عرض مشاركة واحدة
قديم 27/04/2007   #128
شب و شيخ الشباب MadMax
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ MadMax
MadMax is offline
 
نورنا ب:
Aug 2006
المطرح:
Antaradus
مشاركات:
11,261

افتراضي


قبلة..
ثم لمسة..
وبعد... ليلة دافئة تناقلتها موسيقى الصباح.. جسدان ينسحقان تحت وطأة العشق.. خبرية حب جميلة تناقلتها عصافير الفجر المحمرّ بلون الشهوة العاصفة... هنا تحاور الجسدان وتعانقا.. من هنا مر عاشقان!


وفي صحف اليوم التالي..جريمة قتل!!


قتلوها...
قتلوا فاطمة...


من قتلها؟! أبوها؟ أخوها؟ ابن عمها؟ أي قبيلةٍ تلك التي تأكل من ضفائر فاطمة لتحمي شرفها! أي همجية تلك التي ترى في لحم فاطمة متراس العفة! أي عشيرة تلك التي تسقي ظمأ الرغبة في قلوب ذكورها بذبح نسائها! بأي صفةٍ قتلوها؟ بأيّ ذنبٍ وأدوها بين طيات زمن الجاهلية الذي يحتلنا؟ من تجرّأ على إعدام اللون العربي في عينيها الحالمتين! من غرز في صدرها الذي حمل حرارة التضحية، خنجر الغدر المالح بطعم الموت.


فاطمة ليست مسلمة، ليست مسيحية، فاطمة فتاة من هذا الشرق الأسود الذي لا يستمع الا لجسد الشاب وشهواته، من هذا الشرق الذكوري الذي يكبل ثدي المرأة بتهمة النبض الذي لا يهدأ، يسجن اليدين بتهمة التمرّد على مقبض السيف! فاطمة سجّلت في خانة المذهب: عاشقة! أحبّت، وأدّت قسطها للحب... ثم خطفها الحقد من على صهوة حلمها.


اذا بحثت في قاموس التحجر العشائري، لوجدت أن قتل كلّ ’’فاطمة‘‘ في هذا الشرق يسمّى جريمة شرف! شرف!!!! وهل للقاتل شرف؟! وأيّ قاتل هذا، هذا الغول الذي يخرج من وكر الغيتو الجنسي ليشنق أيّ قبلة، هذا الغول الذي يسكن في بكارة الفتاة، ويخرج منها ليغتال كل الشفاه التي تتلاقى خارج معابدهم! فاطمة لم ترد الزواج، وحبيبها لم يملك من الدنيا الا جسده ومساحة الشهوة التي سكنت قلبهما النابضين بالحب الصادق... كان رأسمالهما للمستقبل قبلة، وعناق لم يدم...


ما هذا الغضب الذي حملته فاطمة في جسدها العاري الملقى على مذبح الحب؟ أي رعبٍ زرعه حسنها في وجدان القبيلة الشرقية، كم كنت جليلة ايتها العاشقة، كم كنت طاهرة وعفيفة حين صارحت نضوج جسدك وسلمته لمركب الجنس الجميل، كم كنت مغامرة وشجاعة، حين كسرت زنزانة المغارة التي بناها لنا القادمون من لحية ابي لهب، وفتحت بشرتك الناعمة لشمس اللذة... حين ارتميت في حضن العشق ومشيت في قافلة الهوى الذي لا تحكمه تقاليدهم ولا قيمهم البالية ولا تعصبهم الأعمى... أي صرخةٍ يا ترى أطلقتها بكارتك في ميدان وجوههم النتنة... ماذا فعلت بهم حتى استحقيت مقصلة العقاب الشرقي؟



وفي محكمة الرب.. تجتمع فاطمةُ بقاتلها... يتربّع الربّ فوق عرش مغفرته، يحدّق بحكمته في بديع ما خلق من حسنٍ وجمال، في هضاب وجنتي فاطمة، يحدّق في نزق الثورة والرفض في عينيها.. تقاطع فاطمة صمت الهها وتصرخ بوجهه، ’’أحببته، وأعطيته من جسدي كفاف شهوته التي زرعتها انت فيه‘‘...
يكشر قاتلها عن أنيابه الموبوئة بالحقد، يفتح كتباً مهترئةً ويردد تعاليماً يتنكر لها الله، يحاول القاتل ان يقسم بحد الخنجر الملطخ بدموع فاطمة، انه حمى شرفه وصان كلمة الله! يضحك الاله بسخرية ويعود الى خريطة جسد فاطمة...


ينحاز الله الى العاشقة، الى الضحية، فالله هو كمال الحب والعشق، وهو اقصى حدود الهوى، ينحاز الى جسدها المخملي، يلعن باسم كل الآلهة السابقة واللاحقة قاتلها... يتركه في نار عاره ليحترق بها، يتركه تحت وطأة الجريمة ولا يذيقه حتى شرف جهنم !!


فاطمةُ انتصرت بموتها... حين قتلوها، كانت تخطّ بدمائها شهادة برائتها من تهم العهر، حين سقطت فاطمة، دخلت في لون القداسة، ودخلوا هم في قاموس الدعارة الفكرية، سقطت من أجل جسدها، ومعها سقط القناع عن المجتمع الساقط والقاحب... هي الحرّة، وهم أسرى التابو الجنسي الذي يحرسونه بحرابهم، والذي يجبرهم على أن يخجلوا من عريهم في وجه مراياهم!

ربما نفس العصافير التي تناقلت صور تلك الليلة الدافئة، لا زالت تحمل شيئاً من رائحة دماء فاطمة التي ظلمها برابرة الشرق، ربما لا زالت تلك العصافير تذكر أن فاطمة العاشقة... هي ثقافة الورد التي تقارع ثقافة الخناجر...

جريمة شرف... وهل للقاتل شرف!




- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05371 seconds with 11 queries