أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > حوار الاديان

 
 
أدوات الموضوع
قديم 07/12/2003   #1
fr.samir
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ fr.samir
fr.samir is offline
 
نورنا ب:
Nov 2003
المطرح:
استراليا
مشاركات:
62

إرسال خطاب MSN إلى fr.samir
افتراضي مكانـة السيـد المسيـح وأمـه مريـم عليها السـلام


د. خلف الجراد :عضو باتحاد الكتاب العرب
يفرد القرآن الكريم للسيد المسيح وأمه مريم مكانة قدسية رفيعة لا تضاهى. وقد حفلت عشرات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بأعلى درجات التقدير والإجلال والاحترام لهذين الاسمين العظيمين. بل يمكن القول بجزم أنه ليس في القرآن صورة تعادل في روعتها وجماليتها صورة السيد المسيح وأمه مريم. فالقرآن يصفهما من بين خلف الله أجمعين بأنهما "آية" حيث يقول: "وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين" (المؤمنون: 50). ويقول في موضع آخر: "والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين" (الأنبياء:91).
أي أن الله جعلهما حجة وبينة لا تدحض على قدرته اللامحدودة، وآية المسيح أنه خلق من غير ذكر وآية مريم أنها حملت من غير فحل. وفي تفسير آخر "جعلنا ابن مريم آية" لما ظهر فيه عليه السلام من خوارق كتكلمه في المهد بما تكلم صغيراً، وإحيائه الموتى وإبرائه الأكمة والأبرص وغير ذلك كبيراً. "وجعلنا أمه آية" بأن ولدت من غير مسيس، وقال الحسن: إنها عليها السلام تكلمت في صغرها أيضاً، ولم تلتثم ثدياً قط.
والتعبير عن عيسى عليه السلام بابن مريم وعن مريم بأمه للإيذان من أول الأمر بحيثية كونهما "آية"، فإن نسبته عليه السلام إليها مع أن النسب إلى الآباء دالة على أن لا أب له، أي جعلنا ابن مريم وحده من غير أن يكون له أب وأمه التي ولدته خاصة من غير مشاركة الأب آية، وكونها آية لما تميزت به من الإحصان والنفخ. وهناك إجماع في التفاسير القرآنية على معنى "وجعلناها وابنها آية للعالمين"، أي بينة قاطعة على أن الله على كل شيء قدير وإنه يخلق ما يشاء وإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.
إن ما تقدم من إشارات يظهر علو المنزلة السامية الرفيعة للسيد المسيح وأمه مريم، اللذين وصفهما الخالق بأنهما "آية للعالمين" فما هي قصتهما في القرآن الكريم وتفاسيره، ومن أين استمدا هذه المكانة العظيمة، وكيف نظر القرآن لموقفهما ومواقف الآخرين منهما، ولماذا جاء التركيز القرآني على سيرتهما المقدسة بهذه الصورة الواسعة المتفردة؟!.
تلك الأسئلة المنطقية والموضوعية تقتضي التفصيل والإسهاب في سيرة السيد المسيح وأمه مريم عليهما السلام كما وردت في القرآن الكريم وفي كتب التفسير الإسلامية المختلفة، وحينئذ يتضح لنا لماذا ينظر المسلمون إلى السيد المسيح وأمه مريم عليهما السلام هذه النظرة التقديسية الخاصة المتميزة، حيث يعبرون عن تقديرهم الكبير وتعظيمهم واحترامهم العالي لاسمي "عيسى" و "مريم" مثل تقديرهم وتعظيمهم واحترامهم لاسم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وذلك بتوجيه القرآن نفسه.
أولاً- سيرة السيد المسيح ومنزلته الرفيعة في القرآن الكريم:
قدم القرآن سيرة وصفية واسعة ومفصلة لولادة السيد المسيح الخارقة، وحياته ومعجزاته، ورسالته العقائدية، وموقف بني إسرائيل من دعوته. وجاءت هذه السيرة في ست عشرة سورة من سور القرآن البالغة مائة وأربع عشرة سورة.
ويتكرر الوصف القرآني الشامل للسيد المسيح باسم وتعريف مركب لا يطلقه على أحد من الرسل والأنبياء والناس أجمعين، كقوله: "إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه…." (النساء:171). فهو هنا: المسيح، عيسى، ابن مريم، كلمة الله، روح الله.
فالمسيح باللغة العربية هو "الصديق" وبه سمي عيسى عليه السلام لصدقه، وقيل: سمي بذلك لأنه كان يمسح بيده على العليل والأكمة والأبرص فيبرئه، وهو في التوراة مشيحا، فعرب وغير – كما يقول الأزهري – الذي أنشد: "إذا المسيح يقتل المسيحا" يعني عيسى بن مريم يقتل الدجال بنيزكه، وقال شمر: عيسى المسيح لأنه مسح بالبركة.
وروي عن ابن العباس: انه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إلا برأ، وقيل: سمي مسيحاً لأنه خرج من بطن أمه ممسوحاً بالدهن. ورغم تعدد الآراء والاجتهادات في معنى "المسيح"، إلا أن أغلب المفسرين المسلمين أجمعوا على أنه سمي بالمسيح لأنه مسح بالتطهير من الذنوب وقيل لأنه مسح بالبركة واليمن عن الحسن وقتادة وسعيد، وقيل لأنه مسح بالتطهير من الذنوب وقيل لأنه مسح بدهن زيت بورك فيه وكانت الأنبياء تمسح به عن الجبائي، وقيل لأنه مسحه جبرائيل بجناحه وقت ولادته ليكون عوذة من الشيطان، وقيل لأنه كان يمسح رأس اليتامى لله، وقيل لأنه كان يمسح عين الأعمى فيبصر عن الكلبي، وقيل لأنه كان لا يمسح ذا عاهة بيده إلا برىء عن ابن عباس في رواية عطا والضحاك، وقال أبو عبيدة هو بالسريانية مشيحاً فعربته العرب.
لكن العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب "الميزان في تفسير القرآن" يضيف إلى الأقوال المتقدمة أن وصف "المسيح" كان واقعاً ضمن البشارة التي بشر بها جبرائيل مريم عليها السلام على ما يحكيه تعالى بقوله (في القرآن): "إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم" (آل عمران:45)، وهذا اللفظ بعينه معرب "مشيحا" الواقع في كتب العهدين.
والذي يستفاد منها أن بني إسرائيل كان من دأبهم أن الملك منهم تمسحه الكهنة بالدهن المقدس ليبارك له في ملكه فكان يسمى "مشيحا" فمعناه: إما الملك وإما المبارك. ومما يؤيد هذا الرأي القائل بأنه سمي مشيحا من جهة كون بشارته متضمناً لملكه، وأنه سيظهر في بني إسرائيل ملكاً عليهم مخلصاً لهم كما يلوح ذلك من انجيل "لوقا" في بشارة مريم: "وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع هذا سيكون عظيماً وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية" (إنجيل لوقا1:31-33).
أما اليهود فيتعللون عن قبول نبوته بأن البشارة المشتملة على الملك لا تنطبق على عيسى عليه السلام لأنه لم ينل الملك أيام دعوته وفي حياته، في حين أن المراد بملكه الملك المعنوي دون الصوري. وليس من البعيد أن تسميته بالمسيح في البشارة بمعنى كونه مباركاً فإن التدهين عندهم إنما كان للتبريك. ويحتج أصحاب هذا الرأي بقول المسيح عليه السلام (كما جاء في القرآن): "وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حياً"(مريم:31)
ويتقارب هذا التفسير الإسلامي إلى درجة كبيرة مع ما أجمع عليه علماء اللاهوت المسيحيون والمختصون في دراسات الكتاب المقدس، من حيث أن معنى المسيح جاء من صب الزيت أو الدهن على الشيء لتكريسه لخدمته تعالى. وأول ما ذكر ذلك كان عندما أقام يعقوب الحجر الذي قد وضعه تحت رأسه عموداً ومسحه للرب(تك 18:28و 13:31 ). وأوصت الشريعة الموسوية بمسح أشخاص وأماكن وآنية وأمرت أن يركب لذلك دهن مقدس(خروج 23:30 – 25) من أفخر الأطياب تمسح به خيمة الاجتماع وتابوت الشهادة وبقية أواني المقدس ولم يجز استعماله إلا لهذه الغاية المقدسة، وكان العبرانيون يدهنون رؤوسهم بالأدهان العطرة أيام الأعياد والفرح فلذلك صار التدهن علامة الفرح، وتركه علامة الحزن. وكانوا يمسحون الكهنة والأنبياء (1 أخبار 22:16)
والملوك (2 صموئيل 10:19) .
وقد مسح الملوك على انفراد أحياناً (1 صموئيل 1:10)، وأحياناً في محفل حافل (الملوك الأول، الإصحاح الأول: 32-34)، وأخرى في الهيكل (2 مل 11:11 – 12)، ومسح داود ثلاث مرات (1 صموئيل 13:16)، و (2 صموئيل 4:2)،
و(2 صموئيل 5:3).
وكان القدماء يدهنون رأس الضيف ورجليه (لوقا 7: 38 و46). ومن ذلك أن مريم دهنت قدمي يسوع بالطيب (يوحنا 12: 3). وكانوا يدهنون أجساد المرضى بالزيت لشفاء أمراضهم (مر 6: 13). وكانوا يدهنون أجساد الموتى ( مر 14: 8 و 16: 1) ويراد بالمسح تكريس المؤمن لخدمة الرب. ويشار إلى المسيح بالآيات الآتية: "مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أفضل من رفقائك" (مزمور 45: 7) و "الرب مسحني لأبشر المساكين" (اشعياء 61: 1). أي أن الله كرس نفس المسيح لخدمته وتبشير الناس بالإيمان والخلاص.
ومن الجدير بالذكر أن العبرانيين كانوا ينتظرون مجيء المسيح من جيل إلى جيل. وتجدد الوعد به لإبراهيم وليعقوب ولبلعام ولموسى ولناثان (التكوين، التثنية، صموئيل الثاني). وتكرر الوعد به في المزامير والأنبياء. ولاسيما "أشعياء" إلى أن أتى يوحنا المعمدان يبشر بقدومه. وقد أعلنت في "العهد القديم" أسماء بعض أسلاف المسيح ( تك 49: 10 وأشعيا 11 :1)، ومسقط رأسه، ووقت ظهوره. فقد جاء في سفر التكوين على سبيل المثال: " وإبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع أمم الأرض" (تكوين 18:18)، وجاء في السفر ذاته: "فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك. وتكون بركة وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تكوين 12: 2-3).
ومثل ذلك ما جاء في القرآن: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين" (النحل: 120-122).
وقد وعد الله أن يأتي المسيح عليه السلام من نسل اسحق، ومن نسل يعقوب، وأنه سيكون من سبط يهوذا وذرية الأنبياء: "يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم، إبراهيم ولد اسحق واسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد يهوذا وإخوته (إلى نهاية السلسلة .. "/متى، الإصحاح الأول، وإنجيل لوقا الإصحاح الثالث: 23-28). وأنه (المسيح عليه السلام) سيكون وارثاً لعرش داود: "..أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك وأثبت مملكته هو يبني بيتاً لاسمي وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد" (2 صموئيل 7: 12-13). ويتكرر ذلك الوعد الإلهي في موضع آخر: "لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابناًُ وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام لنمو رياسته وللسلام لانهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد …" (أشعيا 9: 6-7).
أما اليهود فزعموا أن المسيح يجب أن يكون ملكاً زمنياً يخلصهم من ظالميهم ويرقيهم إلى أعلى درجات المجد والرفاهية حسب تفسيرهم الحرفي للنبوات. فلما ظهر المسيح أنكروه وكذبوه فعثروا فسقطوا في ضلال مبين.
وها هو القرآن يصرح ببلاغته المعهودة ووضوح منطقه عن المسيح عليه السلام: "ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لاتهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون" (البقرة:87). وإذا كان الله "… اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض…" (آل عمران: 33-34)، فإنه اصطفى من هذه الذرية مريم عليها السلام ليبشرها "..بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين … ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم .. ومصدقاً لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون" (آل عمران: 45-50). لكن عيسى عليه السلام " .. أحس.. منهم الكفر.." (آل عمران: 52)، كعادتهم تجاه الرسل الأنبياء، حيث دأبوا إما على تكذيبهم، أو اللجوء إلى قتلهم "..ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون" (البقرة:87). فرغم أن الله سبحانه وتعالى أرسل موسى إلى بني إسرائيل بكتاب من لدنه (التوراة): "ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون" (البقرة:92)،
"..وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم بالبينات وأيدناه بروح القدس" (البقرة"87)، إلا أن اليهود أصروا دائما على مناهضة هؤلاء الأنبياء بوسائل شتى بدءاً من التكذيب وانتهاء بالقتل.
ونظراً لوقف اليهود من الرسل والأنبياء، وطلبهم البينات والدلائل والمعجزات الصريحة ليثبتوا (وفق زعمهم) من صدق نبواتهم..الخ، قال الله سبحانه وتعالى: "وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس.." (البقرة:87)، أي أعطيناه عليه السلام المعجزات والدلالات على نبوته من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ونحو ذلك من الآيات الدالة دلالة لا لبس فيها على صدقه وصحة نبوته. وقال بعض المفسرين أراد بالبينات الإنجيل وما فيه من الأحكام والآيات الفاصلة بين الحلال والحرام.
أما قوله تعالى (عن المسيح عليه السلام): " وأيدناه بروح القدس…." فالمقصود بذلك: قويناه وأعناه بجبريل وفق روايات قتادة والسدي والضحاك والربيع. وفي تفسير ابن زيد المراد بروح القدس الإنجيل، كما سمى الله تعالى القرآن روحاً، فقال: "وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا"، فكذلك سمي الإنجيل روحاً. وقال الربيع هو الروح الإلهي الذي نفخ فيه. وقال بعض المفسرين إن عيسى عليه السلام خص من بني الأنبياء بتأييد "الروح القدس"، أي بتأييد جبرائيل الدائم والثابت والملازم له حيث اختص به من صغره إلى كبره فكان يسير معه حيث سار… حتى صعد به إلى السماء.
وكان (جبرائيل) قد تمثل لمريم عند حملها بالمسيح، وبشرها به. و"القدس" (بضم الدال على غالب القراءات أو بتسكينها في قراءة واحدة) قيل هو الطهر وقيل هو البركة عن السدي. وحكى قطرب أنهم يقولون "قدس عليه الأنبياء" أي بركوا، وقيل القدس هو الله تعالى عن الحسن والربيع وابن زيد. وقالوا القدوس والقدس واحد. ورغم تلك البينات والمعجزات التي لا تدحض، ورغم التأييد الإلهي للمسيح عليه السلام كذبه اليهود وتجبروا عليه واستكبروا، لأن هذا هو ديدنهم مع الأنبياء كلهم: "أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون" (البقرة:87). فشأن بني إسرائيل من اليهود أن يقولوا: "سمعنا وعصينا" (البقرة:93)، "وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون" (البقرة:88). فالمسيح عيسى بن مريم عند الله "…وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين" (آل عمران:45). وذلك ذروة التبجيل والتقدير والحميمية. حيث أن الوجيه (لغة) هو صاحب الجاه والخطوة، والشرف، والقدر، وقيل الكريم على من يسأله فلا يرد لكرم وجهه. ووجاهة السيد المسيح في الدنيا (بحسب عدد من المفسرين) تتمثل بالنبوة والتقدم على الناس، بل في "تفضيله على العالمين" وأمه مريم، ووجاهته في الآخرة بقبول شفاعته وعلو مقامه وقربه من الله، وإذ أنه (أي المسيح) كلمة الله، روح منه، وآيته.. وغير ذلك من الأوصاف المميزة التي أطلقها القرآن الكريم على المسيح عليه السلام. وقيل: وجاهته في الدنيا بقبول دعائه بإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، وقيل بسبب أنه كان مبرئا من العيوب التي افتراها اليهود عليه.
إننا نعتقد أن القرآن لم يصف أحداً بكونه "من المقربين" باستثناء السيد المسيح عليه السلام, وهي منزلة عظيمة لا تحتاج إلى شرح أو تحليل أو تأويل. وقد تكون أفضل خاتمة لحديثنا هذا عن مكانة السيد المسيح عند المسلمين وفي الفكر الإسلامي، هي ما أورده القرآن الكريم على لسانه، ملخصاً قصته الاعجازية ورسالته السماوية العظيمة، التي تتمثل في أن الله آتاه الكتاب والحكمة والنبوة "وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حياً، وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً، ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون" (مريم:30-34).
 
 



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 11:13 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.03226 seconds with 12 queries