أنا نوفل

[القيصر 76]

الجمهورية الحريرية ( اللبنانية سابقاً )


نبارك لأبناء الوطن النهائي الجمهورية الحريرية ( لبنان سابقاً ) جمهوريتهم الجديدة التي يدفعون أثمان ما يقبضونه لإحيائها من جيوبهم وجيوب أبنائهم وأبشرهم بوصول الدين العام في جمهوريتهم العتيدة إلى حدود خيالية ستتسبب ببيعه بالمزاد العلني الدولي في المستقبل القريب إن شاء البطرك عز وجل .

فهؤلاء النخبة من الشعوب الشرق أوسطية ،أحفاد طائر الفينيك ،وأصحاب الرسالة ،الذين تكسبوا طيلة الحرب الأهلية – التي يحبون الاحتيال على أنفسهم ويسمونها حرب الآخرين على أرض لبنان – من أجورسفك دماء أبناء جلدتهم من اللبنانيين سابقاً والحريريين لاحقاً ،يحلوا ويطيب لهم حالياً التكسب من انفتاح صنابير خزائن الحريري التي تكدست أموالها من جيوبهم ،ويحسبون أنهم بشطارتهم المعهودة وبالمقولات التي يحلوا لهم أن يطلقوها على أنفسهم في هذا السياق مثل ( اللبناني بيدبح بالقطنة من كتر منو شاتير ) يحسبون أنهم يصنعون دورة التكسب ورأس المال بميراث إمكانيات امبراطورية الحريري المالية .

ويغيّب هؤلاء المغيبون عن الواقع عن أذهانهم أن هذا المال مسروق أصلاً من لبنان ومن اللبنانيين والأجدر أن ينتهزوا الفرصة حالياً بأن يفعلوا ما يمكن لتخصيص هذا المال للوفاء بخدمة الدين المترتب على أبنائهم وأحفادهم وإلا فسيحصل مالا تحمد عقباه في المستقبل القريب ، فمؤسسة الحريري الضخمة التي صادرت مستقبل لبنان وللمفارقة أطلقته اسماً على مؤسسته الإعلامية الخاصة ،تجعل من هذا الواقع إسقاطاً لفظياً وربما قدرياً بأن المستقبل في لبنان مخصص لآل الحريري فقط .

فهذه المؤسسة التي تمددت أذرعها اخطبوطياً لتطال كل مؤسسة إعلامية مرئية أو مقروءة أو مسموعة في لبنان تشكل العمود الفقري والسلاح الحيوي والاستراتيجي لمرحلة الحريري وطموحاته ومخططاته ،فقد استطاعت أن تستأجر معظم الصحف اللبنانية منها من كان صاحب الخط الوطني ( المعتاد خلال ترؤس الحريري للحكومات طيلة 14 سنة ) والتي كانت تفرد الصفحات تلو الصفحات لفضح صفقاته المالية والسياسية ،بل وكانت المنبر السياسي لكل من يريد الخوض في هذا المجال ،تحولت هذه الصحف للإشادة بالفقيد الكبير وبعصاميته وإنسانيته وخطه الوطني الفاقع ،وكادت هذه الصحف أو تكاد تشككنا بما قرأناه فيها عن الفقيد سابقاً بأنها كانت تقصد شخصاً آخر وخاصة عندما خصصت إحدى المجلات التي تخصصت بهذا الدور بعيد حادث اغتيال فقيد لبنان صفحة بداية برسم كاريكاتوري يظهر الحريري ملاكاً بأجنحة بيضاء يطل على اللبنانيين من علياء السماء ويخاطبهم ناصحاً ،ولعل أصدق ما في هذا الكاريكاتير إظهار الحريري ملاكاً في السماء .

وثمة صحف أخرى كان الفقيد مساهماً مالياً أساسياً بها كانت تلعب دور المعارض السياسي الحر بينما في واقع الأمر لم يكن الموضوع – كما تبين لاحقاً – أنه لا يعدو عن كونه لعبة توزيع أدوار بين الحريري الشهيد وأصحاب هذه الصحف .

أما الأقنية الفضائية فحدث ولا حرج فهذه قناة دورها الرئيس كان في مناقشة أمور المسيحيين
مع النسبية في تمايز بعض الطوائف المسيحية من حصصهم في العناية والرعاية ،تفاجئنا هذه القناة بعرض لمدة 48 ساعة لتلاوة من القرآن بصوت عبد الباسط عبد الصمد ،وحالفني الحظ لأشهد حاضراً لحظة الانتقال من تلاوة القرآن لعرض البرامج المعتادة حيث أنهيت التلاوة بصدق الله العظيم وبخروج مذيعة الربط الدلوعة الغنوجة وهي ترتدي السواريه الصباحي المكشوف لتبشر المشاهدين قائلة : والآن مع فيلم عربي من بطولة إلهام شاهين وفاروق الفيشاوي ،وبالمناسبة الفيلم من النوع التيرسو وليس فيلماً دينياً أو تاريخياً كما قد يحلو للبعض أن يبرر .
الأمر يدفعك للاستنتاج فوراً وبدون أدنى شك أنك كنت تشاهد إعلاناً تجارياً مستمراً لمدة 48 ساعة ولكن بعنوان تلاوة قرآن ،ولكم أن تتخيلوا القيمة المالية المدفوعة لمثل هذه الإعلانات .

الأمر أيضاً يدفعنا للتشكيك بمظاهر الحزن والانبحات التي صورتها أو تداولتها وسائل الإعلام اللبنانية ،فمن عجوز دردبيس متخصصة بالردح في المآتم ( ندابة بالمصري ) تصرخ : هيدا أبو الفئير ...هيدا أبو اليطيم ... هيدا أبو العيل المصطورة ...ولك عطوني صورة لألو وولييييييييي ، ولو سألتها ماسم الفقيد لقالت لك صائب بيك سلام مثلاُ ،وتلك فتاة في مقتبل العمر لم تبلغ العشرين تنبحت ( فعل بحت ينبحت أي انسكب للسائل وتوزع للجماد ) على الأرض قائلة : ولك أوم يا رفيئ ألن مين أتلك ، وكأنها زوجته التي تزوجها زواجاً عرفياً وخبأ قسيمة الزواج عند السنيورة ، وذاك طفل يعصور دمعته فتنسل بدلاً منها مخطته وهو يقول : انا بحبو ...،وينظر وراء الكاميرا لشخص ما يلوح له بمكافأة المخطة .

إن آل الحريري وعلى رأسهم خطيب الأمة صاحب عبارة أيها القوم ، والشقيقة الشاقة شر البهية ما يضحك ،وذاك الذي يتوعد إله الكون بالانتقام لمقتل أبيه ويظهر على التلفزيون بشكل مراهق غير متوازن وكأنه يصور تيتر فيلم أمير الانتقام ،هؤلاء جميعاً يفرغون ما جمعه الحريري سابقاً من ريع الصفقات وبيع لبنان على تجييش الإعلام والبشر فقط ليعزوا أنفسهم بهذه المصيبة التي لن تقوم لأمة العرب والمسلمين قائمة بعدها ،وهكذا فالحريري يستمر وحتى هذه اللحظة بسرقة جيوب اللبنانيين وسرقة أبنائهم الذين ولدوا والذين لم يولدوا بعد وربما أحفاد أحفادهم والشعب اللبناني المسكين وقد بلغ به ضيق ذات اليد أن يقبل بالقليل وبما يحصل عليه من فتات آل الحريري لعله يمول يومه أو نصف يومه من مصدر سهل للمال .

الجميل جداً بالموضوع أن وطناً مثل لبنان بعدما رفض أبناؤه وأمراء حربه فكرة خدمة العلم التي يفترض بأن تكون أهم وسائل صهر المجتمع الطائفي لتخرجه لاحقاً من بوتقة الجيش مواطناً لبنانياً دينه كذا وطائفته كذا ،على العكس من واقعه الحالي الذي يقول طائفتي وديني وبلدي ،تعلم أبناؤه وللمرة الأولى مفردات النشيد الوطني فيه ،وحمل من الأعلام بما يمول تزويد لبنان بالمشتقات النفطية لزوم توليد الطاقة لمدة تزيد عن شهر ،ودفعت فيه رواتب يومية لمتظاهرين ومعتصمين ناهيك عن أثمان وجبات غذائية ومشروبات لزوم البسط والفرفشة بجوار ضريح فقيد أمة الفينيك ،وربما أجور علاج من الأمراض السارية والمنتقلة بعدوى الاختلاط في المستقبل ما يمول خدمات مؤسسات كاملة فيه هي أحوج ما تكون لتسير أمور البلد .

وعلى ما يبدو فإن آل الحريري مستمرين في معركتهم لكسب رهان شراء المجتمع والمؤسسات اللبنانية بكاملها إلى آخر الشوط تنفيذاً لوصية الفقيد ،فالحال يبشر بسقوط الحكومة مجدداً ،وبجلب حكومة موالية لدولة الحريري ،يعقبها شراء ذمم نواب من مختلف الطوائف فالمال السياسي لا يعترف بالدين ويليها مباشرة رئيساً إمعة يستمر في تنفيذ تطلعات آل الحريري وبذلك تتحقق أحلام الفقيد وتعلن الجمهورية الحريرية وينسب الشعب اللبناني إلى زعيمه القادم وربما تعلن المملكة العربية الحريرية .

ويبدو أن بعض المرجعيات الدينية والسياسية قد بدأ الملل والحنق بالتسرب إلى نفوسهم وبدأوا يغمزون من طرف الكارثة الاقتصادية والسياسية التي قد تلحق بلبنان نتيجة تعطيل شؤونه ولاحقاً وبعيداً عن التذرع بدور سورية وما نسببه سورية من أذى للبنان ، وبعد التخلص من الرئيس كرامي الذي تسبب بأربعة أشهر فقط بتراكم ديون تصل إلى أربعين مليار دولار وبتفشي الفساد وانفلات الحالة الأمنية في البلاد بسببه لن يبقى للبنانيين سوى مواجهة الواقع المرير .

[عاشق من فلسطين]

مشكور كتير على الموضوع أخ قيصر بس .. ممكن نعرف من وين أخدو .. يعني لما تنزل موضوع كتبلنا المصدر ..
ومشكور مرة تانية ..