أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > اللاهوت المسيحي المعاصر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03/01/2006   #55
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


. هذا التداخل بين السياسة والدين نجده أيضاً في المذهبين الكبيرين اللذين كانا يتوزعان الرأي إذ ذاك : مذهب الفريسيين ، ومذهب الصدوقيين . وتشير كل من هاتين اللفظتين إلى حزب سياسي وشبه فرقة دينية، في آن واحد، وتعني ، معاً ، وجهة نظر في قضايا الروح وموقفا سياسيا تجاه السلطة . . . وانقسام إسرائيل إلى هذين المذهبين قد نجم نجوما طبيعيا جدا من الظروف التاريخية التي وجدت فيها الأمة اليهودية، إثر رجوعها من الجلاء . فلقد نشأ فيها ما ينشأ دائماً في البلاد المحتلة، من توزع الناس إلى فئتين . فمنهم من وقفوا موقف التنكر الشديد للعوامل الأجنبية، ومنهم من اعتمدوا سياسة اللين ، وحاولوا أن يلتمسوا، في الأوضاع الراهنة : جميع ما ، تنضوي عليه من عناصر مرضية . فالفريسيون راحوا ينادون بديانة صارمة ، وحياة ممعنة في التشدد ؛ والصدوقييون التحقوا بتقليد قديم ، فراحوا يركزون على الشعائر جوهر حياتهم الروحية، ولا يتزيدون في ما يأمر به الشرع من فرائض باتت ، في ذاتها، على جانب عظيم من الوعورة

. كان الفريسيون من ذرية أولئك " الحسديم " الذين حرضوا على مقاومة عوامل الانحلال ، منذ يوم بدأت السلالة المكابية تخضع لعدوى التأثيرات الغريبة . . . إنه ليصعب علينا أن نطلق فيهم حكما عدلا ، وذاكرتنا حافلة بصدى التقريعات الهائلة التي تناولهم بها المسيح . فهل كانوا كلهم " منافقين " ، وكلهم " قبورا مبيضة " ؟ . . كلا" ! فالمسيح لم يشملهم جميعهم بالمذمة، بدليل أنه قبل الدعوة يوما إلى مائدة أحد أفرادهم . . . ولا شك أنهم قد قاموا، في تاريخ إسرائيل ، بمهمة مفيدة، جوهرية : فإنهم قد سعوا، أكثر من أية فئة أخرى ، إلى صيانة التراث الروحي ،في حذافيره ، وإن لم يكن نزوعهم إلى التشبث بالحرف ليخلو من بعض الأخطار

. ولم يكن عدد الفريسيين كبيرا جدا : فكانوا يقدرون بستة آلاف في فلسطين كلها . وكانوا ، في معظم الأحيان ، ينتمون إلى الأوساط الشعبية ، يمارسون فيها حرفة يدوية كالقصابة ، والعطارة ، والرعاية ، والنجارة ، والحدادة . ومع أن الإنجيل يشمل ، غالبا ، قي ذات الملامة، " الكتبة و الفريسيين " فإن معظم الفريسيين لم يكونوا من الكتبة " المهنيين "، كما أننا نعرف كتبة وعلماء ناموس ، لم يكونوا من الفريسيين . وأما في الدين فكانوا يذهبون مذهب التشدد . ولابد أنهم كانوا يسترعون الأنظار بتزمتهم ، ووقار مظهرهم ، والتمائم التي كانوا يحملونها فوق صدورهم سحابة النهار - مخالفين بذلك عامة الشعب اليهودي ، إذ أن اليهودي العامي كان بضع تلك العلبة الصغيرة المحتوية على بعض نصوص التوراة مدة الصلاة فقط - وأقمصتهم الطويلة العارية من الزينة . وكانوا، على زعمهم ، يهربون من ظاهر الشر، ويحرمون - طبعا - الزواج بالوثنيين . بل مجرد الاتصال بهم . وكانوا لا يلجون بيت روماني لا لأسباب خطيرة، ويعمدون ، في إثر ذلك ، إلى الإمعان في التطهر . هذا ، وكانوا يتخطون أحيانا ، في تدقيقاتهم الشرعية ، حدود المحال

انسان بلا حدود
CHEGUEVARA
انني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا ، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني.
EYE IN EYE MAKE THE WORLD EVIL
"أما أنا فقد تعلمت أن أنسى كثيرًا، وأطلب العفو كثيرًا"
الأنسان والأنسانية
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #56
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


وأما الصدوقيون - وكانوا يدعون الانتساب إلى صادوق ، رئيس الكهنة في عهد داود و سليمان - فقد كانوا أشبه بمن ندعهم اليوم " بالمعتدلين "، وكان منبعهم تلك الأوساط الثرية التي ما فتئت ، في كل عصر وتحت كل سماء، تعتقد أن المغامرات الكبرى -روحية كانت أم وطنية- لا تستحق أن تبذل ، في سبيلها، رفاهية كريمة . فكانوا لا ينصحون بالمقاومة العنيفة، والتصدي بها لتلك السلطات الأجنبية التي لم يكن أحد لينكر عليها فضلها في صيانة الأمن ، داخل أرض كنعان . وربما يصح فيهم القول فيهم : " بأنهم أبدا يسعون وراء أهون الشرين ) . و لا يعني ذلك أنهم كانوا من كفار اليهود . وكل ما هنالك أنهم كانوا يؤثرون الأخذ بمدلول الشريعة -ولا سيما إذا كان من جانبهم - ويزدرون كل الازدراء الاجتهادات الكلامية التي تفرعت حول ذاك الجذع القديم الذي نبت من موسى. و لم يكونوا أكثر اعتقادا بتمحلات الفريسيين في شريعة السبت ، منهم بتلك البدع المتطرفة التي راح يروج لها القائلون بالحياة الأخرى وبعث الأموات. .
. هكذا كانت المذاهب موزعة في العهد الذي بدأ فيه المسيح يبث تعليمه . فالفريسيون من جهة، والصدوقيون من جهة أخرى . وأما الزيلوتيون فكانوا ، إذا صح التعبير ، في أقصى اليسار من النزعة الفريسية ، والهيرودسيون في أقصى اليمين من الحزب الصدوقي

. وإنما لا بد أن نلاحظ أن هؤلاء القادة من كلتا الفئتين ، كانوا يؤلفون أقليات منطوية على ذاتها، في عاطفة شديدة من الخيلاء . وكانوا جميعهم يضمرون الازدراء للرعاع السافل وللحثالات الشعبية : أما الفريسيون فلأنهم كانوا، في نظر ذواتهم ،راسخين في معرفة علم الله ؛ وأما الصدوقيون فلأنهم كانوا فقط من ذوي النعمة والثراء

.. وكان يطلق على العوام " لقب " عم هآريتس " أي ، أهل البلاد . ولكن اللفظة كانت قد اكتسبت ، في الاستعمال ، معنى ذميما، فـ "العم هآريتس " كانوا في نظر،علماء الناموس أشبه بالوثنيين : أو لم يكن أولئك الأوباش مثقلين بالنجاسات الشعائرية ؟ .
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #57
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


الفريسيون ، و الصدوقيون والـ عم هآريتس . . . ما بين تلك الفئات الثلاث كان لا بد للمسيح أن ينطلق رسولا . كما أنه ، في حضرة الكاهن الأعظم ، وأمام ا السنهدرين ، كان لا بد أن يمثل متهما . .
. في تلك الحقبة من تاريخ البشرية، كان العالم الروماني قد بلغ أوجه ؛ وكانت الإمبراطورية قد مهدت للإنجيل ، بيئة طيعة. لانتشاره ، و للرسل ، وسائل النقل والاتصال ، وللدعوة المسيحية، ذاك السلام الذي سوف يمكنها من الانتشار في الأرض قبل انفجار الثورة الكبرى . فاصبح في إمكان المسيح أن يعالج مشاكل أهل ذاك الزمن ، بالحلول الناجعة . فهناك الأزمة الفكرية : وسوف يتدبرها المسيح بإرساء الأسس التي تقوم عليها كرامة الفرد، وتمهد السبيل لبناء فكرة جديدة عن الإنسان . وهناك الأزمة الخلقية، وسوف يهتم لها بإحداث انقلاب جذري قي المبادئ ، والرجوع بها إلى الله مباشرة، عوض أن تظل خاضعة للعقل وحده ، وللمصالح المدرجة في القوانين الجماعية . وهناك الأزمة الاجتماعية : ولسوف يعيد الإنجيل إلى الإنسان كرامته ، ويعلن أن الشريعة الضرورية الوحيدة إنما هي شريعة المحبة، فيملأ بذلك ، على الأذلاء والأرقاء، فراغ ترقبهم ، و يجري في عروق المجتمع دما جديدا . وهناك أخيراً الأزمة الروحية، تلك الصبوة المبهمة إلى تحقيق أهداف العدالة ، في هذه الدنيا ، والطمأنينة في الآخرة : ولسوف تفضي تلك الرغبة الدفينة، بفضل الإنجيل ، إلى عقيدة نيرة واضحة، وأنقى ،من كل عقيدة سواها . .

فلا شك إذن أن الإمبراطورية الرومانية ، في واقعها التاريخي ، قد هيأت ،

. لتلك الحبة المقذوفة في أرض فلسطين ، أن تترعرع سريعا وتمتد بعيدا . بيد أن كل شيء يدل على أن تلك الحبة كان لا بد مها، وأن العالم ، في قرارة ضميره ، كان يترقبها
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #58
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي خرج الزارع ليزرع


الخصم

. منذ حل الروح القدس على المسيح - وهو في بيت عبرا ، - من لدن الله الآب ، كان من البديهي ، على ما يبدو، أن يشرع في الاستجابة لمقتضيات دَعْوَته الرسولية ، ويأخذ هو أيضا ، في تعليم الجماهير ، كما فعل يوحنا المعمدان من قبله ، ضمن نطاق رسالته الخاصة . ومع ذلك فقد انقضت فترة لا تقل عن أربعة أشهر، قبل أن يفتتح بعثته الرسمية . وقد كانت تلك الفترة أشبه بفترة تأهب وترقب نرى فيها المسيح يقوم من الأعمال بما يؤذن بمآثره المستقبلية . ولكننا نصادف أيضا، في غضون تلك الفترة، أحداثا مميزة، تراءى من خلالها صورة المسيح ، في إنسانيته الكاملة . .

. هل كان المسيح ، من وراء ذاك التأجيل ، رغبة مضمرة، في أن يفسح ليوحنا مجالا كافيا لإنجاز رسالته ، وذلك بدليل أن يسوع لم يشرع في الكلام إلا من يوم ألجئ النبي الكبير إلى الصمت ؟ . . . ربما ! وإنما هناك حادثة غريبة – نجدها في الإنجيل – قد تحمل على الاعتقاد بأن هناك بواعث أخرى قد عللت ذاك التمهل . ولا تخلو تلك الحادثة، من خلال عدم وضوحها الكافي ؛ من أن تقذف بعض النور في ذاك الركن القصي من طبيعة المسيح الإنسانية، حيث بات ينبض وعيه الإلهي

. وإليك ملخص تلك الحادثة، كما يرويها البشير مرقس ، بأسلوبه الفطري : " وللوقت أخرجه الروح إلى البرية . وكان هناك في البرية أربعين يوما ، يجرب من الشيطان . وكان مع الوحوش ، وصارت الملائكة تخدمه " ( مرقس 1 : 12 -13 ) . ومن الواضح أن أحداث هذه الأزمة الطويلة لم يكن في وسع أحد أن يرويها وينقلها إلى الإنجيليين ، إلا ذاك الذي امتحن بها

. إن رغبة يسوع في الاعتزال ، بعد ما جرى له في الأردن ، لم تكن في مساق حياته ، سوى أمر طبيعي مألوف . ولكم من مرة نراه في الإنجيل ، يتنحى عن الجماهير ، ويلتمس ، في الخلوة، وجه ربه . ولسوف تكون تلك الحاجة الدائمة إلى التأمل مزية أساسية من مزايا شخصيته. " أما هو فكان في يعتزل في البراري، ويصلي " (لوقا 5 : 16 ) ؛ " وانصرف من هناك في سفينة إلى موضع خلاء منفرداً " (متى 14 : 13 ) ؛ " وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل ليصلي ، وقضى، الليل كله، في الصلاة لله " (لوقا 6 : 12 ) . وقد كان للفظة " موضع خلاء " أي ( القفر )، عند الأسينيين ، مدلول روحي أكثر منه جغرافي : فالاعتزال في " القفر " كان يعني ، في نظرهـم ، الاعتكاف في العزلة المقدسة. ولا شك أن النفوس المقربة . ما فتئت تلتمس في التوحد والصمت ، وسيلة ضرورية للعمل
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #59
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


لقد بات معلوما ، منذ الأحداث التي جرت في طور سيناء ، أن المرتفعات الجبلية تصلح لمخاطبة العلي . ولكنه معلوم أيضا، منذ أقدم العصور، أن القفار هي ملجأ الأرواح الخبيثة، تلك الأرواح التي كان يبذل لها التيس المثقل بأوزار إسرائيل (سفر اللاويين 16 ) . وأما الأربعون يوما فهي ، بالضبط ، المدة التي قضاها موسى في الجبل (خروج 34 : 2، وهي الفترة التي صرفها إيليا للبلوغ إلى جبل حوريب (الملوك الأول 19 : ، وهي اليوم ، عند المسيحيين ، فترة الصيام . فأي إغراءات عنيفة يتعرض لها الإنسان ، إذا أجهدت جسمه مشقات صوم بمثل تلك المد ة، وذاك التشدد. إن جبل " الأربعين " الذي تثبت فيه التقاليد خلوة يسوع ، هو ، في جوار أريحا، مرتفع كلسي ، يخد بياضه الصفيق ، مسيل أسود ؛ وقد علق في منحدره دير صغير بناه رهبان أرثوذكس ، هم خلفاء أولئك النساك الأقدمين الذين استوطنوا الجبل في القرن الخامس ، والذين لا تزال مناسكهم ترى كالنخاريب في الصخور . موضع من أشد المواضع جفوة، في ذاك القفر من صحراء يهوذا، حيث تحوم النسور وتعوي بنات آوى ! ويشرف النظر من قمة الجبل على مشهد فسيح رائع : فالأردن يتسحب وسط الرمال الذهبية، كخيط من لجين ما بلين وشاحين أخضرين ، في الشمال يطفو حرمون على الأفق بهامته البيضاء، فوق جبال السامرة المتشابكة ؛ في الغرب تلوح بعض جدران من أورشليم ، قابعة وراء شجيرات من الزيتون الفضي ، في فجوة هلالية الشكل ؛ وفي الجنوب ينبسط السهل ممعنا في الإقفار، يتلألأ فيه الملح في بريق متزايد، إلى أن يختفي في ذاك الحوض الذي ترقد فيه ، بلا حياة، مياه البحر الرجيم
. كل ذلك قد انبسط ، ولا شك ، أمام ناظري المسيح .. تلك البقاع التي يخيل إلى الرائي أن الحياة البشرية قد شردت منها، وذاك المشهد الذي ، باتساع أبعاده ، يوحي بالأبدية . لا شك أنه شاهد الشمس تشرق بغتة من وراء جبل " نيبو " ، من غير أن تؤذن بها تباشير الفجر ؛ وعند المساء – في تلك اللحظة التي تسبق انقضاض الليل ، وتنتشر فيها على الأرض أضواء خافتة- لا بد أنه أوجس تلك الكآبة التي يشيعها في القلب زوال نهار جميل في نزاعه الصامت . ولا بد أنه ، في غضون تلك الأسابيع الستة التي قضاها في التهجد، قد شعر بزحف الريح تنهض من السهل إلى الكهف الذي كان يأوي إليه .. ريح البيداء العربية بأنفاسها السوداء ؛ ريح الخماسين ، التي إنما هي لهاث الصحراء، والتي كانت تتناهى إليه ، وفي ثناياها، من الخصم الجهنمي ، جم . من الأسئلة المزمجرة
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #60
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


وأما ما نعرفه كل تلك المأساة الموحشة، فهو أن المسيح ، "فبعدما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة، جاع أخيرا، فتقدم إليه المجرب وقال له : إن كنت ابن الله ، فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاً . فأجابه يسوع وقال: مكتوب : " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله " ؛ إذ ذاك قاده إبليس إلى قمة مرتفع عال ، وأراه – في لحظة- جميع ممالك المسكونة . وقال له :" لك أعطي هذا السلطان كله ، ومجدهن ، لأنه إلى قد دفع ، وأنا أعطيه لمن أريد . فإن سجدت أمامي يكون لك الجميع" فأجابه يسوع : "اذهب يا شيطان ، إنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " ! ثم جاء به إلى أورشليم وأقامه على البرج – الزاوية الذي يشرف على وادي قدرون من علو 12. مترا، والذي كان يدعى " جناح الهيكل " . ثم وسوس له قائلا : إن كنت ابن الله ، فأطرح نفسك إلى أسفل ، لأنه مكتوب : "إنه يوصي ملائكته بك فعلى أيديهم يحملونك ، لئلا تصدم بحجر رجلك " . فأجابه القهار : . مكتوب أيضا : " لا تجرب الرب إلهك ! " . حينئذ تركه إبليس خائبا ؟ وإذا ملائكة أقبلت ، وأخذت تخدمه " ( لوقا 4 : 1 - 13 ؛ مرقس 1: 2 1 – 13 ؛ متى 4 : 1 –11)
. إن مجرد وجود الشيطان ، في هذا المشهد، يكفي لأن يجعله ، في نظر أصحاب " النقد التاريخي "، بعيدا كل البعد عن الاحتمال ، وداخلا في نطاق القصص الأسطوري . ويرى بعض اللاهوتيين " أن تلك التجارب كانت ، ولا شك ، صراعا شخصيا بين يسوع وإبليس " ؛ بيد أنهم لا يستبعدون أن يكون الانتقال إلى قمة الهيكل ، وإلى ذروة المرتفع العالي ، لونا من ألوان الرؤى . وقد لوحظ أيضا أن جوهر التعاليم الأسينية، كما كشفت عنها مخطوطات البحر الميت ، هو أن الإنسان متنازع ، أبدا، ما بين الأبالسة والملائكة . ومهما يكن من أمر، فذلك لا يبدل شيئا من الحادثة المروية في الأناجيل . فالخصم الجهنمي يبدو، من خلال ذاك الحوار السريع المتوثب ، في صميم واقعه الهائل ، كما آمن بوجوده ، ليس فقط دانتي وتوما الأكويني ؛ بل نيوتن ، وباسكال ، وجوته الذي وصفه بأنه " وليد الفوضى " ، والذي كان يوجسه ، من حوله ، كائنا حقيقيا ، متربصا به الشر . وقد ورد لدوستويفسكي في تفسير ذاك المشهد الإنجيلي " أن تلك الإغراءات الثلاثة تسود التاريخ كله ، وتشير إلى الصور الثلاث التي ترجع إليها جميع المناقضات التاريخية المستعصية ، الملازمة للطبيعة البشرية فوق وجه الأرض كلها " . فالشهوة الحسية، وغريزة التسلط ، وطموح الإنسان إلى تخطي حدود بشريته .. تلك هي أقوى بواعث الأهواء الإنسانية، على وجه الإطلاق ؛ وهي مستعرضة في ذاك المشهد"
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #61
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


إن القفر حافل بتلك الأحجار الغريبة الني تبدو – ويا للهزء ! – كأنها الأرغفة بألوانها الدافئة السمراء . وفي الأفق الأقصى ، من جهة الشرق ، ومن وراء جبل نيبو، وجبال موآب ، ينفسخ السهل ، أمام النظر، إلى ما لا نهاية له ، فيوحي بتلك الممالك النائية، وتلك الإمبراطوريات العظيمة – نينوى ، وبابل ، وأشور- التي تألق سناها في إيران وبلاد الرافدين . وأما قمة الهيكل فكانت تشرف على وادي قدرون من شاهق عظيم ، لم يكن المرء لينظر منه إلى ما أسفل إلا ويأخذه الدوار، على حد قول يوسيفوس . وأما النص التوراتي الذي يستشهد به إبليس ، بكثير من اللباقة والدهاء – وكأنه من الراسخين في علم الكلام – فهو مقتطف من المزمور 91، حيث نجد إشادة المؤمن بسعادته . إذا وضع في الله كل ثقته
! تلك الحادثة المروية في مستهل الإنجيل تنطوي إذن - بلا مراء- على درس خطير .. فهي ، منذ مطلع البعثة العلنية، تحدد رأي يسوع في إرساليته . فهل يستقر ملك الله في العالم بالوسائل التي تركن إليها السلطات البشرية؟ وهل يكون المسيح ذاك العاهل المقتدر، وذاك الغالب الذي كان يترقبه إسرائيل في سواده ؟ عن هذه الأسئلة أجاب المسيح بالنفي ، وذلك بتملصه من . إغواءات خصمه ، ورفضه لممالك هذا العالم ،وترفعه عن تلك المعجزة الرخيصة، معجزة الهبوط في الفضاء من شاهق الهيكل . وأما إعراضه عن قلب الحجارة خبزا فهو، مذ ذاك ، أنبأ بالمسلك الذي سوف يسلكه سحابة حياته كلها .. فهو الذي طالما أحسن إلى الناس بمعجزاته ، ما أراد يوميا أن يجري معجزة واحدة لمصلحته الشخصية، حتى ولا معجزة الهبوط من على الصليب

ذاك المشهد الذي يرى فيه البعض أمرا محالا ، لا بد من التصريح بأنه ، مع ذلك ، راسخ في صميم الواقع الإنساني . فإن ابن الله ، بمجابهته المكائد التي نقابلها كل يوم ، قد تلبس بالأوضاع التي يستطيع كل إنسان أن يصادف فيها نفسه . وسوف يقول الرسول بولس في رسالته إلى العبرانيين : " لأنه في ما هو تألم ، مجرباً يقدر أن يعين المجربين " ( 18:2)

! لقد أضاف البشير لوقا، في ذيل الصفحة التي روى فيها ذاك المشهد، أن إبليس انصرف عن يسوع ، " إلى حين " ( 4 : 13 ) . فهل أراد بذلك أن يلفت النظر إلى أن المسيح - مثل كل فرد من الناس - قد واصل الصراع سحابة الحياة كلها ؟ . . مهما يكن من أمر ، فنحن نوجس حضور العدو، مرة أخرى ، في بستان الزيتون ، ليلة النزاع . . . أجل ! إلى أي حد كل ذلك يجعل الإله / الإنسان قريبا منا

بعد إذ خبر يسوع ، من ذاته ، مضاء عزيمته ؛ بات في وسعه أن يضطلع بأعباء رسالته كمسيح الله . فمن طلب جلائل الأمور، عليه أولا أن يروز حصاة نفسه ا
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #62
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي نظرة إله


يوم هبط يسوع من الجبل ، ورجع إلى ضفاف الأردن ، ربما كان ذلك ،في أوائل آذار سنة 28 . في ذلك الفصل من السنة يصفر القمح والشعير حول أريحا . ويكون النهار حارا، وأما الليالي فتبقى ، فيه ، باردة . ومن الأمثال اليهودية السائرة " أن الثور، في آذار ، يرتجف من البرد، صباحا ؛ وأما عند الظهيرة فهو يتفيأ ظلال التين يلين فيها إهابه " . ولا بد أن هجائر" الغور" كانت قد بدأت ، إذ ذاك ، تشتد وطأتها . وكان المعمدان نفسه على وشك أن يغادر المعبر ويشخص إلى منطقة الهيكل ، عند " ينابيع السلام " ليتابع فيها رسالة التعميد ؛ فيسوع لن ينزل في تلك البقعة طويلا
. ومع ذلك فقد تميز مروره العابر بذاك المكان بحادثة على جانب فريد من الأهمية، تفرد الرسول يوحنا بروايتها (يوحنا 1 : 35 - 5. ) . وهناك تقليد مستند إلى أساس متين من المنطق ، يرى في تلك الصفحة من إنجيله صدى مباشرا للذكرى التي حفظها التلميذ الحبيب من تلك اللحظة الرائعة المذهلة التي وضع فيها الإله المتأنس ، نظره عليه

" لقد كانت الساعة العاشرة "، على حد ما سجله في ملاحظته الدقيقة،أي نحو الساعة الرابعة من بعد الظهر . و كانت الشمس قد بدأت تنحدر فوق ذرى مشارف يهوذا . وكان يوحنا يسير بصحبة رجل آخر من الجليل ، واحداً من رواد المعبر ، اسمه أندراوس . وكان أندراوس من جملة الكثيرين الذين هرعوا إلى سافلة الأردن ليستمعوا إلى، كلام يوحنا ويقبلوا منه المعمودية. وكان قد ترك الزوارق والشباك التي كان يملكها مع أخيه سمعان ، على ضفاف بحيرة جنيسارت " شراكة مع زبدى والد يوحنا . وكان يوحنا وأندراوس ، كلاهما، قد سمعا النبي المتمنطق بجلود الحيوان ، ينادي بالجماهير إلى التوبة . وكانا قد شهدا أيضا الساعة التي وفد فيها على المعمدان وفد من أهل الحصافة يسألونه : هل هو المسيح ؟
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #63
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


لقد كانا، إذن ، ذاك المساء، بقرب معلمهم ، إذ مر بهما رجل شهد له المعمدان ، قائلا : " هو ذا حمل الله ! " فأدركا، على الفور، فحوى تلك العبارة، وعرفا أنه إنما أراد بها الإجابة عن أسئلة الرابيين ، وعما كانا، هما، يترقبانه ! وكان مشهد حلول الروح القدس على هامة ذاك الرجل، المجهول ، ساعة عمده المعمدان ، لا يزال ، ولا شك ، ذكره حيا وسط الجماعة المتعبدة التي كانت تختلف إلى " بيت عبرا " . ومن غير تردد، تعقب التلميذان الرجل العابر . فلما رآهما يتبعانه ، قال لهما : " ماذا تطلبان ؟ "، فعمدا إلى استعمال الألقاب ، شأن القرويين البسطاء إذا انفعلوا، وأجاباه بإحدى تلك العبارات المرتبكة التي كثيرا ما تنكشف من خلالها أصفى العواطف :" ربي !الذي تفسيره يا معلم ، أين تمكث؟ ". فقال، لهما : " تعاليا وانظرا ! " ويضيف النص فقط أنهما ذهبا " إلى حيث كان يقيم " وأنهما " مكثا عنده ذلك اليوم " . وأما أن يكون المسيح قد استحوذ، دفعة واحدة، على قرارة نفسيهما، فتتمة الصفحة، بل الأناجيل كلها تشهد بذلك شهادة كافية. وهكذا منذ اللحظة التي اعتلن فيها المسيح ، تجلت فيه تلك الميزة التي سوف تتكرر مرارا ، تلك القوة السرية التي كانت تمكنه من النفاذ، توا ، إلى أعماق مصطفيه ، والاستحواذ عليهم استحواذا كاملا . فأندراوس ، ويوحنا، وسمعان ، وفيلبس ، ونثنائيل ، والمرأة السامرية، والمجدلية الخاطئة . . . كم من مثل هؤلاء سوف يتملك المسيح قلوبهم بمثل تلك القوة التي تفوق الإنسان ؟ ..أجل ، " إن الله ينقض على النفس انقضاض النسر على العصفور "، على حد ما سوف يتردد على ألسنة الصوفيين ! ولئن كانت قد ظهرت ، في مشهد التجربة، بشرية المسيح ، فإن لقاءه بالتلاميذ الأولين قد كشف عن الناحية الأخرى من طبيعته المزدوجة : فإن وجه الله ، ههنا، قد تجلى ! وأما سمعان ، أخو أندراوس ، فلم يكن مع يوحنا وأندراوس عندما صادفا المسيح. فلما أفضيا إليه ، صاح به أندراوس : "لقد وجدنا مسيا، الذي تفسيره المسيح " . وفي الحال طلب أن يذهب إليه . فحدق إليه يسوع – على حد ما وردفي الإنجيل – وقال له : " أنت سمعان بن يونا . أنت تدعى صفا، الذي تفسيره بطرس ". ولا شك أن هذا الكلام قد استبهم عليه ، بادئ الأمر ، ولم تنكشف له معانيه إلا بعد بضة أشهر. ولقد ملك يسوع على ذاك الرجل قلبه . دفعة واحدة، وإلى أبعد ، وإلى أبعد مما وقع للتلميذين الأولين . ولقد رمقه بنظرة واحدة، وبدل اسمه بسلطة مطلقة ، وكان معروفا، عند كل يهودي ، ما المغزى من تبديل الأسماء . ففي العهد القديم ، كان نسخ الاسم القديم باسم جديد، إشارة رمزية إلى اصطفاء من الله ، وإيذانا برسالة خارقة . وذلك ما وقع لإبرام يوم أصبح اسمه إبراهيم ، وليعقوب يوم تجول اسمه إلى إسرائيل
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #64
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


أندراوس ، ويوحنا، وسمعان .. ثلاثتهم جليليون ، وقد اصطفى النبي الجليلي مواطنيه هؤلاء من بين التأبين الذين كانوا قد تتلمذوا للمعمدان . ورجع يسوع ، مع أصحابه ، إلى إقليمهم . وأما أقصر طريق إلى الناصرة فكانت تجاري وادي الأردن أي بعد ميلين من برية طبرية ( 9. كيلو مترا، تقريبا)، ولكن من غير أن تتطرف كثيرا إلى النهر والأدغال التي تكتنفه ، ثم كانت تنعطف غربا، وتسلك في منبطح فسيح يطل عليه ثابور بأردافه الشقراء . ذهب يسوع ، إذن ، مع أتباعه الثلاثة، في تلك الطريق القديمة، التي كان يسلكها حجاج الفصح ، في قوافلهم الطويلة، منذ أقدم العصور . ولا بد أن مرأى المدينتين الكافرتين – أرخيلاييس و سكيتوبوليسبى - وما كان ينجسهما من قصور فاحشة وأبهة عاهرة، بل من قيام صنم لعشتاروت بين ظهرانيهما، قد أعاد إلى ذهنهم الوضع الأليم الذي كان فيه إسرائيل . وإذ أفضوا إلى المنعطف الذي كان يجب أن يفترق فيه يسوع عن أصحابه ، عدل عن طريقه ، ورافقهم حتى شمالي البحيرة، حيث كانوا يزاولون مهنة الصيد . وهناك ، في بيت صيدا، بلدة أندراوس وبطرس استتبع المسيح رجلين آخرين ، على نحو ما جرى للثلاثة الأولين
. صادف فيلبس ، أولا ، أحد مواطني أندراوس وبطرس ، فقال له : " اتبعني " ولا يورد الإنجيل شيئا آخر من مشهد ذاك اللقاء . وإنما ينبغي أن يكون المسيح قد تمكن من قلب ذاك التلميذ الجديد، إلى حد بعيد.. فهو ينطلق على الفور، ويبشر أصدقاءه بما اكتشف ، ويروج له الدعوة بحمية الحديثي الإيمان

. " وجدنا الذي كتب موسى والأنبياء " . وإذ يستطلعونه الأمر، يقول : " هو يسوع بن يوسف ، الذي من الناصرة ". لقد أجاب ، كما كان في وسعه أن يجيب ، ولم يكن ليعلم شيئا آخر عن ذاك الذي كان ، منذ فترة، قد فوض إليه إيمانه . ولكن الناس ، في بيت صيدا، كانوا على علم بالناصرة وبأهل الناصرة : فالقرية كانت - على مسيرة نصف نهار من بيت صيدا - مثابة لبعض الريفيين من أهل، الوعور، لا يعرف لها اسم ولا تاريخ . فأجابه نثنائيل ، أحد مستمعيه : " أمن الناصرة يمكن أن يكون شئ صالح ؟ " . لقد كان نثنائيل أعرف الناس بالقرية ، ولاغرابة في ذلك ، فقد كان من قانا الجليل (يوحنا 2 : 2 )، على مسافة فرسخين أو ثلاثة . من الموضع الذي زعم فيلبس أنه موطن المسيح . بيد أن فيلبس ، ذاك الحديث في الإيمان ، لم يكن ليغير رأيه ، فقال : " تعال وانظر ! "
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #65
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


إذ ذاك جرى ، مرة أخرى ، واحد من تلك المشاهد السريعة التي اعتاد فيها المسيح أن يأخذ بمجامع القلب بغتة ، ولا شك أن ذاك المشهد قد فاق سواه إعجازا وبعد إيحاء . . . لقد كان نثنائيل هذا رجلا صديقا، ربما على شيء من الخشونة، والنزوع إلى الانتقاد، ولكنه حسن النية، لا يشوبه التواء . فمن اجتماعه بيسوع ، وجها لوجه ، انفجر له ذاك الضياء المفاجىء، حيث تنكشف النفس عن ذاتها انكشافا تاما، فإذا بها، في آن واحد، خفاقة من الترقب والحنين ، وريانة من السعادة . قال يسوع : " هو ذا، إسرائيلي حقاً لا غش فيه " ، فقال له نثنائيل مستغربا : " من أين تعرفني ؟ " فأجاب يسوع : " قبل أن دعاك فيلبس ، وأنت تحت التينة، رأيتك . . . " عبارة مختزلة ! .. تلك الهواجس التي باتت مطوية عنا، وتلك التأملات الوجيعة التي كان نثنائيل يتابعها في سر عزلته ، لقد نفذ إليها الناصري ! إننا ، نوعا ما، رهن الذين وقفوا على سر كياننا الصميم ، حتى وإن شق علينا ذلك ! وأما ذاك الرجل ، فما إن كاشفه المسيح بدخيلة أمره ، حتى انهد قلبه ، وأخذت منه النشوة مأخذا مقدسا، فقال : " يا معلم! أنت ابن الله ! أنت ملك إسرائيل ! " .ولكنه ، هذه المرة ، بات يتسرع في أقواله ، فأعاده يسوع إلى حدود الاعتدال بقوله : " هل آمنت لأني قلت لك إني رأيتك تحت التينة ! سوف ترى أعظم من هذا ! " ولأول مرة يصرح المسيح – بصفته المسيا- يتعهد بنفسه صدق مواعيده ، ويعلن ( مشيرا إلى السلم التي رآها يعقوب في حلمه الشهير ، والنصر الذي وعده به الله ) أن السماء والأرض به ستلتقيان ، وأن معجزات أخرى سوف تؤيد صدق الدهشة العلوية التي اهتز لها قلب نثنائيل
. فما بين "بيت عبرا" و "بيت صيدا" وفق المسيح ، ببضع كلمات ، إلى استتباع خمسة رجال، من ذوي الإيمان الراسخ ، وسوف يتأثرن به حتى الموت . ولسوف يكونون خمستهم في عداد الرسل. وأما الذي يدعوه الإنجيل الرابع " نثنائيل "، فهو- على الأرجح - ذاك الذي تسميه الأناجيل الثلاثة " برثلماوس " . فاللفظة الأولى هي لقب الرجل ، وأما الثانية فهي كنيته . فبرثلماوس معناها : ابن ثلماوس . . . وإن أربعة من هؤلاء الخمسة سوف يستشهدون من أجل المسيح
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #66
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي عرس قانا الجليل


يبدو أن ثلاثة من التلاميذ الخمسة قد لبثوا عند ضفاف البحيرة . حيث كانت تربطهم ، ولا شك ، مشاغل حرفتهم ، وهم سمعان وأندراوس ويوحنا. ولعلهم ما كانوا قد أدركوا، بعد، أن الحياة التي دعاهم إليها المسيح تتطلب التضحية بكل شيء ، وأن ليس هناك من حائل مهنة أو أسرة أو أي شيء آخر، يمكن أن يعيق عليهم انطلاقهم
. وأما فيلبس ونثنائيل فقد رافقا معلمهم الجديد ، وكان شاخصا - على حد ما جاء في إنجيل يوحنا، وهو وحده يتفرد برواية هذه الحادثة بجميع تفاصيلها- إلى قانا الجليل ، ليشهد فيها عرسا . وكانت أم يسوع قد سبقته إليه . إن الموضع الذي يزار اليوم على أنه القرية التي حدثت فيها المعجزة، يدعى كفر كنا . وهي قرية ضخمة، زاهية وسط الحدائق والمياه ، قائمة فوق منحدر قمة تل ، بين في ثابور والجرماق ، يرتادها العرسان المسيحيون من أهل فلسطين لنيل بركة الزواج . وإنما هناك ، في منطقة أكثر انخفاضا ، موضع آخر يدعى " خربة قانا "، يوجد فيها اليوم حقل أثري . ومهما يكن من أمر، فإن "كفر كنا" و "خربة قانا" كلتيهما قريبة من الناصرة، إحداهما على مسافة 1. كيلومترات ، والثانية على بعد 14 كيلومترا ، هذا بالطريق المعبدة . وأما في المسالك الجبلية فالمسافة أقصر. فمن الطبيعي إذن أن يكون ليسوع ، في تلك القرية، بعض الأصدقاء أو الأقارب ، وليس من حاجة إلى ا فتراض أن نثنائيل كان هو صاحب الدعوة ، نظرا إلى أنه من قانا

. إن الدرب بين بيت صيدا وقانا، تصعد في الجبل صعودا مجهدا . فالبحيرة تنخفض عن سطح البحر مائتين وثمانية أمتار . وأما قانا فهي على علو خمس مائة متر ، والشقة بينهما بعيدة بعض الشيء ، لا تقل مسافتها عن 28كيلومترأ. وكلما صعد المسافر في الدرب ، ويكون خلفه منطقة النخيل وموفيا على مناطق الحنطة والكرمة، انفسح الأفق أمام ناظريه . فإذا حانت منه إلتفاتة إلى الوراء، قبل أن يلج شعب أربئيل ، استطاع أن يسرح الطرف في مشهد تلك الفرجة الواسعة، حيث يفضي الأردن مسرعا، في ما بين القصب ، بزرقته الناضرة، تنعكس فيها ثلوج حرمون ، وأما في الربيع فليس من النادر أن تمر بها أسراب من النعام ، راسمة فوق صفحتها، في طيرانها الوردي الأسود، تعاريجها الطويلة . . . وفي أخريات المطاف ، إذ يفضي الطريق إلى منطقة المشارف ، ينبسط سهل عزريلون ، أمام النظر، ببساطه الموار، وحصائده الناضجة. فما أعذبها، فترة آذار في تلك الربوع ! ، وفي قانا، في ذاك النهار البهيج ، كان ، ولا شك ، يتعالى نشيد ألأعراس
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #67
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


كان يواكب الأعراس ، في بلاد اليهود ، حفلات ومباهج كثيرة . وكانت تستمر من ثلاثة أيام إلى ثمانية أيام ، وفقاً لثروة العروسان . أما أصحاب العرس الذي دعي يسوع إليه ، فكانوا ولا شك ، من أهل النعمة ، بدليل كمية الغسول المعد لمراسيم التطهير ، ووجود " رئيس وليمة " ، وهو بمثابة رئيس الخدم .. فعلى افتراض أن العرس قد ابتدأ نهار الأربعاء – كما هو مرعي في زواج الأبكار – فلابد أنه استمر حتى السبت ، على أقل تقدير . فإذا جئ بالعروس ، فوق المحمل ، إلى مقرها الجديد ، وأفيض الطيب تحت الهودج ، على ما هو مقرر في المراسيم ، وتبودلت العهود ، في طل خمار العرس ، كانوا ينصرفون إلى الموائد وطيباتها . إن اليهود على جانب من القناعة ، في حياتهم المألوفة . بيد أنهم ، في مثل تلك المناسبات ، كانوا يميلون إلى الترغد حتى الإسراف . فكانت الأطباق الدسمة تتوالى على الموائد طويلاً ، بسمنها الفياض ، ولحومها وأسماكها المحشية. وكنت ترى البصل في جميع الأطباق ، وكان قد أصبح من مقومات الطهي في إسرائيل ، منذ مقامهم في مصر ، على عهد يوسف . وكانوا ، إلى ذلك ، يكثرون من الشرب . فالشرب والمأدبة ، في اللغة العبرية ، لفظتان مترادفتان ، وليس لهما أي مدلول قبيح . وكانت الكرمة ، في إسرائيل ، شجرة محبوبة ، وشبه مقدسة . فقد كان يزين الهيكل كرمة من ذهب
. وسوف يستوحي يسوع ، من الكرمة، بعضا من رموزه ، بل سوف يعلن يوما : " أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام " ( يوحنا15 : 1 ) . وكانت خمور اليهود جيدة ، شديدة الكحول واللون . فكانوا يضطرون ، إلى مزجها بالماء، قبل استهلاكها . وأما في الأعراس فكان استخدامهم للماء محصورا في التطهر . .

. ما إن انقضى من العيد زمن حتى كان الخمر قد نفد. لقد كان رئيس الوليمة قد أخطأ في حساباته . وربما لم يكن يتوقع مثل ذاك العدد من الوافدين . وكان يسوع ، في المأدبة ، متكئاً مع المدعوين ، على أحد فرش القاعة . وإذا بأمه تزدلف إليه . إن النساء سريعات الملاحظة ، متنبهات لمثل تلك الأمور . قالت له : "ليس لهم خمر ! ". عبارة كنت بها، بأسلوب لطيف ، عن ملتمس لم يكن ليخفى عن المسيح مرماه . ولكن يسوع لم يستجب لطلبها، بل قال : " ما لي ولك يا امرأة ؟"، ذاك كان الجواب كما ورد نصه في الإنجيل . وقد يحمل على الاستغراب أن يكون قد جرى على لسان ابن مخلص يلتقي أمه بعد شهرين ونيف من الفراق . وهو يبدو، في لغتنا الحديثة خصوصا ، على جانب من الخشونة، بل من العنف . ولكنه لم يكن كذلك قي اللغة الارامية، حيث تستعمل لفظة " امرأة "، على سبيل التأدب والحفاوة . (وسوف ينادي المسيح أمه بذات اللفظة ، من على الصليب ) . وأما التعبير الذي يصدمنا (مالي ولك )، فاستعماله شائع في العهد القديم (قضاة 11 : 12 ، 2 صموئيل 16 : 1. ، 1 ملوك 17 : 18 ، 2 ملوك 13 : 3)، ولا يعي أكثر من قولنا : " ما عليك ! "ـ أو " معلهش " كما نستخدمها في لغتنا العربية العامية -. وربما كان ذاك التخلص ضمن ما لمسناه ، عند المسيح ، من رغبة حكيمة في ألا يعتلن للعالم قبل أن يحين الزمان . بيد أن مريم لم تقنع بالجواب ، بل قالت للخدام : " مهما قال لكم ، فافعلوه ! " أجل ! لقد كانت تعرف ابنها حق المعرفة
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #68
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


هل قرر يسوع الاستجابة لطلب أمه ، رأفة فقط بمضيفه المعنى؟

. إننا نتردد في الاعتقاد بأن قدرة الله العلية قد سخرت لقضية زمنية بمثل هذا الوزن . فهل كانت الغاية الرمزية –وهي على أشد الوضوح – هي الباعث الحقيقي على إجراء تلك المعجزة ؟ . . أم علينا أن نلتمس تعليلها فيما أورده الإنجيل نفسه من أن التلاميذ، في إثر تلك المعجزة ، " آمنوا به " ؟ . . . إذن لكانت تحقيقا لما بات نثنائيل، في انتظاره ، وواحدة من تلك العظائم التي وعد يسوع بتنفيذها

. لقد كان ، عند مدخل البيت ، ست أجران من حجر، معدة لمراسيم الاغتسال ، تسع كل واحدة منها كيلين أو ثلاثة . والكيل - وهو البت عند اليهود، والمطر عند اليونان - بمثابة أربعين لترا . فيكون مجموع متسع الأجران ، من ست مائة إلى سبع مائة لتر . . . فقال يسوع للخدام :" املأوا الأجران ماء " ، فملأوها إلى فوق ". فقال لهم أيضا : " استقوا الآن ، وقدموا إلى رئيس المتكأ، فقدموا ". فلما ذاق الخمر، ولم يكن يدري من أين هي ، صاح بالعريس مداعبا : "كل إنسان ، إنما يضع الخمر الجيدة أولاً، ومتى سكروا فحينئذ، الدون ! أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن ! "

. تلك كانت قي قانا الجليل ، أولى معجزات يسوع ، " المعجزة الأولى،المعجزة اللطيفة، - على حد ما جاء في إحدى روايات دوستويفسكي - حيث نرى المسيح يتعهد الفرح الإنساني ، الفرح لا الألم ! . وقد حرص الرسول يوحنا، بالرغم من اقتصاده في ذكر المعجزات (7 فقط )، على أن يضع معجزة قانا الجليل ، في مستهل إنجيله ، فهو لم يكن إذن ليستخف ، شأنها ؟ والواقع أن تلك المعجزة يفوح منها شذا الأشياء الطبيعية، وتلامس الأرض ، كما أحبها المسيح دوما أن يلامسها . . . ويجب ألا نتصور تلك الولائم الريفية على كثير من الأبهة والجلال .. فالخمرة التي سالت لصوت المسيح هي ، تقريبا، نفس الخمرة التي تجود بها كروم الجليل . وليس من العبث أن يكون المسيح ، بمعجزته ، قد خلع على مباهج ذاك العرس ، رونقا مذهلا ، وكأني به قد أراد، سلفا، أن يسم زواج الرجل بالمرأة بوسم التعليم الذي سوف يقر مبادئه
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #69
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي في ديارك ، يا أورشليم


. غادر يسوع قانا، وانحدر ثانية إلى ضفاف البحيرة، إلى كفرناحوم ( يوحنا 2 : 12 )، ليقضي فيها ردحا من الزمن ؛ وذلك إما عن دعوه من فيلبس ، وإما رغبة في مشاهدة أصدقائه سمعان بطرس ، وأندراوس ويوحنا ؛ وإما أنه آثر أيضا – وهو من أهل الجليل – طريق الغور على طريق الغور على طريق السامرة الكافرة ، للشخوص إلى أورشليم ، حيث كان يدعوه داعي الفصح

ذاك الشخوص إلى المدينة المقدسة . والحدث المدوي الذي واكب مروره

. فيها، هما جزء من تلك المظاهرات الأولى التي باتت محفوفة بغلالة من السر، والتي تراءت من خلالها، بالتلويح إن لم يكن بالتصريح ، رسالته الماسوية . ولقد ثبتت ، بفضلهما ، بين المخلص ومدينة إسرائيل المقدسة ، تلك العلاقة التي سوف تصبح ، في الجلجلة، رباطا راهنا ، وبين هيكل اله وذاك الجسد الذي بات آهلا" بسر ألألوهة، شبه رمزي سوف يسطع يوم انبعاث يسوع من القبر

. كان يتقاطر إلى أورشليم ، من الجماهير اليهودية، بقدر ما يتقاطر من المسيحيين ، مثلا ، إلى المحاج العجائبية ، في مواسمهم الكبرى ، أو من أهل الهند ، في وفودهم البشرية الضخمة إلى بيناريس ، أو من المسلمين إلى مكة . فمن الشمال ومن الجنوب ، من الشرق ومن الغرب ، من أطراف البادية ومن حواضر مصر وبابل ، ومن الجاليات المنتشرة في آسيا الصغرى ، كان المؤمنون يتوافدون إلى المدينة المقدسة، فيبيتون تحت الخيام ، أسابيع متتالية، ويحجبون بمخيماتهم المختلطة، الساحات والآكام والمناطق المحيطة بأسوار أورشليم . وكانت تقوم ، عند أبواب قيصرية، ويافا خصوصا، مراكز منظمة لتأمين النقل البحري ، واستقبال المراكب المحملة بالحجاج ، فكانوا، إذا وطئت أقدامهم أرض الميعاد، يقبلون ترابها. وإذا صح ما جاء في تاريخ يوسيفوس ، من أن 2556..حمل قد ذ بحت في الفصح الذي سبق خراب الهيكل ، سنة 7.، وحسبنا لكل عشرة حجاج ذبيحة، وجب الاعتقاد بأن موجة عارمة من مليونين ونصف مليون من البشر، كانت تنهال على ضواحي المدينة في مثل تلك المواسم الدينية الكبرى
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #70
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


. وكان الهيكل ، في تلك الحقبة، هو ذاك الذي أمر هيرودس بإعادة بنائه من قبل زهاء نصف قرن ، تباهيا بعظمته ، وتوددا إلى الشعب اليهودي . ففوق الموضع الذي رفع فيه سليمان هيكله ، آية مقدسة، والذي بني فيه العائدون من الجلاء ، بدل الهيكل المهدوم ، معبدا صغيرا متناسبا وأوضاع قوم مهزومين ، أقدم الطاغية على تشييد " هيكل ثالث " ، فكان من الأبهة والاتساع والعظمة، بحيث لم يكن البناء قد أنجز بعد ست وأربعين سنة من تاريخ وضع الحجر الأول ، ولن يفرغ منه إلا سنة 46، أي ستة أعوام قبل تهدمه

. ذاك الأدومي كان قد تمثل مشروعه في غاية العظمة . ولا شك أن حب الأبهة والمبنى الفخيم بات من مناقبه المستحسنة ؟ ولم يكن له منها الشيء الكثير . وقد جند عشرة آلاف عامل ، (ومنهم من يصل بهم إلى 18 ألف )، ودرب ، على مهنة العمارة، ألف كاهن ، للعمل في الأجزاء الداخلية، وكانت محرمة على العوام ؛ وحشد الحجارة والأخشاب ، والأصناف النادرة من الرخام ، والمعادن الكريمة ؛ سخر لذاك المشروع خير ما كان لديه من عزم ولباقة قد أقرهما له التاريخ

. وجاء الهيكل الجديد، في مبناه الداخلي ( المصلى ) ، شبيها بهيكل سليمان . وأما المرافق الخارجية، فقد وسعت كثيرا، وذلك بإقامة جدران تدعيمية ضخمة، عند قواعد الهضبة، أد ت إلى مضاعفة الفسحة عند مستوى القمة . (وما يعرف اليوم " بحائط المبكى "، إنما هو ما بقي من حجارة تلك الدعائم الهيرودسية ) . وفوق تلك الفسحة المصطنعة، قامت أربع مساحات يتفاوت ارتفاعها بقدر اقترابها من المصلى . فهناك " ساحة الأمم "، وكانت مشروعة للجميع ، وحتى الوثنيين ؛ وقد عثر على كتابة منقوشة، بثلاث لغات ، تشير إلى الحدود التي كان اختراقها، للوثنيين ، سبب موت . وهناك " ساحة النساء " وكانت حل على النساء الإسرائيليات . وأما " ساحة الإسرائيليين " فكانت وقفا على الرجال من اليهود، تفضي إليها ساحة أخيرة ،ضيقة الفسحة، مخفورة خفرا شديدا، هي ، " ساحة الكهنة "

. وكانت ساحة الأمم ،أكثر ما تغشاه الحشود الشعبية . فتلك الفسحة العظيمة، وراقاها القائمان إلى جنبيها ، باتت لسكان أورشليم ، في جميع أحوالهم ، مثابة يؤمونها لأشغالهم ولقضاء أوقات فراغهم . وكان الرواق الشرقي ، المدعو " رواق سليمان " ، بمماشيه الثلاثة ، وأعمدته الضخمة المائة والثمانية والستين ، والرواق الجنوبي ، المدعو " رواق الملك " ، بسقوفه المرتفعة إلى علو ثمانية وعشرين مترا، يستخدمان لما كانت تستخدم له ، قي حواضر إيطاليا واليونان وآسيا الصغرى، جميع الأروقة المضاهية، حيث كانت الجماهير تهوى التجمع

. وأما في عيد الفصح ، فكانت الحشود، في الساحة، تعدو حدود المألوف . فالخمر من أبيض وأصفر ومخطط ، و" العقالات " السود أو المذهبة، والعمائم ، والقبعات الفريجية الحمراء ، جميع تلك الألبسة الشائعة في الإمبراطورية، وفي الشرق الأدنى ، كانت تشاهد في ذاك الخليط البشري . وأما اليهود الأتقياء، فكانوا، ما بين الجماهير المحتشدة، يشقون لهم سبيلا إلى ساحة المؤمنين ، وقد اعتمروا بالخمار الأبيض المهدب الذي كان ، بخصله ، يرمز إلى لفظ الجلالة
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #71
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


ولم تكن ساحة الهيكل فقط مجتمعا للناس ، في الهواء الطلق . بل كانت ، إلى ذلك ، مصرفا، وسوقا ، وحظيرة للدواجن والأغنام . فكنت ترى الصيارفة، أمام موائدهم الصغيرة الحافلة بالنقود، يأخذون من الحجاج ، لقاء أرباح جيدة، ما كانوا قد أتوا به من عملة أجنبية نجسة، يونانية كانت أم رومانية، ويؤد ونهم نقودا يهودية، تمكنهم من افتداء أرواحهم ، بدفع الضريبة المفروضة على كل فرد من أفراد اليهود ( نصف مثقال ) ، وكنت تقع على اللاويين ، في ركن آخر، وقد فتحوا سوقا لبيع الملح والطحين والخمر والبخور والزيت ، وكانت من لوازم التقادم المقدسة . بيد أن العرقلة الكبرى ، كان يسببها اختلاط المواشي بجمهور الشعب . وكان على المؤمن ، فور وصوله إلى الهيكل ، أن يبتاع ، في إحدى الدوائر الكهنوتية ، " ختما ." يتفاوت سعره بتفاوت ثروته ودرجة إيمانه .. فهناك ختم " العجل " ، وختم " الخروف " وختم " الجدي "، وختم " الخاطى " ؛ وكان يأخذ لقاء ذلك ، في الساحة، عجلا أو خروفا، أو عنزة أو ثورا . . . وكان الكهنة يتعهدون ، بأنفسهم ، بيع تلك البهائم المقدسة، ويحملون الناس على شرائها . ومن البديهي أن المساومة على أثمانها لم يكن لينقضي إلا بكثير من المشادة والصياح ، وأن النفوس التقية ما كانت لترتاح لمثل تلك التجارات التقوية، إلا بكثير من العنت والجهد
! ويصبح مفهوما أنه لم يكن في وسع نفس ملتهبة بالإيمان ألا تتأذى من مثل تلك المشاهد. ولا شك أن ما يسود بعض المزارات المقدسة، في أيامنا، من خسة تجارية، يثير فينا بعض ما ثار في نفس يسوع من حفيظة قدسية . أو لم يكن ملاخي النبي قد أنبأ بأن رسول الرب سوف يطهر الهيكل وبنى لاوي (ملاخي 3 : 1 -3) ؟ . . أو لم يكن قد ورد أيضا ، في نبوءة زكريا، أن لن يكون بعد تجار في الهيكل ، عهد المسيح ( 14 : 21 ) ؟ . . . فلما ألفى يسوع نفسه ، وسط أولئك التجار، إلتهب من الغيظ ، فاصطنع سوطا من حبال ، وراح يهوي به على سماسرة الساحة، ويقلب الموائد والمقاعد التي في الأروقة، وينثر الدراهم ، ويتصدى للصيارفة أنفسهم . لقد بات في إمكان نبي الناصرة أن يردد ما جاء على لسان صاحب المزامير : "إن غيرة بيتك أكلتني " (مز 69) . كيف لا، وقد عاين الفضيحة " في ديار بيت الرب ، وفي ديارك ، يا أورشليم " ( مز 116 : 19 ) . وهو، ابن الآب ، لم يقو عليها صبرا
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2006   #72
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي


إن هذه الحادثة تكشف عن جانب خطير من جوانب نفس المسيح ، وحيوية مزاجه . فهو إنسان ، هزته سورة إنسانية ، فاغتاظ، وانتفض ، وهوى بالضرب . وإنه ليقع في نفسنا ذاك اليهودي ا العصبي المزاج الذي تجرأ ورفع احتجاجه عاليا، غير مكترث للجمهور . . . بيد أن الحادثة بات لها صدئ آخر : وذلك أن الحاضرين استفسروه عن عمله بقولهم : " بأي حق تتصرف هكذا ؟ " وهل بإمكانك أن ترينا آية، تؤيد بها امتيازاتك النبوية، وتبرر فعلتك ؟ فأجابهم يسوع : " انقضوا هذا الهيكل ، وأنا أقيمه في ثلاثة أيام ! " فسخروا قائلين : " في ست وأربعين سنة، بني هذا الهيكل ، وأنت في ثلاثة أيام تقيمه ؟ . . " . ولا شك أنهم ، في إثر ذلك ، تحولوا عنه وقد بدا لهم واحدا من المتهوسين . ولسوف يجرم بتلك العبارة أمام المحكمة، ويتضح إذ ذاك معناها : فالهيكل الذي سيرفعه في ثلاثة أيام ، لم يكن ذاك الصرح بساحاته الغاصة بالناس ، وأعمدته الباذخة ، بل ذاك الهيكل الحي الذي سكن فيه الله متجسدا . وهكذا خطا المسيح خطوة جديدة في دروب الكشف عن وعوده الماسوية ؛ بيد أن تلاميذه -على حد ما جاء في الإنجيل --لم يتذكروا أقوال المسيح هذه ، إلا بعد قيامته ، فوجدوا فيها لإيمانهم دعامة
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 11:31 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.18715 seconds with 12 queries