أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > اللاهوت المسيحي المعاصر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04/01/2006   #163
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي استفحال المعارضة


" الآخرون يكونون أولين ، والأولون آخرين ! " ( متى 2. : 16 ) . هذه العبارة التي ختم بها يسوع كلامه في " عمال الحادية عشرة " ، لم يكن ليمتعض من سماعها أكثر اليهود المتزمتين . فلقد كانوا يراعون ، بأشد تدقيق ، جميع مراسيم الشريعة ، ويثقون من كونهم ورثة العهود المقطوعة بين الله وإسرائيل ، ويأبون كل الإباء أن يدخل غيرهم من الشعوب في الملكوت الذي يثيب فيه الله أنصاره . وكان لا بد أن تنثلم انثلاماً دامياً ، لمثل تلك الأقوال ، عزتهم القومية – وكانت هي ركيزة إيمانهم – كما كان لابد أن يغتاظوا ، في قرارة معتقدهم ، لما كانوا يشاهدونه في تصرفات يسوع وأتباعه من استخفاف بالمراسيم " الجليلة " التي كان الرابيون قد زينوا بها متون الشريعة الموسوية

. ويبدو أن قضية السبت قد باتت هي المحك ، في اليهودية كما في الجليل . وكان اليهود في أورشليم يعمدون إلى تطبيق نواهي الراحة السبتية ، تطبيقاً حرفياً ، ويتزيدون فيها ، ويبزون ، في ذلك ، إخوانهم في الأقاليم الشمالية ، حيث كان الفريسيون ، على ما يبدو ، أقل عدداً . ولئن كان من الغلواء أن نقول على اليهود إنهم كانوا يحكمون في المرء من طريقة مراعاته لشريعة السبت لا غير ، فإنه من الثابت ، على كل حال ، أنهم كانوا يدينون المخلين بها

. " ففيما يسوع مجتازاً ( يوماً ) رأى رجلاً أعمى منذ مولده " . وكان ذلك ، ولا ريب ، في جوار الهيكل ، حيث كان يتكفف المتكففون ، على حد ما جاء في أعمال الرسل ( 3 : 2 ) . ولا ريب أيضاً أنه كان يطلق في السماء توسلاته . فتحنن عليه يسوع ، " وتفل في الأرض ، وصنع من تفلته طيناً ، وطلى بالطين عيني الأعمى ، وقال له : " امض واغتسل في بركة سلوام ( أي المرسل ) . فمضى واغتسل ، ورجع وهو يبصر بجلاء " ( يوحنا 9 : 1 – 7 ) . كان يعتقد القدامى أن للريق ، ولاسيما ريق الصباح خواص علاجية موصوفة في أحوال الرمد ؛ وقد ذهب إلى إلى ذلك بلينس وسويتون . وكان يسوع ، قبل ذلك ، قد وضع أيضاً من ريقه على عيني أحد العميان في بيت صيدا . وأما العلاج بالطين فنقع على وصفته في قصيدة طبية من الجيل الثالث بعد المسيح ، منسوبة إلى سيرينس سمونيكس . وأما مياه سلوام فكانوا يتبركون بها ، من يوم ورد ثناؤها في سفر أشعياء ( 8 : 6 ) . وكان كل اليهود على علم بأن مياه البركة الحسناء كانت تفد إليها في النفق الذي حفر في الصخر ، في عهد الملك حزقيا ، والذي أطلق عليه اسم " سلوام " أي المرسل ، وسمي النفق كذلك لأنه " يرسل المياه في البركة " … ولكن هل كان اليهود يعتقدون قدرتها الأعجوبية ، كما يعتقدون ذلك لمياه بيت حسدا ؟ لقد ورد في نص إسلامي من الأجيال الوسطى أن كل من يحج إلى أورشليم ، يجب أن يستحم في ماء سلوام " فهي ترد من الفردوس " . وتشاهد اليوم آثار الكنيسة التي شيدتها الملكة إفذوكسيا ، بقرب البركة …

انسان بلا حدود
CHEGUEVARA
انني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا ، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني.
EYE IN EYE MAKE THE WORLD EVIL
"أما أنا فقد تعلمت أن أنسى كثيرًا، وأطلب العفو كثيرًا"
الأنسان والأنسانية
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #164
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


بيد أن الذي أجراه المسيح كان أكثر من علاج طبيعي . وإننا لنتبين بجلاء في النص الإنجيلي ، الهدف الرمزي من استعمال الجناس ما بين لفظتي " المرسل " و " والمرسَل " . وهكذا فقد استخدم يسوع ، لإجراء المعجزة ، نفس المياه التي كان يعترف منها الكهنة لفرائضهم الطقسية ، وافرغ بذلك – مرة أخرى – معنى جديداً على شعائر قديمة …

. ورجع الأعمى، في تلك الأثناء، إلى المدينة مستبشراً . وإذا بلبال عظيم ." أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي ؟ "؛ فكان بعضهم يقول : " إنه هو ! "، وآخرون يقـولون : " لا! ولكنه يشبهه " . وأما هو فكان يقول : " أنا هو ! " ؛ فهبوّا يستنطقونه في شأن المعجزة : كيف صارت ، ومن صنعها ؟ " وكان اليـوم سبتاً " ؛ وتلك هي العقُدة ! وأقبل الفريسيوّن ، هم أيضاً، يستجوبون الرجل . ولعلهّم بالجهد أعفوه من تهمة الاستشفاء نهار السبت ! وعلى كل فالذي جبل الطين بتفلته ، في ذاك النهار المقدّس - ويا للمعثرة !- لا يمكن أن يأتي من الله . فأجابهم الاعمى : بل إنه نبي ! " . فاستدعوا أبويه وأوشكوا أن يلصقوا التهمة بهما، فتملّصا .. . ألا فليقرّ الرجلُ إذن أن الذي أبرأه لا يمكن أن يكون إلاّ خاطئاً . فأجاب : " أيكون خاطئاً ! . . لست أعلم ! إنما أعلم فقط أني كنت أعمى، والآن أبصر ! ". وكاد الفريسيوّن يتميزّون من شدة الغيظ ، ولا سيما بعد إذ قذفهم الرجل ، هازئاً، بهذه الملاحظة المسننّة : " لم تلحـوّن علي السؤال ؟ ألعلكم تريدون أنتم أيضاً أن تصيروا له تلاميذ؟ " . وأمّا يسوع فما حاول أن يتسترّ عن كونه صاحب المعجزة، بل انتهى إلى التصريح بهذه الكلمات السرّيةّ التي عَرفتْ أين تتوجّه : " لقد أتيت إلى هذا العالم لكي يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون ! " . فقال له الفريسيوّن : " أوَ نكون نحن أيضاً عمياناً ؟ " ؛ فأجاب يسوع : " لو كنتم عمياناً، لما كان عليكم خطيئة! ولكن بما أنكم تقولون : "إنا نبصر! " "فخطيئتكم ثابتة ! " (يوحنا 9 : 13 - 41 )

. ذاك المثل الذي انطلق من حيزّ الحدث المعين ، إلى رحاب درس عظيم ، يجلو - بأقوى بيان - الصراع المتحفزّ، وما كان يتفجـرّ في صدور الًفريسيين من اضطراب وغيظ . ويشبه حادثة الأعمى، ما يرويه البشير لوقا، في شأن المرأة الحدباء ." فقد كان يسوع يعلم في أحد المجامع ، يوم السبت . وكان هناك امرأة بها روح سقم ، منذ ثماني عشرة سنة . وكانت منحنية لا تستطبع البتة أن تنتصب .فلما أبصرها يسوع ، دعاها وقال لها : " يا امرأة، إنك مُطلْقة من .دائك ". ثم وضع يديه عليها، فاستقامت في الحال ، وجعلت تمجّد الله . بيد أن رئيس المجمع اغتاظ لأن يسوع ابرأ في السبت ، وقال للجمع : " إن لكم ستة أيام للعمل ، ففيها تأتون وتستشفون ، لا في يوم السبت ! ". قال هذا بأعلى صوته ، وكأنه لا يوجّه الكلام إلى يسوع . فأجابه الرب وقال : " يا مراؤون ! أليس كل واحد منكم يحلّ في السبت ثوره أو حماره من المذود، وينطلق به فيسقيه . . . وهذه المرأة، ابنة ابراهيم ، التي ربطها الشيطان ، منذ ثماني عشرة سنة، أما كان ينبغي أن تطلق من هذا الرباط يوم السبت ؟ " (لوقا 13 : 1. – 17 )

! هي نفس أسباب النزاع ، ونفس الصراع القائم بين الآخذين بالحرف ، والآخذين بالروح . وليس هناك بينهم أي مجال للتفاهم . ولا غرو، فهم قاطنو عالمين متبابنن
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #165
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


بيد أن تلك المنازعات اللاهوتية لم تكن لتثير في المستمعن من السخط ما أثاره موقف يسوع تجاه تعصب ذاك الشعب ، وانطوائه العنصري. لقد ارتكب ، ولا شك ، عصياناً بخروجه على شريعة السبت ، وعصياناً أفدح ، بما كان يدّعيه من الاستعلاء على الناموس . ولكنه كان يجرح نفس إسرائيل ، في صميمها، جرحاً أبلغ ، كل مرّة كان يؤكد أن المسيح لن يكون وقفاً على الشعب المختار، وأن الابن الشاطر ينعم بما ينعم به أخوه الفاضل من حق على عطف الآب ،وأن هناك نعاجة أخرى سوف تاوي إلى الحظيرة

سوف نرى ، فيما بعد، إلى أي حدّ ، وبأيّ معنىً ، كان الشعب الاسرائيلي قد انفتح لفكرة الشمول الديني . وأمّا في عهد المسيح ، فما كانت تلك المذاهب الانفتاحية لتصادف كبير رواج في نظر أمّة مذلّلة، خاضعة، على مضض ، لسلطة المُشركين . لقد كانً المشركون ، عند رجل الشارع ، في حكم الأبناء الشاطرين ، لا يليق بهم إلاّ التقوّت بقوت الخنازير . هذا، ولم يكن ، في نظره ، من حظيرة ترعاها عين الله ، سوى الأرض المقدّسة، ومن قطيع سوى الأسباط الاثني عشر. وقـد نفذ يسوع إلى نفسيةّ، ذاك الشعب ، فهبّ يتصدى، - صراحة أو تلميحا- لنزعته الاحتكارية .

. فعندـما يروي لنا البشير لوقا – مثلا- شفاء العشرة البرُص ، عن يد المسيح ، إذ كان ، ذات يوم ، شاخصا من الجليل إلى أورشليم ، وأن السامريّ وحده، من بينهم ، رجع يشكر للمسيح جميله ، فالغاية من ذلك بينة ! فهو إذ يقارن بين موقف ذاك الغريب " الكافر "، وموقف التسعة الآخرين الذين نالوا الشفاء مثله ، يعرف إلى من يهدف ! (لوقا 17 : 11 – 19 ) . كذلك الأمر في مثل " السامريّ الصالح " ؛ فهو ينطوي ، في آن واحد، على عرسٍ في المحبة، وعلى حُكم صريح ! فقد سأل يسوعَ واحدٌ من علماه الناموس ، قائلا: " يا معلم ، ماذا عليّ أن أعمل لأرث الحياة الأبدية ؟ ، فقال له : " ماذا كُتب في الناموس ؟ ماذا تقرأ فيه ؟ " ؛ فأجاب : " أحبب الربّ إلهك ، بكل قلبك ، و كل نفسك ، وكل قدرتك ، وكل ذهنك ، وقريبك كنفسك ! ". فقيه ، لا بأس به ! فقد جمع بين الوصيةّ الأولى الجوهرية، والوصيةّ المدرجة في سفر اللاويين ( 19 : 18 ) والقاضية بمحبة القريب . بيد أن كاتب الناموس أردف مستفهماً : " ومن قريبي؟ " . فأجاب يسوع بمثَلٍ ، صوّر فيه ، بأسطر وجيزة، واحدة من تلك المآسي التي كثيراَ ما كانت تروّع الطريق بين أورشليم وأريحا . وكانت تلك الطريق – وهي قصيرة لا تعدو35 كيلومراً- تنحدر انحدارا سريعاً جدّ اَ (من علوّ ألف متر وأكثـر ، وسط صحراء موحشة، وهضاب جافية، وصخور مبلبلة ، يجتازها عرق جيولوجي من المنجنيز القاني ، فيزيدها هولاً ورهبة . وكان الناس ، إلى أمد قريب ، يهابون التورّط فيها، وقد باتت معقلاً لبنات آوى وأبناء الليل ! واتفق أن رجلاً دُوهم قي تلك المهلكة، وترُك مرَيضّاً على حاشية الطريق ، محشرِجاً، بين حيّ وميت . ولم يكن المارة ليستسيغوا كثيراً التريثّ في تلك الاماكن . فمرّ كاهن ثم لاوي ، فما أنجداه . " ثم إن سامريّاً، في سفـرَ، مرّ به ، فتحننّ عليه . فدنا إليه ، وضمد جروحه ، وصبّ عليها زيتاً وخمراً ، ثم حمله على دابته الخاصة، وأتي به الفندق ، واعتنى به " . ولم يكتف بذلك ، بل أنفق عليه من ماله ، ما يضمن له العناية من بعد انصرافه . .
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #166
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


في منتصف الطربق ، بين أورشليم وأريحا، عند منعطفٍ ما بين الفجاج ، يقوم اليوم " خان " قديم متهدّم ، كان قد اتخذ حصناً، في عهد البيزنطيين والصليبيين ، ولا يزال يرُف ، حتى اليوم ، بفندق السامري الصالح . وأمّا مداواة الجروح بمزيج من الخمر والزيت ، في علاج تقليدي شائع جداَ، ولا يزال مستعملاً قي الشرق ، حتى أيامنا . وأماّ مغزى القصة فقد استخلصه المسيح بكلمة وجيزة : " أي هؤلاء الثلاثة كان قريباً للجريح ؟ " . سؤال لا مناص منه : هو السامريّ ، ذاك " الكافر " ! . . فتصوّر أي حكم هذا ! بمقدار ما نشعر أن المسيح ، في الجليل ، قد تحاشى، جهده ، عن إثارة البلبال ، واستعجال الصراع ، نشعر أن كلامه قد بات في اليهوديةّ – بالعكس – صارماً . فهو يتحدى سامعيه ، أحياناً، بأقوال هي باللطمات أشبه : " سوف تموتون في خطاياكم ! . . أنتم من أسفل وأنا من فوق ! " (يوحنا 8 : 21 –25 ) . وما زالت تشتد، مع الأيام ، قسوة أحكامه ، إلى أن كان ذاك اليوم الرهيب الذي أعْلنَهَم فيه بخراب أورشليم ، تلك النبوءة الكبرى التي كان لا بد للتاريخ أن يحققها – أيما تحقيق ! – على يد الرومان وشفارهم . وكأني بيسوع ، في جميع تصرفاته هذه ، قد أيقن حتميّة الصراع المتحقز فعدل عن كل وسيلة لمجانبته . ولم تكن هناك حتمية وحسب بل ضرورة موجبة : فلقد بدت تلك المعارضة المستفحلة كأنها، بين يديَ العناية الإلهية، آلةً لتنفيذ مقصد علوي قد خفي عن أصحاب تلك المعارضة : ألا وهو، بالذات ، مقصد الفداء ! . .

.. وقد باتت تلك المقاومة، بعد قليل من الزمن ، تنتهز كل فرصة مؤاتية للمجاهرة بذاتها . فعندما وقع عيد التـجديد، في كانون الأوّل ، وعاد الناس ثانية إلى المدينة، راحوا يتـحلقون حول يسوع ، ويطرحون عليه الأسثلة . ولم يكن يسوع ليعمد إلى التهرّب ، لا بل كان يندمج في تلك العادات التي باتُ يجلّها، ويفقه معناها أكثر من كل إنسان آخر ؟ وقد أكّد يوماَ " أن الخلاص يأتي من اليهود " . فلا بأس إذن آن يحتفل الشعب بذكرى تطهير الهيكل ، عن يد يهوذا المكّـابي ، بعد هزيمة اليونانيين ، وينصرف إلى إضاءة المنازل . .. ولكن علام يأبى الرضى بنتائج تلك التقاليد التي مازال مقيماً على ولائها ؟ .

. وراحوا يـلجئون يسوع - أعن هزء أم استطلاع أم اختتال ؟- إلى التَصريح نهائياً بهويتّه الماسويةّ . فأجاب : " لقد قلته لكم ، ولا تصدقون . والأعمال التي أعملها باسم أبي ، هي تشهد لي . غير أنكم لا تصدّ قون لأنكم لستم من خرافي " (يوحنا 1. : 21- 3.) . فقذفوه ، ولا شك ، مرّة أخرى، بتلك التهمة القديمة التي قُذف به في الجليل : أنّ به شيطاناً، وأنّ قدرته مستمدّ ة من إبليس . فبعل زبول - ذاك الإله الكنعاني الذي أمسى شيطاناً في جحيم اليهود - هو الذي يعمل بواسطة يسوع ! فأجابهم ، هادئا : " ليس بي شيطان ! " (يوحنا 8 : 49 ) . وقد حدث يوما، إذ كان يعلّم في الهيكل ، أنّ قوماً من الحاضرين أخذوا حجارة وهموّا برجمه . وأما أتباعه فقد فكّـر اليهود أن يجروا في حقهم قراراً شرعياً يقضي بتنحيتهم عن المجمع : وتلك التنحية (أو الحرم الاكبر) هي عقاب شديد لا يستتبع فقط حجب المذنب عن دخول المجمع ، والاشتراك في الصلاة الجماعية، بل حجز أمواله وإعلان نجاسته
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #167
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


ومع ذلك لم يكن كل اليهود عند هذا الحدّ من التكالب على إهلاك يسوع . ففضلاً عن أولئك الذين استجابوا لندائه ، وأولئك الاصدقاء الذين سوف يخلصون له الوفاء والتضحية ، كان في حزب الفريسيين ذاته نفوس صادقة اتضحت لها براءة النبي . منهم أولئك الذين كانوا قد قصدوه ، وهو بعد في الجليل ، وأعلموه أن هيرودس أنتيباس الوالي يلتمس اغتياله . ( لوقا 13 : 31) . ومنهم أيضاً نيقـودمس ، ذاك الذي جاء يسوع ليلاً ، لدى مروره الأول بأورشليم ، قبل سنة . وإذ كان عضواَ في المجمع ، وكانوا ذات يوم يتباحثون في قضية يسوع - ساعة رجع الشرط من غير ان يَلقوا القبض عليه – تجرّأ وقال : " هل تحكم شريعتنا على إنسان من غير أن تسمع منه أولاً، وتحيط علماً بما فعل ؟ " . فاستنزل عليه ذاك الدفاع تهكّـمات المتعصبين من زملائه : " ألعلك أنت أيضاَ من الجليل ؟ ! " (يوحنا 7 : 5.- 52). بيد أن جرأته هذه قد حسبت له - ولا شك ، - في يوم الدين .

. وأمّا المسيح فكان يوالي السير في وسط تلك المكائد التي لم يكن ليغفل أمرها . ولم يكن عنف الناس ليزُيله عن التوصية بالرحمة، وعن تعهّد أولئك الذين ما فتئوا يتنكرّون له ، بالإحسان والعجائب . وحسب اللّه الحيّ أن يستجيب لندائه صوت واحد، حتى يؤانس في تلك الاستجابة ثوابَ بذله . ففي أخريات أيامه ، عندما شخص إلى أورشليم ليلقى فيها مصيره ، حانت له أيضاً فرصة لإجراء إحدى المعجزات

كان ذلك عند أبواب أريحا الجديدة ، تلك المدينة المغرية التي أهداها أنطونيسُ مصَيفاً للملكة كليوباترة، والتي وسّعها هيرودس وزينّها . ولربما كانت قائمة في جوار الينابيع الرقراقة التي تشاهد فيها حتى اليوم . وكان هناك أعمى ، مع رفيق له ، وقد سما كلاهما إلى المسيح العابر، بذاك الوجه المظلم الذي نتوسّم ملامح ضراعته الحارّة قي إحدى لوحات " بوسّان "

. الشهيرة . وصاح أحدهما قاثلاً : " يا يسوع ابن داود ارحمي ! "؛ وازداد صياحأ : " يا ابن داود ارحمي ! " . ولم يقوَ أحد على ردعه . وكان اسمه برتيماوس ، على ما جاء في إنجيل مرقس . ولا بدّ أن هذا الانجيلي قد تعرف به ما بين جماعة المؤمنن الأولين . فسأله يسوع : " ماذا تريد أن أصنع لك ؟ " ، قال : " أن أبصر، يا سيدي ! "، فقال له يسوع : " أبصر! إن إيمانك قد خلّصك ! " . فإذا بالأعمى يطرح رداءه ويثب آتياً إلى يسوع ! إيمانك قد خلّصك ! هكذا أبصر النورَ رجال كانوا من أشد الناس عمىً ، بل هكذا نبت ، في صحاري اليهودية، بذار سوف يكون له ثمن عظيم ( لوقا 18 :35 ؛ متى 2. : 29 ؛ مرقس 1.: 6 4)
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #168
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي أصدقاء وأتباع


نحن نرى إذن ، في الإنجيل ، بإزاء ذاك السيل من الأحقاد المطويه ، موكبأ من الصداقات والأمانات ، يرافق سعي المسيح. فالمسيح لم يكن وحيداَ على دروب اليهودية ؛ بل نحن نوجس ، من حوله ، لفّاً من الأنصار التابعين ، ومن أولئك الذين سوف يحتفون بدخوله الظافر، يوم الشعانين ، ومن الذين سوف تهيب بهم البطولة إلى مرافقته على طريق الجلجلة ويوم يطلع فجر القيامة

. في طليعة هذه الكوكبة الصحابية، برزت امرأتان : مرتا ومريم ، أختا لعازر الذي أنهضه يسوع من القبر . إن الإنجيل الثالث الذي أورد ذكرهما، بما عُهد فيه من تحفّظ رفيق ، قد أغفل اسم الموضع الذي أضافتا فيه المعلّم (لوقا 1. : 38-42) . بيد أننا نقع أيضاً على ذكر الشقيقتين المخلصتين في الرواية التي أدرجها البشير يوحنا عن إنهاض لعازر . وقد جاء فيها أن القرية تدعى بيت عنيا . وكانت بيت عنيا، لذلك العهد ، قرية مزدهرة وسط أشجار الزيتون والتين . وكانت طريق القوافل الصاعدة من أريحا تمر تحت أسوارها . ومع أنها لم تكن ، من أور!شليم ، إلاّ على بعد ساعة من المسير، فقد كانت تبدو، بموقعها وراء جبل الزيتون ، وفي محيطها الوادع ، نائبةً جدأً عن العاصمة وعن بهارجها الصاخبة . وأما اليوم فلم يبق منها سوى قرية فقيرة جاثمة بين حقول الشعير، وفي وسط أقواسها المتداعية وحنيّاثها المبقورة . فإذا قصدتها سائحاً لج في إثرك أدلاّء يرشدونك إلى خربة هناك ، ما بين الخرائب ، هي - على ما يزعمون - بيت مرتا ومريم . ويبدو أن المسيح قد أقام ، في ذاك المنزل الصديق ، فترة تشرين الأوّل والثاني وكانون الأوّل من سنة 28 . ولا بدّ أن المسيح قد استنسب موقع البيت ، بالقرب من أورشليم ، يقصدها أنىّ شاء من غير أن يبيت فيها، وفي شبه عزلة تقيه شرّ الكائدين . ولا بدّ من الثناء على شجاعة تلك الأسرة التي لم تكن التوعّدات لتصرفها عن إيواء المسيح ضيفاً وصديقاً

. فالمشهد الإنجيليّ الفتّان الذي رسمه فرمير دي دلفت ، في لوحة شهيرة، وأفرغ على أشخاصه الثلاثة مسحة من الجلال والبساطة الوضّاءة، يمكن أن يحتلّ محله ، في خلال تلك الأسابيع القاسية التي تدهم اليهودية، في أذيال الصيف . فالأمطار تهطل فيها بعنف ، لقد قيل : " رعد تشرين أشبه بصوت البوق " . فالسكّـان الذين ألفوا حرّ الهواجر في المشارف ، يبادرون إلى مضارمهم لقد أصابهم القر باكراً .وتنحدر المواشي صوب " غور " الأردن ؛ وأمّا في الصحوات ، فيصبح الفضاء من الروعة والشفوف ، بحيث تنجلي الآفاق الزرق في أصغر دقائقها ؛ فإلى الجنوب جبال موآب ؛ وإلى الشمال الشرقي ، من خلال ثلمة التلال ، جبال الجيرازيين
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #169
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


في ذاك البيت الأليف كان يسوع يوماً، وقد علقت كلّ من ألشقيقتين تبذل له من أصلح ما عندها . فمرتا –وهي الكبرى- هبّت تتم لتجهيز الغرفة، وإحضار الحليب والعسل والتمر، وطهي السمك . وأمّا الصغرى، مريم ، - وما أدق ماوفّق إليه البشير لوقا من إبراز وجه التباين بين المزاجين ! – فقد جلست عند أقدام المعلّم تصغي إليه ، من مجامع قلبها . فساء ربةَّ البيت – وهي في غمرة بذلها- ما بدا لها، من أختها، كسلاً وتهاوناً . فقالت ليسوع : " يا سيدي ، أما تبالي أن أختي قد تركتني أخدم وحدي ! فقل لها إذن لتساعدني ! " . كم من الناس ينهمكون هكذا في شؤون الأرض ، ويذَرون الله يتكلّم ! . . فأجاب يسوع : " مرثا، مرثا ! إنك مهتمة ومضطربة في أمور كثيرة . وإنما الحاجة إلى قليل ، بل إلى واحد ! فمريم قد اختارت النصيب الأصلح، ولن ينزع منها ! " (لوقا 1. : 38-42 ) . أفيكون هذا الكلام –كما قيل من بعد- تنويهاً بحياة التأمل وما فيها من تعارض وحياة العمل ؟ وإن " الحاجة الضرورية الوحيدة "، إنما هي ملكوت اللهً والخلاص ؛ ولا نصادفهما إلاّ عند المساء . وكل ما في العالم من اضطراب ، مهما كان ضرورياً، بل مقدّساً، لا يعادل عبادة صامتة ! .

. هناك حادثة أخرى تروي لنا نشوء إحدى تلك الصداقات التي كان المسيح يملك سرّ اجتذابها، بنظرة واحدة، وبكلمة واحدة . وقد جرى ذلك في أريحا أيضاً، في أواخر اذار سنة 3.، بضعة أيام ، ولا ريب ، قبل مطلع أسبوع الآلام . وكان يسوع قد جاء المدينة، مع تلاميذه . منحدراً من بلاد " بيرية "، حيث كان قد بشّر الشعوب التي لم تكن بعد قد وقفت على أمره . وكان عائداً إلى أورشليم ، حيث كان قد أنهض لعازر منذ أمد غير بعيد . وكان شاخصاً إليها ما بين تلك الجموع المختلطة التي جاءت تقصد المدينة المقدّسة للفصح . وذاع الخبر أنه بين الحجّاج ، فاندفع الناس لمشاهدته ومداناته . وكان هناك إنسان قد أجمع على ذلك أكثر من سواه . فهل تسرّب إلى أعماق نفسه ، مِن أقوال يسوع ، ذاك القدرُ الزهيد الذي كان قد نمى إليه ؟ . . ولكنّ قصر قامته حال دون مرامه ، فذهب به الجمع . .. واذا بفكرة حَضَرتهْ : ففي الساحات ، وعلى حفافي الطرق ، ينبت الجمّيز، وهو شجر ضخم جميل ، تطفو جذوره فوق سطح الأرض ، في شكل أقواس تستند إلى الجذع ، وتسهّل أمرَ التسلق عليه . وثبة، وإذا به بين الأغصان ! فرآه يسوع ، واكتنه معنى ذاك الجهد الذي بذله الرجل ، لا لشيء إلاّ لينظر إليه . وقال له : " إنزل سريعاً، يا زكّا، فاليوم لا بدّ لي من أن أقيم في بيتك ! " . شرف نادر مدهش ! لقد كان زكّا عشاراً، أي واحداً ، ولا ريب ، من أولئك الجباة الذين كانوا يضربون الإتاوة على العطور والأطياب ؛ بل كان أحد زعماء أولئك المكّـاسين الذين اعتادوا ولوج الثروة من باب الوظيفة . وليس من يجهل ما كان رأي اليهود في العشّارين ! . . ومع هذا فقد نزل المسيح في بيت أحدهم ، وأكل على مائدته ، ولم يرعوِ بل راح يطيل المكوث عنده ، ضارباً لمن حواليه مثلاً غاية في الطرافة، وهو مثل الوزنات أو الأمناء ؛ وقد أثنى فيه على حسن استعمال الخيرات التي يعهد بها الله إلينا، والتي لا بدّ ، يومأ، من أن نؤدّي عنها حساباً . ولفت انتباه السامعين ، مرة أخرى، إلى أن ملكوت الله لن يأثي بالصورة التي يتوقعون . .
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #170
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


مشهد حافل بالحياة والأنس والود ! ولقد وُفّق يسوع ، بما تعهّد به ذاك العشّارَ من دلائل الاحترام ، أن يكتسب قلبه ويقوده إلى الله . فقال له زكا : " يا سيدي ! هاءنذا أعطي المساكين نصف أموالي . وإن كنت قد ظلمت أحدآ في شيء ، فإفي أرد أربعة أضعاف ! " . يا للاتضاع ! إنه يحكم على نفسه بما يقضي به الشرع على السارق ! فقال يسوع : " اليوم قد حصل الخلاص لهذا البيت ! ". ثم خلص إلى نفـس النتيجة التي انتهى إليها في شأن متى، ذاك العشّار الآخر : " أن ابن البشر لم يأت ليدعو الصديقين بل الخطأة، وأنه إنما جاء ليطلب ما قد هلك ، ويخلّصه " (لوقا 19 : 1- 28 ؛ متى 25 : 14-3.)

. هكذا كان لغير الحقد، في تلك الحقبة مجال . وأما لفظة " اليهود " التي شاع استعمالها للإشارة إلى أعداء المسيح ، فلا بدّ من تمحيصها . والحق أن البشير يوحنا هو الذي عمّم استعمالها لتأدية ذاك المعنى . ولكننا نعلم اليوم أن الانجيل الرابع دُوّن في حقبة أيقن الميسحيوّن فيها أنهم قد انفصلوا نهائياً عن الجماعة اليهودية، وفي زمن اصطدمت فيه البشارة المسيحيةّ مراراً بالمجمع اليهودي . وأما إذا اعتمدنا الأناجيل المؤتلفة، فنحن لا نشعر بأن المسيح قد صادف في اليهودية عداوة شاملة، كليةّ . فلقد أحبوّا يسوع حباً صادقاً، أولئك الرجال والنساء الذين كانوا يواكبونه على دروب اليهودية، وأولثك الأمهات اللواتي كن يهم يأتينه بأطفالهن ليضع يديه عليهم ، وتلك المرأة المجهولة التي رفعت يومأ من الجموع صوتا، وقالت : " طوبى للبطن الذي حملك !" . فأن يكون هؤلاء قد تخلّفوا عن نصرته ، وجزعوا من مساندته ، فذلك في جبلّة الإنسان ، ولا يدعو إلى الاستغراب . بيد أنهم هم النواة التي نبتت منها كنيسة أورشليم ، تلك الجماعة المقدامة التي عرفت كيف تحفظ للمصلوب ؛ في قلب العاصمة اليهودية، ذكراً خالداً ، والتي وهبت الكنيسة شهيدها الأوّل : اسطفانوس
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #171
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


ولقد كانوا كُـثـرْاَ، أولثك الأصدقاء والأنصار- وقد بلغ عددهم ، من بعد قيامة المسيح ، دفعة واحدة، خمس مئة تلميذ- وقد اختار يسوع من بينهم ، ومنذ مطلع مَقامه في اليهودية، أشباه رسل من الدرجة الثانية، وأوفدهم يحملون الكلمة إلى عدد كبير من المناطق ، كما كان قد أوفد من قبلُ ، تلاميذه الاثني عشر . ونعرف ، من الانجيل الثالث خصوصا ( لوقا 9 : 57-62 ؛ متى 13: 19-22)، كيف كان ينتخب معاونيه ، وما كان يفرضه عليهم . فقد جاءه يوماً أحد الكتبة- وفي ذلك ما يدلّ على تسرّب نفوذه حتى إلى الأوساط المتوفّرة على درس الشريعة- وسأله قائلاً : " أتبعك حيث تمضي ! ". القصد طيّب ! ولكن أيدري هذا الرجل لأي أمر يتصدّ ى ؟ " إن للثعالب أوجرة، ولطيور السماء أوكاراَ، وأما ابن البشر، فليس له موضع يسند إليه رأسه ! " . ولا يذكر الانجيليون هل كان ذاك التعريض سبباً في نكوص ذاك المتطوّع . . . وطلب إليه واحد من تلاميذه مهلة، قبل أن يهمّ بالرسالة، ليذهب ويدفن أباه. فقال له يسوع : " دع الموتى يدفنون موتاهم ، وأما أنت فامض وبشّر بملكوت الله " ا. إنه لا يمكن أن تكون العواطف البشرية شيئاَ في نظر من عقـد العزم على اتّباع المسيح . " إن رسول المسيح لا يمكنه - على حد ما جاء في حديث طريف سوف يتذكره أوغسطينوس يوماً - أن يهجر الحيّ لكي يحكي عن الأموات خرافات ! " . .. وقال له آخر : " أتبعك ، يا سيدي ، لكن ائذن لي أن أودعّ أهل بيتي ! " ؛ فقال له يسوع : " من وضع يده على المحراث ونظر إلى الوراء، فليس بأهل لملكوت الله "

شريعة قاسية، واختيار حازم ! وقد قال يسوع يوما : " إن كان أحد يأتي إليّ ، ولا يبغض أباه وأمّه وامرأته وبنيه وإخوته وأخواته ، بل نفسه أيضاً ، فلا يستطيع أن يكون لي تلميذا ". (لوقا 14 : 26-27) . فلا بدّ إذن من التخليّ عن كل شئ ، حتى عن المودّ ات المشروعة ! إن شريعة الحب التي جهر بها المسيح ، فيها وجه رهيب ؛ وليس شيء أبعد عن الحقيقة، من أن نفرغ عليها لا أدري أي صبغة من أصباغ التفاهة . . . فالمرسل الشارد في مطاوي الأدغال الموحشة، باذلاً من ذاته في سبيل بعض المئات من السود ، يعرف ما هو الثمن الذي يقتضيه حبّ الله ؟ كما يعرف ذلك أيضاً كل راهب وراهبة، وكلّهم قد استؤصلوا من تربة المودّ ات البشرية، وراحوا يواصلون في خلوة الدير ، ما يفوق الطبيعة من أعمال الفداء . . . أجل ، لقد عمد المسيح . إلى التشدّ د في انتقاء أعوانه والقيّمين على رسالته .

. هكذا تمّ انتخاب طائفةٍ من التلاميذ، أوسع نطاقاً من نواة الاثني عشر رسولاً : وبدأت تنتظم بهم هيـئة الإدارة الكنسية العتيدة . وقد اختلُف في عددهم : فاعتمد البعض رقم السبعين ؛ وهو العدد المتداول في العرف اليهودي ، عدد الشيوخ الذين انتخبهم موسى له أعواناً (سفر العدد 11 ) ، وعدد أعضاء السنهدرين . وذهب البعض الآخر – ومنهم لاجرانج – إلى أنهم اثنان وسبعون ، وذلك بالاستناد إلى أقدم المخطوطات . وقد أرسلهم يسوع لأن الحصاد بات كثيراً، وكان لا بدّ من مضاعفة عدد العاملين . وتقدم إليهم بمثل التعليمات التي كان قد وجهها إلى الرسل من قبل . بيد أنه لم يفوض إليهم السلطة على إنهاض الموتى ، ولم يحرم عليهم الذهاب إلى " الأمم " والسامريين ( لوقا 1. : 1 – 12 )

. من هم أولئك الاثنان والسبعون ؟ لم ترد أسماؤهم في الإنجيل . ولا شك أن البشير لوقا: الذي أقام في قيصرية مع بولس مدة طويلة، قد عرف بعضاً منهم ؛ بيد أنه لم يدوّن أسماءهم . وأما اكليمنضسى الإسكندري فقد بلغـه أن الذي قال له السيّد : " دع الموتى يدفنون موتاهم . . . " إنما هو الشماس فيلبس. وهو الذي سوف يقوم بتبشير السامرة والشارون ؛ وكان له ، في أوائل الكنيسة، أربع بنات يتبّـأن . وقد ذكر يوسابيوس ، من بين السبعين ، برنابا معاون بولس ، وسوسثينس الذي اشترك مع بولس في مكاتبة الكورنثيين ، ومتياّ الذي انتُخب خلفاَ ليهوذا. وربما كان منهم أيضاً كليوبا، أحد تلميذي عمواس . . . ولا بدّ أنهم أصابوا نجاحاً في رسالتهم بدليل أنهم عادوا فرحين - على ما جاء في انجيل لوقا- وهم يقولون : " إن الشياطين أنفسها تخضع لنا ! " ؛ فأجابهم يسوع ، ليغضّ من خيلائهم : " لا تفرحوا بأن الأرواح تخضع ، لكم ، بل افرحوا بأن أسماءكم مكتوبة في السماوات " (لوقا 1. : 17 - 2.)

. لقدكانت إذن هذه الفترة " اليهودية "، مرحلة تقدّ م جديد من مراحل بذر العالم ببذار الكلمة الإلهية، وبناءكنيسة المستقبل
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #172
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي وصف شخصية المسيح


كلما كان ادّعاء الإنسان كبيراً صعُبَ عليه أن يبرهنه، وسهُلَ على الغير إثبات خطئه، لذلك يتجنَّب كلُ عاقلٍ الادّعاء الكاذب، خشية الفشل، وتعرُّض زعيمه للاحتقار.
والمسيحية أصعب المذاهب في ما تدَّعيه لزعيمها. فإنْ صحَّ هذا الادّعاء أصبحت سيدة المذاهب، وزعيمها سيد الزعماء. أما إثبات ما تتطلبه المسيحية فيتوقف على مطالعة تاريخ حياة المسيح الذي قال: »مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ« (متى 7:16). فعلى أقوال السيد المسيح وأفعاله ونتائج ما قال وفعل، يُبنَى الحكمُ في مقدار عظمته الحقيقية - وليس على ما ينعته به المحبون، أو يطعنه به المخالفون.
يوم كان المسيح معلماً جليلياً فقيراً أوثقه خصومه، رؤساء اليهود، وأحضروه مخفوراً مكتوفاً إلى الوالي الروماني الصارم بيلاطس البنطي، طالبين الحكم عليه بالصَّلْب. وبعد المحاكمة صرّح بيلاطس ببراءة المسيح، وقال للشاكين: »أنا لستُ أجد فيه علةً واحدة«. فألحُّوا عليه أكثر حتى جدَّد المحاكمة ثم قال: »وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الْإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلَا هِيرُودُسُ (الملك) أَيْضاً، لِأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إِلَيْهِ« (لوقا 23:13-15). ثم أوصتْ زوجة بيلاطس بالمسيح بسبب حُلْمٍ آلمَها، وسمَّتْهُ »ذلِكَ الْبَارَّ« (متى 27:19). ثم بعد ذلك قال بيلاطس ثالثة: »إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ« (لوقا 23:22). ولما رضخ أخيراً لطلب اليهود بغير رضى وسلّم المسيح للصلْب، لم يفعل إلا بعد محاولة أخرى لتهدئة ضميرِه الثائر، إذْ أخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع قائلاً: »إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ« (متى 27:24).
فحص بيلاطس وكانت نتيجة فحصه أنه وجد المسيح باراً، وهذه النتيجة التي وصل إليها بيلاطس في نهاية حياة المسيح الأرضية هي مفتاحٌ ضروري في معرفة الشخص الذي سمَّاه هذا الوالي الروماني وامرأته »ذلك البار«. ومعلومٌ أن العالم الراقي بأسره يؤيدهما في حكمهما في صلاح يسوع المسمَّى المسيح. وشهادات اليهودي والمسلم والوثني والكافر مجمعةٌ على هذا القرار.
فأين الحل المعقول للمشكل الدائم المتعلِّق بهذا الشخص، وهو التوفيق بين حُكم العالم بأسره بصدق المسيح وقداسته، وبين كل ما (أ) ادَّعاه لنفسه مما لا يجوز لمجرد بشر أن يدَّعيه، و (ب) كل ما فعله ممّا لا يستطيع أن يفعله مجرد بشر، و (ج) كل ما قَبِل أن يقوله فيه الآخرون أو يفعلوه له، مما لا يجوز أن يُقال في مجرد بشر أو يُفعل لهم؟
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #173
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


لا يختلف اثنان على أن ادّعاء الإنسان بأكثر مما له، أو بغير ما له، يكون خداعاً أو غباوة أو اختلالاً عقلياً. وبالطبع لا يخطر ببال أحد أن يتهم يسوع المسيح بشيء من هذه، فكراً أو قولاً أو فعلاً.
ولا يخفى أن الرسل والأنبياء: كلما تقدموا في الصلاح، زاد تواضعهم وانكسار الروح فيهم بسبب زلاتهم أو تقصيراتهم، لأن التواضع من أسمى الفضائل، والاعتراف بالخطأ من أول الواجبات. والصلاح يولّد الشعور الدقيق في الضمير. فكما يشمئزُّ المتمدن من أقذار لا يبالي بها المتوحش، هكذا يستغفر الصالح على أمور تُعتبر طفيفة عند الأقل صلاحاً، وتكون عند الأشرار موضع الافتخار. ففي سيرة أعظم الأنبياء والرسل الذين ورد خبرهم في كتاب الوحي، نظير موسى وداود ودانيال وبطرس وبولس، ترى اعترافات مؤثرة جداً، واسترحاماً كثيراً - وذلك يزيد اليقين بصلاحهم الحقيقي، لأن ليس بينهم من ادَّعى لنفسه الكمال. ولكن المسيح يختلف في هذا عن جميع الصالحين، وهذا الاختلاف يتطلب تفسيراً مقنعاً، وإجابةً للسؤال: من هو يسوع هذا؟
ولا يغيب عن البال أن الذين وصفوا المسيح بالكمال، هم الذين لازموه نهاراً وليلاً، صيفاً وشتاءً، زُهاء ثلاث سنين، فتيسَّر لهم أن يعرفوا بواطنه وظواهره. ولم يكونوا من المتساهلين الذين يسدلون الستار على التقصيرات والهفوات أو يسكتون عنها، بل هم الذين بينما يشرحون سيرة المسيح، ويؤيدون سموَّ كماله، كانوا يذكرون سقطاتهم وتقصيراتهم. وفي هذا دلالة كافية على إخلاصهم وحكمتهم واستقامتهم، ومستندٌ كافٍ لوضع شهاداتهم عن المسيح محل اليقين والاحترام.
من غرائب التاريخ أن الدين المسيحي دام واستمر ونجح، رغم أنه قاسى في كل ماضيه، ولا يزال يقاسي، أمرَّ المقاومات وأشدها من خصومة الأقوياء، الذين قصدوا أن يحقّروه ويضعفوه، بل ويلاشوه، لأنه منذ يوم حاول هيرودس الملك قتل الطفل يسوع في بيت لحم إلى يومنا هذا، لم ينفكَّ أعداء المسيحية العديدون المقتدرون، عن محاربة الكنيسة المسيحية وتعاليمها بذات القصد الذي ساق هيرودس إلى ما فعل.
ولا يخفى على كل مطَّلع مفكّر أن جميع أبواب الاعتراض على التعاليم والعقائد المسيحية فُتحت قديماً في العصر الرسولي. وكانت تنام وتستيقظ جيلاً بعد جيل، وبعضها يموت لسخافته عند بيان ما يدحضه تماماً. وكان أنصار هذه الاعتراضات الكفرية وزعماء هذه المقاومات يزعمون ثم يفتخرون بأنهم قد هدموا أركان المسيحية حتى أصبحت ملاشاتها أكيدة، مدَّعين أن كل احترام لكتابها المقدس قد زال، وأن أهل العالم قد رفضوا أهمَّ القضايا المُدرجة فيه. ولكن تعليم الإنجيل عن شخص المسيح اجتاز كل امتحان وثبت
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2006   #174
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


وقد قال المسيح في صلاته: »أَيُّهَا الْآبُ، هذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الْإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ« (يوحنا 17:3). وقال الرسول بولس إنه يحسب كل ما في الدنيا نفاية لكي يعرف المسيح حق المعرفة (فيلبي 3:.
ويوحنا الرسول، الذي صوَّر بقلمه أجمل الصور الأربع للمسيح، يقول في آخر كلامه: »وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ« (يوحنا 20:31).
فحبذا إن توصَّل كل إنسان إلى الإيمان الشخصي الحي بهذا المخلّص المنفرد عن البشر، مع كونه أيضاً شريكاً للبشر في طبيعة بشرية حقيقية، لأن هذا الإيمان يضمن لصاحبه الحياة الأبدية، باسم المسيح الذي كتب فيه الرسول بولس أن الله »رَفَّعَهُ وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الْأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الْأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللّهِ الْآبِ« (فيلبي 2:9-11
  رد مع اقتباس
قديم 05/01/2006   #175
شب و شيخ الشباب عابد لله
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ عابد لله
عابد لله is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
مشاركات:
239

إرسال خطاب MSN إلى عابد لله إرسال خطاب Yahoo إلى عابد لله
افتراضي


- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


متى
15: 9 و باطلا يعبدونني و هم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 01:18 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.15406 seconds with 12 queries