الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 31/12/2007   #125
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي



أحمد علي الزين: يذهب إلى الواحة لفك لغة العرب فيزداد شقاء وحملاً ويقيناً بضرورة الوصول ويراكم في سعيه معرفته، شق سراب عمره الأولي في متاهات صحرائه الأبدية قطعها ساهماً نحو صقيع الشمال، الثلج مرادف للرمي والماء مرادف للسراب والفقدان، البحث عن التبر شقاء، والشقاء الأكبر العثور عليه والسعي إلى الحرية مشقة مضنية والحصول عليها ربما أكثر مرارة، وربما أيضاً سأل إبراهيم نفسه: من أنا في عيش النقيض وحزن جليل يصيب عقله؟ من أنا في هذه الصحراء الإنسانية الممتدة من صحراء الأولى من جدة الصحراء الكبرى إلى أقصى صقيع الشمال وأعلى قمم في الألب السويسري؟ من أنا؟ من أنا هذا الشقي الملوّح بشمس الطفولة المشظّاة في الرمل المشتعل هناك؟ تلك المهاجرة في الجنوب الأسطوري هناك حيث خلق السؤال الكبير الأنبياء والشعراء والعرافين والمهاجرين، هناك حيث طفولتي كيمياء التكوين في شطحة من شطحات تجلّي الخالق، كل ذلك افتكرت به وتخيّلت إبراهيم الكوني ابن السنوات العشر يجري خلف ظلّه في الخلاء الأكثر خلاء وفي المكان الأكثر قسوة حيث يتعادل العدم والروح، الماء والسراب، الممكن والمستحيل، الأمل والألم

مسكون بالبحث عن الحقيقة

المحطة الأولى بعد الصحراء هي كانت كما تسميها الواحة، حيث تعلمت اللغة الأولى بعد لغة الطوارق وهي العربية، وتابعت تعلم اللغات يعني أنت تجيد ست لغات على ما أعتقد، وأيضاً ذهبت برحلات في الأديان ودرست الأديان وتاريخ الحضارات وتعمقت في ذلك، ماذا كنت تريد أن تعزّز في وعيك وفي نفسك؟ عما كنت تبحث؟
إبراهيم الكوني: عما يبحث عنه الجميع، عن الحقيقة، ليس هناك رحلة أنبل من رحلة البحث عن الحقيقة.
أحمد علي الزين: والحقيقة تكتشفها في الآخر في لغة الآخر حيناً؟
إبراهيم الكوني: بالتأكيد، الحقيقة موجودة في كل شيء، ولكن الإنسان لا يقنع بحقيقة أصغر، الإنسان يسعى للحقيقة المطلقة.
أحمد علي الزين: وأنت كما قلت يعني انطلاقاً من أنك ترى العالم يعني هو شبه صحراء حتى لو كان يتألّق يعني بأشكال أخرى مختلفة، هذا نتيجة إحساسك بالعدمية المطلقة لهذا العالم يعني؟
إبراهيم الكوني: يقيناً باطل أباطيل وقبض الريح، يعني يجب أن كما يقول القديس بولس مرة أخرى: نحن غير ناظرين للأشياء التي تُرى ولكن الأشياء التي لا تُرى، لأن الأشياء التي تُرى وقتية، أما الأشياء التي لا تُرى فأبدية، الصحراء هي الرديف أو القرين للأبدية دائماً، ومحنة التعبير عن الأبدية هي محنة التعبير عن الصحراء، لذا صعبة الكتابة عن الصحراء لأنها العدم، لأنها الكتابة عن العدم، ولكن العدم الذي يبدع الظاهرة وليس العدم الذي ينفي الوجود.
أحمد علي الزين: يعني هذا الحنين الذي نستشفّه في كتاباتك هو حنين للأبدية؟
إبراهيم الكوني: بالتأكيد حنين ميتافيزيقي، حنين، حنين موجود في روح كل إنسان، حنين موجود في روح كل إنسان.
أحمد علي الزين: حتى يشعر القارئ أحياناً أن هناك أو يقع في حنين من خلال القراءة إلى شيء غامض ومجهول، هل أنت يعني تشعر بهذا الشيء؟
إبراهيم الكوني: أكيد.
أحمد علي الزين: لديك الحنين إلى شيء غامض؟
إبراهيم الكوني: يقين.. يقين.
أحمد علي الزين: وما هو هذا الشيء الغامض؟
إبراهيم الكوني: الله

التكرار حق لم أستخدمه حتى الآن

أحمد علي الزين: منذ خروجه الأول من صحرائه نحو الواحة التي تعددت في رحلاته الجغرافية وأصبحت واحات معرفية متنوعة بدأ إبراهيم الكوني الرحلة المعاكسة رحلة الحنين، الحنين إلى ذلك المجهول الغامض والأبدي وتجلّت هذه الرحلة في ستين كتاباً رواية وقصة موضوعه واحد لكنه شاسع وأبدي: الصحراء، الصحراء بمعناها الوجودي والإنساني والأسطوري، ستون صحراء، ستون رؤية، ستون حكاية، حكاية الحكايات اللامتناهية التي توالت تيهاً وشجناً ولحناً سماوياً يحض على المضيّ في العبور الكبير نحو الحقيقة، وهكذا كان يفيض الكوني يفيض كتابة منذ عام 1974 وبنفَس كأنه واحد متواصل يجري خلف شخصياته في عرائها الكامل ومتاهاتها يؤسطر اليومي البعيد ويحاكي الأسطورة الأولى بخروجه من الهامش الحياتي الأرضي إلى متن التأمّل، وعبر هذه المسافات الأرضية والروحية مرّ بأقوام وبشر ورؤى دوّن لبعضها في ملاحمه في رباعية الخسوف مثلاً أو الطوفان والمجوس والسحرة والناموس لكأنه يسرّ لخلانه بأمره ويسرّ للقارئ بما فعلته به صحراؤه الكبرى التي حملته لسنوات عشر، لكي يحملها مدى الزمان منفذاً وصاياها في متاهاته الروحية.
طيب أستاذ إبراهيم يعني هناك من يقول من النقاد أن الموضوع الواحد عندما يتكرر في أكثر من عمل ربما يخسّر المبدع بعض التجليات الإبداعية، ويعني يوقعه في التكرار وفي إعادة صياغة الأشياء بنفَس آخر، يعني كيف تدافع عن نفسك أمام هذا القول؟
إبراهيم الكوني: هذا قول باطل، هذا قول ربما شائعة أطلقها أحد الذين لا يقرؤون وصدّقها النقاد الذين لا يقرؤون أيضاً فكرروها، لكن الحقيقة غير ذلك تماماً، أنا أكرّر النماذج وليس الأشخاص في أعمالي، عندما أقول العرّاف فهوية.. يجب أن نعرف هوية العراف في أعمالي، هوية العراف هو رجل الدين في العهد القديم، هذا لا بد أن يتكرّر في الصحراء، لا بد أن يتكرر في كل رواية، عندما أقول الزعيم فلا أعني به زعيماً محدداً هذه رسالة، هذه وظيفة، الزعيم حاملٌ للواء السلطة، الزعيم هو مثال روحي لدى الجماعة البشرية الصحراوية بالذات، لذا لا بد أن يتكرر في كل عمل، عندما أقول الدرويش فهو النموذج الزهدي الذي يراه الناس أبلهاً لأنه يحمل في وجدانه الحقيقة، لذا لا بد أن يتكرر بشكل أو بآخر، ثم أنه من حقي أيضاً أن أكرّر الأشخاص لست أنا أو غيري من ابتدع هذا الأسلوب، بل ذاك في الكوميديا البشرية يكرر، شخصياتهم كلها مكررة ثم لماذا نذهب بعيداً؟ لنعد إلى أول روائي في التاريخ هوميروس، الإلياذة، كان هناك شخصية ثانوية في الإلياذة هي يوليسيس أو دوسيمس انقلب إلى بطل في ملحمته الثانية الأدويسا، لماذا؟ لأن هوميروس كان في حاجة إلى نموذج يحمل معنى الاغتراب لأن قضية الاغتراب في حرب طروادة قضية رئيسية، لذا التقط نموذج أوديسيس أو يوليسيس ملك إتاكا ليبثهم هذا الشجن مسألة الاغتراب، وهي مسألة الاغتراب للإنسان كله نحن غرباء بالجسد قريبون من رب الروح كما يقول القديس بولس، لذا كان من الضروري أن يضيف له عشر سنوات أخرى ثم يرميها في البحر وفي الأهوال قبل أن يصل قبل أن يبلغ شطآن إتاكا، إذن هذه تقنية، هذه ضرورة أملاها العمل..

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05362 seconds with 11 queries