أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 08/02/2008   #1
شب و شيخ الشباب احمد النوباني
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ احمد النوباني
احمد النوباني is offline
 
نورنا ب:
Feb 2008
المطرح:
رومانيا
مشاركات:
5

إرسال خطاب MSN إلى احمد النوباني إرسال خطاب Yahoo إلى احمد النوباني
افتراضي رواية سارة ونافذة الآخر.... الجزء الاول ...الفصل الاول


الجزء الأول
الفصل الأول .... ذاكرة أزلية




كنت في الليل, ودخان التبغ يحوم كهالات رمادية فوق سهري. تابعتها بعيني, وهي تهاجر كسحب صغيرة باهتة, خارج تلك النافذة المطلة على فضاء داكن وبلا ملامح.
أوراقي أمامي على الطاولة, بيضاء وبلا حروف, والقلم يغفو فوقها, ويتابع الصمت معي بكل اهتمام. حتى كأننا نغفل عن دقات الساعة ببعض الصمت, وصوت يأتي من بعيد, لحفيف أشجار يداعبها النسيم.ودون أن أدري, تباعدت الجدران من حولي, وتلاشت ملامح الأشياء. فشعرت ببعض البرد, كرعشة الليل على الطرقات الترابية بين الأشجار. أفقت من غفلتي على رطوبة عشب ندي, وكذلك كل ما حولي.أين أنا؟, وكيف هنا, وما هذا الدرب معتماً وصامتاً؟, تصطف أشجاره على جانبيه كالمراسم المسائية. كنت أغفو على ذاك المفترق الترابي, ولأي درب يرسم توجهي؟. أين كنت ومجلسي ذاك والسحب الصغيرة الباهتة ونافذتي؟.
لم اصدق ملكتني الدهشة, وسرت مع ذلك الدرب المؤدي إلى أنوار بعيدة وخافتة جدا, لعلي أتبين أين أنا, وكيف أتيت, أكان حلماً؟ أم أنني الآن أحلم. بدأت أسير وتقترب الأضواء مني, وتخرج من الصمت حولي كلمات بعيدة, وضحكات خافتة, وكأنها تأتي من رجع ذكرى. بدأت أتذكر الآن. أنا على أعتاب تلك القرية الجبلية حيث يعيش ذلك المدرس, وحيث تبدأ القصة بسرد وقائعها المرسومة على جدران الذاكرة الأزلية.
صرت عند الساحة الدائرية, ورأيت نافذة مضاءة. كان يجلس هناك مطرقاً برأسه بين كتب وأوراق, يلتفت نحو النافذة ويراقب الحركات العفوية لذاك الليل الهادئ. لم يكن هناك أحد, سوى أولئك الجالسين في المقهى. ضحكات وبعض الهمسات, والتي لا تعني سوى التسامر في الركن الوحيد من القرية, حيث ملتقى الأصدقاء, للخروج من حاجز الصمت والسكون القابع خلف جدران البيوت المتلاصقة على جوانب الدروب.
اقتربت من المكان أكثر. وكنت بين الحين والآخر, أختبئ خلف الأشجار خوفاً من أن يراني أحد. لم أكن أريد أن أدخل أكثر, وأتلاعب في سير القصة وأحداثها. فجأة لاحظ وجودي أحد الكلاب على باب بيت, وابتدأ بالنباح, فسارعت بالتراجع. تعثرت قدمي بأحجار على الدرب, سقطت وعاودتني الغفلة,لولا النباح الذي أخذ يزداد. جعلني استفيق من جديد, لأجد جسدي على الأريكة أنظر حولي, لا زلت مكاني وتلك الساعة ونافذتي. سيجارتي على أرض الغرفة, و أوراقي مبعثرة أمامي. هي لم تعد بيضاء و بلا حروف. نظرت ملياً, فوجدت كل ما كنت به حلم من كلمات. قرأت القرية والدرب, والأشجار والمقهى. ثم درت برأسي أنظر حولي, فلم أجد أية إجابة. أقفلت النافذة وتركت الضوء, لعلي أتبين أمري ومن أين أبدأ سطوري عن ذاك المكان.

كان الصباح يولد من ربيع مزهر وعبق. ساحرة تلك القرية حين تستفيق ذابلة العيون, يملؤها الضوء, ويتسلل إليها الانتعاش, وتنسحب الظلال كسلا. بدأ البريق يتلألأ على الأغصان الندية مع تفتح الزهور, وأصوات طيور يطربها الشروق, بدأ الناس على الطرقات يسرعون نحو أشغالهم وكأنهم يخرجون من زمن لآخر, يحيط بأماكن ودروب تحلق فيها ابتسامات وتحيات صباح.
كان عزيز يرتب المقاعد والطاولات الصغيرة أمام المقهى, يغني كعادته ويقطع غناءه بابتسامة, حين يلقي التحية أو يردها على المارين من أمامه. فتحت تلك النافذة الصغيرة, ونظر أحمد نحو الساحة, يلتفت هنا وهناك مشيراً بيده, ويقول:
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] صباح الخير, كيف حالك يا عزيز؟, أراك في غاية النشاط والسرور.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] صباح النور أستاذ أحمد, هل شيئاً من السوق؟
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] شكراً, اليوم سأعفيك من هذه المهمة, فلقد تأخرت عن المدرسة قليلاًً.
عاد يلتفت من جديد نحو المارة. ثم نظر إلى السماء الصافية كي ينساب إليه الشعور بالارتياح, غادر النافذة حين سمع صوت والدته من الداخل وهي تقول:
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] هيا, لقد أعددت لك الفطور, ولم يبق هناك وقت.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] صباح الخير يا أجمل أم في الدنيا, ها أنا قادم.
خرج إلى الحديقة الخلفية للمنزل, وجلس مع والدته, ثم أشعل سيجارة وتناول فنجان القهوة.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] لماذا ابتدأت بالسيجارة؟, ألن تتناول شيئاً قبل ذهابك؟ .
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] مستعجل يا أمي, لا أستطيع الآن, أكملي إفطارك.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] أراك لا تتغير أبدا, فدائما تأخذني بابتسامتك, كم أتمنى أن أزوجك, عندها لن تقول لها لا أستطيع. متى يأتي ذاك اليوم؟, حين أراك وزوجتك وأحفادي الصغار يملأون البيت.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] لا تقلقي يا أمي, سيأتي ذاك اليوم, فلست في عجلة من الأمر, أمامي وقت طويل.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] كيف يا بني؟ أصبحت فوق الثلاثين, ولم أراك تفكر بذلك أبداً, كم أتمنى أن يهدأ بالي, وأطمئن عليك قبل أن أموت.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] بعد عمر طويل يا أمي.
اقترب وقبل يدها وابتسم وهو يغادر. ثم التفت نحو الياسمينة قرب الباب, ولامس أزهارها البيضاء. كانت والدته تتبعه بنظراتها وهي لا تصدق نفسها, فهو وحيدها وليس لها غيره.
كانت الطريق المؤدية إلى المدرسة ككل دروب الطفولة, تختلف في بعض الملامح, إلا أنها هي نفسها الدروب التي تعيدنا إلى الملعب والدراسة والأصدقاء, حتى المدرسون يملكون نفس الشعور مع اختلاف الوعي, فالمعلم قد أعاد المشهد آلاف المرات حتى أصبح الأمر روتينا وإعادة لمشاهدات يومية ووجوه صغيرة, ومقاعد خشبية أرهقها المكان والزمان.
غادر البيت واخذ يعبر الساحة الدائرية, ويبتسم لمن يصادفهم في الطريق, كان يحاول أن يستحضر في ذاكرته واجبات اليوم, ويعد النفس لروتين يأخذ جزءاً من يوم يمضيه بين تلك الوجوه الصغيرة, حتى ينتهي الدوام ليفارق ذاك الجزء المعتاد من يوم, و كأنه يخبئه بين الشجيرات الصغيرة على جانب المنعطف, والذي يؤدي إلى خارج القرية حيث حقول القمح الخضراء وذلك المبنى القديم المطل من بعيد فوق التلال الهادئة, بأسواره العالية, وبابه الحديدي الضخم والذي يحمل ملامح المدرسة.
في الداخل كان كل شيء مهترئاً وهرماً, حتى ذلك المدير الجالس على مكتبه المغطى بأوراق وكتب وأقلام من كل نوع. بعض المعلمين يتحدثون في أمور يومية, وآخر هناك يراجع الأوراق لامتحان شهري.
دخل وألقى التحية, وتراجع إلى الغرفة الأخرى, ثم جلس ينتظر صديقه حمدي لكي يتناول معه فنجان القهوة المعتاد, قبل أن يقرع الجرس المعلق على الحائط الخارجي, وكأنه معلق هناك من قبل أن تبنى تلك الجدران والأبواب.
وصل حمدي وقال:
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] صباح الخير يا صديقي, أين القهوة ؟ ليرحمنا الله من العمل هنا ومن هذه البلدة, لولاك يا عزيزي لغادرت منذ زمن طويل. فأحلامي تبدأ هنا, لكنها ستسافر معي إلى العاصمة حيث الفرص الجيدة, مدارس أفضل ودروس خصوصية, أتعلم ما تعنيه الدروس الخصوصية ؟ تعني دخلاً أفضل وانطلاقة نحو مستقبل يرحمنا من وجع الفقر والحاجة, فنحن نسير بأحلام تضيع في آخر النهار تحت خطى الغد, ولا ندري؟.
ضحك أحمد وقال:
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] كنت أعلم بأنك ستقول هذا, وكم أصاب بالملل من شكواك المتكررة. فلماذا لا تصبر يا صديقي؟ ما كتب لك سيأتي, ولكن خبئ أحلامك وكن واقعياً, نحن هنا, وهذا هو المكتوب. ألا تستطيع أن ترى أشياء أخرى أجمل من قصيدة الصباح البائسة, تلك التي تحملها معك طوال الطريق إلى هنا؟. اشرب قهوتك ولنسارع إلى قاعة الدرس, ألم تسمع الجرس؟.
[IMG]file:///C:/DOCUME~1/user/LOCALS~1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG] أجل اسمعها الأجراس, فهي تثير أعصابي, و كأنها تهزأ بي في نهاية الأمر, ومن كل ما أقوله وأحلم به.
لم يكن أحمد بلا طموح, بل كان يتعامل مع الأمور ببعض البرود, هو دائم المتابعة لما حوله بصمت, وكأنه زائر يمارس الحياة بما تتطلبه أمورها البسيطة. يحمل آمالاً اكبر, ولكن ما يشغله الآن هو حبه للتعليم و لوالدته, تلك التي أمضت حياتها وهي تعمل بكل جد, في الأرض التي تركها لهم والده. كانت امرأة نشيطة, علمتها الحياة أن الكفاح مهمتها لتقدر على تكاليف معيشتها وولدها الوحيـــــد, راقبته وهو يكبر, وعلمته القيم التي تحمل, ونشأته بأخلاق حسنة وأغرقته بكل حنانها وحبها. ربما هذا ما جعله يحمل القناعة والتمهل, صارعت الحياة كثيرا لتؤمن دراسته الجامعية في العاصمة, وها هو الآن بجانبها, وهل هناك أمنية أجمل من ذلك.
اعتاد أن يأتي من المدرسة كي يذهب إلى الأرض ويساعدها في أعمال الزراعة هناك, ثم يعود إلى البيت عند الغروب ليجلس في غرفته, كي يستريح من عناء اليوم. كان يحب القراءة كثيرا, ويحب الذهاب في الليل إلى المقهى ليتحدث مع أصدقائه, ثم يعود من جديد إلى غرفته التي هي جزء من أعماقه, ويحضر واجبات اليوم التالي. ثم يجلس ليكتب خواطره وأشعاره, فهو ينقل ما يحمله في داخله من مشاهدات و أفكار, على أوراق أصبحت كثيرة ومبعثرة هنا وهناك.
كان في كل يوم يخرج من ضوء الشمس, ومن الوجوه العابرة على الطرقات, ومن الأحاديث والتناقضات, ومن جماليات المكان وأنغام الموسيقا, تلك التي تتنوع حسب الأماكن والأشخاص والزمن. يخرج من ذلك ليدخل في آخر الليل إلى عالمه الخاص, حيث تدور بفكره كل ملامح التواجد ومؤثراتها, فيبدأ بمداعبة الكلمات بأحرفها , وينثر على الأوراق تراتيل وأفكاراً تخرج من وعي آخر, يتملكه بعد رحيل الصوت إلى صمت وتراكيب ظلمة, ونسيم هادئ وعبق ليل, و يصير الكون ملكا له وحده, ليرتقي به حتى يمتزج الحلم بالمشاهدة في آن واحد.
هكذا تسير الأيام كعربات قطار لا ينتهي, عربات متشابهة تسير إلى ما لانهاية, ليس في تلك القرية فقط , بل في كل القرى والمدن وفي كل تقاسيم العمر, يتخللها بعض المحطات التي تجعلنا نخرج من العربات ولو قليلاً, لندخل في عوالم أخرى, لا تأسرها السكك الطويلة الممتدة على طول السنين.

يتبع .....


المملكة الأردنية الهاشمية



رقم الإيداع لدى دائرة المكتبة الوطنية



2006/8/2428

  رد مع اقتباس
قديم 08/02/2008   #2
شب و شيخ الشباب احمد النوباني
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ احمد النوباني
احمد النوباني is offline
 
نورنا ب:
Feb 2008
المطرح:
رومانيا
مشاركات:
5

إرسال خطاب MSN إلى احمد النوباني إرسال خطاب Yahoo إلى احمد النوباني
افتراضي


اعزائي في الاخوية


تحية واحترام


لم تظهر مشاركتي بشكلها الحقيقي


احمد النوباني
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 01:46 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.07787 seconds with 12 queries