراحلين.. أيها الممتد في دمنا مشاهد فخار تؤرق المحتلّ أينما حلّ.. أيها الواقف أبداً على مشارف العزائم المتقدة.. تستمطر من سيرتك حافز الصعود، وتستلهم منها براعة التخطيط.. لكأنها غزة اليوم تعود لاحتضان أشلائك التي توسدت ترابها الطهور قبل عشر سنوات، لكأنها تستعير عينيك النابضتين أملاً بالفجر لتطل بهما على زمن غدا للقسام فيه جيش ذو بأس ومنعة، تحرسه زنود آلاف الرجال ويرتقي به إصرار عشرات المهندسين يكملون من بعدك المسير.. لكأنه الرنتيسي يخرج من جديد ليردد ومعه جموع الغاضبين ( عياش حيٌّ لا تقل عياش مات) .. لكأنها رافات.. هذه القرية الوادعة التي حفرت في ذاكرة الوجد الفلسطيني.. لكأنها بتلالها وسهولها وسكونها البديع تعود لتستقبل وفود التهنئة والبيعة، ويخرج صغارها الذين كبروا وفي قلوبهم حكايات العياش لينثروا الحنون على أطراف حاكورة الدار التي ما زال سهاد الفراق يؤرق ليلها، فتسّاقط منها العبرات ندى يطرز أوراق السوسن والنعناع.. عشر سنوات مضين يا أبا البراء ولا زلت فارسَ المقاومة الأول ونجم المراحل كلها بلا منازع.. لا زال دمك يانعاً يطارد القاتلين ومن اغتالوا الصباح وأجهضوا استعار البنادق.. مضى عياش وعاش إرثه السامق، ظل دمه يرشح في عروق الطالعين من شقوق الجرح ومساحات الوجع اليومي.. صار اسمه راية مصبوغة بالكبرياء يتسابق الفدائيون لحملها.. يلوحون بها في مسيرة الزحف الأخضر السائر نحو الانتصار واثق الخطى محجّل الجبين.. يعلن أن الفداء قدرُ المرابطين وأن الدم زاد الطريق و بوابة المعراج صوب نهار الانعتاق.. ماضون نحن يا أبا البراء، فلن نكون يوماً من المتعثرين بأشواك الدرب، أو المتساقطين حين يدهمنا ظمأ المسير الصعب.. فغاياتنا عالية.. ومرامينا بعيدة لا يقزّمها التقادم ولا تنكّسها المحن.. سلامٌ عليك.. على من قلّدوك الحسامَ وسموكَ يحيى.. ومن أرضعتك الإباءَ وعشقَ الشهادة.. فنهجكَ يحيا ويعلو.. ويسقط من دونه اليائسون.. * لمى خاطر |
||||||
![]() |
#496 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() الفجر موعدنا
هي ساعة الفجر التي لا بد آتية؛ تنتظر أن تسرج خيلها سواعد الأوفياء ليعلنوا ابتداءها و جاهزيتها للانطلاق نحو يوم جديد تلوح في آفاقه تباشير الصلاح.. هو النور المضاء من عبق أفئدة القادة الأفذاذ الذين قضوا نحبهم، تاركين إرث الدم و التضحية للذين ينتظرون ما بدلوا تبديلا.. يحفظون من بعدهم الوصية و يهتفون لشيخهم الراحل مع الفجر أن ها قد أينع غرسك و استوى على سوقه، و ها هم البارّون بالعهد يحصدون ما غرست يداك الطاهرتان.. فما أجلّه من غرس و ما أطيبها من ثمار تذوقت الأرض بعض شهدها فأزهر الدم في عروقها رياحين و أرجوانا.. هو حصاد الإخلاص المجبول بجهد اليقين وعرق الإصرار .. لا يشوبه غبار المصالح الذاتية و النزعات الدنيوية.. يقدمه المخلصون لدينهم.. الحاملون مشعل الوفاء و بيرق الإقدام و السمو للمعالي.. هي سواعد الرجال الأباة .. تعلن أن من تمرّس في الذود عن الأرض و العرض، و تمترس خلف راية الصمود في معركة الدفاع عن المقدسات و الحقوق لهو جدير بأن يغمر الوطن ببيض صنائعه مصلحاً و عاملاً و خادماً لشعبه الأصيل.. إنها فلسطين بحلتها الجديدة.. بضفائرها المخضوبة بالدم الزاكي.. تفتح ذراعيها لأبنائها البارين.. القادمين على صهوة النقاء و التفاني زحوفاً خضراء تزين الوطن من شماله إلى جنوبه.. وحين يكون الوطن على موعد مع فجر بهيّ مفعم بالإشراق.. ينزوي عهد الظلام خائباً منكسرا، و يبوء السماسرة بالخسران، ليرتفع صوت الحق مجلجلا.. مشمراً عن سواعد الجد و العمل، و البذل و العطاء، حاملاً رايته الخالدة و منهجه النقي.. متقدماً خطوات جديدة على الدرب الطويل.. ساعياً إلى غاية كبرى و مبتغى عظيم عنوانه التمكين لدين الله في الأرض، ليستفيء بظله كل ناشد للخير و المسرة، و ينعم بنور عدله كل باحث عن الطمأنينة و الصفاء و الإنصاف من جور الظالمين و عبث المفسدين.. تلك هي هوية فيالق الصلاح القادمة على صهوة رياح التغيير الجديدة؛ نفوس مطمئنة متينة الخطا.. و قلوب موصولة بالله عامرة بتقواه.. و عزائم راسخة الجذور تتقدم صفوف الباذلين فتحمل الأمانة حين تأباها الجبال الراسيات.. عين لها على الحرية المشتهاة.. تبذل لأجلها المهج و الأرواح، و أخرى على الوطن ساهرة و حارسة.. تضمد الجرح و ترأب الصدع الكبير.. تواسي المكلومين و تسند القابضين على جمر الصمود.. تعد الأحرار بأن لا تخيب لهم رجاءً.. ترصّ الصفوف خلف شعارها الأصيل، و تردد على مسامع الناس أجمعين: ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ). * لمى خاطر |
||||||
![]() |
#497 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() وائل بالمكتبة لا مش معقول
منور يا وائل ان شاء الله بتابعك بس حبيت سجل فرحتى بيك بالاول |
||||||
![]() |
#498 |
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
|
![]() يسلمو يا قمر
شي حلو كتير
أبحث عنك بين قطرات الندى فلا أجدك
|
![]() |
#499 | ||||||
مشرف
|
![]() متابعة مع وائل
نورت المكتبة ... ![]()
انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
|
||||||
![]() |
#500 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() شكرا ماروا على المرور .. شكراً مرسيل على المتابعة .. أتمنى أن أقدر ضّمن الموضوع معظم أعمال " لمى خاطر " للأسف أنو منتشرة في أماكن كتير و ما في مكان واحد بيجمع كل أعمالها .. لعل هذا الموضوع يكون أرشيف أعمالها جميعاً إن شا الله ..
كما أسلفت للمى خاطر بعض القصص القصيرة .. و قد وجدت لبعض درسات نقدية في بعض المواقع الأدبية العربية .. إستقت لمى قصصها القصيرة من الواقع اليومي في فلسطين بكل تناقضاته و أوجاعه فخرجت تلك الأعمال في صورة صادقة بهية متألقة .. رغم قصرها كنص إلا أنها تحمل ما وراء السطور قصصاً و حكايا و أوجاع تصلح لأن تكون ملاحم و روايات كاملة .. لن أطيل و سنبدأ الآن بنشر بعض القصص القصيرة و التي أتمنى أن تنال إعجابكم .. |
||||||
![]() |
#501 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() عينان في عالم آخر ..
في ذلك المؤتمر الذي قيل أنه سيناقش آخر المستجدات على الساحة ، و في زاوية أحد الصفوف الخلفية جلس وائل ، لم تكن عيناه اللتان اعتادتا العتمة في سجن نفحة تستطيعان أن تبصرا الأشياء البعيدة ، و لكن لا يهم طالما أن أذنيه سليمتان فلن يفوته شيء ، فقد تدربت أذناه على استقصاء الأصوات البعيدة خلال سجنه الطويل عندما كان يصغي جيداً لوقع أقدام الجنود خلف باب الزنزانة بينما كان رفاقه يخيطون الأعلام من بقايا ملابسهم و يصنعون من أشيائهم البسيطة هياكل جميلة تجسد مشاهد الانتفاضة استعداداً للاحتفال بالمناسبات الوطنية التي كانوا يحاولون أن يتواصلوا خلالها مع رفاق النضال في شوارع الوطن .. - الله على تلك الأيام .. قال محدثاً نفسه بصوت مهموس تنبه له ذلك الجالس إلى جانبه دون أن يكلف نفسه عناء الالتفات لصاحب الصوت .. كانت نظرات هذا الذي بجانبه تحمل الكثير من ملامح القلق و الترقب الموزّع بين ساعته و مدخل تلك القاعة التي امتلأت بالحضور .. طبعاً فالمتحدث مسؤول كبير اعتاد الناس أن يشاهدوه على الشاشات ليتحدث باسمهم ، و هم يعتبرون رؤيته أمامهم وجهاً لوجه مغنماً كبيراً يحرصون عليه .. - ترى لو قمت بدعوة هؤلاء إلى لقاء تضامني مع الأسرى في السجون فكم سيحضر منهم ؟؟ هكذا كان يحدث نفسه في اللحظة التي دخل فيها ذلك المسؤول الكبير و المنتفخ جداً لدرجة جعلت الجميع يقف تحية له .. لكن وائل ظل جالساً في مكانه يراقب تلك الوجوه التي لا يميز ملامح أغلبها ، و ابتلع دون اكتراث نظرة ازدراء من ذلك الرجل المجاور له .. - لا بد أنني الآن قليل أدب في نظره أو لربما تم تصنيفي ضمن قائمة المدسوسين من جهات خارجية ..! لا يهم .. جميل أن لا ترى عيون الإنسان كل شيء ، فهو سيكون حراً في التصرف بتلقائية دون أن تحاصره وجوه جامدة لا يحب أن يراها .. جلس الجميع و توجهت الأنظار و الكاميرات نحو المنصة التي بدت لوائل مسرحاً تتراقص عليه أشباح متشابهة ... بدأ ذلك ( المناضل ) حديثه عن الشهداء و رحلة الكفاح الطويلة ، و حيّا الجرحى و المعتقلين بنفس الكلمات التي اعتاد الجميع على سماعها كمقدمة للسخافات التي ستأتي بعدها .. كان كلامه قد اختير بشكل جيد يتناسب مع مستجدات المرحلة و يراعي وجود الصحافة و الكاميرات الأجنبية التي يجب الحرص على جعل صورتنا تبدو أمامها جميلة (حضارية) و بأعلى درجات حسن النية و الدبلوماسية .. جال وائل ببصره بين تلك الوجوه الغريبة عنه .. - واضح أنهم جميعاً من المنتفخين ... مؤكد لا يوجد بينهم واحد من أبناء المخيمات .. سبحان الله .. حتى الوطنية أصبحت خاضعة للاعتبارات الطبقية ، فوطنية البرجوازيين لها خصائص و طقوس تختلف عن وطنية الفقراء .. ما زالت كل الوجوه تتابع باهتمام بالغ كل ما يقال ، بينما رحلت أنظار وائل إلى حيث يستطيع أن يرى جيدا .. كان يوماً مشهوداً في تاريخ السجناء هناك ... - اليوم سنحيي ذكرى الانتفاضة الباسلة التي انطلقت عام 87 ، و التي كنتم أنتم وقود ثورتها و نواتها الأولى .. هكذا بدأ وائل كلماته يومها مخاطباً إخوانه في السجن .. كانت تكبيرات الرجال الحقيقيين تتعالى و تشق جدران السجن ، مع علمهم بأن سجانيهم لن يفوتوا عليهم ذلك التمرد دون عقاب .. و مع ذلك أبوا إلا أن يرفعوا الأعلام التي هربت خيوطها الأمهات و الزوجات في الزيارة الأخيرة .. و أنشدوا جميعاً للوطن و الحرية و الفدائيين ، و أقاموا صلاة الغائب على أرواح الشهدداء و عاهدوا فلسطين على ألا يستسلموا .. و جاء العقاب كما توقعوا من إدارة السجن ، فبعضهم حرم من حقه في النوم و الطعام و بعضهم تعرض للضرب ، أما وائل فقد أحيل إلى زنازين العزل بصفته الرأس المدبرة لكل تلك المشاغبات .. و في عزله عاش أياماً طويلة مع العتمة ، حتى أصبح الظلام جزءاً من عينيه ، لم يشأ أن يذهب إلى طبيب العيون بعد خروجه ، فشكل الحياة أجمل هكذا و كل ما فيها لا يستحق المشاهدة و التأمل ... ما زال ذلك المسؤول يتكلم بأشياء غريبة لم يجدها وائل في قاموسه الذي شكل كلماته بالدم و المقاومة ... - من أي كوكب أتيت يا وائل ، و كيف ستكون قادراً على المواصلة في عالم كهذا .. كل شيء أصبح غريباً ، و كلماتنا القديمة صارت تراثاً لا يستذكر إلا لرفع العتب، و يوماً بعد يوم ستنسى و تحل مكانها كلمات حديثة تلائم الواقع الجديد .. انتهى ذلك المسؤول من الحديث ، و بدأ الحضور يوجهون له اسفساراتهم بأدب جم و تأن شديد خشية الوقوع في خطأ لا تحمد عواقبه .. و لا بد أن يشحن السؤال بكثير من عبارات التقدير و التبجيل و الشكر الجزيل على كرمه في منحهم جزءاً من وقته الثمين لمناقشة القضايا التي تهمهم .. - اللعنة عليكم جميعا .. هكذا كان وائل يجيبهم بصوته المهموس و الذي لم يكن يسمعه سواه هذه المرة .. - ماذا تعرف عن المعاناة أيها الثرثار .. و ماذا تعرف عن الفقراء الذين تتحدث باسمهم ، و من ألبسك ثوب النضال هذا قبل أن يسألك عن رصيدك فيه ؟؟ انتهى المؤتمر و بدأ الجميع يتدافعون صوب ذلك المسؤول ليتبركوا بالسلام عليه بينما كانت نظراته تلاحق مصوري و مراسلي الوكالات الأجنبية ليطمئن بأن كلامه كان له وقع طيب عليهم و لم يكن فيه ما يسيء إلى الإنسانية و منطق العقلانية الجديد .. فهؤلاء في نظره الوحيدون القادرون على الحكم على الأمور و تصنيفها ، أما الناس العاديون فلا بأس من مجاملتهم و شحن عواطفهم ببعض الشعارات الحماسية في موقع آخر لا يكون فيه تواجد للمراسلين الأجانب .. كان وائل آخر من خرج من تلك القاعة التي كانت أضواؤها ترهق عينيه و تحبس أنفاسه .. - ليتني بقيت معكم أيها الأحبة ، ليتني لم أخرج لهذا العالم المزيف الذي أصبح كل شيء فيه قابل للتغيير و المساومة ، أنتم وحدكم من تعرفون قيمة الرجال .. و بينكم فقط أستطيع أن أتنفس بحرية و أرى بوضوح .. على عتبة بيته كانت أمه جالسة ترقب مجيئه بقلق لم تستطع أن تخفيه .. - أين كنت يا حبيبي .. ؟ لقد انشغل بالي عليك كثيرا ... - و أين سأكون يا أمي ؟ في جبهة القتال يعني .. - لقد قلقت عليك .. أولاد الحرام كثيرون هذه الأيام .. قال بعد أن أخفى وجهه على صدرها الذي ما زال يشتاق لدفئه الفريد : - ربما أصبحوا جميعاً يا أمي أولاد حرام ... - من هم يا بني ؟؟ - إنسي الأمر الآن فأنا متعب جداً .. أحس بأنني لم أعد أقوى على فعل شيء .. ليتني أستطيع أن اسافر إلى كوكب آخر .. أمسكت وجهه بكفيها و قالت : - أنت بطل يا وائل .. و عيب على الأبطال أن يتعبوا ..عيب عليهم أن يتكلموا هكذا .. لم يشعر وائل بتلك الدمعة التي انتفضت فجأة على وجهه .. - ياه يا أمي .. منذ متى لم أسمع هذه الكلمة ، أنت دائماً تذكرينني بحقيقة لا أستطيع العيش معها هنا .. - و هل هناك من ينكر ذلك .. كل الناس يعرفون من هو وائل الذي دوًخ اليهود قبل أن يمسكوا به .. ابتسم وائل و كأن الأمس ينتصب أمامه بكل تفاصيله .. أجابها و قد علت ملامحه ابتسامة أراد أن يخفيها : - ما دمت تعترفين بهذا و تصرين على تذكيري به دائماً فلا أريد أن أرى دموعك لو حصل لي شيء جديد ، اتفقنا ؟؟ أجابت بسرعة كمن استدرك زلته فجأة : - (أنا ما حكيت إشي غلط .. بعدين يعني هو لازم الأبطال ما يعيشوا حياتهم مثل باقي الناس .. أنت عملت اللي عليك و زيادة ) أجاب وائل ضاحكاً : - هكذا كل الأمهات .. تريد الواحدة لابنها أن يكون دائماً بطلاً ، و لكن شريطة أن يظل أمام ناظريها و دون أن يمسه سوء .. سألته بقلق و هو يهم مجدداً بالخروج : - إلى أين ؟؟ - إلى المسجد .. - حسناً و لكن لا تنس بعدما تعود أن تحلق لحيتك .. أجاب مستغرباً : - و لماذا ؟؟ - أنسيت أننا على موعد غداً لنذهب إلى دار أبي محمد لكي ترى ابنته ميسون ؟... - طيب و ما دخل لحيتي في الموضوع ؟! - لا شيء و لكنك ستبدو أجمل بدونها .. لم يتمالك وائل نفسه و انفجر ضاحكاً و هو في طريقه للخارج و قد أدرك ما ترمي إليه والدته .. كم أنت بارعة يا أماه في تبرير ما تريدينه بكلمات مناسبة دائما .. و لكنها كلمات صادقة و عفوية .. ليست كتلك التي تحاصرنا بها الأجواء لتحبس ما تبقى فينا من أنفاس .. * لمى خاطر |
||||||
![]() |
#502 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() رسالة من الأعماق ..
كان لا بد لها قبل أن تخلد إلى النوم في ذلك المساء أن تسجل في دفتر مذكراتها ما جرى معها عصر ذلك اليوم .. لم تنتظر لتستجمع كل أفكارها بل تركت براعتها ترتب الكلمات كما تشاء، فكتبت : رن جرس الهاتف فجأة في غمرة انشغالي بأعمال كثيرة متداخلة، جاءني عبر سماعة الهاتف صوت جارتنا أم يوسف على غير ما عهدته سابقا .. - مساء الخير يا ابنتي .. هل يمكنك أن تأتي إليّ لبضعة دقائق ؟؟ - بكل تأكيد يا أم يوسف .. و لكن طمئنيني .. هل هناك خطب ما ؟! - لا و لكنني بحاجة ماسة إليك قليلاً .. و الله يا بنتي لو كانت صحتي تساعدني لأتيتك بنفسي .. - لا عليك، سآتي في الحال .. لم أترك لنفسي فرصة للتكهن حول ما يمكن أن تريده جارتنا و أسرعت إلى بيتها دون تردد .. لم تخف قسمات وجهها ملامح الترقب الشديد حين قابلتني .. و قبل أن أسألها عن مرادها أخذتني إلى الغرفة التي كانت ليوسف، و ناولتني قلم و ورقة من على مكتبه و قالت .. - سيزوره المحامي غداً .. أريد أن تكتبي له رسالة على لساني .. لأنني إذا أرسلتها شفهية عن طريق المحامي لا أضمن أن تصله كما أريدها .. تملكتني حيرة شديدة في تلك اللحظات و رغبة أشد بالبكاء .. أحسست بكل ذرة في كياني تقطر شفقة عليها .. قلت لنفسي .. ربما لا تعلم بأن يوسف لا يزال في زنازين التحقيق .. و ربما أخفوا عنها أنه ما زال تحت وطأة التعذيب حتى لا تتدهور صحتها أكثر .. قدرتُ بأنه لا يحبذ أن تصل رسالة من الأهل إلى ابنهم و هو في قسم التحقيق حتى لا يستسلم لمشاعره و يضعف .. فكيف إذا كانت الرسالة من أمه المريضة التي يعلم الجميع مقدار حبه لها و خوفها الدائم عليه .. فالسجين يكون ظامئاً لأي شيء يصله بالعالم الخارجي تماماً كظمئه لنور الشمس أو نسمة الهواء .. و يوسف بالذات يجب أن يظل صامداً .. لأجل أخوة آخرين له و لأجل كل الأشياء التي ضحى من أجلها .. لم أدر ماذا أفعل .. هل أقنعها بالعدول عن الأمر .. أم أطلب من المحامي خلسة بأن لا يوصل الرسالة ليوسف و يكتفي ببضع كلمات يطمئنه من خلالها عن أمه .. و خطر لي أن أقول لها : - لكن المحامي سيخضع للتفتيش دون شك، و كما تعلمين فهم لا يسمحون بإدخال الرسائل .. لكنها قالت .. - سيجد الطريقة المناسبة لإدخالها .. عندما سجن يوسف في المرة السابقة كنت أهرّب له في كل زيارة صور الشهداء التي كان يطلبها و لم يمسكوها معي أبداً .. لم أجد مفراً أمام إلحاحها و إصرارها الشديد .. أمسكت بالقلم و انتظرت أن تملي عليّ ما تريد .. قالت : تعرفين يا ابنتي .. لا أجيد الكلام كثيراً .. و لكن المهم أن تصله رسالة من أمه .. اكتبي يا ابنتي : بسم الله الرحمن الرحيم ولدي الحبيب يوسف : كلنا بخير و لا تقلق علينا .. اصمد أيها البطل و لا تعترف أبداً مهما فعلوا .. لترفع رأس أمك بين الناس .. الله يرضى عليك يا حبيبي .. توقف الدم في عروق يدي فجأة حين لامس القلم هذه الكلمات .. رفعت رأسي لأبحر عميقاً في عيني هذه المرأة .. لأستل بعضاً من ملامح هذا الإصرار و ألملم ما وزعته هذه الكلمات من عزيمة تهتز لها الجبال العاتية .. أحسست بثقل يتسرب إلى ساعدي و يهوي بكفي إلى مكان سحيق .. تملكتني حالة من الشعور بالضعف .. بالعجز أمام هذه الكلمات و تلك العينين الصارمتين اللتين كنت أشفق عليهما قبل لحظات .. أيمكن أن يكون في العالم أناس مثل هؤلاء .. أيمكن أن يكون للتضحية معنى أكبر من هذا ؟! أيّ أمهات أنتن يا نساء وطني .. الآن فقط أدركت السر الذي يجعل يوسف يقهر سجانيه دائماً دون أن يفلحوا في انتزاع كلمة واحدة منه .. أفقت من دهشتي على صوتها تقول .. - لا أعرف ماذا يمكن أن أضيف .. اكتبي له أية كلمات أخرى تساعده على البقاء قويا .. - أين أجد كلمات أعظم من هذه و أبلغ في التعبير .. صدقيني هو لا يحتاج غيرها لأنها صادرة من أعماق أمه التي أنجبته و أرضعته مع الحليب هذه المعاني العظيمة .. أجلت بصري في أرجاء الغرفة .. وقعت عيناي فجأة على بضعة أبيات ( من قصيدة لا تصالح ) على الجدار المقابل خطّها يوسف بيده و بالأحمر القاني : لا تصالح ! و لو منحوك الذهب أترى حين أفقأ عينيك، ثم أثبت جوهرتين مكانهما .. أترى ؟ هي أشياء لا تشترى .. . . . لا تصالح على الدم .. حتى بدم ! لا تصالح و لو قيل رأس برأس أكل الرؤوس سواء ؟ و هل تتساوى يد .. سيفها كان لك بيد سيفها أثكلك ؟؟ قرأتها عدة مرات و كأنني أسمع بها للمرة الأولى .. أضفتها إلى كلمات الرسالة بخط كبير كذلك المنقوش على الجدار .. فقد خيّل لي بأن يوسف لا بد أن يكون قد خطها بدمه على جدران زنزانته هناك .. كما قد فعل الذي قيلت على لسانه هذه القصيدة .. أخذت أم يوسف الرسالة و ضمتها إلى صدرها و تنهدت عميقاً قبل أن ترش عليها بضع قطرات من قارورة عطر كانت على جانب المكتب .. و عادت قسماتها تشع بملامح الاطمئنان و السكينة .. أما أنا فقد تركت لدموعي أن تسيل غزيرة عندما أمسكت يدها و قبّلتها بعمق .. ثم قلت لها و أنا أستعد للمغادرة : اطمئني .. سيصمد يوسف و سيظل ثابتاً .. لان من يملك أماً مثلك لا يمكن أن يتسلل إلى نفسه الوهن .. و سيخرج منتصراً على جلاديه كعادته دائما .. * لمى خاطر |
||||||
![]() |
#503 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() موعد ..
كجسد ذبيح يترنح من إثر طعنة عميقة .. تهاوى على سريره .. أحسّ بذلك الألم يتسرب في خلايا بدنه المتهالك .. وضع يده على قلبه الذي خال بأنه سيندفع من مكانه خارجا .. حاول أن يغمض عينيه في محاولة يائسة للنسيان .. ما زال طيفها يلاحق نظراته حيثما استقرت .. رفع عينيه باتجاه سقف الغرفة الذي بدا له أكثر ارتفاعاً من ذي قبل .. أرخى كفّه لتستقر فوق وجهه و أغمض بها عينيه عنوة .. حاول أن يزيل صورتها التي ارتسمت على جدار جفنيه في تقاطعات متداخلة أشعرته بدوار شديد .. انتفض و نهض عن السرير .. لكن آثار الدوار كانت لا تزال تنهك قواه .. جلس و أطرق طويلا .. حاول أن يفكر بشيء يخرجه من حالة الهذيان التي باتت تلاحقه .. أراد أن يصرخ عاليا .. لكنه لم يستطع و كأن صخرة كبيرة كانت تسد حنجرته و تعيد صوته إلى أعماقه .. اتكأ على حافة السرير .. ثم تنهد بعمق .. أحس فجأة بنسيم بارد يتغلغل في جسده .. نعم .. قال بصوت أقرب إلى الهمس .. منير هو الوحيد الذي سأجد لديه متنفساً من هذه الحال اللعينة .. رفع سماعة الهاتف .. ضغط على أرقامه ببطء و لهفة لا تخلو من بعض الوجل .. شعر بدفء طفولي حميم عندما تهادى إليه صوت منير : - ياه .. ما الذي ذكّرك بي يا عادل ..؟! - أريد أن أراك في الحال .. أنا في حالة بالغة السوء .. - حسناً و لكن ما الذي حدث لك .. ؟! - لم يحدث لي شيء .. لكنها .. تزوَّجَت .. * * * سارا معاً صامتين .. ظلّ عادل واجماً يحدّق في الأفق الملبّد بالضباب والممتد أمامهما إلى ما لانهاية .. بينما كان منير شارداً مشغول الفكر لدرجة أحس معها عادل بأن منير لا يشعر بوجوده .. حاول أن يكسر لحظات الصمت الرتيبة تلك .. قال بضيق : - يبدو أن الضباب يلاحقني حيثما ذهبت .. أو أنه الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أجده في أي مكان .. قال منير بهدوء : - هو انعكاس لضباب عقولنا ليس إلا .. و حين فاضت به دواخلنا .. امتد ليطوقنا من الخارج أيضا .. لم يعلّق عادل، فهو متعود على كلمات منير التي تصيب الهدف مباشرة و تنطلق دون عناء غير آبهة بما يعترض طريقها .. التفت إليه منير أخيراً و قال : - أما زلت تحبها ؟؟ - لم أكف عن حبها يوما .. - هي لا تستحق ذلك .. فلماذا تجني على نفسك هكذا ؟! - لا تكن قاسياً يا منير .. فهي كغيرها من الفتيات .. تحلم بحياة مستقرة هادئة .. حاول أن تلتمس لها عذرا .. - أيّ عذر يجعلها ترفض رجلاً لمجرد أنه معرض للاعتقال أو الموت في أية لحظة ؟! .. ألسنا كلنا نعيش في سجون كبيرة و ننتظر آجالنا المكتوبة لنا منذ أن خُلقنا ..؟ - كن واقعياً يا منير .. لماذا أنت هكذا دائماً مغرق في مثاليتك التي لم يعد لها وجود على أرض الواقع ؟؟ - و هل الواقعية تقضي بأن تجعل من نفسك رهينة عاطفة كاذبة كهذه ؟! - لم أكن أتوقع أنّ قلبك يحمل كل هذه القسوة ... - ليست قسوة يا عادل .. لكنني أعطي قلبي من يستحقه . - دعنا نغّير هذا الموضوع .. - المهم أن تكون أنت قادراً على انتزاعه من تفكيرك .. - لا أستطيع .. أنت لم تجرّب الحبّ .. - من حسن حظي أني لم أجربه على طريقتك .. أتعلم يا عادل .. مشكلتنا جميعاً تكمن في أننا نقدس كلّ شيء نحبه حتى لو كان فيه هلاكنا .. انظر أنت لنفسك مثلاً .. لقد تخليت لأجلها عن كل شيء .. مبادئك .. طبيعتك .. أصدقائك .. و كلّ الأمور التي عشت من أجلها .. قدمت كل ما من شأنه أن يقنعها بالزواج منك .. و ماذا كانت النتيجة ؟ تركتك و اختارت الرجل الذي تظن بأنه قادر على تحقيق حلمها بتلك الحياة التافهة التي تريدها .. قال عادل متبرما : - منير .. أردت رؤيتك لتخفف عني .. فلماذا تصرّ على تعذيبي .. ألا يكفي .. قاطعه منير: - تعرف جيداً بأنني لا أجيد المجاملة .. و الأهم من هذا أنك تعرف مقدار حبي لك و حرصي على مصلحتك .. و لهذا لا أحب أن أراك ضعيفاً .. معذباً و تائها .. يجب أن أفتح عينيك على الحقيقة التي تحاول أن تتجاهلها و تهرب منها متذرعاً بتلك المبررات السخيفة .. أحس عادل بتلك الكلمات تتناثر في أنحاء روحه كقطرات حارقة .. لكنها مع ذلك كانت تزيل شيئاً فشيئاً جزءاً من ذلك الركام الذي طالما استوطن زوايا قلبه .. كان دائماً يتساءل عن سرّ تلك العذوبة التي تقطر من نصل كلمات منير الجارحة و التي يجدها كالبلسم كلما خلا إلى نفسه .. وجد نفسه يقول : - ليتني أستطيع أن أكون مثلك يا منير .. لم يعلّق منير .. كانت عيناه تبرقان بومضة غضب هادئة رسمت حول عينيه هالة جميلة من السكون الثائر فغدت جزءاً من ملامحه و نظراته .. تابع عادل : - انس الأمر يا صديقي .. لكن قل لي .. ما هي أخبارك أنت ؟؟ التفت إليه منير و قال : - و هل تهمك أخباري كثيراً ؟؟ أجاب عادل بأسى : - أنت تعلم بأنني لم أبتعد عنكم إلا بسبب ما تعرفه من وضع نفسي سيء كان يلم بي .. و على كل حال .. لا أريد أن أتذكر ذلك الماضي .. قل لي أنت .. ألا تفكر في الزواج ؟؟ ابتسم منير و أجاب بعفوية : - بلى .. و لكن حين أظفر بمن يمكن أن تحتمل قسوتي .. قال عادل معترضاً . - لا .. ليس لهذه الدرجة .. صحيح أنك رجل صعب لكنني أكثر من يعلم أيّ إنسان رقيق يعيش في داخلك .. لكنك لا تحب أن تفسح له المجال ليعبر عن نفسه بحرية .. لم يجب منير .. و اكتفى بابتسامة ارتسمت تلقائياً على محيّاه .. فقال عادل : - لم تتغير يا منير .. لا زلت منير ذاته الذي عرفته منذ أن كنا سوياً على مقاعد الدراسة .. - و هل تغيّرت الظروف حولي حتى أتغيّر ..؟ صحيح أن كلّ الأمور أصبحت متأرجحة .. فخلنا أنها تقدمت إلى الأمام أو رجعت إلى الخلف .. لكن المحصلة هي أن كل شيء لا زال على حاله .. - أحتاج أن أراك دائماً يا منير .. لا تعرف كم هذا مهم بالنسبة لي .. تنهد منير قبل أن يقول : - قد لا تمهلني الأيام لذلك .. - كلماتك تشعرني بالقلق .. و تخيفني أيضا .. - لكنها الحقيقة على أية حال .. و إذا أردت نصيحتي فلا تحاول رؤيتي مرة أخرى .. عيونهم تلاحقني في كلّ مكان .. ربما يريدون تأجيل قتلي لأمر في نفوسهم .. و وجودك معي سيضرّ بك كثيرا .. انتفض عادل و قال بحزم : - لا تتكلم هكذا يا منير .. أنا لست نذلاً أو جبانا لهذه الدرجة .. تعرف أنني كنت على استعداد دائم لكي أفديك بنفسي .. - حسناً .. و لكن عليّ أن أذهب الآن .. لديّ موعد هامّ بعد قليل .. و .. أريد أن أودعك أيضاً .. فقد لا نلتقي مجددا .. مدّ منير يده ليصافح عادل .. لكن كفّ عادل تسمّرت في مكانها .. أمسكها منير و ضغط عليها بحرارة .. و قبل أن يدير ظهره ليمضي .. قال عادل : - انتظر قليلاً .. كنت أريد أن أسألك سؤالا .. - تفضّل .. - هل .. هل بإمكاني أن أذهب معك إلى ذلك الموعد ؟ .. أعني .. هل لا زال لي مكان بينكم ..؟؟ - الأماكن الثابتة لا تتغيّر يا عادل .. نحن الذين نهجرها و نستبدل بها غيرها .. لكنها تظلّ في مكانها .. - هذا ليس وقت كلماتك الفلسفية .. أجبني بصراحة .. ابتسم منير و قال : - بكل تأكيد يا عزيزي .. تقدم عادل و ألقى برأسه على صدر منير .. عانقه بحرارة كمن وجد ضالته بعد ضياع طويل .. أمسك منير بكتفي عادل و قال بصرامة لا تخلو من الدعابة : - هذا ليس وقت المشاعر .. يجب أن نذهب .. لم يبق غير عشر دقائق على موعدنا .. اسبقني أنت إلى الباحة الخلفية للمسجد القديم .. و سألحق بك بعد قليل .. رفع عادل يده إلى رأسه مؤدياً تحية الانضباط .. و قال : - أمرك أيها الجنرال ... * لمى خاطر |
||||||
![]() |
#504 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
![]() وجه في المخيم ..
ترجّل من السيارة بعد أن طلب من سائقها أن ينزله عند مدخل المخيم بدلاً من أن يوصله إلى منزله الواقع في أقصى المخيم.. لم يعبأ لملامح الحيرة التي ارتسمت على وجه السائق و الذي اكتفى بأن ابتسم و هو يشغل محرك سيارته من جديد و قال له: حمداً لله على سلامتك..!! تسمّرت قدماه قليلاً عند باب المخيم، كأنما كان يعدّ نفسه لعبور عالم جديد يكتنفه المجهول.. استفاقت ذاكرته على مشهد كانت قد توقفت عنده منذ عشر سنوات عندما غادر بيته في تلك الليلة العاصفة.. شوارع المخيم المغسولة بالمطر و جدرانه الموشاة بالشعارات كانت آخر ما علق بذاكرته قبل أن يضع الجندي العصبة السوداء على عينيه.. كأن زخات المطر التي انسكبت على رأسه و وجهه قد أزالت عن ذاكرته ركام الغبار الذي كدسته أعوام الاعتقال فاستحضرت لحظاته البعيدة بكل تفاصيلها الصغيرة.. أجال نظره في الشوارع و المباني من حوله.. معظم الأشياء لا تزال في مكانها، لكن معالمها تغيرت كثيراً، حاول أن يبحث عن كل ما يمكن أن يعيد إليه دفء الذكريات القديمة.. في هذا الشارع كان يضع المتاريس مع رفاقه و يشعلون الإطارات، غير أن الجدران المهدمة التي كانوا يكمنون خلفها لدوريات الاحتلال لم تعد موجودة، و خلف هذه المدرسة كان يصنع الزجاجات الحارقة بعد أن يبذل جهداً كبيراً في إقناع العامل في محطة المحروقات بأن يبيعه البنزين لقاء أي أجر يريده..!! و في ذلك المسجد كان يجتمع مع أشبال المخيم بعد صلاة الفجر ليوزع عليهم أدوارهم في مواجهات ذلك اليوم.. و هنا .. في هذه الزاوية استشهد صديق عمره أحمد.. وقف عندها طويلاً لا يحرك ساكنا، و ترك لدموعه أن تمتزج برذاذ المطر المتناثر على وجهه.. خيل إليه للحظات أن خيطاً من دم أحمر يمر من أمامه و يصبغ الأرض كلها بلونه.. بدا له ذلك المشهد القديم حاضراً بألمه ومرارته ذاتها.. حاول أن يحبس دموعه دون جدوى، ثم أطرق و مضى واجما.. أشياء كثيرة بدت له غير مألوفة، أهكذا تفعل عشر سنوات في بقعة صغيرة كهذه؟!، أدهشه أنه لم يعرف أحداً من الذين صادفهم في طريقه، بل شعر أن أياًً منهم لم يلتفت نحوه..!! وجوه كثيرة لا يعرفها، و ملامح غريبة يحاول أن يجد فيها شيئاً من ماضيه الغارب.. طرق ذاكرته فجأة صوت صديقه عامر الذي آثر الاغتراب على مرارة البقاء: - لن تجني شيئاً إن بقيت هنا يا خالد؛ ستموت أو تمكث في السجن أعواماً طويلة لتخرج بعدها جسداً منهكاً لا يعبأ به أحد...!! تذكر تلك الصفعة التي وجهها لعامر يومها، و الأوصاف التي نعته بها ردأ على كلماته تلك.. ابتسم قليلاً، حاول أن يطرد هاجس اليأس الذي شعر بشبحه منذ أن دخل المخيم ومنذ أن تعمق في داخله شعور مرير بالغربة.. توقف عند عيادة المخيم.. لا تزال في مكانها السابق، لكن أياً من الذين يعرفهم فيها ما عاد موجودا.. دخل إليها بخطى وئيدة، وقف في غرفة الانتظار.. أدار عينيه باحثاً عن ذلك المقعد الجلدي الذي جلس عليه يوم أصيب برصاصة في ساقه، لكنه ما لبث أن تنبه لصوت الممرضة تسأله إن كان يريد شيئا، فهز رأسه نافياً، وتذكر نسرين.. الممرضة التي استشهدت و هي تحاول إنقاذ أحد الجرحى بعد أن حاصرها الرصاص من كل مكان.. خرج من باب العيادة.. مدّ بصره عالياً نحو السماء.. شعر أن الغيوم التي تلبد سماء المخيم كأنما تجثم على صدره، و أن ذلك السكون الرتيب الذي يجلل الوجوه و الشوارع يكاد يخنق أنفاسه.. أمعن في النظر حوله باحثاً عن شيء من بقايا تلك الأيام المشتعلة التي شكلت حياته و عالمه في ذلك المكان.. لم يجد غير الشعارات و صور الشهداء المعلقة على الجدران.. حتى الشعارات بدت له مختلفة و خالية من عبق الماضي البعيد الذي يتوق إليه.. عند مدخل الطريق الموصلة إلى منزله، وعلى جدران إحدى البنايات واجهته لوحة كبيرة عليها صور أسرى المخيم، و تحتها كُتب بخط عريض جميل: (أسرانا لن ننساكم.!.) بحث عن وجهه بين تلك الصور، وجده يحمل ملامح أكثر شباباً و نضارة، و عينين أكثر بريقاً و تألقا.. و قرب ذلك المكان كانت هناك مجموعة من الصبية يمارسون هواية اللعب بالماء المتجمع في برك صغيرة.. خطا نحوهم بضع خطوات، و أومأ إلى أحد الصبية ليأتي أليه، ثم قال له مشيراً إلى صورته على الجدار: - أتعرف لمن هذه الصورة ؟ فأجاب الصبي على الفور: - نعم، إنها لخالد؛ ابن جارنا الحج صالح.. - و ماذا تعرف عنه؟ - يقولون إنه كان من أبطال المخيم في الانتفاضة.. و يقولون إنه من كان يصنع الزجاجات الحارقة، و إنه كان يصيب دوريات الجيش دائماً و يحرقها.. و يقولون... فقاطعه خالد بمودة: - حسناً، يكفي.. شكراً لك، يمكنك أن تذهب.. تنهد خالد عميقاً، و شعر بالهواء النديّ يتخلل مسام جسده كلها و قد علت وجهه ابتسامة فريدة كستها الشمس التي تسللت خلال الغيوم للحظات بهاء خاصا.. استدار ليكمل الطريق إلى بيته، تسربت إلى روحه رائحة الشتاء التي افتقدها طوال سنوات الاعتقال، فبدت له جدران المخيم و شوارعه و قد تلألأت عليها قطرات الماء تحت أشعة الشمس لوحات ناطقة بالحياة و الإصرار.. توقف أمام بوابة منزله، و استجمع قواه ليمتع عينيه بمشهد تلك الدهشة الحميمة التي سيطالعه بها وجه أمه حين تفتح له الباب.. * لمى خاطر |
||||||
![]() ![]() |
|
|