أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > اللاهوت المسيحي المعاصر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 28/09/2006   #1
شب و شيخ الشباب Forever
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Forever
Forever is offline
 
نورنا ب:
Apr 2006
مشاركات:
163

افتراضي ليس دفاعاً عن البابا بندكتوس السادس عشر(1)


ليس دفاعاً عن البابا بندكتوس السادس عشر(1)
د.عبدالخالق حسين

الجزء الاول

أجل، لا أريد هنا الدفاع عن البابا بنديكتوس السادس عشر، فهو بالتأكيد ليس بحاجة إلى دفاعي، إذ معه أكثر من مليار مسيحي كاثوليكي يقدسونه وغير كاثوليكي يقفون معه ويدافعون عنه. كما هو ليس بالإنسان العادي الذي لا حول له ولا قوة، بل هو فيلسوف محترف وثيولوجي متبحر في الديانات المختلفة، إذ كان أستاذاً في اللاهوت في جامعة بون (1969-1971) قبل أن يتفرغ للمناصب الكنسية ليتدرج إلى رئاسة البابوية. ولكني أرى في هذا المجال أن الإسلام هو الذي يحتاج إلى الدفاع عنه وخلاصه من شرور الإسلامويين المتطرفين الذين اختطفوا الدين وجعلوه وسيلة لتحقيق أغراضهم السياسية الشريرة وأظهروه للعالم وكأنه دين للأشرار يبيح قتل الأبرياء بالجملة دون وازع من ضمير أو رادع من إخلاق.

لا شك أن يتفق معي كل عاقل أن الإسلامويين اختطفوا الإسلام ووضعوا المسلمين في حالة مواجهة دموية مع العالم المتحضر، معتمدين على بعض النصوص القرآنية التي أطلقوا عليها (آيات السيف)، واستخدموها ذريعة للبطش بالناس الأبرياء ممن يختلف عنهم في الدين والمذهب أو لا يجاريهم في تطرفهم وجرائمهم وذلك لعجزهم وجهلهم في قراءة هذه النصوص وفق متطلبات العصر ومواكبة الحضارة البشرية. وهكذا أسسوا منظماتهم الإرهابية باسم الدين مثل منظمة القاعدة وطالبان وغيرهما، ونجحوا في إقامة دول إرهابية مثل حكومة طالبان في أفغانستان وحكومات مارقة في إيران والسودان. فراح المتطرفون الإسلامويون يستغلون مشاعر المسلمين البسطاء لتوجيهها نحو أغراضهم الخاصة وتهديد العالم بهم.
فقبل عام استغلوا الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد (ص) لرسام مغمور نشرها في صحيفة دنماركية غير مشهورة حتى في بلادها، فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، حتى صارت الصحيفة أشهر من نار على علم. واستغل المتطرفون تلك الرسوم لأغراضهم فقادوا الجماهير المغيب وعيها إلى العدوان على الأبرياء وعلى المسيحيين في بلدانهم وحرق السفارات الدنمركية، بل وحتى النرويجية التي لا علاقة لها بتلك الرسوم، كما حصل في دمشق وبيروت وطهران. وفي الثمانينات من القرن الماضي صعدوا سلمان رشدي، الروائي البريطاني المغمور الذي لم يكن معروفاً آنذاك إلا في وسط ضيق، فجعلوا منه أشهر روائي تترجم رواياته إلى معظم لغات العالم فحقق منها أرباحاً خيالية بفضل غوغائية الشارع العربي والإسلامي ضد روايته (آيات شيطانية). وبهذه التصرفات الهستيرية اللامعقولة وجّه المتطرفون المسلمون أشد الإساءات إلى دينهم وقدموا أفضل الخدمات لمن اعتقدوا أنهم أساءوا لمشاعرهم.

والآن تكررت المهزلة بمناسبة محاضرة فلسفية أكاديمية بحتة ألقاها البابا بنديكيت السادس عشر، في جامعة ريجنزبورغ في ألمانيا مساء 12/9/2006، بعنوان (الدين والعقل والجامعة، ذكريات وانعكاسات)، يستعيد البابا فيها ذكرياته في الجامعة عندما كان طالباً يدرس الدين والفلسفة فيها، ثم صار أستاذاً في اللاهوت. وقد اطلعت على هذه المحاضرة المنشورة على موقع (شفاف الشرق الأوسط) باللغتين العربية والإنكليزية واستمتعت بقراءتها.
ففي هذه المحاضرة، تطرق البابا إلى أخطر قضية تهم العصر، ألا وهي العلاقة بين الأديان والفلسفة والإخلاق والعلوم والمنطق والإيمان بالله، والصراع بين الحضارات، ودور هذه المجالات المعرفية في التقارب بين الشعوب ونشر السلام على الأرض، وهل يمكن فرض الإيمان بالله والدين على الناس بالقوة أم بالإقناع والمنطق؟ وأي إله نتحدث عنه، وما الفرق بين إله الأديان الإبراهيمية (السماوية) وإله فلاسفة الإغريق؟ ولم تخل محاضرته من نقد إلى المسيحية نفسها عبر التاريخ وخاصة في القرون الوسطى وما عانى الفاسفة الإصلاحيون من اضطهاد على يد الكنيسة. وهكذا وجدت المحاضرة ليست جديرة بالقراءة فحسب، بل ومحفزة على التفكير والتأمل واستنباط الدروس والعبر منها، وخاصة لرجال الدين المسلمين والإسلامويين لإعادة النظر في كثير من مسلمّاتهم من النصوص وتفسيرها وفق سياقها التاريخي والعمل على ملاءمتها لتناسب متطلبات العصر على ضوء ما حصل من تطور مذهل في هذا الزمن. فكل شيء يتغير، بما فيه التعاليم الدينية، والجمود العقائدي يقود إلى الانقراض.
ولكن بدلاً من دراسة هذه المحاضرة القيمة دراسة عقلانية والاستفادة منها، راح المتطرفون المسلمون ومعهم مع الأسف المعتدلون، رافعين عقيرتهم صارخين بالويل والثبور ضد البابا والمسيحيين واليهود "أحفاد القردة والخنازير" على حد تعبيرهم، وكأنهم أعطوا عقولهم إجازة أبدية وأطلقوا العنان لمشاعرهم البدائية بحجة التجاوز على الإسلام. ولم أر في هذه المحاضرة أي تجاوز، لا على الإسلام ولا على أي ديانة أخرى، بل مراجعة تاريخية والدعوة إلى كيفية العمل على التقارب بين الشعوب والحضارات بالعقل والحكمة والمنطق وليس بالقوة والإرهاب. طبعاً يبدو هذا الكلام مرفوض من شريحة من المسلمين الذين جعلوا من الإرهاب والعنف وسيلتهم الوحيدة في تحقيق مآربهم الشريرة باسم الله والإسلام.
نحن لا نستغرب من قادة الأحزاب الإسلاموية ومروجي الإرهاب أن يثيروا كل هذا الصخب ويحركوا الغوغاء في الشارع العربي والإسلامي ضد البابا والمسيحيين في العالم، ولكن استغرابنا هو من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم معتدلين، فبدلاً من أن يتعاملوا مع الأزمة بعقلانية وتهدئة الوضع، ركبوا موجة العنف وانضموا إلى المتطرفين وشاركوهم في صب الزيت على النار وبذلك قدموا خدمة مجانية إلى الإرهابيين الإسلامويين. وبطبيعة الحال، هذا لا يخدم الإسلام ولا التقارب بين الأديان بل يزيد النار اشتعالاً وتؤكد على ما يسمى بصدام الحضارات.
مقتطفات من المحاضرة:
إكمالاً للفائدة، أقتطف هنا بعض الفقرات من محاضرة البابا التي فجرت كل هذه القنابل في الشارع الإسلامي، من أجل أن نعرف هل تستحق هذه الأقوال كل هذا الضجيج الهستيري وقتل الأبرياء من المسيحيين وحرق الكنائس؟ فكما ذكرت آنفاً، أن المحاضرة كانت تتركز على أفضل الوسائل للتقريب بين الحضارات. وكرجل يحتل قمة الهرم في التراتبية المسيحية الكاثوليكية، المعروفة بالتسامح والسلام، (فمن ضربك على خدك الأيمن أعطيه خدك الأيسر)، لا بد وأن يركز على نبذ العنف ويدعو إلى الإقناع بالعقل والحكمة والمنطق بدلاً من التفجيرات والمفخخات. ولا بد في هذه الحالة أيضاًُ، أن يستشهد المحاضر بالتاريخ وصولاً إلى الحاضر ليصل إلى الاستنتاج الذي يرمي إليه من محاضرته وهو أن العنف لا يحل أية مشكلة بل يفاقمها، وبكلماته: "إن العنف لا يتوافق مع طبيعة الرب وطبيعة الروح". وأضاف البابا قائلاً: "تذكرت كل هذا مؤخرا، حينما كنت أقرأ.. شطرا من حوار دار - ربما عام 1391 في الثكنات الشتوية قرب أنقرة - بين الإمبراطور البيزنطي واسع العلم مانويل باليولوغوس الثاني وفارسي متعلم حول مسألة المسيحية والإسلام، وحقيقة كليهما. وفي المحاورة السابقة.. يتناول الإمبراطور مسألة الحرب المقدسة، ودون الخوض في تفاصيل، من قبيل الاختلاف في المعاملة بين الذين تسبغ عليهم معاملة "أهل الكتاب" والذين يعاملون كـ"كفار"، واجه محاوره باقتضاب مذهل يبلغ مرتبة الفظاظة عند البعض وذلك في تناوله للمسألة المحورية حول العلاقة بين الدين والعنف عامة، إذ قال: "فقط أرني ما أتى به محمد وجاء جديدا، عندها ستجد فقط ما هو شرير ولا إنساني، كأمره نشر الدين الذي نادى به بالسيف". وأضاف البابا في الجزء الختامي لحديثه "القصد هنا ليس هو إعادة التخندق أو النقد السلبي، بل توسيع مفهوم العقل وتطبيقاته". وتابع قائلا "عندها فقط نصبح قادرين على ذاك الحوار الحقيقي للثقافات والأديان الذي بتنا في حاجة ماسة له اليوم" وعن الدين والعقل يضيف البابا قائلاً: "وبعد أن عبر الإمبراطور عن نفسه بهذه القوة، مضى ليشرح تفصيلا لماذا نشر الإيمان بالعنف أمر مناف للعقل والمنطق، فالعنف لا يتفق وطبيعة الله ولا يتفق وطبيعة الروح، فيقول إن "الله لا يسر بالدماء، وليس التصرف بعقلانية مناقض لطبيعة الله، فالإيمان يولد في رحم الروح، وليس الجسد، ومن يهدي إلى الإيمان إنما يحتاج إلى القدرة على التكلم حسنا والتعقل، دون عنف أو تهديد أو وعيد". وفي الختام يقول البابا: إن الهدف هنا ليس إعادة التخندق أو النقد السلبي، بل توسيع أفق مفهومنا عن العقل وتطبيقاته.. عندها فقط نصبح قادرين على الحوار الحقيقي للثقافات والأديان الذي بتنا في حاجة ماسة إليه اليوم."(نقلاً عن تقرير bbcarabic.com).
لم يكتف البابا باقتباس ما يعتقد البعض أنه ضد الإسلام، بل اقتبس أقوال أساتذة من جيله في جامعة بون التي عمل فيها كأستاذ في اللاهوت، حتى ضد الله، مثل قوله: "ولم يكن هذا الإحساس العميق بالإنسجام ضمن عالم العقل يتعرّض للإضطراب حتى حينما أشار أحدهم إلى أنه كان هنالك شيء غريب حول جامعتنا: فهي كانت تضمّ كليّتين مخصّصتين لشيء لا وجود له: وهو الله. وقد ظل مقبولاً بدون جدال، على مستوى الجامعة كلها، أنه حتى بإزاء مثل الشك الجذري (في وجود الله)، فقد ظل ضرورياً ومعقولا ًأن نطرح موضوع الله عبر استخدام العقل، وأن نفعل ذلك في إطار الإيمان المسيحي." (ترجمة بيار عقل، موقع شفاف الشرق الأوسط). كذلك قال البابا: "ويستشهد خوري بعمل العالم الفرنسي المتخصّص بالإسلام، ر. أرنالديز (R. Arnaldez) الذي يذكر أن إبن حزم وصل إلى درجة القول أن الله ليس مقيّداً حتى بكلماته ذاتها، وأن شيئاً لا يلزمه بأن يكشف الحقيقة لنا. ولو شاء الله، فسيكون علينا حتى أن نعبد الأصنام". ويوضح البابا قول بن حزم هذا في مكان آخر بأن ابن حزم أظهر الله بمزاجية متقلبة. فلماذا لم يعترض المسلمون على هذا الاقتباس من بن حزم الذي يظهر الله بمزاجية متقلبة، كما لم يحتجوا على اقتباس أقوال الملحدين بالله وتسامحه معهم؟
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 21:37 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.10410 seconds with 12 queries