أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > علوم > تاريخ

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09/06/2008   #37
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : gabriel عرض المشاركة
قبل ما تنتقل على دولة العباسيين بحب اتشكرك على تعبك العظيم اللي عامله

الحقيقة غلبناهم لاصابيعك بالنسخ واللصق

بتقدر تحط لنا الكتاب كله متل ما هوي وتريحنا
احب ان اذكرك انك في موضوعي وانا الذي يقرر طريقة عرضه , احببت قرائته فمرحبا بك , لم تحب ذلك فلتكن كل الآلهة معك واغلق الباب وراءك.

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
قديم 09/06/2008   #38
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


قراءة جديدة في أوراق العباسيين

ليست الدولة العباسية في حاجة إلى تقديم، فقد قدمت نفسها على يد مؤسسها، السفاح، أول خلفاء بني العباس، المعلن على المنبر يوم مبايعته (أن الله رد علينا حقنا، وختم بنا كما افتتح بنا، فاستعدوا فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير).

وقد أثبت السفاح أنه جدير بالتسمية، فقد بدأ حكمه بقرارين يغنيان عن التعليق وأظن أنه ليس لهما سابقة في التاريخ كله، كما لا أظن أن أحداً بعد السفاح قد بزه فيما أتاه، أو فاقه فيما فعل:

* أما القرار الأول، أو القرار رقم (1) بلغة العصر الحديث فهو أمره بإخراج جثث خلفاء بني أمية من قبورهم، وجلدهم وصلبهم، وحرق جثثهم، ونثر رمادهم في الريح، وتذكر لنا كتب التاريخ ما وجدوه:

فيقول ابن الأثير(الكامل في التاريخ لابن الأثير ):
(فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطاً مثل الهباء، ونبش قبر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فوجدوا فيه حطاماً كأنه الرماد، ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجدوا جمجمته، وكان لا يوجد في القبر إلا العضو بعد العضو غير هشام بن عبد الملك فإنه وجد صحيحاً لم يبل منه إلا أرنبة أنفه فضربه بالسياط وصلبه وحرقه وذراه في الريح، وتتبع بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم فأخذهم ولم يفلت منهم إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس).


ويروي المسعودي القصة بتفصيل أكثر فيقول (مروج الذهب للمسعودي):
(حكى الهيثم بن عدي الطائي، عن عمرو بن هانئ قال: خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح، فانتهينا إلى قبر هشام، فاستخرجناه صحيحاً ما فقدنا منه إلا خورمة أنفه، فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطاً، ثم أحرقه، واستخرجنا سليمان من أرض دابق، فلم نجد منه شيئاً إلا صلبه وأضلاعه ورأسه، فأحرقناه، وفعلنا ذلك بغيرهم من بني أمية، وكانت قبورهم بقنسرين، ثم انتهينا إلى دمشق، فاستخرجنا الوليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره قليلاً ولا كثيراً، واحتفرنا عن عبد الملك فلم نجد إلا شئون رأسه، ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فلم نجد إلا عظماً واحداً، ووجدنا مع لحده خطاً أسود كأنما خط بالرماد في الطول في لحده، ثم اتبعنا قبورهم في جميع البلدان، فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم) .


ولعلي أصارح القارئ بأنني كثيراً ما توقفت أمام تلك الحادثة بالتأمل، ساعياً لتفسيرها أو تبريرها دون جدوى، مستبشعاً لها دون حد، فقد يجوز قتل الكبار تحت مظلة صراع الحكم، وقتل الصغار تحت مظلة تأمين مستقبل الحكم، ومحو الآثار تحت مظلة إزالة بقايا الحكم (السابق) لكن إخراج الجثث.. وعقابها.. وصلبها.. وحرقها.. أمر جلل..
والطريف أن البعض رأى في ذلك معجزة إلهية، فالجثة الوحيدة التي وجدت شبه كاملة.. وعذبت (إن جاز التعبير) وصلبت.. وحرقت ثم نثر رمادها في الريح هي جثة هشام بن عبد الملك، وقد رأى البعض في ذلك انتقاماً إلهياً من هشام إذ خرج عليه زيد بن علي بن الحسين، وقتل في المعركة، ودفنه رفاقه في ساقية ماء، وجعلوا على قبره التراب والحشيش لإخفائه، فاستدل على مكانه قائد جيش هشام، (فاستخرجه وبعث برأسه إلى هشام، فكتب إليه هشام: أن اصلبه عرياناً، فصلبه يوسف كذلك، وبنى تحت خشبته عموداً ثم كتب هشام إلى يوسف يأمره بإحراقه وذروه في الرياح) (مروج الذهب للمسعودي – ج3ص219).


وإذا فسرنا ما حدث لهشام بالانتقام وبالجزاء من جنس العمل، فماذا نفسر ما حدث لغيره، وفي أي نص من كتاب الله وسنة رسوله وجد العباسيون ما يبرر فعلتهم، وأين كان الفقهاء والعلماء من ذلك كله، أين أبو حنيفة وعمره وقتها قد تجاوز الخمسين، وأين مالك وعمره وقتها قد تجاوز الأربعين، ولم لاذوا بالصمت ولم لاذ غيرهم بما هو أكثر من الصمت، أقصد التأييد، والتمجيد، والأشعار، ورواية الأحاديث المنسوبة للرسول والمنذرة بخلافة السفاح ومنها ما أورده ابن حنبل في مسنده مثل (يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن، يقال له السفاح، فيكون إعطاؤه المال حثياً).

ومثل ما ذكره الطبري من (أن رسول الله أعلم العباس عمه أن الخلافة تؤول إلى ولده، فلم يزل ولده يتوقعون ذلك).
  رد مع اقتباس
قديم 09/06/2008   #39
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


أو لعلهم كانوا بقصة مأدبة السفاح، وهي ما أشرنا إليه بالقرار الثاني في خلافته، وهو قرار خليق بأن في أيامنا هذه في معاهد السينما كنموذج رائع لحبكة الإخراج، وتسلسل السيناريو وترابطه، ليس هذا فحسب، بل أن القرار قد سبقته (بروفة)، أي تجربة حية في نفس موقع التمثيل.

ولن يشك القارئ في أن كل ما حدث كان مرتباً، وأن الأقدمين كانوا على دراية واسعة بفن التشويق، وكانوا أيضاً على مقدرة كبيرة في تدبير المفاجأة، ثم تبريرها بحيث تمر طبيعية ومتناسقة ومتسقة مع سياق الأحداث، ولنبدأ بالبروفة ولنقرأها معاً كما ذكرها ابن الأثير (الكامل في التاريخ لابن الأثير – ج4 ص 333) (دخل سديف"الشاعر"على السفاح وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك، وقد أكرمه فقال سديف:


لا يغرنك ما ترى من رجال إن تحت الضلوع داء دوياً
فضع السيف وارفع السوط حتى لا ترى فوق ظهرها أموياً

فقال سليمان: قتلتني يا شيخ، ودخل السفاح وأخذ سليمان فقتل)
ومن قراءة ما ذكره ابن الأثير يمكن ترتيب سيناريو الأحداث على النحو التالي:
السفاح يؤمن أحد كبار الأمويين (نجل خليفة سابق) – السفاح يبالغ في تأمينه وطمأنته بدعوته إلى الطعام، وإكرامه – يدخل شاعر على السفاح ويبدو دخوله كأنه مفاجأة – ينطق الشاعر بأبيات تدعو للانتقام من الأمويين وتستنكر معاملتهم بالرفق واللين – يصرخ الأموي قائلاً: قتلتني يا شيخ – ينفعل الخليفة بقول الشاعر فيقتل الأموي – ينتهي المشهد.


والآن إلى القرار أو الحادثة أو الفيلم الكامل لما فعله السفاح بعد ذلك وكرر فيه نفس ما حدث في البروفة، مع إتقان أكثر، وتفنن غير مسبوق في التمثيل (بالأمويين)، ولنقرأ معا ما ذكره ابن الأثير:

(دخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم"وفي رواية أخرى سديف"على عبد الله بن علي"وفي رواية أخرى على السفاح"وعنده من بني أمية نحو تسعين رجلاً على الطعام فأقبل عليه شبل فقال:

أصبح الملك ثابت الأساس بالبهاليل من بني العباس
طلبوا وتر هاشم فشفوها بعد ميل من الزمان وباس
لا تقيلن عبد شمس عثارا واقطعن كل رقلة وغراس
ذلها أظهر التودد منها وبها منكم كحر المواسي

أنزلوها بحيث أنزلها الله بدار الهوان والإتعاس (إلى آخر القصيدة..)
فأمر بهم عبد الله (وقيل أنه السفاح) فضربوا بالعمد حتى قتلوا وبسط عليهم الأنطاع فأكل الطعام عليها وهو يسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جميعا).


والرواية السابقة تبدأ بتأمين السفاح للأمويين الذين زاد عددهم هذه المرة إلى تسعين، والمأدبة هي نفسها، وما دام المضيف هو الخليفة فالكرم وارد، والطمأنينة لا حد لها، وفجأة يدخل الشاعر، ويستنكر اكرامهم، ويدعو للثأر منهم، فيتغير وجه الخليفة، ويقوم إليهم ثائراً، و...

وهنا نتوقف لأن هنا جديداً مفزعاً، فقد أمر السفاح بضرب رؤوسهم بأعمدة حديدية، بحيث تتلف بعض مراكز المخ، ويبقى الجسد حياً، مصطرعاً بين الحياة والموت، وما أن يرى السفاح أمامه تسعين جسداً منتفضاً، تقترب مسرعة من الموت، وترتفع أصواتها بالأنين، حتى يأمر بوضع مفارش المائدة فوقهم، ثم يجلس فوق هذه المفارش، ويأمر بالطعام فيوضع أمامه فوق الأجساد، ويبدأ في تناول عشائه بينما البساط يهمد هنا ويهمد هناك، وبين همود وهمود، يزدرد هو لقمة من هذا الطبق، ولقمة من ذاك، حتى همد البساط كله، ففرغ من طعامه، وتوجه إلى الله بالحمد، وإلى حراسه بالشكر، وإلى خاصته بالتهنئة، ولعله قال لنفسه، أو لخاصته، والله ما أكلت أهنأ ولا ألذ ولا أطيب من هذا الطعام قط !!!!!

فليس أقل من هذا الحديث ما يلائم سلوك السفاح، ذلك الذي يزدرد اللقيمات على زفرات الأنين، ويساعده على الهضم صعود الأرواح، وقد نفهم أن يقتل الحاكم الجديد حكام الأمس، أو أن يتخلص بالقتل من منافسيه على الحكم، أو مناوئيه على السلطة، فقد حدث هذا كثيراً، وأقرب نماذجه مذبحة المماليك بالقلعة على يد محمد علي، لكن ما لا نفهمه، أن يجلس الخليفة فوق الضحايا، وأن يهنأ له الطعام فوق بركة من الدماء، وعلى بساط يترجرج مع اصطراع الأجساد، وعلى أنغام من صراخ الضحايا حين يواجهون الموت، بل ربما وهم يسعون إليه هرباً من الألم والعذاب..

نحن هنا أمام تساؤل تطرحه هذه الحادثة، وأمثالها كثير، قبل السفاح وبعد السفاح، ربما ليست بهذه الروعة في الإخراج، أو الحنكة في التدبير، أو السادية في العبير، لكنها في النهاية تحمل نفس الدلالة وتنقل إلينا نفس الرسالة، يتساوى في ذلك مقتل حجر بن عدي على يد معاوية أو الحسين على يد يزيد أو ابن الزبير على يد الحجاج أو (زيد بن علي) على يد هشام.

والتساؤل عن كنه الخلافة التي يدعون أنها إسلامية وينادون بعودتها من جديد، هل هي إسلامية حقاً فنزنها بمقياس الإسلام، فتخرج منه، وتنبوعنه، وينتهي الحوار حولها إلى موجز مفيد، فحواه أنهم ادعوا أنها إسلامية فأثبتنا أنها لم تكن، وكفى الله المؤمنين شر (الخلافة)، أم أنها كانت حكماً استبدادياً يتستر برداء الدين، فنثبت عليهم الحجة، ونلقمهم حجراً علمانياً حين نوضح لهم الفرق بين استبداد الحكم الديني في العصور الوسطى، عصور الاستبداد والتعذيب والجبروت، وعلمانية العصر الحديث، عصر الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام الآدمية.
أحسب أن الأمر لا يخرج عن ادعاء من الادعاءين، وأحسب أيضاً أن الإجابة واضحة في الحالين، غير أن ذلك كله يطرح سؤالاً أكثر وضوحاً، وهو لوضوحه وبساطته لا يحتاج من القارئ إلى جهد أو اجتهاد لإجابته .
  رد مع اقتباس
قديم 09/06/2008   #40
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


هل صحيح أن العلمانية هم غرب لا هم شرق، وأنها مبررة في الغرب باستبداد الحكم بالدين أو باسم الدين، بينما لم نعرف نحن في الشرق نظيراً لذلك، أو مثالاً له؟، أحسب أنه لو كان مبرر العلمانية في الغرب هو استبداد الحكم في الكنيسة، لكان مبررها في الشرق هو استبداد الحكم في ظل (الخليفة)، سلطان الله في أرضه، القاتل لمن يشاء، المانح للعطاء، والمانح للبلاء.

وإذا كان السفاح قد وصف نفسه على المنبر بأنه السفاح المبيح، فأن رياح بن عثمان والي الخليفة المنصور على المدينة قد وصف نفسه على منبر الرسوم بما هو أنكى حيث قال:
(يا أهل المدينة، أنا الأفعى ابن الأفعى) (اليعقوبي – ج2ص251).


وإذا تباهى الخلفاء بأنهم سفاحون، وتباهى الولاة بأنهم أولاد الأفاعي، أيبقى من يدعي أن الاستبداد باسم الدين هم غرب، وأن العلمانية كخلاص منه فكر غربي وافد لا علاقة له بواقع الشرق وهمومه؟

أحسب أن البعض الآن يردد بينه وبين نفسه، ها هو يصطاد في الماء العكر، ويتوقف كثيراً عند السفاح حتى ينال مأربه في الطعن في الخلافة الإسلامية، لكن ردنا عليه يسير، فليست هناك علاقة بين السفاح وبين الإسلام أو الحكم به، فليقل عنه ما يشاء، وليطعن فيه كما يشاء، وليحاور وليداور، فليس في هذا كله غناء، فالمسافة بين حكم السفاح والحكم بالإسلام كالمسافة بين الأرض، سابع أرض، والسماء، سابع سماء..

ولحسن الحظ – حظي وحظ القارئ – أن الرد على ذلك من أيسر ما يكون، فلولا الإسلام، المظهر لا الجوهر، والرداء لا المضمون، ما فعل السفاح ما فعل، لا هو ولا سابقوه، ولا لاحقوه، فأي ولاء كان يربط المصري مثلاً بالسفاح في الأنبار، أليس هو الولاء لخليفة المسلمين، وللحاكم باسم الإسلام، وأي دافع لهذا الولاء، أليس الدافع هو الارتباط بالإسلام، وجيوش الأحاديث النبوية التي نسبها الوضاعون للرسول حول خلافة بني العباس، واجتهادات الفقهاء عن طاعة الخليفة ولو كان غاشماً، وفسق الخارج عن الطاعة، وكفر المفارق للجماعة، وأي مدخل ساقه السفاح في خطاب توليته وتناقله الرواة، وردده الوعاظ، أليس هو مدخل العدل والتقى والعقيدة، أليس هو القائل على المنبر(تاريخ الأمم والملوك للطبري – ج16 ص82 – 84):

(الحمد لله الذي اصطفى الإسلام وشرفه وعظمه واختاره لنا وأيده بنا وجعلنا أهله وكهفه وحصنه والقوام به والذابين عنه والناصرين له وألزمنا كلمة التقوى وجعلنا أحق بها وأهلها وخصنا برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته – إني لأرجو أن لا يأتيكم الجور من حيث أتاكم الخير ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح وما توفيقنا أهل البيت إلا الله).

ولأنه كان متوعكاً فقد أكمل داود بن علي الخطبة فقال:
(لكم ذمة الله تبارك وتعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وذمة العباس رحمه الله أن نحكم فيكم بما أنزل الله ونعمل فيكم بكتاب الله ونسير في العامة منكم والخاصة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم – ألزموا طاعتنا ولا تخدعوا عن أنفسكم فإن الأمر أمركم، فإن لكل أهل بيت مصراً وإنكم مصرنا، إلا وأنه ما صعد منبركم هذا"يقصد منبر الكوفة"خليفة بعد رسول الله إلا أمير المؤمنين علي وأمير المؤمنين عبد الله بن محمد"وأشار بيده إلى أبي العباس"فاعملوا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم)


الحكم بما أنزل الله إذن كان وسيلته إلى قلوب الناس وبيعتهم وولائهم..

السير في العامة والخاصة بسيرة رسول الله كان ما عاهد عليه الناس وما بايعه الناس عليه.
الحديث المختلق عن خلافة العباسيين حتى يسلموها إلى عيسى بن مريم كان السبيل إلى استسلام الرعية لقدرها، والانشغال عن ظلم الولاة، بصدق النبوءة المدعاة..


هكذا بدأ أمر العباسيين، وهكذا يبدأ أي أمر للحكم الديني وتحت نفس الدعاوي البراقة، التي نسمعها كما سمعها الكوفيون بالأمس.. الحكم بما أنزل الله.. السير بسيرة رسول الله.. تطبيق شرع الله.. العدل.. البركة.. وهكذا كان ينتهي الأمر دائماً.. كما رأينا في أول عهد السفاح ثم كما سنرى بعد عهد السفاح، ذلك الذي لا ينتهي الحديث عنه، إلا بذكر سنة استنها، ثم أصبحت قاعدة لمن تلاه من خلفاء بني العباس، ونقصد بها عدم احترام العهود والمواثيق، والفتك بالأنصار قبل المناهضين.

وقد فعل السفاح ذلك في واقعتين شهيرتين الأولى حين أعطى ابن هبيرة قائد جيوش مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، كتاباً يحمل إمضاءه ويتعهد له بالأمان، ثم قتله بعد أيام من استسلامه، والثانية حين قتل وزيره أبا سلمة الخلال أحد مؤسسي الدولة العباسية في الكوفة، وتعمد أن يتم ذلك على يد أبي مسلم الخراساني، المؤسس الأول للدولة، حيث لا يعرف تاريخ الدولة العباسية في عهد السفاح فضلاً إلا لرجلين، أولهما أبو مسلم الذي أسس الدولة في خراسان وسلم الخلافة إلى السفاح، وثانيهما عبد الله بن علي عم السفاح وقائد جيوش العباسيين في موقعة الزاب التي انتصر فيها على الأمويين انتصاراً نهائياً، ويقال أن السفاح كان يسعى لقتل الاثنين، وهو ما لا نجد دليلاً عليه في كتب التاريخ.
  رد مع اقتباس
قديم 12/06/2008   #41
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


غير أن أبا جعفر المنصور، ثاني الخلفاء العباسيين، والمؤسس الحقيقي للدولة العباسية، والذي يحتل فيها موقعاً مناظراً لموقع معاوية في دولة الأمويين، قام بذلك الواجب خير قيام، فسلط أولاً أبا مسلم الخراساني لقتل عبد الله بن علي، ثم تولى هو بنفسه قتل أبي مسلم، ولم يشفع له صياح أبي مسلم: استبقني يا أمير المؤمنين لعدوك، بل رد عليه: وأي عدو لي أعدى منك؟

وليس للقارئ أن يتعجب حين يعلم أن أبا مسلم لم يفعل للسفاح ثم للمنصور إلا (كل الخير)، وأنه كان صاحب الفضل الأول عليهما وعلى دولتهما، لكن ذلك بالتحديد كان سبب قتل المنصور له، فقد دخل عليه ولي عهده (عيسى بن موسى) فوجد أبا مسلم قتيلاً، (فقال: قتلته؟ قال: نعم، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، بعد بلائه وأمانته؟ فقال المنصور: خلع الله قلبك ! والله ليس لك على وجه الأرض عدو أعدى منه، وهل كان لكم ملك في حياته؟)
هذا نموذج مثالي لما عرف باسم الميكيافيلية، نسبة إلى (ميكيافيلي)، والتي نوجز في تبرير الوسيلة بالغاية، وتفصل في تطبيق ذلك على شئون الحكم وسيرة الحكام، وتبدو جلية على يد المنصور، الذي وطأ بأقدامه أعناق الرجال، وتفرد بأسلوبه المميز في الحكم، فهو يبدأ أولاً بالتخلص من أصحاب الفضل عليه ثم يتحول إلى المعارضين وهو لا يعرف إلا القتل وسيلة للقضاء على معارضيه، ولا يعرف للعواطف سبيلاً، ولا تعرف العواطف إليه طريقاً.


ولأنه قوي لم يحترم إلا القوة، ولعل هذا ما يفسر إعجابه بهشام بن عبد الملك، ووصفه له بأنه (رجل بني أمية)، ثم إعجابه الشديد بعبد الرحمن بن معاوية بن هشام، والخليفة الأموي في الأندلس، وعلى الرغم من هزيمة جيشه على يديه في أشبيليه، بل ربما يسبب هذه الهزيمة التي لم تردعه، ولم تمنعه من محاولة استمالته بالهدايا، ووصفه قائلاً: (.. اقتحم جزيرة شاسعة المحل، نائية المطمع، عصبية الجند، ضرب بين جندها بخصوصيته، وقمع ببعض قوة حيلته، واستمال قلوب رعيتها.. إن ذلك لهو الفتى الذي لا يكذب مادحه).

بل يقال أن المنصور هو الذي سمى عبد الرحمن بصقر قريش، ولما فشل في استمالته بالتودد أظهر وجهاً آخر لأسلوبه السياسي، وهو الوجه الذي أظهره تشرشل في الحرب العالمية الثانية عندما أعلن أنه مستعد للتحالف مع الشيطان لهزيمة النازية، وهو نفس ما فعل أبو جعفر، حين تحالف مع (شارلمان) ثم مع (ببين) ملكي الفرنجة، ضد عبد الرحمن الخليفة الأموي المسلم، وهو التحالف الذي فشل في هزيمة عبد الرحمن، ونجح في ذات الوقت في اقرار القاعدة المنصورية:

افعل أي شيء.. اسلك أي سبيل.. تحالف مع أعدى الأعداء.. المهم أن تصل إلى غايتك.. وتنتصر على عدوك، وخلال ذلك كله انس الإسلام، وتغافل عن أحكام القرآن، وتجاهل السنة، وابتعد بقدر ما تستطيع عن سيرة الراشدين، وتذكر فقط أنك (سلطان الله في أرضه) (وصف المنصور لنفسه في خطبة شهيرة بالمدينة) (وظل الله الممدود بينه وبين خلقه) (التعبير الأدبي الشائع عند وصف الخلفاء في العصر العباسي الأول)، واستند في حكمك إلى حق بني العباس في الخلافة، وليس إلى حق الرعية في الإختيار .
  رد مع اقتباس
قديم 12/06/2008   #42
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


ولعل هذا المنهج هو ما قاد العلويين إلى مناهضة المنصور، فما دام النسب هو الفيصل، فهم أقرب إلى الحكم، وأحق بالخلافة، وقد دار حوار طريف بين المنصور من ناحية، ومحمد العلوي المشهور باسم (النفس الزكية) وأخيه إبراهيم من ناحية أخرى، ومبعث الطرافة أن الحوار كله يدور حول إثبات أحقية الخلافة بالنسب، مع تجاهل كامل لما يسمى بالشعب، أو ما كان يطلق عليه وقتها اسم الرعية، فمحمد (النفس الزكية) وأخوه إبراهيم، يريان أنهما من نسل علي وفاطمة، وأنهما حفيدا الرسول، وأنهما بهذا ولهذا أحق، والمنصور يرى أن العم أقرب من ابن العم، وأنه بذاك ولذاك أحق، وأنا – بعد استئذان القارئ – أرى أنها مأساة أن أبايع حاكماً لمجرد أنه من نسل علي، أو أناصر حاكماً آخر لأنه من نسل العباس، وأتجاوز فأقول: أنه لو عاش للرسول من نسله ذكور، ما بايعت حفيداً من أحفاده لمجرد انتسابه إليه، فالنبوة لا تورث، والصلاح لا ينتقل بالضرورة للأبناء، ولا مانع أن يكون (نوح) نبياً، وأن يكون ابنه في ذات الوقت (عمل غير صالح).

غير أن الطريف في حوار المنصور والنفس الزكية، أنه انتقل إلى الغمز، فالنفس الزكية يرد على عرض المنصور بالأمان بغمزة موجعة حين يذكر (أي الأمانات تعطيني؟ أمان ابن هبيرة؟ أم أمان عمك عبد الله بن علي؟ أم أمان أبي مسلم؟)، فيرد عليه المنصور غامزاً في الحسن"جد النفس الزكية"قائلاً: (ثم كان الحسن فباعها معاوية بخرق ودارهم، ولحق بالحجاز وأسلم شيعته بيد معاوية، ودفع الأمر إلى غير أهله).

والمنصور يشير إلى مبايعة الحسن لمعاوية أو بمعنى أدق إلى الصلح بينهما، ذلك الصلح الذي أثار مشكلة بسبب بطء (وسائل الاتصال) في تلك الأيام، فقد أرسل الحسن إلى معاوية يصالحه على شروط مالية. وفي نفس الوقت كان معاوية قد ارسل إلى الحسن صحيفة بيضاء ختم أسفلها وترك للحسن أن يشترط فيها ما يشاء، ووصلت الرسالتان في وقت واحد، وطمع الحسن فكتب في صحيفة معاوية شروطاً جديدة طلب فيها أضعاف ما طلب في رسالته، وعندما التقيا تمسك معاوية بخطاب الحسن وتمسك الحسن بخطاب معاوية ثم تصالحا على خمسة ملايين هي أموال بيت مال الكوفة (تاريخ الأمم والملوك للطبري، ج4 – ص121 – 125).

ولسنا في مجال تقييم فعل الحسن، وحسبنا أن نذكر أنه استراح وأراح، أراح المسلمين من القتال، وأراح عبد الله بن عباس (الذي ما أن علم بالذي يريد الحسن عليه السلام أن يأخذه لنفسه حتى كتب إلى معاوية يسأله الأمان ويشترط لنفسه على الأموال التي أصابها فشرط ذلك له معاوية).

وسوف يهنأ ابن عباس بما حصل عليه من مال البصيرة حتى نهاية حياته، فقد قتل علي وتنازل الحسن وسمح معاوية، وسوف يهنأ أيضاً الحسن بمال الكوفة حتى حين، فسوف يتخلص منه معاوية بدس السم له حين يرشح يزيداً لخلافته، ونعود إلى المنصور، الذي لم يتحمل محاورة محمد طويلاً، فقبض على أبيه وعمومته وكثير من أهله وحبسهم معذبين حتى الموت، وهاجم محمداً بالمدينة وقاتله حتى قتله، ثم هاجم أخاه إبراهيم في البصرة وقاتله حتى قتله ولم يكن المنصور في ذلك كله مدافعاً إلا عن الملك، فقد (ذكر أن المنصور هيئت له عجة من مخ وسكر فاستطابها، فقال: أراد إبراهيم أن يحرمني هذا وأشباهه) (مروج الذهب للمسعودي – ج3 ص309).

والشاهد هنا أن أحد الطرفين كان يدافع عن (النسب)، وأن الطرف الآخر كان يدافع عن (العجة)، وإن المسلمين في الفريقين كانوا يعتقدون أنهم يدافعون عن صحيح الإسلام، دليلنا على ذلك ما حفلت به خطب الفريقين من آيات وأحاديث ووعد بالجنان ووعيد بسقر، ولم يكن الأمر عسيراً بالنسبة لمحمد وإبراهيم فآيات الحكم بما أنزل الله موجودة وما أيسر أن ينتقل منها إلى الحديث عن شمائل الرسول، وفضائل علي، ولم يكن الأمر عسيراً أيضا على المنصور، فما أكثر الأحاديث عن شق عصا الطاعة، ومفارقة الجماعة، وما أيسر الاستشهاد بآيات الإفساد في الأرض، فقد روي عن المنصور أنه عندما تسلم كتاب انتصار جيشه على إبراهيم، تلا هذه الآية:

(والقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض فساداً، والله لا يحب المفسدين). ثم صعد إلى المنبر وقال: السعيد من وعظ بغيره، اللهم لا تكلنا إلى خلقك فنضيع ولا إلى أنفسنا فنعجز، فلا تكلنا إلا إليك.

وهكذا أقنع أفراد جيش المنصور أنفسهم بأن الله نصر الحق بهم، وسيجزي الله الشاكرين، وأقنع من تبقوا من جيش محمد وإبراهيم أنفسهم بأنه اختبار من الله، وبلاء إلى حين، وسيجزي الله الصابرين، وانطلق كل فريق قانعاً بما اعتقد أنه جزاؤه من عند الله، ولم تنقل لنا كتب التاريخ خلال ذلك كله موقفاً مشهوداً لفقيه، أو دفاعاً طلياً عن الحق من إمام من أئمة المسلمين، وما أكثرهم في عهد المنصور، فقد عاصره أبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي، وعمرو بن عبيد، وسفيان الثوري، وعباد بن كثير، وجعفر بن محمد الصادق، وغيرهم، وما كان تعذيب المنصور لأبي حنيفة وحبسه وجلده ودس السم له في النهاية إلا لرفضه ولاية القضاء، وما كان جلد المنصور لمالك وهو عاري الجسد غير مستور العورة تشهيراً به إلا لذكره حديثاً عن الرسول لم يعجبه، وكلا الموقفين لا يصلحان نموذجاً للجهاد، أو مثالاً على مناوأة الحاكم إن حاد، أو دليلاً على أن الحق يعرف بالرجال، وينصر بالرجال، وينبري للدفاع عنه الرجال..

ولا بأس أن ننهي حديث المنصور، بحديث ابن المقفع الذي أرسل للمنصور كتاباً صغير الحجم، عظيم القيمة أسماه (رسالة الصحابة) نصح فيه الخليفة بحسن اختيار معاونيه، وحسن سياسة الرعية، وكان في نصحه رفيقاً كل الرفق، رقيقاً غاية الرقة، ولعله كان ينتظر من المنصور تقديراً أدبياً ومادياً يليق بجهده، ولعله لم يتصور أن مجرد إسداء النصح للمنصور جريمة، وأن غاية دور الأديب في رأي المنصور أن يمدح، ومنتهى دور المفكر أن يؤيد، وأن عقاب من يتجاوز دوره كما فعل ابن المقفع، أن يفعل به كما فعل بابن المقفع، الذي قطعت أطرافه قطعة قطعة، وشويت على النار أمام عينيه، وأطعم إياها مجبراً، قطعة قطعة، حتى أكرمه الله بالموت في النهاية ولعله تساءل وهو يمضغ جسده بأمر أمير المؤمنين، أي أمير وأي مؤمنين، ولعله أدرك ساعتها ما نتمنى أن يدركه من يتنادون بالخلافة، ويتغنون بالشورى، ويهاجمون الحكام (العلمانيين) ويتصورون في الدولة الدينية ملاذاً .

وفي الحكم باسم الإسلام موئلاً ورحمة، وفي التطبيق الفوري للشريعة وحدها عدلاً واستقامة، وفي الديموقراطية جوراً وحكماً بالهوى، ولعلنا نذكرهم أن المنصور وإن دخل التاريخ من باب الجبروت إلا أنه تركه من باب رجال الدولة العظماء، وهو إن جار فبفتوى البعض من الفقهاء، وخوف البعض وصمت البعض الآخر، وهو إن قسا فبهدف بناء هيبة الدولة، وأركان الحكم بمقاييس عصره، وهو إن أسال الدماء أنهاراً، فقد بنى بغداد والرصافة وحمى ثغور الدولة الإسلامية، وأعاد التماسك إلى بنيانها، وكانت حكمته البليغة نصب عينيه:

"إذا مد عدوك إليك يده فاقطعها إن أمكنك، وإلا فقبلها".
  رد مع اقتباس
قديم 12/06/2008   #43
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


وقد كان الرجل من القوة بحيث لم يـُقبـِل يد أحد، وأورث ولده المهدي رعية مطيعة، وثغوراً منيعة، وأورثها المهدي إلى ولديه الهادي ثم هارون الرشيد وأورثها هارون الرشيد لأولاده الثلاثة الأمين فالمأمون فالمعتصم وأورثها المعتصم لولده الواثق، وبحكم الواثق انتهى ما يعرف بالعصر العباسي الأول .

أكثر عصور الدولة الإسلامية نهضة وحضارة، وإذا توخينا الصدق لزدنا (وفقها وطهارة) وإذا أردنا استكمال الصورة لأضفنا وفسقاً ومجوناً، وليس فيما ذكرناه مبالغة أو سعي وراء سجع الكلمات أو طنطنة الروي، وإنما هي الحقيقة لا أقل ولا أكثر، فقد اجتمع كل ذلك معاً، ففي النهضة والحضارة يزهو عصر المأمون ويتألق فكر المعتزلة، وتزدهر الترجمات ويكفي أن نذكر في العصر العباسي الأول من أسماء اللغويين: سيبويه والكسائي ومن أسماء الأدباء والمؤرخين والشعراء:

حماد الراوية والخليل بن أحمد، والعباس بن الاحنف، وبشار بن برد، وأبو نواس، وأبو العتاهية، وأبو تمام، والواقدي والأصمعي، والفراء وغيرهم.

أما في الفقه والطهارة فهناك: أبو حنيفة ومالك، والشافعي، وابن حنبل، والأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، وعمرو بن عبيد، وأبو يوسف (الحنفي) وأسد الكوفي (الحنفي)، والزهري، وإبراهيم بن أدهم الزاهد، ونافع القارئ، وورش القارئ، وأبو معاوية الضرير، وسفيان بن عيينة، ومعروف الكرخي الزاهد، وعلي الرضي بن موسى الكاظم، وأحمد بن نصر الخزاعي، وغيرهم، أما الفسق والمجون فأبوابهما كثيرة، وفنونهما شتى، وهناك في البداية ما يمكن أن نسميه بالمناخ العام، وهو الإطار الذي يسمح بالفسق، ولا يستنكف المجون أو ما هو أكثر، فقد أمتلأت عاصمة الخلافة بالحانات، وانتشر شرب الخمور والغناء في مجالس الرعية، ووجد الجميع مخرجاً طريفاً لما يفعلون، فقد اشتهر عن فقهاء الحجاز إباحة الغناء، واشتهر عن فقهاء العراق من أتباع أبي حنيفة إباحة الشراب، فجمعوا بين فتوى الفريقين، ولخصوا مذهبهم في قول الشاعر:


رأيه في السماع رأي حجازي وفي الشراب رأي أهل العراق

أو في قول ابن الرومي:

أباح العراقي النبيذ وشربه وقال حرامان المدامة والسكر

وقال الحجازي:

الشرابان واحد فحل لنا من بين قوليهما الخمر


سآخذ من قوليهما طرفيهما وأشربها لا فارق الوازر الوزر

ولعل بعض القراء يندهشون، وربما يسمعون للمرة الأولى أن أبا حنيفة قد أباح أنواعاً من الخمور، بل ولعلي أصارحهم بأن فتوى أبي حنيفة قد أجابت على سؤال حائر كان يدور في داخلي وأنا أقرأ عن الشراب والمنادمة في مجالس الخلفاء: هل وصل بهم التحلل من قيود الدين، والخروج على قواعد الإسلام، أن يجاهروا بشرب الخمر في مجالسهم، دون أدنى قدر من الحفاظ على المظاهر أمام الرعية؟


ولعل فيما عرضه الأستاذ أحمد أمين في كتابه ضحى الإسلام عن خلاف الفقهاء حول الخمر ورأي أبي حنيفة فيها ما يوضح الأمر للقارئ:

(ذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل إلى سد الباب بتاتاً، ففسروا الخمر في الآية السابقة بما يشمل جميع الأنبذة المسكرة من نبيذ التمر والزبيب والشعير والذرة والعسل وغيرها وقالوا كلها تسمى خمراً وكلها محرمة، أما الإمام أبو حنيفة ففسر الخمر في الآية بعصير العنب مستنداً إلى المعنى اللغوي لكلمة الخمر وأحاديث أخرى، وأدى به اجتهاده إلى تحليل بعض أنواع من الأنبذة كنبيذ التمر والزبيب إن طبخ أدنى طبخ وشرب منه قدر لا يسكر، وكنوع يسمى"الخليطين"وهو أن يأخذ قدراً من تمر ومثله من زبيب فيضعهما في إناء ثم يصب عليهما الماء ويتركهما زمناً، وكذلك نبيذ العسل والتين، والبر والعسل. ويظهر الإمام أبا حنيفة في هذا كان يتبع الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، فقد علمت من قبل أن ابن مسعود كان إمام مدرسة العراق، وعلمت مقدار الارتباط بين فقه ابي حنيفة وابن مسعود، ودليلنا على ذلك ما رواه صاحب العقد عن ابن مسعود من أنه:

كان يرى حل النبيذ، حتى كثرت الروايات عنه، وشهرت وأذيعت واتبعه عامة التابعين من الكوفيين وجعلوه أعظم حججهم، وقال في ذلك شاعرهم:
من ذا يحرم ماء المزن خالطه في جوف خابية ماء العناقيد؟


إني لأكره تشديد الرواة لنافيه، ويعجبني قول ابن مسعود)

كان ما سبق هو المناخ العام أو الأرضية الممهدة للغناء والشراب وما يرتبط بينهما من لهو وقيان وغلمان، أما اللهو فسمة العصر، وأما القيان ففارسهم المهدي وولده الرشيد، وأما الغلمان ففتاهم الواثق، وسوف يأتي حديث كل منهم في موضعه، غير إنا نتوقف قليلاً أمام فتاوى الخمر السابقة متأملين، متعجبين من تشدد المعاصرين.
  رد مع اقتباس
قديم 12/06/2008   #44
شب و شيخ الشباب suryoyo
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ suryoyo
suryoyo is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
المطرح:
اطلال المدينة الفاضلة
مشاركات:
5,118

افتراضي


اقتباس:
وكانت حكمته البليغة نصب عينيه:

"إذا مد عدوك إليك يده فاقطعها إن أمكنك، وإلا فقبلها".
..

لا ندري هل هذا البطش هو السبب الرئيسي لوحدة الدولة ..

ألم تكن هناك وسائل اخرى !


نتسائل هل صحيح ان اغلب هذه هي السياسة الناجحة في ذلك الزمان .. قتل اي معارض حتى لو كان حليفا




بالمناسبة .... نتمنى ان تذكر المصدر ...

أدعى الناس الى الشفقة ذلك الي يحول أحلامه الى الفضىة و الذهب.. جبران خليل جبران

اذا كان العالم اشتراكيا بالفطرة و رأسماليا بالفطرة و ربما قوميا بالفطرة ... فهل يا ترى كان رجعيا بالفطرة ؟

لن نبق اسرى الماضي ...
  رد مع اقتباس
قديم 12/06/2008   #45
شب و شيخ الشباب Abu ToNi
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Abu ToNi
Abu ToNi is offline
 
نورنا ب:
Mar 2006
المطرح:
العمى ليه هيك ؟
مشاركات:
5,248

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : Seth عرض المشاركة
احب ان اذكرك انك في موضوعي وانا الذي يقرر طريقة عرضه , احببت قرائته فمرحبا بك , لم تحب ذلك فلتكن كل الآلهة معك واغلق الباب وراءك.
ما قصة موضوعك وموضوعي قصة ممكن انزل الكتاب بكبسة زر اسهل لي بكتير من فتح 10 صفحات وبكل صفحة في فقرة بالاخير انت حر باختيار طريقة عرضك لكن المنطق بقول لك ينزل الكتاب متل ما هوي وان ما كنت مقتنع انت حر وانا ماشي معك مع انك عبتعذبني


رايحة تزور
كوخ مسحور
  رد مع اقتباس
قديم 12/06/2008   #46
شب و شيخ الشباب عمرو الحسيني
عضو
 
الصورة الرمزية لـ عمرو الحسيني
عمرو الحسيني is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
مشاركات:
174

افتراضي


كلام فارغ يا أسفي على الوقت الذي أمضيته وأنا أقرأ هذه الأقاصيص التي تزخر بالكذب والافتراء خاصة العهد الراشدي

وبعض القصص قد تكون صحيحة وهي أخطاء فردية من أشخاص لا تستطيع حمل أخطائهم على النظام الحاكم ككل

معظم القصص الواردة جاء بها الكاتب من تاريخ الطبري وهو مشهور بكثرة قصصه ورواياته الضعيفة والتي لا أساس لها من الصحة وقد جاء بها الطبري كنوع من الموضوعية ليذكر كل القصص التي وردت في حادثة ما دون تفنيد صحة هذه القصة ومن كتب هذا الكتاب انتقى أسوء هذه القصص لتوافق هواه وليستعملها لتحقيق مآربه

باختصار هدف الكتاب هو محاولة يائسة لنفي الإسلام السياسي

يعني أخ سيث حبيت أعمل زيارة بناء على طلبك

تعديل اداري ...

بالمناسبة أنا قرأت الكتاب كاملاً يمكن قبل ما أنت تطلع عليه أو تسمع فيه ولك مني كل التحية

آخر تعديل suryoyo يوم 23/06/2008 في 16:14. السبب: التعدي على شخصية الكاتب
  رد مع اقتباس
قديم 20/06/2008   #47
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : suryoyo عرض المشاركة
..
لا ندري هل هذا البطش هو السبب الرئيسي لوحدة الدولة ..
ألم تكن هناك وسائل اخرى !
نتسائل هل صحيح ان اغلب هذه هي السياسة الناجحة في ذلك الزمان .. قتل اي معارض حتى لو كان حليفا
بالمناسبة .... نتمنى ان تذكر المصدر ...
عزيزي المشرف انا سبق وذكرت المصدر هنا في الموضوع الكتاب هو الحقيقة الغائبة والكاتب هو شهيد الفكر الحر العظيم فرج فودة
  رد مع اقتباس
قديم 20/06/2008   #48
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : gabriel عرض المشاركة
ما قصة موضوعك وموضوعي قصة ممكن انزل الكتاب بكبسة زر اسهل لي بكتير من فتح 10 صفحات وبكل صفحة في فقرة بالاخير انت حر باختيار طريقة عرضك لكن المنطق بقول لك ينزل الكتاب متل ما هوي وان ما كنت مقتنع انت حر وانا ماشي معك مع انك عبتعذبني
اخي النسخة التي لدي غير قابلة للقراءة لسبب لا اعلمه فهي صالحة على جهازي وغير صالحة للتنزيل كمرفق !!!!
ولذلك قمت بنقل الموضوع كما هو .
  رد مع اقتباس
قديم 20/06/2008   #49
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : عمرو الحسيني عرض المشاركة
كلام فارغ يا أسفي على الوقت الذي أمضيته وأنا أقرأ هذه الأقاصيص التي تزخر بالكذب والافتراء خاصة العهد الراشدي
وبعض القصص قد تكون صحيحة وهي أخطاء فردية من أشخاص لا تستطيع حمل أخطائهم على النظام الحاكم ككل
معظم القصص الواردة جاء بها الكاتب من تاريخ الطبري وهو مشهور بكثرة قصصه ورواياته الضعيفة والتي لا أساس لها من الصحة وقد جاء بها الطبري كنوع من الموضوعية ليذكر كل القصص التي وردت في حادثة ما دون تفنيد صحة هذه القصة ومن كتب هذا الكتاب انتقى أسوء هذه القصص لتوافق هواه وليستعملها لتحقيق مآربه
باختصار هدف الكتاب هو محاولة يائسة لنفي الإسلام السياسي
يعني أخ سيث حبيت أعمل زيارة بناء على طلبك



بالمناسبة أنا قرأت الكتاب كاملاً يمكن قبل ما أنت تطلع عليه أو تسمع فيه ولك مني كل التحية
يائسة ???!
وهل نقض الاسلام السياسي ما جاء به الكاتب ???!
هل قدم برنامج اصلاحي سياسي اقتصادي اجتماعي حتى الآن ??!
ام اننا نتكلم بدافع الحمية الدينية???!

بكلامك هذا هل تستطيع ان تقول لي ما الفرق بينك وبين الجماعات التي تستخدم الارهاب كطريق لها?!الفكر واحد مع الاسف

آخر تعديل suryoyo يوم 23/06/2008 في 16:15. السبب: بسبب تعديل المشاركة الاصلية ...
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 02:55 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.17751 seconds with 14 queries