نيقولا
28/06/2005, 01:05
كلمة بداية : في أولى مشاركاتي في هذا الموقع وهذا الركن الحساس أتوجه برجاء حار من الأخوة الذين يتفضلون بقراءة ما كتبت الرد بموضوعية سواء كتوضيح أو تساؤل مؤكداً مجدداً على النأي عن أي تهجم أو تهكم , اللهم إلا إن بدأت أنا بذلك وحتماً بدون قصد , مع التأكيد على مد يد التواصل مع الجميع دون استثناء . وشكراً.
قرأت الكثير مما ورد في هذا الباب من مشاركات وردود وآلمني كثيراً أن الحديث في الشؤون الدينية حتى الآن لا يزال عامل تفرقة بدل أن يكون عامل تلاقٍ ؛ والحوار هنا مسيحي – إسلامي فقط لأن المشاركين هم من الطرفين بينما حوار الأديان أكثر شمولية. فرغبت أن أطرح برأيي بكل تواضع في هذا المجال مضمناً فيه خبرتي التي اكتسبتها من علاقاتي مع أخوة كثيرين من كافة الإتجاهات الفكرية والعقائدية في بلدنا .
نحن الآن في القرن الواحد والعشرين , ولا نزال نتحدث بلغة تهميش وتجريد الطرف الآخر من الحقائق التي يؤمن بها لصالح ما نؤمن به , فإن لم يكن بدافع من جذب الآخر إلينا فلعله يكون بدافع بلبلة الآخر وتشويش عقله فيتزعزع إيمانه بخالقه ؛ أو ربما تزداد الهوة بين الناس المختلفين بالرأي ويزداد حقد الواحد على الآخر؛ وربما لا هذا ولا ذاك بل هو الجهل أوالبساطة في فهم الحقائق معتقدين أننا ننصر هذا الدين أو ذاك وكأننا مفوضون بذلك .
إن فهمي لموضوع حوار الأديان ينبع من إيماني بأن الخالق واحد هو الذي خلق الناس جميعاً هكذا متباينين , وكما قال القرآن الكريم أنه لو أراد لجعل الناس أمة واحدة , فما الذي لا يستطيعه الله ؟ حاشا , فهو القادر على كل شيء. ولكن كما تؤمن الكنيسة وتعلم فإن الله خلق الناس أحراراً ودعاهم إليه بعد أن ابتعدوا بضعفهم تجاه الدنيا. أي أن كل الناس مدعوون لأن يعرفوه هو الخالق ولا إله غيره , فكان كلما ابتعد الناس عنه وتشردوا في ظلام العالم مبتعدين عن معرفة الله تعالى والتي تعني معرفة إرادته والعمل بما أمر به لنفع الناس وخلاصهم , يرسل لهم من يذكرهم بكلامه وإرادته ويردهم إليه , فكان الأنبياء . وفي هذا الإطار يتلاقى الإسلام مع المسيحية حسب اعتقادي .
إلا أن الخلاف يتمحور بشكل أساسي حول عدة نقاط لا يجوز أن نلف وندور حولها بل أن نطرقها بجرأة محاولين فهم تصور المسلمين والمسيحيين لها , وسأحاول إيجازها وأرجو ألا أغفل منها شيئاً :
- تؤمن المسيحية أن البشرية أخطأت بواسطة الجدين الأولين ( آدم وحواء) بسبب معصيتهما وصية الله في الفردوس , مما أفقدهما الخلود والفردوس ودفع بهما وبالتالي نسلهما إلى الأرض حيث الشقاء والعمل والمرض والموت .وأن الخطيئة هذه أنتجت الموت الروحي والجسدي بسبب ابعادها البشر عن الله مصدر كل حياة . فيما لا يقول الإسلام بهذا المفهوم للخطيئة والموت .
- تؤمن المسيحية بأن الله دبر خلاص البشرية الخاطئة منذ اللحظة الأولى للخطيئة في الفردوس وأنه بدأ يعد البشرية لتقبل الخلاص الآتي والذي هو – حسب المسيحية – كلمة الله الحية والمحيية , وذلك بواسطة أنبياء ومرسلين يهيئون الناس لكلمة الله , وبأن هذه الكلمة الإلهية قد أتت في النهاية لابسة جسداً بشرياً بيسوع المسيح الذي هو كلمة الله – ودائماًحسب المسيحية – التي اختارت أن تتخذ من حشا البتول مريم الطاهرة جسداً بشرياً وتحيا كماالبشر ليعلم البشر كيف يمكن أن يحيوا كما يريد الله . بينما يرى الإسلام أن الله أرسل أنبياءه ليدعوا الناس إلى عبادته وعمل مشيئته متتماً وخاتماً ذلك بالنبي محمد ( ص ) الذي شمل كافة الدعوات السابقة وحض على احترام كل ما قاله الأنبياء السابقون وأنه إنما أكمل وأتم وختم ما بدؤوه , حيث أن كتبهم وتعاليمهم اختفت أو أخفيت أو حرّفت من قبل أتباعهم فيما بعد ... إلخ .
- إيمان المسيحية بأن الله إله واحد ولكن في ثلاثة أقانيم , متحدة في الجوهر الإلهي , ولكنها ثلاثة أقانيم :
" الآب " الذي منه ولد الأقنوم الثاني " الكلمة " قبل كل الدهور والأزمنة مساوٍ له في الألوهة وعدم الإبتداء والجوهر , ومن الآب انبثق الأقنوم الثالث " الروح القدس " روح الله الحي قبل كل الدهور أيضاً . وتؤكد الكنيسة أنها تلقت هذا الثالوث ( الآب وكلمته الخلاقة وروحه المحيي ) من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد و أن الأقانيم الثلاثة موجودة قبل كل زمن ودهر وهي الله الواحد لأنها متحدة في الجوهر والإرادة , ويقول المؤمن " بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين " . فالآب مصدر الكل وهو بكلمته ( الأقنوم الثاني ) خلق العالم وما فيه والعالم يحيا ويستمر بروح الله القدوس مصدر كل الحياة . ولاتخوض الكنيسة في هذه العقيدة أكثر من الضروري لفهم الإيمان ليس خوفاً أو تجاهلاً لأنه حاشا للمخلوق أن يخضع الخالق للتحليل والتشريح . بل تؤكد وحدانيتهم وتمايزهم كما النور والضوء والحرارة في الشمس – مع كل الإقرار بعدم جواز أي تشبيه ولكن للإيضاح فقط - وأعتذر سلفاً عن التشبيه . بينما يقول الإسلام بوحدانية الله المطلقة ولا يؤمن بالأقانيم تشديداً منه وتأكيداً للوحدانية.
- ومما سبق فالذي أتى من مريم – حسب المسيحية – هو كلمة الله أو الأقنوم الثاني الكلمة الذي تجسد متنازلاً ليحقق مشيئة الله بخلاص البشر بعد أن أرسل لهم الأنبياء الذين يحدثونهم عن الخلاص القادم , ومن باب أن الذي يخلص البشر هو الله لأن كل البشر مخطئين والخاطيء لا يخلّص خاطئاً كما أن الأعمى لا يقود أعمى . بينما يرى فيه الإسلام إنساناً مختاراً من الله ونبياً كغيره ودعوته تتوافق مع سابقيه ومع النبي محمد الذي أتى بعده خاتماً زمن النبوءات وداعياً الجميع للإسلام .
- عدم اعتراف المسيحية بنبي بعد المسيح انطلاقاً من إيمانهم بألوهية المسيح وبأنه من سيأتي بعد تجسد كلمة الله وإتمام الإرادة الإلهية ؟ ومن سيكمل ما لم يفعله الله ؟ بينما لا يعترف القرآن بهذا انطلاقاً من عدم اعترافه بألوهية المسيح بل بنبوته وبأنه وعد بمجيء النبي محمد (ص ) خاتماً للنبيين والمرسلين .
- عدم أخذ الإسلام بالمفهوم المسيحي للخلاص وإرادة الله التي تحققت في المسيح يسوع عبر تجسد الكلمة والموت على الصليب كفارة عن خطيئة البشرية التي أنتجت الموت كما ذكرت ومن ثم قهر الموت بالموت ذاته والولوج بالبشر إلى الفردوس المفقود والحياة الأبدية التي فقدتها البشرية بعصيان جديها الأولين .
أرجو إن أكون قد أحطت بجميع النقاط بالإطار العام لها , أو على الأقل بالجانب الأكبر من نقاط البعد والابتعاد بين المسيحيين والمسلمين . ولا أقول بين المسيحية والإسلام وسآتي على تعليل ذلك لاحقاً – من وجهة نظري البسيطة وبتواضع –
وفي الجزء الثاني سأحاول توضيح الرؤية المسيحية لتلك النقاط ورؤية المسيحيين لها . وكذلك بالنسبة للإسلام والمسلمين . وليس هدفي من المشاركة الإتيان بالشواهد من هنا وهناك لنقض فكرة وإثبات أخرى . بل هدفي توضيح ما يؤمن به المسيحي للأخ المسلم ومحاولة شرح وجهة نظر المسلم للمسيحي بحسب معرفتي بها. فأنا أعتقد أن كل منا يؤمن بأنه تلقى إيمانه من الله عز وجلّ وبالتالي لن يتخلى عنه . لكن المهم برأيي إزالة أي غموض ولبس لتصفية القلوب ووأد الكراهية واقترابنا جميعاً بقلب واحد من خالق واحد نؤمن جميعنا بوحدانيته . والله هو الموفق إلى خيرنا جميعاً ... ( يتبع ) .
قرأت الكثير مما ورد في هذا الباب من مشاركات وردود وآلمني كثيراً أن الحديث في الشؤون الدينية حتى الآن لا يزال عامل تفرقة بدل أن يكون عامل تلاقٍ ؛ والحوار هنا مسيحي – إسلامي فقط لأن المشاركين هم من الطرفين بينما حوار الأديان أكثر شمولية. فرغبت أن أطرح برأيي بكل تواضع في هذا المجال مضمناً فيه خبرتي التي اكتسبتها من علاقاتي مع أخوة كثيرين من كافة الإتجاهات الفكرية والعقائدية في بلدنا .
نحن الآن في القرن الواحد والعشرين , ولا نزال نتحدث بلغة تهميش وتجريد الطرف الآخر من الحقائق التي يؤمن بها لصالح ما نؤمن به , فإن لم يكن بدافع من جذب الآخر إلينا فلعله يكون بدافع بلبلة الآخر وتشويش عقله فيتزعزع إيمانه بخالقه ؛ أو ربما تزداد الهوة بين الناس المختلفين بالرأي ويزداد حقد الواحد على الآخر؛ وربما لا هذا ولا ذاك بل هو الجهل أوالبساطة في فهم الحقائق معتقدين أننا ننصر هذا الدين أو ذاك وكأننا مفوضون بذلك .
إن فهمي لموضوع حوار الأديان ينبع من إيماني بأن الخالق واحد هو الذي خلق الناس جميعاً هكذا متباينين , وكما قال القرآن الكريم أنه لو أراد لجعل الناس أمة واحدة , فما الذي لا يستطيعه الله ؟ حاشا , فهو القادر على كل شيء. ولكن كما تؤمن الكنيسة وتعلم فإن الله خلق الناس أحراراً ودعاهم إليه بعد أن ابتعدوا بضعفهم تجاه الدنيا. أي أن كل الناس مدعوون لأن يعرفوه هو الخالق ولا إله غيره , فكان كلما ابتعد الناس عنه وتشردوا في ظلام العالم مبتعدين عن معرفة الله تعالى والتي تعني معرفة إرادته والعمل بما أمر به لنفع الناس وخلاصهم , يرسل لهم من يذكرهم بكلامه وإرادته ويردهم إليه , فكان الأنبياء . وفي هذا الإطار يتلاقى الإسلام مع المسيحية حسب اعتقادي .
إلا أن الخلاف يتمحور بشكل أساسي حول عدة نقاط لا يجوز أن نلف وندور حولها بل أن نطرقها بجرأة محاولين فهم تصور المسلمين والمسيحيين لها , وسأحاول إيجازها وأرجو ألا أغفل منها شيئاً :
- تؤمن المسيحية أن البشرية أخطأت بواسطة الجدين الأولين ( آدم وحواء) بسبب معصيتهما وصية الله في الفردوس , مما أفقدهما الخلود والفردوس ودفع بهما وبالتالي نسلهما إلى الأرض حيث الشقاء والعمل والمرض والموت .وأن الخطيئة هذه أنتجت الموت الروحي والجسدي بسبب ابعادها البشر عن الله مصدر كل حياة . فيما لا يقول الإسلام بهذا المفهوم للخطيئة والموت .
- تؤمن المسيحية بأن الله دبر خلاص البشرية الخاطئة منذ اللحظة الأولى للخطيئة في الفردوس وأنه بدأ يعد البشرية لتقبل الخلاص الآتي والذي هو – حسب المسيحية – كلمة الله الحية والمحيية , وذلك بواسطة أنبياء ومرسلين يهيئون الناس لكلمة الله , وبأن هذه الكلمة الإلهية قد أتت في النهاية لابسة جسداً بشرياً بيسوع المسيح الذي هو كلمة الله – ودائماًحسب المسيحية – التي اختارت أن تتخذ من حشا البتول مريم الطاهرة جسداً بشرياً وتحيا كماالبشر ليعلم البشر كيف يمكن أن يحيوا كما يريد الله . بينما يرى الإسلام أن الله أرسل أنبياءه ليدعوا الناس إلى عبادته وعمل مشيئته متتماً وخاتماً ذلك بالنبي محمد ( ص ) الذي شمل كافة الدعوات السابقة وحض على احترام كل ما قاله الأنبياء السابقون وأنه إنما أكمل وأتم وختم ما بدؤوه , حيث أن كتبهم وتعاليمهم اختفت أو أخفيت أو حرّفت من قبل أتباعهم فيما بعد ... إلخ .
- إيمان المسيحية بأن الله إله واحد ولكن في ثلاثة أقانيم , متحدة في الجوهر الإلهي , ولكنها ثلاثة أقانيم :
" الآب " الذي منه ولد الأقنوم الثاني " الكلمة " قبل كل الدهور والأزمنة مساوٍ له في الألوهة وعدم الإبتداء والجوهر , ومن الآب انبثق الأقنوم الثالث " الروح القدس " روح الله الحي قبل كل الدهور أيضاً . وتؤكد الكنيسة أنها تلقت هذا الثالوث ( الآب وكلمته الخلاقة وروحه المحيي ) من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد و أن الأقانيم الثلاثة موجودة قبل كل زمن ودهر وهي الله الواحد لأنها متحدة في الجوهر والإرادة , ويقول المؤمن " بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين " . فالآب مصدر الكل وهو بكلمته ( الأقنوم الثاني ) خلق العالم وما فيه والعالم يحيا ويستمر بروح الله القدوس مصدر كل الحياة . ولاتخوض الكنيسة في هذه العقيدة أكثر من الضروري لفهم الإيمان ليس خوفاً أو تجاهلاً لأنه حاشا للمخلوق أن يخضع الخالق للتحليل والتشريح . بل تؤكد وحدانيتهم وتمايزهم كما النور والضوء والحرارة في الشمس – مع كل الإقرار بعدم جواز أي تشبيه ولكن للإيضاح فقط - وأعتذر سلفاً عن التشبيه . بينما يقول الإسلام بوحدانية الله المطلقة ولا يؤمن بالأقانيم تشديداً منه وتأكيداً للوحدانية.
- ومما سبق فالذي أتى من مريم – حسب المسيحية – هو كلمة الله أو الأقنوم الثاني الكلمة الذي تجسد متنازلاً ليحقق مشيئة الله بخلاص البشر بعد أن أرسل لهم الأنبياء الذين يحدثونهم عن الخلاص القادم , ومن باب أن الذي يخلص البشر هو الله لأن كل البشر مخطئين والخاطيء لا يخلّص خاطئاً كما أن الأعمى لا يقود أعمى . بينما يرى فيه الإسلام إنساناً مختاراً من الله ونبياً كغيره ودعوته تتوافق مع سابقيه ومع النبي محمد الذي أتى بعده خاتماً زمن النبوءات وداعياً الجميع للإسلام .
- عدم اعتراف المسيحية بنبي بعد المسيح انطلاقاً من إيمانهم بألوهية المسيح وبأنه من سيأتي بعد تجسد كلمة الله وإتمام الإرادة الإلهية ؟ ومن سيكمل ما لم يفعله الله ؟ بينما لا يعترف القرآن بهذا انطلاقاً من عدم اعترافه بألوهية المسيح بل بنبوته وبأنه وعد بمجيء النبي محمد (ص ) خاتماً للنبيين والمرسلين .
- عدم أخذ الإسلام بالمفهوم المسيحي للخلاص وإرادة الله التي تحققت في المسيح يسوع عبر تجسد الكلمة والموت على الصليب كفارة عن خطيئة البشرية التي أنتجت الموت كما ذكرت ومن ثم قهر الموت بالموت ذاته والولوج بالبشر إلى الفردوس المفقود والحياة الأبدية التي فقدتها البشرية بعصيان جديها الأولين .
أرجو إن أكون قد أحطت بجميع النقاط بالإطار العام لها , أو على الأقل بالجانب الأكبر من نقاط البعد والابتعاد بين المسيحيين والمسلمين . ولا أقول بين المسيحية والإسلام وسآتي على تعليل ذلك لاحقاً – من وجهة نظري البسيطة وبتواضع –
وفي الجزء الثاني سأحاول توضيح الرؤية المسيحية لتلك النقاط ورؤية المسيحيين لها . وكذلك بالنسبة للإسلام والمسلمين . وليس هدفي من المشاركة الإتيان بالشواهد من هنا وهناك لنقض فكرة وإثبات أخرى . بل هدفي توضيح ما يؤمن به المسيحي للأخ المسلم ومحاولة شرح وجهة نظر المسلم للمسيحي بحسب معرفتي بها. فأنا أعتقد أن كل منا يؤمن بأنه تلقى إيمانه من الله عز وجلّ وبالتالي لن يتخلى عنه . لكن المهم برأيي إزالة أي غموض ولبس لتصفية القلوب ووأد الكراهية واقترابنا جميعاً بقلب واحد من خالق واحد نؤمن جميعنا بوحدانيته . والله هو الموفق إلى خيرنا جميعاً ... ( يتبع ) .