![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | بحبشة و نكوشة | مواضيع اليوم | أشرلي عالشغلات يلي قريانينها |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#109 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 24 حزيران لقد اكتشفت , في السنوات الأربعين الماضية , أمراً واحداً عن نفسي و هو أنّي ضعيف . أقول هذا من دون ادّعاء و لا رياء , و لا تواضع زائف . أنا في الواقع إنسان ضعيف فيَّ حاجة إلى من يفتديني . في زمن حماسيّ , بعد أن دخلت المدرسة الإكليريكية , اعتدت أن أقدم لله نهاري ساعة أستفيق من نومي . كنت أعده بيوم " لا نقص فيه " , بيوم كامل في الحبّ و الخدمة . و في صلاتي المسائية كنت أقدم له ندامتي . و قد طال بي الزمن قبل أن يخفّ اتكالي على قدرتي و تقوى به ثقتي فألقي حياتي بين يديه. لمّا تجرّأت على الإقرار بحقيقة ضعفي , آنذاك فقط بدأ الله يحوّلني إلى شخص يتمتّع بقوّة خاصّة . في ضعفي تظهر قوّته . و قد دفع بي إلى قبول تحدّي التلمذة المكلف . كما أنّه أتى إليَّ في الصلاة يملأ إرادتي برغبات جديدة . من المهمّ جدّاً , نفسياً و روحياً , أن تكون لدى الإنسان رغبات واضحة . فما من إنجاز في التاريخ , رأى النور إلاَّ من خلال رغبة واضحة في قلب إنسان شجاع . يأتي إليَّ في أوقات صلاتي و أنا أُنصت إليه , فتندفع قوّته فيَّ , و تتعمّق الرغبة عندي في الانتماء إليه , في أن أكون " منفعة عامّة " , " مضخة ماء " لخدمة الملكوت , تماماً كالمسيح أيّام سكن في ما بيننا . |
||||
![]() |
![]() |
#110 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 25 حزيران عندما أكون في نقمة عاطفية , لا عزيمة عندي , و عندما أشعر بألم الوحدة المضني و أحسّ بالانتقاد و الفشل يحملان الحزن إلى نفسي , آنذاك يأتي حاملاً إليَّ عونه و مواساته . و كأن قوته الشفائية لمست عمق تعاستي . فإذا كان بوسعه أن يُطهّر الأبرص فهو قدير , و لا شكّ , أن يحمل السلام إلى قلب بائس يائس . و كم من مرة وجدت نفسي متوسّلاً إليه يرفع فوق رأسي تلك اليد التي رفعها فوق بحيرة جناسرت , فيهدّئ روعي كما سكَّن هيجان العاطفة آنذاك . و لكنّي على يقين أيضاً من أنّ الله لا يأتي فقط ليحمل السلام إلى المتعبين , بل ليحمل القلق أيضاً إلى أولئك الذين استراحوا في ذواتهم و تمادوا . و يأتي أحياناً , لا ليُزعجني , بل ليعيد ترتيب القِيَم عندي , أو ينبّهني إلى حاجة أخ أو أخت إليَّ , يتحدى في مجيئه القدرة عندي على النموّ . و ما من مرة سألته حياة هادئة لا متاعب فيها . فجلّ ما أسأله دائماً سلاماً يفرّق بين التافه و المهمّ , و صحوة أتذكّر فيها دائماً أنّه أحبّني و دعاني إلى أن أحبّ . |
||||
![]() |
![]() |
#111 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 26 حزيران الناس الذين يؤمنون بأنّ الله لا يستطيع الدخول إلى عقولهم بأفكاره و توجّهاته , و إلى إرادتهم بقوّته و رغباته , و إلى عواطفهم بسلامة , يتردّدون فجأة أمام فكرة تحريك الله لمخيّلتهم , فيسمعون في داخلهم كلاماً و يرون رؤى . لقد أخبرتني أمّي يوماً , و كأنّها تبوح لي بسرّ , أنّ الله كلّمها مراراً و أعطاها توجيهات دقيقة لحياتها . و قالت : " لن أبوح بذلك إلى أحد سواك مخافة أن يظنّ الآخرون أنّي أُصبت بشيئ من الجنون " . و أذكر أنّي طمأنتها بأنّ ذلك أصبح تقليداً في العائلة , لأنّه حدث لي أنا أيضاً أحسست بيد الله في داخلي , كما و شعرت مراراً بأنّه يغذّي مخيّلتي بلمساته اللطيفة . تلك كانت مشكلة جان دارك و الأصوات التي كانت تسمعها . و هذا ما لفت الانتباه إليه جورج برناردشو في روايته " القديسة جان " : روبرت : ماذا تعني ؟ أصوات ؟ جان : أنا ذ أن أفعل . إنّها تأتي من الله . روبرت : إنّها تأتي من مخيّلتك . جان : بالطبع , هكذا رسائل الله تأتي إلينا . و إذا كان من الصعب أحياناً أن تفرّق بين إيحاءات نعمة الله و ما نولِد نحن في ذواتنا , فليس ذلك بالسبب الكافي لكي ننكر عمل الله في مخيّلتنا . أذكر أنّي سألت الله مرّة ما الذي يريد أن يقوله لي أو يطلبه منّي . كان ذلك في لحظة حماسة داخليّة , و قد أحسست أنّني على استعداد لسماع كلمة من لدنه . و في سكون إصغائي سمعته يقول : " إنّي أحبّك " . أعرف ذلك , قلت في نفسي , و فجأة بدا لي واضحاً أنّني , في الحقيقة , ما تقبّلت ذلك في العمق , و أنّ تلك الحقيقة لم تترسّخ في داخلي و أنّ فيّ حاجة إلى سماعها . و في لحظة النعمة تلك , أدركت حقاً ما كنت أعرفه و هو أنّ الله كان دائماً صبوراً عليّ و غفوراً ,من دون أن أكون قد رأيت حبّه في ذلك ... عندما يتكلم الله إلينا , نشعر دائماً بشيئ من المفاجأة . و حقيقته تتّضح لنا و تترسّخ فينا . |
||||
![]() |
![]() |
#112 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 27 حزيران لقد قيل أن الحبّ مزيج من الذاكرة و الحدس . و لقد لاحظنا أن الخطأ الوحيد الذي يرتكبه الإنسان هو الخطأ الذي لا يتعلّم منه شيئاً . عندما يتحدّث الله إلينا من خلال بعض مخزون ذاكرتنا , يمكنه أنّ يحرّك الحبّ فينا من خلال ذكريات و مواقف عطف منه علينا في الماضي , نافحاً فينا عزماً جديداً على مواجهة المستقبل . و قد يذكّرنا بالماضي أبذاً ليوفّر علينا ألم السقوط في الخطأ نفسه مرَّة أخرى . أنا أشعر أنّ أساس إيماني بالله و إحساسي بعرفان الجميل له هما نتيجة لذكريات محبّته لي , و لتاريخ " حضوره فيَّ و لمساته لروحي " , فكأّنّه يردّد دائماً على مسمعيَّ قائلاً : " كلّ ماأطلب هو أن تتذكّر دائماً أنّي أحبّك " . |
||||
![]() |
![]() |
#113 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 28 حزيران من خلال قدراتنا المتعدّدة هذه يمكننا دائماً أن نعيش اختبار علاقة مباشرة بالله , نخاطبه و نصغي إليه . و ما من شكّ في أنّ الإصغاء إلى الله بتبصّر و دقّة لأمر صعب . أنا لا أزال أختبر ذلك . و لكنّي أعرف كم هي وافرة مجالات لقاء الله لمَن يعرف حقاً كيف يصغي . و إنّني على يقين من أنّنا , عندما نتعلم كيف نجلس بهدوء مع الله , و نستريح في حضوره المحبّ , يقول لنا بطريقة من الطرق , مَنْ هو , و مَنْ نحن , و ما نحن مدعوّون إليه , و ما الموقف الذي ينتظره منّا نحوه و نحو بعضنا بعضاً . هنالك أنواع أخرى من الصلاة , متعدّدة تعدّد خبرات الناس . هنالك الصلاة التي ترى الله في الجمال , و تنصت إليه في الموسيقى و الإيقاع , و تحسّ به في العلاقات الإنسانية . و هنالك صلاة التأمل و صلاة الصمت . و لكنّ الصلاة التي يتحدّث فيها الإنسان إلى الله , صلاة الانفتاح المتبادل , هي , بالنسبة إليّ , المرتكز الأهمّ في حياتي . أجده في الطبيعة , و فيها أعبده . ألتقيه في الشعر و الموسقى , و في إخوتي و أخواتي , و في البرق و الرعد أحسّ بوجوده . أشعر به في عزلتي و في خضمّ ساحات مدينتي ألتقيه . و لكنّي أرى أنّني لو لم أختبره في " الصلاة - الحوار " , لما أحسست بوجوده في تلك الأماكن كلّها , و لا سيّما في نسيمات الروح التي تمرّ في سمائي و تكاد تختفي على كلّ أحد. |
||||
![]() |
![]() |
#114 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 29 حزيران لبضع سنوات خلت , قرّر عدد من الباحثين أن يدرسوا بطريقة علميّة كيفيّة التوصّل إلى السعادة . فتتبّعوا مسار أنجح ماية شخص تمكنوا من التعرّف إليهم , و أجروا المقابلات معهم و حلّلوا بكلّ دقّة ما استحصلوا عليه من معلومات , آملين أن يكتشفوا ما يجمع بين هؤلاء الأشخاص و أن يحدّدوا العامل المشترك في سعادتهم . أتت نتائج هذا البحث , للوهلة الأولى , مخيّبة للآمال , إذ إنّ الباحثين أخفقوا في إيجاد عامل يجمع بين هؤلاء الأشخاص , لا في تربيتهم و لا في النواحي الأخرى من أنماط حياتهم . بعضهم ما تخطّى المرحلة الابتدائية بينما بعضهم الآخر استحصل على شهادة الدكتوراه . و بعضهم كان ينتمي إلى عائلات غنيّة بينما بعضهم الآخر وُلد في عائلات فقيرة جدّاً . العامل الوحيد الذي بدا و كأنه يجمع في ما بينهم هو كون سبعين بالماية منهم أتوا من بلدات عدد سكّأنها لم يبلغ الخمسة عشر ألفاً . و لكّنهم بعد أن أعادوا التدقيق في المعلومات مرّة أخرى عثروا على عامل واحد مهمّ و جامع , ألا و هو أنّ كلاًّ من هؤلاء الأشخاص كان يجتهد في كلّ ظروف الحياة باحثاً عمّا هو حسن و إيجابيّ . |
||||
![]() |
![]() |
#115 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 30 حزيران صاحب التوجه الإيجابي إنسان ينظر إلى ما هو حسن و إيجابي في نفسه و في الآخرين و في ظروف الحياة كافةً . و يبدو أنّنا في الحقيقة نجد في واقع الحياة ما عنه نبحث . فإذا ما عزمنا أن نعثر على شرّ, عثرنا عليه , و قد نجده أيضاً متراكماً . و لكن إذا ما صمّمنا أن نبحث عمّا هو حسن فسوف نرى أنّ الكثير من الأمور الإيجابية هي في متناول اليد . و إذا ما بحثنا عن الشوائب في أنفسنا و في الآخرين , نجد منها ما نشاء . و إذا ما تخطّينا ما هو ضعيف فينا و غير مرضٍ إلى البحث عمّا هو حسن و جميل , فلا بد و أن نعثر في خفايا ذواتنا على ما يحمل إلى أنفسنا سلاماً ما سبق أن خطر ببال أحد . إننا نعثر على ما عنه نبحث . (( رجلان تطلعا من وراء قضبان السجن , فأبصر الأول أوحالاً و شاهد الثاني نجوماً )). قال أحد الوعاظ المتمرسين يوماً : (( يحاول الناس دائماً أن يشرحوا معضلة الشرّ . و في كلّ منا حاجة الى إدراك ذلك . و لكن هنالك معضلة أخرى يتوجّب علينا شرحها , ألا و هي المقدار العظيم ممّا هو خيّر و حسن في العالم من حولنا )) . |
||||
![]() |
![]() |
#116 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() ![]() الـصـيـــــف |
||||
![]() |
![]() |
#117 | ||||||
مشرف متقاعد
|
![]() شكرا كتير لمجهودك .
![]() ![]()
انا بحبك وانت بتحبني ..وفخار يطبش بعضو
i miss you ....:sosad: الخطأ الوحيد الذي يرتكبه الانسان هو الخطأ الذي لايتعلم منه شيئاً. |
||||||
![]() |
![]() |
#118 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 1 تموز ... أتى يوم و دخلت الابتداء في الرهبانية اليسوعيّة و عندما أُخبر تلامذتي اليوم بما كانت عليه الحياة هنالك في الأربعينات , أشعر بأنّه من الصعب عليهم أن يصدّقوا ما أقول . لن أضعك أمام الامتحان , و لكنّي أؤكّد لك أنّه من بداية يومنا , في الخامسة صباحاً , إلى التحدّث طيلة النهار باللاتينية , إلى الساعات الأربع التي كنّا نقضيها في الصلاة . مروراً بفترات صمت طويلة , كل ذلك كان يشكل لغالبيتنا صدمة مروعة . و بعدما تبدّدت بهجة التحدي الجديد و اتضح لي الثمن الحقيقي لتلك التلمذة , داهمني شكّ عنيف , تبعه تردد زعزع حياتي وزرع الظلمة في كل زاوية من زوايا نفسي . أترى وجود الله حقيقة؟ و يسوع المسيح , هل هو حقاً ابن الله ؟ و هل الأنجيل واقع أم هو نسج خيال ؟ هرعت الى الصلاة ولكنّي لم أجد هنالك مَن يكلمني . فإذا باختباري لله يتحول إلى وحشة قاتلة وصمت عقيم : كلّ ما كان قد مضى , و ليس في الأفق من وعد بميلاد جديد . آنذاك تردّدت في ذهني أصداء صوت جارنا بلجاجة و إلحاح : " الله غير موجود ... الله غير موجود ... الله غير موجود !". |
||||
![]() |
![]() |
#119 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() ![]() 2 تموز نظرت من حولي الى قساوة ما يحيط بي ورحت أستعرض حياة الابتداء تلك بخشونة عيشها و ثقل حرمانها , و في نفسي حزن عميق , فكأن في قلبي جنازة مستمرة . لقد هجرني الله , و أنا وحيد في هذا المكان المقفر . و معلم الابتداء الذي كان عليه أن يقودني عبر تلك الصحراء , لم يُرهبه إلحادي المفاجئ . فنصح لي بالصبر وطول الأناة مع نفسي و مع الله . ظننت أنّه لم يفهم عمق مشكلتي و لا مدى وقعها في نفسي , إنّه لم يحسّ بأنّ عالمي بأسره قد تزعزع . هذا " الليل المظلم " من شكّ دام أشهر طويلة , إمتلأت كلها بالفراغ و العقم . و بعد ذلك كانت بداية ما تبقى من حياتي , خبرة روحية شكلت محور تاريخي الشخصي . في كل مساء , كان المبتدئون يقضون ربع ساعة في فحص الضمير . كنا نبحث في دقائق النهار عن كل خطأ , فعلاً أو إهمالاً , و كنت أشعر بأن الشيء الوحيد الذي لم يكن خطأ في نهاري كان تحضير المركع الذي كان خشبه ينحت ركبتي . و كنت أقول دائماً إنّ نصف المعركة في فحص الضمير هو تركيز المركع في الشكل المناسب ! |
||||
![]() |
![]() |
#120 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 3 تموز حدث ذلك مساء يوم جمعة , و أنا أحاول تركيز ذلك المركع لأبدأ فحص الضمير المسائي . فأحسست , كما بنوبة قلبيّة , بوعي عميق لوجود الله فيّ . ما من أحد يستطيع أن ينقل اختباره الشخصي إلى إنسان آخر , وجلّ ما يمكنه أن يفعل هو تقديم تفكيره حول ذلك الاختبار . إنّ هذه حقيقة لا شكّ فيها . و ما أتسطيع قوله , محاولاً إشراككم في اختباري هذا , هو أنّني أحسست و كأنني " بالون " يمتلئ فجأة من نسيم لذّة وجود الله المحبّ , و يمتلئ إلى حدّ التمزّق , فشككت في قدرتي على تحمّل المزيد من نشوة ذلك الانخطاف . شعرت في عمق أعماقي أن الله أستوقفني و تملكني . و أنا أتكلم إليكم , تزداد قناعتي ترسخاً بعدم قدرتي على إشراككم حقاً في ما أحسست به . فكل اختبار شخصي هو حقاً أعمق من أن ينقل إلى آخر , و نقل اختبار لقاء الله , في عُمقه , أصعب بمقدار ما يصعب على الإنسان فهم سرّ الله . فالله لا زمن يحدّه و لا مكان , و ما من عقل بشري قدر أن يحيط بعظمته الامتناهية . و لمسات ألوهيته تلك , التي تنقلنا لبضع لحظات قصار إلى جواره , لا يمكن لكلمات بشر أن تعبّر عن حقيقتها . كل ما يمكنني أن أقول لكم هو أنّه استوقفني و تملكني . و إذا كان هنالك من شهر عسل في علاقة الإنسان بربّه فذلك دام طيلة السنة التي تَلَت اختباري هذا .كانت لمسات يده تتردد عليَّ من وقت إلى وقت , و كانت دائماً تفاجئني , فتخلق في قلبي بهجة لا وصف لها . و حدث أن قرأت في تلك الفترة , و للمرّة الأولى , قصيدة لجيرار مانلي هبكنز Gerard Manley Hopkins , فكأني بها التعبير الشعريّ الصحيح عمّا كان يجول في نفسي : " لقد كلّمتني يا الله ! يا معطي الخبز و الروح يا مَن يخطّ للعالم حدوده و يكوّن للبحر أمواجه يا سيّد الأحياء و الأموات لقد حبكت منّي العروق و العظام و كوّنت جسمي و لمّا أوشكت , في فزعي أن أشوّه ما فعلت هرعت إليَّ بلمسة خلق جديدة من عندك و إذا بي أشعر مرّة أخرى بلمسة لطف يدك و أعود فألتقيك " . |
||||
![]() |
![]() |
#121 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() ![]() 4 تموز قيل أنّ أفضل فرص النمو و التقدّم قد تلج حياتنا متنكّرة بزّي مشكلة , و للمشاكل طرقها في طرح التحدّيات علينا , فهي تحرك قدرات ما كنّا لندري بوجودها فينا . قد تُخرجنا المشاكل من رتابة في العيش فتنفتح أمامنا آفاق جديدة و إمكانيات جديدة . و ربمّا عاد الألم علينا بالنفع أكثر منه بالنجاح . و لكنّني على يقين من أنّ الإفادة تكون عادةً على قدر التفاؤل بالخير . لذا علينا أن نبحث عمّا هو حسن في ظروف الحياة كافّة فنجده . عرفت حديثاً أنّ صديقة لي أُوقفت من جرّاء مخالفة بسيطة لأحد قوانين السير . و هي سيدة لطيفة جداً و أمّ لخمسة أولاد . فبينما هي ذاهبة الى المتجر لتبتاع بعض الاحتياجات فاجأها لدى دخولها الى المتجر رجل شرطة و طلب أن تعطيه رخصة سوقها لأنّها خالفت قوانين السير و هي تدخل إلى موقف المتجر . و قالت له : هل تريد حقاً رخصة السوق مني أم إنك تمازحني . فغضب من جراء كلامها و أوقفها . فبينما هو يوثقها ردّ يدها بعنف وراء ظهرها فلطمت يدها وجهه فازداد غضباً . و زاد على سبب توقيفها " إنّها صفعت رجل الشرطة " . اقتيدت صديقتي الى دائرة الشرطة حيث فتشوا أمتعتها و أخذوا بصمات أناملها و وضعوها في حجرة منفردة . سمعت هذه التفاصيل قبل أن ألتقيها . و عندما أخبرت أحد المحامين بذلك سألني هل إنّ صديقتي تبغي الادّعاء على الشرطي لأنّ هذه التفاصيل من نوع الحوادث التي يمكنها أن تجني منها مليون دولار من دون أيّ عناء . و أضاف أنّه على أهبة الاستعداد لأن يتسلّم دعواها . و لمّا التقيت صديقتي و قصّت عليّ الخبر بنفسها , قالت لي :" لقد كان ذلك الاختبار من أهمّ ما تعرّضت له في حياتي كلّها لأنّني بتّ أعرف حقاً كيف يشعر المرء عندما يُفترى عليه و يُسجن من دون سبب . من الآن فصاعداً سيعني لي الأسبوع الذي سبق يوم القيامة أكثر ممّا كان يعني لي في الماضي , و سأتفهّم مثل هذه الآلام بشكل أعمق بكثير . كان رجال الأمن يردّدون بأنّهم يقومون بواجبهم و كنت أقول لهم إنّني أتفهّم ذلك " . ![]() |
||||
![]() |
![]() |
#122 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 5 تموز نحن نتكلم عن ضرورة العودة إلى أختبارنا الصعب لننظر فيه عن كثب و نستخرج منه ما هو حسن . ففي مثل هذه الحال نجد أنفسنا كمَن "يُبَروِز" صورة ما فتظهر فيها آنذاك بعض التفاصيل الدقيقة التي فاتنا الانتباه إليها . و عندما نستعرض مجدداً اختباراً صعباً مررنا به , يتيح لنا ذلك فرصة في أن نتعلّم من ذلك الأختبار أمثولات فاتنا الانتباه إليها و نرى محاسن ما خطرت ببالنا أبداً للوهلة الأولى . هكذا يطلب العديد من الأطباء النفسيّين من مرضاهم أن يعودوا فيستعرضوا حدثاً مزعجاً تعرضوا له أو أختبارنا مؤلماً ألمَّ بهم . و في الترداد يُطلب إليهم أن يبحثوا في ذلك الحدث أو ذلك الاختبار عمّا يمكنهم الإفادة منه بطريقة من الطرق . إن الرسّام جيمز وستلر James Whistler مثلاً كان يبغي أن يصبح ضابطاً في الجيش فأخفق في الاكاديمية العسكرية و تسبب له ذلك بانهيار عصبي . فطلب إليه الطبيب النفسي أن يلجأ الى الرسم كجزء من العلاج النفسي , فاكتشف الموهبة التي كانت فيه . و المغنّي خوليو إغليزياسJulio Lglesiasأيضاً كان يحلم بأن يحترف كرة القدم . فتعرض ذات يوم لحادث تسبّب له بشلل مؤقت . فأتته ممرّضة بقيثارة علّها تخفّف من ضجره , و كانت تلك بداية طريق آخر جديد قاده إلى حيث هو الآن , يبدو أنه عندما يوصد في وجهنا باب يُفتح أمامنا باب آخر . و لكن يبقى المهم أن تعرف كيف نهتدي إلى ذلك الباب فندخل منه إلى حياة جديدة . |
||||
![]() |
![]() |
#123 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 6 تموز هذا يعني ان لكل منا رؤيته , لأنّ تلك هي طبيعة عقلنا و تلك هي نزعته الغريزيّة إلى فهم الواقع. هنالك أيضاً حاجة خاصة إلى الرؤية لأنّها تضفي على الحياة شيئاً من الثبات و التماسك , فهي تنير سبيلنا , و من دونها تكون كمّن أصيب بعمى نفسي , نتعثر كلما خطونا و كأنّنا نسير في طريق لم يسلكها أحد من قبلنا . و سرعان ما نتفكّك و كأنّنا في ضياع . و هذه الرؤية تكون بمثابة نور داخلي يضيئ سبيلنا في التعاطي مع الناس و مع الأماكن و الأشياء . و هي تصبح كذلك أساساً لسلوكنا العاطفّي , كما قلنا , ينطلق من نظرتنا إلى الوجود . و لا فرق في هذا بين نظرة صحيحة و نظرة خاطئة , لأن ردة الفعل دائماّ تأتي دوماّ منسجمة مع تلك النظرة . فإذا ما و ضع طفل حيّة من المطاط في الحديقة , فلا فرق إذا كانت حقيقية أم لا , لأنّ ردّة فعلي العاطفيّة تأتي من نظرتي أنا إليها . فالعواطف دوماّ وليدة النظرة إلى الواقع و فهمه . و لكنّ ردّات الفعل العاطفية على الواقع لا بدّ و أن يكون لها وقعها على النظرة المستقبلية إلى الواقع و فهمه . أحَدَثَ لك أن كنت لوحدك في منزل منفرد , و سمعت ضجّة في الليل ما أمكنك تحديد مصدرها و لا فهمها ؟ قد يكون الهواء أغلق مصراع النافذة و لكن منذ ذلك الحين يصبح كلّ صوت غريب مصدر قلق , و يروح القلق يعكّر ما تسمع , فكأنك أدخلت ذاتك في دوّامة تاريخية مقلقة . |
||||
![]() |
![]() |
#124 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 7 تموز في زمن المسيح كان في العالم الكثير من القساوة و العذاب . و كان الأغنياء يُمضون الوقت في مآدب لا تنتهي و الفقراء يغرقون في فقرهم و لا معين , و كان ثلثا سكّان العالم آنذاك يعيشون في العبودّية و لا حول لهم و لا قوّة , و كانت الرياضة المفضّلة آنذاك الاستمتاع بمراقبة متبارزين يتناحران إلى أن يسقط أحدهما مثقلاً بجراحه منهكاّّ . فينظر الفائز إلى الجماهير مستلهماً رأيهم , سائلاً عمّا يريدونه أن يفعل بذلك الإنسان المنهوك المتخبّط بدمائه . فإذا ما حملوا في أيديهم الذهب و الفلوس عنوا بهذا أن ذاك المبارز جيّد و من المستحين أن يتعافى لأنّّ بإمكانه أن يصارع مجدَّّداً " فيُستعمل " لتسلية الجماهير مرة أخرى . و لكن إذا ما فرغت من الدراهم أيديهم , و أشار كلّّ منهم بإبهامه إلى أسفل كانت تلك علامة للمتبارز المنتصر أن ينكبّ على خصمه المنهوك بسيفه لأن لا نفع للجماهير منه في المستقبل و كأنّ حياته عبء لأن لا مجال " لاستعماله " في سبيل تسلية الجماهير مرّة أخرى . و يخبرنا علماء التاريخ بأنّ أصوات الجماهير كانت تهزّ المدينة عندما ينقضّ المبارز الفائز على خصمه و يقتله . تماماّ كما الجماهير تهب اليوم في الصياح لدى تسجيل الإصابة الرابحة في مباراة كأس العالم لكرة القدم . ذاك كان العالم الذي قال فيه الكتاب : " إن الله أحب العالم حتى إنّه جاد بابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية .فإنّ الله لم يُرسل ابنه إلى العالم ليدين العالم , بل ليخلص به العالم " ( يو 3/ 16-17) . إنّ مجيئ المسيح إلى العالم كان القمّة في الخير . فالعالم الذي رأى الله في خلقه " أنّّه حسن " , مع كلّ تعاسته , و ما زال فيه الكثير الكثير من الأمور الحسنة . هنالك في عمق كلّ قلب يرى الله بعضاً من الخير و الجمال دفيناً . و نحن الذين خلقنا الله على صورته و مثاله نشاطر الله فرحته كلّما اكتشفنا الخير و الجمال الذي يُنتظر , في قلب كلّ بشر , و الذي يبقى دفيناً هناك إلى أن تبصره عين تعرف كيف ترى ما هو خيرٌ و حسن و جميل . |
||||
![]() |
![]() |
#125 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() ![]() 8 تموز الكماليّة معادلة مؤلمة , أمّا العمل في سبيل النمو فليس كذلك . النمو مسيرة يكتشف خلالها المرء شيئاً فشيئاً قدرات جديدة لديه ... مَن ينشد الكمالية ينقصه طول الأناة , و لكن مَن يعمل في سبيل النموّ يعلم أنّ رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة . فعوامل الزمن و الصبر و التمرّس هي في صلب عمليّة النموّ . إذاً ما قُيّض لك أن تختار الدخول من خلال أحد بابين , أولهما يقودك إلى الكمال بشكل فوريّ و الثاني إلى عمليّة نموّ حتّى الكمال بشكل تدريجيّ, أَيّاً من االتجاهين تُراك تسلك ؟ قد تعجب إذا سمعت أنّ الغالبية الساحقة يفضلون سلوك النموّ الترديجي نحو الكمال . ذلك لأنهم يشعرون , إذا ما اختاروا الدخول من الباب الأول , بأنَّ مسيرتهم قد انتهت و لم يبق من مجال امامهم للمزيد من التقدّم و النموّ . فالسير نحو الكمال بشكل تدريجيّ من شانه أن يوفّر لهم اختبار فرح التقدّم المستمر خلال مسيرة الحياة بكاملها . ستتعرف في المسيرة تلك إلى نجاحات صغيرة و متتالية و لن تُرهق نفسك في تتبّع الكماليّة . من أفضل سبل النموّ التي يمكن سلوكها , أن يتذوق المرء فرح المسيرة نحو الكمال عوض أن يهتمّ فقط بتحقيق الكمال في حدّ ذاته . و إنّني إذ أخط هذه الأسطر , أحاول أن أعمل بالنصيحة التي أسدي بها إليك . أنا أعرف في عمق ذاتي أنّ هنالك طريقة أفضل من طريقتي في طرح هذه الأفكار التي أقدّمها لك , و قد تكون الفضلى , و لكنني لا أكتب و أمزّق الأوراق سبع مرّّات أو أكثر , بحثاً عن تلك الطريقة الفضلى , بل أحاول أن أتوق فرح مشاركتي إيَّاك في أفكاري هذه , بالطريقة التي تبدو لي مقبولة , آملاً أن يعود ما أكتب بالنفع على عدد من الناس ... هذا ما يشجّعني على متابعة المسيرة . |
||||
![]() |
![]() |
#126 | ||||
عضو
-- أخ لهلوب --
|
![]() 9 تموز مبدأ الحياة كناية عن هدف أو تطلّع عامّ أنتقيه ليصبح الأساس و الموجه لقراراتي . مثلاً : " إعمل الخير و اجتنب الشرّ " . فإذا كان هذا من مبادئ حياتي , عندما أجد نفسي أمام خيارّين , أحدهما للخير و الآخر للشر , أنتقي الأوّل و أميل عن الثاني . أعتقد أنّّ لدى كلّ منّا مبدأ يتميّز في أهميته عن المبادئ الأخرى , فيصبح هو الموجِّه لها . قد يكون من الصعب أن ننتشله من أعماق اللاواعي عندنا , لنتفحّص كيانه , و لكن ليس هناك من شكّ في وجوده . وكما أنّ في و اعماق كلّ حاجات تطلّعات و قِيَمّاً تشغلنا , فإنّ هناك أيضاً , في تعرّجات حياتنا اليوميّة , همَّا يبرز و كأنّه النغم البارز في قطعة موسيقية , يتردد في كل جزء منها , و كأنه اللحمة لتلك الأجزاء كلها . و بالطبع , يبقى لكل منا , دون سواه , أن يجيب في أعماق نفسه عن السؤال : " ما هو مبدأ حياتي ؟ " . فبعض الناس مثلاً يبحثون , قبل كل شيء , عن سلامتهم . فيتجنّبون الأماكن الخطرة و معها أيضاً الفرص التي كانت تنتظرهم هناك . قرّروا ألا يخاطروا . يلزمون بيوتهم عند المساء و يحبسون أنفسهم عن الآخرين و لسان حالهم يقول : " أجدر بنا أن نسلمَ من أن نندم " . و ما يشبه ذاك ينطبق على إنسان مبدأ حياته الواجب , أو تقدير الآخرين , المال , الشهرة , النجاح , المرح , العلاقات الإنسانية , إرضاء الآخرين أو السلطة ... |
||||
![]() |
![]() ![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|