![]() |
س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
![]() ![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#1 | ||||||
عضو
-- قبضاي --
|
![]() أردت ـ في الجزء الأول من هذا الموضوع ـ أن أشير إلى انّ العهد الجديد يؤيّد ما جاء في نبوءات العهد القديم, وخاصة تلك التي تختصّ بالمسيح, مسيّا المنتظر. وأنتقل ـ في هذه التتمة للموضوع ـ لأؤكد أن الكنيسة تقوم على ما يعرف بالتقليد الشريف المقدس, لا على الكتاب المقدس وحده كما قد يعتقد الكثيرون , فأقول:
الكتاب المقدس ما هو إلا جزء من التقليد الشريف, والتقليد هو النقل والتسليم من جيل إلى جيل سواء أكان هذا التسليم شفهيّا أو مكتوبا. فالرسل نقلوا وعلّموا كل ما شاهدوا وسمعوا وتعلّموا من السيد المسيح, وخلفاؤهم تابعوا النقل بذات الطرق شفهيّا وكتابة,فكان يكتب ما هو ضرور للإيمان والخلاص كما نقرأ في ( يو20: 30, يو2: 12, لو1:1-4). لك ظل الكثير من التعليم ينقل شفهيّا. إنّ الكنيسة تؤمن بحزم بأنّ ما تكلم به الرسل القديسون وعلّموه لا بقل أهمية عما كتبوه لأنّ الذي ينطق بألسنتهم هو الروح القدس ( يو16: 13, متى10: 19-20). لقدحافظت الكنيسة الأورثوذكسية غلى هذا التقليد بأمانة إدراكا منها لمدى أهميته, وثبّتته في مجامعها المسكونية السبعة التي انعقدت في القرون الثمانية الأولى بعد الميلاد. لكن في الآونة الأخيرة , أخذت جماعات تخرج الى العلن وتعلن عن مفاهيم غريبة لبعض آيات ونصوص العهدين القديم والجديد, وراحت كل جماعة تدعي أنها تمتلك مفتاح التفسير الصحيح, لكن أيّا منها لا تتصل بالكنيسة الرسولية ولا تنتمي إليها, بل على العكس فقد تشرّبت كلها بالروح اليهودية الصهيونية إلى حدّ بعيد. * مسيحيون أم متصهينون؟ عرضت سابقا كيف أخذ الكثيرون من المسيحيين يرفضون قبول العهد القديم ويدعون إلى الفصل بين العهدين, وراحوا يشهّرون بما ورد في العهد القديم من حوادث وأخبار, وسآتي اليوم على ذكر جماعات تتطرّف في تفسيرها وفهمها لحوادث وروايات العهد القديم والجديد أيضا. هؤلاء أسؤوا الفهم وانحرفوا إلى مفاهيم وعقائد خاطئة غير قويمة, ونصّبوا أنفسهم منابر للفكر الصهيوني الذي يسعى, في جملة ما يسعى إليه, إلى تدمير الكنيسة. رأىهؤلاء المتطرفون أن الكتاب المقدس يضم عددا من النبوءات التي تشير إلى أن الله سيجمع " شعبه" من أنحاء الأرض ويأتي بهم إلى أرض اسرائيل " أرض الميعاد"التي وعد بها ابراهيم ونسله. من هذه الآيات على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في (أش27: 12, إر16: 14, حز28: 24-26, ... ). وقد وصل الأمر ببعضهم إلى حدّ الإعلان أن الله بدأ فعلا بتنفيذ ما وعد به في كتب الأنبياء منذ أن بدأت الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين وقيام دولة إسرائيل في الأرض التي وعد بها الله خليله ابراهيم ونسله. ورأى هؤلاء أن دعم هذا العمل وهذه الدولة هو واجب ديني وتنفيذ لمشيئة الله تعالى, حتى أن الكثيرين منهم يؤثرون في مراكز صنع القرار في العالم. إن هؤلاء ـ ويا للأسف ـ يقدمون شهادة مغلوطة عن المسيحية وعن الكنيسة إذ يصورونها مؤمنة بحق عودة اليهود إلى ( أرضهم) قبل أن يعود المسيح ثانية ليحكم شعبه.! وبدون تسمية أحد, أشير هنا إلى أن الولايات المتحدة والقارتين الأمريكية والأوروبية تشكل مهدا لهذه الجماعات التي تتكاثر بسرعة وتضلّ الكثيرين إذ تحولهم أتباعا لها, والكنيسة منهم براء. وحتى لا يكون في الكنيسة الجامعة الرسولية التباس حول المفهوم الحقيقي لتعابير " الاختيار" و " شعب الله" و" أرض الميعاد", لا بدّ من عرض هذا المفهوم بشيء من التفصيل. مفهوم الاختيار وعبارة " شعب الله"! " لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك وإياك قد اختار الرب الهك لتكون له شعبا أخصّ من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض ..." وردت هذه العبارة في ( تث7: 6), فهل يعقل أن يكون الله قد اختار شعبا وفضّله غلى سائر الشعوب بهذه البساطة, وهو العادل المحبّ المنزه عن الخطأ؟! ـ قراءة ساذجة للعهد القديم جعل البعض يرى أن هذه العبارة ( وهناك كثير غيرها بنفس المعنى) إنما تدلّ على أن اليهود نسبوا إلى الله في كتابهم ما لا يمكن أن يتفوّه به, فكانوا بذلك هم المعارضون للعهد القديم. كما أن البعض الآخر الذي يتمسّك بحرفية النصوص دون مدلولاتها يجزم بأن هؤلاء العبرانيين إنما هم شعب اختاره الله دون الآخرين وميزه عنهم ليكون شعبه الخاص. لدينا في الكنيسة تجربة هي أن الله يختار بعض الناس ليوصل من خلالهم رسائله ومقاصده إلى البشر. فقديما اختار الله رجالا ونساء حملوا مقاصده وإرادته مثل: نوح, موسى, إيليا, أشعياء , إرميا, يوحنا المعمدان... كذلك اختار المسيح اثنا عشر رجلا بسيطا وقضى معهم سنوات ثلاث يعلمهم إرادة الله ومشيئته, ثم أرسلهم ليحملوا ما علّمهم إياه إلى العالم أجمع. لكن الأمر الهام هو أن هؤلاء المختارين غالبا ما كانوا من فئة البسطاء من الناس اختيروا لينقلوا الإرادة الإلهية للآخرين, فلم يتكبّروا على الناس بسبب اختيار الله لهم دون سواهم ولم يتغطرسوا أو ينعزلوا بل بذلوا ذواتهم في سبيل تأدية الرسالة التي أؤتمنوا عليها. من هذا المنطلق نعالج هنا مسألة " الشعب المختار" : هؤلاء الناس اختيروا لتحقيق مقاصد الله وإظهار إرادته للعالم... هذا هو معنى الاختيار. فالاختيار بهذا المعنى مسؤولية وخدمة, وهو أن يقوم هذا الشعب بإتمام الرسالة التي أفرزه الله لكي يحملها للعالم. إنه عبء وليس امتيازا. بفضل محبة الله اختير لكي ينقلوا مقاصده للإنسانية كلها, فكانوا بذلك هم السراج الموقد الموضوع على المنارةلكي يضيء للجميع بنور الرب المحيي( مت5: 15), وبالاختيار وضع هؤلاء في موقع خدمة ومسؤولية تجاه سائر الأمم, لافي موقع آخر. أما مقاصد الله التي كان عليهم أن يحملوها للأمم فهي حياة الله وبركته ونعمته. هذا هو مدلول وعد الرب لابراهيم: " ...بك تتبارك جميع أمم الأرض" ( تك12: 3). إن عبارة " شعب الله " أو " الشعب المقدس" تشير إلى خليقة جديدة صادرة من الله تختلف عن سواها بالسيرة الفاضلة النقية, والتقديس هو الفرز وفصل الشيء عن سائر الأشياء وتخصيصه. ومنه كان المطلوب من هذا الشعب الذي اختير و أفرز للرسالة أن يسلك سلوكا نقيا ويتخلق بأخلاق متميزة ومختلفة. القداسة صفة مميزة لشعب الله وبدونها يفقد صفته وهويته ووجوده أيضا. هذا هو الشعب الذي دعي " مملكة كهنة وأمة مقدسة" , فالكاهن يرسم ليكون صلة حية بين الله والشعب, وهكذا " الشعب المختار" هو صلة حية بين الله وباقي الشعوب المختلفة بفسادها وحروبها وأهوائها. بوساطة "الشعب المختار" يجتذب الرب سائر الشعوب إليه تماما كما اجتذب المسيح الناس بتلاميذه البسطاء, ها الأمر يفترض ألا يتشبّه هذا الشعب بالأمم الأخرى في فسادها وانحرافها. أرض الميعاد يصوّر العهد القديم الشعب العبراني الخارج من مصر يسعى لاهثا لكي يصل إلى الأرض التي تفيض لبنا وعسلا, والتي يعتقد أن الله يقودهم ليسكنهم فيها وحدهم ويسلّطهم على البشر والحجر فيها. فما أن يصلوا إلى أرض فلسطين " أرض كنعان" حتى يعيثوا فيها قتلا وتدميرا ونهبا, كأن الذي خلّصهم من العبودية والذلّ طلب إليهم أن يمارسوها على الآخرين. ومع مرور السنين تعلق اليهود بهذه البقعة الجغرافية وبالهيكل الذي أقاموه في أورشليم أيام الملك سليمان" وبناه لهم الكنعانيون " أكثر من تعلقهم بالذي أتى بهم إلى هذه الأرض وبالساكن في ذلك الهيكل. لكن السؤال المطروح هنا: هل أرض الميعادالتي وعد بها شعب اللههي بقعة جغرافية معينة من هذا العالم؟ وهل هي فلسطين مثلا؟! إنّ الكنيسة ومن خلال نور المسيح ترى فيما سبق رموزا بقيت غامضة حتى أماط اللثام عنها يسوع في تعاليمه. وأرض الميعاد الحقيقية هي الملكوت السماوي حيث ما من أرض تفيض لبنا وعسلا سواه, هي جنة عدن التي طرد الإنسان منها يوم عصيانه, ليس لها حدود ولا هي بقعة من هذه الأرض المادية, ففي هذا العالم أماكن أكثر جمالا وغنى وخصبا من أرض كنعان, لكن الأرض التي وعد بها الله أتقياءه ليست من هذا العالم لأنها مملكته هو و " مملكته ليست من هذا العالم " ( يو18: 36), هناك سيقيم أخصّاؤه " ويكونون له شعبا ويكون لهم إلها" . هذه الأرض اللا مادية سبق أن رآها الرسول القديس يوحنا الإنجيلي ووصفها في سفر الرؤيا باسم " أورشليم الجديدة" بوصف رؤيوي جاء فيه" لم أر فيها هيكلا لأن الرب القادر على كل شيء هو والحمل هيكلها. والمدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيه لأن مجد الله قد أنارها والحمل سراجها. وتمشي شعوب المخلّصين بنورها وملوك الأرض يجيئون بمجدهم وكرامتهم إليها ... ولن يدخلها شيء دنس ولا ما يصنع رجسا وكذبا إلا المكتوبين في سفر حياة الحمل"(رؤ21: 22-27). هذه هي أرض الميعاد يدخلها " الذين يصنعون وصايا الله ومشيئته " " ويبقى خارجها " الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يحب ويصنع كذبا" (رؤ22: 14- 15). هنا أيضا يقف المشككون ليقولوا أنّ لا رابط بين الملكوت السماوي وأرض الميعاد, فنجيبهم أنهم لم يقرؤوا الكتاب المقدس في ضوء تعاليم المسيح ورسله القديسين, وإلا لكانوا فهموا تلك الرموز والإشارات التي كانت ملتبسة سابقا. أما للمتطرفين الذين يرون أن فلسطين أرض وعد الله بها شعبه اسرائيل ويجندون أنفسهم لتسهيل عودة اليهود إليا مكررين ما حدث يوم دخلوا أرض كنعان فأعملوا فيها النار والسيف, فإننا نقول لهم إنهم لا يعرفون المسيح ولا هم أدركوا مشيئته ولا اختبروا المحبة الإلهية التي تجسّدت لكي نراها ونتلمّسها نحن البؤساء. أليس ما يفعله الصهاينة اليوم بأبناء شعبنا في فلسطين هو ذاته ما حدث يوم دخلوها بعد خروجهم من مصر, وهم يعتقدون أن هذه هي أرضهم؟ وهم الآن يبحثون عن أنقاض هيكلهم وكأن إقامته هي تحقيق للمشيئة الإلهية, وكأنّ بناء الهيكل هو ما ينقص حتى يأتي الرب ويسكن وسط شعبه. إنّ التفسير الحرفي لما ورد في العهد القديم أو الجديد يقود حتما إلى فهم مغايرللمعنى المراد, لذلك لا بدّ من قراءة العهد القديم في نور العهد الجديد, وقراءة العهد الجديدانطلاقا من نبوءات العهد القديم, فمفتاح فهم كلّ منهما موجود في الآخر. أما انزلاق بعض الجماعات التي تتوالد في بعض دول العالم في مفاهيم خاطئة تدفع بها إلى الترويج لأفكار غريبة تقول بضرورة العمل على تحقيق وعود الله وعودة شعبه من شتاتهم إلى أرضهم الموعودة فلسطين, ومساعدتهم على إيجاد مكان هيكلهم وبنائه, وادّعاء هذه الجماعات أنّ هذا هو ما ورد في الكتاب المقدس, فهذا غريب عن الكنيسة ولا علاقة لها بمثل هؤلاء الأدعياء. هل اليهود حقا شعب الله المختار؟ بعد أن اختارهم الله قديما لحمل مقاصده, عاش العبرانيون ذلك التناقض الذي نجم عن معرفتهم بأنهم شعب مكرّس لله, ومحاولاتهم لمجاراة الأمم المحيطة بهم, ولم يصموا طويلا إذ سرعان ما استسلموا( للعنف والظلم والفساد والخطيئة مبتعدين عن الخط الإلهي), وزادوا على ذلك أن جعلوا من الله تغطية لهم وضمانة لتحقيق شهواتهم ومآربهم. هكذا خانوا الرسالة, وبدل أن يكونوا ملح الأرض تحولوا إلى الخطيئة والشرور. وقد جاء الإنحراف منذ أن خرجوا من أرض مصر: فسرعان ما تجاهلوا الرب الذي خلصهم من العبودية في مصر وطلبوا إلى هرون أن يصنع لهم آلهة تسير أمامهم بعد أن تأخر موسى على الجبل (خر32). وهم الذين دخلوا أرض كنعان بالسيف والنار على بحيرات من الدم شأنهم شأن سائر الأمم الأخرى, كما أن مطالبتهم بملك يقوم عليهم كسائر الأمم يعني أنهم يرفضون الرب إلههم ويعلنون مللهم من خدمته. قال الرب لصموئيل: " اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك, لأنهم لم يرفضوك أنت بل إيّاي رفضوا حتى لا أملك عليهم" ( 1صم8: 7-9) والكتاب المقدس يشهد عليهم. وصار اسرائيل أسير دوامة العنف والاستبداد. وكانوا يجرون الهلاك على أنفسهم, وكان ذلك موضوع إنذار الأنبياء لهم إذ أخذوا يذكرونهم بدعوة الله لهم وبانحرافهم عنها وهم لا يزالون يتوهمون أنهم شعب مقدس لله ! " أنا الرب الذي لم تسلكوا في فرائضه ولم تعملوا بأحكامه بل عملتم حسب أحكام الأمم الذين حولكم... " ( حز 11: 12). " قل لهم ـ لشعب اسرائيل ـ هكذا قال السيد الرب : تأكلون بالدم وترفعون أعينكم إلى أصنامكم وتسفكون الدم . أفترثون الأرض؟ وقفتم على سيفكم فعلتم الرجس وكل منكم نجّس امرأة صاحبه أفترثون الأرض؟ " ( حز33: 25-2). ولم يتأدب الشعب بعد السبي فعتد وبنى الهيكل وحصّن نفسه بالأسواروعاد إلى التقوقع والانعزال وازدادت عنصريته حتى قام عزرا ونحميا يدعونهم إلى التخلي عن زوجاتهم الغرباء وأولادهم منهنّ. ولم يزل أحفادهم إلى اليوم أسرى عنصريتهم الحاقدة التي تمنعهم حتى من العيش إلى جوار الآخرين, فلا يهنأ لهم بال إلا بإلغاء الآخر الذي يختلف عنهم. لكن في وسط هذا السواد , كان هناك " بقية" من الشعب لله يتردد ذكرها في أسفار الكتاب, تنتظر أن يقيم الله ملكا لشعبه يختلف عن ملوكهم, سيفه الحق ودعوته السلام " قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفيء... " , " من أجله يسد ملوك أفواههم لأنهم قد أبصروا ما لم يخبروا به وما لم يسمعوه فهموه... " ( أش 42: 3, 52: 15). في عهده ستتحقق العودة الحقيقية إلى الله وينبعث سلام الرب من أورشليم إلى العالم كله ( أش 2: 2-5). هو الذي سيبني الهيكل الحقيقي ويقيم المملكة الأبدية كما وعد الله داوود أباه بفم ناثان النبي " اذهب وقل لعبدي داود هكذا قال الرب ... متى كملت أيامك واضطجعت مع آبائك أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك وأثبت مملكته. هو يبني بيتا لاسمي, وأنا أثبّت كرسي مملكته إلى الأبد. أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا .. " ( 2صمو7: 1-17). * الكنيسة ملكوت الله على الأرض: بعد أن شرحنا مفهوم الاختيار ومعنى الشعب المختار وأرض الميعاد, علينا أن نرى كيف تحققت وعود الله. فوعود الله صادقة وأمينة رغم عدم أمانة الناس له. لقد فقد اسرائيل النعمة عندما انجرف في تيار أهوائه بعيدا عن خدمة الله ومقاصده, وقد أعلن لهم يسوع علانية أن الرسالة قد انتزعت منهم وأعطيت لآخرين أكثر أمانة منهم " إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تصنع أثماره... " ( مت21: 43). ولما سمعه اليهود عرفوا أنه يتكلم عنهم.هذه الأمة الجديدة هي الخليقة الجديدة التي خلق بها الله العالم بابنه يسوع المسيح. أقصد االكنيسة التي هي شعب الله المختار الجديد المدعو إلى إكمال الدور والمهمة التي أخفق في تنفيذها اسرائيل, وبها تتبارك جميع أمم الأرض. هي جسد المسيح الحقيقي ومسكن الله في وسط البشر. نجح المسيح حيث أخفق اسرائيل, لأنه رفض منطق العالم ولم يقبل أن يتوّج ملكا قوميا, فقاده رفضه لمنطق هذا العالم إلى خشبة الصليب. ولم يستعمل منطق العنف لمواجهة ذلك, بل تصدّى بآلامه لرئيس هذا العالم " الشيطان" وخضع لمشيئة الله خضوعا تاما ( لتكن مشيئتك). " أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس, وإذ وجد في الهيئة كإنسان, وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب, لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثوباسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الثرى, ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو ربّ لمجد الله الآب"(فيل2: 7-11). هكذا صار المسيح رأسا للخليقة الجديدة " الكنيسة " وهي جسيده الذي يحيا تلك الحياة الألهية. الكنيسة ـ منذ أن كانت إثني عشر شخصا وأخذت تكبرو تضم إليها جموع المخلصين ـ حملت الأمانة التي أرادها لها الرب يسوع, وحملت مقاصده إلى العالم أجمع لا ترهب سيفا ولا بطشا ولا ألما, وهي لا تزال وستبقى حتى يوم مجيئه المرهوب تعلن اسمه للعالم. تبقى الكنيسة الشاهد الأمين للمسيح, الأعظم فيها هو خادم للجميع. وقد اختصر صاحب الغبطة سيدنا البطريرك أغناطيوس الرابع الجزيل الاحترام كل ما يجول في نفسي فيما يتعلق بهذا الموضوع في عبارة واحدة في كلمته الترحيبية بقداسة البابا يوحنا بولس الثاني في الكاتدرائية المريمية يوم 5/ 5/ 2001 بقوله " قدر المسيحيين ـ على غرار معلمهم ـ أن يغسلوا أرجل كل الناس دون النظر إلى دينهم أو إلى عرقهم, إننا مدعوون إلى أن نمسح دموع كل الذين يبكون " 3 . ولا أجد أبلغ من هذا لأتحدث عن الرسالة التي دعي لتأديتها المسيحيون أي الكنيسة إلى العالم, و هي نفسها الرسالة التي دعي إليها إسرائيل ورفضها. إن رفضنا لهذه الدعوة وانحرافنا نحو ملذات هذا العالم سيدفع بنا إلى السقوط والانهيار كما إسرائيل القديم , ولن يفيدنا القول إنّ المسيح معنا وبيننا, لأنّ أولئك لم ينفعهم قولهم هوذا ابراهيم أبانا والله في وسطنا. الكنيسة الحقيقية هي شعب الله المختار الجديد وهي اسرائيل الحقيقيّ وهي الصورة المنظورة لملكوت الله غير المنظور الذي هو أرض الميعادحيث المسيح هيكلها ونورها وماسح كل دمعة من عيون أبنائها. الكنيسة تعي في نور المسيح أن القصة التي تروي خروج العبرانيين من مصر إلى أرض الميعاد ليست سوى صورة مسبقة للخروج الحقيقي من أرض العبودية للخطيئة والشيطان ففي هذا العالم إلى الملكوت السماوي. العبور تمّ بيسوع المسيح الذبيحة الإلهية يوم الفصح ( وكلمة الفصح بالعبرية تعني العبور), وكان اليهود يحتفلون بالفصح إحياء لذكرى خروجهم من أرض مصر وعبورهم البحر الأحمر بقيادة موسى. أما الكنيسة فتعيّد فصحها الحقيقي الذي هو ذبيحة المسيح الذي عبر بها من أرض العبودية إلى الملكوت. والكنيسة التي ما زالت تجاهد على الأرض تؤمن أنها جزء من الكنيسة السماوية حيث القديسون والصديقون حول عرش الله, وسيكتمل انضمامها إلى ذلك الملكوت يوم مجيئه الثاني الرهيب حيث سيملك على شعبه إلى الأبد. لهذا نستطيع القول ختاما أنّ الكنيسة حقا براء من كل من يروّج لضرورة عودة شعب الله إلى أرض فلسطين, أو من يروّج لإعادة بناء هيكل سليمان الذي تنبأ المسيح بخرابه إلى الأبد " هوذا بيتكم يتلاك لكم خرابا" (مت23: 3 ![]() المراجع المعتمدة: 1- راجع: هل يلغى العهد القديم ـ الأب منيف حمصي ـ الطبعة الأولى 1995. 2- كوستي بندلي ـ اسرائيل بين الدعوة والرفض ـ منشورات النور. (الدمشقي:انسان مسيحي)
نحوك عيني ...فامنحني القوة .... واعطني الايمان...
|
||||||
![]() |
![]() ![]() |
|
|