أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 11/12/2007   #37
شب و شيخ الشباب mayzoo
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ mayzoo
mayzoo is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
مشاركات:
181

افتراضي


يا فؤادي، رحم الله الهوى
كان صرحا من خيال فهوى
اسقني واشرب على أطلاله
وارو عني، طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطاً من ندامى حلم
هم تواروا أبداً، وهو انطوى
  رد مع اقتباس
قديم 11/12/2007   #38
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي صديقي التمساح / هيفاء بيطار


صديقي التمساح

سأله التمساح الصغير: أتبكي يا خليل؟
أجاب خليل والدموع تسيل في أخاديد وجهه الممتلئة بالطيبة: أجل كان صدره يفرز زفرات قوية, وهو يحس في كل زفير كم هو مؤلم أن يشعر الإنسان بهذا اليأس كله, رفع عينيه المخضبتين بالدمع ونظر إلى التمساح الأخضر الصغير الذي يحسه أقرب ما في الوجود إلى روحه كان التمساح يحدق إليه بعينين سوداوين خاليتين من النظرات, ياه لن يصدقه أحد لو قال إن هذا التمساح الصغير صديقه, ألأنه هدية من جدته رحمها الله؟ هل يحس أن هذه الدمية متشربة بروح جدته؟
لن ينسى ذلك اليوم أبداً حين قدمت له جدته هديته في عيد ميلاده السادس, مزق الورق الملون بنفاد صبر ليكشف عن تمساح صغير ضاحك من اللونين الأخضر والأحمر, علمته جدته كيف يلبس جسد التمساح بكفه ويحرك أصابعه فيتحرك التمساح, اكتشف متعة الدمى المتحركة ماتت الجدة وصار أباً ثم جداً وظل التمساح صديقه المضل في عالم تبخرت منه الرحمة والتعاطف.
لم يكن يعلم أنه يملك هذا الزخم من الدموع سأل نفسه برقة: أهو التعب يا خليل الذي يجعلك تبكي هكذا؟ كان غارقاً في حنين هائل لأشياء غامضة, غامت صورة التمساح كأنها تذوب في دموعه حدثه بصوت مرتعش: وحدك تعرفني وتشهد علي منذ أكثر من أربعين عاماً, تذكر سعادته البعيدة حين كان يلبس التمساح في يده كقفاز ويحركه ويخاطبه ويخلق حوارات لا تنتهي بينهما.
تمخط بكم بجامته وهو يحدّث نفسه بسخرية مرة: والله لم يتغير شيء وحدك تفهمني أكثر من البشر كلهم, انسكبت أمامه سنوات حياته بسهولة كأنها تتدفق من صدره سنوات متشابهة يلفها سراب تذكر فجأة فكرة عبرت ذهنه عصر هذا اليوم بأنه لن يموت من كثرة مشاغله غابت الفكرة في الازدحام أو ربما ذابت من وهج الشمس الغاضبة, كم يكره الحر أمره مديره أن يصور أوراق الملف بأقصى سرعة ركب قدميه وانطلق بسرعته القصوى إلى محل التصوير كان مرهقاً مكفهر الوجه منهمكاً في تصوير ثلة من الأوراق رجاه أن يصور له الملف وقال إنه سيعطيه مبلغاً إضافياً رشقه الصبي بنظرة باردة وقال وهو يتفحصه ليتبين مدى جديته في إعطائه المزيد من المال: هات.
دفع للصبي ليرات زيادة على الحساب وأسرع إلى مديره يسلمه الملف دخل المطبخ ليعد القهوة لسيدة أنيقة أذابت قسوة المدير بجمالها وغنجها انفلتت من فمه شتائم خرساء لأن المياه مقطوعة, صرخ به المدير : تعال يا خليل النحس, خلال ثانية مثل أمام المدير يتلقى تقريعه: الله لا يعطيك العافية صور هذه الأوراق غير واضحة أين عقلك يا أخي اذهب وصورها مجدداً.
أذعن لأمر المدير, لم يحضر القهوة للسيدة الجميلة, نزل ثمانين درجة قفزاً بسبب تعطل المصعد دخل محل التصوير ذاته قال للصبي بجفاء: هذه الصفحات غير واضحة, أجاب الصبي بغضب: هاتها ناوله الأوراق كاظماً غيظه, أخذ العرق يتصبب منه وهو سصعد الدرجات الثمانين, حلم أنه يغتسل بماء بارد منعش, أو يغطس في البحر, لوهلة تمنى لو يغرق في البحر, وستغرق مشاكله اللانهائية معه وسيرتاح أوف لا راحة للإنسان إلا بالموت هذا ما فكر به وهو يعطي الأوراق للمدير الذي قال له: حضّر الآن قهوة للسيدة.
سألها بلهجة ذل تعودها حتى صارت من طبيعة عمله كآذن: كيف تشربين القهوة؟
أجابت السيدة: سادة.
اندلقت القهوة ولطخت سطح الغاز الأبيض وهو شارد في كلام زوجته الذي استعاده كلمة كلمة, كل صباح تبدأ بمخاطبته بلهجة الأمر الجافة: لا تنسَ أن توصي السيد كمال بطلب توظيف ميساء في المصرف, قلبه يحترق على ميساء, ابنته البكر المتخرجة من كلية التجارة منذ خمس سنوات وتبحث باستماتة عن وظيفة, وعده مديره أن يكلم صديقه مدير المصرف بشأن ميساء, في الحقيقة خدمه الرجل, وحدد له موعداً من مدير المصرف, الذي قابله بلطف مصطنع هو وابنته, ورغم إحساسه أن مدير المصرف كان يتأمل ابنته بنظرات شبقة غض النظر وهو يرى يد المدير تشد على يد ابنته ويقول لها: راجعيني بعد أسبوع.
قرر أن يذكره هو بدلاً من ابنته, هكذا أوصته زوجته مؤكدة: يجب أن نلاحق مصالحنا أفهمت يا خليل.
يجيب متململاً: لكن الناس يملون منا, من كثرة الإلحاح.
تقاطعه: لا يهم, يجب أن نصل لأهدافنا.
كلما تحدثة زوجته عن الأهداف, يتخيل الكرة تدخل في الشبكة, إنه لا يستطيع أن يفهم أبداً أن هناك أهدافاً, ثلاثون سنة وهو يكدح وراء اللقمة وهو بحالة ذعر من ألا يتمكن من تأمين الطعام لأسرته المؤلفة من أربعة أولاد وزوجته, هل يصح أن يعتبر رغيف الخبز هدفاً؟ إنه دائري وكروي أحياناً, يشبه الكرة التي تتقاذفها الأرجل لكنه يحس أن أرجلاً خفية تتقاذفه هو بدل الرغيف!
اضطر أن يحضر القهوة مجدداً للسيدة الجميلة التي صعقت المدير, شتم على شروده, وفكر بقلق إن كان من المناسب أن يطلب من مديره السماح له بالذهاب إلى المصرف, تشجع وهو يقول لنفسه: سيسمح لي بالتأكيد كي يخلو له المكان مع السيدة الجميلة, أذن له المدير كما توقع, بل قال له بأنه لا يريد منه شيئاً وبأنه يستطيع أن ينصرف حتى دوامه بعد الظهر.
تخيل أن المدير سيغلق باب المكتب, ويعري السيدة من ملابسها ويمارسان الجنس على الأريكة الجلدية الواسعة, أحس بإثارة شاحبة, تذكر أنه منذ سنوات طويلة لم يعد يقرب زوجته, تحديداً لم تعد هي تقربه بعد أن ابتلى بداء الصدف, ياه ما حيلتي في مرضي؟ ما ذنبي؟ كان لا ينفك يتساءل بألم ما ذنبه أن ينام على فرشة في الصالون الضيق؟
لكنه مع الزمن اعتاد وحدته مع نفسه, وتآلف مع حياة العزوبية لدرجة أنها الأكثر طبيعية.
لكم يكره الحر, وصل أخيراً إلى المصرف مهدوداً من التعب والعطش, تخيل أن أول شيء سيفعله شرب الماء البارد, لكنه سرعان ما نسي عطشه مستسلماً لبرودة المكيف المنعشة, وتركز اهتمامه كله على مقابلة المدير.
قالت له السكرتيرة وهي ترمق ثيابه باستخفاف: المدير يترأس اجتماعاً هاماً ولا يستطيع أن يقابلك.
قال لها متوسلاً: وهو الذي طلب مني أن أذكره بطلب توظيف ابنتّي ميساء.
ابتسمت بسخرية لحظها: أعدك أن اذكره نيابة عنك.
سألها وهو يحس كم هو متعطش لحديث إنساني يحمل في طياته أملاً.
-هل وافق؟ أقصد هل سيوافق؟
قالت: لا أعرف, لكن هناك أكثر من مئة طلب توظيف.
جف حلقه وتكثف إحساسه بالعطش, حدق في الموظفة وتوسل إليها بنظرته أن ترد عليه كما يرجو: لكن المدير وعدنا, قال لميساء بأنها كفؤاً...
قاطعته الموظفة باسمة: المتقدمين كلهم من حملة الشهادات الجامعية.
أحس بالتقهقر وهو يهبط الدرج ويعود للحر الرطب, وصل بيته البعيد وهو يلهث, في الأشهر الأخيرة صار يلهث كثيراً, قال له صديقه بأن هذا دليل مرض قلب, لم يبالِ لسببٍ وحيد كونه لا يملك المال لمراجعة طبيب سيخضعه للعديد من الفحوصات المكلفة.
ما أن وصل بيته حتى سألته زوجته بلهجةٍ متحفزةٍ للقتال: خير, قال وقد فهم قصدها: لك أتمكن من مقابلة مدير المصرف لأنه يترأس اجتماعاً.. قاطعته وهي منهمكة في فرط الحصرم: يعني لم تره!
لا, السكرتيرة ستكلمه نيابة عني.
رمت بعصبية عنقود حصرم من يدها, وقامت إلى المطبخ تشتم الظروف والحظ, كان يعرف تماماً أنها حين تشتم حظها فهي تعنيه, لم يكن يجرؤ أن يرد عليها, لعله في أعماقه يتعاطف معها, ألا يكفيها الفقر, ومرضه المقرف الذي يجعل لجلده قشوراً سميكة, إنها تعاني من حرمان كتعدد الوجوه, لكن لماذا تصر على إهانته؟!
أحضرت له طعام الغداء المطبوخ منذ يومين, رز بالعدس. وباذنجان مقلي, لم يشعر بجوع, لكنه ابتلع طعامه في لقمات كبيرة دون مضغ يذكر, حدثته زوجته وهي تدير له ظهرها: أفرط ما تبقى من الحصرم, والله أكاد أموت من التعب.
قال محتجاً: لكن, أنا متعب أيضاً.
ردت بنزق: متعب! هل غسلت الثياب حتى اهترأت يداك؟ أم هل كويت أكواماً من الثياب؟
قال: حسناً حسناً, سأفرط الحصرم, والله يعطيك العافية.
أخذ يفرط حبات الحصرم التي أحدث صوت ارتطامها بقعر الوعاء إيقاعاً جعله يدخل بحالة تشبه الغيبوبة, شعر بألم مفاجئ في صدره, يعرف أنه ألم الشوق, كم يشتاق إلى ابنه الذي ضاقت به سبل العيش, وهده الحرمان, فهج إلى البحر, ترى ماذا يعمل في الباخرة الضخمة؟ حذره من عالم التجارة الذي لا يطمئن له قلبه, لكن ابنه ضحك وقال: لا تخشى علي, فأنا رجل, شاب في الثانية والعشرين, لا يستطيع أن يهبه سوى حب كبير من قلب أعزل يتلقى صدمات الحياة بصبر.
انبثقت قطرة حمض من الحصرم ودخلت عينه, أحرقتها فسالت قطرات من الدم وانزلقت في خطوط وجهه, لم يمسحها لأنه كان يتابع عمله يآلية, اقتربت منه فادية ابنته الصغرى ذات العشر سنين, وسألته: باب متى ستشتري تلفزيوناً ملوناً؟
كم أضحكه سؤالها, ربما ضحك لأنها كشفت له كم هو عاجز.
قال قريباً أن شاء الله
لكنك وعدتني منذ ثلاث سنوات؟
آه يا فادية , قالها وكأنها خارجة من بخار روحه المختنقة منذ ربع قرن.
ساعتان وهو يفرط الحصرم, غسل يديه ووجهه وانطلق مجدداً إلى عمله, فكر هل يطلب من مديره أن يتحدث إلى مدير المصرف غسل فنجان القهوة ومسح الأرض, ونظف صحن السجائر, كان عطر المرأة يغمر المكان, تنشقه بعمق, ياه! في حياته كلها لم يملك زجاجة عطر! بدت له تلك الحقيقة مثيرة ومؤلمة في آن, إنه لا يعرف سوى صابون الغار والعطور ومزيلات الروائح كلها مجرد صور يتأملها في التلفاز والمجلات. اتصل به مديره يأمره أن يترك المكتب حالاً, ويذهب لإحضار السمك من البائع الذي يتعامل معه المدير, ويأخذه إلى بيت السيدة التي زارته صباحاً, أملى عليه عليه عنوان بيتها, حلم وهو يحمل الأسماك أن يشوي سمكة ويأكلها, تجلت طعماً مبهماً في فمه, يبدو أنه لم يعد يتذكر طعم الأسماك؟! فكر ماذا لو سرق بضع سمكات؟ لكن – حدث نفسه – لم تلوث يديك يا خليل أبداً, فأي خاطر شيطاني يغريك بسرقة السمك!
تسلل سؤال خبيث إلى روحه: هل أنت شريف مؤمن بالأخلاق, أم لأنك تخشى العقاب؟
ارتجفت مفاصله من هذا السؤال, أحس أن انفعاله المبالغ به ليس سوى دلالة على شيء من غش في نزاهته وشرفه.
حين عاد مساءً إلى بيته, كانت مصيبة بانتظاره, ميساء تبكي وتخبره أن فتاة غيرها قبلت في الوظيفة وكانت زوجته تشتم حظها والفقر والنحس.
لم يستطع أن يتفوه بكلمة, أحس أنه يجف كعود, ويصير حطبة سرعان ما احترق بعود ثقاب, كان يتمنى بجوارحه كلها لو يحترق ويفنى, هرب من نظرات زوجته التي كانت تحب أن تعاقبه بلا رحمة على ذنوب لم يقترفها!
كم هي ثقيلى الحياة, كم هي ثقيلة! جلس على كرسيه المهدود من التعب, مثله تماماً, في المطبخ الضيق, يرشف شاياً ويأكل بضع حبات من الزيتون تنبّه للتمساح يحس به, ابتسم من المفارقة المضحكة: يتهمون التمساح بقلة الإحساس.... والنفاق, يقولون دموع التماسيح! لكن أي زمن هذا يكون فيه تمساح أكثر رحمة من البشر!!
هيفاء بيطار

We ask the Syrian government to stop banning Akhawia and all Syrian sites

القمر بيضوّي عالناس
والناس بيتقاتلوا .
  رد مع اقتباس
قديم 14/12/2007   #39
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي الساقطة / هيفاء بيطار


الساقطة


بعد أكثر من ثلاثين عامً, تتجسد أمامها صورة والدها مسجى في التابوت ببذلته السوداء الأنيقة وقد تصالبت يداه فوق صدره, لقطة يستحيل أن تمحى من ذاكرتها, بل إنها تشعر أن هذه الصورة تتبلور أكثر كلما تقادم الزمن عليها, تنبش هذه الصورة من أعماق ذاكرتها لتحس بدفء وعزاء عجز الأحياء كلهم عن توصيله إليها. إنها تعي تماماً كيف ارتبط القرنفل بالموت, فين اقتربت من التابوت متحدية أمها لتطبع قبلة أخيرة على وجه أحب إنسان إلى قلبها,أحست أن القرنفل يذيع رائحة الموت, استندت بمرفقيها على حافة التابوت وتدلى جذعها النحيل قليلاً ليطبع أعظم قبلة حب على جبين الأب الذي لم يعد بإمكانها أبداً أن تناديه بابا.
صدمتها برودة الجثة, شهقت ألماً وهي تتلقى الصفعة الأولى من يد الموت المثلجة, وأبعدتها النسوة الغارقات في السواد جانباً, وأمرتها أمها أن تلتزم غرفة النوم مع أخيها وأختها اللذين يصغرانها, أذعنت للأوامر وهي تشعر أنها آلة تنفذ ما يطلب منها كان أخوها في الخامسة وأختها في الثالثة, جلست وسطهما وأطعمتهما بعينين تطفحان بالحزن كيف يأكلان بشهية, كانت في العاشرة من عمرها تتلقى بصبر صفعة الحياة الأولى, وحين طلبت منها أختها أن تحكي لها حكاية علاء الدين وحبيبته ست البدور داخل السبع بحور استجمعت قواها وبدأت تحكي بصوتٍ مرتعشٍ, أخذ يتشقق أكثر فأكثر, حتى اختفى متحولاً إلى حين كانت تقول, طار طار, كانت تتخيل أن والدها يطير مبتعداً وليس علاء الدين ويستمر في طيرانه حتى يصل إلى خط المدى حيث يتعانق البحر مع السماء, كانت تعتبر هذا الخط نهاية العالم وتسأل والدها وهي ترنو بافتتان إلى ذلك العناق الشفّاف : بابا أليس هذا الخط آخر الدنيا؟ يضحك والدها وهو يداعب جديلتها الطويلة ويقول: لا يا حنان العالم كبير, كبير.
بكى أخوها حين قالوا له إن البابا صار ملاكاً في السماء, وفي أوقات متباعدة حين يباغته شوقه الطفولي لأبيه, كان يقول: أريد أن أصبح ملاكاً, لكن المدرسة أنسته البابا, أما الصغيرة فصارت لا تنفصل عن حنان, أحست أنها تتحول لأم مذ كانت في العاشرة, كانت تطعم أختها, وتحممها, تحكي لها قصصاً, وتخيط لدميتها ثياباً, الأرملة الشابة كانت في عالم آخر, غافلة عن أولادها, يرعبها المستقبل الأسود الذي ينتظرها وأطفالها بعد أن فقدوا معيلهم, كان التعويض الذي دفعته الشركة للمتوفى لا يكفي لشراء الخبز لأسرته, كيف عليها أن تدبر أمرها؟
وبعد فترة وجيزة تزوجت رجلاً في الستين معتل الصحة, الصفقة صريحة, تهدي له شبابها وسنيها السبع والعشرين, مقابل أن يعيلها وأطفالها.
الحزن أكسب الأم القسوة, لا يمكن لحنان أن تنسى ذلك اليوم الذي خاطبتها أمها بخشونة دون أن تنظر إليها قائلة: سوف أتزوج عمو كمال يا حنان.
شهقت الطفلة, وقالت بسذاجة: عمو كمال صديق جدي!
زجرتها أمها قائلة: اسكتي, سيكون بمثابة والدك وعليك طاعته ومحبته.
في تلك الليلة امتصت الوسادة دموع الطفلة دموع الطفلة التي رددت حتى هدّها الإعياء وأغفت: لن يكون بمثابة والدي أبداً.
كان "عمو كمال " رجلاً طيباً محباً, وكريماً, يملك مطعماً شعبياً يدر عليه ربحاً معقولاً, وكان متيماً بزوجته الشابة التي تفشل غالباً في إخفاء قرفها منه رغم الجهود الجبارة التي تبذلها للتقرب منه, ذات يوم سمعت حنان أمها تهمس للجارة: المحبة من الله, لا أطيقه, الله يلعن الفقر الذي أجبرني على الزواج منه, تنهدت ثم تابعت: من حسن الحظ أن السكري أفقده شيئاً فشيئاً رجولته, وسكتت الأم حين لمحت حنان.
في ذلك الزمن, لم تكن حنان تعرف ماهية العلاقة الزوجية, لكنها كانت تتعاطف مع عمو كمال الطيب, الذي أحب أولاد زوجته كما لو كانوا أطفاله, وكانت تحس بألم من قسوة أمها وجفائها مع الزوج اللطيف, لم تكن تعرف أن نار الأهواء تغلي في صدر الزوجة الشابة وأنها منقوعة في يأسها بلا عزاء, كان حدسها الطفولي يدلها كيف أن جو البيت مشحون بالتوتر إلى أن حدث الانفجار بمجرد تفصيل تافه.
كانت ليلة عاصفة من ليالي كانون حين دخلت الجارة تحمل الكستناء لتشويها على المدفأة, وتقضي السهرة مع الزوجين الكئيبين, الحسناء التي تحرقها أهواؤها, والعجوز المريض المتيم جباً والذي ينتظر الفتات, كانت حنان تنتحي زاويتها المفضلة وتدرس للشهادة الإعدادية, حين ذكرت الجارة عرضاً, إن ابن أخ زوجها رحمه الله, تعرض لحادث سيارة ونقل إلى المشفى, ولم تكد الجارة تكمل كلامها حتى انتفضت الزوجة العاشقة وقد شحبت وتسارعت أنفاسها وأعلنت بتهور أنها ستزوره حالاً, لم تبالِ بنظرات الزوج والجارة والابنة المنطوية على نفسها خلف نار المدفأة التي لا تعادل نار حب أمها للشاب الذي يصغرها بأعوام.
لم يكن بإمكانها أن تفهم أبداً موقف أمها هذا, إلا بعد مرور أربعين عاماً على وقوعه, إنها الآن امرأة في الثالثة والخمسين, في الواقع لم تكن تهتم إن كان الشخص يستحق حبها, كانت تتدفق محبة مع كل من حولها دون أن تنتظر مقابلاً, حتى النباتات تعاملت معها بحب, إنها الآن في خريف العمر تفهم الذي اعتمل في قلب أمها منذ أربعين عاماً ليقذفها من بيتها الآمن إلى غرفة في مستشفى تضم شاباً تحبه حتى النخاع, لا يمكن للإنسان أن يفهم الحب إلا حين يتأرجح قلبه بالحب.
مرت سنوات حياتها أمامها كشريط باهت مشوش, مات الكهل الطيب, وتزوج عشيق أمها من صبية تصغره بسنوات, انكفأت الأم العاشقة تداوي جرحها وتلعن حظها العاثر, معتمدة على ابنتها البكر في تحمل مسؤولية إخوتها, تفاقمت كآبة الأم, حتى اضطرت حنان لاستشارة طبيب نفساني, يومها كانت حنان قد حصلت على الشهادة الثانوية والتحقت بمدرسة لإعداد المعلمات للمرحلة الابتدائية, لم يعد مورد المطعم الشعبي يكفي لإعالتهم, وخصوصاً بعد أن استولى أخوة العجوز على معظم مدخول المطعم, كان على حنان أن تعمل بنشاط النحل وجَلَدْ النمل لتعيل أسرتها.
تخرجت معلّمة بدرجة امتياز وأغرقت نفسها بالدروس الخصوصية, كانت تلهث لتواكب طلبات الأسرة, أدوية أمها النفسية الغالية, مصروف أخيها الذي لا يرضى أن يلبس رفاقه أفضل منه وأختها التي تريد جهازاً يليق بعريس المستقبل.
استحالت حنان إلى أنثى من لطف وحنان, زوجت أختها بعد أن قدمت لها حصيلة ما ادخرته طوال أربه سنوات من الدروس الخصوصية, الأخت اعتبرت أن قدرها أن تأخذ, وقدر حنان أن تعطي, المحزن أن حنان آمنت بهذه الحقيقة أكثر من أختها, ماتت الأم في مستنقع كآبتها بعد أن عجز الطبيب النفساني عن علاجها, وتزوج الأخ المدلل من فتاة مريضة بالغيرة, كانت تتشاجر مع زوجها كل يوم و تتهمه بأنه يغازل السيدات اللاتي يصفف لهن شعورهن, كان على حنان أن تمتص شجار الزوجين كل مرة, لكن الزوجة العنيدة أصرت أن يعمل زوجها في مهنة أخرى لا تتطلب احتكاكاً بالسيدات, وأخذ ينتقل بين مهنٍ كثيرة يتركها بعد فترة وجيزة معتمداً على أخته المكوكية التي تضع تحت تصرفه كل قرش تدخله.
كانت حنان تعرف كم هي دميمة, ولم تؤلمها هذه الحقيقة لأنها لا تملك الوقت لتشعر أنها أنثى, إنها تهدس بأولاد أخيها الثلاثة, الذين تناديهم ماما, كانت أمهم التي لم تلدهم وكانوا ينامون في غرفتها ليتركا والديهما في عشهما الزوجي, كانت تسهر على مرضهم ودراستهم وتحيك لهم الكنزات الجميلة,
ولم تخجل طوال عشرين عاماً من العيش المشترك مع أخيها وأسرته من الاعتراف بأنها حالياً لا يوجد في حقيبتها أكثر من خمس ليرات.
زجت نفسها في ديون كثيرة للحصول على المال, لشراء التلفاز الملون أولاً, ثم الغسالة الأوتامتيكية لزوجة أخيها, ثم براد جديد بدل البراد القديم, ثم أقساط غرفة النوم للأولاد, آمنت أنهم جميعاً من مسؤوليتها ولم تلم أخاها يوماً على نزقه وأنانيته كونه لا يثبت على مهنة معيّنة, فمن بلاّط إلى نجّار إلى دهّان ... تلك المهنة التي استقر عليها أخيراً لكنه لا يمارسها إلا بمزاج, وحدها الدورة الشهرية كانت تذكرها أنها أنثى, وأحياناً يتناهى إلى سمعها صوت عناق وشهقات من غرفة أخيها فتحس أنها تنكمش وتتكور كحلزون داخل قوقعته تحكم الغطاء حول نفسها وتدفن جسدها في الفراش مستنجدة بالنوم.
كل يوم مر بحياتها كانت تفرغ ذاتها كلياً لمن حولها, صديقاتها في العمل فهمنها بأنها الإنسانة التي لا تطلب شيئاً لنفسها, وكن يقصدنها ويرهقنها بمشاكلهن فتصغي إليهن وتخفف أحزانهن وخيباتهن العاطفية, لم تعرف كيف تحولت من مراهقة إلى امرأة في الثالثة والخمسين.
عاشت عمرها على إنكار الذات, وآمنت أنها تحب أن تكون الحائط المتين الذي تستند إليه الأسرة, تذكر ذلك المساء حين عاد أخوها يغلي من الغضب بسبب غلاء الزيت, وعدم تمكنه من شراء مؤونة السنة منه, لم يغمض لها جفن, ومع شفافية الفجر الأول سحقت كرامتها وقررت طلب سلفه من طالباتها الثريات لشراء الزيت, ولم يحن العصر حتى كانت تحمل بنفسها خمسة عشر كيلو غراماً من الزيت ومن أجود الأنواع وهي تبتسم لأخيها, لم يكلّف نفسه أن يسمعها كلمة شكر واحدة, ولا أن يرد على ابتسامتها بابتسامة, لكنها لم تشك بطيبة أخيها الذي يعتبر هذا واجب العانس الدميمة.
يومها نامت والابتسامة ترفرف حول وجهها, وحين أهدت إليها إحدى طالباتها الثريات غطاء من الصوف رائع, لم تتردد لحظة في تقديمه لزوجة أخيها بمناسبة عيد الأم, قبلته الأخرى وكأنه حقها, وكم قاومت حنان وخزة الألم حين سمعت زوجة أخيها تهمس لزوجها قائلة: وماذا ستفعل أختك بهذا الحرام الرائع, وهي عانس ولم تدخل دنيا.
كانت سعادة حنان أن يستدفئ بها الآخرون, لم تفكر يوماً بتدليل نفسها, تعاملت مع ذاتها كعدوّة, تجاوزت نفسها ولم تقدم سوى الضروري, وحين احتاجت للاستعانة بنظارة للقريب للقراءة, اختارت أرخص إطار للعدسات, بينما قدمت لابن أخيها ثلاثة أرباع راتبها لأنه يريد أن يتباهى بإطار عدساته! كانت سعيدة للغاية وهي ترى فرحته الأنانية.
ذات يوم قالت لها صديقتها: إنهم يمتصونك, ولن تجدي الخير منهم.
ضحكت وشعت الطيبة من وجهها المحفور بتجاعيد خطها التعب والسهر طوال سنوات, قالت: إنهم مساكين يحتاجون لمن يساعدهم.
-يالك من بلهاء كيف ترضين أن تتنازلي عن حصّتك من بيت أهلك لأخيك؟
نظرت إلى الصديقة بذهول وقالت: لِمَ لا, أخي صاحب عائلة لديه ثلاثة شبان, كيف سيضمن مستقبلهم؟
-لكن أختك المتزوجة لم تتنازل عن حصّتها, برغم أن زوجها ثري؟
-إنها حرّة.
-وأنت, ألا تحتاجين لضمانة لشيخوختك, إذا مرضت لن يكفيك راتبك التقاعدي ثمن دواء, هل تتخيلين أن زوجة أخيك وأولادها سيعتنون بك؟
-أتخيل ذلك, لقد كنت معطاءة معهم لذا..
-يالك من مغفّلة, ألا تعرفين المثل: خيراً لا تعمل, شراً لا تلقى.
  رد مع اقتباس
قديم 14/12/2007   #40
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي يتبع / الساقطة


كانت تبتسم بصفاء لا يتأتى إلا من ضميرها المرتاح, ونقاء روحها.
لم يستطع شيء أن يعكر ثورة المحبة في روحها, لا الفقر, ولا الحرمان العاطفي والجسدي, ولا السنوات وهي تعمل كآلة.
كانت وسيلتها الوحيدة للتخفيف من انتقاد صديقتها وفظاظة زوجة أخيها هي الفكاهة اللطيفة, إنها تفتعل إضحاك نفسها لتخفف من وطأة الأيام وثقلها على روحها, التي لا تعطيها الحق أن تئن.
كانت تمتص بكل طيبة تعليقات صديقاتها الساخرات: إيه ألم يلمسك أحد؟ ألا تعرفين رجلاً؟ ألم يطلبك أحد للزواج؟
كانت تشعر بالخجل والدونية كون أي كم الرجال الذين وضعهم القدر في طريقها لم يفكّر بالزواج منها, ترى ما السبب؟ كانت تقلّب الاحتمالات بذهنها ولا تصل سوى لنتيجة واحدة, هي أن الكل يلاحظ أنها ليست ملكاً لذاتها, بل لهم, فلذّات أكبادها, كيف تتركهم لأم أنانية, وأب لا يعي مسؤولياته, كيف تتركهم ونظرات الحرمان في عيونهم تلاحقها؟! لا تستطيع, قدرها أن تكون جسراً يطأه الآخرون, إنهم أولادها, هذا ما تحسه, أيعقل ألا يعتنوا بها حين ستطاردها الحياة وتهدها الشيخوخة؟
كانت في أوقات متباعدة تتساءل ما هو الرجل؟ فتحس بشوق غامض مبهم, ماتت حاجتها لنصفها الآخر مع تعاقب الأيام, أليس الزمن مقبرة الشهوات؟ لم تحلم يوماً أن تكون بين أحضان رجل, إنها كائن لا جنسي ماكينة عمل, إنما بقلب يخفق أبداً بالحب.

أكان قدرها أن يتأجج قلبها بالحب وهي في الثالثة والخمسين, كان يماثلها بالعمر, قريب لإحدى صديقاتها, التقته مصادفة أثناء زيارتها, ولأنه خصّها بنظرةٍ طويلةٍ, أحست أن كيانها في العمق يتزلزل, أحست بتفجر ينابيع متدفقة في روحها لم تتبين طبيعتها, حتى وجدت نفسها تعي شيئاً فشيئاً أنهى أنثى, لم يخصّها بالحديث, لكنه كان يطيل تأملها, ولأول مرة تشعر بنملٍ في راحتيها وتتذكر أن لديها نهدين عذراويين, سربلها جو من الألفة, لا يوجد إلا صديقين يكنان لبعضهما مودة كبيرة عمرها سنوات.
تكررت اللقاءات, عرفت أنه قضى عشرين عاماً في السجن, وأنه يحاول أن يجد لنفسه مكاناً في الحياة خارج القضبان.
كان يأخذها بين ذراعيه الدافئتين وهو يقول: الوحدة هي السجن, وحده الحب يحررنا من السجن.
كانت تدهش لماذا تبكي في كل مرة يأخذها بين ذراعيه, بكاءً صامتاً دون أن يعكر وجهها, كانت تحس أن الدموع تنزلق مذيبة تعب وحرمان سنوات طويلة.

فاحت رائحة الحب الحرام بين خريج السجون وبين المعلمة الدميمة, مدّهما الحب بتهور المراهقين, ولم تكن تبالي بالتعليقات اللاذعة حين تزوره في غرفته الحقيرة في حي شعبي.
هددها أخوها بطردها من المنزل لأنها تشوه سمعة العائلة, حتى صديقاتها نبذنها, كانت تقرأ إدانتها في نظراتهن, وتحس أنهن يرغبن بتعليق آثامهن عليها.
لأول مرة تندم لماذا تنازلت عن حصّتها في البيت لأخيها, كانت تعرف أنها لا تملك شيئاً سوى أن تحيا هذا الحب, وكانت تسأل روحها بألم: لماذا نبذني الناس, لأنني أحببت؟ ترى ألا يحق لقلبي أن يخفق؟
كان يمكن أن تفهم قسوة الناس معها ما عدا موقف ابن أخيها البكر, إنه ابنها الذي لم تلده, والذي ربّته حتى عدا شاباً, فاجأها وهي تنعطف داخلّة الزقاق الذي ينتهي بالبيت القديم الذي يسكن حبيبها في إحدى غرفه, اعترض طريقها وعيناه تقدحان شراً قائلاً: إلى أين؟
لم تستطع أن تواجه الأذى في عينيه بالمثل, إنها تحبه رغماً عنها, قالت: أتتبعني؟
قال: إنسانة ساقطة مثلك يجب أن أربّيها.
صعقها كلامه, فغرت فاها وهي تردد: غير معقول, أمسكها من ساعدها بقبضته الحديدية وقال: هيا إلى البيت.
دفعته من صدره وهي تقول بحزمٍ : ابتعد من طريقي, لا علاقة لك بي.
هوت صفعة مدويّة فوق خدها, جعلتها تترنح وتفقد توازنها للحظات, ولولا قربها من جدار عتيق أسندها لكانت سقطت أرضاً, فوجدت نفسها تصرخ بلوعةٍ: أتضربني يا كلب, لحم أكتافك من تعبي, تقرّحت معدتي من شرب القهوة, وأنا أدور من بيت إلى بيت أدرّس التلاميذ لأقدم لك المال لتشتري حذاءً إيطالياً وبيجامة رياضة, ونظارة شمسية, من درّسك دروسك يا نذل حتى حصلت على الشهادة الثانوية بمجموع ممتاز؟
أتضربني, أتجرؤ أن تمد يدك على عمّتك!
تجمهر البسطاء حول الشاب الأنيق مفتول العضلات, والعمة الخمسينية البائسة, رفعت عينيها الدامعتين لتطالعها وجوه ذابلة بدت كأنها مرسومة على سطح الماء, سأل رجل خرج من قلب الجمهرة: خير ما القصّة؟
قالت وهي تلمح الذعر في عيني ابن أخيها: لا شيء, أبداً, لا شيء, مجرّد سوء تفاهم.
استجمعت قواها وطلبت من الناس أن ينفضّوا, قالت مجرّد سوء تفاهم كما قلت لكم بين أم وابنها.
سمعت تعليقاً ساخراً: لم نر ابناً يضرب أمه من قبل.
انسحب ابن أخيها يخطا واسعة, تاركاً إياها وحيدة تلملم ذاتها المبعثرة في الزقاق, أغمضت عينيها هاربة من المكان وناسه, تحت أجفانها ارتسمت صورة والدها مسجى في التابوت وقد ضم باقة من القرنفل الأبيض بين يديه, كان وجهه الأقرب إلى روحها, أمكنها أن تحس في رقاده وفي إغماض عينيه أنه يباركها ويشجّعها على عيش ثورة الحب الذي لا قيمة للحياة من دونه.
  رد مع اقتباس
قديم 14/12/2007   #41
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


رائعة القصة الأخيرة ..
وصف الشخصيات
للحظة حسيت اني قادرة حس بالبطلة شوف محيطا
والحرام الهدية ..
التابوت .. القرنفل ..

كثير من الحزن .. وكثير من الأبداع


يسلموكتير


انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
قديم 14/12/2007   #42
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : butterfly عرض المشاركة
رائعة القصة الأخيرة ..
وصف الشخصيات
للحظة حسيت اني قادرة حس بالبطلة شوف محيطا
والحرام الهدية ..
التابوت .. القرنفل ..

كثير من الحزن .. وكثير من الأبداع


يسلموكتير

المشاعر الإنسانية العميقة بحاجة إلى إنسان مشاعره بعمقها أو أعمق منها ليستشعرها .
  رد مع اقتباس
قديم 15/12/2007   #43
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي حب على حافة الحياة / هيفاء بيطار


حب على حافة الحياة


لم يعد يملك سوى ذلك الصمت النابض يواجه به الأيام التي تتراكم فوقه, ولم يكن عمره الذي قارب التسعين يشعره أنه يحتضر, كان يعرف أن غيابها يعني الموت, فهي نبضة الحياة, فليفتح نفسه للألم طالما لم يعد من أمل بلقياها, وليترك نفسه مذعناً لوجع الذكريات وليسمح لدموعه أن تسير في أنفاق وجهه المغضن بتجاعيد الطيبة, من يعيد له عطرها, ابتسامتها, صوتها وهي تدندن أغانيها, دندنتها وهي تحكي له ظلم الناس لها, من يعيد للشيخ حبيبته, لم يصدقوه حين قال لهم إن القلب لا يشيخ وأنه قدُّر له أن يحب وهو على أعتاب التسعين؟كان زاهداً في الدنيا, أسير وحدته القاسية حين التقاها في قفر وحدته المثالي للتأملات واستعادة الذكريات, كان يشعر بذل الشيخوخة ويمازح نفسه ساخراً: كل شيء فيك مرقع يا عدنان, أسنانك الاصطناعية, عيناك اللتان زرعت فيهما عدستين, وفي أذنك اليمنى سماعة بدّلوا لك مفصل الورك حين سقطت وكسرته, ما أنت سوى حطام رجل وهؤلاء قساة القلوب أولادك وأحفادك ينتظرون وفاتك, لا يمكنك أن تخدع نفسك وأنت تقرأ وجوههم وابتسامات النفاق التي يواجهونك بها, وقد أدركت نواياهم بحدسك فامتنعت عن التنازل عن البيت الكبير وعن الكافتريا الصغيرة التي يديرها أحد أحفادك ويعطيك كسرة من الأرباح.حكمة السنين علّمتك أن تقرأ نفوس البشر, أن تطل على هاوية القسوة والأنانية في نفوسهم يا للمرارة وأنت تعترف لنفسك أنك لو تنازلت لهم عن البيت والكافتريا لطووك كما يطوون سجادة قديمة ورموك في غرفة ضيقة أشبه بالقبر مبتهلين إلى الله لتسريع موتك فما فائدة شيخ اقترب من التسعين يعيش في منزل واسع يساوي الملايين.كان يعرف أن كلاً منهم – أولاده وأحفاده – يخططون عشرات الخطط لاستثمار بيته, لا يعوقهم سوى حياته, سوى تعاقب أنفاسه ونبض قلبه الرتيب, فليمت, يسمعها تدوي في صمتهم المطبق وهم يزورونه كل يوم جمعه مدعين حبه, ومقدّمين له ولاء طاعتهم الكاذب, فليمت, يقرؤها في حدقات عيونهم الضيّقة من الغيظ لماذا تعيش كثيراً أيعقل إننا ننتظر موتك منذ عشرين عاماً ياه! لماذا لا يلبي الله صلواتنا, ألا يقولون أن الله يلبي الدعاء الصادق؟لايمكن أن ينسى ذلك الحوار الذي يقشعر له جسده كلما استعاده بذاكرته كان لا يزال تحت تأثير المخدر, خارجاً لتوه من غرفة العمليّات بعد أن بدّلوا له مفصل فخذه المكسور, كان يسمع أصوات موسيقا بعيدة تصله من فضاء قصي جميل يهيمن عليه اللون الأزرق فيبتسم ابتسامة أقرب للشرود حين صفعه صوت أليف يعرفه إلى حد الوجع صوت حفيده عدنان الذي طالما حمله ودلله ولا عبه لعبته المفضّلة بأن يركع ليترك عدنان يمتطي ظهره ويسير به طول الصالون حتى نهايته التي يسمونها جزيرة المرجان.ياه يا عدنان لم أكن اعرف أن هذه اللعبة تكشف عن سادية وقمع تبطنان روحك.أفاق من التخدير بعد أن قذفه صوت عدنان إلى عالم الصحو المرعب صوت معدني جاف وحاقد: كنا نتأمل ألا ينجو من هذه العملية كيف تحمّل جسده المهترىء ثلاث ساعات تخدير.فتح عينيه محدّقاً بالنور الذي بهره ولم يسمح له تمييز أحد اقترب منه يهوذا وقبله قائلاً: الحمد لله يا جدي قمت بالسلامة, تنحى جانباً متعمداً أن يريه أكاليل الزهر, شكره, أجبر نفسه على الاعتقاد أن ما سمعه ما هو سوى هلوسات أما الحقيقة فعدنان الذي سماه في سره يهوذا يريد بيته الكبير ليحوله إلى مطعم يعتقد انه أحق من المقربين كلهم إلى جده فهو الحفيد الأكبر والذي يحمل اسم جده, كرهت اسمي يا عدنان عدنان وزن شيطان تمنى في سريرته لو لم يصح أما كان أشرف له لو مات ما معنى حياة تتحول إلى تراكم سنوات؟ هل الانتصار الوحيد للإنسان هو أن يبقى حياً.أحضروه للعناية بعد أن فقدوا الأمل من وفاته, لسان حالهم يقول: (( تجاوز الخامسة والثمانين يبدو أن الموت نسيه )) جملة سمعها من زوجة أحد أبنائه, وقرأ صداها في عيونهم وتراكمت كلماتها فوق طبقات حزن تترسب طبقة فوق طبقة وكلها هدايا من أولاده.لم يكن يعرف أن القدر سيسخر منه لهذه الدرجة أو ربما أحبه لهذه الدرجة, لقد أحبها منذ اللحظة الأولى التي وقع فيها نظره على وجهها الجميل المغلف بالإعياء امرأة في الأربعين لكنها لا تزال شهية ونضرة في عينها حزن يزيد جاذبيتها تحاول مداراته كل لحظة, كان عليها أن تقضي عنده اثنتا عشر ساعة مل يوم تأتي صباحاً, وتتركه مساءً, تنظف البيت تطهو له طعامه الخالي من الملح والدسم تغسل ثيابه وتسليه بقراءة المجلات أو تلاعبه بالورق.ظل لأيام يتفرس بوجهها محاولاً اكتشاف قرَفها منه اشمئزازه من خدمة شيخ يقترب عمره من القرن, لكنه لم يَر بذرة اشمئزاز كانت نظرتها طافحة بالورود حتى أنها أدهشته حين أشبعت قطن بالكولونيا ومسحت رقبته و وجنتيه ويديه, ضحكت ضحكة قصيرة كأنها بررت ما قامت به بتلك الضحكة, جلست إلى جانبه وقالت له كأنها تبوح بحقيقة لنفسها أنت تحب, كريم ولطيف وإنساني.لم يشم رائحة طمع, استوقفته كلمتها الأخيرة, سألها: إنساني ماذا تقصدين؟ رفعت إليه عينين شاردتين ارتجف فمها, وغشت عينيها طبقة لزجة من الدموع, اجتهدت أن يكون صوتها صافياً دارت تشققاته وهي تقول متهربة من الجواب: سأعد القهوة.كان ممنوعاً من شرب القهوة لكنه رغب أن يشرب معها قهوة السر, هكذا أحس ولم يكذّبه إحساسه لأنها – ومن غير إنذار – تدفقت أمامه دموعاً ساخنة وكلاماً خارجاً من بهاء روحها المتألمة, باحت له بمأساتها يبدو أن عمره المديد أو إحساسها أنه على حافة القبر خفف عنها عبء قول الحقيقة سيموت ويموت اعترافها معه.حكت له قصّتها كيف كان زوج أمها يتحرش بها حين كانت في الحادية عشرة, أحست الأم فأسرعت بالتخلص منها, وزوجتها لرجل يزيدها بثلاثين عاماً عملت خادمة له ولأولاده إلى أن حاول ابنه التحرش بها فهربت من المنزل وطلبت الطلاق, وجدت نفسها مرمية في الشارع وعليها أن تعيل طفلين أنجبتهما, اضطرت بعد أشهر من التشرد والجوع أن ترجع إلى زوجها الذي صار يضربها متهماً إياها أنها هي التي أغوت ابنه معيداً على سمعها مئة مرة في اليوم: إن الشيطان امرأة.أخذت نفساً عميقاً وحبسته في صدرها قالت بعد صمت ثقيل: المهم الطفلان يجب أن يعيشا عيشة كريمة.كان سخياً في عطائه وكانت تقدر عطاءاته وكانت تقدر عطاءه لدرجة أن يقبّل يديه شاكرة, حفظت مواعيد دواء الضغط والقلب, حضّرت له حلويات خفيفة شهيّة, وعرّفته بطفليها اللذين أحبهما أكثر من أحفاده كلهم طالباً منهما أن ينادياه جدي.سرى الدفء في أيامه وعروقه وحياته, فلتكن تلك المرأة كفنه, كان يتأمل يدها وهي تمسح زجاج النافذة يتأملها بافتتان وهي خارجة من الحمّام مبلولة الشعر وهي منحنية تمسح الأرض ما أجملها, ما أقربها إلى روحه, فليعترف لنفسه بأنه يحبها وبأنها دنياه.اعترف لها ذات يوم أنها بعثته من رماده وانه كان ميتاً حقاً من دونها, شكرته وهي تدعو له بطول العمر, تمنى لو يملك الشجاعة ويطلب إليها أن تتزوجه بعد أن طلقها زوجها, سيكون الزواج بالنسبة إليه الدفء والرحمة اللذين حرم منهما, وبالنسبة إليها الاستقرار وضمان حياة كريمة لطفليها.لكنه لم يجرؤ على اتخاذ خطوة واحدة, سيقولون إنه خرف كم أحس بالقهر وهو يعي حقيقة تصلبه, لا يحق لقلب العجوز أن يحب! سحب رصيده من المصرف وقدّمه لها, قالت له بانفعال أليم: لن أقبل, لن أسمح لذل الحاجة أن يضطرني للقبول, أنت تعطيني أكثر مما استحق, هذا المال من حق أولادك.قال: بل من حق من يحبني ويعتني بعجوز مثلي دون تذمر أو قرف.استنكرت كلامه قائلة: أنت أروع رجل عرفته في حياتي لكن... سمع كلماتها رغم أنها لم تنطقها بل تركتها محبوسة في حنجرتها, ماذا لو عرف أولادك؟قال: ستأخذين المال, فأنت أحق به من أولادي..كان يحس أن حياته متعلقة بحياتها ومصيره معلق بمصيرها وحين تتركه كل مساء, يجلس مستنشقاً عبقها منتظراً طلوع شمس جديدة تزف حضورها إليه, إنه يتعبد عشقاً في محراب شيخوخته.باغتته بعد سنة من الخدمة بسؤال: أتحبني؟رفع إليها عينين مسهدتين وبرطم بكلمات غير مفهومة.قالت له وهي تضم رأسه إلى صدرها: وأنا أحبك أيضاً صدقني.تمنى لو يموت في تلك اللحظة, أية روعة أن يلفظ أنفاسه الأخيرة على صدرها الدافئ, إنه لا يتحمل الحياة بعيداً عنها, كلهم غرباء وحدها عاملته بحنان وإنسانية.الحب بعث الأمل في قلبه, لم يعد يفهم ما معنى أنه في التسعين وقد يعيش عشرة أعوام وربما عشرين وهو في جنة الحب, من قال إن الحبّ والسعادة حكر على الشباب؟فاتحها برغبته بالتواجد عنده ليل نهار, بأن يتزوجها ويسجل البيت باسمها, غض نظره وأكمل ما لابد من قوله: من حقك أن تحبي شاباً مثلك, إذا وجدت الشخص المناسب, صارحيني, سأتفهمك, ومن يدري قد أكون ميتاً وقتها, فأجنبك حرج الصراحة.كان يجب أن يعلمهم عن نيته في الزواج من حبيبته, لم يعرف أنهم سيحجرون عليه وسيتهمونه بالتخريف, طردوها, وألفوا عنها الشائعات والفضائح, هددوها بالسجن بتهمة الدعارة, سحبوه من البيت الكبير وزجوه في مشفى المجانين, الطبيب الذي عاينه مراراً تعاطف معه في البدء ثم لم يعد يقدر أن ينظر إليه, أن تلتقي عيونهما, عرف أنهم اشتروه, دفعوا له كي يكتب أنه مجنون.كان يقدّر ظروفها, تمنى لو تغامر وتزوره مرة واحدة, مرة واحدة فقط, امتنع عن الطعام راغباً بمغادرة الذل والغدر, علقوا في وريده سيروماً, تظاهر أنه قبل بإجرائهم العلاجي, انتظر أياما غارقاً في مستنقع ذكرياته, وجوه أهداها عمره وخانته, حب أتى متأخراً ليهزأ منه أم لينقذه, لا يعرف.سحب إبرة السيروم من يده, أحس بكيانه يختزل ويصير مجرد قلب ينبض بالحب, لكن بلا جدوى, محكوم عليه بنهارات تعذبه, وبمساءات تقبره فليتحرر ليطير خارج قفص الجسد, عساه يلقاها في فضاء ما.ربط حبل كيس السيروم حول عنقه, وأخذ يشد بطاقته كلها, أحس كيف تجحظ عيناه وتضطرب أنفاسه, ربط طرف الكيس بعارضة السرير المعدنية, وجر جسده بالاتجاه المعاكس, اسقط نفسه أرضاً لكي يكون الشد على رقبته أعظم, بعد لحظات رآها تدخل إليه شفافة كشفافية الفجر الأولى, مبتسمة ابتسامة أذابت آلامه كلها, انحنت بجانبه واضعة رأسه على صدرها الدافئ, مسحت جبينه المتعرق براحتها, ثم مسحت جبينه بقطعة مشبعة بالعطر, بكى فسالت دموعه بين نهديها, كانت عبراته لزجة حمراء تتدفق من عينيه بوقارٍ مذيبةً وجع الذكريات.
  رد مع اقتباس
قديم 17/12/2007   #44
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي البلهاء / هيفاء بيطار


البلهاء

بعــــد يومين من زفاف وحيدها، وُجدت تيريزا البلهاء ميتة تحت شجرة السنديان الهرمة الوحيدة في الحديقة الصغيرة قرب بيتها، تحديداً الغرفة الحقيرة التي عاشت فيها ربع قرن مع ابنها.
اختلفت الآراء حول وفاة تيريزا البلهاء، منهم من رجّح أنها انتحرت، مستحضرين فرويد إلى أذهانهم الذي سيعتبر -كما يحلو لهم أن يفسروا- زواج ابنها نهاية لحياتها من جهة، وتكثيفاً شديداً للحادثة التي صبغت مستقبلها إلى الأبد، حين حملت بابنها وهي في الرابعة عشرة، وتنصّل الأب من الاعتراف بأبوته للجنين، واعتقد بعضهم أن تيريزا البلهاء توفيت بسرطان الثدي الذي تعاني منه منذ سنوات، وترفض العلاج. أما ابنها الذي بكاها بدموع من نار، فكان يهذي وسط دموعه بأنها توفيت من الحزن، وبأن الحزن حين يزيد عن
حد معين يصبح قاتلاً.
لم يشيّع تيريزا البلهاء إلى مثواها الأخير سوى نفر قليل من الناس، أختاها الوحيدتان دون زوجيهما، اللذين كانا متبرئان من تيريزا الساقطة، ابنها وزوجته، ومالكة الغرفة التي استأجرتها تيريزا لتعيش فيها مع ابنها.
التصقت بتيريزا صفة البلهاء مذ كانت في الرابعة عشرة. كانت كبرى إخوتها، ومسؤولة عن العناية بهم لأن أمها مضطرة للعمل من الصباح وحتى المساء خادمة في البيوت لتعيلهم، فيما والدها هائمٌ منذ سنوات في مصحٍ للأمراض العقلية.
كثيراً ماحلمت تيريزا بزيارة والدها، لكن أمها كانت تزجرها كل مرة، تنهاها عن ذكره، فما كان من هذا النهي القاسي إلا أن يزيد اضطرام أشواقها وأفكارها نحو والدها، كان غيابه يجعل حبها له شفافاً ونقياً لاتشوبه كلمات البشر الفظة القاسية، ولا تصرفاتهم الخالية من الرحمة، وكثيراً ماكانت ترنو إلى البعيد وتتخيل أنها تركض مسافات ومسافات لتلقي بجسدها في حضنه، فيضمها بقوة إلى صدره وتمتزج دموعهما، وهو يعدها أنه لن يتركها أبداً... كانت صديقاتها يسخرن منها حين يضبطنها تبتسم وتبرطم بكلمات وحدها، فيقلن لها: المجانين فقط يتحدثون مع أنفسهم، لكنها كانت تبتسم ولا تُعلّق بكلمة. فهي تحب صديقاتها من كل قلبها حتى لو سخرن منها وتهامسن بأنها بلهاء. ماكانت تفهم فن الكذب، ولا فلسفة الغش، إنها تُعبّر عن كل ماتحسه بالقول والفعل وعلى الملأ. ماكانت تفهم لماذا يداري الناس سلوكهم، ولماذا يكونون بعدّة أقنعة! ذات يوم حين زارتهم جارتهم، أدهشها ترحيب أمها الحار بالمرأة، فانبرت تيريزا تقول بسذاجة: أمي، أليست هذه جارتنا التي تقولين عنها بخيلة وثرثارة ولا يهمها سوى اصطياد زوج ثري لابنتها.
انقطعت العلاقة بين المرأتين بسبب تيريزا البلهاء، ورغم العتب القاسي الذي تعرّضت له تيريزا من أمها، فإنها لم تفهم لماذا اعْتبرت مذنبة؟! بقيت على تساؤلاتها الساذجة لماذا لايقول الناس كل شيء أمام بعضهم، لماذا يكذبون؟ ومامعنى الكذب؟
فرحت بجسدها اللدن الرشيق، الذي أخذ يتكوّر، ويشع حرارة جديدة، أشبه بتيارات مائية ساخنة تدغدغ جلدها وأحشاءها، كانت تضحك لصورتها في المرآة، وهي تكتشف تلك المشاعر اللذيذة، وتتساءل: لماذا لم تشعر بها من قبل؟ كانت تقضي ساعات تتأمل نهديها الشامخين، وتمرر يديها على وركيها وبطنها وفخذيها، منتشية بالتحوّل الجميل والمدهش في جسدها، كانت مزهوة بتفتّح أزهارها، بالثمار اليانعة الشهية التي ترغب أن يتحلّب الناس ليتذوقوها، وكانت تبكي بدموع سخية وهي تسمع أغاني عبد الحليم حافظ الذي احتل أحلام يقظتها التي لاتنقطع إلا عند الضرورة.
في الثالثة عشرة سقطت تيريزا في شرك الحب، كل الحارة شهدت حبها للشاب الجميل الذي يقود سيارته الفخمة البيضاء، ودون أن تتلفت خائفة وأمام العيون المتلصصة من الشقوق والثقوب، كانت تيريزا تركض إلى حبيبها، وتجلس بجانبه في السيارة ليأخذها إلى الشقة التي استأجرها لغرامياته.
دُهشت تيريزا حين انفضّت عنها صديقاتها، وصرن يرمقنها باحتقار ويتهامسن حين تمر بجانبهن، كانت تتساءل بدهشة وحزن: لماذا تغيّرت نظراتهن؟! ماكان لها أن تفهم أبداً نظرة الاحتقار، فهي لم تختبر هذا الشعور، ومادة روحها النقية غير مؤهبة للإحساس به.
أخذ بطن تيريزا يتكوّر، ويزداد حجماً، أدهشها أنها غدت بدينة، مع أنها لاتأكل زيادة عن عادتها! وبأن تنورتها الوحيدة ماعادت تحيط بخصرها. حتى الشهر الخامس لم تلحظ الأم حمل ابنتها، في الواقع لم تكن تراها، لأنها تعود إلى البيت حطام امرأة. متهالكة من التعب، تمسح أولادها بنظرة، وتغطّ في النوم، تاركة صغارها يكبرون برعاية تيريزا البلهاء والعناية الإلهية، وصدقات الجيران.
ذات يوم تحلّقت صديقات تيريزا حولها وسألنها: تيريزا، ألا تلاحظين أن بطنك يكبر؟ ويتغامزن وينفجرن ضاحكات.
فتلمس تيريزا بطنها متعجبة وتقول: أجل إنه يكبر.
فيسألنها: تيريزا من والد طفلك؟!
تحملق تيريزا في وجوههن وتتساءل بدهشة طفولية: طفل، أي طفل!.
تقول إحدى صديقاتها: من تعاشر رجلاً تحمل بطفل.
كانت تيريزا تفسّر كبر بطنها، بسبب انقطاع الطمث، فالدم يتجمّع في الداخل، ويجعل بطنها يكبر، كانت مقتنعة كلياً بهذا التحليل الدقيق لكبر بطنها، ولم تكن تقلق، فذات يوم سيتدفق كل هذا الدم إلى الخارج ويعود بطنها إلى حجمه الطبيعي.
ضربتها أمها بوحشية وهي تسألها: منذ متى تعاشرين هذا الكلب؟ وكانت تيريزا تبكي وترتعش ولا تتفوه بكلمة، استدعت الجلاّدة القابلة لتكشف على ابنتها، وبعد الفحص رفعت القابلة عينين زائغتين بالدهشة وأدلت بتقريرها: الفتاة حامل في شهرها الخامس، لكنها لاتزال عذراء!!
اقتحمت أم تيريزا منزل الشاب الثري وواجهت أسرته بحمل ابنتها، طُردت الأم واختفى الشاب عن الأنظار، استدانت الأم المنحوسة -كما غدا اسمها في الحارة- المال، وأقامت دعوى على الشاب لتضطره للزواج من تيريزا والاعتراف بابنه، لكن الشاب نفى أبوته للطفل، وقال في المحكمة بأن تيريزا عاهرة وتعرف الكثير من الرجال غيره، وذكر أسماء خمسة من أصدقائه وأصدقاء والده على أنهم عشّاق لتيريزا، وأصرَّ على استدعاء هؤلاء العشّاق وسماع شهاداتهم بتيريزا، عارفاً أنهم سيذكرون جميعاً الوحمة البنفسجية فوق عانة تيريزا بقليل!
وحين واجه محامي تيريزا المحكمة بتقرير طبي يثبت أن تيريزا لاتزال عذراء، وبشهود من الجيران، يؤكدون أن الفتاة لم تخرج سوى مع الشاب الثري، استمر الأب في نكرانه، وانتهت الدعوى بأن دفع الشاب مبلغاً كبيراً لصاحب السيادة كي يُبرأ من أبوة الطفل الذي تحمله البلهاء في بطنها.
كان على تيريزا أن تعرف دفعة واحدة معنى الألم والتخلي ونبذ الناس لها واحتقارها، الذي أحسته يؤلمها كوخز الإبر، كان عليها أن تعرف دفعة واحدة معنى الوحدة وموت المشاعر البكر الطاهرة التي كانت تدفعها لتأمل جسدها بافتتان وللارتماء في أحضان الحبيب مكتشفة جسدها في جسده، وسعيدة بأن يكتشف جسده في جسدها.
انقضت كل تلك المشاعر الوحشية القاسية على تيريزا، وأحاطتها كدائرة من نار وهي تتمخّض معانية آلاماً لاتطاق، بينما لاتسمع كلمة واحدة تؤاسيها من أمها، أو القابلة، فمن يؤاسي فتاة حملت سفاحاً؟ لكن تيريزا البلهاء غدت أماً بطرفة عين، ولدت إنسانة جديدة في اللحظة التي قذف رحمها ابنها.
خلال أشهر شاخت الصبية ذات الأربعة عشر عاماً، ماتت شهوتها للرجل وتحوّلت إلى جرح سيظل مفتوح الشفتين مدى الحياة، وضاع ذلك الشعور البهي المتوهج الذي لاتعرف أن اسمه الشهوة في غياهب الإهمال، أعطت روحها وكيانها لوحيدها، صار دنياها وعالمها. كانت ترتعد من قسوة النظرات ووحشيتها فتهرب إلى دنيا صغيرها، إنه الكائن الوحيد الذي يُحبها ويقبّلها، ويقبلها كماهي، وحده لايصدّق أنها زانية.
كبر الصغير وكان صورة طبق الأصل عن والده، حاول البعض ممن يحتفظون ببقايا رحمة في قلوبهم أن يصحبوا طفل الزانية إلى والده، ليفحموه بالشبه بينهما، لكن الأب استمر في النكران، وتزوج من فتاة من سويته المالية، وأنجب منها ثلاث بنات، لكن حرقة الصبي ظلت تلاحقه، فكان يقول في سره، أيُعقل أن أنجب ثلاث بنات في الحلال، فيما الصبي لا أنجبه إلا في الحرام.
استطاعت تيريزا البلهاء أن تنتزع شفقة الناس بعد سنوات وليس احترامهم، فالكل يشهد كم أحبت طفلها، ظلت تحمله حتى العاشرة من عمره، كانت تقضي ساعات بجانبه تتأمله وهو نائم، تغني له أغاني عبد الحليم بصوتها الهامس العذب، وتمسح دموعها الخرساء. ماعادت تتذكر أنها أنثى. انحفر الرجل في ذاكرتها مدية تطعنها في الخلف، كانت دروس الحياة المبكرة والقاسية قد جعلتها تفقد أدنى رغبة في المقاومة. كان الاستسلام التام لكل ماجرى معها هو الحل الأكثر رحمة وتحملاً بالنسبة لها، وقد قاومت بضراوة محاولة العديد من الشبان جعلها عشيقة، حتى أن أحدهم قال لها غير مصدق إنها لاتنوي معاشرة أي رجل: إلى متى ستتظاهرين بأنك شريفة، وقد تعوّدت أن تباعدي بين ساقيك مذ كنتِ في الثالثة عشرة؟
تعوّدت تيريزا على ابتلاع الإهانات، واستمرت تقبر الأيام، يوماً بعد يوم، لا يعنيها سوى ابنها، وتمكنت بواسطة جارتهم الوحيدة التي تشفق عليها من الحصول على عمل في مؤسسة لبيع الخضار، وفي أوقات فراغها المستفيضة كانت تيريزا تُبدع كنزات صوفية رائعة تبيعها وتساعد نفسها على العيش.
الصغير غدا كبيراً حين عاين جرح أمه، باحت له وهي ترتعد من شعورها بالعار من يكون والده، سربلهما صمتٌ طويل لم تجرحه كلمات لأيام، كانت تعاني آلاماً لاتطاق، وتخشى أن تفقد احترام الرجل الوحيد في حياتها، لكنه بعد أيام دفن رأسه في صدرها قائلاً: أنتِ أروع أم في الدنيا. لكم أحبك ياتيريزا الرائعة، أماهو فأكرهه، أنا لاأب لي.
كم كانت صادقة حين قالت له: لا تكرهه يابني، لاتجعل الكره يعّكر روحك.
كانت تيريزا تعاني من اشمئزاز شديد حين ترى رجلاً وامرأة يتغازلان على شاشة التلفاز، ظلت أسيرة مشاعر الإثم طوال حياتها، وساعد موقف اخواتها من رسوخ هذه المشاعر، فبعد زواجهن انقطعن كلياً عن زيارتها، فهمت من غير أن تسأل أن أزواجهن يمنعونهن من زيارة الأخت الآثمة التي أنجبت من غير زواج.
حين بلغ ابن تيريزا السادسة عشرة، فوجئت بعناية زائفة من أمها وجارتهم، ليقنعوها بالزواج من أرمل يعيش في الأردن، أكدتا لها أن هذا الزواج هو الوحيد القادر على إعادة الاعتبار ونفض الغبار عن كرامة تيريزا المعفّرة في وحل الإثم منذ سنوات، فالرجل سيسجل ابن الحرام على اسمه، رفضت تيريزا بقوة وقالت بأنها لاتطيق الرجال ولا تستطيع أن تقرِّب رجلاً. لكن الأم والجارة أقنعتاها بأن زواجها سيحّول ابنها من ابن حرام إلى ابن شرعي وبأنها يجب أن تضحي في سبيل ابنها.
قبلت تيريزا الزواج من الكهل، سافرت معه إلى عالمه الغريب، منتظرة اللحظة التي سيسجل فيها ابنها على اسمه، لكنه أخذ يتملص، بدا لها واضحاً منذ البداية أنه يريدها خادمة، بل عاهرة، كان يجبرها على لبس ثياب داخلية خليعة، ويطلب إليها أن تقوم بحركات معينة، ويضربها كي تشاهد كل يوم العديد من الأفلام الجنسية الخليعة لتتعلم فن ممارسة الجنس، لم تستطع تيريزا الاحتمال، هربت منه بعد أن قال لها بأنه يستحيل أن يسجّل ابن الزانية على اسمه، وبعد أن صرخ في إحدى فورات غضبه: ياقحبة كنتُ أظنك تعرفين فنون إرضاء الرجال، فإذا أنت تيريزا البلهاء حقاً.
عادت تيريزا إلى غرفتها الضيقة تنشر أحزانها على الجدران، واستأنفت حلمها الشاق الوحيد بأن يدخل ابنها كلية الهندسة. وأخيراً ابتسمت، هي التي نسيت الابتسام، حين حصل ابنها على لقب مهندس، وخطب زميلة له في الجامعة، وترك أمه تعيش وحيدة مع ذاكرة شوّهتها الآلام.
تحوّلت تيريزا إلى إنسانة شبه خرساء، كانت تقضي أياماً لاتنفتح شفتاها عن كلمة، الجملة الأخيرة التي تفوّهت بها قبل وفاتها بيومين لجارتها: أحس أن حياتي سراب.
القلة الذين شاهدوا جثة تيريزا تحت شجرة السنديان الهرمة، انتابهم إحساس واحد بأنها كانت تحلم، ثمة ابتسامة ترفرف على وجهها، وسرب أحلام يطوف حول عينيها ترى بماذا كانت تحلم تيريزا البلهاء قبل أن تسلم الروح؟


نقلاً عن موقع القصّة السوريّة.
  رد مع اقتباس
قديم 18/01/2008   #45
صبيّة و ست الصبايا أميرة الماء
مسجّل
لسا يا دوب
 
الصورة الرمزية لـ أميرة الماء
أميرة الماء is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1

افتراضي


قصص روعة و الله مشكور
  رد مع اقتباس
قديم 21/01/2008   #46
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


تم رفع جميع المرفقات الموجودة في هذا الموضوع
على رابط خارجي لحين حل مشكلة المرفقات
http://www.4shared.com/file/35434759.../__online.html



  رد مع اقتباس
قديم 01/02/2008   #47
صبيّة و ست الصبايا nameless
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ nameless
nameless is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
الأردن مصنع الأسود
مشاركات:
40

إرسال خطاب MSN إلى nameless إرسال خطاب Yahoo إلى nameless
افتراضي


ما بعرف شو بدي أحكي..الإشي الوحيد اللي عجبني بعد قراءة "البلهاء,الساقطة,حب على حافة الحياة" هو النهايات الحزينة المشابهة جدا ً للواقع,يعني الكتاب عادة بقصصهم أو حتى بالأفلام ً ما بحبوا يفشلوا القارىء مشان هيك بزهقونا بالنهايات السعيدة إللي ما بتصير بالواقع..بس بقصص هيفا حسينا إنه إحنا عالأرض يعني تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
وغير هيك لاحظت إنه لسانها طويل شوي يعني مسبات وتشبيهات و وصف دقيق لخصوصيات أنثوية مش لازم الكل يتطلع عليها وهاي قناعة خاصة ما بحب حد يعلق عليها وكأنة عندها كره واضح مبين من قصصها لشرائح معينة سواء مجتمعات,ناس,أو جنس معين,يعني بنقدرنحكي إنه بس خيالها مساعدها شوي بس ثقافتها على قدها وعشان تفهموا قصدي أكثر إقرأوا للرائعة أحلام مستغانمي وبتحسوا بالفرق.

مشكوور يا ضوء القمرلأنك شاركتنا بثقافتك ومشكور أكتر على ذوقك في اختيار القصص وانشالله ما يكون تعليقي ثقيل عليك.

الأردن أولا ً..عبدالله الثاني ..غرام ٍ نحظنه في كل وجدانِ
شرفنا وراسنا المرفوع بالعالي ..نضحي لاجلهم فب كل ميدانِ
no matter what they till us
no matter what they do
no matter what they teache us
what i belive is true
  رد مع اقتباس
قديم 02/02/2008   #48
صبيّة و ست الصبايا nameless
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ nameless
nameless is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
الأردن مصنع الأسود
مشاركات:
40

إرسال خطاب MSN إلى nameless إرسال خطاب Yahoo إلى nameless
افتراضي


لأ..لأ..لأ..ما تحكيلي إنه صعقة حب بتخلص لهون؟؟؟ بقدر أحكي عن هالقصة رائعة..وصفها للحالة العشقية بين البطلة وبين خطيب صاحبتها..تتبعها الدقيق لصعقة الحب ..فصلها بين الحب العقلاني والحب الصدفة اللي ما بتحكمه أي عقلانية الخارج عن سيطرتنا..إحتفاظها بحدود أخلاقية حياتية واقعية بحتة لا يمكن تجاوزها وهي حدود الصداقة وحدود الخيانة واللعب بمشاعر الآخرين وخلتها مستحيلة بوجود رابط محكم وهو الخطبة يعني صعبت اللعبة شوي وبرجع وبأكد على نقطة الواقعية والبعد عن النهايات الخيالية ولو إنا بنحتاجها أحيانا .
أنا أطالب بإيجاد حل..
مشكوووووووووور يا ضوء القمر على هالقصة.والشكر أولاً وأخيراً لكاتبة القصة
  رد مع اقتباس
قديم 13/02/2008   #49
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي


ترقبوا المجموعة القصصية "مرآة الروح " قريباً جداً.
تحياتي
  رد مع اقتباس
قديم 28/02/2008   #50
صبيّة و ست الصبايا طفوله
منسّق
 
الصورة الرمزية لـ طفوله
طفوله is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
... غصّــه بــ ئلبون ...
مشاركات:
1,394

افتراضي





جينا


شكرا للكل


بس دوبي ئريت الئصه الي حاططتها باشق ..





/ . / الـــــ ح ــــــريــه لــــصــوت الـضــمـيــر / . /
  رد مع اقتباس
قديم 22/11/2008   #51
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي



ما يهمني إن أحبني أم لا



ما يهمني إن احبني أم لا ، طالما أنه أشعل جمرة الحب في رماد أيامي , ما يهمني إن أحبني أم لا ، طالما استيقظ صباحا ً ، فأشعر أن دفء الشمس ما هو إلا دفء قلبي .



لا أعرف كيف أصبحت تحت تأثيره ، وسحرت بمجال جاذبيته .

رجل أحسست أني أحبه ، حين بدأت أستعير كلماته ، أقلد صوته وحركاته أخزن صدى ضحكته الصامتة في روحي .

أحسست أني أحبه حين باغتتني نفسي كم ترتعش في حضرته ، فكان عليّ أن أكبح جماح أشواقي إليه ، وأن أصارع هوى عنيف يدفعني للبوح به ، وعقلٌ كئيب من شدة تعقله بلجم هذا الهوى العنيف .

أحبه وأعرف أنه لم يترك لي خرم إبرة أتسلل منه إلى عالمه .

محصن باللطف ، ومدجج باللباقة ، وأنا أحوم حوله ، مستنهضة كل حيل الأنثى لاقتحام أسوار رجولة محصنة .



سهام أنوثتي لا تمل من اقتحام قلعة رجولته ..

أعرف كم أحبه ، حين أحس أن التسكع يجعلني على صلة معه من حيث لا أدري ، وحين تنفلت مني ابتسامات مباغتة ، وأنا أنصت بذهنٍ شارد لحوار الناس حولي ، فيبحلقون بي متفاجئين من ابتساماتي غير المتناسبة مع أحاديثهم ! أتظاهر أني أقمع سعالا ، لن يحزرو أبدا أن ابتساماتي ما هي إلا حب يعبر عن نفسه بطاقة الخيال وحدها .

وحين أشعر أن البعد يعطيه فخامة وألقا ً ، فأستنجد بالفراغ الذي يفصلني عنه و أستنجد لاهثة بقوى خيّرة وبكتب الأبراج والمنجمين ، وأسمح للدموع بالانهمار على وجنتيّ الشاحبتين ، وأسمح لنفسي أن أعاتبه على قسوته .



هو الذي لم يعدني بشيء ! ولا يعرف أي هوى أشعل في قلبي ؟

هو الذي نجح في جعلي خارج عالمه تماما ً ، وأشعرني كم أنا نائية ولا مجال لتقاطع عالمينا .

هو الذي يغلق نفسه كدائرة وأنا أفرد نفسي كشعاع ، يمسح دائرة عزلته بيد من نور وحنان .

أدرك كم أحبه حين لا يأخذ أبدا ً ، ما أنا متلهفة لإعطائه إياه . متعففٌ دوما ً ، ومعتذر ٌ ، لا يريد هداياي .

مجللة بهزيمتي : أحب رجلا ً لا يريد مني شيئا ً .

أدرك كم أحبه حين يصير ألم فراقه ممتع ، وحين تتحقق تلك المعادلة المستحيلة هو أن يتحول ألمي إلى إلهام .

فأبدع لغة ، وأقترب من بطانة الكلمات التي ما كنت أعرف كيف ألمسها وتصبح كل دقيقة ممتلئه بالنبض وتتملكني لهفة مباغتة لأرى ما وراء الأشياء فأشعر أني بقوة سحرية أصل إليه ، إلى ذلك الفضاء حيث تدوم روحه فأشرع نفسي لأحتضن فضاء أنفاسه .

أحب نفسي العاشقة ، المتعلقة كتعويذة على عتبة بابه الموصد .

د. هيفاء بيطار

من مجموعتها القصصية " مهزومة بصداقتك "


من زمان ما قريت شي بيشبهني لهالدرجة




  رد مع اقتباس
قديم 24/11/2008   #52
شب و شيخ الشباب باشق مجروح
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ باشق مجروح
باشق مجروح is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
مشاركات:
5,511

إرسال خطاب MSN إلى باشق مجروح إرسال خطاب Yahoo إلى باشق مجروح
افتراضي


ميمو هالكتابة رائعة جداً . بشكرك على الاختيار .

اقتباس:
رجل أحسست أني أحبه ، حين بدأت أستعير كلماته ، أقلد صوته وحركاته أخزن صدى ضحكته الصامتة في روحي .

أحسست أني أحبه حين باغتتني نفسي كم ترتعش في حضرته ، فكان عليّ أن أكبح جماح أشواقي إليه ، وأن أصارع هوى عنيف يدفعني للبوح به ، وعقلٌ كئيب من شدة تعقله بلجم هذا الهوى العنيف .



صديقي الله .
لا أحسدك على معرفتك مصير كل منا .
لأنك قد تبكي على مصير حزين بينما صاحبه سهران يضحك.
وتعرف الفرح قبل وقوعه فلا ترى مثلنا لذة المفاجأة.
....
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2009   #53
صبيّة و ست الصبايا أريام
مسجّل
لسا يا دوب
 
الصورة الرمزية لـ أريام
أريام is offline
 
نورنا ب:
Jul 2009
مشاركات:
1

افتراضي


شكرا على هالمقال الجميل
ماقصرتوا
وتقبلوا مروري
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 16:23 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.27377 seconds with 13 queries