التجدد الروحي

الأب أسعد · 14/05/2004

التجدد أساس الحياة

الأب أسعد نايف

يقول عالم النفس وليم جيمز:" وحده الإنسان بين الخلائق، وهب القدرة على إحداث تغير في نمط حياته. وحده الإنسان يتحكم في صنع المستقبل. إن أروع اكتشاف في عصرنا هو أنه يمكن للمرء أن يحدث تغيير في نمط حياته الخارجية إذا ما استطاع أن يبدل في مواقفه الداخلية".

إن الإنسان مدعو دائما إلى التغيير والتجديد، ولا يجوز أن يبقى متجمداً متصلباً، فهو بذلك لا ينفتح على شعاع محبة الله له، ولا يسمح لله أن يعمل في حياته، وهذا مناقض لإيمان المسيحي، فالحياة المسيحية هي حياة تجدد دائم من خلال عمل الله في الإنسان المنفتح عليه، فالمسيحي يرى الحياة كل يوم بعيونٍ دائمة وجديدة يضيء فيها الله البصر والبصيرة.

والسؤال الذي يطرح اليوم : كيف يبدأ الإنسان بتغيير حياته؟
الخطوات الأساسية التي ينبغي على الإنسان أن يسير عليها في حياته ليعرف طريق التغيير والتجدد، ما هي إلا خطوات جريئة وشجاعة، وتحتاج إلى:
1- إصغاء الإنسان لكل احساسات وعواطف جسده وتقبل كل متطلبات جسده دون تذمر واستياء( الألم، الرغبة، الفرح ، الحزن___)
2- الانفتاح على كل شيء حوله، وتقبله كما هو.
3- الإصغاء إلى رادات فعلي الداخلية والخارجية، فهي تحتوي حقيقة مشاعري، وتغير السلبي منها وتنمية الإيجابي فيها.
من هنا يتضح أن المطلوب من الإنسان دائماً:
· الإصغاء إلى ذاته والآخر
· التعامل بمصداقية مع الأحاسيس الداخلية
· تقبل الذات كما هي
· تقبل الآخر كما هو

الصداقة

نظريات علم النفس الحديث تقول:"سلوكنا العاطفي هو رهن بنظرتنا إلى الواقع، وفهمنا للحدث الذي نجمت عنه تلك العواطف". فالعواطف الإنسانية هي مزيج من العوامل الفيزيولوجية والعقلية، فعواطف الإنسان هي الإنسان ككل. والعواطف السلبية ( الكره، القلق، العدائية )ما هي إلا مؤشر لوجود الأفكار المغلوطة داخل رؤية المرء بكاملها. وفي كل واحد منا حاجة للتخلص من العواطف المزعجة

فالانفتاح على إنسانٍ ما بشكل صادق وكامل مطلوب وضروري لبلوغ ما النمو الإنساني وذلك لأن العواطف الإنسانية الدافئة وحدها تعطي الإنسان الشجاعة الكافية ليواجه أخطائه ويفهمها، فمع تلك العواطف الإنسانية يكون الآخر مرآة لذاتي. إذاً حجر الأساس في وجدنا الإنساني هو عواطفنا،فبقدر ما نستطيع التعامل معها بطريقةٍ صحيحة، نستطيع أن ندخل في عمق الحياة الحقيقية. والطريق الصحيح لهذه العواطف هي أن تسلك طريقها الإلهي في الصداقة والحب، فهما وحدهما يجعلانا ندخل إلى فرح الحياة والسعادة والكمال وهذا الطريق الإلهي للعلاقات الإنسانية هو: تعرف____ اكتشاف____بناء____صداقة____قد تطور إلى الحب والزواج. إن الخلل في أحدهم سوف يؤدي إلى خلل في اكتمال العلاقة الإنسانية بين الجنسيين.

وفي مرحلة من هذه المراحل علينا التمييز دوماً بين ما هو صحيح حقيقي وإلهي، وبينما ما هو مزيف ووهمي وغرائزي، وهذه هي بالتحديد الخليقة الجديدة التي يتحدث عنها القديس بولس في رسالته إلى أهل رومية، هذه الخليقة المحررة بنعمة يسوع المسيح.

الحب

سوف نتناول في حديث اليوم التمييز في الحب بين ما هو إلهي حقيقي، وبينما هو مزيف وهمي، ففي الحب علينا الإصغاء جيداً لذاتنا وللآخر حتى نميز بين الحب الغرائزي والحب الحقيقي

أنواع الحب المزيف:

1. حب النظرة الأولى( حب فتى الأحلام)
2. الحب الأوديبي( حب لصورة الأب في الرجل ، ولصورة الأم في المرأة )
3. حب الأنا في الآخر( الاستهلاكية، والامتلاك )
4. حب إشباع الحاجة ( النقص )
في الحقيقة هذه ليست حباً البت، وهي أوهام من الحب الحقيقي . أما الحب فهو تلك النبة من القمح التي تبذر في الأرض الطيبة، وتفنى لتعطي سنبلة القمح التي تصبح غذاءً روحي يومي . والسؤال: لماذا نجد عند البعض الخوف من الحب؟؟ الجواب يكمن في عدة أسباب:
· التجارب القديمة التي عشتها وكانت مؤثرة، لكن هذه التجربة القديمة لم تكن في الحقيقة حباً، وما علي إلا أن أراها بروح الإيجابية على أنها خبرة جديدة في طرق تميز الحب الحقيقي.
· التربية التي تلقيتها والتي تجعل من الحب وحشاً يفتك بالذي يعيشه.
· الأوهام.
إن لكل فرد تجربته الفريدة في الحب، ولا يجوز أن أسقط تجربة الآخر على تجربتي، وخصوصاً تجارب الآخرين الفاشلة. والسؤال : ما هي نتيجة الحب؟؟؟

الزواج والجنس

الزواج المقدس وتكوين العائلة هو النتيجة الحتمية للحب الحقيقي فيجب دائماً تتويج الحب ضمن الزواج بالعلاقة الجنسية التي تجمع الحبيبين كواحد (تك2/20-25). ويجب علينا التميز بين الجنس الغرائزي المزيف، والجنس الحقيقي الإلهي.
لوحاولنا البحث في المعنى الذي تحمله كلمة جنس لوجدنا معنيان:
1. المعنى الحصري: الذي نعنيه عندما نتحدث عن الجنس الجسدي التناسلي.
2. المعنى الشامل: أي الطاقة الغير محددة التي تشمل الجسم كله، وهي تتحول من صورة إلى أخرى ( عاطفية – بدنية – عقلية )

أحبائي :

علينا اليوم البدء بالتحرر من إنساننا القديم ونلبس الإنسان الجديد الذي أتى يسوع من أجله، فقد م ذاته على الصليب ليحيا هذا الإنسان، إنسان الحب والصداقة والفرح الدائم المتجدد بنعمة يسوع الصديق الأمين.