![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#271 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 24 تشرين الثاني " تخطي الذات " ، و هذا يعني أن أخرج من الأطر التي حسبت نفسي فيها لزمن طويل ، أن أحلم أحلاماً جديدة كانت تبدو في الماضي غير ممكنة ، و أن أطمح إلى ما كان خارج نطاق طموحي . و أن أحاول تحقيق ما لم أجرؤ يوماً على التفكير في القيام به ، و ألا يَثنيني بعد اليوم عن المجاذفة خوفي من الفشل . و هذا يعني أيضاً أن أستكشف أماكن كانت من قبل خارج نطاق تفكيري و عملي . و هذا يصح بنوع خاص في بداية الطريق ، ذلك أن تخطي الذات يتطلب مني أن أفكر بطموح و أعمل بشجاعة . عندما أحاول أن أتخطى ذاتي و أخرج من المألوف في حياتي ، لا بد و أن يبدأ الطفل فيّ محاولات إقناعي بالتراجع ، فيروح يصور لي كل الأمور السيئة التي يمكن أن تُتيح عن هذه المجاذفة ، و كأن العالم كله سيتساقط على رأسي . و لكن إذا ما تخيلت بما يكفي من الطموح و الشجاعة ، سيتراجع الطفل فيّ و العالم لن يتساقط على رأسي . و سيشع نطاق تفكيري و أشعر بالكثير من الارتياح من جراء الجديد الذي تمكنت من تحقيقه . و هنالك قدرات جديدة ستظهر ما كنت أحلم بوجودها فيَّ . هل تذكر يوماً تمكنت فيه من القيام بعمل جديد لوحدك للمرة الأولى ؟ و كيف أن نفحة من الثقة بالنفس أفعمت نفسك ؟ هذا ما يحدث عندما نجرؤ على تخطي النفس و تحقيق نجاح جديد . |
||||
![]() |
![]() |
#272 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 25 تشرين الثاني قد تقول في نفسك : " ماذا عن تلك الأيام التي تبدو و كأن لا شيء فيها يسير كما يرام ؟ . كلنا يمر بفترات نشعر فيها بما يشبه الاتقطاع في عملية التواصل . و لكن هذا لا يعني أن الحال ستستمر هكذا إلى ما لا نهاية . و ليس هذا ما علمتنا إياه الخبرة في الحياة . هذه الفترات ليست سوى أزمات عابرة قد تسبب فيها تراكم في المتاعب تجعل الإنسان ينشغل في ذاته إلى حد يصعب فيه الانفتاح و تتعثر لديه عملية التواصل . و عندما نكون في أزمة ، قد يصعب علينا التواصل بفعالية . فلا نحن نتكلم كما اعتدنا أن نتكلم و لا نحن نعرف كيف نصغي ، فنشعر بشيء من المرارة و قد انتابنا الإحباط . نروح نشتكي من أننا دائماً في تراجع و أنه لا نفع من أية محاولة ... لقد أعدت الكرة مراراً من دون جدوى ، فسئمتُ الحياة و أنا على وشك الاستقالة من كل شيء . يجب أن أعي أن لموقفي من الأزمات تأثيره العميق في ما تؤول تلك الأزمات إليه . فإذا ما قررت أنه يجب ألا تحدث أزمات في عملية التواصل ، انتقلت من مفاجأة مؤلمة إلى مفاجأة أشد إيلاماً . و إذا ما بنيت لي عالماً رومنطقياً يفتقر إلى الواقعية ، لا بد و أن أجد نفسي أمام صدمات مع الواقع متتالية تدفع بي نحو شيء من العبثية ، فكأن كل أزمة إنما هي نهاية كل شيء . |
||||
![]() |
![]() |
#273 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 26 تشرين الثاني ![]() لقد علمتني خبرتي أهمية تلك الفسحات من الوقت التي ترتدي طابعاً حاصاً ، و حدث ذلك في السنوات الأخيرة من حياة والدتي ، إذ كنت أزورها مرة في الأسبوع و كانت طريحة الفراش . كنت أجلس إلى جانب سريرها ، و نحن في البيت لوحدنا و ما من مجال للتنقل أو من أمر يحول انتباه أحدنا عن الآخر . كنت أبدأ عادة بالكلام عن أمور تجول في نفسي كصعوبات أختبرها في طبعي ، كانتقالي السريع مثلاً من حالة نفسية إلى حالة أخرى ، أو شعوري بالخوف من الموت ، إلى ما هنالك ، و كانت والدتي تُحسن الإصغاء ... و كلنا يعرف أن في االنفتاح الصادق بعض عدوى ، فتأخذ والدتي تحدثني عما يجول في نفسها و عما تشعر به ، و كيف أنها ما كانت تخشى الموت ، بل تُرعبها فكرة الألم . إن المخاطرة في الانفتاح أكثر حكمة من أن نتخفى وراء الأقنعة و الحواجز ، و نعيش آلاماً تتردد أصداؤها في سلوكنا لأننا نأبى أن نُفصح عنها في كلامنا . و إذا أردنا أن نحبّ الآخرين حقاً ، علينا أن نتذكر أن المشاكل التي نكتبها ، أو نحاول أن تُسكت فينا ، إنما تشكل عوائق كبرى لمثل هذا الحب . إنها كآلام الأسنان فينا ، تُبقينا منغلقين على ذواتنا ، و تحول دون تحررنا لنعيش ذواتنا فنتمكن من الانطلاق نحو الآخرين . |
||||
![]() |
![]() |
#274 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 27 تشرين الثاني ![]() إن لمسة خفيفة تعبر أحياناً عن عاطفة دفينة تعجز كلمات كثيرة عن الإعراب عنها . و كلنا يعرف أهمية حمل الطفل و شعوره بدفء جسد أبيه و أمه - و من الأطفال من يمرض و يموت إذا ما حُرم تماماً بعد ولادته من الشعور بهذا الدفء . و هذا الحرمان قد يتسبب أيضاً بالكثير من الحساسيات و بعض المشاكل عند الطفل في النطق و التعلم . و اللمس يبقى من أولى سبل التواصل و أقواها ، عند الطفل كما عند الإنسان البالغ . من الأمور المسلم بها في علم النفس الحديث أنه بين " اللمس " و الإحساس بالاطمئنان و الثقة علاقة وثيقة . عندما تضم الأم طفلها إلى صدرها أو عندما يحتضنه والده ، ما من شك أنه يحس بأنه مقبول و يشعر بأنه في هذه الدنيا في أمان . هناك من يسبب لهم اللمس شيئاً من الارتباك . فهم ينظرون إليه و كأنه استباحة لمداهم الخاص . فمن المرجح أنهم ما تعودوا في العائلة ، حيث نشأوا ، أن يعبروا بهذه الطريقة . و يرتبط هذا النوع من التعبير في أذهان بعضهم بأبعاد جنسية . ذلك أنه مجتمعنا أصبح مهووساً بالجنس ، و من المهم أن يحصل تمييز في هذا الأمر و ألا يلحق بتعبير من هذا النوع شيء من الشك و التسلية . |
||||
![]() |
![]() |
#275 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 28 تشرين الثاني ما سوف أعرضه ليس قسماً من الحوار ، بل يحتوي على حكم و قرار ، و فيه شيء من السحر ينتشل الحوار من الانهيار و يحييه . إنه طلب بسيط : " هل لك أن تسامحني ؟ " . إن تخريب الحوار والحب غالباً ما يبدأ في ما أسميه " جرحاً في النفس " ، أتكلم معك بشيء من التعالي مثلاً أو أقول لك كلاماً جارحاً . و قد لا أقدر وقع نهجي أو كلامي عليك ، و كم تسببت لك بشعور بالانسحاق . و قد لا تعبر لي عن ألمك و لكنك تُظهر لي شيئاً من العدائية . و الخطر يكمن هنا في أن ننزلق في لعبة تعادل ، فتتطاير الشرارات ذهاباً و إياباً . و عندما نبدأ بذلك تنقطع خطوط الاتصال بيننا فتنجرح العلاقة و تكبر الحاجة فينا إلى الشفاء . لقد أصابت الجراح منا عميق الذات . ما أود أن أقوله هو أن غالبية تلك العلاقات الضعيفة المنهوكة قد تنعش بشكل عجائبي من خلال إطلاق طلب صادق : " هل لك أن تسامحني ؟ " . عندما أطرح السؤال أنا لا أحمل نفسي كل المسؤولية و لا أقرر مَن هو مخطئ أو مَن هو على حق . أنا أطلب منك فقط أن تقبلني مجدداً في كنف حبك الذي عنه رحلت . إن اعترافي بأن فيَّ حاجة إلى الغفرن هو السبيل الأنجع إلى تضميد جراح الروح . |
||||
![]() |
![]() |
#276 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 29 تشرين الثاني الإقرار بالذنب و الاعتذار سرعان ما يُزيلان الكثير من الحواجز التي تعيق عملية التواصل . الاعتذار الصادق يُسقط حالاً كل وسائل الدفاع التي لو استمرت لقضت على الحوار بشكل قاطع . في الاعتذار نعترف بالضعف الذي فينا ، و هذا ما يجعل الاعتذار صعباً ، إذ إن كلا منا يخشى ، في قرارة نفسه ، الإقرار بخطإه . و هذا الخوف يختلف باختلاف الأشخاص . فمنّا مَن يُقلقه فقدان احترام الآخرين له . و هنالك مَن يخشى سوء استعمال الاعتذار : " أنا لا أريدك أن تذكّرني بخطإي عندما يحلو لك ذلك ، و أن تعاقبني بسبب من صراحتي في التعامل معك " . إن الصعوبة التي نجدها في الاعتذار ترتبط في المشاعر الدونية فينا . يقول ألفريد أدلر Alfred Adler إننا نصرف القسط الأكبر من طاقاتنا لنبرهن أننا أشخاص محترمون . |
||||
![]() |
![]() |
#277 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 30 تشرين الثاني في اعتقادي أن الخوف من فقدان الاحترام هو السبب الأساس الذي يَثنيني عن الإقرار بأنني خطئت و أنني آسف على ذلك . عندما أحاول أن أتذكر آخر مرة اعتذرت فيها ، قد أضطر أن أعود إلى فترة معينة . و أنا غالباً ما أحس ، في قرارة نفسي ، بشيء من الغبن ، لأنك و قد أسأت إليّ مرات عديدة و كان لي عليك فيها حق الاعتذار ، لم تقر لي مرة بخطإك نحوي . فلماذا إذاً تنتظر أنت مني اعتذاراًَ كل مرة أخطئ فيها إليك ؟ إنها القصة القديمة الجديدة : هل أكون في حياتي " فاعلاً أم " راد فعل " ؟ أتُراني أدع سلوك الآخر يُملي سلوكي عليّ؟ أم أكون أنا مبادراً و حراً في سلوكي ؟ إن جزءاً من صعوبة الاعتذار تتصل بصعوبة الصدق مع ذواتنا . فقبل أن أتمكن من الإقرار بذنبي و الاعتذار ، عليّ لأن أتعرف بصدق إلى أخطائي و حدود قدراتي . و من دون جهد متواصل للحفاظ على صدقي مع ذاتي ، أبقى عرضة لأن أغش نفسي و أخفي عنك الحقيقة . |
||||
![]() |
![]() |
#278 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 1 كانون الأول مهما تغنى الشعراء بالحب أو قال الساخرون ، فهو يبقى الجواب الأساسي عن معضلة الوجود البشري . و فيه نجد السبيل الأهم إلى سعادة الإنسان و اكتمال حياته . أن أحيا فذلك يعني أن أحب . و لكن لدى " الساخرين " إحصاءات لا يمكن لأحد أن يتجاهلها . أنا لا أتكلم عن الدعاوى المتراكمة في محاكم الزواج ، بل عن التفكك في العائلة ، عن الخلافات بين الأخ و أخيه و بين الأهل و أولادهم ، إلخ . . . فإذا كان الحب حقاً هو الجواب ، يبدو واضحاً أن الجهود التي يبذلها الناسس في سبيل إقامة علاقات حب غير كافية . . الحب يثمر على قدر ما نعمل في سبيل إنجاحه . و لكن لماذا يفشل الحب في العديد من الأحوال ؟ و ما هو الجهد الذي يتطلبه إنجاح الحب و لِمَ التردد أحياناً في بذل ذلك الجهد ؟ الحب يعني أموراً كثيرة و يحقق الكثير . أما نموه فيكون في الأساس من خلال المشاركة . فبقدر ما يلتزم شخص بآخر في علاقة حب ، يشارك كل منهما في حياة الآخر . و المشاركة هي تواصل قبل كل شيء و تعني لقاء بين شخصين . فإذا ما أشركتك في سر لي أكون قد جعلت من هذا الشر مجالاً للشراكة بيننا . و بقدر ما أُشركك في ذاتي و تُشركني في ذاتك ، يصبح لكل منا بعض من ذاته في الآخر . و بقدر ما نتباعد و يأبى أحدنا مشاطرة الآخر بشفافية ، يتضاءل الحب بيننا . |
||||
![]() |
![]() |
#279 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 2 كانون الأول وحيدان يحمي أحدهما الآخر فتتلامس حياتهما لتحمي كل منهما الأخرى و تنميها . إنه الواقع الوحيد الذي يستحق أن يُطلق عليه اسم الحب . فتسقط شيئاً فشيئاً تلك الصورة التي بُني عليها الحب في أول الأمر ، ليكتشف كل من الحبيبين حقيقة الآخر التي تفوق تلك الصورة جمالاً . فكل منهما على استعداد لأن يقبل الآخر و يحترمه في " غيريته " ، و أن يقدر نظرة الآخر إلى الحياة و يتعاون و إياه على تحقيق تلك " الذات " الخاصة الفريدة التي خُلق ليحققها . و يحسب كل منهما نفسه سعيداً ، بل محظوظاً ، إن تسنى له أن يعاون الآخر في العبور إلى ذاته الحقيقية و هكذا صوَّر ريكل Rikle في شاعريته طبيعة علاقة الحب الحقيقية : الحب . . . تلك الصرخة التي تتوق إلى حمل الآخر على بلوغ ملء قامته ، على أن يصبح مهماً في ذاته ، على أن يكون عالمه فيصبح في ذاته عالماً يتفانى في سبيل آخر . إنها لدعوة عظيمة ، بل رائعة تلك التي تخاطب الشخص لتنتدبه إلى مثل تلك العظائم . وحيدان يحيي أحدهما الآخر فتتلامس حياتهما لتحمي كل منهما الأخرى و تنميها . |
||||
![]() |
![]() |
#280 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 3 كانون الأول إن الذين يعملون على مساعد الآخرين هم غالباً ما يخفون عن أنفسهم و عن الآخرين ما في نفوسهم من حاجة إلى مَن يساعدهم أحياناً . يظهرون بمظهر الشخصية " المتزنة المتكاملة " مخافة أن يمد إليهم أحد يد المساعدة ، فتنكشف حقيقتهم . كم أود أن أكتب يوماً كتاباً بعنوان " اعترافات منقذ سابق " . إن كل مَن لعب هذا الدور يعرف حق المعرفة كم فيه من مشقة ، فلا أحد يملك الأجوبة عن كل الأسئلة و لا بإمكان أحد استنباط الحلول لجميع المشاكل . و لكن التخلي عن هذا الدور يصبح أشبه بانسلاخ المرء عن هويته . و كل من هؤلاء الذين تعودوا أن " يستريحوا في اتكاليتهم " يُصرون على أن يستمر " المنقذ " في القيام بدوره دوره و كأنهم يشعرون " بأن الله إلى جانبهم " يحمل إليهم الحل لكل مشكلة و الجواب عن كل سؤال . عندما يحبسني الناس أو أحبس نفسي في مثل هذا الدور أجدني غير قادر على الاعتراف بحدود قدراتي و مواجهة ضعفي لأن في ذلك تهديد " للهوية " التي خلعت على نفسي " و الدور " الذي قررت أن أقوم به و أن " أحافظ عليه بأي ثمن " . و المأساة في ذلك كله أنه ما من أحد أمكنه التعرف إلى حقيقة ذاتي و لا أنا عرفت نفسي على حقيقتها . ما كان بإمكاني أن أدخل في علاقة حقيقة مع أحد لأن مثل تلك العلاقة تفرض المساواة ، و لا يمكن " للمنقذ " أن يسمح بذلك ، لأن المساواة في مثل هذه الحال تفسد كل شيء . |
||||
![]() |
![]() |
#281 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 4 كانون الأول
إنني أختبر باستمرار حقيقتك التي تتجدد دائماً أبداً و تنمو باضطراد ، و أنت تختبر حقيقتي أنا . و نحن ، أحدنا من خلال الآخر ، نختبر معاً حقيقة الله الذي قال يوماً : " ليس حسناً أن يكون الإنسان وحيداً " . " فالتفاتة منكَ و لو خفيفة تنفذ إلى عمق ذاتي فأنفتح ، حتى و لو كنت قد أغلقت نفسي كَيَدٍ مشدودة الأصابع فإنك أنت تفتحني ورقةً ورقةً كما الربيع يلفح بسره الوردة الأولى فتتفتح " . الشخص " الكامل الإنسانية " على اتصال عميق و ذي معنى مع العالم خارج ذاته . هو لا يصغي فقط إلى نفسه ، بل ينصت أيضاً إلى أصوات العالم من حوله . و خبرته الشخصية تزيد إشعاعاً مع اتساع إلى ما لا نهاية ، من خلال شعوره المرهف بحقيقة الآخرين . هو يولد مرَّة أخرى مع مطلع كل ربيع ، و يُحس بعمق أسرار الحياة الكبرى : الولادة ، النمو ، الحب ، الألم و الموت . قلبه يرقص مع الشباب المحب و هو يعرف أيضاً بعضاً من النشوة التي تجتاحهم . و يعرف أيضاً فلسفة العزلة و اليأس ، و وحشة الألم الذي لا ينتهي ، و الأجراس لا تقرع إلا و تقرع له بشكل عجيب . |
||||
![]() |
![]() |
#282 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 5 كانون الأول إن خيبة أمل كبرى تنتابنا عندما نوهم أنفسنا أنه بقدر ما نُحدث تغيراً إيجابياً في ذواتنا نحصل على قدر مماثل من محبة الله لنا . عندما أفكر هكذا أجد نفسي في مسيرة مستمرة نحو الله و لكن من دون أن أستريح في كنفه . عندما كنت في الإكليريكية ، كنت أعد الله كل صباح بأن يكون يومي متميزاً ، بل كاملاً ، و كنت مقتنعاً بذلك . و لكنني في كل مساء كنت أجد نفسي معتذراً عما صدر عني من ضعف في النهار . كنت بشيء من السذاجة أقول لله : " إذا أمكنني أن أتغير ، بل أن أكون كاملاً فسوف تحبني أكثر " . و بالطبع لم أتمكن يوماً من تحقيق ذلك الحلم لأنني كنت أظن أن الله لا يحب سوى الكاملين من بين الناس ، و إنه يتعامل بحذر مع أمثالنا ممن لم يحققوا سوى بعض من إنسانيتهم . فمثل هذا الموقف إنما هو من وحي الشرير . لذا أخالني أسمع الله يقول لي : " إنك مُخطِئي في تفكيرك ، بل قلبت الأمر رأساً على عقب ، ليس لك أن تتغير كي أحبك ، بل عليك أن تعي كم أنني أحبك كي يصبح بإمكانك أن تبدل في سلوكك و نمط حياتك . إن وعيك لحقيقة حبي لك يُكسبك زخماً جديداً في حياتك . و لكنك إذا ما رحت تحاول أن تغير ذاتك لكي تكسب حبي لك فستُرهق نفسك من دون جدوى ، و ربما أُصبت بالإحباط من جراء فشلك المتكرر . عليك أن تعي حقيقة هامة و هي أنني وهبتك حبي بكليته كهدية لك مجانية ، فلست في حاجة إلى أن تكسب ذلك الحب ، بل أن تتقبله و تتعهده بكل أمانة . آنذاك ستتمكن من إحداث تغيير في سلوكك و نهج حياتك " . |
||||
![]() |
![]() |
#283 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 6 كانون الأول يشير القديس بولس إلى يسوع على أنه : " صورة الله الذي لا يرى " . ( لو 1 / 15 ) . و كان يسوع في نظر معاصريه معلماً , و كان من شأنه ، بحسب التقليد ، أن يصرف معظم وقته في الاهتمام بأمور الشريعة . و لكن المسيح ما انفك يتكلم عن الحب ، فكان ذلك مصدر إزعاج لمعاصريه . و كانوا يحاولون حمله على أن يصبح مفسراً للشريعة ، و راحوا يعرضون عليه قضايا قانونية ليحكم فيها : " أيها المعلم الصالح ، لقد سقط ثور في حفرة يوم السبت ، و نريد أن نعرف هل يحق لنا أن ننتشله . . . أيها المعلم الصالح ، هل دَفْع الجزية لرومة واجب علينا أم لا ؟ . . . أيها المعلم الصالح ، لقد أُخذت هذه المرأة في زنى ، و في الشريعة ، من الواجب أن تُرجَم حتى الموت . . . فما هو رأيك ؟ ...أيها المعلم الصالح ، ماذا تقول بكذا و كذا ؟ . .. و ما انفك يسوع يردد على مسامعهم أن مثل هذا الاهتمام بحرف الشريعة يقتل فيها روح الحب . كان يقول لهم : " لا تضطربوا " ، بل كونوا على يقين من أني ما جئت لأحل الناموس ، بل لأكمله ، و لأُخضع الشريعة كلها ، بل لأرفعها كلها فتُختصر في وصية واحدة كبرى : الحب ! بإمكانك أن تُخضع نفسك للشريعة بكل دقائقها ، و لكن من دون حب . أما العكس فليس صحيحاً . إذا كنت حقاً تحب فستحفظ الشريعة : " لن تسرق و لن تكذب و لن تقتل ، إن كنت في الحقيقة تحب " . تلك كانت باختصار أجوبة يسوع ، إذا لم تكن تلك جميع كلماته . |
||||
![]() |
![]() |
#284 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 7 كانون الأول كان يسوع يقول لكل من أتباعه ما معناه : " لا تتعامل مع الله بحسب حرفية الشريعة . فتلك طريقة تتعامل فيها مع شخص تخافه . إن خوفك من السلطة خوف من عقابها . لذا أنت تقوم بكل ما تطلبه منك كي تحفظ نفسك . و يمكنك القول آنذاك : " لقد أتممت كل ما طُلب مني . لذا لا يمكنكم أن تُنزلوا بي أي عقاب ! " . ليس هذا ، في الحقيقة ، بجواب حب ، لا الله و لا للقريب . إنه جواب شخص ضعيف خائف ، أعجز من أن يتحمل أي قلق شخصي . فالله ما دعاك يوماً لتخضع له بخوف ، بل لتحبه بكل قلبك ، و كل نفسك ، و كل قوتك و كل ذهنك ، و لتحب قريبك حبك لنفسك !" . و لكنهم لم يفهموا . و فوق ذلك كله دار بينهم حديث على انفراد ، حول عطفه على الخطأة . و كيف أنه اختلط بالجباة و البغايا ، و أكل و شرب مع العديد ممَّن نبذهم المجتمع . لقد نظر إلى نفسه " كراع صالح يحب خرافه الضالة و يبحث عنها " . إنه " الطبيب الإلهي " ، و لم يأتِ ليُعنى بالأصحاء و الأغنياء ، بل بالفقير و المريض و المعوز . و لقد أحدث يوماً ما يشبه الفضيحة ، في بيت سمعان الفريسي ، حين سمح لامرأة فاسقة أن تسكب دموعها على قدميه و تمسحهما بشعر رأسها . و الأفظع من ذلك أنه مدحها من أجل حبها . و قال أيذاً إنه حيثما تعلن البشارة في العالم كله ، يُحدث أيضاً بما صنعت هذه المرأة إحياء لذكراها . هذا في الحقيقة قد تخطى المعقول ! |
||||
![]() |
![]() |
#285 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 8 كانون الأول ![]() الحب يعطي بشروط أو بلا شروط . و لكن الحب غير المشروط وحده يُحدث تبدلاً ثابتاً في حياة مَن نحب . يتحدث الدكتور سولفن في كتابه " مفاهيم الطب النفسي العصرية " عن " تطوير القدرة على الحب الذي يسميه الأعجوبة الهادئة ". و الشعور بالحب ، في نظره ، هو السبب الأساسي لتلك الأعجوبة . الحب قبل التحدي ، هو الذي يدفع بالمرء إلى التغير . و عندما تتوفر للإنسان فسحة حب بلا شروط ، تسقط آنذاك جميع الحواجز التي تحول دون خلق علاقة بينه و بين الآخرين . ذلك كمثل تلك الزوجة التي كان حب زوجها لها مشروطاً باستطاعتها أن تحفظ على بيتها نظيفاً بشكل دائم . أما هي فكانت تقول إن فيها حاجة إلى أن تشعر بأن حبه لها غير مشروط لكي تأخذ من ذلك الحب قوة تمكنها من الحفاظ دوماً على نظافة بيتها . فإذا ما اتضح لك ما تعنيه تلك السيدة و تفهمت موقفها فهمت ما نحن في صدده . الحب غير المشروط وحده يمكن المرء من التغير و النمو . |
||||
![]() |
![]() |
#286 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 9 كانون الأول كلنا يعرف أن من الناس مَن يستمتعون في الحياة أكثر من سواهم ، و أظن أننا نعرف أيضاً أن هؤلاء ليسوا بالضرورة " أوفر حظاً " أو أكثر هبات ممَّن لا يعرفون طعم الفرح . ذلك بأن بعضنا قرر بأن ينعم بالحياة و بعضنا الآخر أن يتصارع و إياها . التصميم على التنعم بالحياة موقف غالباً ما نكتسبه في سن الطفولة . فكأننا أتينا الدنيا و نحن نسأل : " لِمَ الحياة ؟ " فأتتنا الإجابة من حيث لا ندري ، و كانت الاستنتاجات . . .من المستحيل طبعاً أن أُحدد بدقة مصدر تلك الإجابة ، و لكن المهم أنني حصلت عليها . و قد لا يكون ما سمعته هو ما قيل لي ، و لكن ما سمعته أقنعني و تحول إلى إجابتي الخاصة عن السؤال الأساسي الذي طرحته على نفسي ، و إذا بتلك الإجابة تصبح الأساس لموقفي من الحياة . و سرعان ما تعلمت كيف أنظر إلى الوجود ، و إلى حياتي نفسها ، و من خلال تلك النظارات التي ارتديت فأصبحت هي نافذتي إلى الحياة ، أتوقع من خلالها أن تكون حياتي فسحة أمل أتمتع بها و أفرح ، أو سلسلة من الأيام أتألم فيها أو أحزن . و الأمل كما الألم هما من نسيج مُخيلتي . و هذا الموقف من الحياة تكون فيّ ، على الأرجح ، أيام كنت في سن الطفولة ، و أتى نتيجة إيحاءات الآخرين إليّ و تقبلي لها . و سرعان ما أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي ، يميل بي نحو القلق أو يحلمني على العيش باطمئنان أو يدعني أتأرجح بين هذا و ذاك . |
||||
![]() |
![]() |
#287 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 10 كانون الأول تحدث بين المؤمنين انقسامات عميقة حول طبيعة العلاقة بالله . هل من تواصل حقيقي بينه و بين الإنسان ؟ منهم مَن ينكر ذلك و منهم مَن يؤكده . و من بيننا مَن يؤمن بوجود علاقة وثيقة بين الله و الإنسان ، و هنالك مَن يسلك و كأن الله شخص صامت و بعيد ، يفصل بيننا و بينه حائط مرتفع نقذف إليه من فوق ذلك الحائط أحياناً ببعض صلوات أو تقدمات آملين في أنه يُصغي و لكن أن ننتظر منه في العمق جواباً . السؤال خطير لأن كل علاقة ترتكز على التواصل ، سواء أكانت علاقة بين إنسان و إنسان أم علاقة بين الإنسان و ربه . و الفارق أن التوتصل بين الإنسان و الله نسميه صلاة . |
||||
![]() |
![]() |
#288 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 11 كانون الأول ليس التواصل من الأمور السهلة . و نحن في غالبيتنا ، مع الأسف ، نضع أقنعتنا على وجوهنا و نرتدي أبهى الحلل و نروح نمثل أدواراً ألفناها جيداً و تمرسنا على القيام بها . و المشكلة تكمن في أن الأقنعة و الحلل و الأدوات لا تمت إلى عمق حقيقتنا الشخصية بصلة ، بل إنها نتيجة لتأقلمنا مع الواقع و هي تشكل عقبات في وجه المشاركة الحقيقية و الحوار الصادق . كل يعرف ما أقول ، أقلّه بشكل نظري . و ما دمت " أمثل " ، فلا مجال لدخولك معي في علاقة حقيقية لأنني لم أقدم لك شخصاً حقيقياً يمكنك أن تتعامل معه . لذا نروح نعيش و كأننا على مسرح نتبادل كلمات تعّمها كل منّا عن ظهر قلبه . و الحال هي هي في علاقتنا بالله . يمكننا أن نخلق علاقة حقيقية بالله فقط عندما نكون صادقين و شفافين . و هذا ليس بالأمر السهل ، أن أكون منفتحاً و صادقاً فذلك يتطلب الكثير من الوقت و المعاناة . الصلوات على أنواع . تماماً كما أن سبل التواصل متنوعة . و لكن تبقى الصلاة دائماً وجهاً من وجوه الحوار . قد لا يكون حواراً كلامياً لأننا غالباً ما نعبر للآخرين من خلال ابتسامة أو عناق عن مشاعر يصعب التعبير عنها بالكلمات . و لكن الحركات و تعابير الوجه غالباً ما تخضع لتأويلات خاطئة ، ما لم تتبعها كلمات توضح للآخر حقيقة معانيها . و مهما كان نوع الصلاة الذي يجد المرء فيه راحة لنفسه ، فهو لن يخرج من إطار التواصل ، و جوهر التواصل يبقى دائماً المشاركة الصادقة في الذات الحقيقية . |
||||
![]() |
![]() ![]() |
|
|