عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #15
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


هذا ما يقوله نجيب محفوظ عن الحضارة الأولي الحضارة الفرعونية، ونود أن نشير من جانبنا أن قوله هنا يكشف عن تأثره بجوانب فلسفية عديدة، أنه يسعي إلي الثابت وليس إلي المتغير أنه ينشد الحقيقة وراء الظاهر، أنه يركز علي الأفكار أكثر من إشاراته إلي الأشياء الحسية العادية، وإلا كيف نفسر حديثه عن الحقيقة والعدل، وإشاراته إلي العقل والضمير، إن هذا كله أن دلنا علي شئ فإنما يدلنا علي التزام أديبنا بخصائص الفكر الفلسفي إلي حد كبير وكم لعبت الفلسفة دورها الحيوي والنشيط في تنبيه أديبنا نجيب محفوظ إلي عوالم جديدة لم يكن بإمكانه اكتشافها ولا التوصل إليها بدون دراسته للفلسفة، إن أدبه يمثل أدب التفسير إلي حد كبير ومن هنا فإننا نجد موقفًا محددًا من خلال أعماله الأدبية وهذا الموقف يعد إلي حد كبير موقفًا فلسفيا.
يضاف إلي ذلك أن حديثه عن الحضارة الفرعونية باعتبارها إحدي حضارتين نشأ بينهما يدلنا علي تأثره بالعديد من الأفكار التي نجدها بيين ثنايا النتاج الأدبي والفكري والفني الذي تركه لنا رجال مصر القديمة، وهل كان من المصادفات أن يشير نجيب محفوظ إلي إخناتون صاحب أشهر قصيدة في التوحيد في العصور القديمة، وما تتضمنه هذه القصيدة من الدلالات الفلسفية صحيح أننا لا نجد فلاسفة في مصر القديمة ولكننا نجد العديد من الأفكار التي لا تخلو من دلالات فلسفية، ومن بينها أفكار إخناتون. وليرجع القارئ إلي روايات نجيب محفوظ وخاصة عبث الأقدار ورادوبيس وكفاح طيبة، بل إلي عشرات الروايات الأخري وسيري كيف كان نجيب محفوظ متأثرًا بالعديد من الروايات والأبعاد التي نجدها في مصر القديمة. إن هذا كله يدلنا علي تفتح عقلية نجيب محفوظ وإيمانه بدور الفلسفة والتفلسف، فالفكر الفلسفي ليس مقصورًا علي زمان دون زمان، ليس مقصورًا علي شعب دون شعب، أو مكان دون مكان، وكم نبهنا إلي ذلك كثير من الدارسين الأعلام ومن بينهم بول ماسون أورسيل في كتابه " الفلسفة في الشرق " وإذا كنا نقول بقارة الأوراسيا التي تجمع أوروبا وأسيا، فكيف إذن نجيء بعد ذلك ونقول إن شعبًا يستطيع التفلسف وإبداع المناهج الفلسفية، وشعبًا آخر ليست لديه القدرة علي الإبداع الفلسفي. إن ذكر نجيب محفوظ للفكر الشرقي في مصر القديمة يدلنا علي اعتراف من جانبه بأهمية هذا الفكر وما فيه من دلالات وأبعاد ومجالات فلسفية. ولا أشك أن دراسة نجيب محفوظ لهذا الفكر قد ساعدته - كما أشرت - علي تشكيل بعض أفكاره الفلسفية - والتي لم تظهر في الروايات التي أشرنا إليها فقط، بل ظهرت في العديد من رواياته وذلك علي النحو الذي سنشير إليه فيما بعد.
ويستمر نجيب محفوظ في بحثه عن الثابت والخالد والجوهر وراء المتغير والزائل والمعرض، فيشير إلي الحضارة الثانية التي تأثر بها، فهو يقول في خطابه : "وعن الحضارة الإسلامية فلن أحدثكم عن دعوتها إلي إقامة وحدة بشرية في رحاب الخالق تنهض علي الحرية والمساواة والتسامح... ولا عن المؤاخاة التي تحققت في حضنها بين الأديان والعناصر في تسامح لم تعرفه الإنسانية من قبل ولا من بعد، ولكنني سأقدمها في موقف دراسي مؤثر يلخص سمة من أبرز سماتها، ففي إحدي معاركها الظافرة مع الدولة البيزنطية ردت الأسري في مقابل عدد من كتب الفلسفة والطب والرياضة من التراث الإغريقي وهي شهادة قيمة للروح الإنسانية في طموحها إلي العلم والمعرفة رغم أن الطالب يعتنق دينًا سماويا والمطلوب ثمرة حضارية وثنية".

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02888 seconds with 11 queries