التقرير رقم 0001/أ أ أ

[Desert Wolf]

ما زلت أذكر هذه القصة بعد عشرين عاما من مجيئي إلى هذا العالم الكريم و المدعو مجازا بالكرة الأرضية و لم يكن آنذاك للنقاش حول (بخش) الأوزون نصيب, كما هو اليوم حتى بتُّ أعتقد أحيانا أنني أحد الأسباب المباشرة لهذا الثقب.
و المهم يا سادتي الكرام أن القصة قد رواها لي أبي عن تلك اللحظات التي تلت خروجي من غرفة نومي المجانية في بطن أمي وصولاً إلى أيدي القابلة الغير قانونية الوحيدة في حارتنا.
بدأت القصة عندما صرخت أولى الصرخات المدوية و كأني كنت أقول بأني سأكبر و أحتل العالم و سأحرق جميع الدببة في الكرة الأرضية.
وضعتني القابلة الغير قانونية على سرير صغير مسيَّجٍ بحائط يشبه إلى حد كبير حائط العزل العنصري في فلسطين و هو الجدار الذي أنشأته الحكومة الفلسطينية لحماية أطفالها من قناصة الصديق الكيان الصهيوني.
اشتدَّ بكائي للحظات ثمَّ صمتُّ فجأة و بدأت أنظر بوعي و بشكل منطقي إلى كل ما هو جديد حولي, وفي هذه اللحظات بدأ القلق يتسرب إلى نفس والدي الضعيفة و شغله النظر إليَّ و أنا بتلك الحالة عن النظر في عيون أمي في هذه اللحظة النادرة و التي يجب أن تتلاقى بها عيون الأب و الأم بصمت نمو زهرة ربيعية في مرج أخضر.
حتى أمي كانت تنظر إليَّ و هي قلقة, فحتى هذه اللحظة كان رأسي مرفوعا بشموخ قائد حكيم لمستقبل واعد, أحدَّق من خلال سقف الغرفة إلى السماء و كأنني أعلن أنها حدودي المؤقتة.
بدأ العرق يتصبب من جبين أبي و أمسك بيد أمي التي بدأت تنهمر من عينيها دموع خوف نادرة.
و الاثنان يحدقان بعيون مندوبة مجلس أمن الولادات القومي بحذر و خوف, و مندوبة مجلس أمن الولادات القومي هي موظفة حكومية تمتلك صلاحيات واسعة لتحديد المصير و تتركز مهمتها على متابعة نزول الولد من بطن أمه و ما يمكن أن يقول أو ما يمكن أن تفهم منه أنه يقول و من ثم تقوم بكتابة التقرير الملائم لهذه الولادة.
و المهم بالأمر أن والديَّ زاد قلقهم فالمندوبة لن تغادر الغرفة إلا بعد أن تكتب تقريرها و هو لاحقا سيكون التقرير رقم واحد في السجل الذي سيرافقني طيلة حياتي إلى أن أموت و بأي طريقة و حتى لو كانت بالخازوق لا سمح الله.
بدأ والدي يتمتم بعبارات غير واضحة, نادى إخوانه و أخواته إلى داخل الغرفة و ما إن رأوني حتى علت النظرات نفسها على وجوههم...قلق ....خوف....مجهول...جبين مضرج بالعرق.
فالتقرير الذي سيكتب عني سيمسُّهم بشكل أو بآخر و سيذكر بتقاريرهم المكتوبة عنهم أن ولد أخيهم فلان قد فعل كذا و كذا.
دخل إخوان و أخوات أمي فحصل معهم الشيء نفسه.
هدوء مخيم في الأجواء..صمت مرعب يدق جدران الغرفة, و الكل ينظر بشرود إلى أينما اتفق نظره و حتى القابلة الغير قانونية كانت خائفة فقد يقع عليها مسؤولية تتعلق بطريقة إخراجي
من بطن أمي.
فجأة صدر صوت من مندوبة مجلس أمن الولادات القومي قطع الصمت المطبق في الغرفة...
قالت لأبي: لا أستطيع الانتظار أكثر....
قال أبي و بصوت مرتجف: رحم الله والديك, فقط أمهلينا خمس دقائق أخرى.
قالت له: ما بك... أتظن أن ليس لي عمل إلا ولدك....هناك مئات الولادات التي يجب عليَّ مراقبتها اليوم.. و هم يتصلون بي كل قليل و أقول لهم أن أخروا الولادة إلى أن أتي....
قال لها أبي و هو يخرج من محفظته بعض الأوراق الملونة و الموقعة من مسئول الخزانة في هذا البلد: أرجوك اقبلي مني هذه الأوراق كهدية متواضعة.. هي بالتأكيد لا تليق بمقامكم السَّامي
و خاصة أنها من يد الشعب الفقير ولكن فقط خمس دقائق ..خمس دقائق و بعدها افعلي ما يحلو لكي.
قالت له: حسناً..سأنتظر بالخارج لخمس دقائق فقط أو لأدخن هذه السيجارة( أيُّهما أقل)
و سأعود .
ما إن أغلقوا باب الغرفة حتى التف أبي و أخواته و إخوانه و أمي و أخوتها و إخوانها و كان و أخوتها حول السرير الذي يحتضنني و بدؤوا بقلوب خاشعة دعاء المضطرين:
(يا رب......مالك الملك...ارحمنا برحمتك.....يا رب ...يا من إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.....نسألك أن تلهم ابننا الصغير الصواب و أن تيسر له أمره و توفقه لما فيه خير الشعب الفقير............آمين....آمين....آ مين).
ثم نظروا إليَّ من جديد فإذا بي قد بدأت أحرِّك يديَّ , و هم يترقبون و ينظرون و يدعون الله و يشجعونني بأصواتهم المزعجة و التي كنت لا أفهم شيئا منها إلا أنها مزعجة حقاً...
نظرت أمي نحوي بعد أن فشل الجميع نظرة استجداء...نظرة آمل لا ينقطع.
وضعت يدها على يديَّ و قالت هيا يا ولدي فقط لهذه المرة ..أرجوك يا ولدي؟؟
هنا أحسست بأن ذلك أول شيء فهمته في حياتي.
بدأت أصارع ضعفي لأجل عيون أمي , بدأت أصارع قلة حيلتي لأجل عيون أمي, فأنا لا زلت ابن الساعة الواحدة.
و بقدرة القادر رفعت يديّ و بدأت أقربهما من بعضهما البعض و ما إن تلامسا حتى بدأت بالتصفيق بشكل غير دقيق و ما هي إلا ثواني حتى بدأ تصفيقي يصدح في الغرفة.
و ما إن شاهدني أبي و أمي أعمامي و أخوالي و عماتي و خالاتي أصفق حتى انطلقت الزغاريد و الأهازيج و صيحات الله أكبر و قاموا مباشرة بعقد الدبكة الشعبية احتفالا بذلك...
خرج أبي مسرعا من الغرفة و هو يصرخ للمندوبة أن تأتي لترى بأعينها...
صرخ بأعلى صوته و دموع سوادء تلمع على خديه: لقد صفق الولد...لقد صفق الولد....
دخلت مندوبة مجلس أمن الولادات القومي إلى الغرفة و رأتني كما رأتني...ابتسمت ابتسامة عريضة و كتبت تقريرها و مضت....
و منذ ذلك اليوم و حتى هذا اليوم لا أبرع بشيء أكثر من التصفيق...
فإذا اجتمعوا حول طاولة مستديرة أو طاولة عشاء في الكازينو........... أصفق
و إذا ألقى أحدهم كلمة في مهرجان تحرير..............................أصفق
و إذا بنى سجناً جديدا ....أصفق
و إذا رفع يده ...........أصفق
و إذا بصق في وجهي ............أصفق
و إذا .........و إذا .............و إذا................أصفق
**********************************************
أما فيما يخص التقرير فقد كتب لي الله أن أقرأه لاحقا و كان أبرز ما فيهأنا مندوبة مجلس أمن الولادات القومي فلانة الفلانية أشهد أنني كنت في تمام الساعة كذا و كذا دقيقة في غرفة الولادة و راقبت الولد و هو ينزل من بطن أمه..لاحظت في البدء أن هناك شيئا مريبا من خلال نظراته و تطلعاته الواعية و قد يشكل خطراً مستقبليا على النظام و لكن فيما بعد ثبت لي أن هذا الأمر كان من ألم خروجه من بطن أمه و بالنسبة للعلامات الفارقة فقد كان رأسه منخفضا و عيونه تنظر الأرض و معنوياته منخفضة و نهاية كان لصوت تصفقيه هديرٌ رنَّانٌ آخَّاذ و من هنا أنصح به كواحد مسموح له بالحياة للتشرف بحضور مؤتمرات التغيير الجذري مستقبلا إلى إشعار أخر .....التوقيع)
1-نسخة إلى مديريات السجون في كافة المناطق
2-نسخة إلى المدارس الحكومية
3-نسخة إلى المختار
4-هذا التقرير لا يخفف المصائب عن صاحبه لاحقا .
5-نسخة إلى فرع الأمن المركزي .
6-نسخة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي/واشنطن

[butterfly]

هل هي كتابتك ؟

انو ما بعرف كيف بدي قلك ...
رهيبة يا زلمي
بالاسلوب بالحبكة .. بصياغة الشخصيات ..
مؤلمة ورهيبة


يسلمو

[Desert Wolf]

كاتب النص الأصلي : butterfly

هل هي كتابتك ؟

انو ما بعرف كيف بدي قلك ...
رهيبة يا زلمي
بالاسلوب بالحبكة .. بصياغة الشخصيات ..
مؤلمة ورهيبة


يسلمو

مرحبا...butterfly

انو ما بعرف خايف ...هيك حسيت...لك و الله انا بخاف كتير

هل هي كتاباتي؟؟؟متل ما بدكون
انو اذا بدكون هيدي كتاباتي ...بتكون هيدي كتاباتي؟؟
و إذا ما بدكون هيدي كتاباتي ما بتكون هيدي كتاباتي؟؟
لك و الله انا خدام الطيبين و بأمر شواربكون اكيد مو إلك هي شواربكون؟؟؟

انو ما بعرف
معقول عم تحاولي تاخدي مني اعتراف بعضمة لساني انو هيدي كتاباتي؟؟؟؟

و انو بعدين بيصير متهم و بقلولي انو انتا طول ما انو ما في شي مثبت بتكون اسمك بريء
انو بريء يعني حتى تثبت ادانتي
بس و الله بعرف انو فينون يثبتوها
متل ما بيثبتو رمضان و العيد الصغير قبل الكبير


بالاخير انو ميرسي للكلام الحلو اللي حطيتيو هون عالقصة
و بالنسبة للسؤال اللي سألتيني ياه انو إي

دمتي بحفظ الله سيدتي

[butterfly]

ناطرين ...
ابداعات اخرى