الموضوع: أسبوع وكاتب - 3
عرض مشاركة واحدة
قديم 06/04/2009   #92
صبيّة و ست الصبايا The morning
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ The morning
The morning is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
Chicago
مشاركات:
7,423

افتراضي


يتحدّث الدكتور عبد الله ابو هيف عن مسرح وليد مدفعي و يتناول مسـرحياته واحده تلـو الآخرى :

مـسرحيه وعلى الأرض الـسلام ( 1961 ):


ان الصراع في «وعلى الأرض السلام» لا يرتكز على مادة أساسية، بل يناقش اهتماماً جانبياً في ممارسة شخوصه، ثم يرتمي على بساط الموضوع ناطقاً بوعظه: «لقد صدقت الآن والذي علمني الإيمان هذا الطفل الصغير وحده: مع أخيه الإنسان وتبادلهما المحبة والإخاء والسلام» (ص88 ).‏
وهكذا يوصلنا وليد مدفعي إلى توجيهات معلم المدرسة الابتدائية تماماً أو نصائح رجل الدين مكتوبة أو مشفوعة بمنبر عريض مثل خشبة المسرح دون أضواء. ومنذ زمن صرح تشيخوف بصوت عال: «إنك تريدني حين أصف لصوص الخيل مثلاً أن أقول: «إن سرقة الخيول عمل خاطىء». ولكن هذا شيء معروف منذ عصور طويلة دون أن أقول أنا ذلك. دع المحلفين يحكمون عليهم، فمهمتي هي ببساطة أن أبين أي نوع من البشر هم».‏ و ان رؤيه خيره لطفل وحدا لا تكفي لتبدل موقف مجرم أو خائن كما في مسرحيه (( وعلى الأرض السلام )) .

عن مـسرحيه البيت الصـاخب (1963) :

يباشر وليد مدفعي الصراع في «البيت الصاخب» لا في أتون الفعل، بل في زحمة احتفاله بصياغة لغته، وكأن استهداف الحقيقة من أقوال الساعي إليها، وليس من تتبع سيرة حياته في نضالها لتخطي وضعها المختل. إن البيانات والخطب والأقوال ـ ولا حاجة للشواهد ـ هي محرك «البيت الصاخب» وليس أفعالها، حيث بقيت الشخوص بمنأى عن نمو العلاقة إيثاراً لتراكم في التفاصيل يستدعي مزيداً من أناقة اللغة. إن الشخوص لا تملك قدرة المجابهة مع نفسها لذا عجزت عن أن تنهض على قدميها فتوازي قامتها ـ مجرد موازاة ـ خلل الواقع.‏

مسـرحية و بعدين ( 1970) :

أما مسرحيته «وبعدين» فتنطوي على حل مسرحي يكرس الموضوع قضية مطروحة لولا شطط عنصر الخيال بعيداً عن مسار القضية التي كرس لها وليد مدفعي اهتمامه الأول: كشف خونة الحياة، وهي مهمة صعبة، كما نرى، وتحتاج لمدار مفتوح ينفع معه اللجوء «الفنتازي»، ولكن ما فعله مدفعي هو الانحياز التام لإنجاح عنصر السخرية والفكاهة المصنوعة، لا مفارقة الموقف ودعابيته، وهو الأمر الذي أنجزه في رواياته الساخرة، مع الاحتفاظ بالمكانة المهمة لدلالة الصرخة ـ عنوان المسرحية: «وبعدين»، على الرغم مما تشي به من أحاسيس شعبية مكتوبة تعبيراً عن جماع نفاذ الصبر على المظالم. إن استشباه موضوع المسرحية يؤكد الشبه بينه وبين مثيله في الواقع. ثمة رجل «تعبان» فجأة ثم يعود لبيته ليموت قتيلاً برصاص زوجه البسيطة «التعبانة» مثله، إذ تحرض هي على قتله دفاعاً عن وضع خاطىء جديد.‏
كما يمكن لمسرحية «وبعدين» أن تكون ملهاة سوداء وأن تكون بعد ذلك، شاهداً على تطوح معنى الأمان بين الرقاد والصحو، إلا أن كثرة اللوازم الميلودرامية دون رصيد حقيقي من قوة العواطف الإنسانية جعل منها مرثاة لقدرة القوى المجهولة على العبث بمصير الإنسان.‏
أجراس بلا رنين( 1976) :

أما مسرحية «أجراس بلا رنين» فتأخذ ملامح حية ثم تعطيها دون إبطاء لإيقاعها حتى لتختلط وهي تعتلي رقاب فكرتها بفعالية عامة وهدف، وفي هذا سر نجاحها. «فايز» مدرس آثر المكوث في قرية ريفية مديراً لمدرستها بينما لا يجد فيها من معه سوى طريقه إلى راحته في المدينة. هنا، يبين وليد مدفعي بجلاء تناقض حلم المدرس «فايز» «بإقامة مدينة فاضلة» وتعلق غيره بأهداب الوضع القائم في المدينة.‏
تبدأ المسرحية بإعلان «نوال» ـ زوجة فايز ـ الصريح رفض الحياة في هذه الضيعة المتخلفة «الكريهة المقطوعة عن العالم» (ص13)، ولا يحلو لها وهي تعلن رفضها الصريح إلا استخدام كلمات مثل» «سئمت» (ص12) و«الرحيل.. الرحيل» (ص13) إيذاناً ببدء المواجهة بين زوجها والآخرين ممن يلتقون مع نوال على مغادرة الضيعة، وهم كثر: حسان الضابط المسرح الذي عمل أستاذاً في مدرسة فايز ريثما أعادوا له رتبته، فعاد بعد ذلك ليعتقل زميله الأستاذ، المتين العقيدة، «نضال»، و«حسن» الذي عمل ناظراً للمدرسة، ثم هجرها مع أخيه سلمان الذي استكمل دراسته العليا، وأصبح بمقدوره أن يقيم في المدينة. إنهم في الطرف الثاني يتكالبون مع نوال على المال والراحة والاستغلال والأضواء حيث يبقى فايز وحيداً مع المدرس نبيل، وفي طرفهما درس من علي بائع الحليب: «سأكون مسؤولاً إذا ذهبت.. وسأعمل إذا بقيت.. فما الفرق؟» (ص137).‏
تؤكد المسرحية، ربما بصورة متأخرة، أن المعنى كامن في التاريخ وليس في الذات، ومثلما لقيت نضالات الأفراد والتنظيمات الإحباط والخيبة، «ومن ثم الاستسلام» في الخمسينات يلقي اليوم المعنى ذاته قيمته الفريدة في الخلاصة القديمة المعروفة: النضال ممارسة يومية، وليس دليل عمل سياسي فحسب، ولعل هذا الفصل بين الممارسة ودليلها يعود إلى النفع القليل لأهمية الفكرة وصدقها التاريخي في الفعل السياسي العربي، لأن الدليل في واد، والجمهور يسعى إلى مستقبله في واد آخر.‏
«أجراس بلا رنين» وضعت يدها على الجرح، فانفجر الدم، دم أجيال «عهود الصيرورة»، ولكن فوران هذا الدم لا يزال يغلي في العروق، وخصوصاً لدى من شهدوا مسيله في الشارع العربي فترات النهوض، وكانت الخمسينات أشد السنوات مقارعة مع أعداء الوطن.‏
إن بصمات الاعتراف لجيل كامل غفل عن البداية الصحيحة ـ ودلائله واضحة في ممارسته الفنية ـ أظهر المسرحية وكأنها تصفية للحسابات الخاطئة، أو تبرئة ذمة تجاه الجرح الذي لم يندمل بعد. ومن يراجع كتابات وإنشاء غالبية جيل وليد مدفعي سيروعه حقاً تمجيد زائف لمعنى الإنجاز حيناً، ونكوص ذاتي حيناً آخر، ووعي متأخر حيناً ثالثاً، وعلى الرغم من ذلك قامت ميزات «أجراس بلا رنين» بأعباء النطق بصدق فني وفر نجاحاً يجعل من المسرحية دعماً لمسرح وطني.‏


من يومها صار القمر أكبر :)

______

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06092 seconds with 11 queries