![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#1 |
مشرف متقاعد
|
![]() "اليوم عُلّق على خشبة"
بعد قليل نطوف بالصليب المقدّس في زيّاحٍ مرنّمين تلك الترنيمة المحبَّبة إلى قلوب المسيحيّين: "اليوم عُلِّق على خشبه". لدينا في الكتاب المقدّس حدثان يحمل فيهما المسيح صليبه. الأول، حين حمله على درب الآلام في أورشليم، أي حين حَمَلَهُ ليُرفَع عليه. والحدث الثاني ينبئنا عنه سفر الرؤيا. عندما سيأتي يسوع في مجيئه الثاني كديَّان عندها سيحمل راية الظفر، وهذه ستكون صليبه. بين زمن هذَين الحدثَين يمتدّ هذا "اليوم" الذي يُعَلَّق فيه المسيح على الخشبة. عندما مدَّ يسوع يديه على الصليب، مدَّ الأولى على الماضي والثانية على المستقبل مغطياً التاريخ كُلَّه. المسيح لم يُصلَب مرّة وحسب، بل بصلبه افتتح درب الصليب. على الصليب صرخَ يسوع "قد تمَّ". لقد تمَّ آنذاك فعلاً ملءُ الكشف الإلهيّ. لقد كَشَفَ العهد القديم الكثير من محبّة الله، وأكثر منه كشفتْ السنون الثلاث التي قام فيها الله بين البشر بأعمال وأقوال. لكن عند الصليب انكشفت كلّ المحبّة الإلهيّة "إذ لا حبّ أعظم من هذا، أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه". لكن عند الصليب خَرَجَ من جنب المسيح دم وماء، وهذا يعني: "قد بدأ". لم يحمل المسيح صليبه ليترك قصّة شخصيّة، أو ليكتب تاريخاً له في التاريخ. المسيح دخل التاريخ حتّى يصلبه على الجلجلة، أي حتّى ينعطف به إلى مساره الحقيقيّ بعد أن كان قد انحرف عنه. عند الصليب "تمَّ" "الكشف الإلهيّ" في كلّ عظمته. وعند الصليب "بدأ الحضور الإلهيّ" في رسالته. دخل الله التاريخ ليدخل هو والإنسان في صنع التاريخ. ليس التاريخ قدراً أسود أو قضاءً أبيض، يكتبه اللهُ للإنسان. نحنُ مُخَيَّرون ولسنا مُسَيَّرين. جبلنا الله لنجبل تاريخنا معه. الله خلقنا خلاَّقين. التاريخ حوار بين الله وبيننا، والمسيحيّون يدخلون حوار التاريخ كجوابٍ على "ليكن الخلق" بـ "ليكن العذراء"، أي أن يجيبوا بالمحبّة على الهبة، وبالطاعة على الكلمة. التاريخ هو سرّ علاقة بين هبة الله (كبداية) وجواب الإنسان بالطاعة (كمتابعة). الإنسان هو باني قدره. الله يسبق ويقرأ ما نكتُبه نحنُ. العناية الإلهيّة لا تعني قدراً ما، وإنّما هي نعمة. يتوقف على الإنسان أن يُطرحَ اللهُ في عدم الفكرة، أو أن يصير حضرة في التاريخ. الله يكره الدين الذي يحوّله إلى فكرة بينما جاهدَ هو ليصير حضرةً. إنّ تغْييب الله يعني قتله بالنسبة لنا. كلّ ما كان قبل المسيح كان صوراً عنه، وكل ما بعده هو امتداد له. وجود الله في التاريخ حدث يكتبه المسيحيّون. المسيح المصلوب ليس قصّة أو بالأحرى ليس صورة؛ المصلوب نداءٌ لمن يريد. لقد جُرِحَ المسيح على الصليب، لكن الدم والماء المُنسَكِبَين من جنبه الطاهر يجرحان كثيرين. لقد صرّح هو بأنَّه عندما يرتفع (يُصلَب) سوف يرفع إليه كثيرين (يصلبهم معه). الصليب دعوة حُرَّة تقوم على حقيقة جرحنا بالشوق الإلهيّ. الذهبيّ الفم يقول: "إنَّ الجنديّ الشهم عندما يرى سيّده مجروحاً في المعركة يخوض الحرب بضراوةٍ أشدّ". المستقبل مسؤوليّة وليس قدراً، المستقبل صفحة نكتبها نحن، والمسيحيّ يَخُطُّها بقلم جديد هو الصليب. التاريخ ليس مكتوباً؛ إنَّ يسوع قد أنبأ تلاميذه بآلامه، وعرف من سيسلمه، لكنّه أردف ذلك بعبارةٍ جبَّارة: "الويلُ لمن يُسلَم ابنُ البشر على يديه". كان يسوع يعرف أنّ يهوذا سيسلمه ولكنّه لم يكن يريد ذلك، فاعتنى به وحاول أن يرده عن عزمه. وإن كان التاريخ هو جبلة تتمّ بيدي كلّ من الله والإنسان، إلاَّ أنَّ تَنَكُّر الإنسان لله وإبعاده إياه عن حياته لا يعني أبداً موت الله. نعم، "إنَّ ابن البشر ماضٍ ليُصلب والويل لمن سيُسلَم على يديه". هذه حقيقة تقابلها الحقيقة الثانية ألا وهي "أنّ ابن البشر آتٍ ليَغلب والويل لمن لن يشاركه مجده". التاريخ سيفرزنا، من حيث بِنائنا له، إلى جداء أو خراف، إلى لصّ يمينٍ أو يسار. الترنيمة تقول: "لقد ظهر صليبك بين لصين ميزان عدلٍ، فالأوّل انحدر به ثقلُ التجديف إلى الجحيم، أمَّا الآخر فقد رفعه الاعتراف بك". الصليب زُرِعَ في صدر الأرض على الجلجلة ليصلبَ التاريخ. المسيح ارتفع ليرفعنا وجُرِحَ فجرحنا، بدأ لنتابع، أتمّ الكشف لنتمّم الحضور. المسيح بالصليب افتتح الملكوت لكي بالصليب نبني الملكوت. لهذا نمرُّ بزياحِ الصليب ولهذا نتأمّل الصليب. الصليب رسالة ودرب. لذلك نسجد لآلامك أيّها المسيح، فأرِنا قيامتك المجيدة. آميــن الميتروبوليت بولس مطران حلب |
![]() |
![]() |
#2 | |||||
مسجّل
-- اخ حرٍك --
|
![]() اقتباس:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
|||||
![]() |
![]() |
#3 | |
مشرف متقاعد
|
![]() اقتباس:
![]() ![]()
قالولي ليش رافع راسك و عينك قوية .. التلهم العفو كلنا ناس بس أنا من الأراضي السورية ...
|
|
![]() |
![]() ![]() |
|
|