أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 16/07/2008   #1
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي متفرقات ..انطون تشيكوف


أقصر قصة قصيرة..
كنت في الخامسة عشرة من عمري عثرت في الطريق على ورقة من فئة الجنيه منذ أربعين سنة ومنذ ذلك لم أرفع وجهي عن الأرض وأستطيع الأن وأنا على حافة القبر أن أحصي محصول حياتي وأن أسرده كما يفعل أصحاب الثروات هكذا: 2917 زراراً – 44172 دبوساً – 12 سن ريشة – 3 أقلام – 1 منديل – ظهر محنى – حياة بائسة.

أنطون تشيكوف

آخر تعديل achelious يوم 03/08/2008 في 14:57. السبب: العنوان
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #2
صبيّة و ست الصبايا The morning
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ The morning
The morning is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
Chicago
مشاركات:
7,423

افتراضي


جــميل

من يومها صار القمر أكبر :)

______

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #3
صبيّة و ست الصبايا whiterose
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ whiterose
whiterose is offline
 
نورنا ب:
Aug 2005
مشاركات:
4,570

افتراضي


وجدا.....

لا تـــحــــزن لأن الحزن يزعجك من الماضي
ويخوفك من المستقبل ويذهب عليك يومك
لا تحزن لان الحزن يقبض له القلب
ويعبس له الوجه وتنطفي منه الروح
ويتلاشى معه الأمل لان الحزن يسرُّ العدو
ويغيظ الصديق ويُشمت بك الحاسد
ويغيِّر عليك الحقائق
سعود الشريم
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #4
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي الساذجه


طلبت - قبل بضعة أيام - من مربية أولادي ( جوليا فاسيليفنا ) موافاتي بغرفة المكتب.
- تفضلي بالجلوس ( جوليا فاسيليفنا ) - قلت لها - كيما نسوي مستحقاتك .
ويبدو أنك تلبسين رداء الرسمية والتعفف إذ أنك لم تطلبيها رسميا مني رغم حاجتك الماسة للمال ... حسنا ... كنا إذا قد اتفقنا على مبلغ ثلاثين روبلا في الشهر ...
- بل أربعين قالت باستحياء.
- كلا .. اتفاقنا كان على ثلاثين ، دونت ملاحظة بذلك . أدفع إلى المربيات ثلاثين روبلا عادة . لقد عملت هنا مدة شهرين لذا ..
- شهران وأيام خمسة قالت مصححة
- بل عملت لمدة شهرين بالتمام والكمال - قلت بإصرار - لقد دونت ملاحظة بذلك ، وهذا يعني أنك تستحقين ستين روبلا يخصم منها أجر تسعة أيام تعرفين تماما أنك لم تعملي شيئا لـ ( كوليا ) أيام الأحد وكنت تكتفين بالخروج به للنزهة ... هناك أيضا ثلاث إجازات و ...
ولم تعقب .. اكتفت المسكينة بالنظر إلى حاشية فستانها فيما كست محياها حمرة شديدة .. مانبست ببنت شفه
- ثلاث إجازات فلنخصم من ذلك إذا اثنى عشر روبلا ... كما وأن ( كوليا ) قد مرض فاستغرق ذلك ثلاثة أيام لم يتلق عبرها أي درس ... شغلت إبان ذلك بـ ( تانيا ) فقط ، هناك أيضا أيام ثلاثة شعرت فيها بآلام في أسنانك ممضة اعفتك زوجتي خلالها من العمل بعد الظهر ... اثنا عشر وسبع يساوي تسعة عشر ، واطرحي ذلك فيتبقى بعد ذلك ... آ ... واحد وأربعون روبلا ... أصبح ذلك
واحمرت العين اليسرى ( لجوليا فاسيليفنا ) ثم ... غرقت بالدمع ، فيما تشنج ذقنها وارتعش ... وسعلت بشدة ثم مسحت أنفها ... إلا أنها ... لم تنبس بحرف
- " قبيل ليلة رأس السنه كسرت كوب شاي وصحنه ، يخصم من ذلك روبلان رغم أن تكلفة الكوب هي في الواقع أكثر من ذلك إذ إنه كان ضمن تركة قيمة ... لا يهم ليست تلك هي أولى مامنيت به من خسائر ... بعد ذلك ونتيجة لإهمالك صعد ( كوليا ) شجرة فتمزق معطفه ، يخصم من المجموع عشرة روبلات ... كما وأن الخادمه قد سرقت - بسبب لامبالاتك حذاء ( فانيا ) ينبغي أن تفتحي عينيك جيدا ... أن تتوخي الحذر والحيطة
فنحن ندفع لك ثمن ذلك ... حسنا نطرح من كل ذلك خمسة روبلات وإني قد أعطيتك عشرة روبلات يوم العاشر من يناير
- لم يحدث ذلك ّ همست ( جوليا فاسيليفنا )
- بلى دونت ملاحظة بذلك قلت بإصرار
- حسنا وإذا أجابت بنبرات كسيرة .
- فإذا ما خصمنا سبعة وعشرين من واحد وأربعين فسيتبقى لك أربعة عشر روبلا
وغرقت بالدموع حينها كلتا عينيها فيما ظهر العرق على أنفها الصغير الجميل ... ياللبنية المسكينة
- لم أحصل على مال سوى مرة واحدة
- قالت صوت راعش متهدج النبرات - وكان ذلك من زوجتك . ماتجاوز ما استلمته ثلاث روبلات ... لا أكثر سيدي
- حقا أرأيت لم أدون ملاحظة بذلك - سأخصم من الأربعة عشر روبلا ثلاثة فيتبقى لك أحد عشر روبلا
ودفع إليها بالمبلغ فتناولته بأصابع مرتجفة ثم دسته في جيبها .
شكرا قالت هامسة .
- ولماذا هذه الـ ( شكرا ) سألتها
- للمبلغ الذي دفعته لي .
لكنك تعرفين أني قد غششتك ... أني قد سرقتك ونهبت مالك فلماذا شكرتني
- في أماكن أخرى لم يكونوا ليدفعوا لي شيئا البتة
- لم يمنحوك على الإطلاق شيئا زال العجب إذا لقد دبرت هذا المقلب كي ألقنك درسا في المحافظة على حقوقك ، سأعطيك الآن مستحقاتك كاملة ... ثمانون روبلا ... لقد وضعتها في هذا الظرف مسبقا ... لكن - تساءلت مشدوها - أيعقل ذلك أن يتسم إنسان بكل ذلك الضعف والاستسلام لماذا لم تعترضي لم كل ذلك الصمت الرهيب ... أيعقل أن يوجد في هذا العالم النابض بالظلم والأحقاد والشراسة إنسان بلا أنياب أو مخالب إنسان في سذاجتك وخضوعك
وابتسمت في ذل وانكسار فقرأت في ملامحها " ذاك ممكن " واعتذرت منها مجددا عما سببته لها من ألم وإحراج ، إذ إن الدرس كان قاسيا حقا قبل أن أسلمها الظرف الذي يحوي أجرها ... ثمانون روبلا تناولتها بين مكذبة ومصدقة ... وتلعثمت وهي تكرر الشكر ... المرة تلو المرة ثم غادرت المكان وأنا أتأملها وسيل من جراحات الإنسان المعذب في أرجاء غابة الظلم يندح في أوردتي وهمست لنفسي :
- حقا ما أسهل سحق الضعفاء في هذا العالم.


أنطوان تشيكوف
ترجمة حصه العمار




  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #5
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : The morning عرض المشاركة
جــميل
قرأت انو هي أقصر قصة عرفها العالم حتى اللحظة, وهي مؤلفة من خمسين كلمة-
بس ما سجلت هالشي لأنو قرأت قصة أقصر منها.. لكاتب مكسيكي..
نال جائزة عن اقصر قصة في العالم, بيقول بقصتو..
"عندما استيقظت وجدت ان الديناصورات لم تنقرض.."
شكرا لمرورك
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #6
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : whiterose عرض المشاركة
وجدا.....
شوهي؟!
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #7
صبيّة و ست الصبايا وشم الجمال
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وشم الجمال
وشم الجمال is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
جبين الشمس
مشاركات:
4,561

افتراضي


حلوة عزخم الاحداث يللي فيها

تباً إننا جيل كامل من الانتظار .. متى نفرغ من الصبر .. و من مضغ الهواء ..


اتعرى من الجميع كي أجدني,,,,
فأضيع !!!!

حاولتُ أن أغرق أحزاني في الكحول، لكنها، تلك اللعينة، تعلَّمَت كيف تسبح!
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #8
صبيّة و ست الصبايا وشم الجمال
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وشم الجمال
وشم الجمال is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
جبين الشمس
مشاركات:
4,561

افتراضي


شو هاد؟؟؟؟
وانا عم اقرا بسب عليه لهالزلمة وبحكي بكل وقاحة عم يحكيلها بدو يعطيها اجرها وهيي بكل خنوع بتقبل باي شي بحكيه وبتسكت .....كتير انزعجت بس لما قريت النهاية كمان حسيت قديش كانت قاسية على انسانة متلها...

جد ما اسهل سحق الضعفاء بالعالم لانن بلا لسان ولانو تعلموا يسكتو ويخنعوا...

ميرسي عالقصة يللي صحت شغلة جواتي...يسلمو اخيليوس
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #9
صبيّة و ست الصبايا The morning
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ The morning
The morning is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
Chicago
مشاركات:
7,423

افتراضي


الظلم , الظلم , الظلم , يأكـل روائـح النزيف من ثنايا الضعف .. رائعه
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #10
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : وشم الجمال عرض المشاركة
شو هاد؟؟؟؟
وانا عم اقرا بسب عليه لهالزلمة وبحكي بكل وقاحة عم يحكيلها بدو يعطيها اجرها وهيي بكل خنوع بتقبل باي شي بحكيه وبتسكت .....كتير انزعجت بس لما قريت النهاية كمان حسيت قديش كانت قاسية على انسانة متلها...

جد ما اسهل سحق الضعفاء بالعالم لانن بلا لسان ولانو تعلموا يسكتو ويخنعوا...

ميرسي عالقصة يللي صحت شغلة جواتي...يسلمو اخيليوس
بعرف احاسيسك.. حنق بس بعدين متل ماقلتي.. النهاية معبرة بحق,
وأنا لاأعتقد إنها مجرد قصة خيالية.. بل هي أكثر واقعية من الواقع..
وأحلى شغلة فيها.. إنها متل الصدمة الكهربائية -الجهاز المستخدم في المشافي-
بتصعق الواحد لتوعيه
شكرا لمروك وشم أو سوسو
ابقي ميلي دايما صوبنا
  رد مع اقتباس
قديم 16/07/2008   #11
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : The morning عرض المشاركة
الظلم , الظلم , الظلم , يأكـل روائـح النزيف من ثنايا الضعف .. رائعه
شكرا لمرورك مورنينغ انتظري المزيد
  رد مع اقتباس
قديم 17/07/2008   #12
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي وشـــايـــة


( سيرجى كابيتونيتش أهينيف ) , أستاذ الخط , كان يزوج ابنته إلى أستاذ التاريخ والجغرافيا . مهرجانات الزفاف كانت تسلك السبيل المتوقع بنجاح تام . بداخل غرفة الرسم كانوا يغنون , ويلعبون , ويرقصون . النُدَّل المأجورون من النادى كانوا يهرعون بحيرة وذهول هنا وهناك حول الغرف , لابسين سترات سوداء مشقوق ذيلها وأربطة عنق بيضاء بياضاً باهتاً . كان هناك صخب مستمر وضجيج حديث , كان أستاذ الرياضيات وأستاذ اللغة الفرنسية ومخمن الضرائب الأدنى يتكلمون بسرعة جالسين جنباً إلى جنب على الأريكة , وغير ذلك يعترضون على من حولهم , بوصفهم لأحوال الضيوف بأنهم أشخاص يُدفنون أحياءاً ! , ويقدمون آراءهم فى الروحانية , لا واحد منهم كان يؤمن بالروحانية , ولكنهم وافقوا جميعاً على أن هناك العديد من الأشياء فى هذا العالم التى دائماً ما تكون وراء العقل البشرى . بداخل الحجرة الأخرى كان أستاذ الأدب يشرح للزائرين الأحوال والظروف فى مسألة حق الحارس فى التعدى على عابرين السبيل .
الموضوعات المطروحة على حد الفهم والإدراك كانت موضوعات شائكة ومثيرة للهجوم , إلا أنها كانت مقبولة للغاية لدى الجميع .

فى تمام منتصف الليل اتجه مالك البيت إلى المطبخ ليرى هل كل شىء قد جهز للعشاء . المطبخ كان مليئاً من الأرض وحتى السقف بأدخنة ناشئة من إوزة وبطة , وكثير من الأشياء المطبوخة الأخرى . وعلى منضدتين كانت الكماليات .. المشروبات , أضواء منعشة موضوعة فى مظهر فوضوى فنى . الطباخة ( مارفا ) , امرأة ذات وجه أحمر اللون , بنية جسمها كان كالبرميل بحزام من حوله , كانت مسرعة باهتياج بشأن المناضد .
قال ( أهينيف ) وهو يحك يديه ببعضهما البعض , ويلعق شفتيه :
" أرينى السمكة الكبيرة ذات الكافيار يا ( مارفا ) " واستطرد : " يالها من رائحة ! , أنا بهذا يمكننى أن أأكل المطبخ بأكمله . هيا , أرينى السمكة "

ذهبت ( مارفا ) إلى أحد الموائد , وبحذر , رفعت قطعة من جريدة مشحمة . تحت الورقة وعلى صحن هائل , كانت ترقد سمكة ضخمة , مطلية بالهُلام ومُزينة ببراعم ( الكَبَر ) الخضراء المخللة , والزيتون , والجزر .
( أهينيف ) حدق النظر إلى السمكة ولهث . أشع وجهه بابتسامة بهيجة . وأعاد نظره إلى فوق . فانحنى لأسفل , وبشفتيه أصدر صوت كصوت عجلة غير مزيتة تدور . وقبل أن يقف بدقيقة , طقطق أصابعه , ومرة أخرى لَمَظ شفتيه .

فجأة جاء صوت من الغرفة المجاورة :
" أها ! صوت قبلة عاطفية حارة ... من ذا الذى تقبلينة بالخارج , يا ( مارفا ) الصغيرة ؟ "
وظهر من مدخل الباب المدرس المساعد ( فانكن )
" من هو ؟ .. آه ! ... إنى سعيد لمقابلتك ! يا ( سيرجى كابيتونيتش ) ! , يجب على أن أقول أنك جد رائع رفيع ! "

قال ( أهينيف ) بارتباك :
- " أنا لا أُقَبِّل , من قال لك ذلك يا أحمق ؟ , إنى فقط كنت ألمظ شفتاى .. بشأن .. إظهار وتبيين دلالة عن ... ابتهاجي بلذة .. النظر إلى السمكة "

- " قل هذا لأحد غيرى " , وتلاشى الوجه الفضولى لـ (فانكن ) , وتبدل بابتسامة عريضة ساخرة .
شاع الدم فى وجه ( أهينيف ) وقال فى نفسه :
" توقف ! , هذا الحقير سيذهب الآن ويصطنع فضيحة . سيلحق بى خزياً وعاراً أمام كل المدينة , هذا الحيوان "

ذهب ( أهينيف ) بجبن داخل غرفة الرسم ونظر بخلسة حول المكان ليرى ( فانكن ) . ( فانكن ) كان يقف بقرب من البيانو , وينحنى لأسفل بتفاخر ومرح , ويهمس بشىء ما لأخت زوجة المراقب , والتى كانت تضحك .
قال ( أهينيف ) فى نفسه :
" يتكلم عنى ! , اللعنة عليه ! , وهى تصدق هذا .. تصدقه ! إنها تضحك ! .. الرحمة ! لا , لا يمكن أن أدع هذا يمر .. أنا لا أستطيع , يجب أن أفعل شيئاً يمنع تصديق الناس له .. سأكلمهم كلهم , وسيظهر لهم على أنه أحمق وناشر للإشاعات "

حك ( أهينيف ) رأسه بيده , ولا زال متعصباً فى ارتباك , وذهب إلى أستاذ اللغة الفرنسية .
قال ( أهينيف ) للرجل الفرنسى :
" لقد كنت للتو فى المطبخ لأرى تجهيز طعام العشاء , أنا أعلم بأنك مولع بالسمك , وأنا عندى سمكة كبيرة ذات كافيار شهى , وفجأة يا رفيقى العزيز , وبدون أية مقدمات , وعلى بعد يارة ونصف , قال ’ ها , ها , ها ’ , و .. , بالمناسبة ... لقد نسيت ... فى المطبخ منذ قليل , ومع تلك السمكة الكبيرة .. هناك قصة صغيرة ! لقد ذهبت إلى المطبخ قبل الآن بالضبط , وأردت أن أنظر إلى أطباق العشاء . نظرت إلى السمكة ولمظت شفتاى فى تلذذ .. ولحدة الصوت , جاء فى تلك الدقيقة هذا الأحمق ( فانكن ) وقال ...’ ها , ها , ها ...
إذن أنت تقبل ( مارفا ) ’ , أقبل ( مارفا ) , الطباخة ! يا له من شىء للتخيل , الساذج الأحمق ! تلك المرأة مكتملة السمنة بشكل غريب , وكأنها مجموعة بهائم تجمعوا فى تكتل معاً , وهو يتكلم عن التقبيل ! هذا الشخص الشاذ ! "

" من هو هذا الشخص الشاذ ؟ "
سأل هذا أستاذ الرياضيات وهو آت .

قال ( أهينيف ) :
" ها هو ذا , هناك , ( فانكن ) ! لقد ذهبت إلى المطبخ ... " وقال قصة ( فانكن ) .. واستطرد :
" ... لقد أضحكنى هذا الشخص الشاذ ! إنى لأفضل أن أُقَبِّل كلب عن أن أفعل هذا بـ (مارفا ) لو خيرتنى "
نظر ( أهينيف ) حوله ووجد مخمن الضرائب الأدنى .

قال له (أهينيف ) :
" كنا نتكلم عن ( فانكن ) , هذا الشخص الشاذ , لقد ذهب إلى المطبخ , و وجدنى بجانب ( مارفا ) , وبدأ يخترع كل أنواع القصص السخيفة , ويقول ’ لماذا تُقَبِّل ؟ ’ , يجب أن عقله قد سقط منه كثيراً , وقد قلت ’ إنى لأفضل أن أُقَبِّل ديكاً رومياً عن ( مارفا ) .. ثم إن لدى زوجتى الخاصة بى أيها الأحمق ’ , لقد أضحكنى ! "

- " من الذى أضحكك ؟ "
سأل هذا القسيس الذى درَّس الكتاب المقدس بالمدرسة , وهو ذاهب تجاه ( أهينيف )

-" ( فانكن ) . لقد كنت واقفاً داخل المطبخ , حسناً , وأنظر إلى تلك السمكة الكبيرة .... "
وهكذا وبعد نصف ساعة تقريباً كان كل المعزومون يعلمون حادثة السمكة و ( فانكن ) .
قال ( أهينيف ) فى نفسه وهو يحك يده باليد الأخرى :
" دعه يلغو الآن , دعه .. , سيبدأ فى قول قصته لهم , وسيقولون له فى الحال , ’ كفاك هراءاً بعيد الاحتمال , أيها الأحمق , نحن نعلم كل شىء عن ذلك ! ’ "

وهنا كان ( أهينيف ) مرتاح البال للغاية , وكنتيجة لسعادته الشديدة , شرب أربعة كؤوس مملوئين عن آخرهم . وبعد مرافقة الصغار إلى غرفهم , ذهب إلى السرير ونام كالطفل البرىء , وفى اليوم التالى لم يعد يفكر بشأن حادثة السمكة الكبيرة . ولكن , وا حسرتاه ! .. أنت تريد , وأنا أريد , والله يفعل ما يريد . لسان شرير فعل فعله الشرير , وكانت خطة ( أهينيف ) بلا فائدة .
فقط بعد أسبوع واحد – وللدقة , فى يوم الأربعاء بعد المحاضرة الثالثة – عندما كان ( أهينيف ) يقف عند منتصف حجرة الأساتذة , حاملاً لتقرير عن ميل للمشاغبة لولد يُدعى ( فيسيكين ) , ذهب مدير المدرسة لـ ( أهينيف ) وسحبه جانباً وقال له :


" أنظر , يا ( سيرجى كابيتونيتش ) , يجب أن تعذرنى ... إنه ليس من شأنى , ولكن عموماً يجب أن أجعلك تدرك الموقف , إنه من واجبى , أنظر , هناك إشاعات أنك على علاقة رومانسية مع ال ... طباخة .. , هذا لن يضرنى شخصياً فى شىء , .. لك الحرية فى أن تغازلها , تقبلها , كما تشاء , ولكن لا تجعل هذه الأمور عامة وتنشرها للجميع , من فضلك , إنى أتوسل إليك ! لا تنسى أنك مدرس مدرسى "
( أهينيف ) تحول إلى شخص بارد ضربه دوار عنيف . رجع البيت كرجل ملدوغ من سِرب نحل بالكامل . كرجل محروق بماء مغلى . وأثناء مشيه إلى المنزل , شعر بأن كل من فى المدينة ينظر إليه على أساس أنه سىء السمعة . وفى المنزل كانت تنتظرة مشكلة طازجة .
سألته زوجته على العشاء :
" لماذا لا تلتهم طعامك كعادتك ؟ " , واستطردت :
" ما الذى يشغل تأملك هكذا ؟ هل تفكر فى شأن علاقاتك الغرامية ؟ تعلق آمالك بمحبوبتك ( مارفا ) ؟ إنى أعلم كل ما هو بشأن هذا , أيها المسلم ! أصدقاء أخيار قد نبهونى من غفلتى ! آ ه ه ... أيها الهمجى ! "

وصفعته على وجهه . خرج من جلسة المنضدة , وهو لا يشعر بالأرض تحت قدميه , وبدون أن يرتدى قَلَنْسُوَّته أو معطفه , جعل طريقه إلى ( فانكن ) . و وجده بالبيت .
وجه ( أهينيف ) كلامه لـ ( فانكن ) :
- " أيها الوغد ! لماذا لطخت وجهى بالطين أمام كل المدينة ؟ لماذا جعلت تلك الوشاية تنتشر عنى ؟ "

- " أية وشاية ؟ عن ماذا تتكلم ؟ "
-"من الذى نشر إشاعة تقبيلى لـ ( مارفا ) ؟ أليس هو أنت ؟ قل لى . ألم يكن أنت ؟ , أيها اللص ! "
( فانكن ) نظر بدهشة بعينين طارفتين , ونزع من نفسه كل رمز دال على العنف والثورة , وبدا رزيناً , وأعاد عينيه لتنظر إلى التمثال الذى يعبده , وقال بألفاظ واضحة ومتسقة :
" يلعننى إلهى ! يجعلنى أعمى ويقتلنى , إذا كنت قد قلت كلمة مفردة عنك ! من الممكن أن أُشَرَّد , أو أُصاب بمرض أسوأ من الكوليرا لو قلت ذلك عنك ! "

إخلاص وصدق ( فانكن ) كان غير قابل للارتياب , لقد كان من البين أنه ليس هو مخترع الوشاية .
تساءل ( أهينيف ) فى تعجب :
ولكن من إذن ؟ , من ؟! " , وظل يسترجع بعقله ويمر على كل معارفه الشخصية , ويضرب نفسه على صدره ويقول :
" من إذن ؟! "



أنطون تشيكوف
ترجمة أحمد صادق

آخر تعديل achelious يوم 03/08/2008 في 15:03. السبب: تنسيق
  رد مع اقتباس
قديم 17/07/2008   #13
شب و شيخ الشباب saman
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ saman
saman is offline
 
نورنا ب:
Aug 2006
المطرح:
اليأس !
مشاركات:
2,220

إرسال خطاب MSN إلى saman إرسال خطاب Yahoo إلى saman
افتراضي


هههههههههههههههههه
عنجد فظيفة ... بصراحة هي اول مرة بقراها ...
ميرسي كتييييير أخيليوس ...

الكلُّ سفّاح و ابنُ سفّـاح
.
القومُ أبناء القومِ يا صــاح
.
عندهم الدّينُ زهقُ أرواح
.
والذّبحُ للنّاس نهجُ إصْلاح
  رد مع اقتباس
قديم 17/07/2008   #14
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : M.E.e.R.O عرض المشاركة
هههههههههههههههههه
عنجد فظيفة ... بصراحة هي اول مرة بقراها ...
ميرسي كتييييير أخيليوس ...
WelcOme M.E.e.R.O
كترن..
  رد مع اقتباس
قديم 18/07/2008   #15
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي وفاة موظف


ذات مساء رائع كان ايفان ديمتريفيتش تشرفياكوف ، الموظف الذي لا يقل روعة، جالساً في الصف الثاني من مقاعد الصالة ، يتطلع في المنظار إلي ( أجراس كورنيفيل ). وراح يتطلع وهو يشعر بنفسه في قمة المتعة ، وفجأة... وكثيرا ما تقابلنا (وفجأة) هذه في القصص. والكُتّاب علي حق ، فما أحفل الحياة بالمفاجآت ! وفجأة تقلص وجهه ، وزاغ بصره ، واحتبست أنفاسه... وحول عينيه عن المنظار وانحني و... آتششش!!! عطس كما ترون ، والعطس ليس محظورا علي أحد في أي مكان ، إذ يعطس الفلاحون ، ورجال الشرطة ، بل وحتي أحيانا المستشارون السريون . الجميع يعطس ، ولم يشعر تشرفياكوف بأي حرج ، ومسح أنفه بمنديله ، وكشخص مهذب نظر حوله ليري ما إذا كان قد ازعج أحدا بعطسه ، وعلي الفور أحس بالحرج . فقد رأي العجوز الجالس أمامه في الصف الأول يمسح صلعته ورقبته بقفازه بعناية ويدمدم بشيء ما . وعرف تشرفياكوف في شخص العجوز الجنرال بريزجالوف الذي يعمل في مصلحة السكك الحديدية .
وقال تشرفياكوف لنفسه : - لقد بللته... انه ليس رئيسي ، بل غريب ، ومع ذلك فشيء محرج ينبغي أن اعتذر .
وتنحنح تشرفياكوف ومال بجسده إلي الامام وهمس في اذن الجنرال :
- عفوا يا صاحب السعادة ، لقد بللتكم.. لم أقصد .
- لا شيء ، لا شيء .
- أستحلفكم بالله العفو . انني.... لم أكن اريد !
- أووه، اسكت من فضلك ! دعني أصغي !
وأحْرَج تشرفياكوف فابتسم ببلاهة ، وراح ينظر إلي المسرح . كان ينظر ولكنه لم يعد يحس بالمتعة ، لقد بدأ القلق يعذبه ، وأثناء الاستراحة اقترب من بريزجالوف وتمشي قليلا بجواره ، وبعد أن تغلب علي وجله دمدم :
- لقد بللتكم يا صاحب السعادة.. اعذروني.. انني لم أكن اقصد أن...
فقال الجنرال:
- أوووه كفاااك ! أنا قد نسيت وأنت مازلت تتحدث عن نفس الامر ! .
وحرّك شفته السفلي بنفاد صبر .
وقال تشرفياكوف لنفسه وهو يتطلع إلي الجنرال بشك :
( يقول نسيت بينما الخبث يطل من عينيه... ولا يريد أن يتحدث... ينبغي أن أوضح له انني لم أكن أرغب علي الاطلاق... وأن هذا قانون الطبيعة ، وإلاّ ظن أنني أردت أن أبصق عليه ، فإذا لم يظن الآن فسيظن فيما بعد ! ) .
وعندما عاد تشرفياكوف إلي المنزل روي لزوجته ما بدر عنه من سوء تصرف . وخُيِّل إليه أن زوجته نظرت الي الأمر باستخفاف ، فقد جزعت فقط ، ولكنها اطمأنت عندما علمت أن بريزجالوف ( غريب ) .
- ومع ذلك اذهب إليه واعتذر... وإلاّ ظن أنك لا تعرف كيف تتصرف في المجتمعات ! .
- تلك هي المسألة ! لقد اعتذرت له ، ولكنه... كان غريبا... لم يقل كلمة مفهومة واحدة... ثم إنه لم يكن هناك متسع للحديث .
وفي اليوم التالي ارتدي تشرفياكوف حُلّة جديدة ، وقص شعره ، وذهب إلي بريزجالوف لتوضيح الأمر... وعندما دخل غرفة استقبال الجنرال رأي هناك كثيراً من الزوار ورأي بينهم الجنرال نفسه الذي بدأ يستقبل الزوار ، وبعد أن سأل عدة أشخاص رفع عينيه إلي تشرفياكوف . فراح الموظف يشرح له :
- بالأمس في ) اركاديا ) لو تذكرون يا صاحب السعادة عطست و... بلّلتكم من غير قصد.. اعتذر..
- يا للتفاهات.. الله يعلم ما هذا ! .
وتوجه الجنرال إلي الزائر التالي : - ماذا تريد ؟ .
وفكر تشرفياكوف ووجهه يشحب: ( لا يريد أن يتحدث ... إذن فهو غاضب.. كلا ، لا يُمكن أن ادع الأمر هكذا.. سوف اشرح له...) .
وبعد أن أنهي الجنرال حديثه مع آخر زائر واتجه إلي الغرفة الداخلية ، خطا تشرفياكوف خلفه ودمدم :
- يا صاحب السعادة ! إذا كنت أتجاسر علي ازعاج سعادتكم فإنما من واقع الإحساس بالندم !. لم أكن أقصد ، كما تعلمون سعادتكم ! .
فقال الجنرال وهو يختفي خلف الباب :
- إنك تسخر يا سيدي الكريم ! .
وفكر تشرفياكوف : ( أية سُخرية يمكن أن تكون ؟ ... ليس هنا أية سخرية علي الاطلاق ! جنرال ومع ذلك لا يستطيع أن يفهم ! ... إذا كان الأمر كذلك فلن اعتذر بعد لهذا المتغطرس. ليذهب الي الشيطان ! ...سأكتب له رسالة ، ولكن لن آتي اليه... أقسم لن أتي ) ! .
هكذا فكر تشرفياكوف وهو عائد إلي المنزل . ولكنه لم يكتب للجنرال رسالة . فقد فكر وفكر ولم يستطع أن يدبّج الرسالة . واضطر في اليوم التالي إلي الذهاب بنفسه لشرح الأمر . ودمدم عندما رفع إليه الجنرال عينين متسائلتين :
- جئت بالأمس فأزعجتكم يا صاحب السعادة ، لا لكي أسخر منكم كما تفضلتم سعادتكم فقلتم. بل كنت اعتذر لأني عطست فبللتكم... ولكنه لم يدر بخاطري أبدا أن أسخر وهل أجسر علي السخرية؟ فلو رحنا نسخر ، فلن يكون هناك احترام للشخصيات إذن..
وفجأة زار الجنرال وقد ارتعد وأرعد :
- أخرج من هنااا !! .
فسأل تشرفياكوف هامسا وهو يذوب رعبا :
- ماذا ؟ .
فردد الجنرال ودق بقدمه :
- أخرج من هنااا !! .
وتمزّق شيءٌ ما في بطن تشرفياكوف . وتراجع إلي الباب وهو لا يري ولا يسمع شيئا ، وخرج إلي الشارع وهو يجرجر ساقيه.. وعندما وصل آليا الي المنزل استلقي علي الكنبة دون أن يخلع حُلته... ومات.

أنطون تشيكوف

آخر تعديل achelious يوم 03/08/2008 في 15:06. السبب: العنوان
  رد مع اقتباس
قديم 19/07/2008   #16
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي الحرباء


بمعطفه الجديد ؛ وبشيء ما يتأبطه يلجُ العريف " آخميلوف " باحةَ السوق يتبعه شرطيٌّ ذو شعر أحمر ، حاملاً ما صادراه من فاكهة .. الصمت يشيع في الأرجاء ، وليست ثمّة حركة جلّية .. أبوابُ المحلات ونوافذها مواربةٌ علىَ سعتها مثل أفواه جائعة تحدّق بأسى لدنيا الله .
علىَ نحوٍ مباغت تٌمزّق أستار الصمت صرخةُ : " هكذا تريد أن تعضّني أيها الكلب الملعون . هذا زمان ما عاد للكلاب حرّية عضّ الآخرين .. آه !.. آه أوقفوه !.
يندلع نباحٌ متواصل .. تتوجّه أنظار " آخميلوف " ناحيةَ الصوت .. هناك كلبٌ برجلٍ عرجاء يفرٌّ هارباً من ناحية " مخزن أخشاب بنجوجن " ملاحَقاً مِن قبل رجلٍ ذي قميص أبيض يحاول الإمساك به فيتعثّر ساقطاً .. غير أنّه يفلح في القبض عليه من قائمتيه الخلفيّتين .. يعوي الكلبُ ومعه تستمرُ صيحاتُ الرجل .
وجوهُ بعيونٍ ناعسةٍ تطلُّ من نوافذ المحلات ؛ تُطالع حشداً بشرياً التأم سريعاً كأنّه انبثقَ من ثنايا الأرض .
- " أتعتقد أنّ من الضروري توجيه اللوم والتوبيخ لتجمّع ٍغير مسموح به كهذا ؟ ".. يحاور آخميلوف شرطيَّهُ .
يستديرُ يساراً ويخطو باتجاه الحشد جوار الباب الرئيس لمخزن الأخشاب ، يشاهد الرجلَ ذا القميص الأبيض يرفع يداً عارضاً على العيون المُبحلِقة إصبعاً مُدمّىَ فيما وجهه يشي بتعابيرِ رجلٍ شبه مخمور : " إنتظر ! .. سأجعلك تدفع الكثير مقابل هذا ، أيها الشيطان " .
وسرعان ما يتعرّف أخميلوف على الرجل : إنّه " كريوكين " ؛ مثلما يشاهد الكلب خالقَ الجلبةِ يرتجفُ وسط الحشد وقائمتاه الأماميتان ممدودتان ..كلبٌ أبيض تُبقّع ظهرَه بقعةٌ صفراء ، عيناه تمتلئان بتعابير الخشية والقلق .
- " ما الخَطب ؟ ! " .. يروح أخميلوف يتساءل ، صانعاً طريقاً له وسط الحشد " . لماذا تقف هنا ؟ وما الذي جرىَ لإصبعك ؟ ومن كان يصرخ ؟ "
- أنا .. لم أمَسَ أحداً .. ينطقُ "كريوكين" ثم يواصل "كنت أتجول في غابة ديمتري ديمتريفتش ، هناك عندما هاجمني هذا الكلب المتوحش وعضّ اصبعي .. ليس لديَّ يا سيدي غير هاتين اليدين أعمل بهما ، وعضّةُ هذا الكلب ستوقفني عن العمل لفترةٍ لا تقل عن سبعة أيام ، لهذا على صاحبه أن يدفع لي تعويضاً ؛ ألا يوجد في القانون ما ينبغي تحمله من تبِعات مخاطر الحيوانات ، لانّه لو تُرِك لكلِّ حيوان حريةَ العضّ والفتك بالآخرين فلن يبقَ أحدٌ علىَ قيدِ الحياة في هـذا العالم"
بصرامةٍ ظاهرة يرتفعُ حاجبا العريف أخميلوف ويهبطان :
- مَن هو صاحب هذا الكلب ؟ .. لن أسمح لمثلَ هكذا خروقات أن تحدث وتستمر . إنَّ على الجميع أن لا يتركوا كلابَهم طلقيةً كما تشاء ، لقد ولّىَ الزمن الذي يُترك فيه مَنْ لا يُطيع القوانين سأعاقب مالكَ هذا الكلب ، وسأعُلِّمه من أنا . يستدير إلى الشرطي المرافق :
- يا يلديرين ، تحرَّ عمّن يكون صاحب هذا الكلب .. هذا الكلب يجب أن يُقتل .. إفعل ذلك سريعاً ، فقد يكون مسعوراً .. على أي حال لمن هذا الكلب ؟
- يبدو أنّه كلبٌ الجنرال ييجالوف .. ينطُقُ أحدٌ من الحشد .
- للجنرال ييجالوف ؟ ها !.. يالديرين ، إخلع معطفي ! .. ما هذا الحر الشديد ! من المحتمل أن تمطر هذا اليوم .. يوجد ثمة شيء لا أفهمه كيف عضّك هذا الكلب ؟ يتوجه العريف أخميلوف إلى "كريوكين" متساءلاً . "وكيف طال أصبعك ، إنّه كلبٌ صغير بينما أنتَ رجلٌ كبير ؟ .. ربّما فعلت ذلك بنفسك وأدّعيت جرحك من فعل هذا الكلب المسكين سعياً للحصول على مال .. أعرفكم أيها الشياطين !!
- " أطفأ السيجارة في وجه الكلب لكن الكلب ليس غبياً فعضّه ، ياسيدي . " يتفوه الشرطي يلديرين .
- تكَذٌب ! .. ما شاهد مثل هذا ، يا سيدي ما شاهد مطلقاً .. ولكنْ دعْ الحاكم يقررّ ، القانون يؤكد بسواسية الجميع في هذا العهد ؛ ولي أخٌ يعمل في قسم الشرطة فإنْ لم ..
- توقف !
- " كلاّ ! هذا ليس كلب الجنرال "يقول الشرطي يلديرين مُظهراً إهتماماً ، " لا يملك الجنرال كلباً كهذا ، هذا كلبٌ لا يمُت إلى كلابه بشيء ".
- أمتأكد من ذلك ؟ " يسأل العريف أخميلوف .
- نعم ، كلّ التأكيد .
- وأنا متأكد أيضا .. كلابٌ الجنرال غالية الثمن ، أما هذا الكلب فليس له شعر مقبول ولا شكل يُعتَد به لماذا يقتني الناس كلاباً قميئة .. لو كان في بطرسبورج أو موسكو مثل هذه الكلاب هل تخمن ما يحدث ؟ لن يجهدوا أنفسهم في البحث في فقرات القانون للتخلّص منها ، بل يصنعون لها نهاية سريعة .. " ياكريوكين " لا شكّ أنك تعاني من ألم الجرح لذلك سوف لا أترك الأمرَ يجري عادياً ، سألقّن مالكي هذه الكلاب درساً .. ولكن يبتسم أخميلوف مفكِّراً ! أعتقد أنني شاهدتُ هذا الكلب في باحة الجنرال .
- "طبعاً ؛ إنه كلب الجنرال " يأتي صوت من عمق الحشد .
- يالديرين ؛ ساعدني .. ألبسني معطفي وخذ الكلب إلى الجنرال تأكد إن كان له أم لا. قل وجدته في الطريق فأتيت به ؛ قدم لهم رجاءً ؛ إرجوهم أن لا يتركوا الكلب في الشارع ، لأنه كلب ثمين وقد يرتكب أحدهم حماقة فيطفئ سيجارة في خطمه فيتسبب في إيذائه ، الكلب مخلوق رقيق .. وانت أيها الغبي .. أخفضْ يدك فلا ضرورة لعرض إصبعك السخيف ، إنها حماقتك .
- ها هو طباخ الجنرال ، دعونا نستفهم منه .. مرحباً بروخور تعال هنا للحظة ، إنظر هل هذا كلبكم ؟ !
- هذا ! .. لم نقتن مثل هذه الكلاب في حياتنا أبداً .
- هذا كلب لا يستحق السؤال عنه .. يتمتم أخميلوف .. متشردٌّ وينبغي قتله .
- كلا .. ليس لنا مطلقاً ، بل هو عائد لأخ الجنرال الذي وصل إلى المدينة توّاً . سيدي لا يفضِّل هذه الأنواع ، إنما أخوه من يرغبها .
- هكذا إذاً أخوه فلاديمير إيفانوفيتش وصل إلى هنا " يتساءل أخميلوف بمحّياً مُشرق وابتسامة تغمر وجهه : " حسناً ، حسناً ، لم أكن أعرف ذلك . " إذاً هو في زيارة لمدينتنا !
- نعم ، ياسيدي في زيارة ،
- حسناً ، حسناً وهذا هو كلبه ، أنا مسرور جداً خذه ! يا لهُ من كلب صغير وبارع ، سريعاً أمسك باصبع هذا الرجل ها .. ها .. ها ، لماذا ترتجف أيها الكلب الصغير .. لم تفعل شيئاً يستحق الخوف ؛ وهذا الرجل وغدٌ وشرير..
ينادي "بروخور" على الكــلب ويذهب به بينما يوجه أخميلوف تهديداتــــه إلى "كريوكين" . يحكم شدّ معطفه على جسده ثم يتخذ طريقه إلى داخل السوق يتبعه الشرطي يلدرين حاملاً الفاكهة المصادرة ..

أنطون تشيكوف
  رد مع اقتباس
قديم 20/07/2008   #17
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

Wink الصبي الشرير


هبط إيفان إيفانيتش لابكين، الشاب اللطيف الهيئة وأنا سيميونوفنا زامبليسكايا، الشابة ذات الأنف الصغير المقعي، على الشاطئ المنحدر، وجلسا على أريكة . وكانت هذه الأريكة تقوم قرب الماء تماما، وسط خمائل الصفصاف اليافعة الكثيفة . مكان ساحر ! ما إن تجلس هنا حتى تختفي عن العالم، فلا تراك إلا الأسماك والعناكب المائية الراكضة كالبرق فوق صفحة المياه . وكان الشاب والشابة مزودين بالسنانير والشباك وعلب ديدان الطعم وغيرها من أدوات الصيد . وما إن جلسا حتى شرعا على الفور في صيد السمك . وبدأ لابكين يقول وهو يتلفت : - كم أنا سعيد بأننا أخيرا أصبحنا وحدنا..أريد ان أقول لك الكثير يا آنا سيميونوفنا..الكثير جدا..عندما رأيتك أول مرة..سنارتك تغمز..أدركت عندها لأري غرض أحيا، أدركت أين معبودي الذي ينبغي أن أكرس له كل حياتي الكادحة الشريفة .. يبدو أنها سمكة كبيرة تغمز .. ما إن رأيتك حتى أحببتك، لأول مرة، أحببتك حبا جارفا ! انتظري لا تجذبي، دعيها تغمز.. خبريني يا عزيزتي، استحلفك، هل أستطيع أن آمل – لا بأن تبادليني الحب، كلا فأنا لا استحق، أنا حتى لا أجرؤ على التفكير في ذلك، هل أستطيع أن أطمع في...اسحبي!
رفعت آنا سيميونوفنا يدها عاليا بالسنارة وشدتها وصرخت . ولمعت في الهواء سمكة فضية خضراء . - يا إلهي ، فرخ ! آي ، آه .. أسرع ! أفلتت ! أفلتت السمكة من السنارة، وتلوت على العشب قافزة نحو محيطها و .. غاصت في الماء ! .
وبينما كان لابكين يطارد السمكة أمسك عفوا بذراع آنا سيميونوفيا بدلا من السمكة، عفوا ضمها إلى شفتيه ...وشدت هي ذراعها، ولكن بعد فوات الآوان : فقد انطبقت الشفتان عفوا في قبلة.
حدث ذلك عفوا . وتلت القبلة قبلة أخرى، ثم الأيمان والتأكيدات .. يا لها من لحظات سعيدة ! ولكن ليس هناك شيء سعيد بصورة مطلقة في هذه الحياة الدنيوية، فالشيء السعيد عادة يحمل في طياته السم، أو يسممه شيء ما خارجي . وهذا ما كان في هذه المرة أيضا . فبينما كان الشاب والشابة يتبادلان القبلات سمعا فجأة ضحكا . نظرا إلى النهر وأصابهما الذهول :
فقد كان هناك صبي يقف في الماء عاريا مغمورا حتى وسطه . كان ذاك هو التلميذ كوليا شقيق آنا سيميونوفنا، كان واقفا في الماء ينظر إلى الشاب والشابة وهو يبتسم بخبث، وقال : -أه .. تتبادلان القبل ؟ طيب ! سأقول لماما.
فدمدم لابكين وهو يتضرج بالحمرة .
- آمل بأنك إنسان شريف .. إن التلصص شيء وضيع، والوشاية شيء منحط، كريه .. أعتقد أنك إنسان شريف ونبيل.
فقال الإنسان النبيل : - هات روبلا وعندئذ لن أقول ! وإلا فسأقول.
وأخرج لابكين من جيبه روبلا وأعطاه لكوليا، وضم هذا قبضته المبللة على الروبل، وصفر ثم سبح مبتعدا.
ولم يعد العاشقان الشابان إلى تبادل القبلات بعد ذلك في هذا اليوم .
وفي اليوم التالي جلب لابكين أصباغا وكرة من المدينة لكوليا، وأهدته أخته كل علب الأدوية الفارغة التي كانت تمتلكها . ثم اضطرا إلى إهدائه أزرار أكمام قميص بوجوه كلاب . ويبدو أن هذا كله أعجب الصبي الشرير، ولكي يحصل على المزيد مضى يراقبهما . وأينما ذهب لابكين وآنا سيميونوفيا كان يذهب . ولم يتركها دقيقة واحدة .
وصر لابكين على أسنانه وقال : - وغد ! ما أصغره ومع ذلك فياله من وغد كبير !
- ترى كيف سيصبح فيما بعد ؟!
وطوال شهر يونيو نغص كوليا على العاشقين المسكينين حياتهما . كان يهددهما بالوشاية، ويراقبهما ويطالب بالهدايا. ولم يكن يكفيه ما يحصل عليه، وفي آخر الأمر بدأ يتحدث عن ساعة جيب .. فماذا ؟.. اضطرا أن يعداه بساعة .
وذات مرة ، أثناء الغداء عندما قدموا البسكوت المحشو بالحلوى قهقه كوليا فجأة وغمز بعينه وسأل لابكين : - أقول ؟ هه؟
واحمر لابكين بشدة؛ وبدلا من البسكوت راح يمضغ الفوطة، وهبت آنا سيميونوفيا واقفة من أمام المائدة وركضت إلى غرفة أخرى .
وظل العاشقان في هذا الوضع حتى آخر أغسطس، حتى ذلك اليوم الذي طلب فيه لابكين، أخيرا، يد آنا سيميونوفنا .
أوه كم كان يوما سعيدا فبعد أن تحدث لابكين مع والدي العروس وحصل على موافقتهما، كان أول ما فعله أن انطلق إلى الحديقة ومضى يبحث عن كوليا، وعندما وجده كاد يبكي من الفرحة وأمسك بهذا الولد الشرير من أذنه . وجاءت آنا سيميونوفنا ركضا . فقد كانت هي الأخرى تبحث عن كوليا، وأمسكت بأذنه الثانية .. كان ينبغي أن تروا أية متعة ارتسمت على وجهي العاشقين عندما راح كوليا يبكي ويضرع إليهما : - يا أحبائي، يا أعزائي، لن أعود إلى ذلك . آي، آي، سامحاني .
وبعد ذلك اعترافا بأنهما لم يشعرا أبدا طوال فترة حبهما بمثل هذه السعادة، بمثل هذه المتعة الغامرة، التي أحسا بها عندما كانا يشدان أذني هذا الولد الشرير .

أنطون تشيكوف
ترجمة الدكتور أبو بكر يوسف

آخر تعديل achelious يوم 20/07/2008 في 17:03.
  رد مع اقتباس
قديم 20/07/2008   #18
صبيّة و ست الصبايا The morning
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ The morning
The morning is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
Chicago
مشاركات:
7,423

افتراضي


هههههههه ..
جميـله و مضـحكه القصه و احلى مقطع تبع شد الادن
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 09:27 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.18449 seconds with 12 queries