عرض مشاركة واحدة
قديم 18/06/2009   #5
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


مـعــــايـــيـر دولـيــــة لـلـمــحـــــاكـــــمـات الـداخـــــلـيــــة
زيـاد بـارود
"العدالة عرضة للجدل. القوة معترف بها ومن دون جدل. ولما تعذر ان نجعل ما هو عادل قويا، جعلنا ما هو قوي عادلا" (باسكال)
في قواعد اللغة العربية، النعت يتبع المنعوت في جميع حالاته. والقاعدة الذهبية نفسها من المفترض ان تسري في حالة "المحاكمات العادلة"، حيث عدم ارتباط المنعوت بهذا النعت بالذات يخلع عنه أي معنى ويضمه الى قافلة التعابير المستهلكة. فالمحاكمة ان لم تكن عادلة لا تكون محاكمة، ولا تعدو كونها محض شكليات فولكلورية في سبيل حكم مسبق. ومن اللافت فعلا ان يكون تعبير "المحاكمة العادلة" قد ظهر، اول ما ظهر، في النظام الاساسي لمنظمة العفو الدولية الذي تضمّن دعوة لاعضائها للعمل على تعزيز الحق في المحاكمة العادلة بموجب "المعايير المعترف بها دوليا" من أجل السجناء السياسيين. ذلك ان التاريخ قدّم لنا عبر العالم نماذج من "جهابذة القانون" الذين وجدوا ان عدالة المحاكمات السياسية لها معاييرها الخاصة المحلية جدا و"الوطنية" حتى أطراف الاظافر! والكلام على المحاكمات العادلة لا يقتصر على المثول امام المحكمة، وانما هو يبدأ منذ ما قبل
الملاحقة، أي منذ الاشتباه بالمرء، مرورا بلحظة (وكيفية) القبض عليه واحتجازه والتحقيق معه وتقديمه للمحاكمة، والمحاكمة وما يرافقها، وصولا الى فرض العقوبة. وفي كل هذه المراحل كمّ كبير من الاخطار التي قد تطاول الانسان في انسانيته وحريته وكرامته، بغض النظر عن الفعل المسند اليه، باعتبار ان المطالبة بمحاكمة عادلة لا تتعلق فقط بمن هو بريء، وانما ايضا بالمجرم الذي لا تحول محاكمة عادلة دون تجريمه ولا تحول دون إنزال العقوبة به ولا تحول دون الاقتصاص من فعله، وانما تحول فقط دون سلخ هويته الانسانية عنه.
في أي حال، ومع ظهور القانون الدولي لحقوق الانسان وتطوره بعد الحرب العالمية الثانية، اصبح "الحق في محاكمة عادلة" قاعدة اساسية في القانون، تعني عمليا ضرورة تحديد أطر التقاضي الصحيح، لكن الشرخ بقي قائما بين اعتراف الدول بهذا الحق في معناه المطلق، من جهة، وقوانين داخلية واجراءات قضائية وممارسات فعلية تفرغ "جماليات" المعاهدات الدولية من أي مضمون، من جهة اخرى. ويبدو ان تداعيات 11 ايلول 2001 على هذا الصعيد تنبىء بسقوط هذا الحق، على وقع عنوان الامن في مواجهة الحرية وعلى نغمات اللحظة الاقليمية الخطيرة. ولا شك ان الانظمة القمعية سوف تسرف في الركون الى هذه التبريرات الآتية من الغرب نفسه، لتمعن في ممارسة قمعها، مستفيدة من لحظات انعدام التوازن بين مبدأين هما الامن والحرية يشكّلان معا أسس أي مجتمع سليم.
على ان انعدام التوازن على هذا النحو ليس جديدا مستجدا، بل عانت من نتائجه دول وشعوب عديدة، وخصوصا غداة الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة بعدها. وفي هذا الاطار، شكلت المبادرات والنصوص الدولية حدا ادنى من الضمانات إزاء أخطار مشتركة بين الانظمة على اختلاف اشكالها. هذا الحد الادنى يشكل "المعايير الدولية" التي يعتبر الاعلان العالمي لحقوق الانسان (194 حجر الزاوية لها. وقد استكملت هذه المعايير بنصوص لاحقة، وفي شكل خاص في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الذي اقرته الامم المتحدة عام 1966 وانضم اليه لبنان عام .1972
في المطلق، من المفترض ان تكون المعايير الدولية (راجع الجدول المرفق) مرتبطة بالحقوق الطبيعية(droits naturels) المرتبطة بدورها بالشخص الانساني، وقد يحصل ان تتضمن القوانين الداخلية ترجمة تشريعية للمعايير الدولية والمبادئ التي نصت عليها. ولكن التشريعات الداخلية للدول تفتقر في غالب الاحيان، الى مضامين في هذا المعنى، وهنا تبرز أهمية المعاهدات والاتفاقيات الدولية وما تنطوي عليه من تكريس لمعايير المحاكمة العادلة.
ولبنان، الذي أبرم عددا لا بأس به من المعاهدات الدولية ذات الصلة بالموضوع، يعتبر انه "عند تعارض احكام المعاهدات الدولية مع احكام القانون العادي، تتقدم في مجال التطبيق الاولى على الثانية" (المادة 2 من قانون اصول المحاكمات المدنيـة). وهذا يعني ان مخالفة القوانين اللبنانية لاحكام المعاهدات الدولية التي ارتضى لبنان ابرامها انما توجب على المحاكم اللبنانية ان تطبق الاخيرة، باعتبارها تعلو التشريع الداخلي، وهذا ضمان حقيقي لجعل المعايير الدولية جزءا اساسيا من نظامنا القانوني، بل من... ثقافتنا القانونية الوطنية!
وتأكيدا لهذا الاتجاه، فقد عرف المسار الدستوري اللبناني تطورا بارزا اعتبارا من 1990، حيث اضيفت الى الدستور اللبناني "مقدمة" أشارت الى ان لبنان عضو مؤسس وفاعل في منظمة الامم المتحدة "وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان". هذا التأكيد ترجمه المجلس الدستوري مبدأ اساسيا اعتبر بموجبه ان "المبادئ الواردة في مقدمة الدستور تعتبر جزءا لا يتجزأ منه وتتمتع بقيمة دستورية شأنها في ذلك شأن احكام الدستور نفسها"، وبنى المجلس المذكور على هذا المبدأ ليستند الى احدى مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كسبب مبطل لقانون التمديد للمجالس البلدية (القرار رقم 2 تاريخ 12/7/1997). وفي هذا المنحى تأكيد عملي تطبيقي لالتزام لبنان للمعايير الدولية، على الاقل، على مستوى التشريع. اما على مستوى التطبيق، فالامر يبقى رهنا بقرار سياسي يخرج الموضـوع من دائرة التجاذب بين السلطات، ويضعه في اطار القضاء دون سواه من السلطات الدستورية او السلطات البديلة او الخفية او...
انه "استقواء" بالخارج ! "استقواء" بمعايير دولية ثابتة ومطلقة، في مادة يحكمها ايضا مبدأ عدم فصل المسارين، مساري العدالة الدولية والعدالة الوطنية.
محام بالاستئناف ومحاضر في الجامعة اليسوعية

انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04460 seconds with 11 queries