![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#1 | ||||
شبه عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() وجادلهم بالتي هي أحسن:
حوار بين مسلم ومسيحي د. حسن باعقيل - ترجمة د. نبيل عبد السلام هارون توحيد أم تثليث عبد الله : أتؤمن حقيقة بالثالوث ? عبد المسيح : طبعا , كما جاء في رؤيا يوحنا الأولى (5/ 7- ![]() (فَإِنَّ هُنَالِكَ ثَلاَثَةَ شُهُودٍ غفِي السَّمَاءِ، الآبُ وَالْكَلِمَةُ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ، وَهَؤُلاءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ) [رؤيا يوحنا الأولى 5/ 7-8]. عبد الله : لا يا صديقي فإن هذه العبارة : "الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد", التي كانت في طبعة عام 1611 الإنجليزية (طبعة الملك جيمس) قد تم حذفها من الطبعات القياسية المراجعة أعوام 1952 ثم 1971 ثم في العديد من الطبعات الأخرى, بعدما تبين أنها أقحمت على الأصل اليوناني الذي ترجمت منه كل طبعات الكتاب المقدس. وأنا أقدر أنك ربما لم تلحظ من قبل ما جرى من تصحيح لهذه الفقرة في الطبعات الجديدة, ولكني أتساءل هل غابت عن علم رجال الدين والوعاظ ? الخلاصة أن التثليث لم يرد في الإنجيل ولم يبشر به المسيح, ولم ترد كلمة "الثالوث" أو "التثليث" أصلا في الكتاب المقدس ولا في معاجم ألفاظه, ومن ثم لا نجد في النصوص دليلا ولا أساسا البتة لفكرة التثليث. عبد المسيح : ولكننا نقرأ في إنجيل متى ( 28/ 19) : (فَاذْهَبُوا إِذَنْ، وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ) [متى 28/19], وهذه العبارة ما زالت قائمة ومعتمدة في نسخ الأناجيل. عبد الله : هذا فهم متعسف للآية 28/19, فعندما نذكر اجتماع ثلاثة أشخاص على شيء هل يعني ذلك أنهم أصبحوا شخصا واحدا أو ثلاثة أشخاص في واحد? ويسجل لنا التاريخ أن عقيدة التثليث لم يأت بها المسيح وإنما ابتدعها أثناسيوس بطريرك الإسكندرية واعتمدها مجمع نيقية عام 325 م; أي بعد رحيل المسيح بثلاثة قرون, ولا شك أن الأفكار الوثنية السائدة لدى الرومان قد ألقت بظلها على العقيدة فأوحت بما تحمله من أفكار كتثليث الألوهية, وكان من نتاجها أيضا تغير يوم الراحة (السبت) إلي الأحد لأن "الأحد" 25 ديسمبر هو يوم ميلاد "مترا" آلهة الشمس لديهم, كما أصبح هذا التاريخ (25 ديسمبر) هو يوم الاحتفال بميلاد المسيح, وابتدعت عادة تزيين شجرة عيد الميلاد, رغم ما جاء في نبوءة أرمياء (10/ 2-5) من تحذير من هذه البدعة : (هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «لاَ تَتَعَلَّمُوا طَرِيقَ الأُمَمِ، وَلاَ تَرْتَعِبُوا مِنْ آيَاتِ السَّمَاءِ الَّتِي تَرْتَعِبُ مِنْهَا الشُّعُوبُ. لأَنَّ عَادَاتِ الأُمَمِ بَاطِلَةٌ، إِذْ تُقْطَعُ الشَّجَرَةُ مِنَ الْغَابَةِ ثُمَّ تُشَذِّبُهَا وَتَنْحَتُهَا يَدَا صَانِعٍ بِفَأْسٍ. ثُمَّ يُزَيِّنُونَهَا بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَتُثَبَّتُ بِالْمَسَامِيرِ وَالْمَطَارِقِ لِئَلاَّ تَتَحَرَّكَ. فَتَكُونُ كَفَزَّاعَةٍ فِي حَقْلِ قِثَّاءٍ لاَ تَنْطِقُ، بَلْ تُحْمَلُ لأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنِ الْمَشْيِ. فَلاَ تَخَافُوهَا لأَنَّهَا لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ) [إرمياء 10/2-5]. وهكذا ولمَّا ابتعدت المسيحية شوطا بعيدا عما جاء به المسيح من تعاليم, أرسل الله تعالى رسوله الخاتم محمد ليعيد الأمر إلى نصابه ويصحح ما أحدثته الأمم بعد رحيل المسيح; من تحليل للحم الخنزير وإلغاء للختان, كما نادى بولس في غلاطيا (5/2) : (هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ خُتِنْتُمْ، لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً) [غلاطيا 5/2], وكذلك اعتماد التقويم الروماني كبداية للتاريخ. وقد بَكَّت القرآن الكريم بشدة ما انحرفت إليه الفرق المسيحية من تثليث : لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (المائدة 73) هل ترى الآن أي دليل أو قرينة على التثليث الذي لم ينطق به المسيح عليه السلام ? عبد المسيح : إني أعتقد على الأقل أن الرب ويسوع شيء واحد, كما في يوحنا (14/11) : (صَدِّقُوا قَوْلِي: إِنِّيِ أَنَا فِي الآبِ وَإِنَّ الآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي بِسَبَبِ تِلْكَ الأَعْمَالِ ) [يوحنا 14/11]. عبد الله : ولم لا تقرأ أيضا (يوحنا 17/21), لتفهم المقصود مما ذكرت? عبد المسيح : إنها تقول : (لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً؛ أَيُّهَا الآبُ، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا، لِكَيْ يُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي) [يوحنا 17/21]. عبد الله : إذن, إذا كنت تفهم من العبارة الأولى (14/11) أن الرب ويسوع هما واحد, فلم لا يكون أيضا الحواريون مع يسوع والرب واحدا كما في (17/21), وبالتالي إذا كان هناك من يقول أن يسوع هو الرب لأنه هو والرب واحد, فلم لا يكون الحواريون أيضا هم الرب لأنهم مثلما كان يسوع (في الآية الأولى) هم ويسوع والرب واحدا? وأكثر من ذلك إذا كانت دعوة التثليث تنص على أن الرب ويسوع والروح القدس شيء واحد هو الثالوث, فبنفس المنطق يصبح الحواريون مع الرب ويسوع والروح القدس شيئا واحدا: قوامه "خمسة عشر في واحد" ? عبد المسيح : ولكن يسوع هو الرب طبقا ليوحنا (14/9) : فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ وَأَنَا مَعَكُمْ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَافِيلِبُّسُ؟ الَّذِي رَآنِي رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ: أَرِنَا الآبَ؟ [يوحنا 14/9]. عبد الله : إنك لا تستطيع أن تفسر هذه العبارة بمعزل عن السياق الذي جاءت فيه, فاقرأ ما جاء قبلها مباشرة في يوحنا (14/ ![]() (فَقَالَ لَهُ فِيلِبُّسُ: «يَاسَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا!») [يوحنا 14/8]. وفي نهاية السياق يتساءل عيسى في حديثه مع فيلبس أنَّى له أن يُرِيَ الله للحواريين فذلك مستحيل, إنما يُعْرَف الله سبحانه بعظمة مخلوقاته من شمس وقمر ومجرات وسائر خلقه اللانهائي, ومن مخلوقاته: عيسى عليه السلام, أما الله ذاته فلا يُرَى. ألم يجئ في (يوحنا 4/24): (اللهُ رُوحٌ، فَلِذلِكَ لاَبُدَّ لِعَابِدِيهِ مِنْ أَنْ يَعْبُدُوهُ بِالرُّوحِ وَبِالْحَقِّ»)). [يوحنا 4/24]. وكذلك في (يوحنا 5/37): (وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لِي. وَأَنْتُمْ لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلاَ رَأَيْتُمْ هَيْئَتَهُ) [يوحنا 5/37]. وهل في قدرة الإنسان أن يرى الروح رأي العين, لقد رأوا يسوع البشر وما رأوا الرب قط, وهذا ما يؤكده بولس أيضا في رسالته الأولى إلى تيموثاوس : (الَّذِي وَحْدَهُ لاَ فَنَاءَ لَهُ، السَّاكِنُ فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَيُّ إِنْسَانٍ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ. لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِين) [تيموثاوس (2) 6/16]. لذا يستحيل لبشر أن يرى الرب جسدا ماديا ويحسم القرآن الأمر في عبارة بليغة: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (الأنعام /103) عبد المسيح : دعني أكن صريحا معك فإني لا أستطيع أن أعيد النظر بسهولة فيما لقنته منذ الطفولة. عبد الله : حسنا. لأعينك على تحليل قضية التثليث أسألك بعض الأسئلة: أولا ما هو الروح القدس? عبد المسيح : الروح القدس هو الرب. لقد تعلمنا أن نقول أن الآب هوالرب, والابن هو الرب, والروح القدس هو الرب; ولا يصح أن نقول أنهم ثلاثة أرباب بل هم ثلاثة في واحد. عبد الله : اقرأ إذن (متى 1/1 ![]() عبد المسيح : (أَمَّا يَسُوعُ الْمَسِيحُ فَقَدْ تَمَّتْ وِلادَتُهُ هَكَذَا: كَانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ؛ وَقَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا مَعاً، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ ) [متى 1/18]. عبد الله : قارن إذن ما قرأته بما جاء في (لوقا 1/ 26 -27). عبد المسيح : (وَفِي شَهْرِهَا السَّادِسِ، أُرْسِلَ الْمَلاَكُ جِبْرَ ائِيلُ مِنْ قِبَلِ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ بِالْجَلِيلِ اسْمُهَا النَّاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ اسْمُهُ يُوسُفُ، مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ، وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ)[لوقا 1/ 26 -27]. عبد الله : إذن فإن الذي أُرسل إلى مريم العذراء حين حَمْلِها المعجز دون أب كان (في رواية متى) هو الروح القدس, وفي رواية لوقا هو جبريل, من هو الروح القدس إذن ? عبد المسيح : الروح القدس إذن هو جبريل. عبد الله : أين الثالوث إذن ? عبد المسيح : الرب إذن هو الرب, والروح القدس هو جبريل, ويسوع هو .... عبد الله : دعني أساعدك : عيسى رسول بَشَر من عند الله , ابن مريم من غير أب. عبد المسيح : كيف إذن أهتدي إلى الحق الذي لا غموض فيه ولا لبس ولا تناقض? عبد الله : الإجابة في القرآن الذي أنزله الله, مصححا لما طرأ على العقائد السابقة وعلى كتبها من تغيير وتبديل, للعودة إلى الحقائق البسيطة الساطعة: الله الواحد لا شريك له, وعيسى ابن مريم نبي الله, الذي جاء بعد رهط طويل من الأنبياء, مبشرا بخاتم الأنبياء بعده محمد صلى الله عليه وسلم. هل بقيت لديك تساؤلات تحول بينك وبين الإقرار بالتوحيد والاعتراف بسائر الأنبياء ابتداء من آدم ونوح إلى موسى وعيسى ثم محمد (عليهم الصلاة والسلام)? عبد المسيح : إني الآن في قرارة نفسي أطمئن إلى هذه الحقائق تماما, ولكني لا أستطيع أن أخالف ما كان عليه آبائي وأجدادي, إنني قطعة منهم لا تنفصم. عبد الله : أنت حر وكلنا أحرار فيما نعتقد, وكل إنسان مسئول مباشرة عن فعله, ولن ينفع أحد أحدا يوم القيامة: أبا كان أو ابنا أو زوجا , ولنا في إبراهيم عليه السلام أسوة حسنة, حين فارق دين أبيه وقومه عندما هداه الله لرسالة الحق التي جاء بها كل الأنبياء بلا استثناء. ولعل الله قد هداك بهذا الحوار إلي ما لم يتح لأهلك من قبل, هذا قدرك، ولا تزر وازرة وزر أخرى, ألم تسمع الآيات : مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا (الإسراء /15) عبد المسيح : ألا يمكن أن يكون المرء مسلما ومسيحيا في نفس الوقت ? عبد الله : لا إكراه في الدين. تستطيع أن تعتنق ما تشاء وتفعل ما تشاء, ولكنك إذا جمعت بين الاثنين لا تعد مسلما, فإن المسلم هو الذي يعتقد ويلتزم بكل ما جاء به الإسلام, و إلا لم يكن مؤمنا بعد, كما جاء في قوله تعالى في سورة النساء : إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا(150)أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا(151)وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (النساء 150 -152) وأثق أنك في النهاية ستسلم معي بكل ما عرضته عليك. عبد المسيح : هب أنني اقتنعت بكل ما تقول. ألا أستطيع أن أحتفظ باقتناعي في قرارة نفسي دون إعلان, حتى أظل حرا ولا أتقيد بشيء يلزمني. عبد الله : تَذَكَّرْ أنك متى بَلَغْتَ وأصبحت راشدا فقد أصبحت مسئولا أمام الله: إما أن تعتنق وتشهد بالحق أو غيره, فلم يخلقنا الله عبثا ولم يزودنا بالحواس وبالعقل الذي نميز به بين الحق والباطل بلا طائل, وإنما خلقنا لنعبده ونعمرالأرض بالحق ونتنافس في فعل الخير ودفع الشر, وأرسل الرسل مذكِّرين لنا بهذه الحقائق, ومبشرين ومنذرين بحساب الله العادل يوم القيامة. واقرأ هذه الآيات : الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (آل عمران/191). أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ( ![]() (البلد/ 8-10). وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ (الذاريات/56). إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا (الكهف/ 7). |
||||
![]() |
#2 | ||||
شبه عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() وجادلهم بالتي هي أحسن:
حوار بين مسلم ومسيحي د. حسن باعقيل - ترجمة د. نبيل عبد السلام هارون كلام الله أم كلام البشر ? عبد الله : أترى حقا أن كل كلمة في الكتاب المقدس من أوله إلى آخره سواء في أسفار العهد القديم أو أسفار العهد الجديد هي من عند الله ? عبد المسيح : قطعا, إني أوقن أنه كله كلام الله. عبد الله : إذا كان الأمر كذلك فاقرأ معي ما يقوله لوقا بهذا الصدد في إنجيله (لوقا 1/ 2-3). عبد المسيح : (لَمَّا كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَقْدَمُوا عَلَى تَدْوِينِ قِصَّةٍ فِي الأَحْدَاثِ الَّتِي تَمَّتْ بَيْنَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا أُولئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنَ الْبَدَايَةِ شُهُودَ عِيَانٍ، ثُمَّ صَارُوا خُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً، بَعْدَمَا تَفَحَّصْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِ الأَمْرِ تَفَحُّصاً دَقِيقاً، أَنْ أَكْتُبَهَا إِلَيْكَ مُرَتَّبَةً يَا صَاحِبَ السُّمُوِّ ثَاوُفِيلُسَ لِتَتَأَكَّدَ لَكَ صِحَّةُ الْكَلاَمِ الَّذِي تَلَقَّيْتَهُ) [لوقا 1 / 2- 3]. عبد الله : إذا كان لوقا نفسه يقر بأنه لم يعاين بنفسه ما يسرده في إنجيله, بل استقاه ممن سبقوه وعايشوا الأحداث بأنفسهم, وهم جميعا بشر, فكيف يكون إنجيله من عند الله? عبد المسيح : ربما كان هذا الجزء وحده من كلام البشر. عبد الله : ولكن التاريخ يثبت أن الكتاب المقدس قد أجريت عليه العديد والعديد من التصحيحات والتعديلات عبر القرون, وأقربها ما جرى للطبعات الإنجليزية الحديثة كالنسخة المعتمدة المراجعة لسنة 1952 ثم 1971, وكذلك النسخة الأمريكية الجديدة المعتمدة, والترجمة العالمية المعتمدة. فكلها قد حذفت منها العديد من العبارات التي كانت لقرون طويلة جزءا من الكتاب المقدس في الطبعة القديمة (طبعة الملك جيمس). كما أن مؤسسة ريدرز دايجست قامت بمراجعة مستقلة حذفت فيها قرابة نصف العهد القديم وقرابة ربع العهد الجديد. وأعود لأتساءل هل يجوز أن يكون ثمة خطأ في كتاب من عند الله? عبد المسيح : بالطبع لا, ولكن أي نوع من الأخطاء تقصد? عبد الله : هب أن آية في الكتاب تروي أن شخصا ما قد مات في سن الخمسين ثم تأتي آية أخرى لتؤكد أن نفس الشخص قد مات في سن الستين, أتكون الآيتان حقا من عند الله ? عبد المسيح : يقينا لا , فأحد الروايتين أو كلاهما خاطئة ولا يجوز ذلك على الله. عبد الله : كذلك إذا كان ثمة تناقض بين عبارتين في نفس الكتاب هل يجوز أن يكون ذلك الكتاب من عند الله ? عبد المسيح : بالطبع لا أيضا ; فالكلام الموحى به من الله لا يجوز أن يقع به أي خطأ أو تناقض. عبد الله : وإلا كان من عند غير الله ? عبد المسيح : تماما. عبد الله : ولا نستطيع أن نصدق كل ما جاء به دون تمحيص ? ودعني أسألك إن كان ثمة أخطاء فمن أين جاءت ? عبد المسيح : ربما كانت خطأ في التدوين, أو تغيير مقصود من الكتبة بالحذف أو الإضافة ! عبد الله : سأثبت لك الآن أن ثمة تناقضات صريحة في الكتاب المقدس, لعلك تعيد النظر في كونه كلام الله أم لا. عبد المسيح : مازلت أعتقد أن الكتاب المقدس كلام الله, ويستحيل أن يكون به أي تناقض. عبد الله : مهلا , تحقق أولا من هذه الأمثلة التي سأذكرها لك لتناقضات صريحة وردت به. عبد المسيح : أين ? في العهد القديم أم في العهد الجديد ? عبد الله : في كليهما معا, وإليك بعضا منها : 1- ألف وسبعمائة أم سبعة آلاف فارس: (وَأَسَرَ مِنْ جَيْشِهِ أَلْفاً وَسَبْعَ مِئَةِ فَارِسٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ، وَعَرْقَبَ دَاوُدُ كُلَّ خُيُولِ الْمَرْكَبَاتِ بِاسْتِثْنَاءِ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ) [صموئيل الثاني 8/4]. (وَاسْتَوْلَى دَاوُدُ عَلَى أَلْفِ مَرْكَبَةٍ مِنْ مَرْكَبَاتِهِ، وَأَسَرَ سَبْعَةَ آلافِ فَارِسٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ، وَعَرْقَبَ دَاوُدُ كُلَّ خَيْلِ الْمَرْكَبَاتِ) [الأيام الأول 18/4]. 2- تُوعِي أَمْ تُوعو? يُورام أَمْ هَدُورام? (وَلَمَّا عَلِمَ تُوعِي مَلِكُ حَمَاةَ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ قَضَى عَلَى جَيْشِ هَدَدَ عَزَرَ، بَعَثَ ابْنَهُ يُورَامَ إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ يَسْتَفْسِرُ عَنْ سَلاَمَتِهِ، وَيُهَنِّئُهُ عَلَى انْتِصَارِهِ عَلَى هَدَدَ عَزَرَ، لأَنَّ هَدَدَ عَزَرَ كَانَ يَشُنُّ حُرُوباً عَلَى تُوعِي، وَحَمَّلَهُ هَدَايَا مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَنُحَاسٍ) [صموئيل الثاني 8/ 9 -10]. (وَعِنْدَمَا عَلِمَ تُوعُو مَلِكُ حَمَاةَ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ دَحَرَ جَيْشَ هَدَدَ عَزَرَ مَلِكِ صُوبَةَ، أَرْسَلَ هَدُورَامَ ابْنَهُ إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ مُحَمَّلاً بِهَدَايَا مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَنُحَاسٍ، لِيُهَنِّئَهُ وَيُبَارِكَهُ، لأَنَّهُ هَزَمَ هَدَدَ عَزَرَ، إذْ إِنَّ هَدَدَ عَزَرَ كَانَ دَائِماً يَشُنُّ عَلَيْهِ حُرُوباً. (1أيام 18/9-10). 3- 700 مركبة أم 7000 ? ، و 40.000 : فارس أم من المشاة? (وما وَمَا لَبِثَ الأَرَامِيُّونَ أَنِ انْدَحَرُوا أَمَامَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ، فَقَتَلَتْ قُوَّاتُ دَاوُدَ رِجَالَ سَبْعِ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ، وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ فَارِسٍ. وَأُصِيبَ شُوبَكُ رَئِيسُ الْجَيْشِ وَمَاتَ هُنَاكَ. وَقَتَلَ دَاوُدُ سَبْعَةَ آلافٍ مِنْ قَادَةِ الْمَرْكَبَاتِ، وَأَرْبَعِينَ أَلْفاً مِنَ الْمُشَاةِ، كَمَا قَتَلَ شُوبَكَ رَئِيسَ الْجَيْشِ) [صموئيل الثاني 10/18] (وقتل داود سبعة آلاف من قادة المركبات, وأربعين ألفا من المشاة, كما قََتل شُوبَك رئيس الجيش) [الأيام الأول 19/18]. 4- يُوشَيْب أَمْ يَشُبْعام ? ثمانمائة أم ثلاثمائة ? (وَهَذِهِ أَسْمَاءُ رِجَالِ دَاوُدَ الأَبْطَالِ: يُوشَيْبُ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ، وَكَانَ قَائِدَ الثَّلاَثَةِ، هَاجَمَ بِرُمْحِهِ ثَمَانِي مِئَةٍ وَقَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً) [صموئيل الثاني 23/8]. (وَهَؤُلاَءِ هُمْ أَبْطَالُ دَاوُدَ: يَشُبْعَامُ بْنُ حَكْمُونِي، رَئِيسُ الأَبْطَالِ الثَّلاَثَةِ، هَاجَمَ بِرُمْحِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَقَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً [الأيام الأول 11/11]. 5- الرب أم الشيطان ? (ثُمَّ عَادَ فَاحْتَدَمَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَأَثَارَ دَاوُدَ عَلَيْهِمْ قَائِلاً: «هَيَّا قُمْ بِإِحْصَاءِ إِسْرَائِيلَ وَيهُوذَا») [صموئيل الثاني 24/1]. (وَتَآمَرَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، فَأَغْرَى دَاوُدَ بِإِحْصَاءِ الشَّعْبِ) [الأيام الأول 21/1]. 6- هل أنجبت ميكال أم لا ? (وَلَمْ تُنْجِبْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ وَلَداً إِلَى يَوْمِ مَوْتِهَا( [صموئيل الثاني 6/23]. (فَأَخَذَ الْمَلِكُ، أَرْمُونِيَ وَمَفِبيُوشَثَ ابْنَيْ رِصْفَةَ ابْنَةِ أَيَّةَ اللَّذَيْنِ وَلَدَتْهُمَا لِشَاوُلَ، وَأَبْنَاءَ مِيكَالَ ابْنَةِ شَاوُلَ الْخَمْسَةَ الَّذِينَ أَنْجَبَتْهُمْ لِعَدْرِيئِيلَ ابْنِ بَرْزِلاَيَ الْمَحُولِيِّ [صموئيل الثاني 21/8]. عبد المسيح : كيف اكتشفت ذلك ? لم ألحظ أبدا مثل هذه الاختلافات. هل ثمة المزيد ? عبد الله : ألا تكفي هذه الأمثلة لإعادة النظر في نسبة هذا الكلام إلى الله تعالى ? حسنا, اقرأ أيضا ما جاء في سفر التكوين : ) فَقَالَ الرَّبُّ: «لَنْ يَمْكُثَ رُوحِي مُجَاهِداً فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ. هُوَ بَشَرِيٌّ زَائِغٌ، لِذَلِكَ لَنْ تَطُولَ أَيَّامُهُ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَقَطْ»( [ تكوين 6/3]. ولكن يا صديقي كم عاش نوح ? لقد عاش نوح أكثر من مائة وعشرين عاما, واقرأ الآن (تكوين 9/29). عبد المسيح : (ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ تِسْعُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ سَنَةً) [تكوين 9/29]. عبد الله : يعتقد المسيحيون أن الله خلق آدم على صورته, طبقا لما جاء في سفر التكوين (1/26) : (ثُمَّ قَالَ اللهُ : «لِنَصْنَعِ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا، كَمِثَالِنَا، فَيَتَسَلَّطَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ، وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ، وَعَلَى الأَرْضِ، وَعَلَى كُلِّ زَاحِفٍ يَزْحَفُ عَلَيْهَا». فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ) [تكوين 1/ 26-27]. ولكن ذلك يتناقض مع ما جاء في سفر أشعياء : (بمن بِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ وَبِمَنْ تُقَارِنُونَهُ؟ …فَبِمَنْ إِذاً تُقَارِنُونَنِي فَأَكُونَ نَظِيرَهُ؟ يَقُولُ الْقُدُّوسُ [إشعياء 40/ 18، 25]. وكذلك ما جاء في المزامير : (انه من في السماء يعادل الرب.من يشبه الرب بين ابناء الله [مزمور 89/6]. ومثله ما في أرميا (10/ 6-7) : (. أَنْتَ لاَ نَظِيرَ لَكَ يَارَبُّ. عَظِيمٌ أَنْتَ، وَاسْمُكَ عَظِيمٌ فِي الْجَبَرُوتِ. مَنْ لاَ يَتَّقِيكَ يَامَلِكَ الأُمَمِ؟ فَالْخَوْفُ مِنْكَ يَلِيقُ بِكَ، إِذْ لاَ يُوْجَدُ بَيْنَ حُكَمَاءِ الشُّعُوبِ وَفِي جَمِيعِ مَمَالِكِهِمْ مَنْ هُوَ نَظِيرُكَ. [أرمياء 10/6-7]. عبد المسيح : ولكن كل ما ذكرته من العهد القديم فحسب ? و للحديث بقية ان شاء الله |
||||
![]() |
#3 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() جزاك الله خيرا عظيما يا أخي
ومن هنا أدعو كل الأخوة المسيحيين للتحاور بنفس الاسلوب الهادئ البناء الذي كان بين عبد الله وعبد المسيح
لا إله إلا الله ......... محمد رسول الله
|
||||
![]() |
#4 | ||||
شبه عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لنكمل الحوار هل كان إبراهيم يهوديا أو نصرانيا ? عبد المسيح : أخي عبد الله, في صبانا لم نكن نسمع كثيرا عن مثل هذه الحوارات العديدة التي تدور هذه الأيام بين رجال الدين المسيحي والإسلامي ! عبد الله : لعل ذلك لما بين الدينين من أواصر فنحن نؤمن بالله الواحد الذي أرسل الأنبياء جميعا , ومنهم المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته, الذي كذبه اليهود وآمنا به. يقول الله في كتابه العزيز: )َإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ( (آل عمران 145) ولقد دارت فعلا حوارات متتالية إسلامية مسيحية في أوروبا وكندا والولايات المتحدة وأستراليا, بل إن الفاتيكان قد شارك في مؤتمرات مع علماء المسلمين من مصر; كان أولها في روما (1970)، ثم في القاهرة (1974 , 197 ![]() ![]() عبد المسيح : الذي يدهشني هو أنه رغم أن عمر المسيحية الآن يمتد إلى ألفي عام; كما يرجع ظهور الإسلام إلى أكثر من أربعة عشر قرنا, لم يسجل التاريخ مثل هذه اللقاءات والحوارات, إلا في العقود الأخيرة? عبد الله : لا تنس أن العلاقة بين الدين المسيحي ممثلا في الدول الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وكذلك هولندا وبلجيكا وأسبانيا والبرتغال) وبين العالم الإسلامي ومعظمه من الدول الآسيوية والأفريقية كانت طوال الأربعة قرون الماضية علاقة استعمار وهيمنة لا علاقة حوار وتفاهم. وقد سعى المستعمرون جاهدين عن طريق إرسالياتهم المسيحية إلى تنصير الشعوب الواقعة تحت الاحتلال بكل وسائل الإغراء والابتزاز; والتي توجه أساسا إلى الفقراء والمعدمين; كتقديم العلاج المجاني والغذاء والملبس وفرص العمل. وعبثا فشلت هذه الأموال في تحويل مسلم عن دينه. ومن ناحية أخرى لم يبدأ التواصل الفكري بين الإسلام والغرب المسيحي إلا في أعقاب الحرب العالمية الثانية, حين رحل وهاجر العديد من العمال والمثقفين من دول آسيا وأفريقيا إلى الغرب بحثا عن العمل أو للدراسة, وأتاح ذلك فرصا أوفر للتعريف بالإسلام وتبادل الأفكار. عبد المسيح : هل ترى ثمة دوافع أخرى لهذا الاهتمام المعاصر بالحوار وخاصة من جانب رجال الدين المسيحي والإسلامي ? عبد الله : أحسب أن الجهود قد أثمرت في ترسيخ قدر أكبر من التسامح والتفاهم رغم التنافس الشديد في مجال الدعوة والسعي لكسب الأنصار، فتراجع الكثير من الكُتَّاب في الغرب عما اعتادوه من أكاذيب وإساءات للإسلام ورسوله. هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى بدأ الكثير من المنصفين في الغرب يدركون أننا أقرب إلى المسيحيين منا إلى اليهود والملحدين, كما جاء في القرآن الكريم : )َلَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ((المائدة 82) كما أن بعض الطوائف المسيحية قد سلمت أخيرا بالحق عندما اعترفت لأول مرة في التاريخ بصدق انتساب رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى قيدار ابن إسماعيل عليه السلام. ويُعَرِّف معجم الإنجيل لدافيس (الذي يصدره مجلس التعليم المسيحي بالكنيسة المشيخية الأمريكية طبعة 1980) "قيدار" بأنه : " .... اسم لقبيلة تنتسب إلى إسماعيل ... (تكوين 25/13)... ومن هذه القبيلة ظهر محمد ... ". كما استقر هذا التعريف أيضا فيما جاء بدائرة معارف الإنجيل القياسية الدولية; وكذلك بمعجم الإنجيل لسميثالذي يسجل عبارة سفرالتكوين: (وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ إسماعيل مَدَوَّنَةً حَسَبَ تَرْتِيبِ وِلاَدَتِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إسماعيل، وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ، وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا) [تكوين 25/13]. ويقرر أن نسب محمد إلى إبراهيم, إنما يمتد خلال قبيلة قريش المنبثقة من قيدار ابن إسماعيل. وإنصافا للحق فإني أعتقد أن أفضل ما جناه الغرب من أفواج المهاجرين المسلمين لم يكن ما ساهموا به من سواعدهم وعقولهم في بناء حضارة الغرب وثروته بقدر ما كان "الإسلام" الذي بدأ يمد جذوره هناك; متمثلا في مساجد ومراكز إسلامية تشع بنورها وتجذب الكثير إلي "العودة" إلى الإسلام, وأقول "العودة" لا التحول إلى الإسلام, لأن كل مولود يولد على فطرة توحيد الله وعبادته, وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه. وانتشار الإسلام في الغرب في عالمنا المعاصر - حيث زمام القوة والمنعة بأيدي الغرب - يثبت أن الإسلام لا ولم ينتشر بالسيف, ولا يحتاج إلى إرساليات ترصد لها الأموال وتساندها قوى السياسة والنفوذ, وكل ذلك تؤيده الإحصاءات. عبد المسيح : إن كانت الأديان السماوية الثلاث : اليهودية والمسيحية والإسلام كلها من عند الله الخالق الواحد ففيم إذن الاختلاف بينها وفيم الخلاف بين أصحابها ? عبد الله : الأصل في ذلك أن كل الأنبياء، بدءا من آدم إلى محمد (عليهم الصلاة والسلام)، قد أرسلهم الله بنفس الرسالة : "الإسلام", والإسلام هو الانقياد والطاعة لله الواحد وما أنزله على رسله, و "الإسلام" هو الاسم الذي اختاره الله تعالى لهداية مخلوقاته, وذكره بهذا اللفظ في القرآن الكريم : ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا( (المائدة / 3) بينما لم يجئ لفظ "اليهودية" ولا "المسيحية" في أي من العهد القديم أو العهد الجديد, ولا وجود لأي منهما كمصطلح في معجم ألفاظ الإنجيل, فما جاءت كلمة "اليهودية" على لسان أي من أنبياء بني إسرائيل, كما أن المسيح عليه السلام لم ينسب إليه أنه جاء ليقيم دعائم "المسيحية" على وجه الأرض ولم يصف نفسه بأنه "مسيحي", وإنما أطلق لفظ "مسيحي" لأول مرة قرابة عام 43م, أي بعد رحيل المسيح بسنوات عديدة, وذلك على لسان اليهود والوثنيين, واقرأ في أعمال الرسل : )وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، فَكَانَا يَجْتَمِعَانِ مَعَ الْكَنِيسَةِ هُنَاكَ سَنَةً كَامِلَةً، وَيُعَلِّمَانِ جَمْعاً كَبِيراً. وَفِي أَنْطَاكِيَةَ أُطْلِقَ عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْمُ الْمَسِيحِيِّينَ( [أعمال 11/26]. وتكرر ذكر اللفظ بعد ذلك علي لسان الملك أغريباس الثاني إلى بولس في أعمالالرسل: (فَأَجَابَ أَغْرِيبَاسُ: «قَلِيلاً بَعْدُ، وَتُقْنِعُنِي بِأَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيّاً!») [أعمال 26/28]. وفي المناسبتين كان إطلاق اللفظ على لسان أعداء المسيح, ثم ذكر اللفظ أخيراعلى لسان بطرس في رسالته التي يواسي بها أتباع المسيح فيما يلقونه من عناء : (وَلَكِنْ إِنْ تَأَلَّمَ أَحَدُكُمْ لأَنَّهُ «مَسِيحِيٌّ»، فَعَلَيْهِ أَلاَّ يَخْجَلَ، بَلْ أَنْ يُمَجِّدَ اللهَ لأَجْلِ هَذَا الاِسْمِ!) [بطرس الأولى 4/16]. ومن هنا فإن "أول المسلمين" على وجه الأرض إنما هو آدم, ثم توالى ركب الأنبياء : نوح ومَن بعده إلى إبراهيم أبي الأنبياء ... عبد المسيح : مهلا , كيف كان إبراهيم مسلما, من المعروف أنه يهودي ! عبد الله : يهودي? من قال ذلك? عبد المسيح : لقد تعلمنا ذلك, ولا ريب أن الإنجيل يؤكد ذلك أيضا . عبد الله : أين جاء ذلك في الإنجيل? حتى أوفر عليك الوقت دعني أساعدك. اقرأ ما جاء في (تكوين 11/31). عبد المسيح : (وَأَخَذَ تَارَحُ ابْنَهُ أَبْرَامَ وَحَفِيدَهُ لُوطاً بْنَ هَارَانَ، وَسَارَايَ كَنَّتَهُ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَبْرَامَ، وَارْتَحَلَ بِهِمْ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ)[تكوين 11/31]. عبد الله : إذن فإن إبراهيم الذي ولد في بلدة أور الكلدانية لم يكن أبدا يهوديا لسببين : أولا: لأن بلدة أور الكلدانية تقع في منطقة "بين النهرين" (دجلة والفرات); التي هي الآن من أراضي العراق, وثانيا: لأن كلمة "يهودي" مشتقة من اسم "يهوذا" , الذي كان من أحفاد سيدنا إبراهيم عليه السلام, ثم اقرأ (تكوين 12 / 4- 5). عبد المسيح : (فَارْتَحَلَ أَبْرَامُ كَمَا أَمَرَهُ الرَّبُّ، وَرَافَقَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ فِي الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ مِنْ عُمْرِهِ عِنْدَمَا غَادَرَ حَارَانَ. وَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ زَوْجَتَهُ وَلُوطاً ابْنَ أَخِيهِ وَكُلَّ مَا جَمَعَاهُ مِنْ مُقْتَنَيَاتٍ وَكُلَّ مَا امْتَلَكَاهُ مِنْ نُفُوسٍ فِي حَارَانَ، وَانْطَلَقُوا جَمِيعاً إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ إِلَى أَنْ وَصَلُوهَا) [تكوين 12 / 4- 5]. عبد الله : فإبراهيم عندما هاجر واغترب إلى أرض كنعان إنما كان في الخامسة والسبعين من عمره, كما يؤكد الإنجيل في (تكوين 17/ ![]() عبد المسيح : (وَجَاءَ أَحَدُ النَّاجِينَ إِلَى أَبْرَامَ الْعِبْرَانِيِّ الَّذِي كَانَ مَازَالَ مُقِيماً عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا أَخِي أَشْكُولَ وَعَانِرَ حُلَفَاءِ أَبْرَامَ وَأَبْلَغَهُ بِمَا جَرَى ) [تكوين 14/13]. عبد الله : كيف إذن يقال أن إبراهيم يهودي بينما يؤكد الإنجيل أنه "عبراني", وهي كلمة تشير إلى أولئك الذين "عبروا" نهر الفرات من الشرق إلى الغرب, واقرأ أيضا (تكوين 32/2 ![]() عبد المسيح : (فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ، بَلْ إِسْرَائِيلَ (وَمَعْنَاهُ: يُجَاهِدُ مَعَ اللهِ)، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ») [تكوين 32/28]. عبد الله : فإبراهيم إذن كان "عبرانيا", أما ذرية يعقوب; أي إسرائيل; فهم"إسرائيليون" من أبنائه الإثناعشر تفرع منهم قبائل بني إسرائيل الإثناعشر; ومنهم قبيلة "يهوذا" أول من أطلق عليه لقب يهودي, الذي اقتصر بادئ الأمر على ذريته دون غيرهم من بني إسرائيل. والآن إذا أردت أن تعرف أيضا هل كان موسى عليه السلام يهوديا أم لا فاقرأ(خروج 6/16-20). عبد المسيح : (وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ لاَوِي حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ: جِرْشُونُ وَقَهَاتُ وَمَرَارِي. وَقَدْ عَاشَ لاَوِي مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. أَمَّا ابْنَا جِرْشُونَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمَا فَهُمَا: لِبْنِي وَشِمْعِي. وَأَبْنَاءُ قَهَاتَ هُمْ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَقَدْ عَاشَ قَهَاتُ مِئَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. وَابْنَا مَرَارِي هُمَا مَحْلِي وَمُوشِي. هَذِهِ هِيَ عَشَائِرُ اللاَّوِيِّينَ بِحَسَبِ سِجِلِّ مَوَالِيدِهِمْ. وَتَزَوَّجَ عَمْرَامُ عَمَّتَهُ يُوكَابَدَ فَأَنْجَبَتْ لَهُ هَرُونَ وَمُوسَى. وَقَدْ عَاشَ عَمْرَامُ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً ) [خروج 6/ 16 -20]. عبد الله : فموسى إذن بدوره لم يكن يهوديا إذ لم يكن من أحفاد يهوذا؛ بل كان "لاويًّا" من أحفاد "لاوي" ابن يعقوب, وموسى (اللاوي) عليه السلام هو الذي أرسله الله بشريعة التوراة إلى بني إسرائيل. عبد المسيح : وكيف عرفت كل هذه التفاصيل ? عبد الله : من القرآن الكريم, فالقرآن عندنا هو الفيصل والحَكَم الذي توزن به كافة النصوص والعقائد, وهو الذي يصحح ما أصابها بفعل البشر وأهواء البشر. والقرآن هو خاتم الكتب المنزلة من الله تعالى, وهو الكتاب الذي سَلِمَ من كل تغيير وتحريف, وقد تكفل الله بحفظه في سورة البقرة ![]() ![]() ![]() وعلى النقيض من ذلك تعرضت كل الكتب السماوية السابقة: توراة موسى, ومزامير داود, وإنجيل عيسى: إلى الإخفاء، والحذف والإضافة، والتعديل والتبديل، وإدخال الأسفار تلو الأسفار من أقوال البشر إليها. عبد المسيح : ماذا إذن يقول القرآن في أمر إبراهيم وموسى وصلتهما باليهودية ? عبد الله : جاء في سورة آل عمران : ) يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ إِلاّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ( (آل عمران /65) , وكذلك: )مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ((آل عمران/67). كما جاء في سورة البقرة : )أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ ءَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( (البقرة /140). عبد المسيح : ولكن لفظ "الله" لفظ عربي غريب على إبراهيم وموسى وسائر الأنبياء قبلهم. عبد الله : لا يا صديقي, لقد عرفه كل الأنبياء ابتداء من آدم إلى محمد (عليهم الصلاة والسلام), كلهم عرفوا الله باسمه. وهو في العربية مشتق من : "الإله" بحذف الهمزة "إ", ليصبح اسما علما على الإله الواحد الذي ليس كمثله شيء, وهو الذي ينطق بالعبرية: "إلُوها", وإن كان اليهود يستعملون أيضا صيغة الجمع: "إلُوهيم" التي تنافي التوحيد, كما أنها بالأرامية: "ألاها" كما نطق بها عيسى عليه السلام. ومن هنا تعلم أن لفظ الجلالة، وإن كان غريبا علي آذان غير المسلمين من غير العرب، هو نفس الاسم الذي دعا لعبادته كافة الأنبياء وهم يدعون الناس لنفس العقيدة: الإسلام. ألا ترى أن هذا الاسم الأعظم "الله" هو الاسم اللائق بالتوحيد: التوحيد الذي لا شائبة فيه, فهو اسم لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع ولا يُؤَنَّث, بينما تنحرف الأهواء بأسماء أخرى له تعالى, فيقال : ربة وأرباب وإلهة وآلهة, فاسم "الله" هو اسم التوحيد, للخالق الأحد الذي أرسل لعبادته وطاعته كلالأنبياء. ليس هذا فحسب بل إن الكثير من شعائر وآداب الإسلام التي تبدو غريبة على غير المسلمين قد تضمنتها تعاليم كل الأنبياء, فالوضوء للص--لاة كان معروفا في بداية اليهودية كما جاء في العهد القديم : (لِيَغْسِلَ مُوسَى وَهَرُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ بِمَائِهِ. فَيَغْتَسِلُونَ كُلَّمَا دَخَلُوا إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ أَوِ اقْتَرَبُوا إِلَى الْمَذْبَحِ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى) [الخروج 40/31- 32]. وجاء في العهد الجديد : وَهَكَذَا كَانَ. فَفِي الْيَوْمِ التَّالِي أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ الأَرْبَعَةَ؛ وَبَعْدَمَا تَطَهَّرَ مَعَهُمْ، دَخَلَ الْهَيْكَلَ لِكَيْ يُسَجِّلَ التَّارِيخَ الَّذِي يَنْتَهِي فِيهِ أُسْبُوعُ التَّطَهُّرِ، حَتَّى تُقَدَّمَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ التَّقْدِمَةُ الْوَاجِبَةُ ) [أعمال الرسل 21/26]. فأنت ترى في النص الأخير حرص بولس علي التطهر (رغم ما أحدثه في تعاليم المسيح من تغيير, كما سيتبين فيما بعد). كما قد تعلم أن من شروط صلاة المرأة المسلمة أن تغطي رأسها, فقارن ذلك بما جاء في (كورنثوس 11/ 5، 6، 13) : (وَكُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ، وَلَيْسَ عَلَى رَأْسِهَا غِطَاءٌ، تَجْلِبُ الْعَارَ عَلَى رَأْسِهَا، لأَنَّ كَشْفَ الْغِطَاءِ كَحَلْقِ الشَّعْرِ تَمَاماً. فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ لاَ تُغَطِّي رَأْسَهَا، فَلْيُقَصَّ شَعْرُهَا! وَلَكِنْ، مَادَامَ مِنَ الْعَارِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ يُقَصَّ شَعْرُهَا أَوْ يُحْلَقَ، فَلْتُغَطِّ رَأْسَهَا …فَاحْكُمُوا إِذَنْ بِأَنْفُسِكُمْ: أَمِنَ اللاَّئِقِ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ إِلَى اللهِ وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ؟) [كورنثوس الأولى 11/5, 6, 13] . كذلك نحن نخلع نعالنا حين نصلي, وصلاتنا قيام وركوع وسجود , تماما كما فعل كل الأنبياء قبل الإسلام, فاقرأ مثلا : (هلم نسجد ونركع ونجثو أمام الرب خالقنا) [مزمور 95/6] , و : (فَأَكَبَّ يَشُوعُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ سَاجِداً) [يوشع 5/14] , و : (وَأَمَّا إِيلِيَّا فَارْتَقَى إِلَى قِمَّةِ جَبَلِ الْكَرْمَلِ وَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ وَخَبَّأَ رَأْسَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ) [الملوك الأول 18/42] , و : (فافترق فَافْتَرَقَ مُوسَى وَهَرُونُ عَنِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدِمَا إِلَى مَدْخَلِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ حَيْثُ انْطَرَحَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا، فَتَرَاءَى لَهُمَا مَجْدُ الرَّبِّ) [العدد 20/6] , ثم : (فَسَقَطَ أَبْرَامُ عَلَى وَجْهِهِ، فَخَاطَبَهُ اللهُ قَائِلاً) [التكوين 17/3]، (َقَالَ: «لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى هُنَا: اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ») [الخروج 3/5], و : (فقال له الرب: اخلع نعليك لأن المكان الذي تقف عليه هو أرض مقدسة!) [الأعمال 7/33]. وليس هذا فحسب بل قد ينعقد لسانك من الدهشة إذا تبين لك أن الحج في الإسلام بما فيه من طواف ببيت الله الحرام كان من شعائر الأنبياء, بما فيهم أنبياء بني إسرائيل. عبد المسيح : كيف كان ذلك? ولم أجد أبدا أي إشارة إلى الحج أو الكعبة في الكتاب المقدس ! عبد الله : جاء ذلك في مواضع كثيرة ربما لم تلفت انتباهك. اقرأ مثلا : 1- (ثُمَّ بَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ، وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي تَوَسَّدَهُ وَنَصَبَهُ عَمُوداً وَصَبَّ عَلَيْهِ زَيْتاً، وَدَعَا الْمَكَانَ «بَيْتَ إِيلَ» (وَمَعْنَاهُ: بَيْتُ اللهِ) ) [تكوين 28/ 18 -19]. 2- (ثُمَّ قَالَ اللهُ لِيَعْقُوبَ: «اصْعَدْ إِلَى بَيْتِ إِيلَ وَاسْكُنْ هُنَاكَ، وَشَيِّدْ مَذْبَحاً لِلهِ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ عِنْدَمَا كُنْتَ هَارِباً مِنْ أَمَامِ أَخِيكَ عِيسُو». فَأَمَرَ يَعْقُوبُ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَكُلَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ: «تَخَلَّصُوا مِنَ الآلِهَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي بَيْنَكُمْ، وَتَطَهَّرُوا وَأَبْدِلُوا ثِيَابَكُمْ، ثُمَّ تَعَالَوْا لِنَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ لأُشَيِّدَ هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلهِ الَّذِي اسْتَجَابَ لِي فِي يَوْمِ ضِيقَتِي، وَرَافَقَنِي فِي الطَّرِيقِ الَّتِي سَلَكْتُهَا». فَسَلَّمُوا يَعْقُوبَ كُلَّ الآلِهَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي كَانَتْ لَدَيْهِمْ وَالأَقْرَاطَ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ، فَطَمَرَهَا يَعْقُوبُ تَحْتَ الْبُطْمَةِ الَّتِي فِي شَكِيمَ) [تكوين 35/ 1-4]. وتلحظ هنا أن ما فعله يعقوب عليه السلام من إزالة كل المعبودات المنكرة هو نفس ما قام به محمد صلى الله عليه وسلم حين دخل البيت الحرام فاتحا فحطم الأصنام وأخرج الصور من جوف الكعبة. 3- وذِكْر آخر للبيت الحرام وبنائه جاء في سفر التكوين: (فَأَخَذَ يَعْقُوبُ حَجَراً وَنَصَبَهُ عَمُوداً، وَقَالَ لأَقْرِبَائِهِ: «اجْمَعُوا حِجَارَةً». فَأَخَذُوا الْحِجَارَةَ وَجَعَلُوهَا رُجْمَةً وَأَكَلُوا هُنَاكَ فَوْقَهَا. وَدَعَاهَا لاَبَانُ «يَجَرْ سَهْدُوثَا» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ لاَبَانَ) وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَدَعَاهَا «جَلْعِيدَ» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ يَعْقُوبَ). وَقَالَ لاَبَانُ: «هَذِهِ الرُّجْمَةُ شَاهِدَةٌ الْيَوْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ». لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا جَلْعِيدَ. وَكَذَلِكَ دُعِيَتْ بِالْمِصْفَاةِ أَيْضاً لأَنَّهُ قَالَ: «لِيَكُنِ الرَّبُّ رَقِيباً بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِينَ يَغِيبُ كُلٌّ مِنَّا عَنِ الآخَرِ) [تكوين 31/45-49]. 4- (فَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى يَفْتَاحَ، فَاجْتَازَ أَرَاضِي جِلْعَادَ وَمَنَسَّى وَمِصْفَاةَ جِلْعَادَ، وَمِنْهَا تَقَدَّمَ نَحْوَ بَنِي عَمُّونَ. وَنَذَرَ يَفْتَاحُ نَذْراً لِلرَّبِّ وَقَالَ: «إِنْ نَصَرْتَنِي عَلَى بَنِي عَمُّونَ فَإِنَّنِي عِنْدَ رُجُوعِي سَالِماً مِنْ مُحَارَبَةِ بَنِي عَمُّونَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً: أَوَّلَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ أَبْوَابِ بَيْتِي لِلِقَائِي». ثُمَّ تَقَدَّمَ يَفْتَاحُ لِمُحَارَبَةِ بَنِي عَمُّونَ، فَأَظْفَرَهُ الرَّبُّ بِهِمْ، وَهَزَمَهُمْ هَزِيمَةً مُنْكَرَةً مِنْ عَرُوعِيرَ حَتَّى مِنِّيتَ عَلَى امْتِدَادِ عِشْرِينَ مَدِينَةً إِلَى آبَلِ الْكُرُومِ. وَهَكَذَا أَخْضَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْعَمُّونِيِّينَ. ثُمَّ رَجَعَ يَفْتَاحُ إِلَى بَيْتِهِ فِي الْمِصْفَاةِ)ٍ [القضاة 11/ 39 - 29 ]. 5- (وَتَأَلَّبَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعُهُمْ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ قَادِمِينَ مِنْ دَانَ فِي الشِّمَالِ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ فِي الْجَنُوبِ، وَمِنْ أَرْضِ جِلْعَادَ أَيْضاً، وَمَثَلُوا أَمَامَ الرَّبِّ فِي الْمِصْفَاة) [القضاة 20/1]. 6- (وَأَقْسَمَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ فِي الْمِصْفَاةِ أَلاَّ يُزَوِّجَ أَحَدٌ مِنْهُمُ ابْنَتَهُ لأَيِّ رَجُلٍ مِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ. فَاجتَمَعُوا فِي بَيْتِ إِيلَ وَمَثَلُوا أَمَامَ الرَّبِّ بَاكِينَ بِمَرَارَةٍ حَتَّى الْمَسَاءِ) [القضاة 21/ 1-2]. 7- (فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «ادْعُوا كُلَّ إِسْرَائِيلَ لِلاجْتِمَاعِ فِي الْمِصْفَاةِ فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى الرَّبِّ) [صموئيل الأول 7/5]. 8- (تَابُورَ، فَيَلْتَقِيَكَ هُنَاكَ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ فِي طَرِيقِهِمْ إِلَى بَيْتِ إِيلَ لِيُقَدِّمُوا قُرْبَاناً لِلهِ) [صموئيل الأول 10/3]. ولعله يتضح لك الآن أن ليس ثمة مكان على وجه الأرض يصح أن يكون هو المقصود "ببيت إيل" أو "المصفاة", سوى مكة المكرمة التي أقامها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام, وفيها نشأ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين, الذي نؤمن بكل ما جاء به ونتبعه, كما نؤمن بكل الأنبياء والمرسلين من قبله. ولعلي قد أطلت عليك بعض الشيء في أمر سيدنا إبراهيم وصلة الأنبياء كلهم ببعض وبالرسالة الواحدة: الإسلام, وربما يهمك أن تعرف المزيد عن الإسلام والمسلمين, وعن بشارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما جاءت في كتابكم المقدس, وغير ذلك من الأمور, هذا إن كنت حقا تواقا للبحث والمعرفة والتماس الحق أينما كان? عبد المسيح : إني حقا مشوق لأن أسمع منك رغم إيماني الراسخ بعقيدتي لأني طالما جذب انتباهي كتابات لمفكرين مسلمين أثارت في ذهني العديد من التساؤلات. عبد الله : وهل دعاك ذلك إلى مراجعة بعض المفاهيم والأفكار المسبقة ? عبد المسيح : إلى حد ما, وقد أصبحت مشوقا لمعرفة المزيد عن الإسلام, وأحرص على الاطلاع على كل ما يقع في يدي من كتب, ثم طرح تساؤلاتي على أصدقائي من المسلمين دون أن يشفي ذلك غليلي بعد. وكل مرادي الآن أن أجد الإجابة التي يقنع بها عقلي وتهدأ نفسي, إجابة أساسها المنطق السليم والحقائق الواضحة لا التعصب والتقليد. عبد الله : أصبت يا صديقي, وإني لأقدر صدق موقفك, ولكنا كمسلمين لا ينبغي لنا أن ندفع أحدا إلى تغيير أفكاره, وإنما نعرض ما نعرف من الحق على من يريد أن يصغي إلينا فحسب. عبد المسيح : ولكني حر في نهاية الأمر في الوصول إلى ما يقنعني من أفكار? عبد الله : طبعا يا صديقي لأنه: "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِِ". عبد المسيح : لماذا إذن ينشط المسلمون في دعوة غيرهم إلى الإسلام? عبد الله : هذا أمر طبيعي, فكما دعا المسيحيون اليهود إلى الاعتراف بأن عيسى هو المسيح المذكور في كتبهم فإننا ندعو المسيحيين واليهود والبشرية جمعاء للإيمان بمحمد خاتم الأنبياء والمرسلين, وقد أمرنا صلي الله عليه وسلم بمهمة إبلاغ دعوته لكل الناس فقال: "بَلِّغُوا عني ولو آية" (أي : آية واحدة من القرآن). كما جاء في (سفر أشعياء 21/13) ذكر "نبوءة من بلاد العرب", وهو القرآن الذي أصبح أمانة في عنق كل مسلم عربي أو غير عربي نشره والدعوة إليه. وقد جاء ذكر الوحي كذلك في سفر أشعياء بعدما رأى رؤيا "راكبي الحمير وراكبي الجمال" : (وَعِنْدَمَا يُشَاهِدُ رَاكِبِينَ فُرْسَاناً أَزْوَاجاً أَزْوَاجاً، أَوْ رَاكِبِينَ عَلَى حَمِيرٍ، وَرَاكِبِينَ عَلَى جِمَالٍ، فَلْيُصْغِ إِصْغَاءً شَدِيداً) [أشعياء 27/7]. وربما كانت الأولى إشارة إلى دخول المسيح إلى القدس, واقرأ: (وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشاً فَرَكِبَ عَلَيْهِ، كَمَا قَدْ كُتِبَ) [يوحنا 12/14], و: (بَشِّرُوا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ: هَا هُوَ مَلِكُكِ قَادِمٌ إِلَيْكِ وَدِيعاً يَرْكَبُ عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ !») [متى 21/5]. فإلام إذن كانت الإشارة إلى الجمال? , إن أول ما يتبادر إلي الذهن هو مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد المسيح بأكثر من ستمائة سنة, وإذا لم نأخذ بهذه الإشارة الواضحة فإننا نكون قد نقضنا نبوءة أشعياء. عبد المسيح : إن تفسيرك هذا لنبوءة أشعياء يحفزني إلى مراجعة الكتاب المقدس وقراءته بعناية بالغة, ثم أواصل الحوار معك. عبد الله : وإني لأرحب بذلك, فأمور العقيدة هي أهم ما يشغل الإنسان لأنها ترتبط بالمصير الذي ما بعده مصير, وكل ما نحققه وننعم في هذه الحياة إنما هو إلى زوال, والدار الآخرة هي دار الخلود, والناس في هذه الأيام قد ألهتهم المادة وزخرف الحياة, فتعال ياصديقي لنعاود البحث والنقاش فيما نتفق فيه أونختلف, فنحن نعرف الله بعقولنا, ونؤمن بالإسلام بالدليل والبرهان, بل إن في كتابكم أيضا دعوة إلى إعمال العقل : (امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ وَتَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ) [تسالونيكي الأولى 5/21]. عبد المسيح : لقد ذكرت منذ قليل عبارة "راكبي الجمال" في سفر أشعياء, واستنتجت أنها إشارة إلى محمد, فهل جاء ذكر لمحمد بعينه في الكتاب المقدس ? عبد الله : نعم , كما سترى. عبد المسيح : في العهد القديم أم العهد الجديد? عبد الله : في كليهما معا, ولعله من الأوفق أن نبدأ حوارنا بقضية التوحيد; وما يتعلق بها من أطروحات كالتثليث والطبيعة الإلهية للمسيح وبنوته لله والخطيئة الأولي والفداء; وكلها أطروحات لم يأت بها المسيح بل حذر منها : (إِنَّمَا بَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ لَيْسَتْ إِلاَّ وَصَايَا النَّاسِ. (متى 15/9). |
||||
|
|