أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04/09/2007   #1
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي إحــدى ليالــي آب.


بقلم:جودت عيد

جلس سعدون أمام مقود سيارته الصغيرة، فتح النافذة بجانبه، أشعل سيجارة وانطلق إلى الشوارع المكتظة بالسيارات، الخالية من الانسان... هكذا الحال في كل مساء من آب، يهرب من الملل والقيظ وصوت الصراصير الليلية وينطلق نحو الجبل... هناك حيث تسكن صبية في بيت حجارته بيضاء ونوافذه مزينة بأزهار الياسمين، يمر مرة تلو المرة قرب بوابة الشمس المطلة على بيتها ليرتمي مفتوح الذراعين فوق رغبة جارفة عند مشارف صدرها الجميل، ليحمل كل ملامح وجهه المغبرِّ وكل عذابه ويزرعه هناك... فوق صدر الشمس وعند بوابات النهار!
هكذا الحال... يصل سعدون ككل مساء بصحبة لهاثه، يطرق باب غرفتها ويدخل الحلم، يتعرى أمام ذاتها المنصهرة في الاستفهام اللامتناه، يدخل بوابة الفرح ويحتفل بشراهة فوق مائدة الأقحوان والآهات... يصحو بعد مهرجان عطر جامح!!! يلملم ملابسه في العتمة الـ"آبية" القائظة، يخفي عورته، وجهه في المرآة الصغيرة المكسورة يفضحه، يكشف حقيقةً تظهر ولا تظهر كهالة صيفيَّة مغبرَّة تكلِّل وجه القمر القِرمِزيِّ.
رغم الحقيقة! يرمي سعدون المرساة مرة أخرى في عمق البحر... وما زالت سفينته في الميناء! ورغم أن آب يكتظ بالمسافرين، يرفع سعدون شراعات جسده للإبحار نحو المستحيل.... ورغم أن عاصفة خماسينية "عاتية" تضرب أرض الظمأ، يحمل زاده وأقلامه وأحلامه ويستعد للسفر ورغم أن المرافىء ترفض جواز سفره ورغم أنه مقبول في بلاد تفهم لغة الحدود!! تفهم لغة المحدود... فهو يستعد للسفر، ليحترق ألفُ عاشق في صدر عاشقة وليحترقَ التينُ في آب في حقول لا يملكها وليحترق التنين في دروب أسطورة ذابت في صهريج زمنٍ لا يمت له بِصِلَةٍ... وهكذا تستعد ذاته للسفر في إحدى ليالي آب، تائهة بين عقارب الساعة النائمة في العتمة القائظة تنتظر بوق الإبحار.
هكذا الحال... يقتحم سعدون تضاريس فتاة الجبل، يدخل باحثاً عن عبث الانصهار في جسدها الغض، وفي قلبه شغف لا متناه... شوق مستحيل في ليلة "آبية" مستحيلة وفي زمن مستحيل حيث يستحيل الإنسان إلى دمى تحركها البديهيات والغيبيات في كل التناقض الذي ممكن أن يكون في العناصر الكونية أو الضوئية... يقف سعدون وتقف كل الحلول أمام عتمة آب الصاخبة، أمام جبال من الاعتبارات والتفسيرات رغم الحقيقة... ولا حقيقة إلا واحدة...
يوقف سعدون سيارته عند المطل البعيد ينظر إلى المدينة وهي تعلو، في تلك الليلة، بغمامِ آب مشتعلٍ حتى الاثارة... كالألعاب النارية مكتومة الصوت، كالسَّراب... يرى من هناك بيت الفتاة على الجبل، كما يرى معالم المدينة حيث تتمشى عيناه في أزقتها وشوارعها وتحتفل في أطياف معطرة برائحة زمان كان...
يطفيء سعدون سيجارته، يخرج من سيارته، يخلع حذاءه وملابسه ويسبح في العرق المتصبِّب من جسده المشرد بين النبوءة والإنسان وتحتفل عيناه في مهرجان التِّيه عند مشارف المدينة المقدسة... هناك حيث يلتقي العشاق في قُبلٍ مسروقة ويحترقون بعُريِهم فوق تلٍّ يسكن في الليل، يطلُّ على أضواء بيوت سابحة في العتمة... فوق تلٍّ مسروق ما عادت هويته تشغل بال أحد... يقف سعدون عاريا في تلك المساحة المتبقِّية هناك... يرتفع في إعصار معطَّرٍ، يبحث عن حقيقةٍ في زمن سرابيٍّ مغبرٍّ ... في تلك الليلة من آب...

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 07:32 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.04207 seconds with 14 queries