أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > اللاهوت المسيحي المعاصر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 16/04/2005   #1
شب و شيخ الشباب رومانوس
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ رومانوس
رومانوس is offline
 
نورنا ب:
Jan 2005
مشاركات:
35

افتراضي العصمة البابوية


العصمة البابوية

مقدمة
مفهوم العصمة
تعريف عصمة البابا
الأجواء التي رافقت تحديد العصمة خلال المجمع وما بعده
الخاتمة







مقدمة
العصمة موضوع شائك، سبب جدلاً واسعاً في الأوساط المسيحية، في الشرق والغرب. وقد جاءت العصمة في وقتٍ كان الصراع على أشدّه في أوروبا بين البروتستانتية والكاثوليكية. وقد كانت الكاثوليكية تحاول ان تدافع عن عقائدها ووجودها بوجه الهجمات التي تعرضت لها من كل صوب، لذلك كان القرار بعقد مجمع مسكوني وطرح مسألة عقيدة عصمة البابا بالرغم من معارضة بعض الأساقفة وحكام الدول الأوروبية، الاّ ان المجمع الفاتيكاني الأول قد أعلن عقيدة العصمة البابوية وبموافقة معظم الأساقفة الكاثوليك الذين كانوا في المجمع عند انتهائه. وكان موضوع العصمة سبب جدل ونقاش في المجمع بين الأساقفة ان كان على الصعيد اللاهوتي او على الصعيد العقائدي. وسوف نقوم بعرض وشرح لعقيدة العصمة بحسب مفهوم الكنيسة الكاثوليكية، مع التطرق الى بعض الأحداث التي جرت خلال المجمع.

مفهوم العصمة ((المسيحية في عقائدها، ص.355))
ان لفظة العصمة يشوبها الكثير من الغموض، وهي تبعث بوجه شبه عفوي تصوّرات من النقاوة والكمال على كل صعيد أو حتى من عدم الخطيئة. ولكن كل انسان كما يقال، معرّض للخطأ، ولا يستثنى من ذلك البابا والأساقفة، اذ أنهم هم أيضاً بشر. لذلك هناك منذ زمن طويل محاولة لاستبدال لفظة معصوم التي يُساء فهمها ويصطدم بها كثيرون، بألفاظ أخرى. فتُستعمل ألفاظ كمثل عدم الضلال، أو عدم الغيّ أو يقين الثبات. الأمر في الواقع يتعلق بكون حقيقة الله قد أتت الى العالم بوجهٍ فائق ونهائي يسوع المسيح وبكون الكنيسة قد وعدت بتلك الحقيقة وعداً ثابتاً، بفضل الحضور الدائم للرب ولروحه القدوس. ومن ثم فالكنيسة، لكونها كنيسة الله الحي، هي عامود الإيمان وقاعدته (1تي 3/15). لذلك كل الكنائس والجماعات الكنسية تعتقد اعتقاداً راسخاً أن الكنيسة لا يمكن أن تحيد عن حقيقة يسوع المسيح بوجه نهائيّ؛ والاّ كان للضلال الغلبة على الله وحقيقته. وبحسب الإعتقاد الكاثوليكي، يبقى الوعد بالتأكيد مجرّد هباء، ان لم يكن هناك من ينطق بتلك الحقيقة بوجه محسوس، بحيث يتم الإعراب عنها في تعابير ايمانية محددة وملزمة. وبالذات في حال الجدل او حيال قرار مرتقب، من الضروريّ أن توفّر الكنيسة للمؤمنين اليقين بان من يسلّم أمره لكلمتها انما يسلم امره للحقيقة عينها. والا كان هناك خطر في ان تتحوّل الكنيسة الى سوق للجدل، ولا تعود جماعة الشهود الذين اعتنقوا بأقصى الجدية حقيقة الإيمان. وتعتقد الكنيسة الكاثوليكية انها، في وظيفة بطرس كرئيس للهيئه الأسقفية، او بتعبير آخر في الهيئة الأسقفية القائمة على الشركة مع وظيفة بطرس وتحت رعايته، قد أعطيت هذا الناطق بالحقيقة والمعلن لها.
هذا الإعتقاد الإيماني يجب فهمه فهماً صحيحاً في اطاره الواسع. وهذا يشمل ثلاث نقاط هامة:
1- المعصوم بالمعنى الحصري للّفظة هو الله وكلمته لا غير. والكنيسة والسلطة التعليمية غير معصومتين من الضلال الا عندما تفسّران، بقيادة الروح القدس، كلمة الله المعطاة لنا مرة على نحو نهائي والحقائق المرتبطة بها ارتباطاً ضرورياً. فعصمة الكنيسة تمتد من ثمّ الى كل ما يتضمّنه الوحي الإلهي؛ وهي تتعلّق فقط بمسائل الإيمان والأخلاق، وليس بمسائل سياسية او علمية او ما شابه ذلك (ك 25)
2- السلطة التعليمية هي في علاقة مع عصمة الكنيسة جمعاء (ك 12). وهي لا تملك سلطانها "بتوكيل من أسفل"، بل هي مرتبطة بايمان الكنيسة، ليس في أنه هو هدف قرارها وحسب، بل أيضاً في أنه هو مقياسها. على السلطة التعليمية في اعلان ايمان الكنيسة ان تلجأ الى كل الوسائل البشرية لايجاد الحقيقة. وعون الروح القدس يحفظها من الضلال، بيد أنها لم تتلقى اي وعد بإلهام ايجابي ولا بوحي جديد. ومن ثم فعندما يقول نص العقيدة ان قرارات الحبر الروماني غير قابلة النقض "من ذاتها وليس بسبب موافقة الكنيسة عليها" (دنتسنغر 3074)، فهذا لا يعني ان البابا يمكنه ان ينفصل عن ايمان الكنيسة، فالمقصود فقط هو ان قراراته لا حاجة لها، لتصير قانونية، الا أن يصادق عليها مجمع عام لاحق. فالبابا في مثل هذه القرارات، هو على يقين على نحو ما من موافقة الكنيسة. وهذا لا ينفي ان تكون تلك القرارات بحاجة في الواقع الى قبول عام لتكون لها في الكنيسة قوة حياة وتؤتي ثماراً روحية.
3- ان ممارسات السلطة التعليمية باعلان تحديدات عقائدية معصومة لا تتم الا نادراً وفي حالات استثنائية. واذا أراد البابا او المجمع ان يحدّدا عقيدة ما على هذا النحو، فعليهما ان يعلنا ذلك بصراحة. ومن يؤكد وجود مثل هذا التحديد، عليه ان يثبت ذلك في كل حالة بمفردها. ان عصمة السلطة التعليمية من الضلال متضمّنة بوجه اعتيادي في حياة الكنيسة وكرازتها اليوميتين، وفي صلاتها، وفي عبادتها، وفي توزيع الأسرار، وفي المساعدة الأخوية (ك 25). ولذلك فالحقائق المسيحية الأساسية والجوهرية التي يحويها قانون الإيمان الرسولي لم تكن أبداً موضوع تحديد رسمي، ولكنها كانت على الدوام موضوع ايمان وتعليم، مما يعطي هذا الإعتراف وان بدون تحديد رسمي، سلطة لا تنقض في الكنيسة.
4- ومن ثم فالأساقفة والبابا هم شهود ومعلمون حقيقيون لحقيقة الإنجيل حتى عندما لا يتكلّمون على نحو ملزم وبوجه معصوم. فيجب من ثم على المؤمنين ان يتمسّكوا بالرأي الذي يعبّر عنه باسم المسيح، أسقفهم وأولاً أسقف روما، فيما يتعلق بالإيمان والأخلاق، وأن يولوه من ذهنهم القبول في شعور دينيّ (ك 25)

تعريف عصمة البابا
ان أولوية وظيفة بطرس وعصمتها تعدّان على العموم ميزة المفهوم الكاثوليكي للكنيسة. ففيما ترى سائر الكنائس والجماعات الكنسية في هذه العقيدة عائقاً كبيراً في طريق التفاهم المسكوني، ترى فيه الكنيسة الكاثوليكية خدمة هامة جداً للوحدة في الكنيسة. لم تقدّم اي كنيسة حتى الآن نظير هذا المثال للوحدة المنظورة. لا جرم ان هذا الأمر لا يدعو الى نشوة الإنتصار. فبطرس الذي بفضل وعد الرب له هو صخرة الكنيسة، كان ايضاً تلميذاً متقلّباً وقد خان الرب، وهذا أيضاً قد وسم تاريخ البابوية. فللتمييز بين ما هو صالح على الدوام وما هو عرضة لتقلّبات التاريخ، نتكلم اليوم بالأحرى على وظيفة بطرس. وهذا أساس أولوية البابوية وأساس عصمتها.
ان أهم موضوع في العهد الجديد تظهر فيه وظيفة بطرس هو كلمة يسوع في قيصرية فيليبس، جواباً على اعتراف بطرس بالماسيّا، كما نقلها متى: "وأنا أقول لك: انت الصخرة، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وسأعطيك مفاتيح ملكوت السموات؛ فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات، وما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السموات" (متى 16/18-19).
هذا النص يطرح أسئلة بحاجة الى جواب. وان كان كثير من مفسّري الكتاب المقدس لا ينسبونه، في صيغته الحالية، الى يسوع نفسه، الا ان مهمة بطرس وسلطته، كما رأينا، تتأصلان في أعمال يسوع. هناك ثلاثة أمور يعلنها هذا النص عن بطرس:
1- بطرس نفسه، وليس فقط الإيمان الذي شهد له بطرس، هو أساس الكنيسة.
2- سلطان المفاتيح يعني السلطة على ادارة بيت الله، الذي هو الكنيسة.
3- سلطة الربط والحلّ تعني السلطة على تقرير التعليم الملزم، مرتبطة مع سلطة التنظيم، للحفاظ على وحدة الكنيسة.

ان تحديد أولوية البابا وعصمة الحبر الروماني في وظيفة التعليم ثم في المجمع الفاتيكاني الأول (1869/1870). بالنسبة الى أولوية الولاية، يعلم المجمع: "فمن يقول ان الحبر الروماني ليس له سوى وظيفة الإشراف والإدارة، وليس له سلطان الولاية الكامل والأعلى على الكنيسة جمعاء، وذلك ليس فقط في أمور الإيمان والأخلاق بل أيضاً في كل ما يتعلق بنظام وسياسة الكنيسة المنتشرة على وجه الأرض كلها؛ أو يقول ان له فقط نصيباً أكبر ولكن ليس ملء هذا السلطان الأعلى، او ان سلطانه على هذا ليس اعتيادياً ومباشراً على جميع الكنائس، وعلى كل كنيسة بمفردها، كما على جميع الرعاة والمؤمنين وعل كل واحد بمفرده، فليكن مبسلاً" (دنتسنغر 3064).
وبما ان ادارة الكنيسة تتم خصوصاً بالتبشير بكلمة الله، ترتبط أولوية ولاية البابا ارتباطاً وثيقاً بعقيدة عصمة وظيفته. وهذا ما يعلنه التحديد التالي:"ان الحبر الروماني عندما يتكلم بسلطانه التعليمي الأعلى (من على السدّة) اي عندما يمارس وظيفته كراع ومعلم لجميع المسيحيين، فيعلن بقرار مطلق، بسلطانه الرسولي الأعلى، ان عقيدة ما في الإيمان او الأخلاق يجب اعتناقها من قبل الكنيسة جمعاء، فانه يتمتع بفضل العون الإلهي الذي وعد به في شخص القديس بطرس، بالعصمة التي شاء الفادي الإلهي ان يمدّ بها كنيسته لكي تحدد تحديداً مطلقاً التعليم المتعلق بشؤون الإيمان والأخلاق. وان قرارات الحبر الروماني النهائية هذه لا تقبل التعديل، وذلك بقوة ذاتها لا بقوة قبول الكنيسة لها" (دنتسنغر 3074).
ان المجمع الفاتيكاني الثاني قد أثبت كلتا العقيدتين (ك 18؛23؛25). بيد انه أدرِجَ هاتين العقيدتين في اطار اوسع، اطار مسؤولية الكنيسة جمعاء وعصمتها (ك 12)، وبنوع خاص في العلاقة مع هيئة الأساقفة بكاملها (ك 22-23؛25). وبموجب ما أعلنه هذا المجمع، لا يملك البابا وحده "السلطان الكامل والأعلى والشامل على الكنيسة"؛ فالهيئة الأسقفية "هي أيضاً بالإتحاد مع اسقف روما رئيسها، وليس أبداً بمعزل عن هذا الرئيس، تملك السطان الأعلى والكامل على الكنيسة كلها000ان السلطان الأعلى الذي تزاوله هذه الهيئة في الكنيسة الجامعة تتم ممارسته باحتفال في المجمع المسكوني000ويمكن الأساقفة المنتشرين على وجه الأرض ان يمارسوا سلطتهم الجماعية بالإتحاد مع البابا، بشرط ان يدعوهم رئيس الهيئة الى العمل جماعياً، او يولي على الأقل هذا العامل المشترك الذي يعمله الأساقفة متفرقين موافقته او رضاه الحر، فيصبح عملاً جماعياً" (ك 22).
فأسقف روما، بصفة كونه خليفة بطرس الرسول، يعود له عمل خاص، هو خدمة الوحدة. وهذه الأولوية لا يملكها فوق الكنيسة بل في الكنيسة بصفة كونه رئيس هيئة الأساقفة. ومن ثم فسلطته ليست مطلقة ومن دون حدود؛ بل هي مرتبطة ببنية الكنيسة الأساسية، اي بالإنجيل والتقليد الكنسي، وبنية الكنيسة الأسرارية والأسقفية. على أسقف روما الا يمثل بوجه ملزم ايمانه الشخصي بل ايمان الكنيسة؛ وعليه الا يرهق بسلطته سلطة الأساقفة ومسؤوليتهم، ولا ان يحل محلّهما، بل عليه بالحري ان يقوّيهما ويدافع عنهما. ومن ثم يعلم المجمع الفاتيكاني الأول قائلاً: ان وظيفة بطرس انشأها يسوع المسيح، لكي "تكون الأسقفية واحدة غير منقسمة"، ولكي يعطيها "بوجه ثابت ومنظور مبدأً وأساساً لوحدة الإيمان والشركة" (دنتسنغر 3050؛ ك 18). ومن ثم فخدمة وظيفة بطرس هي خدمة من اجل الوحدة، وحدة الكنائس المحلية في التنوع. فالكنيسة الجامعة يمكنها ان تتكلم وتعمل على نحو محسوس من خلال وظيفة بطرس، التي فيها تجد أعلى ممثل شخصي لها. ولو لم توجد وظيفة بطرس هذه، التي هي أمر اساسي للكنيسة، لنقص شيء في الكنيسة وفي المسيحية بأجمعها.
يجب بالتأكيد أن ندرك ان وظيفة بطرس تعبر تعبيراً محسوساً عن حقيقة الكنيسة ووحدتها. ومن ثم ستكون وظيفة بطرس على الدوام آيةً للمخالفة. وهذا من طبيعة الكنيسة، التي تشهد لتجسد كلمة الله. هذه المحسوسية في الجسد نلقاها أيضاً لقاءً مباشراً في الكرازة وفي اسرار الكنيسة، التي ترتبط الوظائف الكنسية بخدمتها. وهذا الموضوع علينا الآن ان نعالجه بتوسع. وفيه سيتضح مرة أخرى طابع الخدمة التي تتسم به الكنيسة ووظائفها.

الأجواء التي رافقت تحديد العصمة خلال المجمع وما بعده

1- أجواء ما قبل المجمع:
تاريخ 6 كانون الأول 1864، يعهد بيوس التاسع الى بعض الكرادلة نيته ان يدعو الى انعقاد مجمع. البراءة البابوية (ايترني باتريس، 29 حزيران 1862) وقد تم انعقاد المجمع في 8 كانون الأول 1869 وهذا ما يعرف بالمجمع الفاتيكاني الأول.
ان مسألة العصمة ما كانت مكتوبة في جدول أعمال المجمع وما كانت قد حصلت على الإجماع. بالإضافة الى ان التصريح الكاليكاني سنة 1862 في فرنسا كان معارضاً لموضوع العصمة بشكل مباشر. الا ان فكرة العصمة قد أحرزت تقدماً بفضل كتاب جي. ميستر وكتابات لامينيس. وبالرغم من ذلك فان المعارضة كانت موجودة بشكل أشدّ في البلدان الناطقة بالألمانية. بيد ان مقالة ظهرت في 6 شباط 1869 في المجلة الإيطالية Civilta cattolica تعلن بان المجمع سيعلن العصمة البابوية مما سبب مجادلة في الصحافة. وقد أبدى المطران دوبانلوب، رئيس أساقفة أورلينس في كتيب ظهر في 11 تشرين الثاني 1869، تخوفه بان تتحول البابوية الى صيغة سلطة ملكية مستبدة. بينما ساق المعارضة بعض أكاديمي الدوائر الألمانية اجناز دولينجير، وهو استاذ في مونيتش.
2- أجواء المجمع
في 8 كانون الأول 1869 تم انعقاد المجمع الفاتيكاني الأول وكانت الأغلبية فيه من مؤيّدي العصمة وهم أساقفة البلدان الكاثوليكية تقليدياً ممن يواجهون البروتستانتية. ولقد كانت ترى تلك الأغلبية في العصمة وسيلة من بين الوسائل لتنزع بقايا "الفابرونيانيسم" وأيضاً وسيلة لمعارضة نظرية النسبية الشكلية المهيمنة في المجتمع في ذلك الحين. فكانت تتضمن الأقلية 47 أسقفاً المانياً وحوالي 40 أسقف فرنسي، و27 أميريكيّ، وقد كان خوف هؤلاء ان يروا الحفرة تتسع بين الكنيسة والمجتمع، او يعاد النظر في حق الأسقفية المقدس. فما كانت تحمل المعارضة على المبدأ فيما عدا الأسقف ماريت، "في المجمع العام والسلام الديني" أكثر ما كانت تحمل على فرصتها. كما وجد موقف ثالث يضم 16 كاردينالاً ( كاردينال بونشوز رئيس اساقفة روين، الأسقف لافيجيري رئيس أساقفة الجزائر000) وقد كانوا من المؤيدين للعصمة ولكن ضمن اطار حدود دقيقة جداً، حريصين ان يجدوا صيغة قادرة ان تجمع كل الآباء.
في 28- 29 كانون الثاني 1870 وجهت التماسات الى البابا وفيه سألت الأغلبية حوالي أكثر من 400 أب مجمعي ان تسجّل العصمة في جدول أعمال المجمع. بينما عارضت الأمر أقلية تضم حوالي 135 أب .
في الأول من آذار 1870 أعطى بيوس التاسع موافقته لكي يمضى الى تعريف العصمة. وقد كتب وفد الإيمان نصاً انطلاقاً من الفصل الحادي عشر من المخطط حول الكنيسة مركّزاً على الأولوية لرئاسة البابا، وقد أضافت تكملة أغلبها مستوحاة من المقترحات التي صاغها الأسقفان دزتشامبس ومانينج. وقد نوقش مخطط الإمتيازات الخاصة للحبر الروماني من 13 ايار الى 16 تموز 1870. وبعد يومين قد نال ذلك النص الموافقة خلال الجلسة العامة الأخيرة للمجمع، بحوالي 533 صوت موافق وصوتين غير موافق، بالإضافة الى أن حوالي 60 أسقفاً، منهم بطاركة الروم الملكيين والكلدان والسريان اضافة الى بضعة أساقفة شرقيين آخرين خُيّبوا برغبة فرض الليتنة على المسيحية الشرقية وقد فضّلوا ترك روما قبل التصويت لكي لا يضطروا لإبداء رأي سلبي حول الموضوع.
هكذا تكوّن الدستور الدوغماتي aeternus pastor ، والتي تذكر مقدمته تأسيس الكنيسة من قبل السيد المسيح والمكانة التي تحتلها صدارة (أولوية) البابا هناك. في معارضة febronians وبعض gallicans، يعلم الفصل الأول ان صدارة الأولوية القضائية (أولوية الحكم)، منحت بشكل مباشر وفوراً الى بطرس من قبل السيد المسيح، وليس من خلال الكنيسة. يبيّن الفصل الثاني بأن الصدارة (الأولوية) تستمر حتى نهاية الأزمنة، ويعرّف الفصل التالي طبيعة الصدارة، اي ادارة الأبرشيات من قبل الأساقفة كرعاة حقيقيين وانه من المستحيل ان يصلح مجمع مسكوني جملةً (حكما) بابوية. وأخيراً، الفصل الرابع يعرّف بان السلطة العليا للتعليم تتضمن ايضاً صدارة البابا مع بعض الشروط (المخطط المتبنى كان قد كتب من قبل فرانزيلن وكليوتجين). ينتج بكل وضوح ان العصمة البابوية هي شكل عمل لوكيل السيد المسيح في ممارسة الرسالة التي تقع على عاتقه بان يسهر على المصالح الروحية للمؤمنين المسيحيين، وليست له اي علاقة بالأمور الدنيوية المحضة. من جهة أخرى تزامن هذا الإقرار في الوقت عينه لخسارة السلطة الدنيوية للبابوات، بعد احتلال روما وضمّها الى تاج ايطاليا.
3- أجواء ما بعد المجمع
تمّ قبول عصمة عقيدة البابا بدون صعوبات، حتى من قبل اولئك الأساقفة الذين قد عارضوا الإعلان في المجمع. وقد انتمى المؤمنون فورياً الى ذلك الإعلان اذ قبلوا العقيدة الجديدة بحماس. بيد ان المقاومة المهمة الوحيدة والحقيقية كانت من قبل دولينجير ومجموعة اساتذة من بينهم شولت، استاذ الحق القانوني في جامعة برا. لقد اعتقدوا بان قرارات المجمع الفاتيكاني الأول قد خلق كنيسة أخرى. فمنذ آب 1870 راحوا يتجمّعون في نوريمبيرج مع hermesianists لكي ينظّموا المعارضة لدساتير المجمع.
ابرمت اتفاقية في أيلول 1871 في مونيتش تصدق على انشقاق "الكاثوليكيين القدماء". هذه الجماعة تعدّ فرقة صغيرة من علماء الدين والحق الكنسي وبعض العائلات من الطبقة العالية والمتوسطة في المانيا الجنوبية الذين كانوا يحلمون بكنيسة مفصولة عن روما ومحمية من الدولة. ومن سويسرا، حيث المعارضة العلمانية كانت نشيطة، تكونت ككنيسة كاثوليكية مسيحية. لقد دق اعلان عقيدة العصمة صوت النعي لحركة gallicanism ، لكن عدداً من الحكومات الأجنبية ظهرت عدائية لقرارات المجمع. استغلت النمسا ذلك لكي تشجب اتفاقية ال 1855 ( التي قد خالفتها دستورها من 1867 ).
منعت معظم الدول الألمانية تقريباً نشر أعمال المجمع، ممهدة بذلك الطريق لبداية مبادئ ال(كولتور كامبف). وشجعت أقاليم باسيل وجنيف الكاثوليك القدماء للغاية.


الخاتمة
في النهاية وبعد ان استعرضنا اهم الأمور التي تتعلق بعقيدة العصمة، ان كان من الناحية اللاهوتية والعقائدية او الأصداء التي نتجت عن هذه العقيدة، لا يمكننا القول سوى ان عقيدة العصمة امر ضروري للكنيسة ولوحدتها، لأنها تساعدها على ان تتماسك وتسير بإلهام وقوة الروح القدس وذلك من خلال العقائد الإيمانية التي تحميها من قوة الضلال والضياع المنتشرة في العالم وبالتالي فانها تعطيها القوة، أعني بها قوة الثبات للمؤمنين في ايمانهم ومعتقداتهم وفي مسيرتهم الخلاصية نحو الرب. لذلك فاني أعتقد انه بالرغم من بعض الأصداء الغير ايجابية التي رافقت صدور عقيدة العصمة الاّ انه بشكل عام كان لصدورها صداً صالحاً ان كان على الصعيد الكنسي بشكل عام وخاصةً على الصعيد العقائدي. وهذا يدعونا أكثر الى التعمق والتعرف على هذه العقيدة وأهميتها وضرورتها في الكنيسة، خاصةً فيما أعطته من ثمار ايجابية، كان لها فائدة كبيرة على جماعة المؤمنين الذين هم جسد المسيح السري في هذا العالم، والذي يشكل الخمير للعجين والملح للطعام. لذلك كان لا بدّ من ان تكون هناك عقائد ايمانية، ليسير على ضوئها المُستمدّ من الروح القدس في الكنيسة جماعة المؤمنين، حتى يكونوا نور المسيح في هذا العالم.

المراجع
1- المسيحية في عقائدها، سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليوم، عدد 18، نقله الى العربية المطران "كيريلس سليم بسترس"، منشورات المكتبة البولسية طبعة اولى 1998
2- Dictionnaire historique de la papauté, comite scientifique compose de Philippe Boutry, Olivier Guyotjeannin, Philippe levillain ... Ouvrage publie avec le concours du Centre national du livre et de la fondation Goodbooks, edition Fayard, p.866-871. ك: دستور عقائدي في الكنيسة
  رد مع اقتباس
قديم 17/04/2005   #2
شب و شيخ الشباب Abo rafik
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ Abo rafik
Abo rafik is offline
 
نورنا ب:
Sep 2004
المطرح:
uae-abo dhabi
مشاركات:
483

افتراضي سلام المسيح...


مشكور عالموضوع أخ رومانوس..
((لذلك فاني أعتقد انه بالرغم من بعض الأصداء الغير ايجابية التي رافقت صدور عقيدة العصمة الاّ انه بشكل عام كان لصدورها صداً صالحاً ان كان على الصعيد الكنسي بشكل عام وخاصةً على الصعيد العقائدي. وهذا يدعونا أكثر الى التعمق والتعرف على هذه العقيدة وأهميتها وضرورتها في الكنيسة، خاصةً فيما أعطته من ثمار ايجابية، ))

ممكن توضح هالنقطة أكترلوسمحت...
وشكرا" مرة تانية...

نحوك عيني ...فامنحني القوة .... واعطني الايمان...
  رد مع اقتباس
قديم 17/04/2005   #3
شب و شيخ الشباب رومانوس
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ رومانوس
رومانوس is offline
 
نورنا ب:
Jan 2005
مشاركات:
35

افتراضي


أولا حتى نكون اكادميين في طروحاتنا وموضوعيين فاننا نقول :
1- ان هذا البحث كان حجر صغيرا لسد فراغ وهوة شاسعة بين اشكالية عقّدت ان _ُسمح لنا ان نقول _علاقة الشرق بالغرب
2- ان اثبات عصمة البابا كعقيدة في الكنيسة الكاثوليكية ساهم بشكل كبير في تعميق الفجوة بين كنيسة الغرب وكنيسة الشرق ولا سيما قضية الاكونومية او قانون التدبير عند الشرقيين وهذا يعود حقيقة الى الاختلاف في اللاهوت والاداب النسكية والخبرات الروحية التي تباينت كما يبدو بين الشرق والغرب
3- كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكي يحدد مفهوم العقيدة بالشكل التالي( سلطة الكنبيسة التعليمية تستعمل ملء الاستعمال السلطة التي تقبلتها من المسيح، عندما تحدد عثائد ايمانية، أي عندما تعرض، على وجه يلزم الشعب المسيحي باعتناق ايماني مبرم لحقائق يحتويها الوحي الالهي، أو عنما تعرض بوجه نهائي لحقائق لها بتلك الحقائق علاقة جوهرية. تعليم الكنيسة الكاثوليكية، تعريب المطران يوحنا منصور واخرين ، البندرقم88. )) . انما يلفت النظر هو الكلام الاخير :أو عنما تعرض بوجه نهائي لحقائق لها بتلك الحقائق علاقة جوهرية. فهل العصمة تدخل تحت هذا البند هذا هو السؤال الكبير!!!؟؟
على كل حال فلن أقف هنا الان واعدك بالمزيد . لكن المشكلة ان مثل هذه الابحاث طويلة ولا أجد من اقبال عليها فالعالم اليوم أهمل القراءة فكيف سيجذبه مثل هذا الموضوع؟؟ أخيرا لا ألتمس التحيز الى كنيسة ما انما انا ابتغي الحقيقة متلازما مع شوبنهاور عندما يقول انني لا ابحث عن الراحة ولاعن سعادة تافهة لا! ان ما أطلبه هي الحقيقة الحقيقة مهما كانت مخيفة و مرعبة.

رومانوس
  رد مع اقتباس
قديم 18/04/2005   #4
post[field7] فرير فادي
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ فرير فادي
فرير فادي is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
لبنان
مشاركات:
13

إرسال خطاب AIM إلى فرير فادي
افتراضي


سؤال أخ رمانوس هل كلام بناء على وجهة نظرك أم حسب وجهة نظر كنيستك
على فكرة ملف مكتوب المكان بطركية الروم الكاثوليك
  رد مع اقتباس
قديم 18/04/2005   #5
شب و شيخ الشباب رومانوس
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ رومانوس
رومانوس is offline
 
نورنا ب:
Jan 2005
مشاركات:
35

افتراضي


قد كتبت في الرد الماضي انني لا ابتغي التحيز الى كنيسة والواقع انني وعدت باكمال ما كتبت حتى اقارب الشمول في كل وجهات النظر اللاهوتية وكما تعلم خير العلم بان ما تقدم هو انطباع الكنيسة الكاثوليكية فجاء البحث من هذه الوجه ولا أرى من مانع من عرض الوجهة الثانية أي الكنائس الارثوذكسية والبروتستنتية والانكليكانية .
  رد مع اقتباس
قديم 21/04/2005   #6
شب و شيخ الشباب Abo rafik
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ Abo rafik
Abo rafik is offline
 
نورنا ب:
Sep 2004
المطرح:
uae-abo dhabi
مشاركات:
483

افتراضي


ان اثبات عصمة البابا كعقيدة في الكنيسة الكاثوليكية ساهم بشكل كبير في تعميق الفجوة بين كنيسة الغرب وكنيسة الشرق ولا سيما قضية الاكونومية او قانون التدبير عند الشرقيين وهذا يعود حقيقة الى الاختلاف في اللاهوت والاداب النسكية والخبرات الروحية التي تباينت كما يبدو بين الشرق والغرب



بس الاختلاف بالفكر بين الشرقوالغرب (وبحسب قرائتي للتاريخ )ما صار لبعد ما انطرحت قضية العصمة....

ولساتني ناطر جوابك لأنو حابب أعرف أكتر ع هالنقطة....

وشكرا"
  رد مع اقتباس
قديم 05/05/2005   #7
شب و شيخ الشباب Abo rafik
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ Abo rafik
Abo rafik is offline
 
نورنا ب:
Sep 2004
المطرح:
uae-abo dhabi
مشاركات:
483

افتراضي مرحبا..


مرحبا اخ رومانوس...كنت متوقع لاقي رد بعد هالغيبة....

ياريت تخبرني اذا رح ترد أو لا (منشان اعتمد ع حالي...وحاول لاقيلي شي كتاب أو مقالة بتحكي عن هالموضوع)

سلام.
  رد مع اقتباس
قديم 09/06/2005   #8
شب و شيخ الشباب رومانوس
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ رومانوس
رومانوس is offline
 
نورنا ب:
Jan 2005
مشاركات:
35

افتراضي


الاخ ابو رفيق اعتذر عن انقطاعي الطويل لكن ذلك كان لظروف خاصة
بالنسبة لموضوع اللاهوت الشرقي والغربي :
1- ان هين اللاهونين وان اتفقا على النقاط الاساسية لكن تبقى الخلافات قائمة وواضحة
2- بدراستك للاهوت سيظهر لك مدى عمق الشرقيين وتفتحهم خاصة بالمسائل الاخلاقية
3- الاختلاف ليس فقط على مستوى العقيدة بل على مستو الممارسات الدينية العمق الليتورجي الخبرات النسكية و التدبي
اقترح عليك اخي ابو رفيق ان تقرا في سلسلة المطران سليم بسترس اللاهوت المسيحي والانسان المعاصر
وفي موضوع البابا كتاب المطران غريغوار حداد الباب ولبنان
ارجو لك التوفيق في بحثك سلام خاص لكل الحماصنة وخاصة لجماعة الاخوية
  رد مع اقتباس
قديم 14/06/2005   #9
شب و شيخ الشباب Abo rafik
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ Abo rafik
Abo rafik is offline
 
نورنا ب:
Sep 2004
المطرح:
uae-abo dhabi
مشاركات:
483

افتراضي شكرا" ..


شكرا" أخ رومانوس ....وانشالله أقدر لاقي هالكتب...
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 11:47 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.07784 seconds with 13 queries