الموضوع: أسبوع وكاتب - 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/10/2008   #294
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


تحول المتنبي بعد ذلك إلى بغداد حيث زاد اختلاطه بالعلماء والمفكرين كما عاين الفوضى السياسية التي تعيشها مدينة العباسيين وخاصة تجرؤ الحركة القرمطية على تهديد الخليفة في عاصمته. احتك المتنبي في بغداد لأول مرة بشعراء البلاط فسحره عالمهم وبدأ المتنبي يرى في الشعر وسيلة للثراء وفرصة لإرضاء نرجسيته بتجاوز أهل عصره في الشعر وكان منتبها لسلطة الكلمة في زمانه فأخذ يعبد الطريق لموهبته بتنقله بين الأمراء والحكام منتظرا من يقدر موهبته الشعرية الخالدة، وحين تدور معظم قصائده حول مدحهم تكون ذاته حاضرة تحاصر نقائصهم ويقال أن المتنبي قد أسقط الكثير من القصائد في هذه مرحلة لأنه رأى أن من بين ممدوحيه من لا يستحق أن يذكر في ديوانه لأنه يمنحه الخلود.
عندما كان أبو الطيب يتنقل بين القبائل كانت حادثة ادعاء النبوة في بادية الشام وهي لم تثبت تاريخيا فلا وجود لها إلا في ترجمات المتنبي وقد تكون للبس الذي يحدثه لقبه كما قد تكون هي سبب تلقيبه بالمتنبي وهذه الحادثة قد ساهمت في أسطرة شخصية المتنبي ووضعت لمسة من القداسة على أشعاره ولم تكن هذه النظرية متداولة قبل اقتحام المستشرقين مجال الأدب العربي القديم فحاولوا أن يدعموها خاصة أن مثل هذه الدعوة لو كانت موجودة لما تساهل معه أمراء المسلمين فسجنوه بل كانوا حتما سيقتلونه كما أنه في الديوان ليست هناك إشارة لادعاء النبوة. وكان عمره آنذاك 19 سنة وهذه الفترة في عمره من أشد سنوات عمره غموضا ولكن المعقول أن المتنبي قد ركب موجة تمرد اجتماعي وحاول أن يتزعمها وكانت الحركات الباطنية وخاصة القرمطية في أوجها تعرف صعودا شعبيا جارفا وقبل أن يستفحل أمر المتمردين قمعهم أمير حمص فأسر المتنبي سنة 323-324 هجرية حتى استتابه فأفرج عنه وحادثة السجن مؤكدة تاريخيا كما أن لها ما يدعمها في ديوانه. كان السجن علامة فارقة في مسيرته وصدمة أجهزت على طموحاته البعيدة فقنع بموهبة الشعر ومضى كما كان شاعرا يتنقل بين من حلب إلى أنطاكية إلى طبرية يعيش حياة قلقة. وفي هذه المرحلة بذل المتنبي جهدا للتخلص من تأثيرات قراءاته ونحت أسلوب شعري خاص به بعد أن عمق تجربته للحياة ووضع هدفا له أن يصبغ شعره بلونها.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02824 seconds with 11 queries