مبارزة
لقد تماسكنا بعنف ,
واجتلدنا بقسوة ,
وجرى الدم من قلبى ,
وقعدت أنت , فماذا بعد ؟
انكسار أحدنا,
وانتصار الآخر ,
والمغلوب هو أنت .
ألا تعتقدين هذا ؟ ألا تخافين ؟
ولكنى قدّرت كل ضربة ,
وشجاعتى الأخيرة ....جمعتها
وسأغلبك أيتها الحياة الفاسدة,
الحياة الشرسة .
نحن لم نبدأ اليوم , أليس كذلك ؟
فاشتباكنا قديم جدا,
واشتباكنا بكل حماسته .
يعود الى عهد بعيد .
ومنذ أيام طويلة
وذراعانا تجتلدان بعنف
ولن أنسى أبدا
قبضتك القاسية الوحشية .
فى المنجم انفجر الغاز
وكفّنت طبقة الفحم
خمسة عشر رجلا , هناك فى الأعماق.
لقد كفنت طبقة الفحم خمس عشرة جثة بشرية
وكنت أنا أحدهم !
أمام عتبة خربة
يدخن مسدس ملقى على الأرض
والجثة تتصلب ببطء..
ولا صرخة .. لا ضجيج -
طلقة ثم .. عفن
بخفة , دون عراك ,
دون اندفاع نحو الحياة ,
دون صيحة .
أتذكرين من كان ذاك ؟
لقد كنت أنا .
وعلى بلاط الرصيف الرطب
يرقد رجل , قتل فى كمين .
السماء مشحونة بالمتفجرات
تنهار بضوضائها على الساحة.
والرجل الذى يضجه هناك
فى بركة من الدم
هو أخى
وفى عينيه الوجاجيتين
يلتهب الحقد والحب.
***
الوحش , المجرم الذى رمى ,
أخفى آثاره فورا .
أتذكرين هذا الجبان ؟
لقد كان أنا .
***
ولكن أتذكرين , لقد مات طفل
فى باريس على المتاريس .
مات طفل فى المعركة ضد الروح الرجعية , الدامية .
فى أعراقه يتجمد الدم حرابا
شيئا فشيئا
ولكن بسمة خفيفة
تنزلق , لحظة , على شفتيه .
ثم تصبح الشفتان بلون البنفسج
ولكن فى العينين تلتهب شعلة,
ولكن كأن العينين تغنيان :
(( ايتها الحرية الحبيبة ...))
شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
|