الموضوع: أسبوع وكاتب - 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 20/06/2008   #174
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي ليو تولستوي



الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي
(9سبتمبر 1828 -20 نوفمبر 1910)

حياته..

حين بلغ الثمانين من عمره، شيخاً وقوراً، تضرب شهرته آفاق الدنيا كأعظم روائي أنجبته الأرض الروسية الخصبة بالعبقريات، الولاّدة للكفاءات في كل مناحي النشاط البشري. كان رغم سنه المتقدّمة ممثلاً لكل طموحات الشباب، بل والمراهقين، فعندما سأله أحد تلاميذه من الشباب عن سرّ تعايشه مع قضاياهم وهو في الثمانين، قال له: «ليس في الأمر سرّ يا بني. فمنذ صباي الباكر أكره العنف وأدعو إلى السلام. العنف يسرع بكل شيء إلى التعفن والفساد! مع العنف يصبح الشباب في حالة من الشيخوخة المروعة! ولكن مع السلام تزدهر ورود الخريف في قلوب كبار السن بنفوس نضرة! وتغدو كالربيع في القلوب! ولذلك أدعوكم أيها الشباب إلى نبذ العنف وكراهيته! حاربوا دعاة الحرب حتى يغدو العالم كله شباباً ولو بلغ أهله الثمانين مثلي هكذا!». وبمناسبة بلوغ تولستوي الثمانين جاءته إلى قريته بعثة سينمائية لتنتج فيلماً قصيراً عن حياته. فقال لابنته: «أحسنوا ضيافتهم في (إيزيانا/ بوليانا)- وهذا هو اسم مزرعته وفيها قصره- ثم أوصاها: «بحق السماء اذكروا لهم بوضوح أنني لا أريد أن أدخل في حوار حول حياتي الماضية وتفاصيل ظروف كتابة رواياتي!». فتقول له ابنته: لماذا يا أبتِ؟!. إن روسيا كلها تنتظر كلماتك في أكثر من موضوع يشغل بال الناس! عن رأيك في الدين؟! في التقاليد القديمة؟! في حال الفلاحين والحرفيين والعمال؟! في مشروعك الذي وضعت بعض بنوده موضع التنفيذ! وتنازلت لفلاحي أرضك عن حقوقك؟! فيجيبها بمرح: إنك تماماً كأمك العزيزة! تسمّين تنازلي عن أرضي لمن يزرعونها، تنازلاً عن حقوقي! ليست لي على الأرض حقوق يا ساشا! لا على الأرض! ولا على الفلاحين الذين يزرعونها! وليس هذا اعتناقاً لآراء من يسمونهم سراً البلشفيك! كلا. فهؤلاء يؤمنون بالعنف، وأنا أكره العنف! إنهم يشكّكون في وجود الله! وأنا أومن به إيماناً لا يتزعزع..! فتفاجئه ابنته بالقول: إن أسقف منطقة (تولا) جاء مع بعثة السينما ليكذّب من يقولون إنك تحارب الأرثوذكسية! فيعلّق ساخراً: «هذا الأسقف، لديه رغبة كريمة في حماية الكنيسة الأرثوذكسية، ولكنه يحرّف عن غير قصد بعض كلماتي وأقوالي!». فتقول له ساشا بحماسة: إذاً فقُلها لرجال السينما! ستكون كلماتك هي التصحيح النهائي لأفكارك الدينية! فيضع يده على كتف ابنته ويسيران معاً لبضع خطوات في حديقة القصر، مواصلاً معها الحوار: «لماذا تسمينها أفكاراً يا ابنتي؟! إنها عقيدة ثابتة، هداني الله إليها منذ مرضت وأنا في الخامسة والأربعين، فصرت قريباً جداً من خالقي، إن الله الذي أحبه، وأعبده، وأتقيه يا ساشا هو ليس الله الذي تصوّره الأفكار الجامدة، والثوابت القديمة! وحين أسبغ الله عليّ ثوب الصحة، أبيت أن أحيد عن طريقه بالاستماع إلى تعاليم الأساقفة وما يصوّرونه عن الله في مخيلتهم، والذي جعلوا منه محقّقاً لمصالحهم! لقد عرفت ربي، ولا أريد أن أناقش أحداً في كيف عرفته؟! أعتقد أنه سبحانه لا يريد أن يناقش الناس وجوده بالأساطير، والخرافات.. إنه هو الدليل على وجوده..». ورفض أن يقابل رجال بعثة السينما، لكنهم صوّروه خلسةً وهو في الحديقة، ومن المحزن أن يضيع ذلك الفيلم مع ما ضاع حين اقتحم البلشفيك في ثورتهم دار المحفوظات القيصرية، إلا أن ابنته تاتيانا في كتابها الرائع عن أبيها، زيّنته ببعض مناظر ذلك الفيلم التي صُوِّرَت خلسةً أثناء حديثه مع أختها ساشا خلال زيارة البعثة. ومن أجمل فصول كتاب تاتيانا عن أبيها، هو تصوير ذلك الحب العنيف والصادق الذي دخل حياته واستقر في قلبه ووجدانه لوالدتها صوفيا، وهو لا يزال من أروع وأمتع قصص الحب الصادق، رغم فراره منها وهو في الثانية والثمانين من عمره! تُرى لماذا فعل تولستوي ما فعل؟! لماذا خرج من قصره الأنيق في مزرعة إيزيانا/ بوليانا في صقيع الشتاء.. هارباً من ذلك الحب؟!

لا أحتاجُ لتوقيعٍ .. فالصفحةُ بيضا
وتاريخُ اليوم ليس يعاد ..

اللحظةُ عندي توقيعٌ ..
إن جسمكِ كانَ ليَّ الصفحات

آخر تعديل achelious يوم 20/06/2008 في 13:13.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04238 seconds with 11 queries