![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | بحبشة و نكوشة | مواضيع اليوم | أشرلي عالشغلات يلي قريانينها |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#127 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 10 تموز من المهمّ جداً أن نعي أنّنا خلائق تتحكم العادة فيهم . فعندما نفكّر في طريقة ما , أو نبحث عن خير ما , أو نلجأ إلى دافع ما , فنحن , في كلّ حال , نكوّن عادة عندنا , أو نرسّخ في أنفسنا عادة . ذلك كمَن يحرث حقلاً , فكلّ حراثة تُحدث في الأرض عمقاً جديداً ( هل حدث أن حاولت التخلّص من عادة ما ؟ إذاً أنت تفهم ما أحاول أن أٌقول ) . هكذا هي الحال مع مبدأ الحياة , أيّاً كان نوعه . فكلّما طبّقته مرّة ازدادت فيك العادة ترسُّخاً . العادات تبدأ تتحكّم فينا عند بدء الحياة . هي تحدّد سلوكنا و توجّه أفعالنا وردّات الفعل عندنا . وسوف نموت تماماً كما عشنا . فمّن ظهر أنانيّأً متطلباً أو متساهلاً سموحاً عندما أصبح كهلاً , بدأ يكون ما صار إليه منذ أن كان طفلاً . فالمُسن الراسخ في الرداءة , تماماً كالقدّيس المسنّ , كلاهما تمرّس على مبدأ الحياة الذي انتقاه . فما ستكون عليه أنت و ما سأكون عليه أنا في آخر العمر هو ما نحن في صدد إقراره و تطبيقه في حياتنا اليوم . هنالك قرار أساسيّ مبدأ الحياة , سيتملّكنا يوماً حتّى عمق الدم الذي يجري في عروقنا . و ما من شكّ في أنّنا سنموت تماماً كما عشنا . |
||||
![]() |
![]() |
#128 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 11 تموز الكمالية حال بشرية غير صحّية , و الفارق بين مَن يدّعي الكمالية و الإنسانية و السليم أنّ هذا الأخير يتحكّم في حياته . أمّا الذي يدّعي الكماليّة فهو يعيش أبداً و كأنّه فقد حريّته و هو يجدّ نفسه مرغماً على النجاح , على الكماليّة , فكأنّه مُقعد و كأنّ روحه في سجن . الإنسان الذي يعيش في هاجس الكماليّة يقيس قيمته الخاصة بما يُنجز . فيصبح كلّ خطأ إشارة إلى نقص في قيمته الخاصّة ... فينتابه الخوف و الذعر ممّا سيقوله عنه الآخرون , و يشعر بأنّه قد فقد احترامهم , فينغلق على ذاته و يغرق في حال من العصابيّة و الوحشة المحزنة . و بما أنّ للعواطف أبعادها الجسديّة فلا بدّ و أن يكون للكماليّة أعراضها الفيزيولوجيّة . و هي تختلف باختلاف الأشخاص و ما يصبو كلّ منهم إليه بالتحديد . لكن من المرجّح أن تظهر في الغالب تحت شكل ضغوط نفسيّة و خلل في النوم و المأكل . و نتيجة لهذا الشعور يضاعف الكمالي جهده في محاولة إرضاء الآخرين ليعوّض عن شعوره بالفشل , فيقطع وعوداً لا طاقة له على تحقيقها , قيزداد شعوره بالفشل . و هو يأبى أن يطلب مساعدة الآخرين مخافة أن يشكّل ذلك إقراراً بضعفه , إنّه إنسان عالق بين خوفه من إظهار ضعفه و عدم قدرته على تحقيق سلوك يُظهر قدرته . يعتقد الكمالي أنّ قبول الآخرين له رهن بإنجازاته . فإذا ما فشل حقد حبّهم و فقد مع تقديرهم له تقديره لنفسه . الكمالي لا يستطيع أن يقبل ذاته و الآخرين كماهم . من دون شروط , و لا يسمح لنفسه بأن يفشل , لذا تراه يعيش في قلقٍ مضنٍ كلّما أقدم على عمل ما . فالآخر في نظره لا يمكنه أن يساعد أو يشجّع , بل هو يراقب دائماً و يقوّم . |
||||
![]() |
![]() |
#129 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 12 تموز عندما يطمح المرء إلى الكمالية يطمح إلى القمّة . و هو يشعر بأنّ كلّ ما هو دون ذلك الفشل , قد يؤول إلى الإحباط , و آمال ضائعة تتحوّل شيئاً فشيئاً إلى غضب و خيبة . فنروح نعبّر عن ذاك الإحباط و تلك الخيبة بسبل غير سليمة أو إنّنا ندفنها في أنفسنا لنُخفي الحقيقة عن الآخرين , فندفع من جرّاء ذلك الثمن باهظاً . إنّ هذ السبيل الذي يؤول إلى تحطيم الذات سلكه العديد من الناس . يحضرني الآن مَثَل سيّدة شابّة التقيتها منذ بضع سنوات و أخبرتني في أول لقاء لنا أنّها حاولت الانتحار مرتين . و لكنّها أكدّت لي أنّها بعد أن تحصل على شهادتها كممّرضة لن تشعر بالفراغ الذي يؤلمها اليوم . و لكنّها أنهت دروسها بنجاح و بقيت على ما كانت عليه فظنّت آنذاك أنّ الزواج سيملأ فراغ حياتها . و لكن سرعان ما راودها الشعور بالفراغ و العصابيّة من جديد . أكّدت لي آنذاك أنّ الأولاد سيملؤون فراغها و بعد بضع سنوات أنجبت خلالها ثلاثة أولاد أتتني يوماً لتقول لي و هي تبكي أنّ أولادها يكرهونها , بل يحتقرونها . و ذات يوم هتف لي زوجها ليقول لي إنّها ماتت , بل إنّها قتلت نفسها . و في رسالة تركتها على طاولة المطبخ كتبت تقول : " لا تحزن يا عزيزي ,فإنّك عملت كلّ ما في و سعك "! ثمّ سألني : " هل أخبرتك أنّ الأولاد كانوا يكرهونها ؟" . أجبته : " نعم أخبرتني " . " كانت تتمتّع بإرادة حسنة جداً و حاولت جاهدة أن تتخلص من الآلام التي كانت تقضّ مضجعها و لكنّها لم تبح بوماً بالسبب الحقيقي الكامن وراء تلك الآلام . إنّها كانت تسعى دوماً الى الكمالية و لا تقبل أي نقص في ذاتها و لا في سواها , فوجدت نفسها في حرب مستمرة مع الاولاد الى أن كرهوا حضورها و نبرات صوتها و صورة إصبع الاتهام التي ما انفكّت توجّهه إليهم ... إنها دفعت بنفسها إلى الإرهاق الجسدي و النفسي معاً و بعد سنين طويلة من الصراع قتلت نفسها مودّعة إيّاي بعبارة بسيطة : " لا تحزن يا عزيزي , إنّك فعلت كلّ ما في و سعك " . قال لي : " إنّني حزين لفقدها " , و إنّني حزين على كلّ إنسان يرفض القبول ببعض الشوائب في نفسه و في الآخرين . إنّهم يموتون يوماً بعد يوم ,و إذا أحجموا عن قتل ذواتهم فقدوا اللذة في العيش و حبسوا أنفسهم في غياهب القنوط و راحوا ينتظرون قدوم الموت هناك . " إنّ هذا الموقف من الكماليّة يقود الإنسان عاجلاً أم آجلاً , إلى الانتحار " . |
||||
![]() |
![]() |
#130 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() ![]() 13 تموز عندما أنظر كإنسان إلى ما في داخلي , أو أحاول رؤية الواقع في الخارج , أبدأ في البحث عن ترتيب ما , عن نماذج أو حلقات نظاميّة , و أتعلم أن أربط الأسباب بالنتائج . فأنا أبحث في الواقع عمّا يمكنّني من استباق ما قد يحصل . فإذا ما تكنّت من التنبّؤ بما سيكون , أصبح بإمكاني أن أتمتّع بشيئ من الأمان ,إذ تتوفر لدَّي قدرة أكبر على اتخاذ القرارات المناسبة . و سرعان ما تأخذ أفعالي أشكالاً و نماذج تأتي وليدة نظرتي إلى الواقع و التفاعل معه . يصبح بامكاني آنذاك أن أستبق الأمور فيأتي سلوكي متماسكاً منسجماً . و قد يقود بي الحفاظ على هذا التماسك و الانسجام أحياناً إلى سلوك سبل كنت أفضّل ألا أسلكها .و خلاف استباق الأمور و الانسجام هو الفوضى . في الفوضى يتعذر التنبّؤ بما سيكون و يُفقد الانسجام في السلوك . و في الفوضى ضياع للفكر و تشتّت للروح . و المرء الذي يعيش فترة من الفوضى غالباً ما يحسّ و كأنّه فقد شيئاً من " الاتزان " , أو بعضاً من الوضوح في التوجّه . إنّ شعور الإنسان " بالفوضى " في ذاته لاختبار مُخيف . ![]() |
||||
![]() |
![]() |
#131 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 14 تموز ![]() فربمّا كان الخوف من الشعور بالفوضى السبب الأهمّ لعدم رغبة المرء في التبديل الخاصّ برؤيته , حتّى عندما تتحول تلك الرؤية إلى قيود تكبل حياته . ففي عمق سرّيّ خوف من أنّني , إذا ما تخليت عن رؤيتي تلك , حيث أنعم بشيء من أمان التنبّؤ بما سيكون , سوف تعمّ الفوضى حياتي , فأعيش في ضياع و كأنّ ما من نور يضيئ سبيلي . و إذا ما قرّرت أن أبدّل نظرتي السلبيّة إلى ذاتي فماذا يحتّم ذلك عليّ ؟ كيف يؤثر ذلك على علاقتي بالآخر ؟ و إذا ما قرّرت أن أغيّر نظرتي إلى الآخر كإنسان غير صادق و غير أهل للثقة , فماذا يكون أثر ذلك في سلوكي نحو الآخر ؟ فهل يصبح من المحتّم عليّ أن أثق بالآخر ؟ و هل سيصبح من الطبيعيّ أن أبوح له ببعضٍ من ذاتي ؟ و لكن ما الذي يضمن لي أنّ التبديل سيؤول إلى الأفضل ؟ أليست هي قصّة " عصفور في اليد أفضل من اثنين على الشجرة ؟ " و هل مَن يرغب في تبديل واقع يعرفه بآخر يجهله من دون أن يثق و لو قليلاً بأنّ جديده سيكون أفضل من قديمه ؟ أنا أعرف ما أنا عليه الآن , أمّا في التغيير فلا علم لي بما سيصير من أمري , بما أنا خاسره أو بما قد أربح . ففي كلّ تغيير موت و ولادة جديدة . فالموت عن قديم اعرفه في سبيل ولادة إلى جديد أجهله إنمّا هي عملية مخيفة . و هنالك دوماً تلك اللحظة المخيفة بين الموت و الولادة الجديدة حيث أكون قد فقدت كلّ شيء . فإذا ما تخلّيت عن رؤيتي السالفة , تلك التي أغدق بعض المعنى على حياتي و كانت لي النور و الطريق , فهل الرؤية الجديدة ستحفظ لي صفاء الحياة الذي أنا عليه ؟ |
||||
![]() |
![]() |
#132 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 15 تموز ليس البقاء في عفن الماضي أمراً سهلاً . و إذا ما تشبّث المرء بالماضي , برؤية مبتورة , تحتّم عليه التنكر دوماً لكلّ خبرة أو معلومات جديدة لا تناسب و تلك الرؤية , و كلما ازدادت المعلومات و المعطيات التي تتضارب و الرؤية , و هذا متعب , بل هو مرهق . و هو يتسبّب , خلال فترة من الزمن , بكثير من القلق الداخليّ و التعب النفسيّ . و كلّما تراكمت المعطيات المعاكسة , تعاظم قدر الجهد المطلوب في الدفاع عن الذات بالتنكّر لوجود تلك المعطيات . و هذا الضغط المتزايد في سبيل التنكّر للواقع بغية الحفاظ على الطمأنينة الذاتيّة يضاعف من الهدر في القوى . هذا ما يجعلنا نفتقر يوماً بعد يوم إلى طاقة نحن في حاجة إليها كي نرغد في العيش و في الحبّ . و بينما نحن نتخبّط بين الإقرار بهذا الواقع و التنكّر له , نحسّ ببوادر القلق و الإرهاق و كأنّها أصبحت قسماً من حياتنا العاديّة . نحن نُرهق أنفسنا في الدفاع عن الرؤية التي أصبحت بمثابة سجن لنا . إنّ مثل هذا التوجّه في الحياة يُطلق على صاحبه صفة العصابيّ . إنّ الرؤية التي تشبّث بها الشخص المتصلّب بكلّ قواه , آملاً أن يعيش فيها بسلام و طمأنينة , قد أصبحت هي حدّ ذاتها مصدر قلق و كآبة . |
||||
![]() |
![]() |
#133 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 16 تموز ![]() إنّ كلّ لحظة من حياتنا تشكّل صورة تتقاطع فيها أمور كثيرة . ففي وسط نجد , بالطبع , النظرة إلى الذات , و هنالك العديد من التيّارات و القوى التي تندفع نحو قلب الصورة و كأنّها أشعّة تتسارع نحو القمّة . و هؤلاء هم الأشخاص الذين نلتقيهم و الأحداث التي تمرّ في حياتنا , و لنا في كلّ منها مصدر غنى . و لكن مَن يجد نفسه في موقف دفاع , رافضاً المجازفة , لأنّ الحياة قد جنت عليه و ما زال ينسى آثار الجراح , فهذا قد يلجأ من خوفه إلى إحدى " عمليّات الحماية " . و نحن , في مثل هذه الحال , نراقب الواقع لننتقي من تلك التيّارات و القوى التي تحيط بوجودنا ما لا يهدّدنا . و هكذا تسير حياة كلّ منّا و كأنّنا في أرض سهلة . فتروح الأيّام تتشابه و تمرّ و كأنّ الحياة أصبحت مجموعة من نسخ متشابهة . هذه هي الطريق إلى المراوحة حيث لا يبقى لنا سوى البحث عن بعض أمور تثيرنا أحياناً , و كأنّنا نجمع بعض الرموز التي تولّد لدينا شعوراً بخصوصيّة موقعنا . فمثلنا في ذلك مثل لاعب كرة القدم المتقاعد الذي يمضي الوقت متاملاً في ما أحرز من كؤوس في أيّام العزّ . تلك هي صورة الشخص الذي يعيش فقط بمعدّل عشرة بالماية من حيويّته . |
||||
![]() |
![]() |
#134 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 17 تموز الإنسان كائن يمكنه أن يُحدث تغييراً في ذاته . تلك هي إحدى الفرائض الأساسية التي تعطي العلاج النفسيّ جاذبية خاصة . إنّ حياتنا هي , إلى حدٍّ بعيد , رهن بإرادتنا . و أنا من طبعي ثائر على كلّ ما هو قَدَري و حتميّ في نظريّات علم النفس , فذاك يحوّلني إلى لعبة في يد الدهر و كأن حياتي قد سُجّلت على شريط يدور في غفلة منّي و معه يمّر عمري , و لا حول لي في الأمر و لا قوّة . عندما أقبل هذا التحدّي أكون قد عزمت على تحمّل مسؤوليّة مستقبلي . أنا لست سجين الماضي , بل أنا رائد في توقي إلى صنع مستقبل زاهر . سنستعرض في الأيّام المقبلة بإيجاز أهمّ المبادئ الأساسيّة لمفهوم إيلس لفرضية " الأفكار المغلوطة " و العالج النفسيّ الذي يتمّ من خلال إبدال تلك الأفكار برؤيا جديدة . الأفكار المغلوطة ( و يمكنك أن تسمّيها أيضاً أوهاماً أو تشويهاّ للحقيقة ) هي قناعات خاطئة , أفكار منقوصة , غير و اقعيّة , و مواقف غير صحيحة , إنّها غالباً ما تأتي جماعات جماعات , إذ إنّ إحداها تقود إلى أخرى في نطاقها . |
||||
![]() |
![]() |
#135 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 18 تموز ![]() بعض الأفكار المغلوطة غير مؤذية أو خطرة نسبيّاً , لأن ليس لها العمق في مشاعري و سلوكي . و لكن بعضها خبيث الأثر و مكبَّل لأنّه يؤول إلى شعور سلبيّ مؤلم يمزّق الشخصية و يعطّل التواصل مع المجتمع . من الضروريّ أن تُحدّد الأفكار المغلوطة قبل أن يُصار إلى تبديدها . و عندما تتمكّن من تحديدها بدقّة تصبح واضحة و ملموسة , مثلاً : " يجب أن يؤيّدني الجميع في ما أعمل و إلاَّ ارتابني شكّ في قيمتي الخاصّة " . أمّا الأوهام غير الواضحة و غير المحدّدة , فهي , في الغالب , أفكارغامضة من شأنها ان تُخفي المشكلة الحقيقة . مثلاً : " أظنّ أنّ لديّ نزعة إلى الإفراط في التفكير " . بإمكان المرء أن يعيش ملء الحياة بقدر ما يتمكّن من وعي تلك الأفكار المغلوطة المكبِّلة ليبدّلها أو ليبدّدها . عندما يعي المرء إحدى أفكاره المغلوطة , أو يفطن لأحد أوهامه , يكون آنذاك في حال من اليقظة . و ما يحدث في مثل تلك الحال أنّنا نفطن فجأة لخلل كنّا نعيشه في فهمنا لبعض اختباراتنا الشخصيّة . و نعي أنّنا كنّا مخطئين في تكوين نظرتنا إلى واقع الحياة . |
||||
![]() |
![]() |
#136 | ||||||
عضو
-- قبضاي --
|
![]() شكرا كتير كتير عالمجهود...
![]()
Jesus have Merci
16-09-2005 بيكفيكون...حاجة زعبرة... |
||||||
![]() |
![]() |
#137 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 19 تموز و حالات اليقظة تلك تتكاثر بقدر ما يكون المرء منفتحاً و مرناً . و في كلّ اختبار لحال من اليقظة تنمو في الإنسان قدرة على عيش ملء الحياة . حال اليقظة قد تحدث في أيّ وقت و في أيّة ظروف . و مع أنّ هنالك طرقاً من شأنها أن تسهّل تطوّرها , فما من سبيل عند المرء يخوّله التحكم في إحداثها . هذا النهج الذي نقترح , و الذي من شأنه أن يبدّد الأفكار المغلوطة , يمكن تسميته " العلاج النفسيّ الرؤيويّ " . إنّها طريقة يعزّز فيها المرء نموّه الذاتيّ من دون أيّة مساعدة من أحد . سوف نتكلّم عنها لاحقاً بالتفصيل . في فرضيّة " الأفكار المغلوطة " و نهج " العلاج النفسيّ الرؤيويّ " , لا تشكّل العواطف نقطة الارتكاز , بل تكون بمثابة مؤشرات . فإذا ما تكثّفت العواطف السلبيّة مثلاً كانت مؤشراً لوجود أفكار مغلوطة عند المرء . فيصبح الهدف تبديد تلك الأفكار من خلال اليقظة و استبدالها بمواقف صحّية و واقعية . و قد يكون الإعراب عن العواطف المكبوتّة ضرورة , ليتمكن المرء من بلوغ تلك اليقظة التي إليها يطمح . يُقاس النجاح في " العالج الرؤيويّ " بقدر تأثيره في نموّ في العيش بفعاليّة و فرح , و يُقاس ذاك النموّ يإيجابية المواقف التي يطورها المرء نحو الذات و الآخرين , و الحياة و العالم و الله . و ما يكوّن تلك المواقف هي الرؤية التي للإنسان , نظرته إلى الواقع . تلك الرؤية التي تحدّد النهج العاطفي في حياة الناس . و صحّة تلك الرؤية و صوابيتها تخوّل وحدها المرء أن يعيش حقاً بفرح و بفعاليّة . |
||||
![]() |
![]() |
#138 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 20 تموز بعدما أوجزنا المبادئ التي تشكلّ صلب الأفكار المغلوطة و الأسس للعلاج الرؤيوي , نعود الآن لنتفحص عن كثب نهج ألْبِرْت إيليس الذي يركز أصلاً على الاعتقاد بأنّه يمكن ردّ المشاكل النفسيّة و العاطفيّة إلى التشبث بمفاهيم خاطئة . و عندما أوجز إيليس أسس العالج النفسيّ الذي ابتكره و أسماه " العلاج العقلانيّ - العاطفيّ " , قال فيه إنّه يرتكز إلى أفكار ثلاثة : 1- كلّ سلوك بشري يأتي كردّة فعل لحدث ما . 2- وردّة الفعل تأتي نتيجة لفهم الحدث و تقويمه في ضوء معتقدات ثابتة . 3- و هي تترجم سلوكاً عاطفياً معيّناً . ينتقد إيليس العديد من طرق العالج النفسيّ لأنّها ترتكز في اعتقاده إلى الفكرة الأولى و الثالثة و تُهمل الفكرة الثانية , أي كون ردّة الفعل تأتي نتيجة لفهم الحدث و تقويمه في ضوء معتقدات ثابتة . و هذا , في رأيه , أساسيّ جداً في النهج الذي يتبعه , " العلاج العقلانيّ العاطفي ّ" . يتعرّض العديد من الناس لحدث واحد و لكنّ النتائج , أو ردّات الفعل العاطفيّة , غالباً ما تأتي مختلفة كلّ الاختلاف . فلبعض الناس قدرات فائقة على استعاب المشاكل الكبرى أو احتمالها . و بعضهم الآخر قد يدخل في حال من الضياع إذا ما تعرّض لصعوبات تافهة . فما من شكّ أنّ عنصراً ما يُحدث هذا التمايز الكبير بين ردّة فعل وردّة فعل على حدث واحد . و هذا ما يسمّيه إيليس " المعتقدات الثابتة " و ما أسميناه " الرؤية " . إليكم هذا النموذج : |
||||
![]() |
![]() |
#139 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 21 تموز أ - الحدث المحرّك - ألقى من أحد الناس معاملة قاسية و مجحفة و هو ينتقدني و يعرب عن عدم حبّه لي . ب - المعتقدات الثابتة - يجب أن يحبّني الكلّ و يؤيدني و إلاّ فقدت كلّ احترامي و تقديري لذاتي . ج - السلوك العاطفيّ - كم أنا تعيس ! إنّي أشعر بالإحباط و في نفسي حزن عميق . و قد أضاف إيليس مؤخّراً إلى هذا النموذج فكرتين جديدتين بغية إعادة العقلانية إلى معتقداتنا و السلام العاطفيّ إلى نفوسنا : د - التساؤل حول المفاهيم الخاطئة داخل معتقداتنا . ليس من واجبي أن أُرضي كلّ إنسان , و لا هو ضروريّ أن، أحظى بحبّ الآخرين و ثنائهم لكي أحافظ على ثقتي بنفسي . فالمشكلة ليست فيّ , بل هي في منتقديّ . ه - يتبدّل الحدث أو الاختبار من جّراء تأويلي و تقويمي له , ممّا يمكّن المرء من تبديد المفاهيم الخاطئة التي قد ترافق الحدث أو الاختبار . تصبح آنذاك ردّة الفعل العاطفية مختلفة : يحافظ المرء على الثقة بالنفس و على السلام الشخصيّ , و التفهمّ لكلّ منتقد . آخر تعديل Hobbit يوم 02/09/2009 في 15:32. |
||||
![]() |
![]() |
#140 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 22 تموز إنّي أوافق إيليس في الرأي على أنّ العديد من طرق العلاج النفسيّ و غالبيّة الناس أيضاً يهتّمون في حياتهم اليومية " بالحدث المحرّك " و " السلوك العاطفي " الناتج عن ذاك الحدث . عندما أشعر بعواطف سلبيّة قويّة , قلّما أفطن لاستعمال العلاج الرؤيويّ فأتفحّص عن كثب معتقداتي الثابتة . إنّنا نكاد لا نجهد أبداً في اكتشاف السبب الكامن وراء تلك العواطف . نحن نعرف أنّ ردّة فعل العديد من الناس على حدث ما قد تختلف عن ردّة فعلنا نحن . و لكن ذلك لا يحملنا على إعادة النظر في ما نحن عليه . و نحن غالباً ما نبدّد هذا التحدّي بقولنا : " هذا ما أنا عليه " أو " آسف و لكنّي هكذا ! " , حتّى إنّ بعضنا يزعم أنّ الناس جميعاً يشعرون تماماً كما نحن نشعر , و لكن بعضاً منهم فقط ينجحون في إخفاء ذلك الشعور . تذكّر أنّ كلّ حدث محرِّك لا بدّ له من أن يمرّ عبر معتقداتك الأساسية و هي فريدة , أعقلانية كانت أو لا عقلانية . و السلوك العاطفيّ الذي ينجم عن ذلك الحدث لا يقرّره الحدث نفسه , بل هو و ليد معتقداتك الثابتة . و لكن هنالك دائماً أمل , حتّى عندما تكون ردّة الفعل العاطفيّة سلبيّة إلى أقصى الحدود , إذ يبقى في إمكاننا أن نتساءل حول " معتقداتنا الثابتة " فنعي مفاهيمنا الخاطئة و نعمل على تغيير ما يجب تغييره . |
||||
![]() |
![]() |
#141 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 23 تموز لنتفحّص نموذجاً آخر : ا - الحدث المحرِّك هو فشل ( في المدرسة , في العمل , في تنفيذ مخطّطاتنا , إلخ ) . ب - أعتقد أنّ الفشل يشير إلى نقص فيّ . إنّه يقلّل من قيمتي الشخصيّة , بل يوقع في شخصيّتي ضرراً مستديماً ج - يتبع ذلك سلوك عاطفيّ يتمّيز بالحزن و الإحباط و الخيبة . د - التساؤل حول المفاهيم الخاطئة : أقوّم اعتقادي و أرفض بقوّة أن يكون الفشل إشارة إلى انعدام في قيمتي الشخصيّة . الفشل لا يحطّ من شخصي . الخطأ الوحيد هو ذاك الذي لا نتعلّم منه شيئاً . صحيح أن جهودي باءت بالفشل , و لكنّي لست فاشلاً . كلّ إنسان معرّض للفشل , و الإنسان الناجح هو مَن يتعلّم من فشله . ه - لقد قُيّم " حدث الفشل " و حُوّل إلى اختبار مفيد و مجال للنموّ . و بسبب إعادة النظر في فهم الحدث تغيّرت ردّة الفعل العاطفيّة من " أنّها النهاية " ( من الإحباط ) إلى " سيكون تعاملي مع حدث جديد مختلفاً " ( إلى حماسة و تطلّع نحو المستقبل ) . |
||||
![]() |
![]() |
#142 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 24 تموز إنّ الانفتاح على الإنسان ما بشكل صادق و كامل هو مطلب ضروريّ لبلوغ ملء النموّالإنسانيّ . و لكن هنالك أسباب خاصّة تجعل من وجود هذا الصديق شرطاً أساسياّ لنجاح " العلاج الرؤيويّ" . أولاً لأنّ في كلّ منّا حاجة إلى التخلص من بعض العواطف المزعجة قبل أن نتمكن من تفحّص معتقداتنا و التوصّل إلى اكتشاف أفكارنا المغلوطة المقلقة . هذا الصديق الحميم يعرف و حده كيف يساعد على التخلصّ من تلك العواطف , لأنّ قربه منّا و معرفته لنا يسمحان له بأن يستبق ما قد يحدث . و أيّ إنسان آخر قد ينصحنا بألاّ نبكي و نضطرب من دون أن يفسح في المجال أمامنّا لنعبّر عن تلك العواطف بحريّة كاملة . الصديق الحميم المحبّ حقاً وحده يسمح لنا بحريّة التعبير تلك . يقول ألفرد أدلر إنَّ العلاقة الإنسانية الدافئة وحدها تعطي الإنسان الشجاعة الكافية ليواجه لأخطاءه و يفهمها . فإذا ما شعرنا بأنّ هنالك مَن يحبّنا من دون شروط أصبح بوسعنا أن نتقبّل أوهامنا و نواجهها . و هذا أحد المبادئ الأساسية في طريقة العالج التي بتبعها كارل روجرز Carl Rogers : يصبح بإمكاننا أن نفهم ذواتنا و نتقبّل بواقعيّة ما نحن عليه عندما يُفهمنا إنسان آخر و يقبلنا كما نحن . و بالتالي ينصح أدلر و آخرون مَن ليس بإمكانه الحصول على مثل هذا الصديق أن يحاول الالتحاق بجماعة نقبله و تحتضنه . |
||||
![]() |
![]() |
#143 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 25 تموز ![]() و التحدّث إلى مثل هذا الصديق يساعدنا على اكتشاف أفكارنا المغلوطة بطريقة أخرى . علينا أن نحدّد المشكلة قبل أن تبدأ بالتكلّم عنها . و من المرجّح أنّنا لن نُجهد أنفسنا في تحديد المشكلة و تشعّباتها ما لم يكن في ودّنا أن نبوح بها لشخص آخر . و ستبقى مشاكلنا مبهمة غامضة , ما دامت مدفونة في داخلنا . فمع الصديق الحميم نحن لا نكتفي بتحديد المشكلة , بل إنّنا نبوح بها أيضاً . و هذا البوح من الأهميّة بمكان . فالطريقة التي فيها نبوح بأمر ما غالباً ما تبيّن حقيقة تقويمنا له . و الكلمات التي ننتقي في و صفنا المشكلة تُظهر موقعنا منها وردّة فعلنا عليها . نحن نفكّر من خلال الكلمات , و بواسطة الكلمات نخطّط لحياتنا , و كلماتنا في النهاية تبوح بعمق هويّتنا . لذا ينصح بعضهم بأن يردّد المرء في فترات معيّنة من النهار شعارات أو عبارات إيحابية مثلاً : " أنا أستطيع ! ... " " سوف أعمل !..." فإذا كنّا نحاول فهم و اقع ما أو التكلّم عنه بشكل غير متّزن , فالتحدّث عنه إلى صديق من شأنه أن يساعد على النظر إليه بواقعيّة و إعادة الاتزان إلى تفكيرنا . |
||||
![]() |
![]() |
#144 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 26 تموز كتبت لين كيين Lynn Caine , في كتابها " النافذة " , فصلاً بعنوان " عزيزتي الورقة الطبيب النفسيّ " . الإشارة هي إلى يوميّاتها التي كتبتها منذ وفاة زوجها . يبدو أنّ تدوينها الأحداث و العواطف التي اختبرتها قد عاد عليها بفوائد جمّة . فتدوين اليوميّات هو مجال للتعبير عن العواطف و يشتمل على تحديد واضح للأمور و تعبير عنها كما ذكرنا آنفاً . القيام أمام ورقة أخطّ عليها كلماتي يبدو أقلّ تهديداً من مواجهة إنسان يحدّق في عيني و ينتظر ما سأتفوّه به . " الورقة الطبيب النفسيّ" أقلّ رهبة من الطبيب النفسي ّ الحقيقيّ . عندما أدون الحدث المحرّك لأحد أيّامي و الخبرة العاطفيّة التي تنتج عنه , يمكنني العودة في أيّ وقت , و في برهة من السكون , لأمارس شيئاً من " العلاج الرؤيوي " , فأتفحص معتقداتي أو رؤيتي و أتحرى صوابيّتها . فإذا ما مارس الناس بشكل منتظم و بلطف و ثبات هذا النوع من تفحصّ الذات و الرؤية الخاصّة , فلا بدّ لهم أن يختبروا , كما اختبرت أنا مراراً , وعياً جديداً و تغييراً فوريّاً لنهجهم العاطفيّ في الحياة . و بقدر ما تكون الكتابة دقيقة و حيّة تتوفّر الفرص لظهور الأفكار المغلوطة و التعرّف إليها . |
||||
![]() |
![]() ![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|