عرض مشاركة واحدة
قديم 08/07/2006   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


فعلى سبيل المثال- ترعرعت في مدينة عراقية محافظة وما سمعت عن جريمة غسل العار طيلة حياتي فيها إلا مرة واحدة وكانت الحالة شاذة وغريبة وتوحي باضطراب في سلوك من قام بها, وقد تم النظر إلى الموضوع باستهجان وازدراء شديد من أهل المدينة. وربما سمع غيري في مدينة أخرى عن هكذا جرائم لكنها غير شائعة بل تكاد تكون نادرة وهي ليست مقياسا لاستنتاج علمي وتعميم. هذه الحالات تحصل عندنا ويحصل أعظم منها في مجتمعات أخرى تحت عناوين أخرى توحي بذات المعنى, ولكننا لا نملك إحصاءات دقيقة تشير إلى عددها في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى. وكذلك حالات الاعتداء على المرأة من قبل الرجل بالضرب وغيره فإننا لا نقرأ إحصاءات واضحة عنها لكننا نعمم من خلال حالات هنا أو هناك. إن أي رجل عراقي لا يمكنه أن يحتمل أن تُضرب أخته وتهان لأن في ذلك إهانة له ولعائلته, ومن تقاليد مجتمعنا إذا حصل اعتداء على المرأة من قبل الرجل فإنها تستنجد بأهلها وأقاربها وهذا يوفر لها حماية اجتماعية واضحة.أما كيف يستجيب الأهل فلك يرتبط بالصيرورة الثقافية والمعرفية والإجتماعية للأهل. لكن الاعتداء على المرأة في مجتمعنا –بصورة عامة-مستهجن وغير مقبول غير أنه موجود ولكنه ليس بالصورة التي يتم طرحها. كما أننا لا نملك دراسات مقارنة بين ما يحصل في مجتمعنا من اعتداءات على المرأة وبين ما يحصل في المجتمعات الأخرى. حبذا لو قارن مَن يهتم بالموضوع بما يجري للمرأة في المجتمعات الأخرى وما يحصل عندنا لكي نرى الحقيقة ونكون علميين ودقيقين فيما نقوله ونذهب إليه ونتخلص من الطرح الانفعالي المحتقن بالسلبية وغياب العلمية وتقديم الحلول. إن المرأة نصف المجتمع وما يصيب المجتمع يصيب المرأة ولا يمكن لعاقل أن يصدق اليوم أن المرأة لا تعاني والعراق يمر بهذه الظروف, بل أنها في أقسى معاناتها على مر تاريخ العراق المعاصر. ولهذا فأن ما يقع عليها وعلى الأطفال من أوزار الحرب والعنف لكبير جدا. وفي زمن الحروب المعاصرة أصبحت النساء والأطفال أشد عرضة لآثارها المدمرة لأنها صارت تستهدف الكيان العائلي وتحطم العائلة ومؤسستها ودورها الاجتماعي.
3
إن الحديث عن المرأة لا يمكن أن يكون موضوعيا من دون الحديث عن الرجل. وقد تم تناول موضوع المرأة وفي مرات عديدة بطريقة مبتورة ومغلفة وخائفة ومجردة من الصراحة ورؤية مفردات الطبيعة البشرية والعلاقة ما بين الرجل والمرأة والتي هي امتداد لعلاقة الذكر بالأنثى أو الأنثى بالذكر. أي أن هناك مفردات مختلفة وديناميكيات تفاعل تختلف أيضا. هناك تفاعل ما بين الذكر والأنثى وهناك تفاعل ما بين الرجل والمرأة و لكي نكون موضوعيين لا بد لنا من التفريق بين هاتين العلاقتين وديناميكية التفاعلات الناجمة عنهما.
إن الخلط ما بين العلاقات وفقا لهذه المفردات يؤدي إلى سلبية في التحليل والاستنتاج. ولفهم أية حالة أو ظاهرة في الحياة لا بد من الرجوع إلى مكونات تلك العلاقة الأساسية وننطلق منها للوصول إلى فهم مفيد لهذه التفاعلات ما بين الذكر والأنثى وما بين المرأة والرجل. هناك ذكر وأنثى وبين الذكر والأنثى من مخلوقات الأرض هناك علاقة جنسية أو تناسلية للحفاظ على النوع, وهذه العلاقة يشترك فيها كل ذكر وأنثى من مخلوقات الأرض دون استثناء. ومعظم المخلوقات ذات الجنسين تكون لديها مواسم معينة تحددها ساعاتها الفسيولوجية لممارسة الجنس والتناسل ويشذ عن ذلك بعض المخلوقات القليلة والتي على رأسها المخلوق البشري الذي لا يعرف المواسم بل أن نشاطات الذكر والأنثى الجنسية في عالم البشر متواصلة ولا توقفها إلا فترات الحيض الأنثوي وتلك ظاهرة تسترعي النظر. فلماذا لا يكون للبشر مواسم للنشاط الجنسي مثل معظم المخلوقات الأخرى؟
والعلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى علاقة معقدة ذات تأثيرات فسيولوجية محكومة بهرمونات ذكرية وأنثوية تدفع الجنسين إلى تحقيق حالة من الاستعداد للاتصال الجنسي. وهذه الحالة أو التوتر الهرموني تتكرر مرارا وفقا لدرجة نشاط الغدد الهرمونية عند الجنسين.
وفي عالم البشر يتم تحقق النضج الجنسي الفسيولوجي-البلوغ- عند الأنثى في وقت قد يتجاوز الحادية عشر بقليل ووفقا للظروف البيئية. وتكون باكورة النضج الفسيولوجي هو إعلان رحم الأنثى على استعداده لاحتضان البويضة المخصبة وذلك بإسقاطه لغلافه الداخلي الممزوج بالدماء والذي نسميه الحيض. أي أن الأنثى حالما تحيض تكون على استعداد للحمل أو أن مبيضها أخذ بإطلاق البويضات إلى حيث تأمل أن تلتقي بالحيمن وتتخصب لتكون مخلوقا ذكريا أو أنثويا وفقا لمعادلة الجينات المتفاعلة. والأنثى في فترة التبييض يعلو نداء الطبيعة الفاعل فيها والذي لا يمكنها أن تنهره أو تمنعه أو تنساه بسهولة. إنها قوة الاجتياح الهرموني التي تتملك السلوك الأنثوي وتدعوه إلى أن يكون قريبا من الذكر. وهذا الشعور والرغبة هي نفسها عند الذكر الذي يكون تواقا للأنثى ويعكس ذلك في سلوكياته وتوجهاته نحوها وهو تحت سطوة الهرمونات الذكرية المتزايدة في دمه والمتحكمة في سلوكه. والذكر يصل إلى درجة النضج الفسيولوجي ما بين الثانية عشر والثالثة عشر ويكون جاهزا للإخصاب في سن البلوغ يؤرخ بالاحتلام.
أن الهرمونات الذكرية والأنثوية تدفع الجنسين إلى الانجذاب الشديد نحو بعضهما لتحقيق رغبة الطبيعة ونداءها بالحفاظ على النوع.
إذن نحن أمام ذكر متوقد ومحكوم بهرموناته الذكرية وأنثى هي الأخرى محكومة بالهرمونات الأنثوية التي تريدها أن تنجب وأن لا تترك البويضة تذهب سدا في الحيض. وسلوكها في تصاعد ونزول على مدى دورتها الشهرية.
إن النتيجة الطبيعية لتفاعل الحالتين أن يكون هناك اتصال جنسي ما بين الذكر والأنثى من المخلوقات وبذلك يتخلص الاثنان من هذا الضيق والضغط الهرموني والانفعالي الذي يشدهما إلى بعضهما لبعض الوقت, وتبقى التوقيتات والضغوطات الفسيولوجية متكررة حتى تخبو تدريجيا مع تقدم العمر لكل منهما.
4
وعندما نأتي إلى المخلوق البشري في مجتمعاتنا الشرقية المعاصرة فلا يمكن للذكر والأنثى أن يحققا إطفاءا للرغبات الجنسية المتحققة عندهما بسهولة. بل أنهما يواجهان الموانع والمصدات العديدة مما يؤدي إلى كبتها واحتقانها وتأجيلها وتحويلها إلى سلوكيات أخرى في رمزيتها تعبيرات جنسية وفي ظاهرها يبدو العكس.
أما في بعض المجتمعات الأخرى فأن الذكر والأنثى من البشر كأي ذكر وأنثى من مخلوقات الأرض يحصل التعبير العملي عن تحقيق الرغبة عندهما مبكرا, فحالما تنضج الأنثى وينضج الذكر يسعيان إلى بعضهما ويمارسان الجنس . ولهذه المرحلة مشاكلها المختلفة والمعقدة والصعبة إضافة إلى النتائج الأخرى المترتبة على هذه العلاقات الجنسية المبكرة. وبعد ذلك يصبح مواصلة الاتصال الجنسي ما بين الذكر والأنثى حالة تمليها عليهما ما تحققه الهرمونات عندهم من رغبات واندفاعات وتوقيتات. وما عاد الجنس يشغلهما كثيرا لأنهما يحققانه في أي وقت تتوفر لديهم الرغبة لممارسته دون معوقات أو عواقب. ومن هنا فأن الذكر والأنثى قد تخلصا من طاقة الجنس واحتقاناتها والسلوكيات المضطربة الناجمة عن عدم إشباعها وتفريغها.
وتبقى المشاكل قائمة في كل نشاط مهما كان نوعه ما بين الرجل المرأة. فالعلاقة ما بين الذكر والأنثى في هذه المجتمعات قد تنامت مع الأيام لتتجاوز كونها علاقة جنسية وحسب وأخذت منحى آخر وهو الدور الاجتماعي لكل منهما كرجل وامرأة. ومع ذلك فإن موضوع التحرش الجنسي بمختلف أنواعه قائم في هذه المجتمعات وقد وضعت قوانين صارمة لضبطه ومعاقبة المتحرشين من الجنسين بشدة. أي أن الحرية الجنسية لا تلغي التفاعل السلبي ما بين المرأة والرجل بل قد تزيدها اشتباكا وتوترا. ولم تقدم حلا لإشكالية العلاقة ما بين الرجل والمرأة بل أضافت إليها ما لم يكن بالحسبان وكلفت المجتمعات الكثير من الجهد والطاقات. وبسبب ذلك هناك الكثير من الدعوات إلى العفة واعتبارها العلاج الأصلح للعديد من المشاكل . وهذا يؤكد غرابة وتعقيد السلوك الجنسي البشري وعدم القدرة على إرضائه وتهذيبه ولهذا وجدت القوانين لردعه ومع ذلك نسمع كل يوم عن جرائم مختلفة بهذا الخصوص.
وبهذا فنحن مهما حاولنا فلن نجد حلا مرضيا لهذه الإشكالية السرمدية. ويبدو أن الأفكار الإسلامية الأساسية المتعلقة بهذا الموضوع ذات قيمة راجحة على معظم الحلول المجربة عبر تاريخ البشرية ومنذ أيام آدم وحواء.

5
ترى كيف يتصرف من أفرغ رغباته الجنسية وهو في سن المراهقة وكيف يتصرف من لم يفرغ طاقاته الجنسية وقد تجاوز عقودا عديدة من عمره؟
هنا تكمن مشكلة أخرى ذات آثار اجتماعية مؤذية للذكر والأنثى اللذان يشتركان بكونهما ضحية للهرمونات الجنسية المحتقنة في دمائهما وللإحباطات المتوالية في تحقيق هذه الرغبات. إن من الإجحاف الشديد أن نقارن ذكرا شرقيا وأنثى شرقية بأنثى وذكر من تلك المجتمعات. فهذا يعني أننا نقارن ما بين شيء ممتلئ حد الانفجار وشيء لا يمتلك أية قدرة على الانفجار لأنه قد تخلص مما فيه من طاقات جنسية مبكرا فتبدلت رؤاه ونظرته وسلوكه وتولدت لديه مشاكله الخاصة به.
إن إهمال دور الكبت الجنسي في العلاقة ما بين الرجل والمرأة في المجتمعات الشرقية يعد أحد أكبر الأخطاء البحثية والزوغانات الإستنتاجية. ووفقا لهذا الاحتقان الهرموني وعدم تفريغ الرغبات في حينها يصاب الرجل والمرأة بخلط كبير ما بين المرأة والأنثى والرجل والذكر. فكل منهما لم يحقق رغباته بما يحررهما من قيودهما وتأثيراتهما في مختلف مستويات السلوك الاجتماعي. الرجل الشرقي يعاني مثلما المرأة تعاني, لكن التفاعل بينهما عبارة عن تفاعلات ما بين الضحايا الذي يدفع إلى ديناميكيات تفاعلية ذات خصوصيات معينة فالضحية تقوم بدور الجلاد وكذلك الضحية في وقت واحد فالذكر ضحية وجلاد والأنثى ضحية وجلاد وتتفاوت نسبة تبادل الأدوار وفقا للبيئة الاجتماعية القائمة.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05252 seconds with 11 queries