عرض مشاركة واحدة
قديم 24/11/2006   #2
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي


نقد إستراتجية البؤرة الثورية
إشتد النقد لهذه الاستراتجية بعد مصرع تشى وفشل حملته في بوليفيا. ويظل النقد الماوي لهذ الاستراتيجية (وغيرها من مفاهيم الكفاح المسح والعلاقة مع الفلاحين والجماهير) الاكثر جدية وأهمية بالرغم من أنه لم يخلو من الدوافع الشخصية والحزبية الضيقة، وفيما يلي الخطوط العريضة لهذا النقد:
1) لم تستوعب الغيفارية، في نظر الماويين، ان نسبة كبيرة من هؤلاء الفلاحين كانوا من الهنود الاصلانيين الذين لا يثقون أصلاً بالثوار حيث كانوا ينظرون اليهم بخشية كدخلاء كما كانوا ينظرون الى الرجل الابيض.
2) فيما يتعلق بالقواعد الاتكازية، وجد الناقدون ان تشى غيفارا وفيدل كاسترو ركزا على الوظيفة العسكرية لهذه القواعد وأغفلا الجانب السياسي والتثقيفي في العمل الجماهير.
3) وحول العلاقة بين البؤرة الثورية والحزب، إتهموا الغيفارية بالتقليل من الصعوبات والعقبات التي تواجهه استراتيجة حرب العصابات في بلدان اميركا اللاتينية والعالم الثالث والمغالاة في دور التجربة الكوبية وإحتمالات تكرارها ونجاحها في تلك البلدان.
لا تستطيع الشعوب المضطهدة ان تقضي على الامبريالية بشكل تام في الاغلبية الساحقة من بلدان العالم الثالث، كما تؤكد الماوية، دون تجنيد الفلاحين، كما أنه لا يمكن "لوحدات العصابات الصغيرة" ان تحل محل الحزب الثوري ذي القاعدة الجماهيرية العريضة والذي يحظى بمساندة العمال والفلاحين.
أما رد الغيفارية على مثل هذه الانتقادات فقد تمحور حول النقاط التالية:
1) لم يزعم تشى ولا فيدل كاسترو أن إستراتيجية "البؤرة الثورية" هي الخيار الوحيد للشعوب، بل وجدا انها الوسيلة الانجع لنضال الشعوب المقهورة في أميركا اللاتينية والعالم الثالث في ظل ظروف موضوعية وذاتية محددة، وبالذات في الحالة الكوبية، وضمن سياقها التاريخي والاجتماعي.
2) كما رأت الغيفارية في هذه الاستراتيجية، البديل المرشح لانجاز أهداف الثورة في التحرير والتمية الاقتصادية وبناء الاشتراكية (تحرير الشعوب من نير الاستغلال والفقر وقمع الانظمة العميلة الحاكمة وسيدها الامبريالي اليانكي).
3) إعتمد النمط الماوي في حرب الشعب طويلة المدى بشكل أساسي على مشاركة طبقة الفلاحين وإقامة مناطق (قواعد) إرتكازية ينطلق منها الكفاح المسلح. ورأت الغيفارية إن مفاهيم حرب الشعب في التجربة الصينية لا تصلح للتطبيق في بلدان أميركا اللاتينية لاختلاف الظروف الموضوعية في تلك القارة وبشكل أساسي لان الريف هناك كان أكثر تطورا من الريف الصيني، إضافة الى ان الفلاحين (بما فيهم الهنود الاصلانيون) يتميزون بالسلبية وغير مؤهلين لخوض الثورة.

نجاح الثورة الكوبية ليس دليلاً على صحة "البؤرة الثورية"
لقد نجحت نظرية الفوكو في كوبا، وعليه رأى تشى أنها مرشحة للنجاح ضمن ظروف (ذاتية وموضوعية) مشابهة، وإرتأت القيادة الكوبية أن الاستفادة من هذه التجربة وتكرارها وإستثمار عوامل النجاح والقوة فيها واجب على الثوريين الامميين وتجربة فيها مصلحة الشعوب المغلوبة على أمرها. فهل كان نجاح الثورة الكوبية دليلاً على نجاعة إستراتيجية البؤرة الثورية؟
يذهب بعض الماويين الى أن التجربة الكوبية لا تقدم الدليل على جدوى نظرية البؤرة الثورية (الفوكو)، وأن نجاحها يعود ويشير الى عوامل ذات دلالة أعمق: يعود نجاح الثورة الكوبية الى دور القوة الثورية المسلحة (العامل الذاتي) في النضال ضد واقع الاستغلال وما ينتجه هذا من أزمة سياسية (العامل الموضوعي) + دور طبقة فلاحية مستعدة وقادرة على حمل السلاح ضد قوى الاضطهاد والظلم (الى جانب البروليتاريا الفلاحية وأشباه البروليتاريا). بعبارة اخرى تؤكد التجربة الكوبية على التداخل الدياليكتيكي بين الذاتي (القوة المسلحة) والموضوعي (أزمة النظام ونضالات الجماهير ووجدانها) . وعليه رأت الماوية أن الغيفارية قد غالت في أهمية ودور الكفاح المسلح، وأكدت (أي الماوية) على ان الكفاح المسلح ضروري في مراحل النضال المختلفة، وأنه في حين يرتقي هذا الكفاح الى شكل النضال الرئيسي في مرحلة ما، فانه قد يتراجع ولا يعدو الشكل الرئيسي للنضال في مرحلة اخرى.

الفصل بين العسكري والسياسي
نادت الغيفارية بان تكون قيادة الثورة في الريف حيث يحتدم الكفاح المسلح وحيث يكون الالتحام التام معه وكي يتسنى للقيادة والكوادر الإفلات من قمع النظام الحاكم. أما الوحدة السياسية فستولد في أتون المعركة. وكذلك الامر فيما يتعلق بقضايا الاستراتيجية والتكتيك التي تتم صياغتها وإستخلاصها من خلال الاشتباك العسكري المباشر مع العدو.
رأت الماوية، على خلاف ذلك، أن هذا الخط ينذر بتناقضات عديدة تستفحل بين المدينة والريف، وبين الحزب والجيش، وبين أشكال النضال البرلمانية والسياسية والاخرى العسكرية. فقد ربط ماو، ربطاً دياليكتيكياً ومحكماً، بين أشكال النضال (ومنها العسكرية) من جهة، وعملية التثقيف السياسي وتجنيد وتنظيم الجماهير العريضة من جهة اخرى. وأقام هذه العلاقات على أساس مفاهيمه في التناقض الرئيسي والثانوي والإمساك بالعلاقة الدياليكتيكة بينهما (على سبيل المثال العلاقة بين العمل السياسي والعسكري، توزيع القوى العسكرية أو تجميعها وتركيزيها ...الخ).

الحزب والجيش
وهنا أيضاً إحتدم الخلاف مع الخط الماوي، إذ منحت الغيفارية الاولوية للكفاح المسلح، أما ماو فقد نادى بتزامن أشكال النضال السياسي والبرلماني مع الكفاح المسلح، أي الجمع بين كافة أشكال النضال في آن واحد.
أكد لينين وماو على الدور القيادي والمركزي للحزب الماركسي ـ اللينيني في إدارة النضال، مما يضمن الدور المستقل للبروليتاريا وقدرتها، من خلال الحزب، على قيادة الكفاح الثوري. وعليه أتهم المايون تشى بالمبالغة في أهمية الطلائعية العسكرية ومنح الثوار المسلحين دوراً مبالغاً فيه في حين قلل من دور الابعاد السياسية للنضال وأهمية التدريب والتثقيف السياسي والايديولوجي للكادر العسكري. وذهب البعض الى حد القول بان الثورة الكوبية كانت ثورة لقلة من رجال العصابات ولم تعنى بالجماهير (خصوصاً الطبقة العاملة) ودورها في الثورة.
في المقابل، أصرت الغيفارية على إستقلالية القرار السياسي للقوات المسلحة، ولم ترى تناقضاً بين مركزية الحزب وإستقلالية قيادة حرب العصابات.
يكمن التفسير لهذه الاشكالية، في تقديرنا، في أن الغيفارية جاءت في سياق أوضاع أميركا اللاتينية لترد على القوى السياسية هناك، وخاصة الاحزاب الشيوعية التي أمضت دهراً طويلا مستغلةً شعار الكفاح المسلح في مناوراتها السياسية والبرلمانية ولم تأخذه على محمل الجد وإعتبرته أمراً مؤجلاً ووسيلةً ثانويةً في النضال.

تحالف العمال والفلاحين
أمسك ماو بالعلاقة الوثيقة بين العمال والفلاحين:
1) تكمن جذور هذه العلاقة في الترابط بين النضال الثوري ضد الاقطاع (والعلاقات الاقطاعية وشبه الاقطاعية في الريف) من جهة، والنضال من أجل التحرير الوطني من جهة اخرى، حيث رأى ماو في هذين البعدين من كفاح الشعوب كلاً واحداً لا يمكن الفصل بينهما.
2) أكدت الماوية على التحالف الطبقي بين العمال والفلاحين.
3) حلل ماو طبقة الفلاحين بعناية فائقة فوجد في ثناياها فئات مختلفة وتفاوتات إجتماعية وإقتصادية أدت، بطبيعة الامر، الى تناقضات في المصالح.
4) حدد ماو موقفه من هذه الفئات والتناقضات بينها أي "التناقضات ضمن الطبقة الواحدة" فاستطاع ان يمسك بها وأن يضعها في خدمة الثورة.
5) عمل ماو على كسب فقراء الفلاحين الى صفوف الثورة وإعتبرهم عمودها الفقري (المادة الاساسية)، كما عمل وبشكل متزامن، على كسب تأييد الفئة الوسطى. أما الاغنياء والميسورون من طبقة الفلاحين فقد عمل على تحييدهم إن لم يستطع كسب تأييدهم.
على هذه الاسس أقام الماويون نقدهم للغيفارية والذي جاء مكثفاً في النقاط التالية:
1) إتهموا غيفارا بانه قلل من أهمية الفلاحين وما يختزنوه من كامن ثوري.
2) لم تستوعب الغيفارية العلاقة بين العمال والفلاحين، وقللت من أهمية التحالف الطبقي بين هاتين الطبقتين ومن قدرة البروليتاريا على خوض النضال وقيادته.
3) لم يهتم تشى بالثورة الزراعية في الريف ولم يعمل على جذب البروليتاريا لتصبح الطبقة القائدة بل صبت الغيفارية جل إهتمامها في "الوصول الى السلطة وتوسيع قطاع الدولة باسم الشعب".
لم يتجاهل تشى، في الحقيقة، دور العمال والفلاحين ولا التحالف بين هاتين الطبقتين ، ولكنه رأى أنه، ضمن ظروف معينة، فان الطليعة الثورية تستطيع ان تاخذ المبادرة للانطلاق بالثورة ومن خلال الممارسة الثورة نفسها، أي أنه ليس من الضروري الانتظار لاكتمال كافة الظروف الذاتية والموضوعية قبل إطلاق الرصاصة الاولى، لان هذه الظروف ستكتمل من خلال العملية الثورية كما يتم كسب دعم الجماهير وبناء الحزب الثوري. بعبارة اخرى كان شعار الغيفارية، وربما كانت الاولى بين الحركات الماركسية التي بادرت الى هذا النهج: الفعل الثوري أولاً ثم صياغة النظرية

.



يتبع

إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.14604 seconds with 11 queries