تقديم:
هو في نظر المؤسسة النقدية العربية القديمة أعظم شعراء العربية، ولم يفقد هذه المكانة حين وضع شعره تحت مجهر الدراسات الأكاديمية المعاصرة وحتى جمهور القراء الغير مختصين لا يخالف هذا الرأي في مجمله وان ظل شعره نخبويا أبعد ما يكون عن البساطة.
المتنبي أكثر أهل الشعر تمكناً من اللغة وأعلمهم بنواميسها وأسرار مفرداتها تجرأ عليها وعلى صور القدامى فطورها ليخرج للأجيال ديوانا عجيبا هو ثمرة ناضجة تلخص الشعر العربي الذي سبق وتضيف عليه تلك النبرة الملحمية الساحرة. لقد كان طموحا همومه شعرية سياسية قومية وشخصية في آن جمع بين الفخر والتشاؤم بين التعصب للدم العربي وتمجيد النفوس العظيمة وبين الحكمة وجنون العظمة والسخرية الحادة كما فلسف حياته الشخصية محملا إياها ما لا طاقة لها به فجعلها نقيضا لعصره الذي رأى فيه بذورا لتراجع عربي خطير.
يضم ديوانه 326 قصيدة، تمثل سيرة لحياته من حيث أنها سيرة لعصره، فديوانه يتوفر على مادة تاريخية ثرية تساهم في فهم الحياة في القرن الرابع الهجري ، هو شاعر خالق عداوات عبر هجائيات من أقسى ما قيل في هذا الغرض كما أنه شاعر الرحيل تفجع للفراق وترك الأحلام وأفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة حيث أنه كان متمكنا من الصيغ الحكمية للقول جرت الحكمة على لسانه وعيا قاسيا بالحياة فبقي الكثير من أبياته أمثالا يتناقلها الناس ويستشهدون بها في أغراضهم كما وصف المتنبي المعارك فجعل منها ملحمات حية. لقد وضع المتنبي عبقريته في خدمة الأغراض الشعرية جميعها وأبدع في جميعها مبهرا كل قراء العربية بتلك الجزالة والمتانة اللغوية والمعاني المبتكرة وندرة الغث في شعره.
انه في كلمة عملاق.
|