الموضوع: حوارات أدونيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/11/2007   #9
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


الأجيال التالية
عباس : أدونيس، بدا لي دائما انه ليس عندك تقدير كبير للشاعر الذي جاء بعدك من الأجيال التالية…

أدونيس :اسمح لي بأن أقول أن انطباعك هذا خـاطئ تماما. فإذا كان هناك شاعر، بعد يوسف الخال، امتدح الشـعراء الذين أتوا بعده، واحـتضنهم ونشرهم، فهو أنا. ولقد أنشأت مجلة "مواقف"، للتبشير بالشعراء الشبان. ومعظم الذين رسخوا في كتاباتهم حتى الآن، مروا فيها، وبعضهم بدأ بها وفيها.
عباس : لا شك برعايتك للشعراء الشبان، لكن الآن يبدو لي كـأنك لا تشعر بأن هذا الشعر مهم، فـهل هذا صحيح؟ وهذا ليس اتهاما أبدا؟
أدونيس : على العكس. الشعر في كل العالم اليوم لا أشعر بأنه مـهم. وليس لأني أحس بأن الشـعـر العربي غير مهم. فإذا كنت لا أتكلم باستمرار عن الشعر العربي الذي أشرت إليه، فلأني أعتبر أني تكلمت عليـه وعملت من أجله بما فيـه الكفاية، وأوضحت أن هذا الشـعر هو شـعرنا وشـعر مستقبلنا. لكن إذا وضعناه في إطار الشعر الذي يكتب اليوم، فأنا أعتقد أن الشعر اليوم في نكسة في كل العالم. وأنا لست ضده إطلاقا، بل أحبه. يكفي أن أحبك أنت وبعضا آخرين. الحب ليس للكم بل للنوع، فهناك نوع من التعبير بالشعر وبالنثر، اليوم أعتقد انه هو شعرنا، وهو شعر مهم، وهذا ما قلته وأكرره مرات. لكن بشكل عام، الشعر اليـوم غائب في العالم كله وليس عند العـرب وحدهم. ليس هناك من شعر اليوم يمكن أن تقرأه ويعطيك شيئا لا تعرفه، أو يطرح عليك أسئلة ويفاجئك، أو يفتح لك أفقا جماليا ومعرفيا جديدا.

لبنان الجنسية، لبنان الشعر

عباس : أستطرد لأسـألك عن تقديرك الشعر اللبناني الراهن - وأنا أعتبرك شاعرا لبنانيا، شئت أم لم تشأ.
أدونيس : بعضهم في الأوساط الشـعرية والأدبيـة، لا يعدني لبنانيا. المهم هو ماذا أعد نفسي. ليس الخـارج هو ما يحدد انتماء ك. ولا يكون الانتماء بصكوك يوزعها أصحاب امتياز لمن يشاءون. هذه مسألة مدعاة للسخرية لأن لبنان هو أكثـر من جغرافية. لبنان، كما أفهمه وأحبه، مشروع إنساني وحضاري، وثقافة تفيض عن حدوده. أو لأقل: هويتـه الإبداعية تتجـاوز حـدوده السياسية- الجغرافية. ماذا يمكن أن نستنتج لو تساءلنا: لماذا لم يشكك هؤلاء أنفسهم بلبنانية يوسف الخال، مثلا، وهو في رأيي أكثر لبنانية من أي لبناني، بالمعنى الثقافي الذي أشرت إليه- مع أنه كما يعرف الجميع، من أصل سوري؟ ويمكن أن أسمي أسماء أخرى كثيرة، وفي مختلف الميادين- الآن، وأمس، وقديما. لكن مرة ثانية، هذه مسألة بائسة، وأعدها ضد لبنان في المقام الأول.
عباس : رأيك في الشعـراء اللبنانيين ليس رأيا آخر. وبهذا المعنى أشعر بأنك لا تملك تقديرا عميقا للشعر اللبناني.
أدونيس : ليست المسألة على هذا النحو. وربما لا تقصد بسؤالك إلا الشعر اللبناني الراهن. ثم أنني لا أعتقد بوجود كتلة موحدة واحدة اسمها الشعر اللبناني أو المصري أو العراقي، أو ما أشبه. هناك شعر عربي بلغة عربية واحدة، وشعراء ينتمون إلى هذا البلد العربي أو ذاك. في كل حال، أقول إن معظم الشعراء اللبنانيين، وأنت في مقدمتهم، تربطني بهم علاقات شعرية وصداقية إنسانية، وأكن لعدد منهم تقديرا كبيرا. غير انني على صعيد التقويم، أتحفظ كثيرا. ذلك أن العالم الذي يسير فيه الشعر في لبنان، وفي البلدان العربية بعامة، ليس عالمي. وطبيعي أن لكل حـريتـه في اخـتيـار الطريق التي يشـاء، وشواغلي الفنية والفكرية آخذة بالاختلاف، جذريا وكليا، عن شواغل معظم الشعراء في لبنان. ومن هنا يجيء تحـفظي. فأنا أخشى في الكلام عليهم بسبب اختلافاتنا هذه على جميع المستويات، ألا أكون عادلا أو ألا أكون موضوعيا.
عباس : بالعودة إلى الكتاب، هل ترى أن الكتـاب من زاوية شعرية هو أيضا نوع من خلاصة شـعرية لك. فـأنا أحس بأن كل شـعـرك مـوجود بدرجـة أو بأخـرى في مـراحل مختلفة في هذا الكتاب، حتى أني أرى أن كثيرا من شعرك الوزني وشعرك النثري موجود في هذا الكتاب، هل هناك شيء من هذا؟
أدونيس : لا أعتقد أن كتابا شعريا يلخص كتبا سابقة. وعلى الرغم من حضور شواغل مستمرة في أعمالي، كما هو الشأن بالنسبة إلى أي شاعر فإن كل كتاب يبقى لحظة متميزة. وفي ظني أن "الكتاب" هو بين كتبي، الأكثر شمولا، والأكثر نضجا.
عباس : في هذا الكتاب الضخم الذي أصبح حتى الآن مكتوبا فيه حوالي ألف ومئتي صـفحة، تطرح مشكلة البناء، كيف يمكن أن ترى بناء هذا النص. الشكل، كـيف يمكن لهذا الكتاب أن يملك شكلا؟ كيف تتصور معمار هذا النص؟
أدونيس : هو كما يبدو لي، أمواج متلاحقة في محيط واحد. ربما تبدو في القراءة السريعة رتيبة. لكن بقدر ما تبدو ظاهريا كذلك، تخبئ تنوعا كبيرا بحيث انه ليس من الممكن أن نجد موجة تشبه الأخرى- فيما إذا قرئ بدقة وعمق، خصوصا أن هناك تعددية شكلية: نص موزون، نص منثور، شـذرة مـوزونة أو منثورة، نص سـردي.. الخ بتكوينات متداخلة أو متوازية، في مزيج ضخم من أشياء العالم وأشياء الذات، أشياء التاريخ وأشياء السياسة... الخ. ولا أتحدث عن التقنية الشعرية مع هذا كله.
عباس : ما هو المجلد الثالث؟
أدونيس : الجزء الثالث هو الذي سيكشف هوية الكتاب الحقيقيـة، لا هويته على صعيد الرؤيا والفكر والعلاقة بالتاريخ، إنما هويتـه على الصعيد التشكيلي وعلى الصعيد الفني. وقد يكون هذا الجزء أهم جزء.
عباس : هل اشتغلت على شيء منه؟
أدونيس : نعم، أشتغل فيه وأرجو أن أنتهي منه بسرعة ليكتمل الكتاب.
عباس : هل هذا- كما أعرف- آخر ما تكتب شعرا؟
أدونيس : ربما. إذا كـان النثر لا يعد شعرا، أظن أن الشعر لا يهجر، لا يمكن التخلي عنه، لكن لدي مشروعات تترية عديدة، بدأت بعضها ولم أستطع أن أكمله. لذلك سأخصص معظم وقتي لإنهاء هذه المشروعات. أما الشعر فيقتحم بابك، ولو أغلقته وتحصنت وراءه- كلما شاء وحينما يشاء.
عباس : كيف تكتب كتابا ضخما من هذا النوع، بأي تواتر؟ كم ساعة في اليوم…؟
أدونيس : : أشتغل، وأكتب كما أقرأ وكما أحلم، وكما أفكر وأتنفس.
عباس : هل خططت قبلا، أي أتيت بالاستشهادات والوقائع والأشياء التي أردت التكلم عنها، هل تم تخطيطها من قبل؟ أم تفعل ذلك أثناء الكتابة؟
أدونيس : قسم منه تم تخطيطه مسبقا وخصوصا الوقائع، لكن ليس في الأمور الأخـرى التي تكون بدون تخطيط.
عباس : هل تنكسر خطة ما عادة؟
أدونيس : نعم، تنكسر و تتغير و تقلب…
عباس : هل تكتب لسـاعات متواصلة أم في أوقـات محـددة عن أجل إنهاء الكتاب؟
أدونيس : ليس هناك من ساعات محددة، لكن أحيانا تمر أيام عديدة لا يتسنى لي فيها كتابة حرف، وأحيانا أكتب عشر ساعات في اليوم الواحد.
عباس : وتستطيع ذلك؟ ألا يرهقك ذلك؟
أدونيس : أبدا. وليس عندي نظام في الكتابة، وأكثر ما أكتبه هو في المقاهي وليس وراء طاولة، أو أكتب وأنا مستلق (مثلك الآن). ولم أكتب قصيدة في عمري وأنا وراء الطاولة. ينبغي أن أكون خارج النظام لأكتب شعرا
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07189 seconds with 11 queries