مزّقَ قلمي شريطَهُ الأسود .. وخرجَ عن طورِه ..
وكتبَ جنونَه طيَّ صفحاتٍ خجولة ..
ترتبكُ ببياضِها الناصعِ أمامَ مرورِه ..
فتتلطخُ وجنتَيْها باحمرارٍ صارخ ..
أما قلمي .. فيطبعُ رجولتَهُ غيرُ آبهٍ إلا بكلماتِهِ العابرة ..
يزيلُ غبارَ الزمنِ عن أوراقٍ غيّبَها الخوف ..
وسكنَتْ أقبيةَ الأدباء ..
كانتْ تحلمُ بالخروجِ من عزلتِها على يدِ قلمٍ ثائر ..
والآن قد حانَ الوقتُ لتتكلمَ كلُّ الأقلام ..إن تذكّرَتْ اللغة ..
آنَ الأوانُ لتحريرِ الأبجديةِ من أحذيةِ الرقابة ..
وابتذالِ المتملقين ..
لاستخدامِ مفرداتِ اللغةِ المنسية ..
ونفضِ الغبارِ عن تاريخِها المضني ..
عن عطائِها واعتزالِها القسري للمعنى ..
حينَ قبَّلَت الأقلامُ أقدامَ سادتِها ..
واختصرت اللغة في معلقاتٍ تبجّلُُهم ..
وشعاراتٍ تنحني فلا ترى إلا أذيالهم ..
أما قلمي فلم يرَ منهم إلا الأغلال ..
ونظراتهم الباردة باحتراف ..
القاتلة بالفطرة ..
لكنَّه لم ينحنِ إلا لوطنِه ..
لعشقهِ ..
لحنينٍ كادَ يكسرُ كلماتَه .. وأحلامَه ..
وأما اليوم فإنّهُ يكتبُ ترابَ الوطنِ بالثورة ..
ويجدّدُ حبرَهُ ليكتبَ الصفحةَ الأولى في تغييرِ التاريخ ..
كل جنون بينكتب بالدم ..