![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#1 |
عضو
-- قبضاي --
|
![]() تؤمن الكنيسة بمذاهبها المختلفة أن الخلاص كان يسير منذ خلق العالم في خطة واحدة متكاملة معدة من قبل الله تعالى وتنتهي بمجيء المخلص والفادي والذي هو المسيح . وترى أن الله أعلن عن خلاصه هذا على لسان أنبيائه على مر الدهور , وتؤمن بحزم أن الله إذا كان قد اختار شعب إسرائيل له فذلك ليس لامتياز كان لهذا الشعب وليس لمجد ما , بل ليكونوا بذرة في الأرض وأداة تجتذب الشعوب الأخرى الوثنية إلى الله , وهذا ما تفهمه من وعد الله لإبراهيم بأن يكون بركة للأمم . لكن شعب إسرائيل خان العهد ونقضه باستمرار ولم يتواضع بل تكبر وطغى على غيره من الشعوب . وأصبح تصورهم للمسيح ملكاً لإسرائيل يقودها من نصر إلى آخر ليجعل منها تسود على العالم . وراعهم أن يروا ذلك الرجل المسكين الذي يتكلم عن المحبة والرحمة والملكوت غير الأرضي فلم يؤمن به سوى بسطاؤهم .
قامت الكنيسة بتقليب الكتاب المسمى العهد القديم الذي كان موجوداً ومجموعاً في زمن المسيح وكثيراً ما استشهد به في تعليمه والذي يضم : التوراة والأنبياء والمزامير وفهمت تفسيرها بنور رسالة المسيح وحياته وتعليمه . كما قلبت ما كتب من كتب عن تعاليم السيد المسيح . وقامت بوضع قانون سمي قانون العهد الجديد . وهذا يرجع في الأصل على زمن الرسل أنفسهم و أقسامه الأساسية تبلورت في نهاية القرن الثاني في : البشارات الأربعة التي سبق ذكرها والأعمال والرسائل البولسية والرسائل الجامعة . ومن ثم أضيف سفر الرؤيا الذي كان موجوداً منذ البداية لكنها خضع للجدل والتمحيص قبل أن تقر به الكنيسة بالإجماع ( والجدير ذكره أن القانون حظي بإجماع الكنيسة آنذاك وليس بأغلبيتها ولم يعرف تاريخ الكنيسة انشقاقاً أو خلافاً كان سببه كتب العهد الجديد أو قانونيتها ) . المهم ذكره أن الذي ساعد الكنيسة واعتمدت عليه في فرز الكتب التي اعتبرتها قانونية ( حقيقية ) عن تلك غير القانونية ( المنسوبة لبعض الرسل ) كان البشارة المتداولة والمنتقلة من الرسل إلى خلفائهم والذي يسمى في الكنيسة المقدسة " التقليد الشريف " وهو التعليم غير المكتوب والذي انتقل شفاهاً ثم دون لاحقاً على يد آباء الكنيسة الأوائل . ويكفي لنا – كمسيحيين – أن نعلم أن كل ذلك حدث في القرون الثلاثة الأولى أي فترة الاضطهاد الروماني وحظر البشارة المسيحية وقتل المسيحيين لنعلم كم كان التعليم المسيحي صافياً من أي شوائب ونقياً مما يتهم به من اختلاق وإضافة أو تحوير حقائق . ولكن هذا الكلام مستساغ للمسيحي ( المؤمن )لأن لديه المقومات التي تدعم إيمانه به . أما للأخ القارئ المسلم فإنني أعرف تماماً ما يدور بذهنه من تساؤلات حول ذلك , وأتفهم ذلك برحابة صدر لأن ذلك ما لأتى في القرآن الكريم الذي هو بنظره كلام الله غير المتبدل , وفي الحقيقة لا يمكن أن أقول له اعترف بغير ما قال به الله فذلك لا أرضاه لنفسي أيضاً , ولكن السؤال الذي نحن مدعوون لطرحه والإجابة عنه هو : ألا يحتمل ولو بنسبة ما أننا فهمنا كلام الله بشكل مغاير لما أراد ( لا أشكك ولكن أتساءل ) ؟؟ وسأطرح مثالاً واقعياً وهو تساؤل في الحقيقة أكثر من كونه مثالاً وأنا اعلم مسبقاً أن هذه القضية يكاد يتعذر حلها أو البت بها : لو فرضنا أن مجموعة من عدة أشخاص يعارضون نظاماً حاكماً في بلد ما ويحظر عليهم ممارسة نشاطهم واجتماعاتهم علناً , فسجنوا ثم تم نفيهم كل واحد إلى بلد ما , وقام منهم عدد من ثلاثة أو أربعة أشخاص وبشكل مستقل وكتب قصة تشكيل حزبهم وما لحق به وكتبوا ما سمعوا من أقوال ودعوات زعيمهم أو مؤسس مجموعتهم , وسلموها لمترجمين ينقلونها إلى أهم اللغات المعروفة مثلاً ليتم الدعوة لبرنامجهم ومناصرته . وانتشرت الكتب في أنحاء العالم وتهافت عليها الناس لما فيها من دعوة لعدالة اجتماعية ورفع للظلم وغيره ... ثم مات هؤلاء وخلفهم آخرون : السؤال المطروح هو هل من الممكن للخلفاء والذين هم أيضاً مشتتون كما معلميهم أن يستجمعوا كافة النسخ المنشورة لهذه الكتب من الأسواق والمكتبات والبيوت وغيرها حتى لو على مدى عشرات السنين ويبدلوا عبارات منها فيحذفون ويضيفون وبنفس الطريقة وبكل اللغات التي ترجم لها الكتاب لتعود النسخ جميعها فتتطابق على المفاهيم الجديدة والمستحدثة والمغايرة للمعنى الأصلي , وحتى في نفس البلد الأصلي والذي لا يجرؤ فيه أحد على الإدعاء بمعرفته أو اقتنائه لهذا الكتاب ؛ هل من الممكن لكل هذا العمل الشاق أن يتم دون أن ينبري أحد من هنا أو صوت من هناك ليقول هذا الكلام جديد ولم يرد على لسان المؤسس أصلاً بدليل هذه النسخة القديمة ؟ هل يتم ذلك دون حدوث انشقاق يكون فيه كل فريق لديه ما يثبت كذب وعدم مصداقية الطرف الآخر ؟ كم من أحزاب انقسمت مختلفة على الأيديولوجيات لكنها لم تقل أن الطرف الآخر حور أو بدل في أقوال المؤسس ؟ هذا هو التساؤل الذي يمكنني طرحه لأقول ما الذي يدفعني لعدم التشكيك بصحة ونقاء وسلامة كتبي المقدسة وأنها لم تمتد لها يد إنسان مسيئة لما فيها , وأدرك تماماً سهولة قبول هذا الأمر من الطرف المسيحي واستحالة قبوله من الطرف الآخر والذي هو في حوارنا هنا الطرف المسلم للأسباب التي ذكرتها بأن التحريف الذي لحق بالكتاب المقدس ورده ككلام إلهي لا يقبل الطعن به , وحاشا لأحدنا أن يشكك بكلام الله . لذلك علينا أن ندرك مدى صعوبة هذه النقطة وحساسيتها للطرفين وعندها علينا أن نجد أرضية مشتركة بيننا للحوار والتلاقي تنأى عن الجدل الذي لا ينتهِ بأن هذا الكتاب سماوي أما ذاك فلا ؛ وأن هذا كلام الله المباشر أما ذاك فموحى به أو مكتوب بيد بشر ... الخ من الطروح التي لا تنتهِ ولا تغني بل تمنع أي لقاء وأي حوار , وتعمق الفجوات بدل أن تردمها و تباعد أبناء البلد الواحد بدل أن تجمعهم على ما فيه خيرهم وتقدمهم . ومنه فإن المسيحيين لا يشكون في صحة ما وصل إليهم من كتب مقدسة ولا يختلفون على تنوع مذاهبهم الثلاثة ( الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستنتية ) على أي عبارة وردت من حيث نصها ومطابقته للنصوص الأصلية الأولى والمكتوبة باللغة اليونانية التي كانت لغة حوض المتوسط آنذاك . بقي أن أشير أن الكنيسة في العالم أجمع عندما تعتمد تفسير عبارة ما أو كلمة ما إنما تعود إلى اللغة الأصلية " اليونانية " لضمان الحصول على المعنى الأصدق والدقيق المراد بها . وسأتابع في مقاربة يسيرة أوجه التباين بين بعض الحوادث المروية في البشارات الأربعة وتعليل الكنيسة لذلك وليس بمقدوري الإحاطة بكل شيء لآن الكمال لله ولأن الوقت قد لا يسعفني . لكنني دائماً مستعد لمناقشة أي تساؤل يخطر لدى القارئ بما أوتيت من يسير المعرفة وبما يتوفر لدي من مصادر متواضعة , والله الموفق . |
|
|