عرض مشاركة واحدة
قديم 24/11/2006   #3
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي


(3)
مناهضة الامبريالية: الثورة الاممية

اكذوبة التعايش السلمي
أخذ خروشتشيف في خمسينات القرن الماضي (في أعقاب المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي المنعقد عام 1956) بتعزيز مفهوم رجعي مرتد مفاده ان التوازن بين قوى الاشتراكية وقوى الراسمالية قد تبدل لصالح الاولى، مستنتجاً ومبشراً بان إنتصار الاشتراكية ممكن وقادم من خلال التعايش السلمي بين النظامين المتناحرين، بل ذهب الى ما هو أبعد معتقداً أن تنمية القدرات الذرية التدميرية من شأنه أن يردع الراسمالية والامبريالية وقد يكون الدرب الوحيد والممكن أمام الاتحاد السوفييتي.

لو كان حيّاًً، لكان تشى "إرهابياً" بامتياز
أما تشى، فقد فهم كما لينين في العقد الثاني من القرن الماضي، أن الامبريالية مرحلة متقدمة من النظام الراسمالي. وعليه، فان الصراع الطبقي على المستوى العالمي، يشكل وحدة مترابطة لا تتجزأ. وان التضامن بين الشعوب وبين الطبقات المستغََلة (تضامن الطبقات الشعبية) ليس ترفاً ولا مجرد خيار مفضل للشعوب، بل هو ضرورة يقتضيها النضال ضد راس المال وعولمته ومصالحه. هذا التضامن، كما رأى تشى وكما أثبتته التجربة الكوبية بما لا يمكن إنكاره، شرط لانتصار الطبقة العاملة والطبقات الشعبية في العالم الثالث.
كما لاحظ تشى بدقة ان محاولات التغيير الاجتماعي الساعية الى القضاء على التخلف تصطدم بالضرورة، عاجلاً أم آجلاً، بمواجهة كاملة مع الامبريالية. ومن هنا اطلق صيحته لثورة العالم الثالث ضد الامبريالية وكافة أشكال التبعية. ورأى ان الضمانة الوحيدة لانتصار هذه الثورة هي في أمميتها حيث تنخرط فيها شعوب العالم الثالث، وتدعمها الدول الاشتراكية (آنذاك) بوضوح ودون تحفظ ومن باب الواجب الثوري لا العمل الخيري. ضمن هذا الاطار أصبح التضامن واجباً ثورياً وليس مجرد خيار: تضامن شعوب العالم الثالث وحركات التحرر الوطني فيما بينها وتضامن الدول الاشتراكية والقوى التقدمية في العالم مع العالم الثالث والدول النامية. وكي لا يدع تشى مجالاً لللبس، أضاف انه إن لم تتضامن الدول الاشتراكية مع ثورات العالم الثالث فانها تصبح شريكة ومتواطئة مع القوى الرجعية: "إن تمني النجاح للضحية لا يكفي، فعلى المرء ان يشاركها مصيرها. على المرء ان يشارك الضحية الموت أو النصر". يتجلى في هذه الرؤية المسار الفكري والثوري لتشى غيفارا حيث طغى الطابع الانساني والاممي على فكره وممارسته وأسس لمواقفه من وحدة القارة اللاتينية pan-americanismo ووحدة شعوب العالم الثالث في نضالها وتمسكه بالابعاد الانسانية العميقة للماركسية وإيمانه بالثورة والنضال الامميين ضد الامبريالية. ومن هذا المنطلق أيضاً أدرك تشى في مرحلة مبكرة من الحرب الفيتنامية أن التضامن الاممي مع الشعب الفيتنامي عن طريق خلق "فيتنامات" متعددة ضرورة تاريخية ومهمة كل الثوار في العالم.

الماويون وأممية غيفارا
أثار التعايش السلمي و" الامبريالية السوفيتية" حفيظة ماو تسى تونغ ونقده اللاذع إذ إعتقد الزعيم الصيني أن حرب الشعب طويلة المدى هي العامل الحاسم في الانتصار على الراسمالية والامبريالية وليست الاسلحة المدمرة والمتطورة (كما جاءت الحرب الفيتنامية لاحقاً لتؤكد ذلك). راى ماو، وبحكم تجربته الطويلة في سنوات الثورة الصينية أن الضمانة الوحيدة للثورة وللقضاء على الراسمالية ودحر الامبريالية والاحتلال الاجنبي تكمن في تراكم الدعم الشعبي للثورة عبر حرب الشعب طويلة المدى التي يبادر بها رجال العصابات من قواعدهم الإرتكازية. أما كاسترو وغيفارا فقد وسعوا، كما إعتقد الكثيرون من الماويين، من دور هذه القواعد في العملية الثورية ونسبوا لها القدرة على خلق الشروط اللازمة للثورة في أميركا اللاتينية.
ويصبح الامر أكثر جلاءً في التهم التي كالها الماويون لتشى غيفارا والقيادة الكوبية بان دعوتهم للثورة الاممية وللحركات الثورية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية لم تنبع من موقف اممي في النضال ضد الامبريالية، بل كان حسب إدعائهم، خاضعاً "للمصلحة الوطنية الكوبية". "تتمثل الاممية الغيفارية، في نهاية المطاف، حسب ما قاله بعض الماويين، في مداعبة الطموحات الثورية للشعوب المضطَهدة، فقط من أجل إستخدامها كذخيرة للجانب السوفييتي في النزاع الدولي بين القطبين". وفي حين سرقت دعوة تشى غيفارا للتضامن مع الثورة الفيتنامية والى خلق "فيتنامات متعددة" لب الجماهير والثوار في كافة أصقاع العالم وأضحت، منذ ذلك اليوم، انشودة لتضامن الشعوب ضد الامبريالية الاميركية، وجد الماويون مأخذهم على تشى في أنه لم يذكر (ولم يتذكر) ان الصين كانت تدعم فيتنام دعماً مباشراً وعلنياً. وربما التفسير الحقيقي لمثل هذه المآخذ يقبع في مكان آخر: في علاقة كوبا بالاتحاد السوفييتي آنذاك.
هكذا فهم المايون اممية تشى، بين "المصلحة الوطنية الكوبية" و"ذخيرة للسوفييت في النزاع بين القطبين". ولا شك بأن الموقف السياسي، أياً كان، لا يخلو من الحسابات والمصالح المحلية والدولية، وليست مواقف تشى والقيادة الكوبية إستثناءً. إلاّ انه يجوز لنا أن نتسائل: اين صحة هذا القول بعد أربعة عقود من إستشهاد تشى وخمسة عشر عاماً من الانهيار السوفييتي؟ ويتصاعد النقد الماوي الى حد إنكار الغيفارية كخيار مقاومة للشعوب المضطهدة: "أن الغيفارية ليست، ولم تكن يوماً، اسلوباً مختلفاً لحرب الشعب: إنها استراتيجية معارضة لحرب الشعب، وأكثر من ذلك إنها معارضة للثورة الضرورية للامم المضطهدة".
(4)
بناء الاشتراكية

شرع غيفارا في معالجة البناء الاشتراكي وإشكاليات التخطيط الاقتصادي والبيروقراطية في مطلع عام 1961 كوزير للصناعة في الحكومة الكوبية ، إلاّ أنه لم يكمل المشوار بسبب مغادرته الجزيرة منطلقاً في ثورته الاممية. لم يتسنى له، إذن،أن يبلور مفاهيم ونظريات متكاملة رغم أنه إنكب على دراسة النظريات الاقتصادية الماركسية طيلة تلك الحقبة.
وبالرغم من رحيله المبكر، فان الفكر السياسي لغيفارا ومفاهيمه في البناء الاشتراكي كان متقدماً على عملية التنمية الصناعية بمعناها الاقتصادي البحت. "لن يكون للاشتراكية معنى، وبالتالي لن يتم إنجازها إلاّ إذا طرحت حضارة وأخلاق إجتماعية ونمطاً لمجتمع يقف كليةّ على النقيض من قيم الفردانية التافهة والانانية والمزاحمة وحرب الكل ضد الكل التي تتسم بها الحضارة الرأسمالية، أي ضد هذا العالم حيث "يأكل الانسان أخاه الانسان".
تكتسب مساهمة غيفارا في البناء الاشتراكي ، رغم عدم إكتمالها، أهمية خاصة للاعتبارات التالية:
1) الانسجام بين النظرية والممارسة.
2) المشاركة الجماهيرية هي ضمانة السيادة الوطنية: بدأ غيفارا منذ عام 1960 (أي بعد عام واحد من إنتصار الثورة الكوبية) بمعالجة إشكالية السيادة الوطنية والاستقلال الاقتصادي منطلقاً من أن الخطوة الاولى في تحقيق السيادة الوطنية تكمن في الاستقلال السياسي، يلي ذلك العمل تدريجياً نحو التنيمة والاستقلال الاقتصادي. تتمحور كافة الجهود، بعد إحراز السلطة السياسية، حول صيانة السيادة الوطنية التي ترتكز أساساً على الاستقلال الاقتصادي والتخلص من البتعية، وتصبح الانتصارات والانجازات الاقتصادية، كما يرى غيفارا، عنصراً هاماً في الوصول الى الهدف الاستراتيجي الاساسي: السيادة الوطنية. وذهب تشى الى أبعد من ذلك فأكّد على أن السيادة الوطنية، كي تتسنى لها الديمومة، تتطلب تحولاً بنيوياً يقوم على سلطة الشعب وعلى المشاركة الكاملة للجماهير في صنع القرار وتوجيه عملية التغيير.
3) إلتقاط مأزق الستالينية والنمط السوفييتي في البناء الاشتراكي مبكراً ونقده علناً ودون تقديس للكهنوت السوفييتي.
4) محاولة طرح بديل أصيل للاشتراكية والبناء الاشتراكي ينبع من إنسانية عميقة تقوم على علاقات إنسانية جديدة. (انظر لاحقاً)
5) إعادة الروح للاشتراكية والشيوعية والجمع بين التنمية الاقتصادية وبناء البنية المادية للانتاج وتوفير الحاجات والخدمات الاجتماعية للمواطنين من جهة، وضرورة تزامن هذه العملية هذا مع خلق وتطوير وعي جديد للانسان الذي يعمل على بناء المجتمع الجديد ضمن رؤية شيوعية جديدة وإخلاقية شيوعية أصيلة.

يتبع

إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.12184 seconds with 11 queries