![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#181 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 31 آب هل حدث لك أن حاولت التحاور في أمر مهمّ مع صديق لك و أنتما في محطّة للقطار و وقتكما ضيّق ؟ و مع ضيق الوقت هناك ناس يتزاحمون و كلّهم يسرع نحو قطاره ! و بعضهم يمرّ على مقربة منكما إلى حدّ يسمح له أن يسمع ما تقولانه ؟ لو حدث لك ذلك , لا بدّ و أن تكون منزعجاً , بل تشعر بشيئ من الضيق . هذا ما أعني عندما أتكلّم عن الأوقات الخاصّة و الحضور المكثّف و العميق التي تحتّمها عمليّة التواصل الجيّدة . نوعيّة الوقت هذه تعني أنّك لا تشعر بضغط قصر الزمن , و لا " بهرج الناس و مرجهم " من حولك . و فيها يمكنك البحث بهدوء عن الكلمات التي تعبّر بدقّة عن فكرك و تعرب بصدق عن مشاعرك و هنالك الهدوء الذي يمكّنك من أن تتّصل بعمق ذاتك . فالإعراب بصدق عن الأفكار و المشاعر هو أفضل الظروف صعب , حتّى عندما تتوفّر لديك الشكينة و متّسع من الوقت في آن . و حين أحاول أن أُفصح لك عن أمور دفنتها في عمق نفسي لفترة طويلة من الزمن , لا بدّ و أن أشعر بشيء من الرهبة و التردّد . فوفرة الوقت و السكينة تسهّلان عليّ الدخول إلى ذاتي و البحث بصفاء عمّا أريد أن أبوح به . و قد علّمتني الخبرة أنّ التواصل أسهل عندما أسير بهدوء في حديقة واسعة أو على شاطئ البحر , أو عندما أكون في السيّارة في سفر طويل , أو عندما أجلس في هدأة المساء و قد انهيت من عناء مشاغل النهار و متاعبه . |
||||
![]() |
![]() |
#182 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 1 أيلول ![]() عندما تتراكم علينا المتاعب و تستمرّ , تتزايد الضغوطات فتضعف أعصابنا و تخفّ قدرتنا على التعاطي بعقلانيّة مع الأمور العادّية و غالباً ما نمرض ... و يؤكّد الدكتور هانس سيلي Hans Selye , و هو عالِم كبير في موضوع " الضغوطات النفسيّة " , أنّ لتلك الضغوطات دورها الهامّ في تطوّر كلّ مرض يصاب به الانسان . بيد أنّنا هنا نبحث في تأثير " التراكمات النفسيّة " السلبيّة علىعمليّة التواصل . فازدياد تلك التراكمات بشكل غير عاديّ يُحدث خللاً في نظرتنا إلى واقع الأمور . فعندما يفرط إنسان بشرب الخمر مثلاً , نقول : " إنّ الخمرة تتكلّم " و هكذا أيضاً , إذا ما تركمت الضغوطات النفسيّة على إنسان , يمكننا أن نقول : " إنّ التاركمات النفسيّة تتكلّم " . نحن قد لا نعي وجود تلك " التاركمات " إلا بعد أن نصاب بخلل , في موقع ما منجسدنا , ( كالرأس أو المعدة أو الظهر أو البشرة ...) , فالجسد يبعث إلينا برسائل منبّهة ... و قد يحدث لنا أن نفرط في الأكل أو نتوقّف عنه تماماً , و غالباً ما نلجأ إلى الإفراط و كأنّنا فقدنا القدرة على تقدير الأمور ... ثمّ قد يتعذّر علينا تحمّل أيّ ضجيج أو التعاطي مع ممازحة الآخرين لنا . و تصبح أيّة " حبّة " أشبه " بقبّة " . و نروح نقول ما لا نعنيه أو نسيء فهم نوايا الآخرين .. فيصعب التعامل معنا , إذ إنّنا , و قد فقدنا بعضاً من " عقلانيّتنا " , نصبح على يقين ثابت بأنّنا في كلّ شيء على حقّ . |
||||
![]() |
![]() |
#183 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 2 أيلول ![]() إنّ حدسنا أشبه بكمبيوتر بيولوجيّ يسجّل كلّ ما يحدث فينا . و عندما نحبس مشاعرنا في أعماق ذواتنا , قد نوهم الآخرين بأنّ كلّ شيء على ما يرام , و لكنّنا لن نتمكّن من إيهام أجسادنا بذلك . و عضلاتنا و أعصابنا تعي تماماً ما نحن في صدده , فتضطرب أعصابنا , و عضلاتنا تتشنّج . و هكذا نُرهق أجسادنا بأثقال نأبى أن نخفّف منها من خلال عمليّة تواصل صادقة و منفتحة . إنّ الانفتاح الحقيقيّ لا بدّ و أن يسهّل علينا تطوير قدرات جديدة أهمّها اثنتين : وعي الضغوطات السلبيّة و القدرة على تقويمها . فالضغوطات النفسيّة , يمكن أن نشكّل فينا قوّة سلبيّة و قوّة إيجابية - و هذا أشبه بأوتار القيثارة , فهي إذا شدّت كثيراً تقطّعت و إذا لم تشدّ بما فيه الكفاية ما تمكّنت من إحداث أيّ نغم ... نحن نواجه الضغوطات في حياتنا بطريقة تفرضها علينا مفاهيمنا الشخصيّة و القِيَم التي نؤمن بها , و هذا ما يجعلنا نتعامل معها بإيجابية أو سلبية . و إذا ما أصغيت بانتباه إلى ما يقوله لي جسدي , ازددت فطنة إلى تأثيرات الأحداث عليّ, فقد تزداد الضغوطات عليّ عندما أشعر بخطر الفشل , أو أحسّ بآلام في رأي كلّما وجدت نفسي في مواجهة أو خلاف مع الآخرين . و قد أشعر بالغضب إذا ما خاب أملي في تحقيق أمر كان من المنتظر أن أحقّقه . قرأت حديثاً في إحدى المجلاّت المتخصصة بعلم النفس ما مفاده أنّ نظرتنا إلى الوقت هي التي تتحكّم في حياتنا . فمنّا مَن يعيش في الماضي و منّا من يعيش في الحاضر , و آخرون يعيشون فقط في المستقبل . |
||||
![]() |
![]() |
#184 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 3 أيلول ![]() التمرّس على فنّ التواصل من الأمور المهمّة في حياتنا . و هو يكاد إن يكون في أهميّة الأكل و ممارسة التمارين الرياضيّة . إذا ما شئنا أن نعيش الحياة في علاقاتنا , تماماً كما أنَّ الطعام و ممارسة الرياضة يغذّيان حياة الجسد . فكما أنّنا نأخذ من الطعام و الراحة قسطاّ كافياً لنكون في صحّة جيّدة , علينا أيضاً أن عمل على إنماء قدراتنا على التواصل فتستمرّ علاقاتنا و تنمو . إنّ أفضل ما يمكن القيام به لمواجهة أيّة أزمة في العلاقات هي أن نتابع التمرّر في تطوير قدراتنا على إتقان فن التواصل . إنّ للفظة " أزمة " في اللغة الصينيّة معنَيْن , فهي تشير أولاً إلى " الخطر " . أمّا المعنى الثاني فهو " المناسبة لانطلاقة جديدة " . فرجاؤنا إلا تشكلّ الأزمات التي تواجهون خطراً على صحّة علاقاتكم , بل تكون دائماً بمثابة محطّة تنطلقون منها لتحقّقوا في حياتكم تقدّماً و في علاقاتكم نموّاً جديداً . |
||||
![]() |
![]() |
#185 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 4 أيلول إنّه لمن المهمّ جدّاً أن يتمكن كلّ منّا من الإعراب عن حقيقة مشاعره : " هذا ما أنا عليه , أكان ذلك لخيري أو لم يكن " . عندما ألتزم بالصدق مع ذاتي و مع الآخر , و عندما أقرّر أن أخلع عن وجهي تلك الأقنعة التي تفصل بيني و بين الناس من حولي , آنذاك أتمكّن من ان أحبّ و أن أتقبّل حبّ الناس لي . و هنا تبدأ النظرة الصحيحة إلى الذات و ينشط النموّ . عندما أكون صادقاً و أتبادل الحبّ مع الآخر , آنذاك أدخل صميم عرس الحياة . قال لي أحدهم يوماً : " إنّني سأحبّك حتّى و لو كنت إنساناً شرّيراً " . فاجأني كلامه و ما عرفت بماذا أجيب , و لكنّني شعرت بشيء من الارتياح الداخليّ . و بعد أن فكرت بذاك الكلام مليّاً وجدت فيه إعراباً واضحاً عن حبّ غير مشروط . ما كان عليّ حتّى أن أكون ذا مسلك حسن , بل أحببت كما أنا . إنّني على يقين من أنّه من هذا النوع من الحبّ تنبع الحياة الحقيقيّة . و ما من شكّ في أنّ حياة كلّ منّا تبقى , إلى حدّ بعيد , وليدة أولئك الذين يحبّوننا ... كما أنّها تتأثّر أيضاً بالذين يأبون أن يبادلونا الحبّ . |
||||
![]() |
![]() |
#186 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 5 أيلول ![]() الكاتب الإنكليزي جيلبير كيث شسترتن . Gilbert Krith Chesterton , قال مرّة : إنّ مشكلة التبشير بالإنجيل ( البُشرى ) مزدوجة . أُُولاها أنّه لا يبدو خيراً جديداً للعديد من الناس , فقد سمعوه مراراً من قبل , و ثانيها أنّ غالبيّة الناس لا تجد فيه " البُشرى " . أنا أشعر في أعماق نفسي بأنّ في هذا القول الكثير من الحقيقة . فالعديد من المواعظ التي إليها نصغي تأتي بعيدة كلّ البعد عن هموم الناس الحياتيّة , و المُثُل التي تدعو إلى تحقيقها تفوق قدرة جميع الناس , إلى حدّ يتحتّم فيه الفشل , مع كلّ ما يتبع الفشل من شعور بالذتب . أنا , بالطبع , لست من المنادين بالمساومة في روح التضحية و في المبادئ الأدبيّة . فلو فعلتُ لكان ذلك أسوأ من كلّ شيء , فالسؤال المطروح هو الآتي : هل الحبّ هو في الحقيقة السبيل إلى اكتمال الذات ؟ إذا اخترت الحبّ كمبدأ حياتي الشخصيّة , أتُراني أشعر برضى , و أحسّ بنشوة حقيقيّة ؟ و هل كلّ ما يقوله الإنجيل في الحث يصمد حقّاً أمام تجربة الحياة ؟ إذا بحثت عمّا يُريحني أنا و يُسعدني , أتُراني في الحقيقة أفقد الفرح و السعادة كليهما , و هل لحبّة الحنطة حقّاً أن تقع في الأرض و تموت قبل أن تبلغ سعادتها و ملء الحياة ؟ و هل تطويب الإنجيل للزُهد بالذات و الحبّ من دون شروط هو السبيل إلى الفرح الحقيقيّ؟ هنالك , و لا شكّ , أن أسئلة عمليّة كثيرة , أسئلة تثير اليوم الكثير من الجدل . ![]() آخر تعديل Hobbit يوم 05/09/2009 في 12:54. |
||||
![]() |
![]() |
#187 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 6 أيلول هذه هي الأزمة الكبرى التي تواجه المجتمع المعاصر: هل حياة الحبّ , تلك التي تحتّم التزاماّ من دون شروط بشخص آخر, هي في الحقيقة الطريق الشخصيّ الصحيح إلى الكمال البشريّ , أم أنّ على الإنسان أن يبقى حرّاً , بعيداً عن أعباء مثل تلك العلاقات ؟ فيكون المجال أمامه فسيحاً ليختبر اللذّة و السلطة و كلّ ما يمكن للحياة أن تقدّم له عدا ذلك ؟ هل أنّ التهافت على إشباع الرغبات الشخصيّة أفضل نهج لتحقيق الذات , أم ترى المعنى العميق للحياة يحقّق من خلال الالتزام بعلاقة حبّ دائمة ؟ أألزم ذاتي و كلّ حياتي بصراحة و ثبات , أم تراني أفضّل تجنّب اتّخاذ قرارات تقيّدني " إلى الأبد " . إنّ المجتمع المعاصر لم يطوّب الحبّ كمبدأ للحياة , و سبيل إلى تحقيقّ معنى لها . بل إنّ المكتبات تعجّ بالكتب التي تحاول أن تدحض ذلك . ففي طريق العيش التي يعتنقها العديد من الناس اليوم , كما في تبريرها , تساؤل ملحّ و مستمرّ حول واقع - بل إمكانيّة - وجود حبّ حقيقيّ دائم . يصدر العديد من الكتب اليوم , و من أكثرها رواجاً تلك التي تنادي بضرورة اعتناق السبل التي تشبع لذّة الإنسان و تلبّي كلّ رغباته في الحياة . فالذهنيّة السائدة تتجسّد في سؤال يطرح دائماً بإلحاح : ما الإفادة لي من ذلك ؟ |
||||
![]() |
![]() |
#188 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 7 أيلول ![]() نتيجةً لفلسفة الأنانيّة السائدة , أخذ العديد من الناس يعيدون النظر في تقويم نهجهم في الحياة . إنّهم يعيشون خبرة حياتهم الآن بالمقياس الجديد : ماذا تراني جنيت من الحياة لنفسي ؟ لذا فإنّ أعداداً مخيفة من الناس يغرقون في مستنقعات تملأها كآبة الندم المتأخّر على حياة عاشوها , و وظائف التزموا بها , و على زواج عقدوه و عائلة كوّنونها . إنّهم يشعرون و كأنّهم أُخذوا على حين غرّة , فوقعوا فريسة احتيال ما , حرمهم الكثير من حقّهم في السعادة و لذّات الحياة . " أنت تأتي إلى الحياة مرّة واحدة , فعليك أن تعرف منها ملء ما تطوله يداك ... و تحتفظ به لنفسك " . ينظرون إلى ما طالت يداهم , فيشعرون بقلق , و يعيشون في هاجس الخوف من أنّ " القطار قد سبقهم " . و قد مرّت بهم , من غير رجعة , لذائذ عيش كان من حقّهم على الحياة أن يُحسنوا الإفادة منها . إنّ في أعماقهم حزناً و تحسّراً و تساؤلاً عن سبب ذاك الخلل عندهم . و تتوالى على شفاههم تساؤولات حزينة : أتُرى هذا كل ّ ما في الحياة ؟ |
||||
![]() |
![]() |
#189 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() |
||||
![]() |
![]() |
#190 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 8 أيلول لقد تهافت العديد من الكتّاب ينتهزون الفرصة , يقدّمون النصائح صفحات متتالية , في أفضل السبل لإشباع الرغبات الشخصيّة و تحقيق الذات . " سأحوّل هذه الحجارة خبزاً ... سأحرّرك من التخبّط في التزاماتك و مسؤوليّاتك الشخصيّة ! " لقد قدّم الاهتمام بالشخص الأهمّ ( أنا و أنا , أنا !) و عن سبل الوصول إلى السلطة و الحفاظ عليها , لا سيّما من خلال إلقاء الرعب في نفوس الآخرين . لقد أعطوا المجد , كلّ المجد , " للفضائل " الأنانيّة و صوّروا الحياة و كأنّها سباق في قطع الأعناق ينتهي فيه " الخيّرون آخرين !" و أغرقوا في الكتب التي تتطرّق إلى دقائق الأمور الجنسيّة جيلاً كان الجنس قد خيّم على حياته , علّهم يزيدونه لذّة فوق لذّة . هؤلاء الكتّاب أنزلوا الحبّ و الزواج و العائلة إلى مرتبة " الأفكار العتيقة " . فالشائع اليوم طرق خلاّقة في الطلاق , كيف يمكن أن ينجم عن موت علاقة عميقة واقع جديد جميل و مريح . و لقد ذهبت جماعة إلى حدّ ابتكار " احتفال " بالطلاق . و يحاول هؤلاء الكتّاب أن يدفعوا بنا إلى اقتلاع جذورنا القديمة لتخلق فينا ذات جديدة مثيرة ! و لطالما ألحّوا علينا كي نسلّط الانتباه على ذواتنا , فنكون أحبّاء أنفسنا الآن و للأبد . |
||||
![]() |
![]() |
#191 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 9 أيلول ![]() أن أتحمّل المسؤوليّة الكاملة عمّا أقوم به , عن مشاعري و عن عواطفي و عن مواقفي من كلّ ما يعرض لي في حياتي , فتلك هي الخطوة الأخيرة نحو النضج الإنسانيّ . أمّا الإلقاء باللائمة في مواقفي على الآخرين أو على الظروف , فهو سلوك قديم قِدَم البشريّة . لقد شبّ العديد من بيننا على الإلقاء باللائمة على الآخرين في فشلنا . و نحن نحاول دائماً أن نبرّر سلوكاً غير مرضٍ نحو الآخر بحجّة أنّه هو الذي دفعنا إليه , فكأنّني أردّ له " قسماً من دين له عليّ " . لقد تعلّمنا أن نجد سبباً يخفّف عنا وطأة ألمنا حين نفشل , فنلقي باللائمة على الظروف ... أو على النجوم . و المُحزن في الأمر أنّ مَن يُلقي بِوِزر فشله على سواه إنّما هو إنسان يعيش في عالم الأوهام . لذلك فأمثال هؤلاء لن يتعرّفوا البتّة إلى أنفسهم , و لن ينجوا أبداً . إنّهم لن يكبروا . من حقائق الحياة إنّ نموّ الإنسان يبدأ بالأحجام عن ملامة الآخرين لما حلّ به من فشل . إنّ تحمّل مسؤوليّة الحياة كاملة هو نقيض ملامة الآخرين على فشلنا . إنّ مَن يتحمّل مسؤوليّة حياته يعرف أنّ السبب في سلوكه أو ردّات فعله إنّما يكمن في ذاته هو . هذه وبكلّ وضوح , هي الخطوة الأخيرة نحو النضج الإنسانيّ . و تحمّل المسؤوليّة يبقى السبيل الأفضل إلى النموّ الذاتيّ . ![]() |
||||
![]() |
![]() |
#192 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 10 أيلول ![]() كلّ منّا يعرف من خلال تجربته الخاصّة أنّه لا يتمتّع في الحياة بحرّيّة كاملة . فردّات فعلنا تخرج أحياناً عن رقابتنا , و عواطفنا لا تنصاع دائماً لإرادتنا . و هنالك ظروف لا يمكننا فيها أن نكون كما نريد , و لا أن نعمل ما نشاء أو نتفوّه فقط بما نودّ أن نتفوّه به . نحن في الغالب سجناء عاداتنا , و هي تبدو و كأن لا حول لنا و لا قوّة في تغييرها . إنّ لماضينا من الثقل ما يُرهق حاضرنا كما أنّ لحاضرنا ثقلاً لا بدّ و أن يُضني غدنا . نحن نضحك ساعة نعرف أنّه علينا أن نبكي و نُفرط بالمأكل و المشرب و نحن ندرك أنّ ذلك يؤذينا . نتكنّم و نغضب ساعة نعلم أنّ التعبير عن الأمور بهدوء هو النهج الأسلم . ماذا نعني إذاً " بتحمّل المسؤوليّة كاملة " ؟ ![]() نحن نسلّم بأنّ حرّيتنا منقوصة , فقد نشأنا على أمور ما منذ طفولتنا , و ما نشأنا عليه يحّد من حرّيّتنا , و قد تمرّسنا ببعض العادات زمناً طويلاً و كنّا لها دائماً أمناء . و العادات أيضاً تحدّ من حرّيّة الانتفاء عندنا . و يحدث أحياناً أنّ الكسل أيضاً يتحكّم فينا . فعلينا أن نقرّ مع الرسول بولس بأنّ الصلاح الذي " أريده لا أعمله و الشرّ الذي لا أريده إياه أعمل " و أنّ فيّ " شريعة أخرى تتجاذبني " . |
||||
![]() |
![]() |
#193 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 11 أيلول ![]() لقد ألف العديد من بيننا التفكير بأنّ عواطفنا خارجة عن مسؤوليتنا . لربمّا كان الأمر كذلك في زمن الطفولة و لم يكن بعد قد تكوّن فينا " شخص بالغ " , يتفهّم ما نتلقّاه من رسائل و ما تولّد تلك الرسائل من مشاعر فينا . أمّا و قد بلغنا مرحلة النضج , فباستطاعتنا الآن أن نختبر تلك العواطف على حقيقتها بكلّ حريّة و أن نقرّر كيف نعبّر عنها بشكل ناضج و بنّاء . و قد يأتي زمن نعود فيه لنحدّد الدوافع التي حملتنا على التعبير عن تلك العواطف بالطريقة العفويّة التي سلكنا , فنتساءل لماذا أتت ردّة فعلنا العاطفيّة على هذا النحو أو ذاك ؟ العاطفة هي موقف من واقع ما يؤول إلى ردّة فعل معيّنة , و لَما كان الأمر كذلك لو لم نكوَّن من عقل وجسد . فإذا ما رأيت فيك صديقاً شعرت بردّة فعل مريحة نحوك , و أحسست بفرح للقياك . و لكن إذا ما حسبتك عدوّاً , انكمشت عضلاتي و تسارعت دقّات قلبي و شعرت بخوف منك و ممّا قد تخطّط لي , و لجأت إلى الهروب . قد لا أتمكّن من السيطرة على ردّة الفعل هذه و لكنّي أعرف جيّداً أنّها أتت نتيجة لما أنا عليه و لنظرتي إليك . قد تكون تلك النظرة صحيحة أو مخطئة و قد تأتي نتيجة لاختبارات أخرى عشتها , و لكنّها تبقى , في كلّ حال , قوّة في داخلي توجّه ردّة فعلي العاطفيّة نحوك . |
||||
![]() |
![]() |
#194 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 12 أيلول عندما أحاول تقويم سلوكي العاطفيّ وردّات فعلي أجدني أمام خيارَين لا ثالث لهما , إمّا أن أتحمّل مسؤوليّة سلوكي هذا أو ألقي باللائمة من جرّائه هلى شخص آخر . و لكلّ من الخيارَين نتائجه . يمكن لصراحتي أن تضعني على طريق النضج , و قد تقودني العقلانيّة إلى الانفلات من الواقع . فإذا ما تبينّت مسؤولية سلوكي وردّات فعلي العاطفيّة , تعرفت إلى عمق ذاتي و كبرت . و إذا ما حاولت أن أشرح سلوكي العاطفيّ و أبررّه , ملقيّاً باللائمة من جرّائه على الآخرين أو على الظروف , فلن أتمكّن من أن ألج عمق ذاتي و وعي حقيقة ما أنا عليه . و سوف يكون لذلك تأثير سلبيّ على نموّي إذا ما استقررت في عدم إقراري بمسؤوليّة أعمالي . تذكّر : " إنّ نموّنا الذاتيّ يبدأ حيث نتوقّف عن ملامة الآخرين و تحميلهم مسؤولية سلوكنا الشخصيّ" . لاحظ كم تختلف أحياناً ردّات فعلنا على السلوك الواحد أو الموقف نفسه من شخص يزعجنا أو يثير غضبنا , يجد فيه آخر ما يستحقّ الشفقة . و مردّ ذلك كلّه النظرة إلى الآخر . فإذا ما بدا لي الآخر و كأنّه يتعمّد إزعاجي أو إثارة غضبي , أتت ردّة فعلي العاطفيّة على سلوكه استنكاراً أو غضباً أو استهزاء . و لكن إذا ما بدا لي محروماً أو مريضاً فمن الأرجح أنّه سيلقى منّي عطفاً و اهتماماً . |
||||
![]() |
![]() |
#195 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 13 أيلول ترتكز صحّة الإنسان على رؤيته قبل كلّ شيء , و على مواقفه الأساسيّة من الوجود , فالصحّة لا تتمثّل فقط في غياب العوارض المرضيّة . و كذلك الحريّة الحقيقيّة , فجذورها قائمة في رؤية الإنسان الأساسيّة , في نظرته إلى الوجود , و هي لا تقوم على عدم حصول إكراه خارجيّ . أنا أرى المسيح يعيش حياة من الحريّة تثير الإعجاب و ما ذلك سوى نتيجة لرؤيته الأساسيّة , لموقفه الأساسيّ من الوجود : هو حرّ إلى حدّ معايشته البغايا و المنبوذين , كما أنّه أعرب بكلّ حريّة عن خوفه العميق أمام الموت من دون أن يسلبه ذلك الخوف حرّيّة قراره بأن يقدّم حياته كفعل حبّ و لسان حال يقول لكلّ منّا : " إذا ما جعلت من رسالتي ( رؤيتي ) الأساس لحياتك , آنذاك ستعرف الحقّ و الحقّ يحرّرك !" . و ما هي الرؤية التي تكمن وراء رسالة المسيح و نهج حياته ؟ قد تشمل تلك الرؤية أموراً كثيرة , و لكن ما هو يقين أنّها دعوة إلى عيش ملء الحياة . " أمّا أنا فقد أتيت لتكون الحياة للناس و تفيض فيهم " ( يو 10 / 10 ) . |
||||
![]() |
![]() |
#196 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 14 أيلول ![]() هذا يعني أنّ كلّ ما يعمله الله هو محبّة . فكما أنّ الشمس ترمي بدفئها و نورها على مَن ينتظر , فكذلك الله يُغدق بدفئه و نوره على كلّ الذين يقبلونهما . هذا يعني أنّ الله لا يغضب , و لا يعاقب . عندما نبتعد عن الله و نتنكّر لحبّه من جرّاء خطئنا , نتغيّر نحن , أمّا الله فباقٍ على ما هو عليه , ثابت على حبّه اللامتناهيّ . و الحبّ مشاركة , مشاركة في الذات و في الحياة . و هدف الله من خلقنا هو مشاركة كلّ منّا في ذاته و في حياته . فالله في أبّوته يدعونا لنكون عائلته الإنسانيّة , لنكون جماعة محبّة , يعمل كلّ فرد من أفرادها في سبيل سعادة الكلّ . |
||||
![]() |
![]() |
#197 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 15أيلول الله محبّة , خلقك على صورته و مثاله . فالحبّ دعوتك , بل إنّه قدرك . و هو كمال طبعك البشريّ . و الحبّ هبة من الله , إنّه أسمى ثمار الروح . و من الضروريّ أن تدرك أهميّة حبّك لنفسك . فلذلك أولوّية منطقيّة إن لم تكن كرونولوجيّة . فإذا لم تحبّب نفسك , ملأت نفسك الآلام , آلام تدفع بك لتركّز الانتباه على نفسك . الآلام المبرحة تضيق آفاق وعينا . فإذا فشلت في حبّك لنفسك فلن تنجح لا في حبّ الله و لا في حبّ قريبك . لذا عليك أن تعرف كيف تقدّم لنفسك ما تقدّم لمَن تحبّ : عليك أن تقرّ لنفسك بما هو حسن لديك وتثبّته . و عليك أن تتفهمّ بلطف ما هو ضعيف و محدود في ذاتك . و عليك أن تعي حاجاتك و تحاول الاستجابة لها . الفيزيولوجيّة منها و النفسيّة و الروحيّة . و بينما أنت تتمرّس على حبّك لنفسك , عليك أن تتعلّم أيضاً كيف توافق بين اهتمامك بنفسك و اهتمامك بالآخرين . " كلّ ما تعمله لأحد أخوتي هؤلاء الصغار فلي تعمله " . و تذكّر أنّ نجاحك في حبّ الآخرين رهن بانفتاحك على قبول حبّ الله لك , كما أنّه رهن بحقيقة حبّك لنفسك . و مقياس نجاحك في الحياة سيبقى , في النهاية , عمق حبّك و مدى رقّته و شفافيّته . |
||||
![]() |
![]() |
#198 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 16 أيلول ![]() سآتي إليك أحياناً لموآساتك في مصابك , و أحياناً أخرى لأُدخل في نفسك قلقاً يسلب منك رفاهيّتك . و لكن مهما فعلت فسوف أفعله دوماً في سبيل حبّك و حثّك على النموّ . سأكون حاضراً معك نوراً لظلمتك و قوّة لضعفك . و سآتيك لأملأ فراغك و أجبر كسرك و أشفي سقمك و أقوّم ما التوى فيك و أحيي كلّ صلاح لديك . فابق على اتحادك بي , و اقبل حبي هذا و أنعم بصداقتي و دفئي ,و كن قويّاً بقوّتي فتحمل ثمراً كبيراً , و تكمن فيك الحياة . آخر تعديل Hobbit يوم 16/09/2009 في 16:14. |
||||
![]() |
![]() ![]() |
|
|