عرض مشاركة واحدة
قديم 16/12/2005   #12
شب و شيخ الشباب Godfather
~
 
الصورة الرمزية لـ Godfather
Godfather is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
المطرح:
E m i r a t e s
مشاركات:
2,289

افتراضي


كتب صبحي حديدي


ما خلا زهرة الجولان ، الشريط الوثائقي للروائي والسينمائي صلاح دهني، و اعتماد مدينة القنيطرة مكاناً وحاضنة للسيرة الذاتية في فيلمَيْ محمد ملص أحلام المدينة و الليـــــل ، لا يظهر الجولان في السينما السورية إلا في إطار الموضوعات السياسية والدعاوية التي تعالج وقوعه تحت الإحتلال الإسرائيلي سنة 1967. ولهذا يصعب علي ســـــوريّ مثلي أن لا ينتابه مزيج من غصّــــة وحســــرة إذْ يكتشف أنّ أفضـــــل ما قدّمه الفــــنّ السابع عــــن الجولان هو، حتي إشعار آخر قصير الأجل كما يُرجي، الفيلم البديع عروس سورية The Syrian Bride للمخرج عيران ريكليس... الإسرائيلي!

وليس الأمر أنّ الفيلم إدانة دامغة صريحة وذكيّة للإحتلال الإسرائيلي، أو استكشاف نزيه وصادق لتشبّث أهل الجولان بالهوية السورية رغم كلّ مشاقّ ومصاعب الحياة في ظلّ الإحتلال فحسب، بل الأمر أوّلاً وببساطة أنّ الفيلم ينأي بعيداً عن الكليشيهات المألوفة التي تُثقل أيّ بحث فنّي في مسألة الإحتلال، ويغوص عميقاً في قلب مفردات العيش الإنسانية والنفسية والسلوكية التي تنتجها وقائع الإحتلال كلّ يوم. هي حكاية مني، الصبيّة الجولانية إبنة بلدة مجدل شمس، التي ستُزفّ إلي زوجها السوري نجم المسلسلات الهزلية المقيم في دمشق، وذلك عبر بوّابة مدينة القنيطرة المحتلة، وبإشراف الصليب الأحمر.

هذه، في جملة واحدة، حكاية الفيلم الذي تتفرّع فيه حكايات صغري هنا وهناك، تتآلف علي نحو بارع للغاية لكي تصنع رسائل الفيلم، المباشرة أو المصاغة في شيفرات شفيفة، والتي تضع واقع الإحتلال في الخلفية لكي تتوغّل في صميم حيوات الأفراد، بحيث ينتهي السيناريو إلي ما يشبه رواية العائلة وتقاطع المصائر. والنصّ الأدبي، الذي أنجزه المخرج بالتعاون مع الكاتبة الفلسطينية سهي عرّار، يقيم توازناً دقيقاً للغاية بين المأساة التي تبلغ ذروة كافكاوية وسوريالية، والملهاة التي تسبغ علي النكتة روح المرارة؛ وبين المشهد العاطفي الذي يجعل الدموع تطفر بكاءً، وذاك الذي يجعلها تنهمر ضحكاً؛ وبين التشاؤم هنا، والتفاؤل هناك، والتشاؤل معظم الوقت... في استذكار عن سابق قصد للروائي الفلسطيني الراحل إميل حبيبي كما يقول ريكليس...


عن سابق قصد أيضاً أنّ معظم ممثلات وممثلي الفيلم فلسطينيون، تأكدوا ــ تماماً كما فعلت سهي عرّار ــ من أنّ المشروع لا يستبطن أيّة مقولة صهيونية، ولا ينطوي علي أيّ تجميل للإحتلال، بل ينتهي إلي العكس تماماً وصراحة. هنالك هيام عبّاس طبعاً، في دور أمل أخت العروس الكبري، والفنّانة الكبيرة التي تشدّنا هذه المرّة أيضاً إلي إغواء الغموض في شخصيتها الفريدة؛ والعروس كلارا خوري (بطلة عرس رنا للفلسطيني هاني أبو أسعد)؛ ومكرم خوري، الأب الحائر بين مواقفه الوطنية التي أدخلته السجن، واضطراره إلي مجاراة التقاليد؛ وأشرف برهوم، الأخ الذي يعيش في إيطاليا، ومخلوق العولمة الطريف الذي يتاجر في كلّ شيء؛ وإياد شيتي، الأخ الثاني، والمحامي المنفيّ طواعية خارج البلدة لأنه جلب علي أبيه سخط رجال الدين بسبب زواجه من طبيبة روسية...


وثمة تفصيل مثير ويرتدي خصوصية سياسية لا تشبه معظم ما يكتنف الفيلم من خصوصيات، وهو أنّ يوم الزفاف يصادف أيضاً تنصيب بشار الأسد وإلقاء خطاب القسم من سدّة مجلس الشعب. والحال أنّ ريكليس يدهشنا حين ينتهز هذا التفصيل لكي يضخّ الكثير من مشاعر الولاء للرئيس الجديد علي لسان الأب حاتم، الذي يقول بعد الإستماع إلي الخطاب: أسد إبن أسد... ، وكذلك في المظاهرة التي تخرج احتفاء بالمناسبة ويتصدّرها رجال الدين، وتتضمّن شعاراتها الهتاف التالي: وحدة وحدة وطنية، والجولان سورية . كأن ريكليس أراد القول إنّ أهل الجولان متشبثون بالهوية السورية أياً كان ساكن القصر الرئاسي في دمشق، وليست هذه بالرسالة الطفيفة إذْ تصدر عن إسرائيلي!


ذروة الدراما، وهي أيضاً بؤرة الفيلم القصوي، تقع حين تتكشّف الجوانب البيروقراطية للإحتلال: من الجانب الإسرائيلي أوّلاً، حين يصرّ الموظف علي دمغ وثيقة سفر العروس بخاتم إسرائيلي يفيد مغادرة البلاد (إنها تغادر أرض إسرائيل فعلياً، يقول الموظف)؛ ومن الجانب السوري، حين يصرّ الضابط السوري علي رفض دخول العروس بوثيقة سفر عليها خاتم إسرائيلي (إنها مواطنة سورية تسافر من سورية إلي سورية، يقول الضابط)... متناسياً أنّ العروس ليست مواطنة إسرائيلية لأنها رفضت جنسية الإحتلال، ولكنها في الآن ذاته لا تحمل جواز سفر سورياً!


وهكذا، وبعد وقوع الصبيّة في هذه الـ No Man's Land العجيبة، إذْ ليس مسموحاً لها الذهاب إلي عريسها المنتظر عند معبر القنيطرة علي الجانب السوري، ولم يعد مسموحاً لها العودة إلي مجدل شمس بموجب قوانين الدولة العبرية. وفي برهة انكشاف فريدة تقرّر العروس عبور الخطّ المستحيل، ضدّ أعراف الإحتلال وضدّ البيروقراطية، ولكن أيضاً وأساساً: متجرّدة، أو مجرّدة رغماً عنها، من كلّ هوية! هذه، مع ذلك، ليست نهاية سعيدة لأننا لا نري العروس تخرج من البوّابة الإسرائيلية، ولا نراها تدخل عبر البوّابة السورية، بل إننا لا نراها أبداً في الواقع: تختفي هكذا في المطلق، وإنّ كانت عيون أختها أمل تشخص صوب جهة تشير إلي أنّ العروس السورية خرجت بالفعل من سورية، ودخلت إلي... سورية!

http://www.syrianbride.com/english.html


Come crawling faster, obey your Master
Your life burns faster, obey your Master
I'm pulling your strings
Twisting your mind and smashing your dreams
Blinded by me, you can't see a thing
Just call my name, `cause I'll hear you scream
Master

:7asheesh:

آخر تعديل Godfather يوم 16/12/2005 في 17:06.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04840 seconds with 11 queries