أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > المكتبة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03/05/2008   #127
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي مؤلفاتـــــــه :تتمة


جداريــــــة
محمود درويش


في تحليل لغلاف الكتاب :
اللون الأخضر يرمز للحياة والابيض يرمز للموت..


قصيدة كتبت عام 1999
منشورات رياض الريس للكتب والنشر
بيروت – لبنان
الطبعة الأولى: حزيران/يونيو 2000


ملحمة تخترق جدار الصوت والصمت معا لتغوص به انطلاقا من تجربة كيانية وجودية أساسها الإنسان الفلسطيني، ولكن انطلاقا من تجربة حياتية كتبت في لحظة البين بين. برزخ بين الحياة والموت


يبدأ الجدارية بـ :


"هذا هُوَ اسمُك /
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي .
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني
كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ
أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
الفَلَك الأَخيرِ" .


إن المجاورة بين اليهودية والإسلام هي تاريخ من جذر إبراهيمي يشترك في يمينية الكتابة ( الكتابة من اليمين إلى اليسار)، في تقديس أماكن الصلاة، في التشدد في القيم وفي...
يقول محمود :

" أعلى من الأغوار كانت حكمتي
إذ قلت للشيطان : لا. لا تمتحني
لا تضعني في الثنائيات، واتركني
كما أنا زاهدا برواية العهد القديم
وصاعدا نحو السماء، هناك مملكتي
خذ التاريخ، يا ابن أبي، خذ
التاريخ... واصنع بالغرائز ما تريد


وحين تكون الجدارية تحكي حياة البرزخ..يقول محمود درويش في جداريته:
"قام أنكيدو ولم ينهض" (ص:81)
قمة
الإنسان
هاوية
" أنكيدو ترفق
كن وعد من حيث مت، لعلنا
نجد الجواب، فمن أنا وحدي:
ولكن
" كل شيء باطل أو زائل، أو
زائل أو باطل"

بين الأعلى والأسفل ومن خلال منطقة الظلمة الدقيقة هاته تأتي هاته المقاطع التي تمثل بؤرة النص إنها منطقة الاستعصاء في أقصى لحظات الصراع مع المرض والجراح مع الذات والآخر



يحاور الموت طويلا..
في الزمن البين بين، الزمن الذي كان الشاعر فيه بين لحظتين موت/وحياة، إدراك/ولا إدراك. في هذا الحد الفاصل بين الأبيض والأخضر، بين الحياة واللا حياة ، بين الإدراك وعدمه نشأت الجدارية . علها تحد ولو مؤقتا من سلطة هذا القاهر : الموت :
" أيها الموت انتظرني خارج الأرق
انتظرني في بلادك. ريثما أنهي
حديثا عابرا مع ما تبقى من حياتي

.".....لا تحدق
يا قوي إلى شراييني لترصد نقطة
الضعف الأخيرة. أنت أقوى من
نظام الطب. أقوى من جهاز
النفس.... "



ولكن هذا الجدار الذي يحد من حياة الإنسان وإدراكه المباشر للأشياء سيهزم على جدارية محمود درويش :

" هزمتك يا موت الفنون جميعها
هزمتك يا موت الأغاني في بلاد
الرافدين.... "

ويختم الجدارية بقوله :

"هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
واسمي -
وإن أخطأتُ لفظ اسمي على التابوت -
لي .
أَما أَنا - وقد امتلأتُ
بكُلِّ أَسباب الرحيل -
فلستُ لي .
أَنا لَستُ لي
أَنا لَستُ لي"


وأخيرا يطول الشرح في الملحمة الجدارية وتحليلاتها وهذه كانت لمحة قصيرة..


عندي ثقـــــــة فيـــــــك ...



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

الأمــــــل باقي
  رد مع اقتباس
قديم 03/05/2008   #128
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


لماذا تركت الحصان وحيدا



الطبعة الأولى 1995
الطبعة الثانية1996
منشورات رياض الريس للكتب والنشر
بيروت لبنان

قصائد الديوان
أرى شبحي قادما من بعيد، (أيقونات من بلور المكان: في يدي غيمة، قرويون من غير سوء، ليلة البوم، أبد الصبار، كم مرة ينتهي أمرنا، إلى آخري وإلى آخره)،
(فضاء هابيل: عود اسماعيل، نزهة الغرباء، حبر الغراب، سنونو التتار، مر القطار)،
(فوضى على باب القيامة: البئر، كالنون في سورة الرحمن، تعاليم حورية، أمشاط عاجية، أطوار أنات، مصرع العنقاء)،
(غرفة للكلام مع النفس: تدابير شعرية، من روميات أبي فراس الحمداني، من سماء إلى أختها يعبر الحالمون، فال المسافر للمسافر: لن أعود كما، قافية من أجل المعلقات، الدوري، كما هو)
، (مطر فوق برج الكنيسة: هيلين، يا له من مطر، ليل يفيض من الجسد، للغجرية سماء مدربة، ، تمارين أولى على جيتارة اسبانية، أيام الحب السبعة)،
(أغلقوا المشهد: شهادة من برتولت بريخت أمام محكمة عسكرية، خلاف، غير لغوي، مع امريء القيس، متتاليات لزمن آخر، عندما يتبعد).
مقتطفات من قصيدة من الديوان

ليل يفيض من الجسد

ياسمينٌ على ليل تمّوز، أغنيّةٌ

لغريبين يلتقيان على شارعٍ

لا يؤدّي إلى هدفٍ ...

من أنا بعد عينين لوزيّتين؟ يقول الغريب

من أنا بعد منفاك فيّ؟ تقول الغريبة.

إذن، حسنًا، فلنكن حذرين لئلا

نحرّك ملح البحار القديمة في جسدٍ يتذكّر...

كانت تعيد له جسدًا ساخنًا،

ويعيد لها جسدًا ساخنًا.

هكذا يترك العاشقان الغريبان حبّهما فوضويًّا،

كما يتركان ثيابهما الداخليّة بين زهور الملاءات...

- إن كنت حقًا حبيبي، فألّف

نشيد أناشيد لي، واحفر اسمي

على جذع رمّانةٍ في حدائق بابل...

- إن كنت حقًا تحبّينني، فضعي

حلمي في يديّ. وقولي له، لابن مريم،

كيف فعلت بنا ما فعلت بنفسك،

يا سيّدي؟ هل لدينا من العدل ما سوف

يكفي ليجعلنا عادلين غدًا؟

- كيف أشفى من الياسمين غدًا؟
- كيف أشفى من الياسمين غدًا؟

يعتمان معًا في ظلالٍ تشعّ على

سقف غرفته: لا تكن معتمًا

بعد نهديّ - قالت له ...


- يا حبيبي، لو كان لي

أن أكون صبيًّا... لكنتك أنت

- ولو كان لي أن أكون فتاةً

لكنتك أنت!...

وتبكي، كعادتها، عند عودتها

من سماءٍ نبيذيّة اللون:

خذني

إلى بلدٍ ليس لي طائرٌ أزرقٌ

فوق صفصافة يا غريب!

وتبكي، لتقطع غاباتها في الرحيل

الطويل إلى ذاتها: من أنا؟

من أنا بعد منفاك في جسدي؟

آه منّي، ومنك، ومن بلدي


- من أنا بعد عينين لوزيّتين؟

أريني غدي!...

هكذا يترك العاشقان وداعهما

فوضويًّا، كرائحة الياسمين على ليل تمّوز...


في كلّ تمّوز يحملني الياسمين إلى

شارع، لا يؤدّي إلى هدفٍ،

بيد أني أتابع أغنيّتي:

ياسمينٌ على ليل تمّوز......






  رد مع اقتباس
قديم 03/05/2008   #129
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


كزهر اللوز ..أو أبعد




سنة النشر :2005
منشورات رياض الريس
الطبعة الأولى

كتاب جميل جدا بحبو كتير
بحب الفلسفة البسيطة فيه
لذلك يمكن تكون المقتطفات كتيرة

مقتطفات من الكتاب
"إن مشيت على شارعٍ لا يؤدي إلى هاوية
قُل لمن يجمعون القمامة: شكراً!
إن رجعتَ إلى لبيت، حيّاً، كما ترجع القافية
بلا خللٍ، قُلْ لنفسك: شكراً!
إن توقَّعتَ شيئاً وخانك حدسك،فاذهب غداً
لتى أين كُنتَ، وقُلْ للفراشة: شكراً!
إن صرخت بكل قواك، ورد عليك الصدى
"مَنْ هناك؟" فقل للهويّة: شكراً!
إن نظرتَ إلى وردةٍ دون أن توجعكْ
وفرحتَ بها، قل لقلبك: شكراً!
إن نهضت صباحاً، ولم تجد الآخرين معك
يفركون جفونك، قل للبصيرة: شكراً!
إن تذكرت حرفاً من اسمك واسم بلادك،
كن ولداً طيباً!
ليقول لك الربُّ: شكراً! "

" فكربغيرك

وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ



[لا تَنْسَ قوتَ الحمام]


وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ

[لا تنس مَنْ يطلبون السلام]


وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ

[مَنْ يرضَعُون الغمامٍ]

وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ

[ لا تنس شعب الخيامْ]


وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ

[ثمّةَ مَنْ لم يحد حيّزاً للمنام]


وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ

[مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام]

وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك

[قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام]




"حين تُطيل التأمُّلَ في وردةٍ
جَرَحَت حائطاً، وتقول لنفسكَ:
لي أملٌ في الشفاء من الرمل /
يخضرُّ قلبُكَ...
حين تُرافقُ أُنثى إلى السيرك
ذاتَ نهارٍ جميلٍ كأيثونةٍ ....
وتحلُّ كضيفٍ على رقصة الخيل /
يحمرُّ قلبكَ ...
حين تعُدُّ النجومَ وتُخطئُ بعد
الثلاثة عشر، وتنعس كالطفل
في زُرقة الليلِ /
يبيضُّ قلبُكَ ...
حين تَسيرُ ولا تجد الحُلْمَ
يمشي أمامك كالظلّ /
يصفرُّ قلبك ..."

  رد مع اقتباس
قديم 03/05/2008   #130
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


كلمة محمود درويش عن كتابه الأخير " كزهر اللوز أو أبعد"




ليس دفاعا عن كتابي الجديد

محمود درويش
(فلسطين)

لستُ من الذين ينظرون إلي المرآة برضا. المرآة هنا هي انكشاف الذات في صورة صارت ملكية عامة... أي صار من حق غيرها أن يبحث عن ملامح ذاته فيها. فإذا وجد فيها ما يشبهه أو يعنيه من تعبير وتصوير، قال: هذا أنا. وإذا لم يعثر علي شراكة في النص / الصورة، أشاح بوجهه قائلاً: لا شأن لي!
كما أخشي هذا التعليق الذي صار رائجاً في العلاقة بين الكثير من الشعر الحديث وبين أغلبية القُرَاء، منذ استمرأ الكثيرون من الشعراء توسيع الهُوَة بين القصيدة
وكاتبها الثاني: المتلقِي الذي لا يتحقق المشروع الشعري بدونه، وبدون تحركه في اتجاه النص. التُهَمُ متبادلة بين الطرفين. لكن أزمة الشعر، إذا كانت هنالك أَزمة، هي أزمة شعراء. وعلي كل شاعر أن يجتهد في حلِها بطريقته الإبداعية الخاصة.

أَعلَمُ أنني سأُتَهم، مرة أخري، بمعاداة شعر الحداثة العربية التي يُعرِفُها العُصَابيُون بمعيارين.
الأول: انغلاق الأَنا علي محتوياتها الذاتية دون السماح للداخل بالانفتاح علي الخارج.
والثاني: إقصاء الشعر الموزون عن جنَة الحداثة.. فلا حداثة خارج قصيدة النثر.
وتلك مقولة تحوَلت عقيدةً يُكَفِرُ مَنْ يقترب من حدودها متسائلاً. وكُلُ مَنْ يُسَائِلُ الحداثة الشعرية عما وصلت إليه يُتَهَم، تلقائياً، بمعاداة قصيدة النثر!

لم أَكُفَ عن القول إن قصيدة النثر التي يكتبها الموهوبون هي من أَهم منجزات الشعر العربي الحديث، وإنها حقَقت شرعيتها الجمالية من انفتاحها علي العالم، وعلي مختلف الأجناس الأَدبية، لكنها ليست الخيار الشعري الوحيد، وليست الحل النهائي للمسألة الشعرية التي لا حلَ نهائياً لها، فالفضاء الشعري واسع ومفتوح لكل الخيارات التي نعرفها والتي لا نعرفها. ونحن القراء لا نبحث في التجريب الشعري المتعدِد إلاَ عن تحقُق الشعرية في القصيدة، سواء كانت موزونةً أَو نثرية.

وأَعلم أَيضاً أَن مجموعتي الشعرية الجديدة، كسابقاتها، ستُزوِد خصومي الكثيرين بمزيد من أَسلحة الاغتيال المعنوي الشائعة في ثقافة الكراهية النشطة.
سيُقال ـ كما قيل ويُقال ـ إنني تخليت عن شعر المقاومة . وسأعترف أمام القضاة المتجهمين بأَنني تخلَيت عن كتابة الشعر السياسي المباشر محدود الدلالات، دون أَن أَتخلَي عن مفهوم المقاومة الجمالية بالمعني الواسع للكلمة...
لا لأن الظروف تغيَرت، ولأننا انتقلنا "من المقاومة إلي المساومة ، كما يزعم فقهاءُ الحماسة، بل لأن علي الأسلوبية الشعرية أن تتغيَر باستمرار، وعلي الشاعر أن لا يتوقف عن تطوير أَدواته الشعرية، وعن توسيع أُفقه الإنساني، وأن لا يكرِر ما قاله مئات المرات... لئلاَ تصاب اللغة الشعرية بالإرهاق والشيخوخة والنمطية،
وتقع في الشَرَك المنصوب لها: أَن تتحجر في القول الواحد المعاد المـُكَرَر. فهل هذا يعني التخلِي عن روح المقاومة في الشعر؟

أَما من دليل آخر علي المقاومة سوي القول مثلاً: سجّل أنا عربي،
أو تكرار شعار: سأُقاوم وأُقاوم؟ فليس من الضروري، لا شعرياً ولا عملياً، أن يقول المقاوم إنه يُقاوم، كما ليس من الضروري أن يقول العاشق إنه يعشق. لقد سمَانا غسان كنفاني شعراء مقاومة دون أَن نعلم أَننا شعراء مقاومة. كنا نكتب حياتنا كما نعيشها ونراها.
وندوِن أحلامنا بالحرية وإصرارنا علي أن نكون كما نريد.
ونكتب قصائد حب للوطن ونساء محدَدات. فليس كل شيء رمزياً. وليس كل ساق شجرة نخيل خصر امرأة أو بالعكس!
لا يستطيع الشاعر أن يتحرَر من شرطه التاريخي. لكن الشعر يوفِر لنا هامش حرية وتعويضاً مجازياً عن عجزنا عن تغيير الواقع، ويشدنا إلي لغة أَعلي من الشروط التي تُقيِدنا وتُعرقل الانسجام مع وجودنا الإنساني، وقد يُساعدنا علي فهم الذات بتحريرها مما يُعيق تحليقها الحر في فضاء بلا ضفاف.
إن التعبير عن حق الذات في التعرف علي نفسها، وسط الجماعة، هو شكل من أشكال البحث عن حرية الأفراد الذين تتكون منهم الجماعة. ومن هنا، فإن الشعر المعبر عن سِمَاتنا الإنسانية وهمومنا الفردية ـ وهي ليست فردية تماماً ـ في سياق الصراع الطويل، يُمثِل البعد الإنساني الذاتي من فعل المقاومة الشعرية، حتى لو كان شعر حُب أو طبيعة، أو تأمُلاً في وردة، أو خوفاً من موت عادي.

ليس صحيحاً أنه ليس من حق الشاعر الفلسطيني أن يجلس علي تلَة ويتأمَل الغروب، وأَن يصغي إلي نداء الجسد أو الناي البعيد، إلا إذا ماتت روحه وروح المكان في روحه، وانقطع حبل السُرَة بينه وبين فطرته الإنسانية.
وليس الفلسطيني مهنة أو شعاراً. إنه، في المقام الأول، كائن بشري، يحبُ الحياة وينخطف بزهرة اللوز، ويشعر بالقشعريرة من مطر الخريف الأول، ويُمارس الحب تلبيةً لشهوة الجسد الطبيعة، لا لنداء آخر... وينجب الأطفال للمحافظة علي الاسم والنوع ومواصلة الحياة لا لطلب الموت، إلا إذا أَصبح الموت فيما بعد أفضل من الحياة! وهذا يعني أن الاحتلال الطويل لم ينجح في محو طبيعتنا الإنسانية، ولم يفلح في إخضاع لغتنا وعواطفنا إلي ما يريد لها من الجفاف أمام الحاجز.

إن استيعاب الشعر لقوَة الحياة البديهية فينا هو فعل مقاومة، فلماذا نتهم الشعر بالردة إذا تطلَع إلي ما فينا من جماليات حسية وحرية خيال وقاوم البشاعة بالجمال؟ إن الجمال حرية والحرية جمال. وهكذا يكون الشعر المدافع عن الحياة شكلاً من أشكال المقاومة النوعية.

هل أتساءل مرة أُخري إن كان الوطن ما زال في حاجة إلي براهين شعرية، وإن كان الشعر ما زال في حاجة إلي براهين وطنية؟ إن علاقة الشعر بالوطن لا تتحدَد بإغراق الشعر بالشعارات والخارطة والرايات. إنها علاقة عضوية لا تحتاج إلي برهان يومي، فهي سليقة ووعي وإرادة. ميراث واختيار. مُعْطيً ومبدع. ولكن الشعر الوطني الرديء يسيء إلي صورة الوطن الذي يشمل الصراع عليه وفيه مستويات إبداعية لم ننتبه إليها دائماً.

لذلك، فإن حاجتنا إلي تطوير أشكال التعبير عن الجوانب الإنسانية في حياتنا العامة والخاصة، بتطوير جماليات الشعر، وأَدبية الأدب، وإتقان المهنة الصعبة، والاحتكام إلي المعايير الفنية العامة، لا إلي خصوصية الشرط الفلسطيني فقط، هي مهام وطنية وشعرية معاً، وهي ما يؤهِل شعرنا للوصول إلي منبر الحوار الإبداعي مع العالم، فيصبح الاعتراف بقدرتنا العالية علي الإبداع أحد مصادر الانتباه إلي وطن هذا الإبداع. فكم من بلد أَحببناه، دون أن نعرفه، لأننا أَحببنا أَدبه!

هكذا تمحِي الحدود بين وطنية الشعر وبين نزعته الدائمة لاجتياز حواجز الثقافات والهويات، والتحليق المشترك في الأفق الإنساني الرحب، دون أن ننسي أن للشعر دوراً خاصاً في بلورة هوية ثقافية لشعب يُحارب في هويته.
نعم، علي الشعراء أن يتذكروا كل العذاب، وأَن يُصْغوا إلي صوت الغياب، وأَن يُسَمُوا كل الأشياء، وأن يخوضوا كل المعارك. ولكن عليهم أيضاً ألا ينسوا واجبهم تجاه مهنتهم. وأَلا ينسوا أن الشعر لا يُعَرَف، أساساً، في ما يقوله، بل بنوعية القول المختلف عن العادي، وألا ينسوا أن الشعر متعة، وصنعة، وجمال. وأَن الشعر فرح غامض بالتغلُب علي الصعوبة والخسارة، وأنه رحلة لا تنتهي إلي البحث عن نفسه في المجهول.

وأنا هنا، لا أُدافع عن كتابي الجديد الذي لم يعد لي. ولم أَعد أتذكر شيئاً منه، منذ خرج مني وأَدخلني في مأزق السؤال الفادح: ماذا بعد؟ بل أُدافع عن حق الشعراء في البحث عن شعر جديد، يُنَقِي الشعر مما ليس منه. فإن شقاء التجديد المتعثِر أَفضل من سعادة التقليد المتحجر.


  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #131
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


ذاكرة للنسيان



صدرت طبعته الجديدة عن »دار رياض الريس« في 190 صفحة من الحجم الوسط
وكانت صدرت طبعته الأولى العام 1987..
كتب هذا النص الساخن قبل عشرين عاماً, عن يوم طويل من أيام حصار بيروت العام 1982 بلغة متوترة وبأسلوب يجمع بين السردي والشعري والقصصي والإخباري. وفي هذا النص تتقاطع شظايا سيرة شخصية مع أحداث الحرب حين يقف الفرد عارياً أمام مصيره..
ودار الريس أصدرت بدورها هذه الطبعة غداة الحرب الأخيرة على لبنان, لا لتقول فقط »ما أشبه اليوم بالبارحة« بل لتتذكر فصلاً من فصول الحرب الإسرائيلية الدائمة على لبنان وفلسطين ولاستعادة ملحمة من ملاحم الصمود اللبناني-الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والحصار..
من المنام يخرج منام آخر, ومن الحياة تخرج أمثولة حياة أخرى, محمود درويش في "ذاكرة للنسيان" يعيدنا, إلى مرحلة نحاول نسيانها في قاموس عمرنا المسرب على وجع وعلى خيبات يحكي عن الفضاء المحتل العام 1982 والبحر المحتل, وجبل الصنوبر المحتل وقصف الهواجس الأولى وسيرة خروج آدم من الجنة.. لم يعد له وطن ولم يعد له جسد, القصف يتواصل, قصف أناشيد المدائح, وحوارات الموت المتحركة في دم كالضوء يحرق الأسئلة الباردة كان يبحث عن امتلاء بالبارود, عن تخمة لغضب النفس, تدخل الصواريخ في مسام جلده وتخرج سالمة, ما أقواها
-يقول- ولا أحس بالجحيم التي يوزعها الهواء ما دمت أتنفس الجحيم وأتصبب جهنم, وأريد أن أنشد نعم أن أنشد لهذا النهار المحروق أريد أن أنشد, أريد أن أجد لغة تحول اللغة إلى حديد للروح, إلى لغة مضادة لهذه الطائرات.. الحشرات الفضية اللامعة.. أريد أن أنشد, أريد لغة تسندني وأسندها وتشهدني وأشهدها.. على ما فينا من قوة الغلبة على هذه العزلة الكونية وأمشي. أمشي لأراني ماشياً, ثابت الخطوة حراً حتى من نفسي, في منتصف الشارع, منتصف الشارع تماماً تنبح علي الوحوش الطائرة تبصق نارها ولا أبالي.. لم يكن يسمع إلا وقع خطواته على الإسفلت المحفور, ولا يرى أحداً, لا يبحث عن شيء, لعل عناد التحدي الذي يخفي خوف الوحدة, أو الخشية من الموت بين الأنقاض هو ما يمسك بخطواته ويضرب بها الشوارع النائمة.
لم ير بيروت من قبل في مثل هذا النوم الصباحي, ولأول مرة يرى الأرصفة أرصفة واضحة ولأول مرة يرى الشجر شجراً واضحاً, بجذوع وأغصان وأوراق دائمة الخضرة.
هو يصف بيروت في حينها.. ويتساءل هل بيروت جميلة في حد ذاتها..? كانت الحركة والحوار والزحام وضوضاء التجارة تخفي هذه الملاحظة وتحول بيروت من مدينة إلى مفهوم ومعنى ومصطلح ودلالة, كانت تطبع الكتب وتوزع الصحف, وتعقد الندوات والمؤتمرات لتعالج قضايا العالم ولا تنتبه إلى ذاتها, كانت مشغولة بمد لسان السخرية لما حولها من رمل وقمع. كانت »ورشة« حرية.
وكانت جدرانها تحمل موسوعة العالم الحديث, وكانت مصنع ملصقات, وقد تكون هي أول مدينة في العالم طورت صناعة الملصقات إلى مستوى الجريدة اليومية, ولعل قدراتها التعبيرية المتشكلة من تنوع وموت وفوضى وحرية وغربة وهجرة وشعوب قد امتلأت وفاضت عن جميع أشكال التعبير المعروفة فوجدت في الملصق ما يستوعب فائض التعبير عن اليومي, حتى أصبح الملصق لفظة دارجة في القصائد والقصص ليشير إلى خصوصية وجوه على الجدران, شهداء طازجون خارجون للتو من الحياة ومن المطبعة.. موت يعيد إنتاج موته. شهيد يزيح وجه شهيد آخر عن الحائط ويجلس مكانه إلى أن يزيحه شهيد جديد أو مطر, وشعارات تمحو شعارات.. تتبدل وترتب أولويات الحماسة والواجبات الأممية اليومية.
كل ما كان يحدث في العالم يراه درويش يحدث عندنا انعكاساً تارة ونموذجاً تارة. وقد يتشاجر مثقفان في مقهى باريسي فينقلب شجارهما الكلامي إلى اشتباك مسلح هنا.. لأن على بيروت كما يقول أن تتضامن أو تتزامن مع كل جديد ومع كل قديم يتجدد, ومع كل حركة جديدة ونظرية جديدة, سينما ثورات سريعة الدوران, فيديو للتطبيق المباشر القائد الجديد أو النجم الجديد, في أي مجال مرشح ليكون قائدها أو نجمها تطفح جدرانها بالصور والكلمات ويلهث المارة وراء وعي يتبدل.
لذا فإن أعمار النجوم بنظر محمود درويش والقادة قصيرة, لا لأن الجمهور عندنا سريع الضجر, فالجمهور ليس هنا, بل لأن السباق يجري على النمط الأميركي, ولو كانت أهدافه معادية لأميركا, فهنا مندوبون دائمون لأي وعي جديد ولأية نغمة جديدة, ولأية طفرة جديدة, من الولاعة المتدلية من صدر فتاة الجينز دليلاً على الإفراط في اليسارية إلى حجاب يغطي الوجه واليدين دليلاً على الأصالة, إلى تلقف كل إشارة تضع كارل ماركس في فهرست الاستشراق دليلاً على هبوب ريح الشرق.. إنها محطة تحويل كونية لكل خروج عن السياق, وتعميمه إلى برنامج عمل لشعب مشغول بتأمين خبزه ومائه, وبدفن قتلاه.
الشاعر كان يمشي في شارع لا يمشي فيه أحد, يتذكر أنه مشى من قبل في شارع لم يمش فيه أحد. ويتذكر أن أحداً لم يكن معه يمشي إلى البحر, في سفن نوح الحديثة. في أزرق يسفر عن أبيض لانهائي.. ولا يسفر عن ساحل إلى أين..? إلى أين يأخذنا البحر في البحر? يقول: هنا لم أمت, لم أمت بعد, سأنام.. ما النوم? ما هذا الموت السحري المفروش بأسماء العنب? جسد ثقيل كالرصاص يرميه النوم في سحابة من قطن جسد يتشرب النوم كما يتشرب النبات المهجور رائحة الندى, شاعر يدخل في النوم رويداً رويداً على وقع أصوات بعيدة أصوات قادمة من ماضٍ مبعثر على تجعد السرير والأيام يقرع باب النوم من عضلات ترتخي وتتوتر. يفتح له ذراعه, يأذن له بالدخول, يدخل يشكره يمدحه يحمده النوم يناديه وهو ينادي النوم... النوم بنظره سواد يتفكك تدريجاً إلى رمادي وأبيض... النوم أبيض, انفصال وأبيض... استقلال وأبيض.. ناعم وقوي وأبيض, النوم صحوة التعب وأنينه الأخير, للنوم أرض بيضاء وسماء بيضاء وبحر أبيض وعضلات قوية.. عضلات من زهر الياسمين.. النوم سيد.. أمير.. ملك.. ملاك.. سلطان.. وإله.. استسلم إليه الشاعر كما يستسلم العاشق لمدائح المرأة الأولى, النوم جواد أبيض يطير على سحاب أبيض, النوم سلام, النوم منام يخرج من منام محمود درويش في "ذاكرة للنسيان"
عودة إلى سنوات الجمر والرماد, سنوات الشظايا ليوميات سربت في خرم العمر, لكنها في الذاكرة ما زالت تشرئب لأن الأمس, يشبه اليوم والصواريخ والطائرات والقنابل والقذائف وأخواتها, ما زالت في ظهرانينا, تجوب أجسادنا وتترك بصماتها نيراناً وشظايا ودماء..


آخر تعديل ooopss يوم 04/05/2008 في 00:32.
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #132
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي



أوراق الزيتون


دار العودة بيروت
1964


من الديوان :قصيدة / بطاقة هوية /
سجِّل!
أنا عربي
ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ
وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!
فهلْ تغضبْ؟
سجِّلْ!
أنا عربي
وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ
وأطفالي ثمانيةٌ
أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ،
والأثوابَ والدفترْ
من الصخرِ
ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ
ولا أصغرْ
أمامَ بلاطِ أعتابكْ
فهل تغضب؟
سجل!
أنا عربي
أنا إسمٌ بلا لقبِ
صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها
يعيشُ بفورةِ الغضبِ
جذوري...
قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ
وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
وقبلَ السّروِ والزيتونِ
.. وقبلَ ترعرعِ العشبِ
أبي.. من أسرةِ المحراثِ
لا من سادةٍ نجبِ
وجدّي كانَ فلاحاً
بلا حسبٍ.. ولا نسبِ!
يعلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ
وبيتي كوخُ ناطورٍ
منَ الأعوادِ والقصبِ
فهل ترضيكَ منزلتي؟
أنا إسمٌ بلا لقبِ!
سجل!
أنا عربي
ولونُ الشعرِ.. فحميٌّ
ولونُ العينِ.. بنيٌّ
وميزاتي:
على رأسي عقالٌ فوقَ كوفيّه
وكفّي صلبةٌ كالصخرِ
تخمشُ من يلامسَها
وعنواني:
أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ
شوارعُها بلا أسماء
وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ
فهل تغضبْ؟
سجِّل
أنا عربي
سلبتَ كرومَ أجدادي
وأرضاً كنتُ أفلحُها
أنا وجميعُ أولادي
ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي
سوى هذي الصخورِ..
فهل ستأخذُها
حكومتكمْ.. كما قيلا؟!!
إذن!
سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
ومن غضبي!!



  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #133
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي



أحبك أو لا أحبك


دار العودة – بيروت 1972
كورنيش المزرعة – بناية ريفييرا سنتر
تلفون 318165 – 815335

ص.ب. 146284

الطبعة الثامنة 1993

قصائد الديوان:

مزامير، عائد إلى يافا، عازف الجيتار المتجول، تقاسيم على الماء،
قتلوك في الوادي، مرة أخرى، أغنية إلى الريح الشمالية، أغنيات حب إلى إفريقيا، المدينة المحتلة،
عابر سبيل، خطوات في الليل، سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا

من قصيدة
مزامير :
"أيتها البلاد القاسية كالنعاس
قولي مرة واحدة
انتهى حبنا
لكي أصبح قادرا على الموت... والرحيل
أني أحسد الرياح التي تنعطف فجأة
على رماد آبائي
اني أحسد الافكار المختبئة في ذاكرة الشهداء
وأحسد سماءك المختفية في عيون الأطفال
ولكنني لا أحسد نفسي
تنتشرين على جسمي كالاعصار
وتنتشرين في جسمي كالشهوة
وتحتلين ذاكرتي كالغزاة
وتحتلين دماغي كالضوء
موتي لأرثيك..
أو تزوجيني لأعرف الخيانة
مرة واحدة... "
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #134
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


في حضرة الغياب


منشورات رياض الريس2006

يقدّم درويش نفسه كمدمن غياب، يفكّك الذكرى إلى لحظاتها الأولية، ويصفّي الحسرة حتى آخرها، في عودة أوليسية إلى ماض ما ينفك يولد في الحاضر:
«ولد الماضي فجأةً كالفطر. صار لك ماض تراه بعيداً».
ليست النظرة إلى الوراء هنا تمريناً في الحنين أو امتهاناً لنوستالجيا لا براء منها، بل هي محاولة للتطهر من إثم التناقض، والتخلّص من ازدواجية الاسم والمسمّى:
«بمذبحة أو اثنتين انتقل اسم البلاد، بلادنا، إلى اسمٍ آخر ليس غريباً أن يرى درويش هذا الماضي البعيد فردوساً مفقوداً، تارةً، وجحيماً مستمراً، تارة أخرى. غير أن الحاضر، في كل الأحوال، ليس سوى هاوية، والدخول إليه غوصٌ مستمر في المجهول، وهذا ما يدفع الشاعر للسؤال والبحث عن معنى الهوية، في ضوء ولادة الماضي في الحاضر: «من بؤس الحاضر الجائع إلى تعريف الهوية... ولد الماضي». في النص، الذي يعتمد تقنيات السرد الروائي، ثمة استحضار متعمد لتفاصيل كثيرة عن تلك السنين الأولى التي شكلت وعي الشاعر، وبلورت مخيلته عن العالم من حوله. وفي هذا كله ينقل درويش محنة الوجود بين نقيضين، إحداهما يشدّه إلى الوراء، ويمثل ماضياً مسروقاً، وآخر يسحبه إلى المجهول، يتلخّص بأسطورة العيش في حاضر مزيف، لا واقعي. أما الغد فيظل منطقة رمادية، يصعب تلمس معالمها. كان الماضي واقعاً ملموساً، فأضحى الآن وهماً مزمناً في الحاضر. كانت البلاد حقيقةً، ماثلة للعيان، فأضحت الآن كذبةً. وفي محاولة الاقتراب من مفهوم الهوية الملتبس، يلج درويش دائرة التوتر القائمة بين الداخل والخارج، هو المنقسم، كما يقول، «إلى داخل يخرج وإلى خارج يدخل»،
متأملاً بالمنفى كهوية بديلة، وناظراً للانزياح التاريخي بعين تراجيدية، هو العابر في كلام عابر، الماكث أبداً على الحافة، متأملاً ازدواجية الحضور والغياب:
«عابراً، عابراً بين اختلاط الهنا بالهناك هنا يلعب الشرط التاريخي دوراً محورياً في قلب الأدوار، وخلط المصائر، وجعل الهوية إشكالية قائمة بحد ذاتها، بسبب ما تتعرض له من محو مستمرّ:
«بساعة نحسٍ واحدة دخل التاريخُ كلص جسور من باب وخرج الحاضر من شباك.»
والنص من أوله إلى آخره قائم على هذه الخلخلة التي أحدثها انزياح الاسم عن المسمى، وعلى القرصنة التاريخية التي تعرّض لها حاضر فلسطين في الماضي. من هنا جمالية التساؤل عن معنى الهوية، والنكوص إلى التكثيف الشعري والفلسفي في تسليط الضوء على جدلية الحضور والغياب التي يشيعها أصلاً بيت مالك بن الريب في الاستهلال الذي يفتتح النصّ: «يقولون لا تبعد وهم يدفنونني/ وأين مكان البعد إلا مكانياً؟». هنا يعي الشاعر، الراثي والمرثي، أن المكوث في الحاضر نأيٌ، بل هو شكل من أشكال الموت أيضاً. والحاضر، بالنسبة لدرويش «الطارئ، اللاجئ،» قبرٌ يمتد بين مكانين. ثمة تلك المفارقة التي توسّع الهوة بين ما كان وما هو كائن، وفي الازدواجية التي تعاني منها الأنا، وعدم قدرتها على الانتماء حتى إلى «اللامكان»:
«وإن قلتَ مجازاً إنكَ من لا مكان قيل لك: لا مكان للامكان هناك.»
وعبر الحبكة المقترحة للنص يشعر القارئ بأن ثمة دائماً ما يهدّد الشاعر بالانزلاق الوشيك إلى الغياب، أو الموت، في كل لحظة، كأنما في استرجاع مستمر أو تمثل سيكولوجي لمفارقة ابن الريب، عبر هيمنة هاجس الموت أو الانتحار على ذهن المتكلم، منذ هروب الطفل درويش مع عائلته إلى لبنان، برفقة «سمسار حنين»، هرباً من ظلام المحتل. كأن الموت يكمن في كل مكان، والاستمرار في الحياة لم يكن سوى صدفة، لم تطلها الرغبة بالانتحار:
«وعشتَ لأنّ ضوء القمر اخترق الماء وأضاء صخوراً مدببة أقنعتكَ بأن الموت سيكون مؤلماً لو قفزتَ من تلك الصخرة إلى البحر».
سوف يلاحق هذا الهاجس درويش في محطات مفصلية كثيرة في حياته، منذ فراره مع والده، هرباً من «الضبع» الذي يحرس الحدود، إلى لحظة دخــــوله السجن، إلى الإقامة المــــوقتة في المطارات الكثيرة، والتنقل الأزلي بين العواصم «كبريد جوي»، وهذا كله يجعل الارتحال في المكان، وعن المكان، موضوعة مركزية في النص:
«عشتُ في كل مكان كمسافر في قاعة انتظار».
وينتمي هذا النص إلى ما يمكن تسميته سردية الاعتراف ، وهو نمط من الكتابة الغنائية السردية، التي تتعامل مع حقائق شخصية، وحالات ذهنية ووجدانية تعصف بالشاعر. ويلجأ المتكلم إلى وصف فوضى نفسية ذاتية، يعكسها وضع العالم، ليصبح الشخصي كونياً، والخاص عاماً. يستخدم درويش تقنية المونولوج الداخلي لمتمثل في حوار الذات مع الذات، متجاوزاً القناع المسرحي، وتقنية استحضار مستمع متخيل، بديلاً من الأنا. هذا يجعل النص أقرب إلى هذيان تيار الوعي حيث يتحول العالم الداخلي للشخصية مسرحاً تجرى فوقه الأحداث:
«وأهذي وأعرف أنني أهذي، ففي الهذيان وعي المريض برؤياه».
ثمة اقتراب، كما أشرنا، إلى المرثية الذاتية، لأن درويش يتحدث عن جدلية البعد والقرب، الحياة والموت، من منظور شخصي تقريباً، مستجوباً حيرته، ومواجهاً قلقه، ومتأملاً في تلك المعضلة التي تجعل الركون إلى معنى ناجز للهوية مستحيلاً. ربما أراد درويش أن يتكلم بلسان الضحية، ويروي سيرة الصامتين الذين حُرموا من سرد قصتهم، هارباً من التدوين ذاته، ومن أسطورة المحتل الذي يلعب دور القدر الروائي الذي رسم له مصيره: «كأنني شخص هارب من إحدى الروايات المعروضة في كشك الصحف، هارب من المؤلف والقارئ والبائع»
. لكل كلمة هنا دلالة، بل ثمة حقل ألغام دلالي يمتد أمام القارئ، ليجعل جدلية الغياب والحضور في عنوان النص دراما ذاتية تعصف بالمتكلم الباحث عن رواية أخرى. في هذا النص، المفتوح على تقنيات أدبية متنوعة، يقترب النثر من الشعر اقتراباً عضوياً، كما ألمحنا، بل إن المسافة بينهما تكاد تختفي، لأن الصورة الشعرية التي تميز أسلوب درويش حاضرة بقوة في نثره، ونراه يمارس شغفه بالمجاز من خلال تجريب شـــــعري فائق في مستوى تشكيل الاستعارة، واستيفاء عناصرها البلاغية، كأن يقول: «فقد حلك الضباب على طاولتك الدائخة من فرط ما كدّست عليها من أدوات التأويل». أو كما في قوله «لو هطل المطر علينا في هذا الليل لذاب الظلام ورأينا خطانا والطريق». كما أنه يستحضر لمسته السينمائية أو التشكيلية في الوصف، راسماً مشهد الأفق في قرية فلسطينية نائية، لكي يدلل رمزياً على عبثية المكان المنسحب، الذي يتعرض هو الآخر لخلخلة جذرية:
«بيوتٌ لو نظرت إليها من تحت كرم الزيتون لرأيت لوحة عشوائية رسمها فنانٌ أعمى على عجل، صخرة على صخرة، ونسي أن يرشّ عليها شيئاً من نعمة اللون، فقد كان خائفاً من أن يرى، فجأة، ما صنعت يداه». تظل هذه اللوحة السريالية لبيوت مقذوفة في العراء الأعمى عـــــالقة في المخيلة ونحــــن نغادر نص درويش، مستحضرين مكان البعد في بيت مالك بن الريب، الذي يرثي غيابه في حضوره، تماماً كما هو حال درويــــش في نصه، الذي يجعل الارتحال أو الانزياح ثيــــمة مركزية في ســــرده:
«عشت عصي القلب، قصي الالتــــفاتات إلى ما يوجعُ، ويجعل الوجعَ جهة، وإلى ما يرجع من صدى أجراس تضع المكانَ على أهبة الســــفر». ولكي لا يظل الكائن دائماً على أهبة السفر، يدوّن درويــــش صدى تلك اللحظات، منوهاً بعلاقته الوجدانية بالمكان البعيد، النائي، المنسحب، مستنداً إلى وجع الشاعر، وحنينه إلى مكان لا يرتحل، لا يــــسافر، ولا يسقطُ البتة في الغياب.

مقتطفات من الكتاب :
\\وأنت، تقريباً أنت\\

لا سجين ولا طليق. فالسجن كثافة. ما من أحد قضى ليلة فيه إلا وأمضى الليل كله في تدليك عضلات الحرية المتشنجة، من فرط السهر على الأرصفة، حافية وعارية وجائعة. وها أنت ذا تحتضنها من كل ناحية، حراً متحرراً من عبء البرهان. ما أصغرها وما أبسطها وما أسرعها في الاستجابة الى نشاط السراب. وهي فيك وفي متناول يدك التي تدق بها جدران الزنزانة: في اقتباسك امثولة الطير، وفي هطول المطر، وفي هبوب الرياح، وفي ضحكة الضوء على حجر منسي، وفي كبرياء شحاذ يوبخ مانحيه إذا بخلوا، وفي حوار غير متكافئ مع سجانك حين تقول له:
أنت، لا أنا، هو الخاسر، فمن يحيا على حرمان غيره من الضوء يغرق نفسه في عتمة ظله. ولن تتحرر إلا إذا بالغت حريتي في الكرم، كأن تعلمك السلام وترشدك الى بيتك. أنت الخائف، لا أنا، مما تفعله الزنزانة بي، يا حارس نومي وحلمي وهذياناتي الملغومة بالإشارات. لي الرؤيا ولك البرج وسلسلة المفاتيح الثقيلة والبندقية المصوبة الى شبح. لي النعاس حريري الطبع والملمس، ولك السهر علي لئلا يسحب النعاس سلاحك من يدك قبل أن يرتد اليك طرفك.
الحلم مهنتي، ومهنتك استراق السمع، سدى، الى حديث غير ودي بيني وبين حريتي"


آخر تعديل ooopss يوم 04/05/2008 في 02:24.
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #135
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي إهداء ل butterfly"ميمو"


أثر الفراشة


دار رياض الريس للنشر
2008
يُثير كتاب «أثر الفراشة» عدداً من الالتباسات لدى القارئ. لعل درويش نفسه حاول تجنّب التعددية التي تحكم نصوص الكتاب، فوضعها في خانة «اليوميات». لكنّ وسم النصوص بهذه الصفة لا يجعلها تنضوي، كلها، تحت هذه اللافتة. ثمة نصوص كثيرة في الكتاب تتجاوز فكرة اليوميات. بل إن معظمها يفتقد المعنى الدارج لليوميات والذي يتمثل في تدوين الوقائع أو المشاهدات العادية اليومية.
السبب في كل هذا أن محمود درويش لا ينسى أنه شاعر. وإذا نسي هو أو شرد عن كونه شاعراً، فإن لغته، أو بالأحرى معجمه اللغوي ونبرته التي ربّى قصيدته عليها طويلاً، تتكفل بإعادته إلى الحقل الذي يتقن حرثه. الشاعر الذي في داخل درويش يطل برأسه حتى لو كتب نثراً عادياً. الشاعر موجود وإن توارى خلف تسميات أو أجناس أدبية أخرى.
الكتاب، بهذا المعنى، ليس يوميات بالمعنى الحرفي والتقني للكلمة. الطريقة التي ينظر بها الشاعر إلى العالم تتدخل في صوغ كل ما يُستدرج إلى النصوص وشعرنته. لنقل إن ما نقرأه هو استراحة الشاعر من الانكباب المضني على الشعر. النصوص فسحة لكي يتنفس الشعر خارج المتطلبات الصارمة للإيقاع. إنها فرصة كي يستريح الشاعر من مطاردة الصور والاستعارات. لكن هل يمنع هذا تسرّب الشعر أو ما يشبهه إلى جملة درويش حتى وهي مشغولة بغير الشعر. الجواب هو لا بالطبع. فالشاعر لن يقوى على إدارة ظهره للغة التي اعتاد الكتابة بها.
إذا سلّم القارئ بهذه البداهة، فسيكون سهلاً عليه أن يجد تصنيفاً خاصاً بـ«يوميات» محمود درويش. حينها لا يمكن أن يتفهّم فقط وجود شعر متوارٍ أو مدفون تحت سطح العبارات، بل وجود شعر حقيقي بعضه مكتوب بأبيات فراهيدية. لكن لماذا يضع درويش هذه القصائد هنا ولا ينشرها ضمن دواوينه؟ الجواب المرجح هو أن هذه القصائد أقل من الطموح الدرويشي الراهن، خاصة بعد المنعطفات والتطورات التي شهدها شعره في الفترة الأخيرة. الواقع أن بعض هذه القصائد لا يقل عن الشعر الذي نقرأه في دواوين درويش، لكن القارئ المتأني والمتمعن في شعرية درويش يلاحظ أن ثمة شيئاً يعصى على التحديد في هذه القصائد ولكنه كاف ليستبعدها الشاعر عن دواوينه.
تفسح اليوميات مجالاً للتأمل في الموت والحياة ومشاغل العيش العادية. وتفسح للقارئ، في الوقت نفسه، مجالاً كي يعرف جانباً آخر من الشاعر الذي يسبقه شعره وتسبقه فلسطين إلى الجمهور. الشاعر الذي شكا من ربط شعره بالقضية لا يتوقف عن ذلك حتى في يومياته. ها هو يرفع شكواه موزونة هذه المرة: «يغتالني النقاد أحياناً/ يريدون القصيدة ذاتها/ والاستعارة ذاتها / فإذا مشيتُ على طريق جانبيٍّ شارداً/ قالوا: لقد خان الطريق / وإن عثرتُ على بلاغة عشبةٍ/ قالوا: تخلّى عن عناد السنديان/ وإن رأيتُ الورد أصفر في الربيع/ تساءلوا: أين الدم الوطني في أوراقه/ .... / يغتالني النقاد أحياناً/ وأنجو من قراءتهم/ وأشكرهم على سوء التفاهم/ ثم أبحث عن قصيدتي الجديدة».
اليوميات، إذا استعرنا تعبير درويش في الاقتباس السابق، ما هي إلا طريق جانبي يقود في النهاية إلى الشعر.
بقلم/حسين بن حمزة


مقتطفات من الكتاب

ليتني حجر
"لا أَحنُّ الى أيِّ شيءٍ

فلا أَمسِ يمضي، ولا الغَدُ يأتي

ولا حاضري يتقدمُ أو يتراجعُ

لا شيء يحدث لي!

ليتني حجرٌ – قلتُ – يا ليتني"



"أَثر الفراشة

أَثر الفراشة لا يُرَى

أَثر الفراشة لا يزولُ

هو جاذبيّةُ غامضٍ

يستدرج المعنى، ويرحلُ

حين يتَّضحُ السبيلُ

هو خفَّةُ الأبديِّ في اليوميّ

أشواقٌ إلى أَعلى

وإشراقٌ جميلُ

هو شامَةٌ في الضوء تومئ

حين يرشدنا الى الكلماتِ

باطننا الدليلُ

هو مثل أُغنية تحاولُ

أن تقول، وتكتفي

بالاقتباس من الظلالِ

ولا تقولُ…"


البيتُ قتيلاً

بدقيقة واحدة، تنتهي حياةُ بيتٍ كاملة. البيتُ قتيلاً هو أيضاً قَتْلٌ جماعيّ حتى لو خلا من سُكَّانه.
مقبرة جماعية للموادّ الأولية الـمُعَدَّةِ لبناء مبنى للمعنى، أو قصيدةٍ غير ذات شأن في زمن الحرب.
البيت قتيلاً هو بَتْرُ الأشياء عن علاقاتها وعن أسماء المشاعر. وحاجةُ التراجيديا إلى تصويب البلاغة نحو التَّبَصُّر في حياة الشيء. في كل شيء كائنٌ يتوجَّع… ذكرى أَصابع وذكرى رائحة وذكرى صورة. والبيوت تُقْتَل ُكما يُقْتَلُ سكانها. وتُقْتَلُ ذاكرةُالأشياء:
الحجر والخشب والزجاج والحديد والإسمنتُ تتناثر أشلاء كالكائنات. والقطن والحرير والكتّان والدفاتر والكتب تتمزّق كالكلمات التي لم يتسَنَّ لأصحابها أن يقولوها. وتتكسَّرالصحون والملاعق والألعاب والأسطوانات والحنفيّات والأنابيب ومقابض الأبواب والثلَّاجة والغسَّالة والمزهريات ومرطبانات الزيتون والمخللات والمعلبات كما انكسر أصحابها. ويُسحق الأبْيَضَان الملح والسُّكَّر، والبهارات وعلب الكبريت وأقراص الدواء وحبوب منع الحمل والعقاقير الـمُنَشطة وجدائل الثوم والبصل والبندورة والبامية الـمُجَفَّفة والأرُزُّ والعدس، كما يحدث لأصحابها. وتتمزَّق عقود الإيجار ووثيقة الزواج وشهادة الميلاد وفاتورة الماء والكهرباء وبطاقات الهوية وجوازات السفر والرسائل الغرامية، كما تتمزّق قلوب أَصحابها.

وتتطاير الصُّوَر وفُرَشُ الأسنان وأمشاط الشَّعْر وأدوات الزينة والأحذية والثياب الداخلية والشراشف والمناشف كأسرار عائلية تُنْشَرُ على الملأ والخراب. كل هذه الأشياء ذاكرةُ الناس التي أُفْرِغَتْ من الأشياء، وذاكرة الأشياء التي أُفْرِغَتْ من الناس… تنتهي بدقيقة واحدة.

أشياؤنا تموت مثلنا. لكنها لاتُدْفَنْ معنا!




آخر تعديل ooopss يوم 04/05/2008 في 03:01.
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #136
صبيّة و ست الصبايا ليندا
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ليندا
ليندا is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
مشاركات:
1,130

افتراضي


عظيــــم ooopss

لا تحلموا بعالم جديد
فخلف كل قيصر يموت
قيصر اخر جديد
وخلف كل ثائر يموت
احزان بلا جدوى
ودمعة سدى

،،أمــل دنقل
:
((We ask the Syrian government to stop banning Akhawia ))
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #137
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


يوميات الحزن العادي




رياض الريس لنشر
2007

االديوان يضم:

القمر لم يسقط في البئر
الوطن بين الذاكرة والحقبه
يوميات الحزن العادي
من يقتل خمسين عربيا يخسر قرشا
الفرح...عندما يخون!
تقاسيم على سورة القدس
صمت من أجل غزة
ذاهب الى العالم غريبٌ عن العالم
ذاهب الى الجمله العربية في الخامس عشر من أيار



مقتطفات من الكتاب :
الفرح... عندما يخون !
"وماذا قالوا لك في المرة الأخيرة؟

خياليون...خياليون أيها العرب.

ولو أعطوك كل شيء,فماذا انت فاعل,هل ترضى؟هل تكف عن البحث عن نقطة انفجار؟وهل تأمن الفرح؟إن من سلبك كل شيء لن يعطيك أي شيء,ولو اعطاك أهانك.

"كن عاقلا واذهب الى الطين"هكذا قلت لنفسك,ولم ترد على سؤالي :
لو أعطوك كل شيء فهل تأمن الفرح؟
وتلتفت الى أيامك وتصنف أجمل الشعارات التي حملتها وسرت بها الى السجون:

تصريح سفر..
حرية تعبير..
مساواة..

وفجأة تضحك,تضحكك المساواة,وأنت تناضل لكي لا تأتمن الفرح.

.ولقد علمتك الأيام أن تحذر الفرح,لأن خيانته قاسية,فمن أين يأتيك فجأة؟

يوميات الحزن العادي
"من أين أخي؟
*من غزة.
_ماذا فعلت؟
*ألقيت قنبله على سيارة الغزاة,فانفجرت بي.

*ألقوا علي القبض,واتهموني بالإنتحار.
_اعترفت طبعاً؟
*ليس تماماً,قلت لهم إن محاولة الانتحار لم تنجح,ولذلك حرروني من الرحمة وحكموا علي بالسجن المؤبد.

_ولكنك كنت تنوي القتل لا الإنتحار؟
*يبدوا أنك لا تعرف غزة,فالمسافة هناك شيء وهمي

_لا أفهمك جيداً.
*يبدوا أنك لا تعرف غزة,فمن أين أخي؟
_من حيفا.
*ماذا فعلت؟
ألقيت قصيده على سيارة الغزاة,فانفجرت بهم.

*ألقوا علي القبض واتهموني بالقتل الجماعي.
_اعترفت طبعا؟
*ليس تماما,قلت لهم بأن محاولة القتل نجحت,ولذلك أعطوني الرحمة فاستجابوا الى طلبي,وحكموا علي بالسجن لمدة شهرين.
_لا أفهمك جيداً.
*يبدوا أنك لا تعرف حيفا,فالمسافة هناك شيء وهمي.

جاء الحارس..وضعه في زنزانه وأطلق سراحي!





  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #138
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


حيرة العائد

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


دار الريس للنشر 2007

يقدم محمود درويش نفسه في كتابه '' حيرة العائد'' أنه شاعر يعمل بقليل من العشب اليابس والملح والغيوم.. وهذا حسب قوله يكفي للقلب وللإبداع وحتى للمزاح مع العدم.
جمهور عربي كبير يهتم بكتب محمود درويش الذي قال عنه نقاد عالميون بأنه '' قضية في قضية'' ففي كتابه الذي هو عبارة عن شهادات وكلمات في مناسبات مختلفة، يلاحظ أن الموت الذي تحوّل إلى هاجس سيزيفي لدى الشاعر منذ تلك الجراحة الهائلة في القلب، يحتل حيزاً واسعاً من الكلمات.

والتالي قراءة في الكتاب:
''غائباً آتي إلى غائب، فلا أدري إن كنت هناك أم هنا، ولا أدري هل جسدي هو كلامي أم كلامي هو جسدي، ولكنني في الحالين غائب
لا صورة للمعنى بلا مبنى، ولا أرض للقصيدة غير تلك الطعنة التي تحفرها السماء بقرن غزال، على حافة الأرض.
هل دخلت من هناك؟ أم خرجت إلى ما أنت فيه، بحثاً عن أمثالي العائدين في عربات المهاجرين إلى صورتهم، وهي تكبر وحدها، في الليالي القديمة، دون أن تنتبه إلى تدخل الشبح أو الشاعر''.
مَن كان يرثي ''محمود درويش'' ''زميله'' في الشعر أو في التيه (ولو داخل الخط الأخضر) ''توفيق زياد'' أم ''محمود درويش''. حين يتماهى رجلان على حافة الحيرة التي غالباً ما تكون حافة الموت، حتى وإن كان ''لوي أراغون'' قد قال إن الحياة مثل القصيدة تبدأ، وتنتهي، بالحيرة!
الشاعر هو الذي اختار صورته على الغلاف. لسوف تقولون: ''هل من الضروري، إذاً، أن نفتح الكتاب، لقد قرأنا في وجهه كل شيء''. كل شيء؟ أجل، وأكثر...
الكتاب الذي يجمع شهادات وكلمات في مناسبات تختزل تحوّلات القلب، الوحيد الذي بقي في مكانه. كل شيء تغيّر. الحيرة تأشيرة دخول إلى أين؟
قمر بدوي
مجلة إد الفرنسية كرّست عدداً بعنوان: ''فلسطين.. رحلة في قلب شعب''. كتب ''محمود درويش'' في العدد عن تجربته منذ أن كان في السادسة: ''... ولكن ابن السادسة لم يكن في حاجة إلى من يؤرخ له، ليعرف طريق المصائر الغامضة التي يفتحها هذا الليل الواسع الممتد من قرية على إحدى تلال الجليل، إلى شمال يضيئه قمر بدوي معلق فوق الجبال. كان شعب بأسره يقتلع من خبزه الساخن، ومن حاضره الطازج ليزجّ به في ماض قادم. هناك... في جنوب لبنان، نصبت خيام سريعة العطب لنا. ومنذ الآن، ستتغيّر أسماؤنا، منذ الآن سنصير شيئاً واحداً، بلا فروق، منذ الآن سندمغ بختم جمركي واحد: لاجئون''.
مشهد البداية يختزل كل المشاهد الأخرى. هل كانت للحيرة نكهة أخرى؟ الأمل بأن يكون ثمّة أمل: ''لم أعرف كلمة ''المنفى''، إلا عندما ازدادت مفرداتي. كانت كلمة ''العودة'' هي خبزنا اللغوي الجاف. العودة إلى المكان، العودة إلى الزمان، العودة من المؤقت إلى الدائم، العودة من الحاضر إلى الماضي والغد معاً، العودة من الشاذ إلى الطبيعي، العودة من علب الصفيح إلى بيت من حجر. وهكذا صارت فلسطين هي عكس ما عداها، وصارت هي الفردوس المفقود إلى حين...''.
القلب والموت
بعد جراحة معقدة، وصاعقة، في القلب. هل أصبح الشاعر نصفه لـ''محمود درويش'' ونصفه لفلسطين؟ هنا قلب. لا شيء آخر، ويستحق أن يكون حزيناً، ووجلاً، عندما يكون الرحيل هو النهر أو عندما يكون النهر هو الرحيل. هذه هي الأوديسة الفلسطينية. يكتب أحد النقاد في مجلة ''لير'' الفرنسية: ''ترى، هل تحوّل محمود درويش إلى هوميروس؟''. هذا لأن التراجيديا أخذت كل مداها الميتولوجي. المسافة بين اللاوعي والقلب. ذاك الذي صنعه هوميروس. يصنعه أيضاً ''محمود درويش''. لا داعي للعينين أمام هذه الأوديسة أو تلك. بسريالية مثيرة قال ''أندريه بروتون'' ذات يوم: ''عينان تصلحان لقدمين فقط''.
هل يشعر محمود درويش أن الموت يطارده، يطارده هو، ولو بالأزهار الجريحة، مع كل أولئك الذين غابوا: ''ياسر عرفات''، ''فدوى طوقان''، ''أميل حبيبي''، ''محمد الماغوط''، ''ممدوح عدوان''، ''سمير قصير''، ''إسماعيل شموط''، ''توفيق زياد''، حتى إنه يتكلم عن ذكرى ''بدر شاكر السيّاب''.
يكتب درويش لممدوح عدوان: دلتني عليك تلك الضوضاء التي أحدثتها نملة بين الخليج والمحيط، حين نجت من المذلة، واعتلت مئذنة لتؤذن في الناس بالأمل
"وزارة الثقافة "
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #139
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : ليندا عرض المشاركة
عظيــــم ooopss


شكرا كتير كتير عالمتابعة
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #140
شب و شيخ الشباب ارسلان
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ ارسلان
ارسلان is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
حيث أجدني
مشاركات:
3,170

إرسال خطاب ICQ إلى ارسلان إرسال خطاب AIM إلى ارسلان إرسال خطاب Yahoo إلى ارسلان
افتراضي


ooopss
بعمق درويش وفلسفته أشكرك


جرائم حماس على صفيح ساخن
http://hamasgaza.wordpress.com/
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #141
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


لاتعتذر عما فعلت



دار الريس 2003

القصائد :
في شهوة الايقاع
يختارني الايقاع الايقاع
لي حكمة المحكوم بالاعدام
سيجيء يوم آخر
وأنا وان كنت الأخير
في بيت أمي
لاتعتذر عما فعلت
في مثل هذا اليوم
انزل هنا والآن
ان عدت وحدك
لم اعتذر للبئر
لا راية في الريح
لبلادنا
سقط الحصان عن القصيدة
ولنا بلاد
لا شيء الا الضوء
نزف الحبيب شقائق نعمان
هذا هو النسيان

وقصائد كثيرة أخرى...


مقتطفات من الكتاب .

"بلادنا في ليلها الدموي
جـوهـرة تشـع على البعيد على البعيد
تضيء خارجها
وأما نحن، داخلها
فنزداد اختناقاً"



"صاحت فجأة جندية:
هو أنت ثانية؟ ألم أقتلك؟
قلت: قتلتني...

نسيت، مثلك، أن أموت"


  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #142
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : ارسلان عرض المشاركة
ooopss
بعمق درويش وفلسفته أشكرك
شكرا الك عالمتابعة
  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #143
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


سرير الغريبة


دار الريس
2000
طبعة ثانية


للمكان حضوره في قصائد الديوان الدرويشي اذ المنفي وسرير الغريبة في كل بلاد الله مقاهٍ, وميادين، وساحات,, وهجرات ابدية - غالباً- ما تورث بشاعر كدرويش قليل من اليقين بالعودة الى احضان أم,, ومساحة بيت دكته معاول هدم التاريخ,, اذ في المكان يسكن التاريخ,, وعلى ضفافه ينمو صفصاف الزمان مخلفاً لغة الحاضر للوراء,, تماماً مثلما يحاصر الوجد (الغريبة) في اولى قصائد الديوان شاهرة في ذات الوقت سيف عنوانها
(كان ينقصنا حاضر) (ص11)
لتؤكد ان الزمان لم يعد يعبأ بحاضر ولم تعد النهايات محملة بوهج الدهشة من رحيل الروح الى فناء ذاتها:
(نحن هنا طيبون, شمالية
ريُحنا، والاغاني جنوبية,.
هل انا انتِ اخرى
وانت انا آخر؟)

ومن عبق الاشارة المشرقية الموغلة في عتقها وغموضها يؤكد الشاعر محمود درويش

وعبر ديوانه (سرير الغريبة) ان الشعر العربي لغز يستعصي على الحلول,, بل هو مجد يسكن الوجدان حتى تعجز عن رؤيته او ملاقاته,, ليظل وطن الشعر بعيداً كغيمة في شاهق هذا الافق المترامي تلك التي تعبر دون ان تخلف على ارض الغريبة قطرة ماء واحدة,.
(ليس لي ما اقول عن الارض فيك
سوى ما يقول الغريب:
سماويَّةٌ,.
ربما يخطئُ الغرباء بلفظ حروف
آرامية,, بدائية وجدوها على
ضفة النهر
,,) (الديوان ص51)
يفتتن الشاعر محمود درويش في كل مقومات الغربة,,, فهناك من يحمل هموم الغربة غير الإنسان,, فطيور السلام غريبة,, وعصافير الفجر تصحو على دوي طلقة غادرة تنفيهم الى البعيد,, والمناخات والفصول جميعها تعيش الغربة ان اضحى الزمن على خط العداء الازلي,, لتمضي قصائد هذا الديوان منذ ايمائه الاول مصدر قلق عارم يسجل رحلة الغربة لكل كائن,, حتى الارض في المنفى تصبح واجمة لفرط ما عبرت خلجات الغرباء من فوقها,.
يظل المنفى ما ظل الشعر,, ويبقى الحزن ما بقيت اسرار محمود درويش في تلقين عذابه دروس المنافئ تلك التي فعلها فأحيانا نجد ان رجلاً بلا امرأة هو سيد الغرباء,, ليظل ما يتوامض هناك

في قصيدة (من انا، دون منفى؟)
هو الرجل الشرقي المعذب لفرط أحزانه وحبه، ويتمثل في صنع فكرة جليلة تتلخص في فهم ادق للغربة ان الحنين هو اقسى عندما يكون الغائب ارضا اصبحت مع الوقت أماً للغرباء جميعاً.
ويستحضر الشاعر حكمة القول ليصف لنا هول عنائه الذي لا يكف عن الترحال في اعماق قلبه المجهد من سهر البحر,, والبكاء على فقد خيل الوطن المعد لدخول المدينة التي تتزين فتياتها لاستقبال يوم من ايام مجد الوعد الذي سيطل مع اول خيط للضياء,, ذاك الذي ستشفي من فوق قمم الجبال الشاهقة البعيدة,, تلك التي تلوذ بها الحكايات، والقصص الموغلة في غموضها عن حقب ذلك الماضي الذي تعجز قصيدة عن ذكر تفاصيله,.
وتبرز هنا قصيدة (أغنية الزفاف)

مسجلة وجل الشاعر الذي يحي سماء الغربة من اعلى جبل يعانق الريح,, وتوشّي الغيوم هامته بغلالات البياض,, ولا يعود من هذه التحايا سوى صدى التحية لامرأة يانعة تهيئ ذاتها بالأفراح والوعود
(هل هناك حزن اشد التباساً
على النفس من فرح البنت في
عرسها,,؟
,,,,,,,.
إني نسيت الصدى في الصدى
) (الديوان ص65),
وتظل صورة الحياة قاتمة في شعر محمود درويش,, حتى يصل الشؤم مداه,, لينتزع من الحب عالمه، ومن الطير برأته وأفقه ومن الربيع صوت حنين اشجاره,, كل شيء يتلاشى في قصائد (درويش) عدا وجه (الغربة) الذي يحسنه ببديع اللحن ليخلق من رماد ذاكرته جمراً لحياة هؤلاء الذين يفترشون الممرات حالمين بنهاية الفصل الممل من غربتهم,, فلم يبق سوى ريش حمام، وحنين الى قضمة حنطة ضرورية للبقاء,, بل إن طائر الشاعر اضحى في مأزق الحبائل الغادرة تلك التي تلون الافق ببياض غامض:
(زرقت مع الخبز حبك
ولا شأن لي بمصيري
ما دام قربك
,,)

(الديوان ص90)
لا يستثني الشاعر محمود درويش من حياة الغربة هنا اياً كان,, ولا يخطط لخروجهم من هذا العذاب,, بل هو الذي يشن حرباً ضارية على كل ما هو قادم للتصالح، والتفاهم، والمذكرات والمخططات، والتعهدات,, والمصالح المشترك منها والفردي لتبقى الغربة فضاء تسبح به الكائنات دون هدى ودون قرار يهز الوجدان ويحقق معادلة البقاء فمن الغربة تنطلق احزاننا واليها تعود ارواحنا محملة بضجيج البحث عن عالمها وأفقها الذي ترامت به مقولات الغرباء على نحو ما اجتمع (الشاعر) و(جميل بثينة) في زمانين مختلفين لكن الغربة أم معمرة,, وشاعر ومعشوقته هرما فيما ظل شاعر الغربة (درويش) يهذي اقوالاً تبين حليب الرواة، وخبز المؤرخين,.
لا فصل هنا فالتاريخ سياق تام,, تاريخ شعر يؤرخ الغربة,, ويمنح الغرباء، والشعراء فرصة العيش في اي زمان او مكان,, لكن البادي في امر شاعرينا انهما يتبادلان مقولات قافية الوجد والحب على اي شاكلة سيكون موتهما المنتقى,, فلا بداية لتاريخ حب,, ولا نهاية له على الاطلاق.
(هل تشرح الحب لي يا جميل
لأحفظه فكرةً فكرةً؟)

(الديوان 117)
ديوان درويش يغرق في نهر الوصف,, ويسرد بجلاء المشهد ثقافة رجل كبير تدمي قلبه لواعج الغربة ويقبل على الغرباء اقباله على ابناء ابية,, ليمتن للحياة التي انجبته في زمن يلهو الماء عن عطش الراحلين,, فيما تفيض سحب الخيبة بما فيه لتعمر القفر حشائش الوعد التي لا تجد سوى خيول السراب لتغازل افواهها بدغدغة عطرة تخلفها ازاهير (سومارية) واخرى (بابلية),, بل هناك (مشرقية ومغربية) جميعها اشارات لان ترعى الخيول ما طاب لها من عشبة الفيافي الغامضة ليبقى (حصان الشاعر وحيداً) يسائل الأمكنة فطرية الاشياء."


"يستخدم درويش في ديوانه كلمة "سرير "في معاني مختلفة وعديدة:
وفي هذا الإطار تأتي الكلمة في قصيدة (سنة أخرى فقط) وهي قصيدة يرثي درويش فيها أصدقاءه الشهداء على نحو يغاير شروط الرثاء التقليدية، فالشاعر مفتون بالحياة، حريص عليها، وهؤلاء الشهداء، عشاق الحياة والمدافعون عنها، يفسدون بموتهم المتكرر متعة الحياة ! لهذا يحرص درويش على أن يصور بطولتهم ضمن رؤية مغايرة، وهي بطولة مرتبطة بالضعف الإنساني
أصدقائي، شهدائي الواقفين
فوق تختي....
اذهبوا عني قليلا
فلنا حق بأن نحتسي القهوة بالسكر لا بالدم


وقد يكون السرير تجسيدا للقاء عابر، ليفقد السرير ثانية خصوصيته، ولكنه يجسد لحظة من لحظات الالتفات الى الجسد، بعيدا عن هوية الجسد، لأن هذا الالتفات تجسيد للتمسك بالحياة، ونفي للحظة المرض:
(ولسنا سوى رقمين ينامان فوق السرير المشاع، المشاع يقولان ما قاله عابران عن الحب قبل قليل، ويأتي الوداع سريعا، سريعا

إذا كان درويش قد كرر عبارة (وطني حقيبة) في قصيدة (مديح الظل العالي) عدة مرات قاصدا بذلك نفي العبارة الشعرية القديمة ذائعة الميت (وطني ليس حقيبة) وهي تقابل عبارة: وطني ليس جدار، فإن بروز السرير في تلك اللحظة، يؤشر على رغبة الخطاب الشعري الدرويشي في تدمير مرجعياته واثبات قدرته على التحول من دلاله الى أخرى. ولا شك أن تحول الحقيبة الى صرير ذي قدرات سحرية متعددة، يؤشر على نوعية اغتراب أخر صار يعيشه درويش في سياق نوع أخر من المواجهة بين الذات والأخر.

"وطني حقيبة
في الليل أفرشها سريرا
وأنام فيها
أخدع الفتيات فيها
أدفن الأحباب فيها
أرتضيها لي مصيرا
وأموت فيها."


وكذلك يطول الامر في تحليل الديوان من جوانب أخرى..


مقتطفات من الديوان:

"سماء منخفضة


هنالك حبّ فقيرٌ، يطيل

التأمّل في العابرين، ويختار

أصغرهم قمرًا: أنت في حاجةٍ

لسماءٍ أقلّ ارتفاعًا،

فكن صاحبي تتّسع

لأنانيّة اثنين لا يعرفان

لمن يهديان زهورهما...

ربّما كان يقصدني، ربّما

كان يقصدنا دون أن ننتبه

هنالك حبّ ... "




  رد مع اقتباس
قديم 04/05/2008   #144
صبيّة و ست الصبايا فيرينيا
شبه عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ فيرينيا
فيرينيا is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
92

افتراضي


very good ooopss
really you are free girl

انا العربى
اخر من سيبقى فى الحياة
ليشهد فى الحياة على الحياة
بوشناق
http://verocchio.jeeran.com
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 09:07 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.36903 seconds with 13 queries