عرض مشاركة واحدة
قديم 31/08/2009   #106
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


21 حزيران

أنا الآن أفهم الصلاة , بل أمارسها كلقاء حميم في علاقة الحبّ , أخاطبه بصدق و أستمع إليه بثقة . الصدق في مخاطبة الله هو بدء الصلاة , هذا يضعني أمام الله , حيث يجب أن أكون . أنا أعتقد أنّ العطاء الأساسي في الحبّ هو العطاء من الذات في الانفتاح على الآخر - و ما من عطاء حقيقي من دون هذا الانفتاح . فالعلاقة الحقيقية مع الآخر تبدأ في اللحظة التي نقرّر فيها أن نضع ذواتنا الحقيقية أمام الآخر , لكي يرفضها أو يقبلها , كما تكون , في مختلف أحوالها و الظروف . نحن لا نبدأ في عملية الحبّ إلاّ عندما نبدأ في الانفتاح بصدق على الآخر . لأنّ الحبّ عطاء من " الذات " لا ممّا أملك فعطائي ناقص , بل هو شبه عطاء , و لن يكتمل حقّاً إلاّ عندما أعطي من ذاتي في انفتاح صادق .

تبنى العلاقة مع الله كما تبنى كلّ علاقة شخصية , أقبل أن أقول له في الحقيقة من أنا . لا يمكنني أن أضع ذاتي بين يديه و أنتظر منه أن يقبلني أو يرفضني , أن يحبّني أو عرض عني قبل أن أقول له مَن أنا . فقاعدة مارتن لوثر Martin Luther الأولى في الصلاة هي :" لا تكذب على الله " . عندما أحاور الله في الصلاة , يجب أن ألقي بذاتي أمامه بكل حقيقتها . عليّ أن أبوح له بعمق مشاعري , و أفكاري , و رغباتي , مهما كانت طبيعتها . قد لا تكون كما أريدها , و لكنّها تبقى مشاعري أنا و أفكاري و رغباتي أنا , مع كلّ ما فيها من صواب و خطأ .

عندما بدأت أصلي هكذا إلى الله , طارحاً أمامه مشاعري بعري حقيقتها , عرفت آنذاك لماذا قادني الله إلى التمرّس على الاتّصال بذاتي .و عرفت لماذا علّمني كيف أواكب مشاعري المتغيّرة و رغباتي المتبدّلة . و لماذا مكنّني من أن أبوح بها للآخرين . لقد أفادني ذلك في مجالات متعدّدة , و لكنّه مكنّني , بنوع أخصّ , من أن أخاطب إلهي بصدق . لقد حرّرني من كذب تلك الصيغ المبتذّلة , المحضرة مسبقاً , التي تخنق التحدث الشخصي إلى الله في الصلاة . لقد أطلعته على حقيقة موقعي منه , و أخبرته عن إيماني أحياناً و عن قلّة إيماني أحياناً أخرى , عن قنوطي في الاستجابة لدعوته , عن امتعاضي من استعمال الآخرين لي " كمنفعة عامّة " , و كخادم عليه جميع الواجبات و ليس له أيّة حقوق . كما أنّي أفرغت أمامه كلّ عواطفي النابضة , مدلياً بحقيقتي دائماً من دون الادّعاء أبداً أنّي على حقّ .
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.13531 seconds with 11 queries