عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #3
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


هذا بالضبط ما وصلني من كلماته العادية، ولفتاته الطبيعية، وما يترتب عليها إذ «لسحرها الغامض جن بعضنا، وثمل آخرون بسعادة لا توصف».
عرفته بكل هذا القرب بعد الحادث القدر، وكان قد توقف عن القراءة قبل ذلك، ثم توقف عن الكتابة بعد الحادث، ففزعت أشد الفزع وآلمه، ورحت أتساءل كيف يمكن لهذا العقل البشري، لهذا الوعي الخلاق، لهذا الإنسان الحاد التلقي الغامر الإبداع، كيف يمكنه أن يستمر وقد ظل أكثر من سبعة عقود يتلقي ليرسل. يتمثل ليقول. يستوعب ليبدع. كيف يمكنه أن يستمر دون قلم وورقة. دون نشر وهجه المتجدد يضيء وعينا المتلهف. دون تلوين وتشكيل وإعادة تشكيل، دون استلهام إلهي. أو وجد نبوي؟ وحين لم تسعفني الإجابة جزعت، وصبرت، وأملت، وثابرت، فإذا بعشرتي له وتلمذتي علي هدي خطاه الوديعة علي أرض الواقع اليومي تخفف عني ما أصابني من ألم، وما تصورت من عجز، إذ راحت أصداء حضور شيخنا الجليل تجيب علي ما حيرني بما هدانا الله إليه، فجاءت إجابته ـ من واقع حركتنا اليومية ـ تحقق لي فرضًا طالما شغلني، فرضا يقول:
«إن الحياة الحقيقية هي الإبداع الحقيقي: قبل وبدون أي ناتج إبداعي آخر، خارج عن ذات صاحبه».
قيل وكيف كان ذلك؟
رحت أتأمل اختراقه لكل ما أصابنا إذ أصابه، رحت أتابعه وهو يروض القدر بفعل هادئ طيب صبور، ساعة بعد ساعة، يومًا بعد يوم، جلسة بعد صحبة، حديثًا بعد نكتة، فعاينته وعايشته وهو يبني معمارًا جديدًا هو ما سميته: الإبداع حي ـ حي (استعارة من التعبير صواريخ جو ـ جو)، أعني الإبداع الذي يصل مباشرة من وعي يتخلق إلي وعي يتشكل، دون حاجة لأن يصاغ في رموز خارج ذات صاحبها. أنا لاأعني ـ فقط ـ ما يشبه العلاقة الصوفية التي تتم بين الشيخ ومريديه، ولكنني أتذكر أيضًا علاقة الطفل بأمه (وكلاهماـ الأم والطفل ـ يعاد تشكيله إذا صحت العلاقة الجدلية) كما أتذكر علاقة الرسل بحوارييهم، قبل الوحي وبعده.
حين بدا لي أن هذا الفرض الذي افترضته يمكن أن يكون صحيحًا، فرحت فرحًا غامرًا إذ تصورت أن الله سبحانه قد أفاء علينا برحمته حين ألهم شيخنا أن يواصل إبداعه فينا إذ نتشكل ـ هكذا ـ في حضوره الحي المبدع، (كان هذا قبل أن يعاود كتابة أحلام فترة النقاهة). فإذا بنا نتعرف علي مقاييس أخري للإبداع، مثل أن يخرج الواحد منا ـ من جلسته ـ غير ما دخل، أو أن يكتشف الواحد منا ـ وهو يتحدث إليه ـ غير ما قصد، أو أن يتذوق الواحد منا ـ في حضوره ـ طعم الهواء الداخل إلي صدره غير ما ألف، كل ذلك من واقع هذه المعايشة البسيطة الصادقة العميقة. لقد راح شيخنا يقرؤنا ويكتبنا ثم يعيد كتابتنا، وهو لا يكتفي بهذا، بل يسمح لنا أن نعيد قراءته واستقبالنا له.
تأكد لي من خلال هذه الخبرة أن الإبداع ليس قاصرًا علي ما يكتب أو ينشر، ولا هو قاصر علي تشكيل اللون أو تنغيم اللحن، وإنما الإبداع أساسًا هو نوع الحياة التي يحياها الشخص، فحين يكون التلقي طازجًا، والدهشة حاضرة، والتعلم مستمرًا، والأسئلة لها نفس احترام ويقين الإجابات، تصبح الحياة ـ مجرد أن يمر عليك تلو اليوم وأنت حي ـ إبداعًا في ذاتها، مجرد أن تعي كيف تشرق عليك الشمس، أن تسمع همس أنفاسك، أن تتمتع بتأمل عروق ظهر يدك، أن تعني لمن تقول له «صباح الخير» أنه «صباح الخير»، أن تسمح لحلمك أن يبقي في وعيك بعض الوقت كما هو دون إضافة أو تأويل أو تفسير، كل هذا إبداع في إبداع، تأكد لي كل ذلك أكثر فأكثر حين عايشته مع شيخنا هذا، في زمننا هذا، طوال هذه السنوات الأخيرة بما يحتاج إلي إيضاح. في بعض ما يلي من عينات ليست مفصلة بشكل كاف.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05785 seconds with 11 queries