عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #31
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


ملامح أدب المقاومة
في روايات نجيب محفوظ


الدكتور السيد نجم

(خلال شهر أغسطس عام 2006م، كان رحيل رائد الرواية العربية المعاصرة «نجيب محفوظ»، وهو ما شغل كل المحافل الأدبية والثقافية في مصر والعالم العربي. هكذا أصحاب العطاءات الكبري و الإنجاز المتميزة. لقد شغل الكاتب في حياته ولقرابة الستين سنة، عقول وأقلام القراء والنقاد، حتي يخال لمن يتابع ما كتب عنه أنه لم يعد هناك ما يمكن الكتابة حول أعماله الروائية.
فلما كان له من خصوصية التعدد، فضل كاتب تلك السطور إعادة النظر في مجمل رواياته من خلال البحث عن ملامح أدب المقاومة، وهو ما يتوافق مع ما تمر به المنطقة العربية من أحداث، وما أحوجنا الي ما يعضد عزم الأفراد والجماعات معا.)
ملامح عامة:

شاع استخدام مصطلح «أدب المقاومة» خلال العقود الأخيرة، وهو لا يعني أن دلالته جديدة ونحت المصطلح من فراغ، سبقه مصطلح «الحماسة»، «أدب الحركات» وهو المصطلح الذي عُني بدراسة الحركات المتمردة في التاريخ الاسلامي القديم.. ثم مؤخرا «أدب الحرب» و«أدب المعارك» و«أدب أكتوبر»، وكلها تتداخل معا للتعبير في بعض الدلالات المشتركة، وإن بدت مختلفة في بعض جوانبها وربما قاصرة أيضا، ليبقي مصطلح «أدب المقاومة» أكثر شمولية، ومتضمنا ما سبقه وأكثر.
مصطلح «أدب اكتوبر» يجعلنا نشعر وكأن الأدب المعبر عن معارك حرب أكتوبر 73م سقط بالباراشوت أو المظلة العسكرية لمناسبة بعينها. كما كان مصطلح «أدب المعركة» و«أدب الحرب» قاصرا علي التجربة الحربية، وهو ذاته ما يدعونا للقول إن الموضوعية تجعل من «أدب المقاومة» أكثرهم رسوخا وتعبيرا عن تلك الحالة الخاصة/ العامة التي يعيشها الأفراد والجماعات والشعوب في مواجهة «الآخر» المعتدي. فهو لا يقتصر علي تجربة الحرب، ولا للتعبير عن القهر والاستبداد. إنه الأدب المعبر عن العمل من أجل تفجير الطاقات الإيجابية والواجبة للمواجهة. إنه الأدب المعبر عن وجهة النظر الإنسانية/ الشمولية وليست العنصرية الضيقة. كما أنه الأدب الذي يسعي دائما لتهيئة الأفراد والشعوب والرأي العام لفكرة «المقاومة». إنه ليس أدبا تحريضيا انفعاليا بقدر كونه يهيئ العقول والنفوس بالوعي أن تكون يقظة منتبهة.
«أدب المقاومة»، يسعي لتحقيق أهدافه من خلال التركيز علي الظروف الصعبة التي يعيشها الناس، مع بيان عناصر القوة والضعف في الجماعة، ثم إبراز ما يملكه الآخر المعتدي من عناصر القوة والضعف، والذي قد يسعي لإضعاف قوتهم، وبالتالي يحث هذا الأدب علي العمل والأمل بالوعي وليس بالدفع العصبي المنفعل.
«أدب المقاومة» مهم في إذكاء روح المقاومة بالوعي والفهم للقضية التي تدافع عنها الجماعة.. أن تكون عبدا واعيا لعبوديتك، أفضل من أن تكون عبدا جاهلا سعيدا.
«أدب المقاومة»، أدب الحث علي العمل، وأن المقاومة ليست حالة ذهنية، لأنه يعلي القيم العليا بين الناس. وهو ليس التعبير عن صراع «الأنا» الفردية خلال سعيها لتحقيق رغباتها، بل هو للتعبير عن «الأنا» الفردية الواعية بذاتها وذوات الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة.
«أدب المقاومة»، هو الأدب الذي يرسخ لقواعد الوجود (الأنطولوجي) الإنساني الحق في مقابل الحياة التي تقوم علي الصراع «العدواني» بدوافع الاقتتاء والجشع والهيمنة.
يمكننا تقديم تعريف اصطلاحي:
«أدب المقاومة هو الأدب المعبر عن الذات (الواعية بهويتها) والمتطلعة إلي (الحرية)، في مواجهة (الآخر المعتدي)، ليس من أجل الخلاص الفردي، بل لأن يضع المبدع: جماعته/ عشيرته/ قبيلته/ دولته/ أمته، موضع اهتمامه، محافظا علي القيم العليا، أي من أجل (الخلاص الجمعي).
فالمقاومة بالمعني الشامل تتغلغل في سلوكيات الحياة اليومية للأفراد وحتي مواجهات الشعوب. تبدأ بالوعي بالذات وبالآخر وليس إلي نهاية لأنها «المقاومة» تتجدد في أطرها وتشكيلاتها بالوعي واكتساب الخبرات.
إذا كانت «المعرفة» ذات طابع اجتماعي في المنشأ والتوجه وتسعي لكشف المجهول. وإذا كانت المجتمعات تتشكل بفعل أزمنتها (الماضي: بكل خبراته وتجاربه، والحاضر: المتشكل بفعل الماضي، فالمستقبل هو المحصلة، هو رؤية الجماعة لتشكيل الواقع الحاضر)، يبقي «الوعي» هو المحرك لتلك المعرفة المتزايدة والمتوارثة والخاضعة للحذف والإضافة. فهي ليست هكذا آلية الحركة، بل قادرة علي إعادة تشكيل نفسها بفعل «الوعي».. الذي هو مبعث المعرفة، ولا يبقي إلا استخدامه وتحويله إلي طاقة قادرة علي التحريك.
لقد تبني المبدعون الملتزمون ومنهم «نجيب محفوظ» الهدف، متضمنا ملامح ومفاهيم «أدب المقاومة» عن قصد أو غير قصد للمصطلح، فالكاتب المبدع غير ملتزم بمصطلح ما علي كل حال.
ففي وقفة سريعة أمام الرواية العربية وحدها كاف، ويفسر مقولة أن الوعي بالهوية والحرية يولد المعرفة المقاومية المناسبة. فقد شهد النصف الآخر من القرن التاسع عشر، مرحلة ميلاد جنس الرواية بالترجمة والنقل والاقتباس فضلا عن الاجتهاد.. توالت الأجيال، وراجت «الرواية»، حتي إن المتابع يكاد يخرج بنتيجة أساسية، هي: أن ميلاد الرواية كشكل أدبي جديد، ولد وترعرع من أجل القضايا العامة والوطن، وقد انشغلت الرواية في مهدها بالاستبداد السياسي، والتحرر من الاحتلال، ونقد الذات، والبحث في «الهوية».
لم تكن روايات «جورجي زيدان» إلا تأكيدا علي إيجابيات التاريخ العربي والإسلامي، حتي بدت الرواية عنده وكأنها تؤرخ لفترة زمنية ما، من خلال حدوتة حب تقليدية، وكانت المرأة دائما رمزا للبطولة والوطن والإخلاص مع البطل «الأنموذج».

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04120 seconds with 11 queries