[فسحة أمل]

الحرب الاسبانية:

لقد خضعت جميع دول أوروبا للنظام القاري ضد انكلترة ما عدا دولة صغيرة كانت حليفة انكلترا , هي البرتغال التي كان اقتصادها يعتمد في المقال الاول على المتاجرة مع انكلترا . فأرسل نابليون حملة عبر اسبانيا بدءاً من عام 1807 لغزو البرتغال ,وبالوقت نفسه أجبار اسبانيا التي كان يحكمها فرع من أل بوربون ملوك فرنسا قبل الثورة على توقيع معاهدة فونتنبلو في شهر تشرين أول 1807 تعهدت فيها بالاشتراك مع فرنسا في الهجوم على البرتغال وقد تم ذلك بسهولة.
وكان نابليون يبيت في قرارة نفسه أمر طرد آل بربون من اسبانيا فانتهز الفرصة وأمر القوات الفرنسية بالتدفق عبر جبال البرانس, واستولت على الحصون التي على الحدود وتقدمت باتجاه مدريد بقيادة الجنرال ميرا الذي استطاع اجتلالها وأجبرت الاسرة المالكة على التوجه والانتقال إلى مدينة بايون الفرنسية بعد التنازل عن عرش اسبانيا. وتوج نابليون أخاه جوزيف ملكاً على اسبانيا في أيار سنة 1808م.
إن احتلال اسبانيا كان من أعظم أخطاء نابليون , إذ لم يقدر مدى وطنية الاسبان وكرههم للحكم الاجنبي . لقد كانت العاطفتان الرئيسيتان عند الشعب الاسباني هما الدين والعزة القومية , فدفعت العاطفتان إلى مقاومة الفرنسيين بعناد.
وقد بدأت المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين , وعلى الفور قدمت بريطانيا الدعم والمساعدة , ومن ثم عمت الثورة الشعبية المسلحة التي أستخدم فيها الاسبان حرب العصابات التي قطعت المواصلات الفرنسية واربكت الجنرالات الفرنسيين . كما ارسل الانكليز جيشاً لدعم الثورة , وقد تمكن بمساعدة الاسبانيين والبرتغاليين نم طرد القوات الفرنسية من البرتغال أولاً , وتلا ذلك حرب التحرير في اسبانيا وجاء تسليم القائد الفرنسي ديبون في معركة بايلن في تموز 1808 مع عشرين ألف من رجاله بعد محاصرته من قبل الثوار الاسبان وقطعهم عنه الماء والامدادات , أول ضربة قاصمة للفرنسيين , واهتزت أوروبا للنبأ , ألا وهو استسلام قائد من قواد نابليون أمام جيش من الاسبانيين الأزرياء.
وأدى خطر الموقف إلى مجيئ نابليون بنفسه لتولي القيادة وإعادة أخيه جوزيف لعرشه , وأعاد احتلال مدريد بعد أن كان قد اجتمع في مدينة ابرافورت بألمانيا بقيصر روسيا وعقد معه اتفاقاً سرياً ينص على جلاء القوات الفرنسية عن بروسيا وعن أراضي بولونيا وموافقة نابليون على بقاء الجيوش الروسية في إمارات الدانوب ( مولدافيا ) ومقابل هذه التنازلات تتعهد روسيا بحفظ السلام في أوروبا الوسطى ومنع النمسا من الاعتداء على فرنسا خلال غيابه في اسبانيا.
بعد انتصار نابليون على الثورة على الرغم من النجدات الانكليزية التي وصلت إليهم. أخذ ينظم البلاد على أسس حديثة فقضى على مساوئ الحكم الملكي الاسباني القديم , وأدخل أصلاحات كثيرة إلا أن ذلك لم يغير الموقف العدائي للشعب الاسباني اتجاه الاحتلال الفرنسي فظلت حرب العصابات التي شنها الاسبان مستمرة.