ومرت دقائق ثلاث أخرى.. وبقيت جامدة بمكاني..
لعلي منافقة..لو كنت أكره دائرة الاهتمام هذه لكنت ابتعدت..أو التفت لشيء آخر
ومضت دقيقة أخرى..
الآن بدأت أشك أنه لاينظر الي بل أنه شارد الذهن ليس الا
ولكن ربما شاءت الأقدرا أن يكون شروده مثبتا على وجهي..
وقطع حيرتي بكلمة قالها وهو يقترب مني
وكان ايقاع خطواته متزامنا مع دقات قلبي
-صباح الخير
( لم أفهم ماقال ..فأنا لم أستمع للكلمة بل استمعت للصوت
وافترضت تلقائيا أنهاهذه التحية الجافة التي يلقيها حين يمر قرب مكتبي ..)
-أهلا..
-كيف حالكِ؟
(ليته يعلم أن سؤاله ... وان جوابي ..لن يخبره حقيقة كيف هو الحال... كيف هو حالي أنا
كنت أكره النفاق ..وسؤاله كان مليئا بالنفاق... فهو ليس مهتما حقا لحالي..بل سؤاله مجرد كلمة من روتينه المنظم
لتضفي اللباقة لا أكثر , كدت أنسى أنه ينتظر الجواب...
-أنا بخير الحمد لله وأنت؟
(يومئ رأسه) ليخبرني بانه بخير
يال هذا الرجل بخيل الكلمات يصر على ان يعم الصمت بيننا
وأخيرا أزاح ثقل عينيه عن وجهي .. ذلك الثقل المرتكز على جفني اللذين لا يقويا بسببه الا أن يبقيا منخفضين
وعاد صمت الأيام الخوالي..
عشر دقائق مرت .. ظننت بها ان اليوم مختلف عن باقي الايام او انه اليوم سيفهم..
اني أحبه..
أني أنا من أضع الياسمين على كل المكاتب كي اضعها على مكتبه دون ان تحاسبني همسات مجتمعنا.
ظننته اخيرا سيفهم أن سنتين مرتا وانا أنتظره كي يفهم...
دوما هو ذكي بالعمليات الرياضية..بالكيمياء المخبرية..بالفيزياء الكونية...
بالفضاء ...بالأفلاك..بالنفسيات البشرية...بكل الكائنات الحية..
الا معي...دوما هو غبي...أو ذكي لدرجة الغباء
عشر دقائق مرت..
وسالت نفسي اهذا هو كل شيء؟ هل انتهى..
هل اكتفى لليوم..هل أجهد نفسه بهذه الكلمات التي نطقها الى درجة اللا احتمال
هل سيقضي بقية يومه بلا كلام ...لأنه استنفذ الكلمات المسموحة له خلال اليوم
لا لن أدعه يتركني ويمضي..كما يفعل دوما انا التي سوف تمضي
وعدت لأخوض معاركي معه...ضد نفسي!
يتبــــــــــع