أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > اللاهوت المسيحي المعاصر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 02/04/2005   #1
شب و شيخ الشباب شكو زولو
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ شكو زولو
شكو زولو is offline
 
نورنا ب:
Sep 2004
المطرح:
لبنان
مشاركات:
1,071

إرسال خطاب MSN إلى شكو زولو إرسال خطاب Yahoo إلى شكو زولو
افتراضي الخطيئة من نظرة بالاماسيّة ونظرة عقلانيّة


" يا بنـيَّ مغفورةٌ لك خطاياك "



أتى بعض اليهود بمخلع إلى يسوع طالبين، طبعاً، أن يحلَّه ويخلصه من مرضه. لكن يسوع التفت إلى هذا المخلّع - وهذا المرض أوضح الأمراض ظهوراً للعيان بين أمراض الإنسان- وكأنَّه لم يرَ إلاَّ المرض الذي اهتم هو أن يشفيه، وقال للمخلّع: "مغفورةٌ لك خطاياك"؛ ففوجئ اليهود. لذلك علينا نحن أن نعرف مدى تقديرهم لمسؤوليّة الخطيئة أوّلاً، وأن نعرف مفهومهم للخطيئة ثانياً؛ الأمران اللذان جعلاهم يُفاجؤون. تشديد يسوع هذا على أمر الخطيئة يستحقّ منّا أن نسأل أنفسنا نحن أيضاً، عمّا هو مفهوم الخطيئة بالنسبة لنا، أي ما هي الخطيئة في تقديرنا؟ هذا من جهة أولى.

ومن جهة ثانية، تحيي الكنيسة اليوم، في الأحد الثاني من الصوم، تذكار القدّيس غريغوريوس بالاماس؛ الذي تصدّى في القرن الرابع عشر لخطر تهديد الحياة المسيحيّة من العقلانيّة (Rationalism) المحدودة البرلعاميّة (نسبة إلى برلعام الذي من كلابريا في صقلّية). وهذا الصراع بين بالاماس وبرلعام لم يكن نظريّاً وجدالاً فكريّاً، بل هو خلافٌ على طريقة التعامل مع الله وجوهر العلاقة في عبادته والعيش معه والسير إليه.

نعم، لعلَّ ما يهدّد حياتنا وإيماننا ليس هو عدم الإيمان بوجود الله، وهذه هي صيغة الإلحاد الغابر. إنَّ الإلحاد المعاصر يَكمُن في تبديل وتزييف هذا الإيمان وإفساد طبيعته. لذلك لم يعد الخطر على الإيمان من العوامل والإيديولوجيّات والضغوطات الخارجيّة، وإنّما من مقدار صفاء الإيمان وعيش الإيديولوجيّة المسيحيّة الحقيقيّة من الداخل. وإذا ألقينا نظرة على مفهومنا للخطيئة، وهذا الأمر هو من أدقّ الأمور في علاقتنا بالله وفي مسألة خلاصنا، فإنّنا نجد أنَّ هذا المفهوم الحسَّاس مهدَّد فعلاً وربّما مُنفَسِد بسبب العقلانيّة (Rationalism) البرلعاميّة الغربيّة. لنرى إذن ما هي الخطيئة؟


عقلانيّاً، يتساءل إنسان اليوم، لماذا بلغة الدين نسمّي أفعالاً وتصرّفات ما "خطيئة"؟ ما دامت هذه أحياناً كثيرة تبدو مفيدةً لي شخصيّاً، ومناسبة أو مريحة، وتلبّي لديّ شهواتٍ دون أن تضرّ أحداً آخر أو تمسّ به، ولربّما أحياناً تبدو مفيدة له أيضاً؟ لماذا هذا المفهوم "العتيق" و"المعقّد" للخطيئة؟

بهذا الأسلوب العقلاني يحلّل غالبيّة الناس اليوم مفهوم الخطيئة، مصطدمين بالمفاهيم "الدينيّة" القديمة لها! هم يرغبون إذن بتجاوز كلّ الموانع وكل رادع أخلاقي، حتّى ولو كلفهم ذلك أحياناً إسكات صوت الضمير الداخلي، متجاوزين كلّ ما يتركه هذا الأسلوب التحليليّ من غموض داخليّ. ويحتكمون بعد ذلك إلى تسميات جديدة لتلك التصرفات من أجل تبريرها. ولو أنّنا تناولنا أدقّ وأهمّ التصرفات والمسلكيّات الإنسانيّة، وتساءلنا ما هو تحديد الإنسان المعاصر للخطيئة فيها، لوجدنا أنّنا غالباً ما نفسد ذلك مستبدلين الرشوة بالشطارة مثلاً، وخالطين الحبّ بالزنى أحياناً، ومحوّلين الخدمة إلى الاستخدام، ومعوّضين عن المحبّة بالمصلحة، ومحدّدين السعادة بالرفاهيّة أو الاستراحة إلخ… ولأنّنا نحلّل هذه المفاهيم عقلانيّاً فإنّنا نجد أنَّ كلّ ذلك صحيح.

لنفكر عقلانياً كإنسان اليوم "وبمفاهيم معاصرة"! كما يقال: هل تضر الرشوة حين تُسيِّر أعمال كلّ الأطراف؟ ما هو ضرر الزنى مثلاً إذا لبّى شهوة فريقَين؟ ما هو خطأ الاستخدام إذا حقّق توازن الجميع؟ هل عارٌ علينا أن نطلب مصلحتنا؟ ولماذا التضحية والمحبّة، وكلّ هذه الأثقال الإنجيليّة الملائكيّة، ونحن بشر؟ والراحة في الاستراحة، هل تؤذي بشراً؟ وغير ذلك الكثير. أين الخطيئة في كلّ هذه المواضيع؟


عقلانياً، مجرّد أن "نتديّن"! - وكم يحمل هذا الفعل من مخاطر ويتحمّل كثيراً من سوء الفهم- نخطئ في تفسير الخطيئة أيضاً، فنحدّدها على أنّها تعدٍّ للوصيّة الإلهيّة! وكأن المتضرّر في هذا الموضوع هو الله الذي عليه، لعدالته وربّما "لأنانيته" ولكرامته، أن يُحصِّل حقوقه منَّا بفرض العقوبات علينا، في حياتنا الحاضرة قبل جهنّم الحياة المقبلة. لكن لو فكرنا بشكلٍ أعمق لأدركنا أنَّ الخطيئة لا تستطيع أن تمسّ الله، ولن تُصيب الله في ذاته. فإذا ما وضع الله لنا نواميساً وقوانيناً تنهانا عن الخطيئة، فإنَّه لا يصنع ذلك لمصلحةٍ تتعلّق به، بل لأجلنا، "لكي نصيب خيراً… ونحيا" (تثنية 6، 26). إنَّ إله الكتاب المقدّس، إلهنا، ليس إله الأبيقوريين أو إله أرسطو ذاك الذي لا يهمه أمر الإنسان والعالم.



الخطيئة، من نظرة مسيحيّة عمليّة، وكما يعرّفها القدّيس بالاماس، هي رفض الله كأب، رفض الحبّ الأبويّ، أي رفض النعمة الإلهيّة، والعيش في عزلة عقلانيّة. ما أحزنَ الأب في مَثَل "الابن الضال" هو رحيل ابنه. لقد أهان الابن أباه بحرمانه من وجوده كابن، لذلك فإنَّ هذه الخطيئة لا تغتفر إلاَّ بالعودة. إنَّ الحبّ الإلهيّ المنسكب جعل الله، إذا جاز التعبير، "قابلاً للتجريح". خطيئة هي أن نرفض النور ونحبّ الظلام حين جاء النور إلينا. خطيئة الابن دائماً تكمن في أنّه يفكرّ وحده فقط. أكبر إهانة للأب هي أن نتجاهل حبّه. عندما يحتاج الطفل، له الحقّ أن يفكر، ولكن إذا كان أبوه وراعيه إلى جانبه، فبتفكيره هذا يقصّر. يمكننا أن نحيا بعقلانيّة ونحدّد مصيرنا بتحاليلنا. ولكن، يمكننا أيضاً أن نحيا مع الله بالإيمان. وعندها فقط نعطي لهذا الأب حقّه. آدم لم يُخطئ في شيء بالجوهر إلاَّ في أنّه أراد أن يحيا، ويفكر، ويخطط لذاته دون الله. أن ننعزل عن الله يعني أيضاً أن نعزله. أليس هذا هو الإلحاد الحقيقيّ، وهذه هي الخطيئة إذن بين الابن وأبيه، بيننا وبين الله؟ الخطيئة في النهاية هي في أن نحيا مدّعين أنّنا أبناء، بينما محبّة الآب فينا غير موجودة. الحياة مع الله لا تعني أبداً مجرّد أنّنا نعترف بوجوده، أو أن نعرف عن وجوده هذا الأمور الكثيرة وحسب؛ الحياة مع الله تعني أن نسعد بحياتنا معه، وبكلمة أخرى أن يكون الله سعادتَنا. أن نقرأ، مثلاً، اللاهوت من أجل المعرفة فقط، فهذه خطيئة! لأنّه إن قرأنا اللاهوت ولم نفرح، ونتخشَّع، ونحيا، فنحن نهين الله الذي أتى إلينا حياةً. لأنّ الله لم يأتِ ليَشغَلَ عقلنا وإنّما ليشعِلَ قلبنا. الحياة مع الله ليست معلومات وإنّما خبرات. الله لا يُدَرك، ولا يوصف من قِبَل الدراسات، وإنّما يُخبر عنه من الخبرات. الدراسات إيجابيّة حين تزيد الخبرات، برلعام يمثل خدعة الدين كمعرفة، والقدّيس بالاماس يذكرنا بخبرة الدين كحياة.

يوصينا الله بحبِّه، لأنّه يعرف أنّنا نحيا به فقط. الإنسان، من وجهة النظر الأرثوذكسيّة، لا يحيا إلاَّ على المَنّ السماويّ، أي على النعمة الإلهيّة. لا يحيا الإنسان بالخبز، بل بالنعمة والكلمة الإلهيّة الخارجة من فم الله. كلّ مَصْلٍ، غير النعمة الإلهيّة، نمدُّ به إنسان اليوم الكسيح، هو مَصلٌ مميت وفاسد لأنّه لا يحيي. على هذا الأساس، نُعرِّف الخطيئة على أنّها "خسارة"، إذ نرفض النعمة المعطاة لنا ونحيا بمحدوديات العقل. خطيئة هي أن نقول لا للحبّ الإلهيّ المتدفق إلينا وفينا، وأن نبقى في حدود الجسد ونحيا "كبشر"، بينما تنسكب النعمة الإلهيّة داعيةً إيانا لنحيا كآلهة. انطلاقاً من هذه النظرة إلى الخطيئة ندرك لماذا أراد المسيح أن يغفر لذلك المخلّع خطيئته قبل شفاء أعضائه. بنظرة عقلانيّة فقط نستطيع أن نتساءل بحق ما هي دواعي الصوم، فهو تعذيب للجسد، أو لماذا الصلاة التي قد تبدو بلاهة! ولكن إن كنَّا نطلب النعمة الإلهيّة فالسؤال يُعكَسُ ويصير لماذا لا نصوم، ولا نصلي، ولا نسهر...؟



أَتؤمن؟ هذه هي مغامرة الإيمان، لا بل هذا هو يقينه بالذات، أنّنا نقلع ونبحر معتمدين على ريح النعمة لا على تجذيف أيادينا الخاصّة. لكلّ إيمان أبعاده، للعقلانيّة حدودها التي لا تتجاوز الأطر الجسدانية، والبشريّة، والدهريّة. أمَّا أبعاد الإيمان فهي أمر آخر، لأنها تنفتح على النعمة الإلهيّة والمؤلِّهة، وتسير بنا بالروح إلى فردوس القدّيسين. العيش مع الله لا تحدّده المعرفة النظرية، فالله ليس موضوع أبحاث إنّما نعرفه بالخبرة الشخصيّة. فكيف نُخطئ إلى هذه الشركة بيننا وبين الله؟ وما هي الخطيئةُ في نهاية المطاف؟

لكل إيمان، ولكل مسيرة، وغاية، تعريف خاصّ للخطيئة. القدّيس سيرافيم ساروف يحدِّد غاية الإنسان المسيحيّ بـ "اقتناء الروح القدس"، لذلك فإنَّ كلّ ما يعيق هذه المسيرة هو خطيئة. على كفّة هذا الميزان يجب أن نزيِّن الرشوة، والمصلحة، وسائر الرغبات… وليس على موازين عقلانيّة أبناء هذا الدهر. هذه هي خطيئتنا الكبيرة، كما تقول الرسالة اليوم، أنّه إن كان الذين قد أهملوا بشارةً جاءت على لسان ملائكة قد أُدينوا، "فكم هي خطيئتنا نحن إن أهملنا خلاصاً كهذا" رافضين النعمة؟

هذه هي صرخة القدّيس بالاماس اليوم، أن نتحدّى العقلانيّة ساعين وراء النعمة، وذلك بالأصوام والأسهار والصلوات، متعالين فوق عالم العقلانيّة الأرضيّة المحدودة. فالبارّ بالإيمان يحيا، حتّى إذا ما تقبَّلنا بالطهارة النعمةَ الإلهيّةَ، ندرك ونستحقّ كلمة المسيح:

"يا بنيَّ مغفورةٌ لك خطاياك، وها قد عوفيت فلا تعد تخطئ".

آميــن

بولس ميتروبوليت حلب
  رد مع اقتباس
قديم 16/04/2005   #2
شب و شيخ الشباب f.y
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ f.y
f.y is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
damascus
مشاركات:
46

إرسال خطاب MSN إلى f.y
افتراضي


برأيي أن مفهوم الخطيْئة هو :


عندما خلقنا الله .خلقنا على صورته ومثاله وكل إنسان يعيش
على الأرض بحريته يستطيع أن يذهب إلى أي اتجاه يريد :
فمن اختار أن يعيش بعيدا عن الله فلن تعني له كلمة خطيئة أي
شيء.
أما من توجه إلى الله فالخطيئة هي من ستعرقل طريقه.ولكن أخيرا
ما هي الخطيئة؟
الخطيئة هي أي فعل إنساني يبعدنا عن صورة الله ومثاله أي عمّا يريده
لي الله أن أكونه فهو لا يريدني زانياً أو مرتشياً أو………
وهو يريدني هكذا حتى أنعم أنا بالجنة (الاتحاد بالله ) وباختصار
بدون خطيئة أستطيع الوصول للفردوس أي
بصورة الله ومثاله أستطيع الاتحاد بالله


foooooooooooooooooooooooooood
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 21:41 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.04832 seconds with 12 queries