[yass]

-7-

الصباح


لست أدري.. إلى متى سوف نتكلّم عن الاقتصاد..

قد نتقزز من هذه الكلمة.. لكن الواقع.. أنها خبزنا.. و قوت حياتنا. و لسبب أو لآخر, قد وقعت في يد من لا يستحق, أخلاقيا, أن يستلم شيئا

سمعت من يقلل أهمية تأثير الأزمة على اقتصادنا.. بل أن هناك من.. يشمت, ببورصات الخليج

يذكّرني ذلك بالمراحل النفسية المصاحبة للمرض.. فالمريض يبدأ بنفي مرضه, بعدها يغضب.. و يبحث عن مسبب و لو كاذب ليلقي عليه بالمسؤولية, ثم يكتئب و يندب حظه... ثم يقبل واقعه

نحن الآن في مرحلة نفي المرض, نعرف نفسنا ضعفاء, و لكن مع ذلك نرفض الإقرار, و نضحك على من بجانبنا لأنه يهذي بسبب ارتفاع حرارته, و قد نكون قد قطعنا مرحلة الهذيان حتى, لكن لأننا لا نستخدم ميزان حرارة.. فإننا لا نعرف ذلك..

بعد فترة, ستأتي مرحلة الغضب.. و أنا أنتظرها و أتمناها.. لكن.. لتكن غضبا على السبب الحقيقي و المباشر.. و ليس صب حمم على... أشباح

و بحسب نتائج مرحلة الغضب, و حسن إدارتها... ستقوم المراحل التالية, أم لا

أود أن أذكّر من يضحك على بورصات الخليج.. أن توجّه الاقتصاد السوري نحو الخصخصة و دعم المشاريع الاستثمارية للشركات القابضة "للأرواح" , جعلتنا بيدهم, فجل ما يقام الآن في سوريا هو عبارة عن شراكة ما بين المعجزات الشبابية السورية من طراز رامي مخلوف و شركات خليجية مثل الخرافي و غيرها.. و لذلك فإن إفلاس الخليج يعني موت مشاريع يفترض أنها العلاج الذي يعدون به منذ سنوات طويلة..

عدا عن كمية السوريين المهاجرين في منطقة الخليج العربي

ليس ذلك دفاعا عن الخليج الذي لا أكن له أي محبة .. إنما.. تذكير بأن ما قد يحدث لنا.. قد يكون مسؤولية من ربط مصيرنا.. بمصير حيتان عجوزة...



الظهر


منذ سنوات طويلة, توفيت زوجة رجل ذو مكانة اجتماعية هامة في مدينتي, الرقة..

منزل هذا الرجل كان ملاصقا لسور الرقة الأثري, و لأنه لم يكن يريد أن تدور الجنازة حول السور كي تخرج من الفتحة الموجودة بعيدا, فقد استأجر آلية ضخمة و قام بفتح السور أمام بيته كي تمر جنازة زوجته فورا نحو المقبرة الموجودة على الجانب الآخر من السور.

هذه الفتحة ما زالت موجودة, و بدل ترميمها فقد تم تعبيدها و تمر منها السيارات.. و يفخر أبناء الرجل بأنها سميت باسمه و ستبقى ذكراه في معلم من معالم الرقة..

منذ أعوام, كذلك, تذكّر مجلس المدينة أنه هناك مسجد عباسي قديم يستخدم كمجمع قمامة, فخطر على بالهم انفاق الملايين لتصوينه بسور من الحجر السوري الأصفر, و هذا السور غطّى تصوينة اللبن التي كانت موجودة منذ مئات السنين.. جريمة عمرانية بكل معاني كلمة جريمة..

الكثير من مثقفي البلد احتجوا على هذه الفعلة الشنيعة, فتم الاستخفاف برأيهم, و الاحتجاج على اعتراضهم "فوق ما الحكومة عم تصرف ملايين عالبلد"..

حكومة و شعبا.. يدا بيد.. نحو إنهاء آثار لو كانت موجودة في بلد يحمل أدنى معايير تقدير التاريخ... لكانت من التراث الإنساني, و لكانت مصدر دخل.. و سبب فخر و اعتزاز



العصر


في حديث مع صديقة عزيزة اليوم, قلت أنني أجد صعوبة كبيرة أحيانا في فهم طريقة تفكير المرأة الشرقية, و أنني عاجز عن إعطاء بعد منطقي لبعض التصرفات و الأفكار التي أراها أحيانا, فكان رد هذه الصديقة من النوع المفحم, الذي يجعلك تخرس كحائط مقبرة..

قالت:"جرّب عيش متل امرأة شرقية, بالشرق.. و بعدا تعا تفلسف"...

لا أستطيع إلا الموافقة على الكلام.. فحياة امرأة الشرق هي سلسلة من التحديات, و الحواجز.. من جميع الأنواع

بمناسبة الحديث عن المرأة الشرقية.. أسعدني خبر قرأته اليوم عن مؤتمر لمناقشة قضية جرائم الشرف و محاولة تغيير المادة القانونية التي تعطي الأسباب المخففة لمرتكبي هذا النوع من الجرائم الوحشية.. فمن المقرف أن نعيش في ظل نظام قانوني تكون فيه عقوبة كتابة مقالة "نشر كتابات لم تجزها الدولة" تكاد تعادل 3 أضعاف عقوبة قتل الأخت أو الابنة .. باسم الشرف..



ألا لعنة الله على هذا الشرف التنكي...



المغرب


لا زلت لا أصدق.. أنه لم يعد موجودا..


أمعن النظر في صورتي معه... في وجهه الرصين الذي اعتاد أن يعشقه الملايين.. و وجهي الأبله المرتبك.. الذي لا يعرف كيف يبتسم لصورة.. بجانب التاريخ...

افتح ديوانه... أقرأ .. فأغلقه..

أشغّل مقطعا صوتيا له... اسمعاه مرة.. و مرة أخرى...


أيها المارون من بين الكلمات العابرة...


...

ما بعده...

حاصر حصارك.. بالجنون
...

دقائق.. صمت.. و تفكير عميق.. في آخر جملة

هل هي.. زفرة العربي الأخيرة...


أم صرخة الحر.. الأولى?




فليكرم التاريخ عليك.. كما كرمت على وجداننا...


يا سيد التعبير.. يا محمود درويش



الليل


تستهلك الحياة بتفاصيلها روحي

بالأخبار , والأنباء ..

بالاقتصاد ..,والعملات وتصاريفها ..

باعتياد الحزن .. وتصنع الضحكة ..

بتكرار الصدى .. باقتراب المدى ..

وأصبح كتلة من المادة ..

أصل بنفسي إلى حافة الخوف ..

وتسرقني الغربة بعيدا ...

وأتوه .. في تفاصيل نفسي ..

وحده صوتك... , وحدها تلك البحّة السحرية ..

تنشر صداها في قلبي وتوزع الأمان عبر شرايينه .

و تمسك يدي كطفل صغير ,,

تبعدني عن غرقي في أنانيتي ..

لتعيدني إلى طمانينة قلبي ,

و إلى أحضان روحي و الوطن ..

من أجل سلام العالم .. وسلامي ..

لا تقطع يوما صوتك من أسلاك هاتفي ..!



مع جزيل الشكر للعزيزة ooopss على كتابتها لهذه الفقرة











Yass