أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 29/07/2007   #1
صبيّة و ست الصبايا Rena
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Rena
Rena is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
اللاذقية العذراء
مشاركات:
212

افتراضي الحليب الدامي


- انا خائفة يا صالح , لم يبق لدينا سوى وجبة من الحليب واحدة للصغيرين , وأنت تعلم ... من الصّعب عليّ إرضاعهما معاً , والصغار الباقون , إنّ طعامهم لا يردّ جوعاً , وصحتهم تزداد سوءاً . يا الله ما الذي يجري ... ماذا سنفعل ؟
- هذا ما قالته صفيّة بلهجة قلقة متوجسة لزوجها صالح في العتمة بعد أن نام أولادهما .

- وووصالح الذي حشر رأسه بين ركبتيه وقد لفّ ذراعيه حولهما , كان عاجزاً عن الإجابة حائراً مؤرقاً , لا يملك الإجابة لأنه لا يملك النقود , لا يملك قرشاً واحداً . وقد قضى أياماً طويلة مع غيره من العمال في ساحتهم في انتظار العمل ليُسكت كلّ منهم تلك الأفواه المفتوحة للهواء والتي في أغلب الأحيان لا تظفر بشيء .
- زفر زفرةً طويلة حارّة خرجت من صدره , أفرغ فيها كلّ حزنه وغضبه وقلقه كيلا يظهر على كلماته :
- نامي يا عزيزتي , لا بدّ أنّ الله سيفتحها في وجهنا .غداً صباحاً سأذهب إلى ساحة العمال كعادتي , عليّ أن أجد عملاً – قالها بتشنج وقد تذكر أن زمناً طويلاً مضى دون أن يظفر بأيّ عمل – أنت تعلمين يا عزيزتي العمل قليل والعمّال كثر , لكن لا تحزني لا بدّ أن أحصل على عمل غداً من أجلك ومن أجلهم أجل ... أجل ...
- بهذه الكلمات طيّب نفسها فغطّت صغيريها وطوّقتهما بيدها وأغمضت عينيها .
- في الصباح ارتدى ثياب عمله التي سئمها : قميص رقيق "مزيّن" بخطوط بيضاء تركها العرق كالخطوط التي يخلّفها اللبن على الأكواب لدى البائع , وسروال عسكريّ ترك الاسمنت عليه آثاراً واضحةً لا تزول .
- طلب من زوجته أن تحاول تقنين ما تبقّى من الحليب , وألقى نظرة على صغاره ثم خرج بسرعة ليخفي دموعه التي طفرت من عينيه عنوةً.
- في الطريق تقاذفته الافكار , وارهقه حمله اليومي من الهموم والتصورات السوداوية البشعة : (( اذا لم اجد عملاً سنجوع , بل سنموت جوعاً , لا استطيع أن استدين اكثر , هذا ان قبل السمان بذلك , فانا لم ادفع حسابي عنده , ما أقسى نظراته المطالبة وكلماته المتذمّرة ! لا يمكن ان اطلب منه ديناً بعد الآن حتى اجد عملاً , عندئذ يمكن ان ارفع راسي امامه)).
- تخيّل صالح اولاده وخصوصاً طفيله الرّضيعين حيوانات شرهة تاكل كل ما يوضع في افواهها . أحسّ بالذنب برهةً : ((لعن الله الفقير ليس لديه عمل سوى الانجاب وهذا العمل بدون أجرٍ , والانكى من ذلك أنّنا ننتظر مولوداً واحداً فرزقنا الله باثنين )) .
- قطع تفكيره وصوله الى الساحة , وجد هناك عدداً كبيراً من العمال الواقفين ذوي النظرات الحزينة الساهمة أبداً والايدي المتشابكة , أو المقرفصين الذين يبدون بثياب عملهم المتّسخة ذات الالوان المختلفة الحائلة كأكياس قمامة مصفوفة تنتظر عمّال النظافة لكنسهم بعيداً .
- اختار مكاناً بين الواقفين , لأنّه شعر أنّه بوقوفه يقوم بعملٍ ما , أو أنّه يحتجُّ على الاستسلام للراحة . ودارت هنا وهناك في هذه البقعة العمّلية المتمدّدة أحاديث خافتة .
- وقف الى جانب رجل ذو شعر اشيب خشن واسنان صفراء مسودّة :
- - (( شكلك بيقول انك مهموم !)) قال الرجل : انتبه صالح فجاةً , نظر الى الرجل لحظةً وعاد بنظره الى حذائه المربوط بسلك معدني لامع .
- -بالله عليك ما بك ؟!
- قابل صالح كلام الرجل بالصمت ثانيةً , فأخرج هذا من جيبه علبة تبغ و اوراقاً ناعمة , ولفّ لفافتين قدّم واحدةً منهما الى صالح قائلاً :
- - (( خود دخّن لك سيجارة وروّق )) , واحك ما عندك , كلّنا اخوة يا رجل .
- تناول صالح اللفافة , وبدأ يدخّن ويتكلّم , فبدت كلماته كأنّها تحترق في صدره , وتخرج فتملأ رائحتها المكان :
- عندي اربعة اولاد وطفلين رضيعين , نسكن في غرفة واحدة , عملت لدى طيّلن منذ مدة ولكنّه توفي بسبب مرضه وفقدت عملي , ومنذ ذلك الحين وانا ابحث عم عمل دون جدوى .
- (( ايه زمن ما بيرحم )). علّق الرجل .
- حتى الطعام استدينه (( وحقّ الذي بيعرف كم شعرة براسك )) , وهو وحده الذي يعلم اذا كنت سأُوفّق الى اعادة الدّين واطعام الصغار .
- ((طوّل بالك يا رجل )) , الصبر مفتاح الفرج بإذن الله .
- تصوّر حليب الصغار سينفذ اليوم , أشعر بالخوف عندما أذكر ذلك .
- لماذا لا ترضعهما زوجتك ؟! قال عامل .
- انهما اثنين وصحتها ليست على ما يرام
- ماذا تنوي ان تفعل ؟ قال ثالث .
- لا ادري والله , لقد بحثت طويلاً عن عمل ولم أظفر بشيء , وها أنذا أقف كغيري أنتظر العمل عسى أن يظفر بي .
- (( يا سيدي كل واحد همومه على قدّه )).
- بعد قليل جاء رجلٌ , وقف وأجال النظر في الجمع , فدبّت الحركة بين العمال , ونهض الجالسون وتقدم الجميع نحو الرجل الذي اشار الى ثلاثة عمّال فصلهم عم الجمع وسار الاربعة فعاد الباقون الى اماكنهم خائبين .
- قال أحد العمال : - انا واثق من أنّ اكثرنا لن يحصل على عمل , إن البناء شبه متوقف , ومعظم أعمالنا اساسها البناء.
- قال صالح : كل منا ياتي الى هنا آملاً الحصول على عمل يعيل اسرته به , ولكن ما تقول هو الحقيقة .
- مضت ساعات والحال كم هي : كتلٌ بشرية شبه جامدة , وجوه مجعدة حزينة , نظرات تعيسة , ودخان متصاعد بكسل من بين الاجساد . بدا العمال ينصرفون واحداً تلو الآخر , لم يبق في النهاية إلا صالح الذي احسّ برعدة تسري في دمه , مشى متمهّلاً يجرّ أذيال خيبته متسكِّعاً , وذهنه لا يفتأ يرسم ويمحو مشهد المقابلة – مقابلة زوجته ووجوه اطفاله . واستمرّ ذلك حتى وجد نفسه يلج بيته (مأواه ).
- وبوجه بارد الملامح قابلته زوجته وكانّها تعلم النتيجة :
- كالعادة لم تحصل على عمل أليس كذلك ؟
- هزّ راسه موافقاً .
- هل أطعمت الصغار ؟
- أكلوا ما تبقى من طعام البارحة , وهم لا شك ينطوون الآن جائعين , أمّا الطفلين فقد التهما ما بقي من الحليب صباحاً وأرضعتهما اربع مرات . قالت هذا وجلست الى جانبه , نظر الى الصغار المتكوِّمين على الحصير بين نوم واستيقاظ , فذكّره منظرهم بالجموع العماليّة .
- دقائق مضت واعلن الطفلان فجأةً عم وجودهما مرة اخرى .
- حملت الام احدهما وارضعته , بينما حمل الاب الطفل الاخر محاولاً تهدئته .
- صرخت الام صرخة الملسوع مذعورةً :
- صالح انظر !
- وقف صالح أمامها محملقاً ذاهلاً : كان ثدي الام مضرّحا بالم منتفخة الحلمة , بينما افترّ ثغر الطفل عن ابتسامة واسعة فظهرت لثّته وشفتاه الرقيقتان مخضّبتان بالدّم القاني .
- وضع الاب الطفل على الارض وخرج هائماً على وجهه .


شكيب لايقة ....
  رد مع اقتباس
قديم 29/07/2007   #2
شب و شيخ الشباب Remember Me
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ Remember Me
Remember Me is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
هون على الأصلي ... يعني بالشام أكيد
مشاركات:
557

افتراضي


"Thnx" Rena

Remember Meeeeeeee

حزب المعارضة
http://www.akhwia.com/showthread.php?p=732515
  رد مع اقتباس
قديم 31/07/2007   #3
صبيّة و ست الصبايا Rena
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Rena
Rena is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
اللاذقية العذراء
مشاركات:
212

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : Remember Me عرض المشاركة
"Thnx" Rena
اهلين ....
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 14:08 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.10728 seconds with 14 queries