[نيقولا]

الأخ روح الحق :
تحية طيبة وسلام الرب . وبعد :
سنناقش واحدة واحدة وبإيجاز ما ورد في موضوعك حول القديس بولس الرسول :

هل بولس هو فعلا رسول يسوع المسيح ام هو شخص كاذب
ان فى الاجابة على هذا السؤال هو خير طريق لمعرفة هل حرفت الديانة المسيحية حقا ام لا وذلك لان بولس هو كاتب للرسائل الموجودة فى الانجيل ولو ثبت انه فعلا كاذب اذن فهذا دليل لا يقبل الشك على ان المسيحية قد حرفت

العهد الجديد الذي هو كتاب المسيحية المقدس إلى جانب العهد القديم ليس رسائل بولس وحدها , بل أربعة روايات للأنجيل و سفر أعمال الرسل ورسائل القديس يوحنا وبطرس ويعقوب ويهوذا وسفر الرؤيا او النهايات . ومصادر الكنيسة المسيحية في عقيدتها هي : الكتاب المقدس الذي ذكرته , التقليد الشريف ويضم كتابات آباء الكنيسة وشهداءها حول الموضوعات التي وردت في الإنجيل او حول موضوعات عقائدية شتى في ضوء ما ورد في الإنجيل , وسير القديسين الأشراف .
لذلك لو فرضنا أن تعليم بولس غير صحيح لوجدنا ما ينقضه في باقي الأركان . وبالتالي فكرة الحكم بتحريف المسيحية من خلال دراسة أعمال بولس غير منطقي لعدم شمول الدراسة .

هذا التناقض حول هذه الحادثة يشكك فى صحتها وخصوصا انها هى الدليل الوحيد لدى المسيحيين على ان بولس يوحى اليه من الرب فلو ذكرت هذه القصة امام اى محكمة لاسقطتها لتضارب اقوال الشهود اذن لا بولس كان من تلاميذ يسوع ولا هو راه

ما الغرض من رواية القصة برأيك ؟ هل هو للشهادة على أن بولس قد تحول للمسيحية أم للتركيز على تفاصيل القصة ومن الذي سمع ومن لم يسمع ؟ نحن نعتقد أن الهدف من إيرادها هو التركيز على النور الذي أشرق في حياة شاول على باب دمشق وأنار ذهنه محولاً إياه من أشد مضطهد للمؤمنين في زمنه إلى أحد أهم المبشرين بها والذين استشهدوا في سبيلها . على كل حال قد يكون هذا تفسيراً محتملاً و يجب التفكير به: يبدو أن الذين معه أولاً سقطوا على الأرض (أع 26: 14) عندما أبرق النور، ثم قاموا عندما سمعوا الصوت وإن كانوا لم يميزوا الكلمات، فوقفوا في دهشةٍ صامتين. لقد أدركوا أن حوارًا بين شاول والكائن السماوي يحدث، إذ سمعوا صوت شاول وفهموه، لكنهم لم يفهموا الصوت السماوي .لقد سقط الكل حين أشرق النور، لكن الكل قاموا ماعدا شاول، وسمعوا الصوت، لكن شاول وحده يفسر كل كلمة ويجيب ويتساءل، أما من كانوا حوله فلم يروا وجه السيد ولا فسروا كلماته، إنما وقفوا في صمتٍ لا ينظرون أحدًا. إنه ظهور خاص بشاول وحده. حسب نفسه من الأخصاء الذين اختارهم الرب، وأظهر ذاته لهم، "وآخر الكل، كأنه للسقط ظهر لي أنا" (١ كو ١٥: ٨). ونتيجة لهذا الحدث : هُدم شاول المضطهد، وبُني مكانه بولس المبشر...
بما أنه هذا احتمال ويمكن أن نبين احتمالات اخرى فحكمك غير قانوني ولا صحيح لضعف الأدلة .

فمن يشهد لبولس انه راى المسيح فى الطريق لدمشق انه يشهد لنفسه فقط اذن شهادته ليست حق

كتاباته وتعليمه وبشارته تشهد له أما عن تشكيكك بمطابقة تعليمه لتعليم يسوع فهو موضوع آخر ونتابع

ولكن هل التزم بولس بالعهد القديم واحترمه كما قال يسوع ؟

كيف يوصي بولس بحفظ الكتاب كاملاً ( العهد القديم إذ لم يكن عهد جديد مكتوبٌ بعد ) :
" كلّ الكتاب هو موحىً به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب الذي في البرّ " ( 2 تيمو3: 16 )
" الله بعدما كلّم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كامنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه ... " ( عبرانيين1: 1 )
وأدعوك لقراءة هذه الرسالة إلى العبرانيين لترى هل ترك بولس العهد القديم أم لا .

لو نظرنا الى كلام يسوع نجد انه يحترم التوراة ويقول انه ما جاء بشئ جديد انه اتى ليكمل وليس لينقض اذن العهد القديم شئ مقدس لا غبار عليه وهذا بشهادة يسوع فى متى 5-17

قال يسوع " قد سمعتم أنه قيل لكم كذا وكذا .. أما أنا فاقول لكم كذا وكذا ..
ابتدأ يعدد بعض الوصايا في العهد القديم ويضيف عليها . هذا ليس نقضاً بل تكميلاً ولكن التكميل ليس إضافة كلمات لم ترد مسبقاً . بل إعطاء معنى للوصبية وعمق وأبعاد . فالذي ينهي عن الغضب والشتم كأسباب قد تفضي بفاعلها إلى القتل مثلاً لا يكون بهذه الإضافة قد أبطل وصية " لا تقتل " ولكن تخيل معي كيف اجتثّ المسيح الغضب والقتل من جذوره بهذه الإضافة . وقس على ذلك السرقة والزنا ...
فيسوع وبولس يحترمان العهد القديم ولكن معنى العهد القديم ورؤيته فد تبدلت بعد إعلان الله نفسه في يسوع المسيح .
مكتوب أيضاً " حين يأتي الكامل يبطل ما هو بعض ( الناقص ) " وهذا لا يلغي احترامه ولكن صار هناك ما هو كامل وواجب اكثر منه .
ومنه نفهم لماذا لم يلزم بولس المؤمنين بالختان : فالعادة اليهودية تقضي بأن من هو غير مختون ليس من شعب الله حسب العهد القديم . ولكن هل يبقَ هذا بعد المسيح ؟ هل هذا ممكن ؟ يقول بولس أنه في المسيح عاد الجميع الى الله وليس لعودنهم شرط أن يمرّوا أولاً في عادات ووصايا موسى بالقدر الذي هو فيه المسيح أعظم من موسى . ويقول أنه بعد ان جاء المسيح " ليس يهودي ولا يوناني ليس عبدٌ ولا حرّ ليس ذكرٌ و أنثى لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع " ( غلاطية3: 28 )
أما ما بقي من إشارات فهي غير صادقة فبولس لم يحلل شرب الخمر , هل نصيحته لتلميذه تيموثاوس أن يشرب قليلاً من الخمر أصبحت مرجعاً للضعفاء ليقولوا بولس حلّل الخمر . المسيح نفسه شرب الخمر وجعل منه بركة عندما قال " هذا هو دمي الذي للعهد الجديد يراق عنكم وعن كثيرين لمغفرة الخطايا " وواضح من كلام بولس أنه يوصي تلميذه بأن لا يبق على الماء فقط وقد ساءت صحته بل قليل من الخنر .. ولعلمك فالخمر قليله ذو فوائد طبية لشرايين القلب ويوصف بكمية قليلة لمرضى الشرايين الإكليلية وأرجوا ألا تحاججني أيضاً في الطب ! أما أن بولس لم يحدد كمية الخمر وهذا الكلام فلا حاجة للرد عليه .. لأنه مستهلك ولا معنى له .
وباقي ما يتناول بولس من حيث كذبه وما على آخر الإتهامات فهي أضعف وأدنى من أن يبذل جهدٌ للرد عليها .. لأنها عبارات مأخوذة ومعلّق عليها دوم ربطها بالنص الذي وردت فيه .. فمن يطلب افسيراً ليعد بنفسه ويقرأ أين وردت في النص الأثلي ليفهم لماذا كتبت ثم يسأل ما يحب .
إذاً بولس لم يكن كاذباً بل صادقاً وأعناله وبشارته تشهد له . وكذلك القديس بطرس الرسول في رسالته الجامعة " ..واحسبوا أناة ربنا خلاصاً كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضاً بحسب الحكمة المعطاة له " ( 2 بط3: 15 ) .