أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > اللاهوت المسيحي المعاصر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14/04/2005   #1
شب و شيخ الشباب شكو زولو
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ شكو زولو
شكو زولو is offline
 
نورنا ب:
Sep 2004
المطرح:
لبنان
مشاركات:
1,071

إرسال خطاب MSN إلى شكو زولو إرسال خطاب Yahoo إلى شكو زولو
افتراضي العمل والرؤية...."الفقراء أم يسوع"؟


"أما كان يمكن أن يباع هذا الطيب بكثير ويُعطى للمساكين"!




بينما كان يسوع في بيت عنيا في بيت سمعان الفريسيّ الأبرص، دخلت فجأة امرأة زانية وأفاضت طيباً جزيل الثمن على قدميه ومسحتهما بشعر رأسها… فتضجَّر الجميع لأنّه كان يمكن أن يباع هذا بكثير ويُعطى للفقراء.

التساؤل أو الاعتراض حقّ، وهذا طبيعي. وغالباً ما يأخذ هذا الموقف الذين يدَّعون أنهم من جماعة الخدمة، والإحسان، ومحبّة الفقير، والتزام شؤون الإنسان إلخ…

نعم غالباً ما يسود التعليم التالي، أنَّ هناك حياة تأمّل أو صلاة، وهناك حياة عمل أو خدمة. الأسلوب الأوّل يهتمّ بالصلاة، والوحدة، والأصوام، والدراسات إلخ... أمَّا الثاني، فينطلق إلى الاخوة، والخدمات، والمؤسسات، وديناميكية الحياة، والحاجات، ومساعدة المرضى والمحتاجين…إلخ. حتّى أنَّ الرهبنة (عند بعض الطوائف) انقسمت قسمين: تأمليّة وخادمة. مرّات عديدة يقف الواحد منَّا مع ذاته، ويحاول أن يختار أو يفكّر، بين أن يحيا للخدمة أو أن ينصرف للتأمّل.

في كنيستنا الأرثوذكسيّة، حيث لا يوجد رهبنات خادمة ورهبنات تأملية، نقع في الخدعة ذاتها، ذلك حين نفرز الرهبنة إلى عالم التأمّل، وحياة الكهنوت أو العلمنة إلى دنيا الخدمة. ويتمادى الموضوع إلى حدّ قبول الأولى، حياة التأمّل، على أنّها للدرجات الروحيّة العليا، وأنَّ الثانية يمكن قبولها حكماً بدرجات روحيّة أدنى من حيث الواقع.

إذا كان هذا التقسيم صحيحاً، فلا يمكننا بالمقابل أن ننكر أنَّ المسيح فَضَّلَ ما نظنُّه أنّه ينتمي إلى النوع الأول، أي التأمّل. فكيف يمكن إذن بعد هذا التساؤل أن نسمح لأنفسنا باختيار الأدنى؟

الواقع، إنَّ النظرة الأرثوذكسيّة للحياة المسيحيّة لا تعترف بتمييز كهذا، بين الرهبنات التأمّليّة وبين الرهبنة الخادمة والكهنوت، أو العلمنة العاملة. إنَّ ما يسمّى بالرؤيا أو التأمّل، من جهة، وبالعمل أو الخدمة، من جهة ثانية، لا علاقة له بالتصنيف السابق. فإذا كان التأمّل هو الانصراف لخدمة المسيح، والعمل هو خدمة القريب، فإنَّ المسيح وحَّدَ ذاته مع الفقراء، والمساجين، والمرضى... "ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتموه". أي إذا أردنا أن ندهن قدمي يسوع بالطيب تأملاً، فعلينا أن نَصبَّه على أقدام الفقراء خدمةً.

ما هو العمل إذن وما هي الرؤيا (أو التأمّل)؟

الرؤيا هي عصارة العمل، أو ثمرة العمل، لا بل إنّها، بكلمة أخرى، غايته. التأمّل هو المنشود من الخدمة. الخدمة التي لا تقود إلى التأمّل ولا تلتحف بجوِّه هي عاقر.

الخدمة والعمل هما المرحلة الأولى للحياة الروحيّة، والرؤيا، أو التأمّل، أو معاينة الله، هي المرحلة الثانية. المرحلة الأولى هي، بمعنى آخر، حفظ الوصايا. ومن ضمن هذه الوصايا أحببْ الربّ إلهك من كلّ قلبك واحببْ أيضاً قريبك كنفسك. في مرحلة العمل تندرج الصلاة، والأصوام، والأسهار، والرهبنة، والبريّة، والمؤسسات، والخدمة، والمطالعة، والدراسات، وكلّ أعمال وأتعاب الفضيلة.

أمَّا المرحلة الثانية فهي معاينة الله (الرؤيا - التأمّل) من خلال تقدمة كلّ أنواع الأتعاب السابقة. نحن نعمل لنعاين الله. لنا الحقّ، لا بل هو واجب علينا، أن نختار أسلوب العمل؛ ولكن ليس لنا الحقّ بألاَّ نتأمّل. بكلامٍ أوضح، إنَّ طرقَ الخدمة، والصلاة، والعمل، ما هي إلاَّ اجتهادات وجهادات لتطهير النظر ولتؤهّلنا لرؤية الله والتأمّل به.

الفقير هو أيقونة للمسيح، أنظرُ إليه فأرى المسيح الفقير، وأشتهي له الكساء والغذاء. المؤسسات أيقونات أخرى أرى المسيح فيها ومنها. كلّ أداة وكلّ خليقة هي أيقونة للربّ. من العلْم يجب أن أرى يسوع، يسوع غاية كلّ بحث أو دراسة. الأولاد أيقونة للرب، أَوَلَسنَا نرى في أولاد فلان أيقونته؟ كذلك نرى في أولادنا أخوة المسيح وأولاده. أتعبُ على تربيتهم ليبلغوا إلى ملء قامته. اللاهوت؛ إنّه أيقونة كلاميّة وخبرات داخليّة تكشف لنا وجه المسيح. المؤسسات هي أدواته التي تفوح منها رائحة أتعابه وأعراقه.

نحنُ جماعة نخرج من العمى إلى الرؤية، نلتمسُ طريقَنا إلى وجه يسوع: أحدنا في رهبنة، وآخر في مؤسسة، والطرق عديدة. وكلّما ازددنا تعباً وإخلاصاً كلّما انبلج لنا نورٌ جديد لتصير أيقونة المسيح أوضح.

الرؤيا؛ أي التأمّل يبدأ مع العمل والخدمة، ويزداد حتّى يصير العالم كلّه صورة واضحة نتأمّل فيها وجه يسوع. نعمل إذن حتّى يصير يسوع هو الكلُّ في الكلِّ، أو حتّى نصير رجال رؤيا ثابتة وواضحة، كبولس الخادم الذي قال: "لستُ أنا أحيا بعدُ بل المسيح يحيا فـيّ". صرخة المسيحيّ الدائمة هي:

"أرني وجهك" فيلذُّ لك تأمليّ وأنا أفرح بالربّ.

آميــن


الميتروبوليت بولس مطران حلب
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 13:58 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.03776 seconds with 13 queries